نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ الْخَاءِ
(خ)

خبأ: {الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ} [النَّمل: 25] أي الذي يخرِجُ النباتَ من الأرض، والذي يُنزِلُ المطَرَ مِنَ السماء، ويقالُ ذلك لِكُلِّ مُدَّخَرٍ مَسْتُورٍ، ومنه قِيلَ: جارِيَةٌ خُبَأةٌ، وهي الجارِيةُ التي تَظْهَرُ مَرَّةً وتَخْبَأ أخْرَى. والخِباءُ: ما يُعمل من وبرٍ أو صوفٍ أو شعرٍ للسّكن.
خبت: الخَبْتُ: المطْمَئِنُّ مِنَ الأرضِ. وأخبَتَ الرجلُ: قَصَدَ الخَبْتَ، أو نَزَلَهُ، نحوُ أسْهَلَ وأنْجَدَ، ثم اسْتُعْمِلَ الإِخْباتُ اسْتِعْمالَ اللِّين والتَّواضُعِ، فيُقالُ أخْبَتَ للَّه تعالى أي خَشَعَ، وأخبَتَ إلى رَبِّه اطمأَنَّ إليه، قال تعالى: {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ} [هُود: 23]، و {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [الحَجّ: 34] أي المُتَوَاضِعِينَ نحوُ: {لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} [الأعرَاف: 206] و {فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} [الحَجّ: 54] أي تَلِينُ وتخْشَعُ، والإِخباتُ هَهُنا قريبٌ مِنَ الهُبُوطِ في قولهِ تعالى: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البَقَرَة: 74].
خبث: المخْبِثُ والخبيثُ: ما يُكْرَهُ رَدَاءَةً وخَساسَةً مَحْسُوساً كان أو مَعْقُولاً، وأصلُهُ الرَّدِيءُ الدِّخْلَةِ الجارِي مَجْرَى خَبَثِ الحَدِيدِ، كما قال الشاعِرُ:
سبَكْناهُ ونَحْسَبُهُ لُجَيْناً فأبْدَى الكِيرُ عن خَبَثِ الحَدِيدِ
وذلك يَتناولُ الباطِلَ في الاعْتِقادِ، والكَذِبَ في المقالِ، والقبيحَ في الفِعال. {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعرَاف: 157] أي ما لا يُوَافِقُ النَّفْسَ مِنَ المحْظُوراتِ. وقولهُ تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ} [الأنبيَاء: 74] كِنايَةٌ عن إتْيانِ الرِّجالِ. وقال تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عِمرَان: 179] أي الأعمالَ الخبيثَةَ مِنَ الأعمالِ الصالِحَةِ، والنُّفُوسَ الخبيثَةَ مِنَ النُّفُوسِ الزَّكِيَّةِ. وقال تعالى: {ولاَ تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} [النِّسَاء: 2] أي الحَرَامَ بالحلالِ. وقال تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} [النُّور: 26] أي الأفعالُ الرَّديَّةُ والاخْتياراتُ المُبَهْرَجَةُ لأَمثالِها وكذا الخبيثونَ لِلخبيثاتِ. وقال تعالى: {قُلْ لاَ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} [المَائدة: 100] أي الكافِرُ والمُؤْمِنُ، والأعمالُ الفاسِدَةُ والأعْمالُ الصَّالحَةُ. وقوله تعالى {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} [إبراهيم: 26] فإشارَةٌ إلى كُلِّ كَلمَةٍ قَبِيحَةٍ مِنْ كُفْرٍ وكَذِبٍ ونَميمَةٍ وغيرِ ذلكَ، وقال (ص) : «المُؤْمنُ أطْيَبُ مِنْ عَمَلهِ والكافِرُ أخْبَثُ مِنْ عَمَلِهِ»(79)، ويقالُ: خَبيثٌ مُخْبثٌ، أي فاعِلُ الخُبْثِ.
خبر: الخَبْرُ: العِلْمُ بالأشْياءِ المَعْلُومَةِ مِنْ جِهَةِ الخَبَر. وخَبَرْتُهُ خَبْراً وخُبْرَةً. وأخْبَرْتُ: أعْلَمْتُ بما حَصَلَ لِي مِنَ الخَبَر. وقيل: الخُبْرةُ هي المعرفةُ ببواطن الأمور. وقد جاء في القرآن الكريم أن العبدَ الصالحَ وعظ موسى (ع) بقوله تعالى: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف: 68] أي كيف تَصْبِرُ على ما ظاهرُهُ عندك مُنكَرٌ، بينما أنت لم تعرف باطنَهُ، ولم تعلم حقيقة أمرِه. وأما قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [آل عِمرَان: 153] فمعناه أنه سبحانه عالمٌ ببواطن أموركم وأخبار أعمالكم، وبكل ما تأتونه من شاردة وواردة، فلا يغيبُ عن عِلمِه شيء. وقيل خبيرٌ بمعنى مخبرٌ كقوله تعالى: {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المَائدة: 105]، أو قوله تعالى: {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التّوبَة: 94]، أي من أعمالكم التي نُخْبر عنها.
وعن اختبار الله تعالى لعباده قال عزّ من قائل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محَمَّد: 31] فمعنى {نبلو أخباركم} نختبرَ سرائرَكم بما تستقبلونه من أفعالكم من طاعتكم وعصيانكم.
خبز: الخُبْزُ مَعْرُوفٌ، ما يُكتَلُ من الدقيق المعجون ثُمَّ يُمَدُّ ويُشوى في النار {أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا} [يُوسُف: 36]. والخَبِيزُ: الخُبْزُ المَخْبُوزُ من أيِّ حبٍّ كانَ.
خبـط: الخَبْطُ: الضَّرْبُ على غَيْرِ اسْتِواءٍ، كَخَبْطِ البَعيرِ الأرضَ بيدِهِ، والرَّجُلِ الشَّجَرَ بِعَصاهُ. ويقالُ للْمَخْبُوطِ خَبْطٌ، كما يقالُ للمَضرُوبِ ضَرْبٌ، واسْتُعِيرَ لِعَسْفِ السُّلْطَانِ، فقيلَ: سُلْطانٌ خَبُوطٌ. واخْتِباطُ المعْرُوفِ: طَلَبُهُ بِعَسْفٍ تَشْبِيهاً بِخَبْطِ الوَرَقِ. وقوله تعالى: {يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البَقَرَة: 275] يَصِحُّ أنْ يكُونَ مِنْ خَبْطِ الشَّجَر، وأن يكُونَ من الاخْتِباطِ الذي هو عدمُ إدراكِ الشيءِ؛ فهو الاستعانةُ بالله العليِّ القدير من أن يدركَه الشيطان بشيءٍ من وسوساتهِ. يُرْوَى عنه (ص) : «اللَّهُمَّ إنّي أعُوذُ بِكَ أنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطانُ مِنَ المسِّ»(80).
خبل: الخَبالُ: الفَسادُ الذي يَلْحَقُ الإنسان فَيُورِثُهُ اضطراباً كالجُنُونِ والمرضِ المُؤَثِّر في العَقْلِ والفِكْر، ويقالُ: خَبَلٌ وخَبْلٌ وخَبالٌ، ويقالُ: خَبَلَهُ وخَبَّلَهُ فهو خابِلٌ، والجَمْعُ: الخبْلُ. ورَجُلٌ مُخَبَّلٌ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} [آل عِمرَان: 118] و {مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً} [التّوبَة: 47] أَي اضْطِراباً فِي الرَّأْيِ. وفي الحَدِيثِ: «مَنْ شَرب الخَمْر ثَلاثاً كانَ حَقّاً على اللَّهِ تعالى أنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينةِ الخَبالِ»(81) قال زهير:
هُنالِكَ إنْ يُسْتَخْبَلُوا المالَ يُخْبِلُوا
أي إنْ طُلِبَ منهمْ إفسادُ شيءٍ مِنْ إبِلِهِمْ أفْسَدُوهُ.
خبو: خَبتِ النارُ تَخْبُو: سَكَنَ لَهَبُها وصارَ عَلَيْها خِباءٌ مِنْ رَمادٍ أو غِشاءٌ، وأصْلُ الخِباءِ الغِطاءُ الذي يُتَغَطَّى به، وقِيلَ لِغشاءِ السُّنْبُلَةِ خِباءٌ {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسرَاء: 97].
ختر: الخَتْرُ: غَدْرٌ يَخْترُ فيه الإِنْسانُ، وَهُوَ أَشَدُّ الْغَدْرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لاَ تَمُدُّ لَنَا شِبْراً مِنَ الْغَدْرِ إلاَّ مَدَدْنَا لَكَ بَاعاً مِن خَتْر. وقَوْلُهُ تَعالى: {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} [لقمَان: 32] أي كلُّ غَدَّار كثيرِ الكُفْرِ.
ختم: الخَتْمُ والطَّبْعُ يُقالُ على وَجْهَيْنِ: مَصْدَرُ خَتَمْتُ وطَبَعْتُ، وهو تَأثِيرُ الشـيءِ كَنَقْـشِ الخاتَمِ والطَّابَعِ، والثانِي: الأثَرُ الحاصِلُ عن النَّقْشِ، ويُتَجَوَّزُ بذلك تارَةً في الاسْتِيثاقِ مِنَ الشيءِ والمنْعِ منه اعتِباراً بِما يَحْصُلُ مِنَ المنْعِ بالخَتْمِ على الكُتُبِ والأبْوَابِ نحوُ: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البَقَرَة: 7]، أي جَعَلَ قلوبَهم لا تفقَهُ شيئاً ولا يخرج منها شيءٌ كأنها طُبِعَتْ {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} [الجَاثيَة: 23]، وتارَةً في تَحْصِيلِ أثَرٍ عن شيءٍ اعْتِباراً بالنقشِ الحاصِلِ، وتارَةً يُعْتَبَرُ منه بُلُوغُ الآخِرِ، ومنه قِيلَ: خَتَمْتُ القرآنَ، أي انْتَهَيْتُ إلى آخِرهِ. فقولُهُ: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البَقَرَة: 7] وقولهُ تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ} [الأنعَام: 46] إشارَةٌ إلى ما أجْرَى اللَّهُ به العادَةَ أنّ الإِنْسانَ إذا تَناهَى في اعْتِقادٍ باطِلٍ أو ارْتكابِ مَحْظُورٍ، ولا يكُونُ منه تَلَفُّتٌ بِوَجْهٍ إلى الحَقِّ يُورِثُهُ ذلك هَيْئَةً تُمَرِّنُهُ على اسْتِحْسانِ المعاصِي، وكأنَّما يُخْتَمُ بذلك على قَلْبِهِ. وعلى ذلك {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} [النّحل: 108] وعلى هذا النَّحْو اسْتِعارَةُ الإِغْفالِ في قولِهِ عَزَّ وجلَّ: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} [الكهف: 28] واسْتِعارَةُ الكِنِّ في قولهِ تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} [الأنعَام: 25] واسْتِعارَةُ القَساوَةِ في قولهِ تعالى: {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} [المَائدة: 13]، قال الجُبَّائيُّ: يَجْعَلُ اللَّهُ خَتْماً على قُلُوبِ الكُفَّارِ لِيكونَ دَلاَلةً لِلمَلائِكَةِ على كُفْرِهِمْ، فلا يَدْعُونَ لهمْ، وليسَ ذلك بِشيءٍ فإِنّ هذِهِ الكِتابَةَ إنْ كانتْ مَعْقُولَةً غَيْرَ مَحْسُوسَةٍ فالملائِكَةُ باطِّلاعِهِمْ على اعْتِقاداتِهِم تستغني عن الاسْتِدْلالِ. وقال بعضُهُمْ: خَتْمُهُ: شَهادَتُهُ تعالى عليه أنه لا يُؤْمِنُ. وقولهُ تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} [يس: 65] أي نَمْنَعُهُمْ مِنَ الكلامِ. وخاتَمُ النَّبِيِّينَ: لأنه خَتَمَ النُّبُوَّةَ أي تَمَّمَها بِمَجِيئِهِ. وقولهُ عَزَّ وجلَّ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطفّفِين: 26] قِيلَ ما يُخْتَمُ به، أي يُطْبَعُ، وإنما معناهُ مُنْقَطَعُهُ.
خد: {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ} [البُرُوج: 4]. الخَدُّ والأخْدُودُ شَقٌّ في الأرضِ مُسْتَطِيلٌ غائِصٌ، وجَمْعُ الأخْدُودِ أخادِيدُ. وأصلُ ذلك مِنْ خَدَّيِ الإِنْسانِ، وهُما ما اكْتَنَفا الأنْفَ عنِ اليمينِ والشمالِ. والخدُّ يُسْتَعارُ للأرْضِ ولِغيرِها كاسْتِعارَةِ الوَجْهِ. وتَخَدُّدُ اللحْمِ: زوالُهُ عن وَجْهِ الجسْمِ، يُقالُ: خَدَّدْتُهُ فَتَخَدَّدَ.
