نبذة عن حياة الكاتب
العقود والمطعومات والمشروبات

اسـتحقاق النفقـة بحسب مذاهب الأئمة
نفقة الزوجة والمعتدّة:
اتفق جميع الأئمة على وجوب الإنفاق على الزوجة، وعلى المعتدّة من طلاق رجعيّ، وقالوا بعدم استحقاق النفقة للمعتدّةِ عِدَّةَ وفاةٍ، حائلاً(+) كانت أو حاملاً.
ـ وقال الحنفية: إذا كانت معتدة رجعيًّا، ومات المطلِّق في أثناء العدَّة، انتقلت عدتها إلى عِدَّة وفاة، وتسقط نفقتها إلا إذا كانت مأمورة أن تستدين النفقة، وقد استدانتها بالفعل، فإنه والحال هذه لا تسقط النفقة.
ـ وقال المالكية والشافعية: إن المتوفّى عنها زوجها تستحق من النفقة السكن فقط. وأضاف الشافعية إذا أَبانَها (طلَّقها طلاقًا بائنًا) وهي حامل ثم توفّي عنها فإن نفقتها لا تنقطع.
نفقة المعتدة في الطلاق البائن:
قال الإمامية والشافعية والحنبلية: لا نفقة والحنبلية: لا نفقة للمعتدة في الطلاق البائن إن كانت حائلاً، ولها النفقة إن كانت حاملاً. وزاد الشافعية: إذا خرجت من بيت العدة لغير حاجة تسقط نفقتها.
ـ وقال الحنفية:لها النفقة ولو كانت مطلَّقة ثلاثًا، حائلاً كانت أو حاملاً، شرط ألاّ تخرج الذي أَعَدَّهُ المطلق لتقضيَ فيه عدتها، وعندهم حكم من فسخ العقد الصحيح حكم المطلقة بائنًا.
ـ وقال المالكية: إن كانت حائلاً فليس لها من النفقة إلا السكن وإن كانت حاملاً فلها النفقة بجميع أنواعها، ولا تسقط بخروجها من بيت العدة، لأن النفقة للحمل لا للحامل.
نفقة الناشزة(+)
اتفق الأئمة على أنه إذا طلّقت الناشزة فلا تستحق النفقة، وإن كانت معتدة من طلاق رجعيّ ونشزت في أثناء العدة تسقط نفقتها. وإن عادت إلى الطاعة تعود نفقتها من تاريخ علم الزوج أو المطلِّق برجوعها إلى الطاعة.
نفقة المعقود عقدها:
إذا بقيت الزوجة، بعد إجراء العقد، مدة في بيت أبيها، ثم طالبت زوجَها بنفقة تلك المدة، فهل تثبت لها هذه النفقة؟
ـ قال الإمامية: تثبت من تاريخ الدخول، إذا كان قد دخل بها عند أهلها، ومن يوم الطلب إذا طالبته بأن ينقلها إلى بيته.
ـ وقال الحنفية: تستحق النفقة، وإن لم تنقل إلى منزل الزوج إذا لم يطلبها بهذا الانتقال، أو طلبها ولكن امتنعت حتى تقبض المهر.
ـ وقال المالكية والشافعية: لها النفقة إذا كان قد دخل بها، أو عرضت نفسها عليه.
ـ وقال الحنبلية: إذا لم تعرض عليه نفسها فلا نفقة لها، ولو بقيت على ذلك سنين.
ومن هذا يتبين أن جميع الأئمة متفقون على أن الزوجة التي تعرض نفسها على العاقد عليها، وتظهر الاستعداد التام للمتابعة تثبت لها النفقة، وكذلك الأمر إذا كان قد دخل بها وهي لا تزال في بيت أهلها.
