نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ الثَّاءٍ
(ث)

ثبات: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} [النِّسَاء: 71] هيَ جَمْعُ ثُبَةٍ، أي جَماعةٍ مُنْفَرِدَةٍ. فالثُّبات: الجَمَاعَات المُتَفَرِّقة، فَيَكُونُ المَعْنَى: فاخْرُجُوا فِرْقَةً بَعْدَ فِرْقَةٍ، أَوِ انْفِرُوا مُجْتَمِعِينَ في جِهَةٍ وَاحِدَةٍ إِذَا أَوْجَبَ الرَّأْيُ، وَقِيلَ إنَّ المُرادَ بِالثُّبَاتِ: السَّرايَا، وَ «جميعاً»: أي جميع المعَسْكَر، ويُصَغَّرُ على ثُبَيَّة، ويُجْمَعُ على ثُبات وثُبينَ.
ثبت: الثَّباتُ: ضِدُّ الزَّوالِ. يُقالُ: ثَبَتَ يَثْبُتُ ثَباتاً {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفَال: 45]. ورَجُلٌ ثَبْتٌ وثَبيتٌ في الحَرْبِ. وأثْبَتَ السَّهْمَ. ويُقالُ ذلِكَ للموْجُودِ بالبَصَر أو البَصِيرَةِ، فيُقالُ فُلانٌ ثابتٌ عِنْدِي، ونُبُوَّةُ النبيّ (ص) ثابتَةٌ. والاثْباتُ والتَّثْبيتُ تارَةً يُقالُ بالفِعْلِ، فَيُقالُ لِمَا يَخْرُجُ مِنَ العَدَم إلى الوُجُـودِ: أثْبَتَ اللَّهُ كذا، وتارةً لما يَثْبُتُ بالحُكمِ فَيقالُ: أثْبَتَ الحاكِمُ على فُلانٍ كذا وثَبَّتَهُ، وتارةً لما يَكونُ بالقَوْلِ سواءٌ كانَ ذلكَ صِدْقاً أو كَذِباً، فَيُقالُ أثْبَتَ التَّوْحِيدَ وصدْق النُّبُوَّةِ، وفُلانٌ أثْبَتَ معَ الله إلهاً آخَرَ. وقولهُ تعالى: {لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ} [الأنفَال: 30] أي يُثَبِّطُوكَ ويُحَيِّرُوكَ. وقوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [إبراهيم: 27] أيْ يُقَوِّيهمْ بالحُجَجِ القَويَّةِ. وقولهُ تعالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النِّسَاء: 66] أيْ أشَدَّ تَحْصيلاً لعلمهم. وقِيلَ أثْبَتَ لأعْمالِهِمْ واجْتِناءِ ثَمَرَةِ أفْعالِهِمْ، وأنْ يكونُوا بِخِلافِ منْ قال فِيهِمْ {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفُرقان: 23]. يُقالُ ثَبَّتُّهُ، أي قَوَّيْتُهُ {ولَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ} [الإسرَاء: 74]، {لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا} [النّحل: 102]، {وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [البَقَرَة: 265]، {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} [البَقَرَة: 250].
ثبر: الثُّبُورُ: الهلاكُ والفَسادُ المُثابِرُ على الإتْيانِ، أي المُواظِبُ، مِنْ قَوْلِهمْ ثابَرْتُ. {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفُرقان: 13] أي دعوا بالويل والهلاك على أنفسهم {لاَ تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} [الفُرقان: 14]. وقولُهُ تعالى: {وَإِنِّي لأََظُنُّك يافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسرَاء: 102] قال ابنُ عَبَّاسٍ (رضي الله عنه): يَعْنِي ناقِصَ العَقْلِ، ونُقْصانُ العَقْلِ أعْظَمُ هُلْكٍ. وثَبيرٌ جبلٌ بمَكَّةَ، يقال: «أَشرِقْ ثَبِيرُ كيما نُغِير».
ثبط: ثَبَّطَ: حَبَسَ وشَغَلَ. ويقال: ثبَّطَهُ المرضُ وأثبطه: إذا حبسه ومنعه ولم يكد يفارقه. والتثبيط: التوقيف عن الأمر بالتزهيد فيه، قال تعالى: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} [التّوبَة: 46] أي بَطَّأَ بِهِمْ، وحَبَسَهُم، وأَوْهَنَ عَزائِمَهُمْ لِمَا يعلمُ ـ سبحانه ـ مِنْهُم مِنَ الفَسَادِ.