خـدع: الخِداعُ: إنْزَالُ الغَيْر عَمَّا هو بِصَدَدِهِ بأمْرٍ يُبْدِيهِ على خِلافِ ما يُخْفِيـهِ، {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} [البَقَرَة: 9] أي يُخادِعُونَ رسولَهُ وأوْلِياءَهُ، ونُسِبَ ذلك إلى اللَّهِ تعالى مِنْ حَيثُ إنّ مُعامَلَةَ الرسولِ كَمُعامَلَتِهِ، ولذلك قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفَتْح: 10] وجَعَـلَ ذلك خِدَاعاً تَفْظِيعاً لِفِعْلِهِمْ وتَنْبِيهـاً علـى عِظَـمِ الرسُـولِ وعِظَمِ أوْليائِهِ. وَتَأْكيداً على أمْرَيْنِ: أحَدُهُما فَظاعَةُ فِعْلِهِمْ فِيما تَحَرَّوْهُ مِنَ الخَدِيعَةِ، وأنهمْ بِمُخادَعَتِهِمْ الرسولَ إِنَّما يُخادِعُونَ اللَّهَ، والثانِي التَّنْبِيهُ على عِظَمِ هذا الرسولِ الكريمِ المَقْصُودِ بالخداعِ، وأنّ مُعامَلَتَهُ كَمُعَامَلَةِ اللَّهِ كما نَبَّهَ عليه بِقولِهِ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفَتْح: 10] الآيَةَ، وقولهُ تعالى: {وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النِّسَاء: 142] قِيلَ معناهُ: مُجازِيهِمْ بالخِدَاعِ، وَقِيلَ على وجْهٍ آخَرَ مذكورٍ في قولِهِ تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عِمرَان: 54] وقِيلَ: خَدَعَ الضَّبُّ، أي اسْتَتَرَ في جُحْرهِ. واسْتِعْمالُ ذلك في الضَّبِّ أنه يُعِدُّ عَقْرَباً تلْدَغُ مَنْ يُدْخِلُ يَدَيْهِ في جُحْرهِ حتى قِيلَ: العقْرَبُ بَوَّابُ الضَّبِّ وحاجِبُهُ، ولاعْتِقادِ الخَدِيعَةِ فيه قِيلَ: أخْدَعُ مِنْ ضَبٍّ. وَطَريقٌ خادِعٌ وخَيْدَعٌ: مُضِلٌّ، كأنه يَخْدَعُ سالِكَهُ. والمَخْدَعُ: بَيْتٌ في بَيْتٍ، كأنّ بانِيَهُ جَعَلَهُ خادِعاً لِمَنْ رامَ تَناوُلَ ما فيه. وخَدَعَ الريقُ، إذا قَلَّ وجفَّ. «وخُلُقٌ خادِعٌ» أي متلوِّنٌ. وفي الحديث: «بَينَ يَدَيِ الساعَةِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ»(82) أي مُحْتالَةٌ لتَلَوُّنِها بالجَدْبِ مَرَّةً وبالخِصْبِ مَرَّةً.
خدن: {وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النِّسَاء: 25] جمعُ خِدْنٍ، أي المُصاحِبِ، وأكثرُ ذلك يُسْتَعْمَلُ فِيمنْ يُصاحِبُ شَهْوَةً، يقالُ: خِدْنُ المَرأةِ وخَدِينُها. وقولُ الشاعِر:
خَدِينُ العُلَى
فاسْتِعارةٌ كقولِهِمْ: يَعْشَقُ العُلَى ويُشَبِّبُ بالنَّدَى وَيَنْسُبُ بالمكارِمِ.
خذل: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً *} [الفُرقان: 29] أي كَثِيرَ الخُذْلانِ. {لاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولاً *} [الإسرَاء: 22] أي يمنع الله نصرته عنك ويكلك إلى ما أشركت به. ويقال تَخاذَلَتْ رِجْلاَ فلانٍ، ومنه قول الأعْشَى:
بَيْنَ مَغْلُوبٍ تَلِيلٍ خَدُّهُ وخَذُولِ الرِّجْلِ مِنْ غَيْر كَسَح
ورَجُلٌ خُذَلَةٌ: كَثِيراً ما يَخْذُلُ.
خرّ: {فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ} [الحَجّ: 31] و {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ} [سَبَإ: 14] و {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النّحل: 26]. فَمَعْنَى خَرَّ: سَقَطَ سُقُوطاً يُسْمَعُ منه خَريرٌ، والخَريرُ يقالُ لِصَوْتِ الماءِ والرِّيحِ وغَيْرِ ذلك مما يَسْقُطُ منْ عُلْوٍ، وقوله تعالى: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يُوسُف: 100] فاسْتِعْمالُ الخَرِّ تَنْبِيهٌ على اجْتِماعِ أمْرَيْنِ: السُّقوطِ وحُصُولِ الصَّوْتِ منهمْ بالتَّسْبِيحِ. وقولُهُ مِنْ بَعْدِهِ: {وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [السَّجدَة: 15] فَتَنْبِيهٌ أنّ ذلك الخَريرَ كانَ تَسْبِيحاً بِحَمْدِ اللَّهِ لا بِشيءٍ آخَرَ.
خرب: يقال: خَرَبَ الشيءَ يَخْرُبُهُ خَرْباً وخَراباً: ثَقَبَهُ أو شَقَّهُ. وهو ضِدُّ العِمارَةِ {وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} [البَقَرَة: 114]. وقد أخْرَبَهُ وخَرَّبَهُ: هَدَمَهُ {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الحَشر: 2] فَتَخْريبُهُمْ بأيْديهمْ إنَّما كان لِئَلاَّ تَبْقَى للنَّبيِّ (ص) وأصْحابِهِ، وقِيلَ كان بإِجْلائِهِمْ عنها. والخُرْبَةُ: شَقٌّ واسعٌ في الأذُنِ، تَصَوُّراً أنه قد خَربت أذُنُهُ ويقال: رَجُلٌ أخْرَبُ: مشقوق الأُذُنِ، وامْرأةٌ خَرْباءُ، والخَرْبَةُ: الفسادُ في الدِّين.
خرج: خَرَجَ خُرُوجاً: بَرَزَ مِنْ مَقَرِّهِ أو حالِهِ سَواءٌ كان مَقَرُّهُ داراً أو بَلَداً أو ثَوْباً، وسَواءٌ كانَ حالهُ حالَةً في نَفْسِهِ أوْ في أسْبابِهِ الخارِجَةِ {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القَصَص: 21]، {فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} [الأعرَاف: 13]، و {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا} [فُصّلَت: 47]، {فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} [غَافر: 11] {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا} [المَائدة: 37]. والإِخْراجُ: أكثَرُ ما يقالُ في الأعْيانِ، نحوُ: {أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} [المؤمنون: 35]. وقال عزَّ وجلَّ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} [الأنفَال: 5]، {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا} [الإسرَاء: 13]، {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ} [الأنعَام: 93]، {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ} [النَّمل: 56]. ويُقَالُ في التَّكْوينِ الذي هو مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النّحل: 78]، {فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} [طه: 53]، {يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} [الزُّمَر: 21]. والتَّخْريجُ: أكْثَرُ ما يقالُ في العُلُومِ والصِّناعاتِ. وقِيلَ لما يَخْرُجُ مِنَ الأرضِ، ومِنْ وَكْر الحَيَوانِ ونحو ذلك خَرْجٌ وخَراجٌ. {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [المؤمنون: 72] أي: أَمْ تسألُهمْ على ما جِئتَهمْ به من القرآنِ خَرْجاً، أيْ مالاً، فيورثُ ذلك تُهمةً في حالِكَ، أَوْ يَثقلُ عليهمْ قَبولُ قولكَ لأَجلهِ، فَأَجرُ ربِّكَ خيرٌ منه. والخَرْجُ أعَمُّ مِنَ الخَراجِ. وجُعِلَ الخَرْجُ بإِزاءِ الدَّخْلِ {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا} [الكهف: 94]. والخَرَاجُ مُخْتَصٌّ في الغالبِ بالضَّريبَةِ على الأرضِ، قال ابن الأعرابي: «الخَرْج على الرؤوس والخَرَاجُ على الأرضين».
خردل: قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبيَاء: 47] ومعناه أن العملَ الذي أتاه الإنسان لو كان بمقدار حبة خردل، فإنَّ الله تعالى يَزِنُهُ بموازين العدل يوم القيامة، ولا يُضَيِّع على الإنسان شيئاً أبداً {وكفى بنا حاسبين} أي كما نحن قادرون على الإتيان بحبـة الخردل، لأنّنا نعلم مكان وجودها، كذلك نحن قادرون على كل شيء، ونعلم عمل الإنسان، ونحصيه ونحفظُ له جزاءه يوم القيامة. وكذلك قوله تعالى على لسان لقمان وهو يخاطبُ ابنه: {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمَان: 16]، أي أنَّ فعلَ الإنسان من خيرٍ أو شرٍّ، من حسنةٍ أو سيئة، يحاسبُ عليه الإنسان ويجازى به مهما كان ضئيلاً حتى ولو كان بمقدار حبةٍ من خردل، مخبّأةٍ في أي مكان في السماوات أو في الأرض، فإنَّ الله تعالى يعلم بها، ويزنُ العملَ الذي هو بمقدارها ويجازي عليه بعدله الحقّ.
خرص: الخَرْصُ: حِرْزُ الثَّمَرَةِ. والخَرْصُ: المَحْرُوزُ: كالنَّقضِ للْمَنْقُوضِ. وقيل: الخَرْصُ: الكَذِبُ مِن خَرَصَ يَخْرُصُ خرصاً أي كَذبَ، قوله تعالى: {إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} [الزّخرُف: 20] قيل: معناهُ يكذِبونَ. وقولُهُ تعالى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذّاريَات: 10] قيل: لُعِنَ الكَذَّابونَ، وحقيقةُ ذلك أنّ كُلَّ قَوْلٍ مَقُولٍ عنْ ظَنٍّ وتَخْمينٍ يُقالُ له خَرْصٌ سواءٌ أكان مُطابِقاً للشيءِ أم مخالفاً له، مِنْ حيثُ إنّ صاحِبَهُ لم يَقُلْهُ عن عِلْمٍ ولا غَلَبَةِ ظَنٍّ ولا سَماعٍ، بل اعْتَمَدَ فيه على الظَّنِّ والتَّخْمِينِ كَفِعْلِ الخارِصِ في خَرْصِهِ، وكُلُّ مَنْ قال قَوْلاً على هذا النحو قد يُسَمَّى كاذِباً، وإن كان قولُهُ مُطابِقاً لِلمَقُولِ المُخْبرِ عنه. كما حُكيَ عنِ المنافِقينَ في قولهِ عَزَّ وجلَّ: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنَافِقون: 1].
خرط: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} [القَلَم: 16] أي لَزمَهُ عارٌ لا يَنْمَحِي عنه، كقولِهِمْ: جُدِعَتْ أنْفُهُ. والخُرْطُومُ: أنْفُ الفِيلِ، وسُمِّيَ أنْفُهُ خُرْطُوماً اسْتِقْباحاً له، لم يستعمل لفظ «الأَنْف» لأنه قد يكون فيه أَنَفٌ، بل لفظ «الخرطوم» مِن اخْرَنْطَمَ أي رفع أنْفه أو استكبر وغضبَ، تدليلاً على كسر عنفوان كبريائه وَتَمَرُّدِهِ في غضبه بما وَسَمَهُ به من علامةٍ في أَنْفِهِ.
خرق: الخَرْقُ: الثُّقْبَةُ أو الشّقُّ، وَخَرَق الثوبَ: مَزَّقَهُ، فاستُعمِلَ الخَرْقُ لكل ما فيه قَطْعُ الشيءِ على سَبيلِ الفسادِ مِنْ غَيْر تَدَبُّرٍ ولا تَفَكُّرٍ {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} [الكهف: 71] وهو ضِدُّ الخَلْقِ، فالخَلْقَ هو فِعْلُ الشيءِ بِتَقْدِيرٍ ورِفْقٍ، والخرْقُ بِغَير تَقْدِيرٍ {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعَام: 100] أَي اختلَقُوا، وافتَرَوُا الكذبَ على اللَّهِ ونسبُوا البنينَ والبناتِ إليهِ سبحانَهُ فإنَّ المشركينَ قالوا: الملائكةُ بناتُ اللَّهِ. والنصارَى قالوا: المسيحُ ابنُ اللَّهِ. واليهودُ قالوا: العُزَيْرُ ابنُ اللَّهِ بغيرِ علمٍ. تعالَى اللَّهُ عَمّا يصفُونَ علوّاً كبيراً. وقيل لثَقْبِ الأذُنِ إذا تَوَسَّعَ: خَرْقٌ وصَبِيٌّ أخْرَقُ، وامرأةٌ خَرْقاءُ: مثقُوبَةُ الأذُنِ ثَقْباً واسِعاً. وقولُهُ تعالى {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ} [الإسرَاء: 37] فيه قولانِ:
أحدُهما: لَنْ تجوبَها لتبلغَ أقصاها، والآخَرُ: لَنْ تخرقَها لتفتحَ ممراً إلى باطنها؛ أو لَنْ تَثْقُبَ الأرضَ إلى الجانِبِ الآخَر اعتباراً بالخَرْقِ في الأذُنِ. وباعتبارِ تَرْكِ التقدير قيل: رَجُلٌ أخْرَقُ وخَرقٌ، أي أحمق، من خَرِقَ أي حمقَ، وامْرأةٌ خَرْقاءُ. وشُبِّهَ بها الريحُ في تَعَسُّفِ مُرورِها فقيل: رِيحٌ خَرْقاءُ، ورُوِيَ: إنّ الخَرَقُ لم يكن في شيء إلاَّ شانَه(83)، ومعنى الخَرَقِ: الدَّهَشِ، أو التَّحَيُّرِ.
