نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ الذَّالِ
(ذ)
ذأم: {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا} [الأعرَاف: 18] مَذْمُوماً، أي اخْرُجْ منها مَطْرُوداً مَخْزِيّاً من رحمة الله، وهو الخطابُ لإبليسَ لمَّا عَصَى أَمْرَ ربِّهِ تعالى بالسُّجودِ لآدَمَ، فَأَخْرَجَهُ مُبعَداً عن رَحْمَتِهِ. يُقالُ: ذِمْتُهُ أذيمُهُ ذَيْماً، وذَمَمْتُهُ أذُمُّهُ ذَمّاً، وذَأَمْتُهُ ذَأْماً.
ذب: الذُّبابُ يَقَعُ على المعروفِ مِنَ الحَشَراتِ الطائِرَةِ، وعلى النحلِ والزنابير، ونحوهِما. قال الشاعِرُ:
فَهَذَا أوانُ العَرْضِ حَيٌّ ذُبابُهُ زنابيرُهُ والأزرقُ المتلمِّسُ
وقولُهُ تعالى: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا} [الحَجّ: 73] فهو المعرُوفُ وهو حشرة صغيرة طيَّـارةٌ، بعضُ أَنواعِها ينقلُ الجراثيمَ. وذُبابُ العَيْنِ: إنسانُها، سُمِّيَ به لِتَصَوُّرِهِ بِهَيْئَتِهِ، أو لطَيَرَانِ شُعاعِهِ طَيَرانَ الذُّبابِ. وذُبابُ السَّيْفِ، تشبيهاً به في إِيذائِهِ. وفُلانٌ ذُبابٌ، إذا كثُرَ التأذِّي به. وذَبَّبْتُ عَنْ فُلانٍ: طَرَدْتُ عنه الذُّبابَ. والمِذَبَّةُ: ما يُطْرَدُ به، ثم اسْتُعيرَ الذَّبُّ لمجرَّدِ الدَّفْعِ، فقيلَ: ذَبَبْتُ عَنْ فُلانٍ أي دافعتُ عنه؛ ومثله: ذب عن الوطنِ بمعنى ذاد ودافع. والذَّبْذَبَةُ: حِكايَةُ صَوْتِ الحَرَكَةِ للشيءِ المُعَلَّقِ، ثم اسْتُعيرَ لكلِّ اضْطِرَابٍ وحركَةٍ. {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ} [النِّسَاء: 143] أي مضْطَربِينَ مائِلينَ تارَةً إلى المؤمِنين، وتارَةً إلى الكافِرينَ. ذبح: أصْلُ الذَّبْحِ: شَقُّ حَلْقِ الحيواناتِ. والمذْبَحُ: مكانُ الذَّبْحِ. والذِّبْحُ: المَذْبوحُ من الأضاحي وغيرِها {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصَّافات: 107]، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البَقَرَة: 67]. وقولُهُ {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ} [البَقَرَة: 49] على التَّكْثِير، أي يُذَبَّحُ بعضُهم إثَر بعضٍ، وتُسَمَّى الأخادِيدُ مِنَ السَّيْلِ: مَذَابِح.
ذخر: أصْلُ الادِّخارِ: اذْتِخارٌ. يُقالُ: ذَخَرْتُهُ وادَّخَرْتُهُ، إذا أعْدَدْتهُ للعُقْبَى، قال تعالى: {وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} [آل عِمرَان: 49]. ورُوِيَ أنَّ النبيَّ (ص) كانَ لا يَدَّخِرُ شيئاً لغَدٍ(109). والمَذَاخِرُ: الجَوْفُ والعُرُوقُ المُدَّخِرَةُ للطَّعامِ. قال الشاعِرُ:
فَلما سَقَيْناها العَكيسَ تَمَلأَّتْ مَذَاخِرُها وامْتَدَّ رَشْحاً وَرِيدُها
والإِذْخِرُ: حَشيشَةٌ طَيِّبَةُ الرِّيحِ.
ذرأ: الذَّرْءُ: إظْهارُ اللَّهِ تعالى ما أبْدَاهُ. يُقالُ: ذَرَأ اللَّهُ الخَلْقَ: نَشرَهُم، أي أوْجَدَ أشخاصَهُمْ. وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ} [المُلك: 24] أي خلقكُمْ. أمّا قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِّنِ وَالإِنْسِ} [الأعرَاف: 179] أي خلقنا. ومعناه: خَلَقْناهُمْ على أَنَّ عاقِبَتَهُمْ المصيرُ إلى جهنّم بِكُفْرِهِمْ وإِنكارِهِمْ وسُوءِ اخْتِيارهِم. وقولُهُ سبحانَهُ وتعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا} [الأنعَام: 136] أي مما خَلق. وأما قوله: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} [الشّورى: 11] أي يخلُقُكُمْ في هذا الوَجْهِ، وتقديرُ المعنى: يُكثِرُكُم بأَنْ جعلَ من أنْفسِكُم أزواجاً ومِنَ الأَنْعامِ أزواجاً.