ثجَّ: الثَّجَّاجُ مِنَ السِّحابِ: المتناهي في الانصِبَابِ، الدَّفَّاعُ في انصبابه كثجِّ دماءِ البُدْنِ. يقال: ثججتُ دمه أَثُجُّه ثجّاً، وفي الحديث: «أفضلُ الحج العَجُّ فالثَّجُّ»(42)، فالعَجُّ رفعُ الصوتِ بالتَّلبية، والثَّجُّ إسالةُ دمِ الهَدْي. وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} [النّبَإِ: 14].
ثخن: يُقالُ ثَخُنَ الشيءُ فهو ثخِينٌ، إذا غَلُظَ فلم يَسِلْ ولم يَسْتَمِرَّ في ذهابهِ، ومنه اسْتُعِيرَ قولُهمْ: أثْخَنْتُهُ ضَرْباً وأَثْخَنَّاهُمْ قَتْلاً. {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} [الأنفَال: 67] أَيْ حَتّى يُبَالِغَ فِي قَتْلِ المُشْرِكِينَ وَقَهْرِهِمْ لِيَرْتَدِعَ بِهِمْ مَنْ وَرَاءَهُمْ، وقوله: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محَمَّد: 4] أي إذا غلبتُموهُم وكثُرَت فيهم الجراحُ فَأَعطَوْا بأَيديهم فشُدّوا الوَثَاقَ.
ثرب: التَّثْرِيبُ: التَّقْرِيعُ والتَّقْهِيرُ بالذَّنْبِ {لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يُوسُف: 92]. رُوِيَ: إذا زَنَتْ أمَةُ أحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْها ولا يُثَرِّبْها، ولا يُعْرَفُ مِنْ لَفْظِهِ إلاَّ قولُهُمْ: الثَّرْبُ، وهو شَحْمَةٌ رَقِيقَةٌ. وقولهُ تعالى: {يَاأَهْلَ يَثْرِبَ} [الأحزَاب: 13] أي أهْلَ المَدِينَةِ فيَصِحُّ أنْ يكونَ أصلُهُ مِنْ هذا البابِ، والياءُ تكونُ فيه زائدَةً.
ثعب: {فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} [الأعرَاف: 107] يَجُوزُ أنْ يكونَ سُمِّيَ بذلكَ مِنْ قولِهِمْ: ثَعَبْتُ الماءَ فانْثَعَبَ، أي فَجَرْتُهُ وأسَلْتُهُ فسالَ. ومنه ثَعْبُ المَطَرِ أي مَسِيلُهُ في الوادي وجمعُهُ ثُعبانٌ، والثُّعْبَةُ نوع مِنَ الوَزَغِ، وجَمْعُها ثُعَبٌ، كأنه شُبِّهَ بالثُّعْبانِ في هَيْئَتِهِ فاخْتُصِرَ لَفْظُهُ مِنْ لَفْظِهِ لِكَوْنِهِ مُخْتَصَراً منه في الهَيْئَةِ.
ثقب: الثَّاقِبُ: الذي يَثْقُبُ بِنُورِهِ وإصابَتِهِ ما يَقَعُ عليه. {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصَّافات: 10]، {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ *النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطّارق: 1-3] أي النّيِّرُ المتوَقِّدُ، وأصلُه مِنَ الثُّقْبَةِ. والمِثْقَبُ: الطَّرِيقُ في الجَبَلِ الذي كأنه قد ثُقِبَ. وقال أبُو عَمْرو: والصحيحُ المَثْقَب. وقالُوا: ثَقَّبْتُ النارَ، أي ذَكَّيْتُها.
ثقف: الثَّقْفُ: الحِذْقُ في إدْراكِ الشيءِ وفِعْلِهِ، ومنه استُعِيرَ المُثاقَفَةُ. ورُمْحٌ مُثَقَّفٌ، أي مُقَوَّمٌ، وما يَثْقُفُ به الثَّقَّافُ. ويُقالُ ثَقِفْتُ كذا، إذا أدْرَكْتَهُ بِبَصَرِكَ لِحِذْقٍ في النَّظَرِ، ثم يُتَجَوَّزُ به فَيُسْتَعْمَلُ في الظَّفَر وَالإِدْرَاك بِسُرْعَةٍ. {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [البَقَرَة: 191]، أي حيثُ ظَفِرتُمْ بِهِم؛ {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأنفَال: 57]، {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً} [الأحزَاب: 61].