خزن: الخَزْنُ: حِفْظُ الشيءِ في الخزانَةِ، ثم يُعَبَّرُ به عن كُلِّ حِفْظٍ كَحِفْظِ السِّرِّ ونحوهِ. قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} [الحِجر: 21]، {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [المنَافِقون: 7]، وخزائنُ الله تعالى: «غيوبُ عِلْمِهِ لِغُموضِها على الناس واستِتَارِها عنهم» في إشارَةٍ منه إلى قُدْرَتِهِ تعالى على ما يُريدُ إيجادَهُ، أو إلى الحالَةِ التي أشارَ إليها بقولِه عليه وعلى آله الصلاة السلامُ «فَرَغَ رَبُّكُمْ مِنْ خَلْقِ الخَلْقِ والرِّزْقِ والأجَلِ»(84)، وقوله تعالى: {فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} [الحِجر: 22] قيلَ: مَعْناهُ حافِظينَ له بالشُّكر، وقيل هو إشارةٌ إلى ما أنبأَ عنه قولُه: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ} [الواقِعَة: 68-69]. والخَزَنَةُ: جمعُ الخازِنِ {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} [الزُّمَر: 71] في صِفَةِ النارِ وصِفَةِ الجَنَّةِ. وقولُهُ: {وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ} أي مَقْدُوراتُهُ التي مَنَعَها الناسَ، لأنَّ الخَزْنَ ضربٌ مِنَ المَنْعِ، وقيل: جُودُهُ الواسِعُ وقُدْرَتُهُ، وقيل هو قولهُ: {وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ} [هُود: 31] أي مَقْدُوراتُهُ التي مَنَعَها الناسَ، لأنَّ الخَزْنَ ضربٌ مِنَ المَنْعِ، وقيل: جُودُهُ الواسِعُ وقُدْرَتُهُ، وقيل هو قولهُ: {كُنْ}. والخَزْنُ في اللَّحْمِ: أصلهُ الادِّخارُ فكنِّي به عن نَتْنِهِ. يقال: خَزَنَ اللَّحْمُ، إذا أنْتَنَ، وخنَزَ بَتَقَدُّمِ النُّونِ.
خزي: خَزِيَ الرَّجُلُ: لَحِقَهُ انْكسارٌ أَوْ مَهَانَةٌ أو ذلٌّ إمّا مِنْ نَفْسِهِ وإمّا مِنْ غَيْرِهِ. فالذي يَلْحَقُهُ مِن نَفْسِهِ هو الحياءُ المُفْرطُ ومَصْدَرُهُ الخَزايَةُ، ورَجُلٌ خَزْيانُ وامْرَأةٌ خَزْيَا، وجَمْعُهُ خَزَايا. وفي الحدِيثِ: «اسقنا بكأسِهِ غَيْرَ خَزايَا ولا نادِمِينَ»(85)، والذي يَلْحَقُهُ مِنْ غَيْرهِ يقالُ هو نوع مِنَ الاسْتِخْفافِ، ومَصْدَرُهُ الخِزْيُ، {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا} [المَائدة: 33] أي ذلٌّ وهوانٌ، و {إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [النّحل: 27] أي الندامة والعقاب {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزُّمَر: 26] و{لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [فُصّلَت: 16]، {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} [طه: 134]، وأخْزَاه: أهانَهُ، وأَخْزَى اللَّهُ فلاناً: أَذَلَّهُ، مِنَ الخَزايَةِ والخِزْيِ جَمِيعاً، وقولُهُ: {يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [التّحْريم: 8] فهو مِنَ الخِزْيِ أقْرَبُ، وإنْ جازَ أنْ يكونَ منهما جَمِيعاً. وقولُهُ تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} [آل عِمرَان: 192] فَمنَ الخَزايَةِ، ويَجُوزُ أنْ يكونَ مِنَ الخِزْيِ، وكذا قولُهُ: {مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} [هُود: 39]، {وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عِمرَان: 194]، {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحَشر: 5]، {وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي} [هُود: 78]. وعلى نحو ما قُلْنا في خَزي قولُهُمْ: ذَلَّ وهانَ، فإِنّ ذلك مَتى كان مِنَ الإِنْسانِ نَفْسِهِ يُقالُ له الهَوْنُ والذُّلُّ، ويكونُ محموداً. ومَتَى كان مِنْ غيرهِ يُقالُ له: الهُونُ والهَوَانُ والذُّلُّ، ويكونُ مَذْمُوماً.
خسأ: خَسَأَ الكَلْبُ يَخْسَأُ خَسْأً وخُسُوءاً: بَعُدَ وانْزَجَرَ، وخسأَ الرجلُ الكلبَ: أَبعدَهُ وطرَدَهُ مُسْتَهِيناً به. وذلك إذا قُلْتَ له: اخْسأ، قال تعالى في صِفَةِ الكفَّارِ: {اخْسَأُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108] والخاسىءُ هو الصاغِرُ. قال تعالى: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البَقَرَة: 65] ومنه: خَسَأ البَصَرُ، أي انْقَبَضَ عن مَهانَةٍ، قال تعالى: {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [المُلك: 4].
خسر: الخُسْرُ والخُسْرانُ: انْتِقاصُ رَأسِ المَالِ، ويُنْسَبُ ذلك إلى الإِنْسانِ، فَيُقالُ: خَسِرَ فُلانٌ، وإلى الفِعْلِ فيقالُ: خَسِرَتْ تِجارَتُهُ {تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} [النَّازعَات: 12] ويُسْتَعْمَـلُ ذلك في المُقْتَنَياتِ الخارِجَةِ كالمَالِ والجَاهِ في الدُّنْيا وهو الأكثر، وفي المُقْتَنَياتِ النَّفْسِيَّةِ كالصِّحَّةِ والسَّلامَةِ والعَقْلِ والإِيمانِ والثوابِ، وهو الذي جَعَلَهُ اللَّهُ تعالى الخُسْرانَ المُبِينَ وقال: {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الزُّمَر: 15]، {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البَقَرَة: 121]، {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البَقَرَة: 27]، {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المَائدة: 30]، وقوله: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرَّحمن: 9] يَجُـوزُ أنْ يكـونَ إشارَةً إلى تَحَرِّي العَدالَةِ في الوَزْنِ، وتَرْكِ الحَيْـفِ فيمـا يَتَعاطـاهُ في الوَزْنِ، ويَجُوزُ أنْ يكونَ ذلك إشارَةً إلى تَعاطِي ما لا يكونُ به مِيزانُهُ في القِيامَةِ خاسِراً، فيكونُ مِمَّنْ قال فيه: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} [الأعرَاف: 9] وكِلا المَعْنَيَيْنِ يَتَلازَمانِ. وكُلُّ خُسْرانٍ ذَكَرَهُ اللَّهُ تعالى في القُرآنِ فهو على هذا المعنَى الأخِير دُونَ الخُسْرانِ المُتَعَلِّقِ بِالمُقْتَنَياتِ الدُّنْيَويَّةِ والتجاراتِ البَشَريَّةِ، وفي هذا المعنى الشموليّ قال تبارك وتعالى: {وَالْعَصْرِ *إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ *إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العَصر: 1-3]. أما قوله {فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} [هُود: 63] أي ما تزيدونني إلا بصيرة في خسارتكم.
خسف: الخُسُوفُ: لِلقَمَر وهو ذهابُ نورِهِ لتوسّط الأرضِ بينَهُ وبين الشمس، والكُسوفُ: للشمسِ وهو ذَهابُ نورِها لتوسط القمرِ بينها وبين الأرض، وقِيلَ: الكسُوفُ فيهما، إذا زالَ بَعْضُ ضَوْئِهِما. والخُسُوفُ إذا ذَهَبَ كُلُّهُ، ويقالُ: خَسَفَ اللَّهُ تعالى الأرضَ: أساخَها بما عليها. وخَسَفَ الرجلُ في الأرض وخُسِفَ بها: غابَ فيها. وخَسَفَ الرجلُ: هَزُلَ، وَخَسَفَ فلاناً أذلَّهُ {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} [القَصَص: 81]، {لَوْلاَ أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا} [القَصَص: 82] وفي الحديثِ: «إنَّ الشمسَ والقمرَ آيَتانِ مِنْ آياتِ اللَّهِ لا يُخْسَفانِ لموتِ أحَدٍ ولا لحياتِهِ»(86). والخاسِفُ والخَسيفُ: العينُ الغائرة أي: إذا غابَتْ حَدَقَتُها، فَمَنْقُولٌ مِنْ خَسَفَ القمرُ.
والخَسُوفُ والخَسيفُ والمَخْسُوفَةُ: البئرُ التي حُفِرتْ في الصخر. وفي إنكار الكافِرِ ليوم القيامة والبعث أورَدَ القرآنُ من الأمارات على قيام الساعة قولَهُ تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ *وَخَسَفَ الْقَمَرُ *وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [القِيَامَة: 7-9].
خشب: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنَافِقون: 4] شُبِّهُوا بذلك لِقِلَّةِ الحاجة إليهم، وهو جَمْعُ الخَشَبِ، أي ما غلظ من العيدان، يقال «أنعامٌ خَشَبٌ» أي هَزْلَى و «هُمْ خَشَبٌ بالليل» أي لا يتهجَّدُونَ. ومِنْ لفْظِ الخَشَبِ قِيلَ أيضاً: وتَخَشَّبَتِ الإِبلُ: أكَلَتِ اليَبيسَ من المرعى. وجَبْهَةٌ خَشْباء: يابِسَةٌ كالخَشَبِ، ويُعَبَّرُ بها عَمَّنْ لا يَسْتَحِي، وذلك كما يُشَبَّهُ بالصَّخْر في نحو قولِ الشاعِر:
والصَّخْرُ هَشٌّ عنْدَ وجهِكَ في الصَّلابَة
والمَخْشُوبُ: المخلوطُ في نَسَبِهِ؛ الذي لم يُحكمْ عملَهُ.
خشع: الخُشوعُ: الضَّراعَةُ، وأكثرُ ما يُسْتَعْمَلُ الخُشوعُ فيما يُوجَدُ على الجَوَارِحِ، والضَّراعَةُ أكثرُ ما تُسْتَعْمَلُ فيما يُوجَدُ في القلبِ، ولذلك قِيلَ فيما رُوِيَ: إذا ضَرَعَ القلبُ خَشَعَتِ الجَوَارِحُ.. {وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسرَاء: 109]، {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2]، {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبيَاء: 90]، {وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَانِ} [طه: 108]: سكنت وخضعت، {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} [القَلَم: 43]، {أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ} [النَّازعَات: 9] كِنايَةٌ عنها، وتنبيه على تَزَعْزُعِها، كقولِهِ: {إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا} [الواقِعَة: 4] و {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزّلزَلة: 1]، {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا} [الطُّور: 9].
خشي: الخَشْيَةُ: خَوْفٌ يَشُوبُهُ تعظِيمٌ، وأكثرُ ما يكونُ ذلك عن عِلْمٍ بِما يُخْشـَى منـه، ولذلـك خُصَّ العلمـاءُ بها فـي قولـه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فَاطِر: 28]، وقال: {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى *وَهُوَ يَخْشَى} [عَبَسَ: 8-9]، {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ} [ق: 33]، {وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤُمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْرًا} [الكهف: 80]، {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشُوْنِي} [البَقَرَة: 150]، {يَخشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} [النِّسَاء: 77]، {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ} [الأحزَاب: 39]، {وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ} [الأحزَاب: 39]، {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ} [النِّسَاء: 9].. الآيةَ، أي ليَسْتَشْعِرُوا خَوْفاً مِنْ مَعَرَّتِهِ. وقال تعالى {وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} [الإسرَاء: 31] أي: لا تَقْتُلُوهُمْ مَخافَةِ أنْ يلْحَقَهُمْ إمْلاقٌ. {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ} [ق: 33] أي من خافَ خَوْفاً اقتضاهُ مَعْرفَتُهُ بذلك مِنْ نَفْسِهِ.
خـص: التَّخْصِيصُ والاخْتِصاصُ والخصوصيَّةُ والتخصُّصُ: تَفَرُّدُ بَعْضِ الشيءِ بِما لا يُشارِكُهُ فيه الجُملَةُ، وذلك خِلافُ العُمُومِ والتَّعَمُّمِ والتَّعْمِيمِ. وخُصَّـانُ الرَّجُلِ: مَنْ يَخْتَصُّهُ بِضَرْبٍ مِنَ الكرامَةِ. والخاصَّةُ: ضِدُّ العامَّةِ والتاءُ ليست للتأنيث بل للنقل من الوصفيّة إلى الاسميّة. {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَآصَّةً} [الأنفَال: 25] أي بل تَعُمُّكُمْ. وقد خَصَّهُ بكذا، يَخُصُّـهُ، آثَـرَهُ على غيـرِهِ وأفردَهُ به، واخْتَصَّ بالشيء بمعنى خصَّ، ومنه اختصَّ فلانـاً بالـودّ: فضَّلَهُ بِهِ على غيرِهِ. قال: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [البَقَرَة: 105]. وخَصاصُ البيتِ: فُرَجُهُ، وعُبِّرَ عن الفقر الذي لم يُسَدَّ بالخَصاصَةِ، كما عُبِّرَ عنه بالخَلَّةِ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحَشر: 9] أي فقرٌ وحَاجَة، وإنْ شِئْتَ قُلْتَ مِنَ الخَصاصِ. والخُصّ: بَيْتٌ مِنْ قَصَبٍ أو شَجَرٍ، سمي بذلكَ لما يُرَى فيه مِنَ الخَصاص وهي التفاريجُ الضيِّقة.
خصف: الخَصْفُ: الجمعُ والضّمُّ؛ {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعرَاف: 22] أيْ أخَذَا يَجمعانِ ويضمَّان ورقةً إلى ورقةٍ ليستُرا سَوْءاتِهِمَا. وخَصَفْتُ النَّعْلَ بالمِخْصَفِ أَيْ جمعته؛ والمِخْصَفُ: مَخْرَزُ الإسكاف، ورُوِيَ: كان النبيُّ (ص) يَخْصِفُ نَعْلَهُ(87).