النفقة عند غياب الزوج:
ـ قال الإمامية: لو غاب الزوج بعد أن مكنته الزوجة من نفسها وجبت نفقتها عليه، مع فرض بقائها على الصفة التي فارقها عليها. وإن غاب قبل أن يدخل بها، وحضرت عند القاضي، وأظهرت الطاعة والاستعداد للتمكين من نفسها أرسل إليه القاضي وأعلمه بذلك، فإن حضر هو، أو أرسل في طلبها، أو أرسل إليها النفقة في الرسالة قضي الأمر. وإن لم يفعل شيئًا من ذلك يقدر القاضي المدة التي يستغرقها الإعلام والجواب، أو إرسال النفقة، ثم يحكم من تاريخ انتهاء المدة. فمثلاً لو كانت المدة بمقدار شهرين، يجعل ابتداء استحقاق النفقة من تاريخ انتهاء الشهرين.
ولو أن الزوجة أعلمت زوجَها بحالها من غير توسط القاضي وأثبتت ذلك لكفى، واستحقت النفقة من تاريخ الإثبات.
ـ وقال الحنفية: إن تركَ الغائب مالاً لزوجته فالنفقة تستحق لها من هذا المال. وإن لم يترك مالاً فإن القاضي يفرض النفقة عليه ويأمر الزوجة أن تستدين.. فإن شكت أنها لا تجد من تستدين منه، أمر من تجب عليه نفقتها بإدانتها - على فرض أنها ليست بذات زوج - وإذا امتنع الذي تجب عليه نفقتها كما لو كانت غير متزوجة، حبسه القاضي.
ـ وقال المالكية والشافعية والحنبلية: إن الزوج الغائب كالحاضر بالنسبة إلى أحكام النفقة، فإن كان للزوج الغائب مال ظاهر، حكم القاضي لها بالنفقة، ونفذ الحكم في ماله، وإن لم يكن له مال ظاهر، حكم عليه بالنفقة، واستدانت عليه.


تقدير النفقة:
اتفق جميع الأئمة على أن نفقة الزوجة تجب بأنواعها الثلاثة: المسكن، والمأكل، والملبس. واتفقوا على أن النفقة تقدر بنفقة اليسار إذا كان الزوجان موسرين، وبنفقة الإعسار إن كان معسرين(+) .
وفي أيّ حال لم يحدد الشرع مقدار النفقة، أو قيمتها، بصورة نهائية وقاطعة لا نقاش فيها، بل أوجبها على الزوج، وترك تقديرها إلى أهل العرف فعلينا نحن أن نرجع إليهم إذا تعذر علينا تقدير النفقة. وفي حال الاختلاف يمكن للقاضي أن يقدر النفقة بحسب وضع الزوجين من حالة اليسر أو العسر.
تعديل النفقة:
إذا تراضى الزوجان على مبلغ من المال، أو إذا فرض القاضي نفقة مقدرة بمبلغ من المال، فإنه يجوز، في أيّ حال، تعديلها، تبعًا لتغير الأسعار، أو تبدل أحوال الزوج يسرًا أو عسرًا.
ضامن النفقة:
ـ قال الإمامية والشافعية: ليس للزوجة أن تطالب بضامنٍ يضمن نفقتها المستقبلية إذا عزم الزوج على السفر ولم يرغب في اصطحابها معه، ولم يترك لها شيئًا تنفقه على نفسها، لأن النفقة لم تثبت بعد في ذمة الزوج، ولأن الزوج عرضة لعدم الثبوت بالنشوز، أو الطلاق، أو الموت.
ـ وقال الحنفية والمالكية والحنبلية: على الزوج أن يقدم ضامنًا للنفقة، وإلا جاز لها أن تطلب منعه من السفر.
ونحن نرى أن للزوجة الحقّ بأن تطلب ضامنًا لنفقتها إذا كان الزوج المسافر غير مأمون، وتدل سيرته على عدم شعوره بالمسؤولية.