ثقل: الثِّقَلُ والخِفَّةُ مُتَقابِلانِ، فَكُلُّ ما يَتَرَجَّحُ على ما يُوزَنُ به أو يُقَدَّرُ به يُقالُ هو ثَقِيلٌ، وأصلُهُ في الأجْسام، ثم يُقالُ في المَعانِي، نحوُ: أثْقَلَهُ الغُرْمُ والوِزْرُ {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} [الطُّور: 40]. والثَّقِيلُ في الإنْسانِ، يُسْتَعْمَلُ تارةً في الذَّمِ وهو أكْثَرُ في التعارُفِ، وتارةً في المَدْحِ نحوُ قولِ الشاعِرِ:
تَخِفُّ الأرضُ إذْ ما زِلْتَ عنها وتَبْقَى ما بَقِيتَ بها ثَقِيلا
حَلَلْتَ بِمُسْتَقَرِّ العِزِّ مِنها فتَمْنَعُ جانِبَيْها أنْ تَمِيلا
ويُقالُ: في أذُنِهِ ثِقَلٌ، إذا لم يَجُدْ سَمْعُهُ. كما يُقالُ: في أذُنِهِ خِفَّةٌ، إذا جادَ سَمْعُهُ، كأنه يَثْقُلُ عن قَبُولِ ما يُلْقَى إليه. وقد يُقالُ: ثَقُلَ القَوْلُ، إذا لم يَطِبْ سَماعُهُ. {ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأعرَاف: 187]: ثقل علم الساعة على أهل السماوات والأرض لأن من خفي عليه علم شيء كان ثقيلاً عليه، وقوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزّلزَلة: 2] قيلَ كُنوزَها، وقِيلَ ما تَضَمَّنَتْهُ منْ أجْسادِ البشرِ عِندَ الحشرِ والبعثِ. وقال تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ} [النّحل: 7] أيْ أحْمالَكُم الثَّقِيلةَ. وقال عزَّ وجلَّ: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العَنكبوت: 13] أي آثامَهُمُ التي تُثْقِلُهُمْ وتُثَبِّطُهُمْ عنِ الثَّوابِ، كقَوْلهِ: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [النّحل: 25]، {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النّحل: 25]، {أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [الأنعَام: 31]. وأما قوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً} [التّوبَة: 41] قيلَ شُبَّاناً وشُيوخاً، وقيلَ فُقَرَاءَ وأغنياءَ، وقيلَ غُرَباءَ ومُسْتَوْطِنينَ، وقِيلَ نِشاطاً وكُسالَى. وكل ذلك يَدْخُلُ في عُمُومِها، فإنّ القَصْدَ بالآيَةِ الحَثُّ على النَّفْرِ على كُلِّ حالٍ تَصَعَّبَ أو تَسَهَّلَ. وأمَّا قولُهُ تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ} [الرَّحمن: 31] فهما الإنسُ والجنُّ. والمِثْقالُ: ما يُـوزَنُ به {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبيَاء: 47]، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ *وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزّلزَلة: 7-8]. وقوله الحسيبُ تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ *فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [القَارعَة: 6-7] فإشارةٌ إلى كَثْرَةِ أعمالِهِ الصالحات الخَيِّراتِ. وقوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} [القَارعَة: 8] فإشارَةٌ إلى من قلَّت أعماله من الخير والطاعة. والثَّقِيلُ والخَفِيفُ يُسْتَعْمَلانِ على وجْهَيْنِ أحَدهُما على سَبِيلِ المُضايَفَة، وهو أنْ لا يقالَ لِشيءٍ ثَقِيلٌ أو خَفِيفٌ إلا باعْتِبارِهِ بِغَيْرِهِ، ولِهذا يَصِحُّ لِلشيء الواحدِ أنْ يقالَ: خَفِيفٌ إذا اعْتَبَرْتَهُ بما هو أثقَلُ منه، وثَقِيلٌ إذا اعْتَبَرْتَهُ بما هو أخَفُّ منه، وعلى هذا الآيَةُ المُتَقَدِّمَةُ آنفاً. والثاني أنْ يُسْتَعْمَلَ الثقيلُ في الأجْسامِ المرَجَّحَةِ إلى أسفلَ كالحَجرِ والمَدَرِ، والخَفيفُ يُقالُ في الأجْسامِ المائِلَة إلى الصُّعُودِ كالنَّارِ والدُّخانِ، ومِنْ هذا الثِّقَلِ قولُه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} [التّوبَة: 38].