خصم: خَصَمَهُ يَخْصِمُهُ خَصْماً: غلبَهُ في الخصومة؛ وخاصَمْتُهُ مخاصمةً وخِصاماً: جادلتُهُ ونازعتُهُ. {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البَقَرَة: 204]، {وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزّخرُف: 18]. ثم سُمِّي المُخاصِمُ خَصْماً، ج خصوم وخِصام كبحر وبحار. وأصلُ المُخاصَمَةِ أنْ يَتَعَلَّق كُلُّ واحِدٍ بِخُصْمِ الآخر، أي جانِبِهِ، وأنْ يجذِبَ كُلُّ واحِدٍ أُخْصومَ الجَوَالِقِ مِنْ جانِبٍ. (والجوَالق: جمع الجُولاق أي عِدل كبير من صوف أو شعر) وروِيَ: نَسِيتُهُ في خُصْمِ فراشي. وقولهُ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحَجّ: 19] أي فَريقانِ، ولذلك قال: اخْتَصَمُوا أي تجادلوا وتنازعوا. وقال: {لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} [ق: 28] وقال: {وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ} [الشُّعَرَاء: 96]. والخَصِيمُ: الكَثِيرُ المُخاصَمَةِ {خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [النّحل: 4]. والخَصِمُ: المُخْتَصُّ بالخُصُومَةِ أي المجادل. {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزّخرُف: 58] أي جَدِلونَ في دَفْعِ الحق بالباطل، {وَلاَ تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النِّسَاء: 105]، َيْ لا تُبادرْ بالخِصامِ والدِّفاعِ عَنْ خَصْمٍ إلاَّ بعد أنْ يتبيّنَ وجهُ الحقِّ الذي يختلِفانِ فيه. {مَا يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} [يس: 49] أي وهم يخاصمون في أمورهم ويتجادلون في مصالحهم ويتنازعون في شؤون دينهم ودنياهم.
خضد: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} [الواقِعَة: 28] أي مَكْسُورِ الشَّوْكِ. يقال: خَضَدْتُهُ فانْخَضَدَ أي قطعته فانقطع، ويقال: هو مَخْضُودٌ وخَضِيدٌ. ويقال للعشب المخضرّ: خضده، وللعشب اليابس: حصده؛ وخَضَّدَهُ: قطَّعَهُ؛ وتَخضَّدَ العودُ: تكسَّر.
خضر: {فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحَجّ: 63] أي الأرضُ الكثيرةُ الخُضْرَةُ؛ وخَضِرَ الشيءُ خَضَراً: صار أَخْضَر، وباعَهُ الثمارَ خُضْراً أي قبل ظهور صلاحها، وسمِّيَتِ الخُضْرَةُ بالدُّهْمَةِ في قوله سُبْحانَهُ: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ *فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ *مُدْهَآمَّتَانِ} [الرَّحمن: 62-64] أي جنَّتانِ خَضْراوانِ إلى حدِّ السَّوادِ لِشدَّةِ الإخْضِرارِ. وقوله عليه وعلى آله الصلاة والسلام: «إيَّاكُمْ وخَضْراءَ الدِّمَنِ»(88) فقد بَيَّنهُ (ص) حيثُ قال: المرأةُ الحَسْناءُ في مَنْبَتِ السُّوءِ. والمُخاضَرةُ: المُبايَعَةُ على الخُضَر والثمارِ قبلَ بُلُوغِها. والخَضِيرَةُ: نَخْلَةٌ ينْتَثِرُ بُسْرُها وهو أخَضْرَ.
خضع: {فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزَاب: 32] أي فلا تُرَقِّقْنَ الكلام ولا تلنّ القول للرجال ولا تُخاطبْنَ الأجانب مخاطبةً تؤدِّي إلى طمعهم.
خط: خطَّ بالقلم وغيره يَخُطُّ خطّاً: صوَّرَ اللفظَ بحروف هجائية، و«فلان يخطُّ في الأرض» أي يفكر في أمرِهِ ويُدَبِّرُهُ، والخَطُّ: كالمَدِّ، ويقالُ للشيء الذي له طول، والخُطُوطُ أنْواعٌ فِيما يَذْكُرُه أهلُ الهَنْدَسَةِ مِنْ مَسْطوحٍ ومُسْتَدِيرٍ ومُقَوَّسٍ، ومُمالٍ. ويُعَبَّرُ عن كُلِّ أرضٍ فيها طُولٌ بالخَطِّ كَخَطِّ اليَمَنِ، ومنه الخَطِّيّ أي الرمحُ المنسوبُ إلى الخطّ وهو مرفأُ البحرين. وكلُّ مكانٍ يَخُطُّهُ الإِنسانُ لِنفسِهِ ويحْفُرُهُ يُقالُ له: خَطٌّ وخِطَّةٌ. والخَطِيطَةُ: أرضٌ لم يُصِبْها مطرٌ بَيْنَ أرْضَيْنِ مَمْطُورَتَيْنِ، كالخَطِّ المُنْحَرفِ عنه، والخُطَّة: الحجة، يقال «جاء فلانٌ وفي رأسه خُطَّة» إذا جاء وفي نفسه حاجة قد عَزَمَ عليها، ويُعَبَّرُ عنِ الكِتابَةِ بالخَطِّ {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العَنكبوت: 48].
خطأ: الخطأ: العدول عن الجِهةِ الصوابِ، وذلك أنواع: أحدُها أَنْ يُريدَ غيرَ ما تَحْسُنُ إِرادتُهُ فَيَفْعَلَهُ، وهذا هو الخطأُ التامُّ المأخوذُ بهِ الإنسانُ، يُقال: خَطىءَ يَخْطَأُ خِطْئاً وِخِطْأَةً، وَأَخْطَأَ إِخْطَاءً بمعنى خَطِىءَ، والفرق بينهما أنَّ خَطِىءَ: تعمَّدَ الذنْبَ، وأَخْطَأَ: أصاب الذنبَ على غيرِ عَمْدٍ {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْأً كَبِيرًا} [الإسرَاء: 31] و {وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يُوسُف: 91]. والثانِي أنْ يُريدَ ما يَحْسُنُ فِعْلُهُ، ولكِنْ يَقَعُ منه خِلافُ ما يُرِيدُ، فَيُقالُ: أخطأَ إخْطاءً فهو مُخْطىءٌ، وهذا قد أصابَ في الإِرادَةِ وأخْطَأَ في الفِعْلِ، وهذا المَعْنيُّ بِقولِهِ عليه وعلى آله الصلاةُ والسلامُ: «رُفِعَ عن أمَّتِي الخَطَأ والنِّسْيانُ»(89) وبِقولِهِ: «مَنِ اجْتَهَدَ فأخْطَأَ فله أجْرٌ»(90)، قال تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النِّسَاء: 92]. والثالِثُ أنْ يُريدَ ما لا يحْسُنُ فِعْلُهُ، ويَتَّفِقَ منه خِلافُهُ، فهذا مُخْطىءٌ في الإِرادَةِ ومُصِيبٌ في الفِعْلِ، فهو مَذْمُومٌ بِقَصْدِهِ، وغيرُ مَحْمُودٍ على فعْلِهِ، وهذا المَعْنَى هو الذي أرادَهُ الشاعر في قولِهِ:
أَرادَتْ مَسَاءاتي فأجْرَتْ مَسَرَّتي وقد يُحْسِنُ الإِنْسانُ مِنْ حيثُ لا يَدْرِي
وخلاصة الأمْر أنّ مَنْ أرادَ شيئاً فاتَّفَقَ منه غيرُهُ، يقال: أخْطَأ، وإنْ وقَعَ منه كما أرادَهُ يقالُ: أصابَ. وقد يقالُ لِمَنْ فَعَلَ فِعْلاً لا يَحْسُنُ، أوْ أراد إرادَةً لا تَجْمُلُ: إنه أخْطَأ، ولهذا يقالُ: أصابَ الخَطَأُ، وأخْطَأَ الصَّوابُ، وأصابَ الصَّوابُ، وأخْطَأَ الخَطَأُ، وهذه اللَّفْظَةُ مُشْتَرَكَةٌ كما تَرَى مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ مَعانٍ ينبغي لِمَنْ يَتَحَرَّى الحقائِقَ أنْ يَتَأمَّلَها. قال تعالى: {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} [البَقَرَة: 81] والخطيئة والسيئة يتقاربان، لكن الخَطيئَةُ أكْثَرُ ما تقالُ فيما لا يكونُ مَقْصوداً إليهِ في نَفْسِهِ، بل يكونُ القَصْدُ سَبَباً لتَوَلُّدِ ذلك الفِعْلِ منه، كَمَنْ رمى صيداً فأصابَ إنْساناً، أوْ شَرِبَ مُسْكِراً فَجَنَى جِنايَةً في سُكْرهِ، والسببُ سَبَبانِ، سَبَبٌ مَحْظُورٌ فِعْلُهُ كَشُرْبِ المُسْكِر وما يَتَوَلَّدُ عنه مِنَ الخَطَأ غيرُ مُتَجافٍ عنه، وسببٌ غيرُ مَحْظُورٍ، كَرَمْيِ الصَّيْدِ {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزَاب: 5] و {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا} [النِّسَاء: 112] فالخَطِيئَـةُ ههنـا هي التي لا تكونُ عن قَصْدٍ إلى فِعْلِهِ، قال تعالى {وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً * مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ} [نُوح: 24-25]، {إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا} [الشُّعَرَاء: 51]، {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العَنكبوت: 12]، {وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ} [العَنكبوت: 12] و{وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشُّعَرَاء: 82] والجمعُ الخَطِيئاتُ والخَطايَا من الخطيئة؛ وقوله تعالى: {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} [البَقَرَة: 58] فهي المَقْصُودُ إليْها. والخاطِىءُ هو القاصِدُ للذَّنْبِ، وعلى ذلك قولُهُ: {وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ *لاَ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِئُونَ} [الحَاقَّة: 36-37]. وقد يُسَمَّى الذَّنْبُ خاطِئَةً كما في قوله تعالى: {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ} [الحَاقَّة: 9] أي الذَّنْبِ العظيمِ، وذلك نحو قولِهِمْ: شِعْرٌ شاعِرٌ، فأمّا ما لَمْ يكنْ مَقْصُوداً، فَقَدْ ذَكَرَ عليه وعلى آله الصلاةُ والسَّلامُ أنه مُتَجافٍ عنه.
خطب: الخَطْبُ والمُخاطَبَةُ والتخاطُبُ: المُرَاجَعَةُ في الكلامِ، ومنه الخُطْبَةُ والخِطْبَةَ، لكِنِ الخُطْبَةُ تَخْتَصُّ بالمَوْعِظَةِ، وبما يُخطَبُ به من الكلام؛ والخِطْبَةُ بِطَلَبِ المرأةِ للزواج {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البَقَرَة: 235]: وأصلُ الخِطْبَةِ الحالةُ التي عليها الإِنسانُ إذا خَطَبَ، نحوُ الجِلْسَةِ والقِعْدَةِ. ويقالُ مِنَ الخُطْبَةِ: خاطِبٌ وخَطِيبٌ، ومِنَ الخِطْبَةِ خاطِبٌ لا غيرُ. والفِعْلُ منهما خَطَبَ. والخَطْبُ: الأمْرُ العظيمُ الذي يكثُرُ فيه التخاطُبُ {فَمَا خَطْبُك ياسَامِرِيُّ} [طه: 95]، {فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ} [الحِجر: 57]. وفَصْلُ الخِطابِ: ما يَنْفَصِلُ به الأمْرُ مِنَ الخِطابِ.
خطف: الخَطْفُ والاخْتِطافُ: الاخْتِلاسُ بِسُرْعَةِ. يقالُ خَطِفَ يَخْطَفُ وخَطِفَهُ خَطْفاً: اسْتَلَبَهُ بسرعة، وخَطِفَ البرقُ البصَرَ: ذَهَبَ به. وخَطَفَ البعيرُ يَخْطِفُ خَطْفاً: مشى سريعاً، قال: {إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} [الصَّافات: 10] وذلك وَصْفٌ لِلشياطِيـنِ المُسْتَرقَةِ لِلسَّمْعِ. قال تعالى: {فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ} [الحَجّ: 31]، {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} [البَقَرَة: 20]، وقال: {وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العَنكبوت: 67] أي يُقْتَلُونَ ويُسْلَبُونَ. والخُطَّافُ: للطائِر الذي كأنه يَخْطَفُ شَيْئاً في طَيَرانِهِ، ولِمَا يُخْرَجُ به الدَّلْو، كأنه يَخْتَطِفُهُ، وجَمْعُهُ خَطاطِيفُ، وللحديدَةِ التي تَدُورُ عليها البَكَرَةُ، وبازٍ مُخْطِفٌ: يَخْتَطِفُ ما يَصِيدُهُ. والخَطِيفُ: السريعُ المشي.
خطو: خَطا يَخْطو خَطْواً: فَتَحَ ما بين قَدَمَيْهِ في المَشْيِ. والخُطْوَةُ: ما بَيْنَ القَدَمَيْنِ، والجمع: خُطُوَات، قوله تعالى: {وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البَقَرَة: 168]، أي لا تَتَّبِعُوهُ، وذلك نحوُ قولِهِ: {وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى} [ص: 26].
