نبذة عن حياة الكاتب
المعاملات والبينات والعقوبات

المخـالفـات
المخالفاتُ هي عدمُ الامتثال لما تصدره الدولة من أوامرَ ونواهٍ بموجب القوانين والأنظمة النافذة التي تكون متوافقة مع الشرع. ومعلوم أن الخليفةَ لا يحللُ حراماً ولا يحرّم حلالاً. وهو لا يوجب مندوباً أو مباحاً ولا يحرم مكروهاً، وكذلك لا يبيح حراماً ولا يوجبه، ولا يحرم واجباً أو مندوباً أو مباحاً. وإنما هو يقوم برعاية شؤون الأمة وتصريف مصالح الناس، بحسب أحكام الشرع. إلا أن الشارع جعل له تصريف كثير من الشؤون برأيه واجتهاده. مثل تصرفه في بيت المال، وتجهيز الجيش، وأمور تعيين الولاة، وإدارة مصالح الناس، وتمصير المدن، وشق الطرق، ودفع الناس بعضهم عن بعض، وحماية الحقوق العامة وغير ذلك. فهذه الأمور وأمثالها أمرها موكول لرأي الخليفة واجتهاده، فله أنْ يصدر الأوامر التي يراها بشأنها، أي يسن القوانين التي تجعلها ملزمة. وهذه الأوامر أو هذه القوانين يكون تنفيذها فرضاً على المسلمين ومخالفتها معصية. فمن لم ينفذ مما أُلزمَ الناسُ به، ومن خالف مما نُهي الناس عنه، يعتبر مخالفة يعاقب عليه. وهذه الجرائم الصغيرة تسمى مخالفات، والعقوبات التي توضع لها تسمى أيضاً مخالفات.
وكما جعل الشارع للخليفة حق أمر الناس ونهيهم، وجعل مخالفتهم له معصية، كذلك جعل له حق عقاب الناس على هذه المخالفات، وحق تقدير العقوبة التي يراها على هذه المخالفات. وهي تشبه التعزير من ناحية كونها لم ينص الشارع على عقوبة مقدرة لها، ومن حيث إنها تركت للخليفة، أو للقاضي بوصفه نائباً عن الخليفة. ولكنها تخالف التعزير من حيث إنها عقوبة على ترك فعلٍ أمَرَ السلطان به، أو فعلِ أمرٍ نهى السلطان عنه، بخلاف التعزير فهو ترك فعلٍ أَمرَ الله تعالى به، وإتيانِ فعلٍ نهى الله تعالى عنه.
والمخالفات لا تحتاج إلى مُدَّعٍ، فالقاضي يملك الحكم في المخالفة فور العلم بها في أي مكان دون حاجة لمجلس قضاء. وله أن يحكم في المخالفةِ بمجرد التحقق من حدوثها، وذلك عن طريق الموظفين المولجين قانوناً بضبط المخالفات ورفع أمرها إلى القاضي أو الحاكم، كما لو رُفع له مثلاً ضبطٌ بمخالفة لنظام السير من الجهة المعنية فإنه يوقع مخالفة مالية على المخالف، أو مصادرة رخصة السوق منه لأجلٍ، أو بصورةٍ نهائية.
أنواع المخالفات:
ليس للمخالفات أنواع معينة محصورة، فكل ما يخالف قوانين الدولة يعتبر مخالفة. والخليفة يقدر أنواع العقوبات التي يراها للمخالفات التي تحصل. فمثلاً له أن يعيّن لساحات البلدة والطرق العامة مسافة معينة وحدوداً معنية ليمنع الناس من البناء أو الغرس على جوانبها لمسافة كذا متراً. فإذا خالف أحد ذلك عاقبه بالغرامة أو الجلد أو الحبس أو غير ذلك. ومثلاً له أن يعين مكاييل مخصوصة وموازين مخصوصة ومقاييس مخصوصة لإِدارة شؤون البيع والتجارة، ويعاقب من يخالف أوامره في ذلك. ومثلاً له أن يجعل للمقاهي وللفنادق ولدور السينما ولميادين الألعاب وغير ذلك من الأمكنةِ العامة أنظمةً خاصةً ينظمُ بها شؤونها، وأن يجعل نظاماً لسير المركبات والسيارات والآليات وغيرها، فيعاقب من يخالف هذه الأنظمة وهكذا.
وقد يكون من الممكن تقدير عقوبات معينة لوقائع معينة في خطوط عريضة كما حصل في التعزير. ولكنَّ الوقائعَ الجارية اليوم قد يصيبها تغيير إلى وقائعَ أُخرى، وقد يحصل في بعضها تغيير جذري، ولذلك فإن تقدير عقوبات معينة للوقائع الجارية قد لا يكون دقيقاً، وقد يكون مجافياً للصواب. وتبقى العقوبات المقدرة للوقائع الجارية إذا أقرت كما هي، وفي حال حصول تغيير في الوقائع توضع تقديرات جديدة حسب الوقائع الجديدة.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