ثلث: الثلاثَةُ والثَّلاثُونَ والثلاثُ والثَّلَثُمائةِ وثلاثَةُ آلافٍ والثُّلُثُ والثُّلُثان. وقال عزَّ وجلَّ: {فَلأُِمِّهِ الثُّلُثُ} [النِّسَاء: 11] أيْ أحَدُ أجْزاء نصيبها الثلاثَةِ من التركة، والجَمِيعُ أثلاثٌ. قال: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً} [الأعرَاف: 142] وقال عزَّ وجلَّ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجَادلة: 7] وقال {ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} [النُّور: 58] أي ثلاثَةُ أوقاتِ العَوْرَةِ. وقال الله المحْصي كلَّ شيءٍ عدداً: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ} [الكهف: 25] وقال تعالى: {بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ} [آل عِمرَان: 124] وقال العليمُ: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ} [المُزّمل: 20] وقال عزّ وجلّ: {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [النِّسَاء: 3] أيْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وثَلاثةً ثَلاثَةً. وثَلَّثْتُ الشيءَ جَزَّأتُهُ أثلاثاً. وثَلَّثْتُ القوْمَ: أخذْتُ ثُلُثَ أمْوالِهِمْ. وأثْلَثْتُهُمْ: صِرْتُ ثالِثَهُمْ أو ثُلُثَهُمْ. وأثلثتُ الدّراهمَ، فأثْلَثَتْ هِيَ. وأثْلَثَ القومُ: صارُوا ثلاثةً. وحَبْلٌ مَثْلُوثٌ: مَفْتُولٌ على ثلاث قُوًى. ورَجُلٌ مَثْلُوثٌ: أخِذَ ثُلْثُ مالِهِ. وثَلَّثَ الفَرَسُ ورَبَّعَ: جاءَ ثَالِثاً ورابِعاً في السِّباقِ. ويُقالُ: أثلاثةٌ وثلاثونَ عِنْدَكَ أو ثَلاثٌ وثلاثونَ: كِنايةٌ عنِ الرِّجالِ والنِّساءِ. وجاؤوا ثُلاثَ ومَثْلَثَ، أي ثلاثةً ثلاثةً. وناقةٌ ثَلُوثٌ: تُحْلَبُ مِنْ ثلاثةِ أخْلافٍ. والثَّلاثاءُ والأربِعاءُ في الأيامِ، جُعِلَ الألِفُ فيهما بَدَلاً مِنَ الهاءِ نحوُ حَسْنَةٍ وحَسْناءَ فَخُصَّ اللفظ باليومِ. وحكي ثَلَّثْتُ الشيءَ تَثْلِيثاً: جَعَلْتُهُ على ثلاثةِ أجْزاءٍ. وثَلَّثَ البُسْرُ، إذا بَلَغَ الرُّطَبُ ثُلُثَيْهِ. وثَلَّثَ العِنَبُ: أدْرَكَ ثُلُثاهُ. وثوبٌ ثُلاثِيٌّ: طُولُهُ ثلاثةُ أذْرُعٍ.
ثلّ: الثَّلَّةُ: قِطعةٌ مُجْتَمِعَةٌ مِنَ الصُّوفِ، ولذلك قِيلَ لِلمُقِيمِ ثَلَّةٌ. ولاعْتِبارِ الاجتماعِ قِيلَ {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ *وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ} [الواقِعَة: 39-40] أي جَماعَةٌ. وثَلَلْتُ كذا: تَناوَلْتُ ثُلَّةً منه. وثَلَّ عَرْشَهُ: أسْقَطَ ثُلَّةً منه. والثَّلَلُ: قِصَرُ الأسنانِ لِسُقُوطِ اللِّثَةِ، ومنه أثَلَ فَمُهُ: سَقَطَتْ أسْنانُهُ. وتَثَلَّلَت الرَّكِيَّةُ، أي تَهَدَّمَتْ.