خف: الخَفِيفُ: بِإزاءِ الثَّقِيلِ. ويقالُ ذلك باعتبارِ المُضايفَةِ بالوَزْنِ، وقِياسِ شَيْئَينِ أحَدِهِما بالآخَرِ، نحوُ دِرْهَمٌ خَفِيفٌ ودِرْهَمٌ ثَقِيلٌ؛ والثَّانِي يُقالُ باعتبار مُضايَفَةِ الزَّمانِ، نحوُ فرسٌ خَفِيفٌ وفَرَسٌ ثَقيلٌ إذا عَدَا أحَدُهُما أكثَرَ مِنَ الآخَرِ في زَمانٍ واحِدٍ؛ الثالثُ: يُقالُ خَفِيفٌ فيما يَسْتَحْلِيهِ الناسُ، وثقيلٌ فيما يَسْتَوْخِمُونَهُ. فيكونُ الخفيفُ مَدْحاً، والثَّقيلُ ذَمّاً، ومنه قولُهُ تعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفَال: 66]، {فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ} [البَقَرَة: 86] وأرَى أنّ مِنْ هذا قولَهُ: {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا} [الأعرَاف: 189]. الرابِعُ: يُقالُ خفِيفٌ فِيمَنْ يَطِيشُ، وثقيلٌ فيمن فيه وقَارٌ، فيكونُ الخَفيفُ ذَمّاً والثقيلُ مَدْحاً. الخامِسُ: يقالُ خفِيفٌ في الأجسامِ التي مِنْ شَأنِها أنْ تَرْجَح إلى أسْفَلَ كالأرضِ والماءِ، يُقالُ خَفَّ يَخِفُّ خَفّاً وخِفَّةً، وخَفَّفَهُ تَخْفيفاً: ضدَّ ثَقَّلَهُ ومنه خفَّفَ الحرف: ضد شدَّدَهُ، والخفيف: ضد الثقيـل، يقـال: «خفيـفُ ذات اليد»: فقير، و «خفيف الروح»: لطيف، و«خفيف اليد»: سريع في العمل. وتَخَفَّفَ خُفّاً: لبِسَهُ. واسْتَخَفَّهُ: اسْتَجْهَلَهُ أو حَمَلَهُ على الجهل والخِفَّةِ {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} [الزّخرُف: 54] أي حَمَلَهُمْ أنْ يَخِفُّوا معـه، أو وَجَدهُمْ خِفافاً في أبْدانِهِمْ وعَزائِمِهِمْ، وقيلَ: معناهُ وجَدَهُمْ طائِشِينَ، وقولُهُ تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} [الأعرَاف: 9] فإشارَةٌ إلى كَثْرَةِ الأعْمالِ الصَّالِحَةِ أو قِلَّتِها، {وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ} [الرُّوم: 60] أي لا يُزْعِجَنَّكَ ويُزِيلَنَّكَ عن اعْتَقادِكَ الذين لا يؤمنون بالبعث بما يُوقِعُونَ مِنَ الشُّبَهِ؛ وخَفُّوا عن مَنازِلِهِم: ارْتَحَلُوا منها مسرعين. والخُفُّ: واحِدُ الخِفَافِ التي تلبُس في الرِّجْلِ وسُميَ به لِخِفَّتِهِ.
خفت: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ} [طه: 103]، {وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [الإسرَاء: 110]. المُخَافَتَةُ والخَفْتُ: إسْرارُ المَنْطِقِ، قال: وشَتَّانَ بَيْن الجَهْر والمَنْطِقِ الخَفْتِ.
خفض: الخَفْضُ: ضدُّ الرَّفْعِ. والخَفْضُ: الدَّعَةُ، والسَّيْرُ اللّيِّنُ {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ} [الإسرَاء: 24] فهو حَثٌّ على تَلْيِينِ الجانِبِ والانْقيادِ، كأنه ضِدُّ قولِهِ: {أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ} [النَّمل: 31]، وفي صِفَةِ القيامةِ {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} [الواقِعَة: 3] أي تَضَعُ قوماً وتَرْفَعُ آخَرينَ. فَخَافِضَةٌ: إشارَةٌ إلى قولِهِ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التِّين: 5].
خفي: خَفيَ الأمرُ خُفْيةً: اسْتَتَرَ. {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعرَاف: 55]. والخِفاءُ: ما يُسْتَرُ به كالغِطَاءِ. وخَفَيْتَهُ: أزَلْتَ خَفاهُ، وذلك إذا أظْهَرْتَهُ، من خَفَى يَخْفي خَفْياً، وأَخْفَى الشيءَ: أَزالَ خَفَاءَهُ أَيضاً، وذلك إذا سَتَرَهُ، يقال «أخْفِ عَنّي خَبَرَكَ» أي: استُرِ الخبرَ لِمَنْ سأَلَكَ عَنّي. ويُقابَلُ به الإبْدَاءُ والإعْلانُ {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البَقَرَة: 271] و {وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ} [المُمتَحنَة: 1]، {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ} [الأنعَام: 28]. والاسْتِخْفـاءُ: طَلَـبُ الخَفَـاءِ، ج أخفية و «أخفية الكرى»: العيون. ومنه قولهُ تعالى: {أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ} [هُود: 5]، وقوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ} [النِّسَاء: 108] أي يتكتمون عن الناس ويستترون عنهم بمعاصيهم، ولا يستخفون من الله السميع العليم فيما يقولون أو يفعلون، وقيل يسْتَخفون أي يَسْتَحوْن من الناس ولا يَسْتَحُون من الله تعالى العلي العظيم. والخَافيةُ: الشيءُ الخفيُّ؛ والمختفي: نَبَّاشُ القبور لأنه يستخرج الأكفانَ خِفْيةً، وسُئِلَ الحريري: «ما يجب على المُختفي في الشرع؟ قال: القَطْعِ لإِقامة الرَّدْع».
خل: الخَلَلُ: فُرْجَةٌ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وجَمْعُهُ خِلالٌ، كَخَلَلِ الدَّارِ والسَّحابِ والرَّمادِ وغيرها. قال تعالى في صِفَةِ السحابِ {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ} [النُّور: 43]، {فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ} [الإسرَاء: 5]. قال الشاعِرُ:
أرَى خَلَلَ الرَّمادِ ومِيضَ جَمْر
{لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ} [التّوبَة: 47] أي سَعَوْا وسَطَكُمْ بالنَّمِيمَةِ والفَسادِ، وفي الحدِيثِ: «خَلِّلُوا أصابِعكُم»(91). والخَلَلُ في الأمْر: كالوهْنِ فيه، تشبِيهاً بالفُرْجَةِ الواقِعَةِ بينَ الشَّيْئَيْنِ. والخَلَّةُ: الطَّريقُ في الرملِ، لتَخَلُّلِ الوُعُورَةِ أي الصعوبَةِ إيَّاهُ، أو لكوْنِ الطَّريقِ متخلّلاً وسَطهُ، والخَلَّةُ أيْضاً: الطائفةُ من الخَلِّ وهو ما حمضَ من عصير العنب وغيره، لتَخَلُّلِ الحُموضَةِ إيَّاها. والخِلَّةُ المصادقة. والخَلَّةُ: الاخْتِلالُ العارِضُ للنَّفْسِ إمّا لشَهْوَتِها لشيءٍ، أوْ لحاجَتِها إليه. ولِهذا فُسّرَتْ الخَلَّةُ بِالحاجَةِ والخَصْلَةِ. والخُلَّةُ: المودَّةُ إمّا لأنَّها تَتخلَّلُ النَّفْسَ أي تتوسَّطُها، وإمّا لأنَّها تُخِلُّ النَّفْسَ، فَتُؤَثِّرُ فيها تأثِيرَ السَّهْمِ في الرَّميَّة، وإمّا لفَرْطِ الحاجَةِ إليها، وكلها من المحبة والصداقة التي لا خَلَلَ فيها، وجمعُها: خِلالُ. والخليلُ: الصديقُ المختصُّ، ج أَخِلاَّء، قال تعالى {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} [الزّخرُف: 67] ومعناه: إنَّ الّذين تخالُّوا، وتواصلُوا في الحياةِ الدّنيا على معصيةِ الله يكونُ بعضُهم أَعداءً لبعضٍ يومَ القيامة. وقوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النِّسَاء: 125] لافْتِقارِه إلى ربِّهِ؛ كما دعَا موسى (ع) ربَّه بقولِهِ: {إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القَصَص: 24]، وعلى هذا الوجْهِ قيل: اللَّهُمَّ أغْنِني بالافتقارِ إليكَ، ولا تُفْقِرْني بالاسْتغْناءِ عنكَ. قيل: ومَنْ قاسَهُ بالحَبيبِ فقد أخْطَأ، لأنّ الله يَجوزُ أنْ يُحِبَّ عبدَهُ، فإنّ المحبَّةَ مِنه الثناءُ على عبده، وقال الشاعر يخاطب بعض الأخلاّء:
قد تَخَلّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوحِ منِّي وبهِ سُمِّي الخَليلُ خَليلا
ولهذا يقالُ: تمازَجَ رُوحانا. والمحبَّةُ: البلوغُ بالودِّ إلى حبَّةِ القلبِ منْ قولِهِمْ حَبَبْتُهُ، إذا أصبْتَ حَبَّةَ قلبِهِ، لكنْ إذا اسْتُعملَتِ المحَبَّةُ في اللَّهِ، فالمُرادُ بِها مُجرَّدُ الإحْسانِ، وكذا الخُلَّةُ، فإنْ جازَ في أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ جاز في الآخَر. فأمّا أنْ يُرادَ بالحُبِّ حَبَّةُ القَلْبِ والخُلَّةِ التَّخلُّلُ فحاشا له سُبْحانَهُ أنْ يُرادَ فيهِ ذلك. وقولهُ تعالى: {لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ} [البَقَرَة: 254] أي لا يمكنُ في القيامَةِ ابْتِياعُ حَسَنَةٍ، ولا اسْتجْلابُها بِمودّةٍ، وذلك إشارَةٌ إلى قولِهِ سبحانه: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} [النّجْم: 39]، وقوله: {لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ} [إبراهيم: 31] فقد قيلَ: هو مصدَرٌ من خالَلْتُ. والاسم: الخلولة والخِلالة والخليل بلفظ واحد، ج خِلالٌ وأَخْلالٌ وخُلاَّنٌ، وَالمعنَى كالأوَّل.
خلد: الخُلُودُ هُوَ تَبَرِّي الشيءِ مِن اعتراضِ الفَسَادِ، وبقاؤهُ على الحَالةِ التي هو عليها، وكلُّ ما يَتَباطأُ عنه التغييرُ والفسادُ تَصِفُهُ العَربُ بالخُلُودِ. كقولهِمْ للأثَافِي خَوَالد، وذلك لطولِ مُكْثِها لا لدَوَامِ بقائِها. يقالُ: خَلَدَ يَخلُدُ خُلوداً أي دامَ وبقيَ {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشُّعَرَاء: 129]. والْخَلْدُ اسْمٌ للجُزْءِ الذي يَبْقَى مِنَ الإنسانِ على حالتِهِ فلا يَستحيلُ ما دَامَ الإنسانُ حيّاً استحالةَ سائر أجزَائِهِ، وأصلُ المُخَلَّدِ الذي يَبْقَى مدةً طويلةً، ومنهُ قيلَ: رَجُلٌ مخلَّدٌ لِمَنْ أبطأَ عنهُ الشيبُ، ثم استعيرَ للمُبْقى دائماً، والخلودُ في الجنَّةِ: بقَاءُ الأشياءِ على الحَالَةِ التِي عليها مِنْ غيْر اعتراضِ الفَسادِ عليها {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأعرَاف: 42]، {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البَقَرَة: 39]، {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النِّسَاء: 93]، وقولُهُ تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} [الواقِعَة: 17] قيلَ مُبْقَوْنَ على حالَتِهِمْ لا يَعتَرِيهمُ استحالةٌ. وقيلَ: مُقَرَّطونَ بخَلَدَةٍ، والخَلَدَةُ: نوع مِنَ القُرْطَةِ. وإخلادُ الشيءِ جعْلُهُ مُبْقًى، والحكم عليه بكونِهِ مُبْقًى. وعلى هَذا قولهُ سُبحانَهُ: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ} [الأعرَاف: 176] أي رَكَنَ إليهَا ظانّاً أنه يَخْلُدُ فيها.
خلص: الخالِصُ: كالصافي، إلا أنّ الخالِصَ هوَ ما زال عنه شَوْبُهُ بعدَ أنْ كانَ فيهِ، والصَّافي قدْ يقالُ لما لا شَوْبَ فيهِ. ويُقَالُ: خَلَّصَ الشيء: صفَّاهُ وميَّزَهُ عن غيرِهِ. {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا} [الأنعَام: 139] أي محضٌ لذكورنا ويقَالُ: هذا خالصٌ وخالِصةٌ، نحو دَاهِيَةٍ وراويةٍ. وقولُهُ تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} [يُوسُف: 80] أي انفَردُوا خالِصِينَ عَنْ غيْرهِم. وقولُهُ: {قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} [البَقَرَة: 139]، فإخلاصُ المسلِمينَ أنَّهُمْ قد تَبَرَّأُوا مما يَدَّعِيهِ اليَهود مِنَ التشبِيـه والنصَـارَى مِنَ التثليثِ كما يدلُّ عليه قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [الأعرَاف: 29] و {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} [المَائدة: 73] و {وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} [النِّسَاء: 146]. وأخلَصَ الله تعالى فلاناً: جعَله مختاراً خالصاً من الدنس، ومنه الإخلاص لله تبارك وتعالى من قبل الأنبياء والمرسلين. قال تعالى: {إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا} [مَريَم: 51] وقال ربُّ العالَمينَ: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يُوسُف: 24] فحقيقَةُ الإِخْلاصِ التبرِّي عن كلِّ مَا دُونَ اللَّهِ تعالى.
خلط: الخَلْطُ هو الجمعُ بينَ أجزاءِ الشيْئينِ فصَاعِداً سواءٌ أكانا مائعَيْنِ أم جامِدَيْنِ أم أحدُهُما مائعاً والآخَرُ جامداً، وهُوَ أعمُّ مِنَ المَزْج. ويُقالُ: اختلطَ الشيءُ: {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ} [الكهف: 45]، ويقالُ: للصَّدِيقِ والمُجاوِرِ والشَّريك: خَلِيطٌ، ومن الحديث: «الشريكُ أَوْلى من الخَلِيطِ والخليطُ أَوْلى مِنَ الجارِ»(92)، والخَليطَان في الفِقْهِ مِنْ ذلك {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [ص: 24] ويُقالُ: الخليطُ للواحدِ والجمعِ. قال الشاعِرُ:
بانَ الخليطُ ولم يَأْوُوُا لمن تَركُوا
وقالَ تعالى: {خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التّوبَة: 102] أي يَتَعاطَوْنَ هذَا مَرَّةً وذاكَ مرَّةً، ويقالُ: أخلَطَ فلانٌ في كلامِهِ، إذَا صَارَ ذَا تَخْليطٍ فيه. وأخْلَطَ الفرسُ في جَرْيِهِ: كَنَايةٌ عنْ تقصيرهِ فيه.