اختلاف الزوجين:
إذا اختلف الزوجان حول الإنفاق، مع اعتراف الزوج بأنها تستحق النفقة، فقالت هي: لم ينفق، وقال هو: أنفقت..
ـ قال الإمامية والمالكية: إن كان مقيمًا معها في بيت واحد فالقول قوله، وإلا فالقول قول الزوجة.
ـ وقال الحنفية والشافعية والحنبلية: القول قول الزوجة لأنها منكرة، والأصل معها.
وعند جميع الأئمة أنه إذا اعترف الزوج بعدم الإنفاق متذرعًا بعدم تسليم الزوجة نفسها له، فالقول قول الزوج، أي إنها لا تستحق النفقة، لأن النفقة لا تثبت بمجرد العقد، بل لا بد من تسليم الزوجة نفسها للزوج.
وقد جرت العادة لدى المحاكم الشرعية جميعها في لبنان، أنه إذا اختلف الزوجان في النشوز، فادّعى هو أنها ناشزة، وادَّعت هي أن النشوز منه لا منها، فإن المحكمة تأمر الزوج بإيجاد مسكن لائق، ثم تدعوها للمساكنة فيه، فإن امتنعت عن المساكنة والمتابعة عُدّ النشوز منها. وإن امتنع الزوج عن إيجاد المسكن اللائق عُدّ النشوز منه.
تحديد نفقة الأقارب:
قال الإمامية والشافعية: تجب على الأبناء نفقة الآباء وإن علَوا، ذكورًا كانوا أو إناثًا، وتجب على الآباء نفقة الأبناء وإن نزلوا، ذكورًا كانوا أو إناثًا، ولا يتعدى وجوب النفقة عمودَي النسب كالأخوة، والأعمام، والأخوال.
ولكن الشافعية ذهبوا إلى أن على الأب أن يزوج الابن مع غنى الأب، وفقر الابن وحاجته إلى الزواج، وأن على الابن أن يزوج أباه المعسر إن احتاج إلى الزواج، وأن كل من وجبت نفقته فقد وجبت نفقة زوجته.
وقال أكثرية الإمامية: لا يجب تزويج من وجبت نفقته، والدًا كان أو ولدًا، كما أنه يجب على الابن ألاّ ينفق على زوجة أبيه إن لم تكن أمًّا، ولا على الأب أن ينفق على زوجة ابنه، لأن الأدلة التي أوجبت النفقة لا تشمل زوجة الأب، ولا زوجة الابن، والأصل عدم الوجوب.
وقال المالكية: تجب النفقة على الأبوين والأولاد من الصلب فقط من دون بقية الأصول والفروع، فلا تجب على الولد نفقة جده، ولا جدته لا من جهة الأب ولا من جهة الأم، كما لا تجب على الجد نفقة ابن الابن ولا بنت الابن. وبالنتيجة ينحصر وجوب النفقة عند المالكية في الأبوين والأبناء الأدنَين من دون آباء الآباء وأبناء الأبناء. ويجب على الولد أن يزوج أباه إن كان محتاجًا للزواج، وأن ينفق عليه وعلى زوجته وخادمه إن كان معسرًا.
ـ وقال الحنبلية: تجب النفقة على الآباء ولهم، وإن علَوا، وعلى الأبناء ولهم، وإن نزلوا. وتجب أيضًا لغير العمودين من الحواشي شرط أن يكون المنفق وارثًا للمنفق عليه بفرض أو تعصيب. أما إذا كان القريب من غير عمودي النسب محجوبًا فلا تجب عليه النفقة، فمثلاً لو كان له ابن فقير وأخ موسر فلا نفقة عليهما، لأن عسر الابن ينفي عنه وجوب النفقة، والأخ وإن كان موسرًا، إلا أنه محجوب بالابن.
وقالوا: يجب على الابن تزويج أبيه، ونفقة زوجته، كما يجب على الأب تزويج ابنه إذا كان محتاجًا إلى الزواج.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