ثمد: ثَمُودُ: قبيلةٌ من العَرَبِ الأُوَلِ، قال تعالى: {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} [النّجْم: 51]، واختُلِفَ فيه فَمَنْ صَرَفَهُ ذهب به إلى الحَيِّ لأنه اسم عربيّ مذكّرٌ سُمِّي بمذكر، ومن لم يَصْرِفْهُ ذهبَ به إلى القبيلة وهي مؤنثة، وهو فَعُولٌ مِنَ الثَّمَدِ، أيْ المَاءُ القليلُ الذي لا مادَّةَ له، ومنه قِيلَ: فُلانٌ مَثْمُودٌ: ثَمَدَتْهُ النِّساءُ، أي قَطَعَتْ مادَّةَ مائِهِ لِكَثرَةِ غِشْيانِهِ لَهُنَّ، ومَثْمُودٌ، إذا كَثُرَ عليه السُّؤالُ حتى فَقَدَ مادَّةَ مالِهِ.
ثمر: الثَّمَرُ: اسْمٌ لِكُلِّ ما يُتَطَعَّمُ منْ حَمْلِ الشَّجَرِ أو ما هو مِنْ أنواعِ المالِ المُثْمِرِ، الواحدَةُ ثَمَرَةٌ، والجمعُ ثِمارٌ وثَمَرَاتٌ {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ} [البَقَرَة: 22]، {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ} [النّحل: 67]، {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} [الأنعَام: 141]، {وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [الرّعد: 3]. والثَّمَرُ: قِيلَ هو الثّمارُ، وقِيلَ هو جَمْعُهُ. ويُكَنَّى به عن المَالِ المُسْتفادِ، وعلى ذلك حَمَل ابنُ عَبَّاسٍ {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} [الكهف: 34] ويُقالُ: ثَمَّرَ اللَّهُ مالَهُ، ويقالُ لكُلِّ نَفْعٍ يَصْدُرُ عن شيءٍ ثَمَرَتُهُ، كقولِكَ ثَمَرَةُ العِلْمِ العَمَلُ الصالِحُ، وثَمَرَةُ العَمَلِ الصالِح الجَنّةُ، وثَمَرَةُ السَّوْطِ عُقْدَةُ أطْرافِهِ تشبِيهاً بالثَّمَر في الهَيْئَةِ والتَّدَلِّي كَتَدَلِّي الثَّمَرِ عنِ الشَّجَرِ. والثَّمِيرَةُ مِنَ اللَّبَنِ: ما تَحَبَّبَ مِنَ الزُّبْدِ، تشبِيهاً بالثَّمَرِ في الهَيْئَةِ وفي التَّحْصِيلِ عن اللَّبَنِ.
ثمَّ: حَرْفُ عَطْفٍ يَقْتَضِي تأخُّرَ ما بَعْدَهُ عما قَبْلَهُ، إمّا تَأخيراً بالذات أو بالمَرْتَبَةِ أو بالوَضْعِ حَسْبَما ذُكِر في قَبْلُ وفي أوّلُ، قال اللَّهُ تعالى: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} [يُونس: 51]، {ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} [يُونس: 52] وقال عزَّ وجلَّ: {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} [البَقَرَة: 52] وسوى ذلك من الآيات الكريمة. وثمامَةُ: شَجَرٌ. وثَمَمْتُ الشيءَ جَمَعْتُهُ، قال أعرابيٌّ: «جَعْجَعَ بِي الدَّهْرُ عَنْ ثُمّهِ وَرُمِّهِ» أي عن قليلِه وكثيرِهِ، والثُّمَّةُ: جَمْعَةٌ مِنْ حَشِيشٍ. وثَمَّ إشارَةٌ إلى المُتَبَعّدِ عن المكانِ، وهُنالِكَ للتَّقَرُّبِ، وهُما ظَرْفانِ في الأصْلِ. وقولُهُ تعالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا} [الإنسَان: 20] فهو في مَوْضِعِ المَفْعُولِ.