خلع: الخَلْعُ: مِنْ مِثْلِ خَلْعِ الإِنْسانِ ثوبَهُ، أي نَزْعُهُ على مَهْلٍ {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [طه: 12] قِيلَ: هُوَ على الظاهِرِ وأمرَهُ بخلعِ ذلك عَنْ رجْلِهِ؛ وإذا قيلَ: خَلَعَ فلانٌ على فلانٍ، فَمَعْناهُ: أعطاهُ ثوباً أي منحه إياه، واستُفيدَ معنَى العَطَاءِ مِنْ هَذِهِ اللفظةِ بأن وُصِلَ به بـ (على) لا بمجرَّدِ الخَلْعِ. والخَلْعُ أيضاً فَسخُ عقدِ الزواج بعِوضٍ أو بغيرِ عِوَض، وتخالَعَ الزوجان: خَلَعَ أحدُهما الآخر فكل منهما خالِعٌ.
خلف: الخَلْفُ: نقيضُ قدّام، يكونُ ظَرْفاً، ويكونُ اسْماً للجهةِ الخَلْفِيَّةِ؛ والخلف: القرنُ بعد القرن، قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} [البَقَرَة: 255] و{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} [الرّعد: 11] و{فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يُونس: 92]. وخَلَفَ: ضِدُّ تقدَّمَ وسَلَفَ. والمتأخِّرُ لقصُورِ منزلِتهِ، يُقَالُ لهُ: خَلْفٌ، ولهذا قيلَ: الخَلْفُ الرديءُ، والمتأخِّرُ لا لقُصُورِ منزلتهِ يُقالُ له: خَلْفٌ. {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} [الأعرَاف: 169] والخَلْفُ: الرديءُ من القول، وفي المثل: «سكَتَ ألْفاً ونَطَقَ خَلْفاً»، أي رديئاً مِنَ الكَلامِ بعد الكفّ عنه زماناً طويلاً. وتَخلَّفَ فلانٌ عن فلانٍ، إذا تأَخَّرَ عنهُ، ومصدرُهُ الخِلافَةُ. وخَلَفَ. خَلافَةً بفتحِ الخَاءِ: إذا قامَ مقامَهُ. والخالِفُ: الأحمق. ويُعَبَّرُ عن الرديءِ بِـخَلْفٍ، نحوُ {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ} [مَريَم: 59]، ويقالُ لمنْ خَلَفَ آخَرَ فسَدَّ مسَدَّهُ: خَلَفَ. والخِلْفةُ: من الاختلافِ أي التردّد، أي أنْ يَخلُفَ كلُّ واحدٍ الآخَرَ {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفُرقان: 62]. وقيلَ: أمرُهُمْ خِلْفَةٌ، أي يأتِي بعْضُهُ خَلْفَ بعضٍ. قال الشاعر:
بها العِينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً
وخَلَفَ فلانٌ فلاناً: قَامَ بالأمر عنهُ إمَّا معَهُ وإمَّا بَعدَهُ {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلاَئِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ} [الزّخرُف: 60]. والخِلافةُ: النّيابَةُ عن الغَير إمَّا لغَيْبَةِ المَنُوبِ عنهُ، وإمَّا لموتِهِ، وإمَّا لعجزهِ، وإمّا لتشريفِ المُسْتَخلَفِ، وعلى هَذَا الوجهِ الأخِير: استخلَفَ اللَّهُ أولياءَهُ في الأرضِ {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ} [فَاطِر: 39]، {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ} [الأنعَام: 165]، وقـالَ: {وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [هُود: 57] والخلائفُ: جمعُ خليفَةٍ. وخُلَفَاءُ: جمعُ خَليفٍ {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ} [ص: 26]، {وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ} [يُونس: 73]، {إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} [الأعرَاف: 69]. والاختـلافُ والمخالفَـةُ: أنْ يأخُـذَ كلُّ واحدٍ طريقاً غيرَ طريقِ الآخَر في حالِهِ أو قولِهِ. والخِلافُ أعمُّ مِنَ الضِّدِّ، لأنَّ كلَّ ضِدَّيْنِ مُخْتَلِفَانِ، وليسَ كلُّ مُخْتلفيْنِ ضِدَّينِ. ولَمَّا كانَ الاختلافُ بينَ الناسِ في القَوْلِ قدْ يقتَضِي التنازُعَ استُعِيرَ ذَلكَ للمنَازَعَةِ والمجَادَلةِ. قال: {فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ} [مَريَم: 37]، و {وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هُود: 118]، {وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الرُّوم: 22]، {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ *عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ *الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} [النّبَإِ: 1-3]، {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} [الذّاريَات: 8] وقال: {مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} [النّحل: 13] وقال: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عِمرَان: 105] وقال: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} [البَقَرَة: 213]، {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا} [يُونس: 19]، {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ} [يُونس: 93]، {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [يُونس: 93]. وقال في القيامة: {وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [النّحل: 92] وقال: {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ} [النّحل: 39]، وقولُهُ تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ} [البَقَرَة: 176] قيلَ معناه: خَلَفُوا نحوُ، كَسَبَ واكتَسَبَ. وقيل: أتَوْا فيهِ بشيءٍ خِلافَ ما أنزَلَ اللَّهُ، وقولُهُ تعالى: {لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} [الأنفَال: 42] فمِنَ الخِلاف أو مِنَ الخُلْفِ، وكذلك قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشّورى: 10]، وقوله تعالى: {اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [الحَجّ: 69]. أما قوله تعالى: {إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [يُونس: 6] أي في مجيءِ كلّ واحدٍ منهما خلْفَ الآخر وتعاقُبهما، والخُلْفُ: المخَالفَةُ في الوَعْدِ. يُقالُ: وعَدني فأخْلَفني، أي خالفَ في المِيعادِ {بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ} [التّوبَة: 77] وقال: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عِمرَان: 9]، {فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي} [طه: 86]، {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا} [طه: 87]. وأخْلَفْتُ فلاناً: وجَدْتُهُ مُخْلِفاً. والإِخلافُ: أن يَسْقيَ واحدٌ بَعْدَ آخَرَ. وأخلَفَ الشجرُ، إذا اخضَرَّ بَعْدَ سُقوطِ وَرَقِهِ. ويقال لِمَنْ هَلَكَ له ما يُعتاضُ عنه: «أخلفَ الله لك وعليك، وخلف الله لك»، ويقال لمن هلك له ما لا يعتاض عنه كالأب والأم «خَلَفَ اللَّهُ عليكَ»، أي كانَ عليك خليفة من فقدتَهُ. وقولُهُ: {لاَ يَلْبَثُونَ خِلاَفَكَ} [الإسرَاء: 76] أي بَعْدَكَ. وقُرِىءَ خلافَكَ، أي مخالفة لكَ. وقولُهُ: {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ} [المَائدة: 33] أي إحداهُمَا مِنْ جانِبٍ والأخْرَى مِنْ جانِبٍ آخَرَ. وخلَّفْتُهُ: تَرَكتُهُ خَلْفي. قالَ: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ} [التّوبَة: 81] أي مُخَالِفِينَ: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التّوبَة: 118]، {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ} [الفَتْح: 16]. والخَالِفُ: المتأخِّرُ لنقصَانٍ أو قصورٍ كالمتَخَلِّفِ، قال: {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} [التّوبَة: 83]. والخَالِفَةُ: عَمُودُ الخيمةِ المتأخّرُ؛ والخالفةُ: الأمّةُ الباقية بعد الأمَّة السالفة، ويقالُ للرجل الكثير الخلاف: الخالِفة، ج خَوَالِفُ، قال {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ} [التّوبَة: 87] والخوالِف: النساء.
خلق: الخَلْقُ: أصْلُهُ التقديرُ المُستقيمُ، ويُسْتَعْمَلُ في إبْدَاعِ الشيءِ مِنْ غير أصْلٍ ولا احْتِذَاءٍ {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [الأنعَام: 1] أي أبْدَعَهما بدلالَةِ قولِهِ: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [البَقَرَة: 117]، ويُسْتَعْمَلُ في إيجَادِ الشيءِ مِنَ الشيءِ نحو {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النِّسَاء: 1]، {خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} [النّحل: 4]، {خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلاَلَةٍ} [المؤمنون: 12] {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هُود: 119] أي للرحمة خلقهم، واعترض على ذلك بعض المفسرين بالقول: إن الرحمة مؤنثة ولو أراد الله ذلك لقال: ولتلك خلقهم. وهذا القول باطل لأن تأنيث الرحمة غير حقيقي، فإذا ذُكّر فعلى معنى التفضُّل والإنعام، وقد قال سبحانه: {هذا رحمةٌ من ربّي} وقال: {وإن رحمة الله قريب}، {وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرَّحمن: 15] وليسَ الخَلقُ الذي هوَ الإبداعُ إلاَّ للّهِ تعالى، ولِهَذا قال في الفصْلِ بينَهُ تعالى وبَيْنَ غيرهِ: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لاَ يَخْلُقُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} [النّحل: 17] وأمّا الذي يكُونُ بالاستحالَةِ، فقد جعلَهُ اللَّهُ تعالى لغيْرهِ في بعْضِ الأحوالِ كعيسَى حَيْثُ قال: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي} [المَائدة: 110] والخَلْقُ لا يُسْتَعْمَلُ في كافةِ الناسِ إلاَّ على وجهَيْنِ: أحدُهُما في معنَى التقدير كقولِ الشاعر:
ولأَنْتَ تَفْري ما خَلَقْتَ وبعضُ القومِ يَخْلُقُ ثُم لا يَفْري
والثانِي في الكذبِ نحوُ قولِهِ: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [العَنكبوت: 17]. وإنْ قيلَ قولُهُ تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14] يَدُلّ على أنَّه يَصِحُّ أن يُوصَفَ غيرُهُ بالخلقِ، قيلَ إنَّ ذلكَ معناهُ أحسَنُ المقَدِّرِينَ، أو يكُونُ على تقدير: ما كانُوا يعتقِدُونَ ويَزعمُونَ أنَّ غيرَ اللَّهِ يُبْدِعُ، فكأَنه قيلَ: فاحْسِبْ أنَّ هَهُنَا مُبْدِعِينَ ومُوجِدِينَ، فاللَّهُ أحسنُهُم إيجاداً على ما يَعْتَقِدُون، كما قال: {خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} [الرّعد: 16]، {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النِّسَاء: 119] بالاستنساخ، لأن التغيير لا يكون إلا بالأوضاع والصفات؛ وهذا النوع حصل بتغيير الأوضاع فيما خلق الله سبحانه وتعالى، وقيل: إشارةٌ إلى ما يُشوِّهُونَهُ مِنَ الخِلْقَةِ بالخِصَاءِ ونَتْفِ اللِّحيَةِ، وما يَجْري مَجْرَاهُ، وقيلَ: معناهُ يُغيِّرونَ حُكْمَهُ. وقوله: {لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الرُّوم: 30] فإشارةٌ إلى ما قدَّرَهُ وقضَاهُ، وقيلَ: معنَى {لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الرُّوم: 30] نَهيٌ، أي: لا تُغَيِّروا خِلْقَةَ اللَّهِ، أي الفطرة التي فَطَرَ خَلائِقَهُ عليها. وقولُهُ: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} [الشُّعَرَاء: 165-166] فكنايَةٌ عنْ فُروجِ النساءِ. وكلُّ موضعٍ استُعمِلَ الخَلْقُ في وصفِ الكَلامِ، فالمرادُ به الكذبُ، ومِنْ هذا الوجهِ امتَنَعَ كثيرٌ مِنَ الناسِ مِنْ إطلاق لفظِ الخَلْقِ على القرآنِ، وعلى هذا قولُهُ تعالى: {إِنْ هَذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ} [الشُّعَرَاء: 137] وقولُهُ: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ} [ص: 7]. والخَلْقُ: يُقالُ في معْنَى المخلوق. والخَلْقُ والخُلُقُ: خُصَّ الخَلْقُ بالهيئَاتِ والأشكَالِ والصُّوَرِ المُدْرَكَةِ بالبَصَر، وخُصَّ الخُلُقُ ـ الذي هو السجيَّة أو الطبع ـ بالقُوَى والسَّجايا المُدْركَةِ بالبَصيرةِ {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القَلَم: 4] وقرىء {إِنْ هَذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ} [الشُّعَرَاء: 137]. قال تعالى: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحَجّ: 5] والمخلَّقةُ: الصورةُ التامة الخَلْق؛ وغير مخلَّقة: أي ما كان سَقْطاً لا تخطيطَ فيه ولا تصوير؛ والخَلاقُ: النصيبُ سواءٌ أكان عاجلاً أم آجلاً وهو مِمّا اكتَسَبَهُ الإِنسانُ منَ الفضيلَةِ بخُلُقهِ. {وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [البَقَرَة: 200]، {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ} [آل عِمرَان: 77] أي نَصِيبٌ من الخير. وقولُهُ تعالى: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاَقِهِمْ} [التّوبَة: 69] أي بنصِيبِهم وحظِّهم من الدنيا بأنْ صرفُوها في شَهَواتِهم المحرَّمةِ علَيْهِم.