ثمن: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ} [يُوسُف: 20] الثَّمَنُ اسْمٌ لما يأخُذُهُ البائِعُ في مُقابَلَةِ المَبِيعِ عَيْناً كانَ أو سِلْعَةً أو نقداً. وكلُّ ما يَحْصُلُ عوَضاً عن شيءٍ فَهُوَ ثَمَنُهُ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} [آل عِمرَان: 77]، {وَلاَ تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً} [النّحل: 95]، {وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً} [المَائدة: 44]. وأثْمَنْتُ الرجُلَ مَتَاعَهُ، وَأَثْمنَتُ له: أكْثَرْتُ له الثَّمَنَ. شيءٌ ثَمِينٌ: كثيرُ الثَّمَنِ. والثّمانيةُ والثَّمانُونَ وَالثُّمُنُ في العَدَدِ مَعْرُوفٌ، وُيقالُ ثَمَنْتُهُ، كُنْتُ له ثامناً، أو أخَذْتُ ثُمُنَ مالِهِ {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الأنعَام: 143]، {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22]، {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِي حِجَجٍ} [القَصَص: 27] والثَّمِينُ: الثُّمُنُ. قال الشاعِرُ:
فَما صارَ لي في القَسْمِ إلاَّ ثَمِينُها
وقال تعالى: {فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النِّسَاء: 12].
ثنى: الثِّنْيُ والاثنانِ أصلٌ لمُتَصَرِّفاتِ هذِهِ الكلمةِ. ويُقالُ ذلك باعتبارِ العَدَدِ، أو باعتِبار التَّكْرِيرِ الموجودِ فيه، أو باعْتِبارِهِما مَعاً {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التّوبَة: 40]، {اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً} [البَقَرَة: 60]، {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [النِّسَاء: 3] فَيُقالُ؛ ثَنَّيْتُهُ تَثْنِيَةً: كُنْتُ له ثانياً، أو أخَذْتُ نِصْفَ مالِهِ، أو ضَمَمْتُ إليه ما صارَ به اثْنَيْنِ. الثِّنَى: ما يُعادُ مَرَّتَيْنِ. قال عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ، «لا ثِنَى في الصَّدَقَةِ»(43)، أي لا تُؤْخَذُ في السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ. قال الشاعِرُ:
لقد كانَتْ مَلامَتُها ثِنًى
وامرأةٌ ثِنْيٌ: وَلَدَتْ اثْنَيْنِ. والوَلَدُ يُقالُ له ثِنْيٌ. وحلفَ يميناً فيها ثِنْيٌ وثَنَوِيٌّ وثَنِيَّةٌ ومَثْنَوِيَّةٌ. ويُقالُ لمن لَوَى الشَّيء قد ثَناهُ، نحوُ: {أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} [هُود: 5] أي يطوونها على ما هم عليه من الكفر. وقال عَزَّ وجلَّ: {ثَانِيَ عِطْفِهِ} [الحَجّ: 9] وذلك عِبارَةٌ عنِ التَّنكُّرِ والإِعْرَاضِ، نحوُ: لَوَى شِدْقَهُ ونَأى بِجانِبِهِ. والثَّنِيُّ مِنَ الشاءِ: ما دَخَلَ في السَّنَةِ الثانيةِ، وما سَقَطَتْ ثنِيَّتُهُ مِنَ البَعِيرِ، وقد أثْنَى وثَنَيْتُ الشيءَ أثْنِيهِ: عَقَدْتُهُ بثَنايَيْن: غير مَهْمُوزٍ، قِيلَ وإنَّما لم يُهْمَزْ لأنه بَنَى الكَلمَةَ على التَّثْنِيَةِ ولم يَبْنِ عليه لَفْظَ الواحِدِ. والمُثَنَّاةُ: ما ثُنِيَ مِنْ طَرَفِ الزَّمانِ. والثُّنْيَانُ: الذي يُثْنَى به إذا عُدَّ الساداتُ. وفُلانٌ ثَنِيَّةُ كذا، كِنايةٌ عن قُصُورِ مَنْزِلَتِهِ فِيهِمْ. والثَّنِيَّةُ مِنَ الجَبَلِ: ما يُحْتاجُ في قَطْعِهِ وسُلُوكِهِ إلى صُعُودٍ وصُدُودٍ، فكأنَّهُ يَثْني السَّيْرَ. والثَّنِيَّةُ مِنَ السِّنِّ: تَشْبيهاً بالثَّنِيَّةِ مِنَ الجَبَلِ في الهَيْئَةِ والصَّلابةِ. والثُّنْيَا مِنَ الجَزُورِ: ما يثْنيهِ جازِرُهُ إلى ثُنْيِه مِنَ الرَّأسِ والصُّلْبِ. وقِيلَ الثُّنْوَى والثَّناءُ: ما يُذْكَرُ في مَحامِدِ الناسِ فَيُثْنَى حالاً فحالاً ذكرُهُ، يُقالُ أثْنَى عليه، وتَثَنَّى في مِشْيَتِهِ، نحوُ تَبَخْتَرَ. وسُمِّيَتْ سُوَرُ القُرْآنِ مَثانِيَ في قولهِ عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحِجر: 87] لأنَّها تُثْنَى على مُرُورِ الأوْقاتِ وتُكَرَّرُ فلا تنقطع ولا تَدْرُسُ دُرُوسَ سائرِ الأشْياءِ التي تَضْمَحلُّ وتَبْطُلُ على مُرُورِ الأيَّامِ، وعلى ذلك قولهُ تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} [الزُّمَر: 23] ويَصِحُّ أنه قِيلَ لِلقُرْآنِ مَثانِيَ، مَا يُثْنَى ويَتَجَدَّدُ حالاً فحالاً مِنْ فوائدِهِ، كما رُوِيَ في الخَبَرِ في صِفَتِهِ: «لا يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمُ، ولا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبُ، ولا تَنْقَضِي عَجائبُهُ»، ويَصِحُّ أنْ يكونَ ذلك مِنَ الثناءِ تَنْبِيهاً على أنه أبداً يَظْهَرُ منه ما يَدْعُو إلى الثَّناءِ عليه وعلى مَنْ يَتْلُوهُ ويَعْلَمُهُ ويَعْمَلُ به، وعلى هذا الوَجْهِ وصْفُهُ بالكَرَم في قولِهِ تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} [الواقِعَة: 77] وبالمَجْدِ في قولهِ: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ} [البُرُوج: 21]. والاسْتِثْناءُ: إيرادُ لَفْظٍ يَقْتَضِي رَفْعَ بَعْضِ ما يُوجِبُهُ عُمُومُ لَفْظٍ مُتَقَدِّمٍ أو يَقْتَضِي رَفْعَ حُكْمِ اللَّفْظِ، فَمِمَّا يَقْتَضِي رَفْعَ بَعْضِ ما يُوجِبُهُ عُمُومُ اللَّفْظِ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: {قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} [الأنعَام: 145] الآيَةَ، وأما ما يَقْتَضِي رَفْعَ ما يُوجِبُهُ اللَّفْظُ فنحوُ قولِهِ: واللَّهِ لأفْعَلَنَّ كذا إن شاءَ اللَّهُ، وامرأتُهُ حاملٌ إن شاءَ اللَّهُ، وعَبْدُهُ عَتِيقٌ إن شاءَ اللَّهُ، وعلى هذا قولهُ تعالى: {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} [القَلَم: 17].
ثوب: أصلُ الثَّوبِ رُجُوعُ الشيءِ إلى حالَتِهِ الأولى التي كان عليها أو إلى الحالَةِ المُقَدَّرَةِ المَقْصُودَةِ بالفِكْرَةِ، وهِي الحالَةُ المُشارُ إليها بقولِهِمْ: أوّلُ الفِكْرَةِ آخِرُ العَمَلِ، فَمِنَ الرُّجُوعِ إلى الحالَةِ الأولَى قولُهُم: ثابَ فُلانٌ إلى دارِهِ، وثابَتْ إليَّ نفْسِي. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ} [البَقَرَة: 125]، أَيْ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ عَامٍ. وسُمي مَكَانُ المُسْتَسْقِي على فَمِ البِئْرِ مَثابَةً، مِنَ الرُّجُوعِ إِلى الْحَالَةِ المُقَدَّرَةِ المَقْصُودَةِ بالفِكْرَةِ. وجَمْعُ الثوبِ: أثْوابٌ وثِيابٌ أي لِباسٌ وأَلْبِسَةٌ؛ وقولُهُ تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدَّثِّر: 4] يُحْمَلُ على تَطْهِيرِ الثَّوْبِ، وقِيلَ الثيابُ كِنايَةٌ عنِ النَّفْسِ، لقولِ الشاعِرِ:
ثِيابُ بَنِي عَوْفٍ طَهارَى نَقِيَّةٌ