خلا: الخَلاءُ: المكَانُ الذي لا سَاتِرَ فيهِ مِنْ بنَاءٍ ومسَاكِنَ وغيرهما. والخُلُوُّ: يُسْتَعْمَلُ في الزمانِ والمكَانِ، لكِنْ لما تُصُوِّرَ في الزمانِ المضِيُّ فَسَّر أهلُ اللغَةِ خَلاَ الزمانُ، بقولِهِمْ: مَضَى الزمانُ وذَهَبَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عِمرَان: 144]، {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ} [الرّعد: 6]، {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} [البَقَرَة: 134]، {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ} [فَاطِر: 24]، {مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} [البَقَرَة: 214]، {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} [آل عِمرَان: 119]، وقولُهُ: {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} [يُوسُف: 9] أي تحْصُلُ لكُمْ مَودَّةُ أبِيكُمْ وإقبالُهُ عليكُمْ، وخلاَ الإنسانُ: صار خَالياً. وخَلا فُلانٌ بفلانٍ: صَارَ مَعَهُ في خَلاءٍ. وخلا إليهِ: انْتَهَى إليهِ في خَلْوَةٍ {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} [البَقَرَة: 14]. وخَلَّيتُ فُلاناً: تركتُهُ في خلاءٍ، ثم يقالُ لكلِّ تركٍ تخْليةٌ، نحوُ {فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التّوبَة: 5]. والناقةُ الخَلِيَّةٌ: المُخْلاةُ للحَلْبِ. وامرأةٌ خليةٌ: مُخْلاةٌ عن الزوْجِ والأولاد، أي لا زوج لها ولا أولاد؛ وقيلَ للسفِينَةِ المترُوكةِ بلا رُبَّانٍ: خَلِيَّةٌ. والخَلِيّ: من خَلاَّهُ الهَمُّ نحوُ المطَلَّقة في قول الشاعر:
مُطَلَّقَةٌ طوراً وطوراً تُراجَعُ
خمد: {جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ} [الأنبيَاء: 15] كنايةٌ عنْ موْتِهمْ، مِنْ قولِهِمْ: خَمَدَتِ النارُ خُموداً: سَكَن لَهبُهَا ولم يُطفَأْ جمرُها، وأمَّا إذا طَفِىءَ جمرُها ولم يبقَ شيءٌ فقد هَمَدَتْ. وعنهُ استعِيرَ: خَمَدتِ الحمَّى: سَكَنَتْ، و{إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} [يس: 29] أي ميّتون ساكنون لا يُسمَعُ لهم صوت.
خمر: أصلُ الخَمْر سَتْرُ الشيءِ، ويُقالُ لما يُسْتَرُ به: خِمَارٌ، لكن الخِمَارُ صَارَ في التعَارُفِ اسماً لما تُغَطِّي به المرأةُ رأسَهَا، وجمعُهُ خُمُرٌ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النُّور: 31]. واختَمرتِ المرأةُ وتخَمَّرتْ: لبست الخِمارَ، وخَمَّرْتُ الإِناءَ: غطَّيتُهُ. ورُويَ: خَمِّروا آنيتكُمْ. وأَخْمرْتُ العجينَ: خمَّرْتُهُ أي جَعَلْتُ فيه الخَمِيرَ. والخمِيرَةُ سُمِّيَتْ لِكونها مخمورَةً مِنْ قَبْل. «وَدَخَلَ في خُمارِ النـاسِ» أي جَمَاعَتِهِـمْ فيما يواريه ويسترُهُ مِنْ زحامهم. والخَمْر: سُمِّيتْ لكونها خامرَةً لمَقرِّ العقلِ، وهو اسمٌ لكلِّ مُسْكِرٍ. قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البَقَرَة: 219]، {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المَائدة: 90]، {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسَرِ} [المَائدة: 91]، وَقالَ النبيُّ (ص) : «ما أَسكَرَ كثيره فقليله حرامٌ»(93)، وقال (ص) : «حُرِّمَتِ الخَمْرَةُ لِعَيْنِها»(94) وقالَ (ص) : «شارِبُ الخمر كعابِدِ الوثَنِ»(95)، وقال (ص) «لُعِنَ في الخَمْرَةِ عَشَرَةٌ: الخَمْرَةُ وعاصـرُها ومُعْتَصِرُها وسَاقيها وشَارِبُها وَحَامِلُها والمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ وبائِعُها وشاريها وآكِلُ ثَمَنِها»(96). والخُمَارُ: الداءُ العارضُ مِنَ الخَمْرِ، وجُعِلَ بنَاؤهُ بِنـاءَ الأدْوَاءِ كالزُّكامِ والسُّعَالِ. وخُمْرَةُ الطِّيبِ: ريحُهُ. وخامرَهُ وخمرَهُ: خالَطَهُ ولَزِمَهُ، ومن خَامَرَهُ قيل: «خَامِري أُمَّ عامِرِ» أي استتري، وأم عامر كنية الضبع.
خمس: أصل الخَمْسِ في العَدَدِ {وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22]، {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا} [العَنكبوت: 14]. والخَميسُ: ثوبٌ طولُهُ خَمْسُ أذرعٍ. ورُمحٌ مخموسٌ: كذَلِكَ: والخمسُ مِنْ أظْمَاءِ الإبلِ. وخَمَسْتُ القومَ أخْمُسُهُمْ: أخَذتُ خُمْسَ أموالِهِمْ أو كنتُ لهُم خامساً. والخَمِيسُ في الأيامِ معلومٌ، أي اليومُ الخامسُ من الأسبوع. والخميسُ: الجيشُ الكَبيرُ المؤلَّفُ مِنْ خَمْسِ فِرَقٍ. قالَ الشاعرُ:
خَمِيسٌ بِشَرْقِ الأَرْضِ والْغَرْبِ زَحْفُهُ وَفي أُذُنِ الجَوْزاءِ مِنْهُ زمازِمُ
خمص: {فِي مَخْمَصَةٍ} [المَائدة: 3] أي في مجَاعَةٍ تُورِثُ خَمْصَ البَطْنِ، أي ضُمُورَهُ. يقالُ: رَجلٌ خامِصٌ: أي ضَامِرٌ، وأخْمَصُ القَدَمِ: باطنُها، وذلكَ لضُمُورِها.
خمط: الخَمْطُ: الحُرُّ مِنْ كُلِّ شيءٍ، وشجرٌ لا شوكَ له. قوله تعالى: {جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} [سَبَإ: 16] أي أكْلهما منغَّصٌ مشوبٌ بالغُصص. قيلَ: هو شجرُ الأراكِ، والخَمْطَةُ: الخمرُ إذا حَمضَتْ، وتَخَمَّطَ: إذا غَضِبَ وتكبَّر فيقال له المُتَخَمّطُ.
خنزير: {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} [المَائدة: 60] قيلَ: عَنَى الحيَوانَ المعروف وهو سمِجُ الشكل صعبُ المراس، كريه الرائحة، وقيلَ عَنَى مَنْ أخلاقُهُ وأفعالُهُ مشابِهةٌ لأخْلاقِهَا لا مَنْ خِلْقَتُهُ خِلْقَتُها، والأمْرَانِ مرَادَانِ بالآيةِ، فقد رُوِيَ أنَّ قوماً مُسِخُوا خِلْقَةً(97)، وكذَا أيضاً في الناسِ قومٌ إذا اعتُبِرَتْ أخلاَقُهُمْ وُجِدُوا كالقِرَدةِ والخنازير، وإنْ كانتْ صُوَرُهُم صُوَرَ الناسِ.
خنس: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [النَّاس: 4] أي الشيطانِ الذي يَخْنُسُ، أي يَنْقَبِضُ إذا ذُكِرَ اللَّهُ تعالى، والخُنوس: الرجوعُ بعدَ الاختفاء. وقوله تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} [التّكوير: 15] أي بالكَواكِب التي تَخنُسُ بالنهارِ، وقيلَ: الخُنَّسُ هي زُحَلُ والمُشْتَرِي والمَرِّيخُ لأنَها تختفي في مَجْرَاها تحت ضوءِ الشمس ثم ترجِعُ للظهور بعد غيابها في الليل. وأخنَسْتُ عنهُ حقَّهُ: أخَّرْتُهُ.
خنق: {وَالْمُنْخَنِقَةُ} [المَائدة: 3] أي الأَنعامُ التي خُنِقَتْ حتى ماتتْ. والمَخْنَقةَ القِلادَةُ، أو كلُّ ما يُخنَقُ به من حبلٍ وغيره.
خور: {عِجْلاً جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} [الأعرَاف: 148]. الخُوَارُ صوت البَقَر، وقدْ يُسْتَعَارُ للغنم والظِّباء. ويُقَالُ: أرْضٌ خَوَّارَةٌ أي سهلة. و «رجلٌ خوّار» أي جبان.
خوض: الخَوْضُ: هو الشُّرُوعُ في الماءِ والْمُرُورُ فيه، والقولُ: «هو يخوض مع الخائضين» معناه هو يُبطِلُ مَعَ المُبطلين، وعلى هذا أكْثَرُ ما ورَدَ في القرآنِ الكريم فيما يُذَمُّ الشُّروعُ فيه، نحوُ قولِهِ تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [التّوبَة: 65] وقوله: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التّوبَة: 69]، {ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعَام: 91] أي في حديثٍ باطلٍ يلهون. ومنه {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعَام: 68]. وتَقُولُ، أخَضْتُ دَابَّتِي في الماءِ. وتَخَاوَضُوا في الحديثِ: تَفَاوَضُوا فيه.
خوف: الخَوْفُ: «انفعالٌ في النفس يحدثُ لِما وقع، أو لتوقّعِ ما قد يَرِدُ من المكروه أو يَفـوتُ من المحبوب» وهذا يعني أنه تَوقُّعُ مَكْرُوهٍ عنْ أمارَةٍ مَظْنُونَةٍ أو مَعْلومَـةٍ، كمـا أنَّ الرَّجَـاء والطّمَعَ: تَوقُّعُ مَحْبُوبٍ عنْ أمارَةٍ مَظْنُونَةٍ أو مَعْلومَـةٍ. ويُضَـادُّ الخَـوْفَ الأمْنُ ويُسْتَعْمَلُ ذلكَ في الأمُورِ الدنْيَويَّةِ والأخْرَويَّةِ: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسرَاء: 57] و{وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ} [الأنعَام: 81] و{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السَّجدَة: 16] و{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا} [النِّسَاء: 3]. قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} [النِّسَاء: 35] وحَقِيقَتُـهُ: وإنْ وَقَعَ لكُمْ خَوْفٌ منْ ذلكَ لِمَعْرفَتِكُمْ. والخَـوْفُ مِـنَ اللَّـهِ: لاَ يُـرَادُ بـه ما يَخْطُرُ بالبالِ مِنَ الرُّعْبِ كاسْتِشْعَارِ الخَوْفِ مِـنَ المُخِيـفِ، إنَّمـا يُرَادُ به الكَفُّ عَنِ المعاصي واخْتِيارُ الطَّاعَات، ولذلكَ قيلَ: لا يُعَدُّ خائفاً مَنْ لمْ يكُنْ للذنُوبِ تَارِكاً. والتَّخْويفُ مِنَ اللَّهِ تعالى هو الحَثُّ على التَّحَرُّزِ، وعلى ذلكَ قولُهُ تعالى: {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ} [الزُّمَر: 16]. ونَهَـى اللَّهُ تعالى عَنْ مَخَافَةِ الشيطانِ، والمُبالاةِ بتَخْويِفِه، فقال: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عِمرَان: 175] أي فَلاَ تَأتَمِرُوا للشيطان، وأْتَمِرُوا للَّهِ. وقولُهُ تعالى: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} [مَريَم: 5] فَخَوْفُهُ من الذين يتولّون الأمر من بعده أنْ لا يُرَاعُوا الشَّرِيعَةَ ولا يَحْفَظُوا نِظامَ الدِّينِ، لا أنْ يَرثُوا مالَهُ، كما ظَنَّهُ بَعْضٌ من المفسِّرين. فالقَنِيَّاتُ الدُّنْيَويَّةُ أخَسُّ عِنْدَ الأنبياءِ مِنْ أنْ يُشْفِقُوا عليها. والخِيفَةُ: الحالَةُ التي عليها الإنسانُ مِنَ الخَوْفِ {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} [طه: 67] {قُلْنَا لاَ تَخَفْ} [طه: 68]. واستُعْمِلَ استعمال الخَوْفِ في قولهِ: {وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} [الرّعد: 13] وقولِهِ: {تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [الرُّوم: 28] أي كخَوْفِكُمْ. وَتَخْصِيصُ لَفْظِ الخِيفةِ تنبيهٌ أنَّ الخوْفَ مِنهمْ حالَةٌ لازِمَةٌ لا تُفَارِقُهُمْ. والتَّخَوُّفُ: التنقُّصُ في الشيء، وهو أن يأخذ الأول فالأول حتى لا يبقى أحدٌ منهم، وتلك حالة يُخاف معها الفناء، وتخوَّفَ عليه حقَّهُ: تَهَضَّمَهُ إِيَّاهُ، نحو قوله تعالى: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} [النّحل: 47] وقيل على تنقُّصٍ من خيارهم.
خول: {وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} [الأنعَام: 94] أي ما أعْطَيْنَاكُمْ، ما مَنَنَّا بِهِ عليكم وفوَّضناكم التصرُّفَ فيه. والتَّخويلُ في الأصْلِ: إعطاءُ الخَوَلِ، أي عطاءُ الله تعالى لعبادِهِ من النِّعَمِ والخيراتِ، والخالُ: صاحب الشيء، يقال «أنا خالُ هذا الشيء» أي صاحبُهُ، والخالُ: أخو الأم، ج أَخْوال، والخالة: أخت الأم، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ} [الأحزَاب: 50]. والخالُ ثَوْبٌ يُعَلَّقُ فَيُخَيَّلُ لِلْوُحُوشِ. والخالُ في الجَسَدِ شامةٌ فيه. واختالتِ الأرض بالنبات: ازدانت.
خون: الخِيَانَةُ والنِّفَاقُ واحدٌ، إلا أنَّ الخِيَانَةَ تُقَالُ اعتِباراً بالعَهْدِ والأمانَةِ، والنِّفاقُ يُقَالُ اعتِباراً بالدِّينِ، ثم يَتَداخَلانِ. فالخيَانَةُ: مخالَفَةُ الحقِّ بنقْضِ العَهْدِ في السِّرّ. ونقيضُ الخيَانَةِ الأمانَةُ. يُقَالُ: خُنْتُ فلاناً، وخُنْتُ أمانَةَ فلانٍ، وعلى ذلكَ قولُهُ: {لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} [الأنفَال: 27] وقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامَرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} [التّحْريم: 10] أي خانتاهما في العقيدة والعهد، وقولُهُ: {وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ} [المَائدة: 13] أي على جماعةٍ خائِنَةٍ منهم، وقيلَ علَى رَجُلٍ خائنٍ. يُقالُ: رَجُلٌ خائِنٌ وخائنَةٌ، نحوُ راويةٍ وداهيةٍ. وقيلَ فخائنَةٍ: موضوعةٌ موضعَ المصدرِ، نحو قُمْ قائماً، وقوله: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ} [غَافر: 19] فخائنةُ الأعين: ما يُسارقُ من النظر إلى ما لا يَحِلُّ. ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} [الأنفَال: 71] وقوله {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البَقَرَة: 187]، والاختِيانُ: مُراودة الخِيَانَةِ ولم يقلْ: تَخُونونَ أنْفُسَكُمْ، لأنه لم تكنْ منهم الخِيانَةُ بل كان منهم الاختِيانُ، فإنَّ الاختِيانَ تَحرُّكُ شَهْوَةِ الإنسانِ لِتحرِّي الخِيانَةِ، وذلكَ هو المشارُ إليه بقولِهِ تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يُوسُف: 53].
خوى: قال تعالى {وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [الكهف: 42]، {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحَاقَّة: 7] {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً} [النَّمل: 52]. أصْلُ الخَوَاء الخَلاء. يُقالُ: خَوَى بَطْنُهُ مِنَ الطعامِ يَخْوِي خَوًى. وخَوَتِ الدارُ تَخْوِي خَوَاءً: خَلَتْ من أهلِها. وخوى النجمُ وأخْوَى، إذا أَمْحَلَ فلم يُمطِر، تَشبيهاً بذلكَ، وأخْوَى أبلغُ منْ خَوَى، كما أنَّ أسْقَى أبلغُ منْ سَقَى؛ وخَوَّى تَخْوِيَةً، والتَّخْويَةُ: تَرْكُ ما بينَ الشيئينِ خالِياً. يقال: خوَّى المصلِّي في سجوده أي تجافى عن الأرض وفرَّج ما بين عضديْهِ وجَنْبَيْه.
خيب: خابَ يَخيبُ خَيبةً: لم يَنَلْ ما طلب، أو لم يظفرْ بما سعى إليه؛ والخَيْبَةُ: فَوْتُ الطلبِ. قال تعالى: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم: 15]، {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} [طه: 61]، {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشّمس: 10]. أي انقطع رجاؤُهُ من الفوز برضوان الله تعالى.
خير: الخَيْرُ: ما يَرغَبُ فيه الكلُّ، كالعَقْلِ مثَلاً والعَدْلِ والفَضْلِ والشيءِ النافِعِ، وضِدُّه الشرُّ. قيلَ: والخيرُ نوعان: خيرٌ مُطْلَقٌ، وهو أنْ يكونَ مرغُوباً فيـه بكلِّ حالٍ وعندَ كلِّ أحدٍ، كما وَصف عليه وعلى آله الصلاةُ والسلامُ بهِ الجنةَ فقالَ: «لا خَيْرَ بِخَيْر بعدَهُ النارُ، ولا شرَّ بشرٍّ بعدَهُ الجنةُ»(98). وخيرٌ وشرٌّ مُقَيَّدانِ، وهو أن يكُونَ خيراً لواحد شَرّاً لآخَرَ كالمالِ الذي رُبما يكُونُ خَيْراً لزيدٍ وشرّاً لعمْرٍو، ولذلك وصفَهُ اللَّهُ تعالى بالأمْرَيْنَ، فقالَ في موضعٍ: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ} [البَقَرَة: 180] وقالَ في موضعٍ آخر: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ} [المؤمنون: 55-56]، وحـول قولـه تعالـى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البَقَرَة: 180] قيل: أي مالاً، وقال بعضُ العُلماءِ: لا يُقالُ للمالِ خيرٌ حتى يكُونَ كثيراً، ومِنْ مَكانٍ طيِّبٍ، كما رُوِيَ أنَّ عليّاً رضي الله عنه دَخَلَ على مولى له، فقالَ: ألاَ أوصي يا أميرَ المؤمِنينَ؟ قال «لا» لأَنَّ الله تعالى قال: إنْ تَرَكَ خيراً، وليس لك مَالٌ كثيرٌ، وعلى هذا قولُهُ: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العَاديَات: 8] أي المالِ الكثِير. وقالَ بعضُ العلماءِ: إنما سُمِّيَ المالُ ها هنا خيراً تنبيهاً على معنًى لطيفٍ، وهو أنَّ الذي يَحْسُنُ الوصيةُ بِه ما كانَ مجموعاً مِنَ المالِ مِنْ وجهٍ محمودٍ، وعلى هذا قولُهُ: {قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ} [البَقَرَة: 215] وقوله: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البَقَرَة: 273]. وقوله: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النُّور: 33] قيلَ عَنَى بهِ مالاً مِنْ جهَتِهمْ، وقيلَ: إنْ علِمتمْ أنَّ عتْقَهُمْ يَعُودُ عليكُمْ وعليهمْ بنَفْعٍ، أي ثوابٍ؛ والخيرُ والشرُّ يُقالانِ على وجهَيْنِ، أحدُهُما: أن يكونَا اسمينِ، كما تقدَّم، وهو قولُهُ: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عِمرَان: 104]. والثانِي: أنْ يكونا وصْفَيْنِ، وتقديرهُمـا تقديـرُ أفعَلَ منه نحوُ: هذا خيرٌ مِنْ ذاكَ وأفضَلُ. وقوله: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البَقَرَة: 106] أي أيسر للعباد وأكثر أجراً في اتّباع حكمها. وقوله: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البَقَرَة: 184] فخيرٌ ها هنَا يَصحُّ أنْ يكونَ اسماً، وأنْ يكونَ بمعْنَى أفْعَلَ، ومِنهُ قولُهُ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البَقَرَة: 197] وتَقْديرُهُ تقديرُ أفعلَ مِنهُ، فالخيرُ يقابَلُ بهِ الشرُّ مرةً، والضُّرُّ مرةً نحوُ قوله تعالَى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنعَام: 17]. وقولُهُ: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرَّحمن: 70] قيلَ: أصلُهُ خَيِّرَاتٌ فخففَ فالخيْراتُ مِنَ النساءِ: الخيّراتُ، يقالُ رَجلٌ خَيْرٌ وامرأةٌ خيْرةٌ، وهذا خيرُ الرجال، وهذه خِيرةُ النساءِ، والمرادُ بذلكَ: المختارَاتُ، والخيّرُ: الفاضِلُ المختَصُّ بالخيْرِ. واستخارَ اللَّهَ العبدُ فَخارَ لَهُ، أي طَلَبَ مِنهُ الخيْرَ فأولاهُ. وخايَرْتُ فلاناً كذا، فخِرْتُهُ. والخِيرَةُ: الحالَةُ التي تَحصُلُ للمسْتَخيرِ والمختارِ، نحوُ القِعْدَةِ والجِلْسَةِ لحالِ القاعِدِ والجالِسِ. والاختيارُ: طَلَبُ ما هو خَيْرٌ وفعلُهُ، وقد يقالُ لما يَرَاهُ الإنسانُ خيراً وإنْ لمْ يَكُنْ خيراً. وقولُهُ: {وَلَقَدْ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الدّخان: 32] يصحُّ أنْ يكونَ إشارةً إلى إيجاده تعالَى إياهُمْ خيراً، وأنْ يكونَ إشارَةً إلى تَقْدِيمِهمْ على غَيْرهمْ، والمُخْتارُ في عُرْفِ المتكلِّمِينَ يُقَالُ لكلِّ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ الإنسانُ لا على سبيلِ الإِكراهِ. فَقَوْلُهُمْ: هو مُخْتارٌ في كذا لا يُرِيدونَ به ما يُرَادُ بقولِهِمْ: فُلاَنٌ له اخْتِيارٌ، فإنَّ الاخْتِيارَ هو أخْذُ ما يَراهُ خَيْراً، والمُخْتَارُ: قدْ يُقَالُ للفَاعِلِ والمفْعُولِ.
خيط: الخَيط مَعْرُوفٌ، وجَمْعُهُ: خُيُوطٌ. وقدْ خِطْتُ الثوبَ أخِيطُهُ خِيَاطَةً فهو مخيطٌ وخَيَّطْتُهُ تَخْيِيطاً. والخِيَاطُ: الإبْرَةُ التي يُخَاطُ بِها. قال تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعرَاف: 40]. وقوله {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البَقَرَة: 187] أي بَيَاضُ النَّهَار مِنْ سَوَادِ الليل. والخَيْطَةُ في قولِ الشاعِرِ:
تَدَلَّى عليهَا بَيْنَ سِبٍّ وخَيْطَةٍ بجرداءَ مثلِ الوكفِ يكبو غُرابُها
عبارة عن خيط يكون مع حبل مشتار العسل فإذا أراد الخلية ثم أراد الحبل جذبهُ بذلك الخيط وهو مربوطٌ إليه. ورُوِيَ أنَّ عَدِيَّ بن حاتمٍ عَمَدَ إلى عِقَالَيْنِ أبْيَضَ وأسْوَدَ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إليهما ويأكُلُ في السُّحور إلى أنْ يَتَبَيَّنَ أحدُهُما مِنَ الآخَرِ، فأخْبَرَ النبيَّ (ع) بذلكَ، فقالَ «إنَّكَ لَعَريضُ القَفَا إنَّما ذلك بَيَاضُ النَّهَارِ وسَوَادُ الليْلِ»(99)، وخَيَّطَ الشَّيْبُ في رأسِهِ: بَدَا كالخَيْطِ. والخَيْطُ: السلك، جمعه خيوط؛ والخَيْطُ الجماعةُ من النَّعَامِ، وجَمْعُهُ خِيطانٌ. والخيطاءُ: النعامةُ الطويلةُ العُنُقِ، كأنَّما عُنُقُها خَيْطٌ.
خيل: الخَيالُ: أصْلُهُ الصُّورَةُ المُجَرَّدَةُ، كالصُّورَةِ المُتَصَوَّرةِ في المنَامِ وفي الْمِرْآةِ وفي الْقَلْبِ بُعَيْدَ غَيْبُوبَةِ الْمرْئيّ، ثم تُسْتَعْمَلُ في صُورَةِ كلِّ أمْرٍ مُتَصَوَّرٍ، وفي كلِّ شَخْصٍ دَقِيقٍ يَجْري مَجْرَى الخَيَالِ. والتَّخْيِيلُ: تَصْويرُ خَيَالِ الشيءِ في النَّفْسِ. والتَّخَيُّلُ: تَصَوُّرُ ذلك. وخِلْتُ: بِمعنَى ظنَنْتُ، يُقَالُ اعْتِبَاراً بِتَصَوُّرِ خَيَالِ المظْنُونِ. ويُقَالُ: خَيَّلَ عليهم السحاب: برق، وأَخْيَلت السماءُ إِخْيالاً: تهيَّأَتْ للمَطَر. وفلانٌ مَخِيلٌ بكذَا: أي خَليقٌ، وحَقيقَتُهُ أنه مُظْهرٌ خَيَالَ ذلكَ. والخُيَلاءُ: التَّكَبُّرُ عَنْ تَخَيُّلِ فَضِيلَةٍ تَراءَتْ للإِنْسانِ مِنْ نَفْسِهِ، ومنها يُتَأوَّلُ لَفْظُ الخَيْلِ، لما قيلَ إنه لا يَرْكَبُ أحدٌ فَرَساً إلا وجَدَ في نَفْسِهِ نَخْوَةً. والخَيْلُ في الأصْلِ اسمٌ للأَفراسِ والفُرْسانِ جميعاً، وعلى ذلكَ قولُهُ تعالى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفَال: 60] ويُسْتَعْمَلُ للفُرْسانِ. وقولُهُ عليه وعلى آله الصلاةُ والسَّلامُ: «عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقةِ الخَيْلِ»(100) يعني الأفراسَ. والأخْيَلُ: الشِّقِرَّاقُ(101)، لكونه مُتَلوِّناً فَيَخْتَالُ في كلِّ وقتٍ أنَّ له لوناً غيرَ اللونِ الأوَّلِ، ولذلكَ قيلَ:
كادتْ بَرَاقِشُ كُلَّ لَوْنٍ لونُهُ يَتَخَيَّلُ
خيم: قال تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرَّحمن: 72]، وهو وصفٌ لمكان الحورِ العِينِ في الجنة، والخيامُ جمع خيمة، وهي عبارةٌ عن بيتٍ مصنوعٍ من الأقمشة أو غيرها، قائمٍ على الأعمدة والأوتاد. وقد وصف بعضُ المفسّرين خيامَ الجنة بأنّها خُدورُ الحُورِ مِنَ الدُّرِّ المُجَوَّفِ.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