وذلك أمْرٌ بِما ذَكَرَهُ اللَّهُ تعالى في قولِهِ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزَاب: 33]. والثّوابُ: ما يَرجِعُ إلى الإنسانِ مِنْ جَزاءِ أعْمالِهِ، فَيُسَمَّى الجَزَاءُ ثواباً تَصَوّراً أن الجزاءَ من جنسٍ العملِ، ألا تَرَى كَيْفَ جَعَلَ اللَّهُ تعالى الجَزَاءَ نَفْسَ الفِعْلِ في قولهِ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزّلزَلة: 7] ولَمْ يَقُلْ جَزاءَهُ. والثَّوابُ يُقالُ في الخَيْرِ والشَّرِّ، لكن الأكْثَرُ المُتعارَفُ في الخَيْرِ، وعلى هذا قولُهُ عَزَّ وجلَّ: {ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عِمرَان: 195]، {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [آل عِمرَان: 195]، {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ} [آل عِمرَان: 148]، وكذلِك المَثُوبَةُ في قولهِ تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [البَقَرَة: 103]. والإِثابَةُ تُسْتَعْمَلُ في المَحْبُوبِ. قال تعالَى: {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [المَائدة: 85]. وقد قِيلَ ذلِك في المَكْرُوهِ، نحو: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ} [آل عِمرَان: 153]، {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} [المَائدة: 60] على الاستعارة. والتَّثْوِيبُ في القُرْآن لَمْ يَجِىءْ إلاَّ في المَكْرُوهِ نَحْوُ: {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ} [المطفّفِين: 36]. الثّيبُ: الراجعة من عند الزوج بعد الافتضاض، من ثاب يثوب إذا رجع {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التّحْريم: 5]، والبكر هي التي على أول حالِها قبل الافتضاض. والتَّثْويبُ: تكريرُ النِّداءِ، ومنه التَّثْويبُ في الأذان. والثَّوْباءُ: التِي تَعْتَرِي الإِنْسانَ، سُمِّيَتْ بذلِك لتَكَرُّرِها. والثُّبَةُ: الجماعةُ الثائِبُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ في الظاهِرِ {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} [النِّسَاء: 71].
ثور: ثار يَثُورُ ثَوْراً وثَوَراناً: هاجَ وانْتَشَرَ أو ظَهَرَ، ويُقال للغُبارِ والسَّحابِ والدُّخانِ وغيرها مجازاً. قال تعالَى: {فَتُثِيرُ سَحَابًا} [الرُّوم: 48]. يقالُ أثَرْتُ، ومنه قولهُ تعالى: {وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا} [الرُّوم: 9]. وثارَتِ الحَصْبَةُ ثَوَراناً أي ظهرتْ، وهو ذكر مجاز تَشْبيهاً بانْتِشار الغُبارِ، وَثَوَّرَ شَرّاً كَذلك، وثارَ ثائِرُهُ كِنايةٌ عن انْتِشارِ غَضَبِهِ. وثاوَرَهُ: واثَبَهُ. والثَّوْرُ: البَقَرُ وبه تثارُ الأرْضُ، فكأنَّهُ في الأصْلِ مَصْدَرٌ جُعِلَ في مَوْضِعِ الفاعِلِ، نحوُ ضَيْفٍ وطيفٍ في مَعْنَى ضائفٍ وطائفٍ، أي الثَّائِرُ المُنْتَثِرُ. ويقال للرجل البليدِ الفَهْم «ما هو إلاّ ثَوْرٌ». والثَّارُ هو طَلَبُ الدَّمِ، أصلُهُ الهَمْزُ.
ثوى: الثَّواءُ: الإِقَامَةُ مَعَ الاسْتِقْرارِ، يُقالُ ثَوَى يَثْوِي ثَواءً. {وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} [القَصَص: 45].. وما كنتَ مُقيماً يا محمّدُ في أَهْلِ مَدْينَ تتْلو عليهم آياتِنا. قال تعالى: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزُّمَر: 60]، {وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ} [محَمَّد: 12] {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [الزُّمَر: 72]، {النَّارُ مَثْوَاكُمْ} [الأنعَام: 128]. الثّوِيّ: البيتُ المهيّأُ للضيف، والمَثْوَى: المنزِل الذي يُقامُ به، وَيُقَالُ: ثَوَى الرَّجُلُ: مَاتَ؛ وَيُقالُ عن القبر: مَثْوَاهُ الأَخِيرُ، لدوام الإقامةِ بَعْدَ الموت.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