ذر: الذُّرِّيَّةُ: النَّسْلُ. وَفي الذُّرِّيَّةِ ثلاثة أقوالٍ: قيل هو من ذَرَأَ اللّهُ الخلقَ، فَتُركَ هَمْزهُ نحو رَوِيَّةٍ وَبَرِيَّةِ، وقيل أصْلُهُ ذُرْوِيَّةٌ. وقيل: هي مَحْمِليَّةٌ من الذَّرِّ نحو قُمْرِيَّةٍ، وقال المطرزي: ذريَّة الرجل أولادُهُ، تكونُ واحداً وجمعاً. {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَتِي} [البَقَرَة: 124]، {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البَقَرَة: 128]، {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} [آل عِمرَان: 34]، {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} [الإسرَاء: 3]، {وآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [يس: 41]. والذَّرَّةُ: جزءٌ متناهٍ في الصغر {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النِّسَاء: 40] وقد قيلَ: أصْلُهُ الهمزُ.
ذرع: الذِّرَاعُ: العُضْوُ المعروفُ، ويُعَبَّرُ به عَنِ المَذْرُوعِ، أي المَمْسُوحِ بالذِّرَاعِ {فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} [الحَاقَّة: 32]. يُقالُ: ذِرَاعٌ مِنَ الثوْبِ والأرضِ. وضاق به (ذرعاً) أي لم يُطِقْهُ ولم يَقْوَ عليه، ويقال: ضَاقَ فلانٌ بأمْره ذَرْعاً: إذا لم يجد من المكروهِ في ذلك الأمر مَخْرَجاً. قال اللَّهُ تعالى: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} [هُود: 77] أي ساءه مجيئهم وضاق صدره لأنه لم يستطع المحافظة على ضيوفه، حيث لَمْ يجدْ سَبيلاً لحمايتهم. وأصلُ (الذَّرْعِ) مِنَ الذِّراع: ومعناه بَسْطُ اليد. فاسْتعار ضِيقَ الذّرع عِندَ تَعَذُّرِ الإمكان.
ذرو: ذِرْوَةُ السَّنامِ وذُرَاهُ: أعْلاهُ، ومنه قيلَ: «هو في ذُروة المجد وعلا ذروةَ السؤدد». ج ذُرىً؛ والذَّرا: كلُّ ما استترتَ به، يُقالُ «أنا في ذَرا فلان» أي في كَنَفِهِ وَسِتْرِهِ. والذَّرا أيضاً: فِنَاءُ الدَّارِ. وذَرَتْهُ الرِّيحُ تَذْرُوهُ وتَذْرِيهِ: فرَّقَتْهُ وأَطارتْهُ؛ {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} [الذّاريَات: 1] الرياحُ، الواحدةُ ذاريةٌ. و «ذُراوة النبت» ما ارْفَتَّ مِنْ يابِسِهِ فطارتْ به الريحُ، قال تعالى: {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} [الكهف: 45].
ذعن: ذَعَن له ذَعْناً: انقادَ؛ وأذْعَنَ فلانٌ له: بَخَعَ واستكانَ، وأقرَّ له بحقِّهِ، قال تعالى: {يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} [النُّور: 49] مُذْعِنِينَ أي مُنْقادِينَ، والإِذعانُ مصدرُ أذعن، وهو الاعتقادُ بمعنى: عزمِ القَلْبِ. والإِذعانُ استعمله بعضهم في الإدْراك والفهم، ومجازُهُ بعيدٌ. يُقالُ: «ناقَةٌ مِذْعانٌ»، أي مُنْقادَةٌ، سَلِسَةُ الرأس.
ذَقَنَ: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ} [الإسرَاء: 109] الواحِدُ: ذقَنٌ. وقد ذَقَنْتُهُ: ضَرَبْتُ ذَقَنَهُ. والأَذقن الرجلُ الطويلُ الذقن والمرأةُ ذَقناء، والذَّقون: الناقة ترخي ذقنها في السير؛ «ودَلْوٌ ذَقُونٌ»: خُرِزَتْ فجاءتْ شفتُها مائلةً.
ذكر: الذِّكْرُ: تارَةً يُقالُ، ويُرَادُ به هَيْئَةٌ للنَّفْسِ بها يُمْكِنُ للإِنْسانِ أنْ يَحْفَظَ ما يَقْتَنِيهِ مِنَ المعرفَةِ، وهو كالحِفْظِ إلاَّ أنَّ الحِفْظَ يُقالُ اعتِباراً بإحْرَازِهِ والذِّكْرُ يُقالُ اعتِبراً باسْتِحْضارهِ. وتارَةً يُقالُ لحضُورِ الشيءِ القَلْبَ أو القوْلَ. ولذلكَ قيلَ: الذِّكْرُ ذِكْرَانِ: ذكْرٌ بالقَلْبِ وذِكْرٌ باللسانِ، وكُلُّ واحدٍ منهما نوعان: ذِكْرٌ عَنْ نِسْيانٍ، وذِكْرٌ لا عَنْ نِسْيانٍ، بَلْ عَنْ إدَامَةِ الحِفْظِ. وكُلُّ قوْلٍ يُقالُ له ذكْرٌ، فَمِنَ الذِّكْر باللسانِ قولُهُ تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} [الأنبيَاء: 10] و {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ} [الأنبيَاء: 50] و {هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} [الأنبيَاء: 24] و {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا} [ص: 8] أي آيات القرآن. وقولُهُ تعالى: {وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: 1] {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزّخرُف: 44] أي شَرَفٌ لَكَ ولقومِكَ. وقولُهُ: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النّحل: 43] أي الكُتُبِ المُتَقَدّمَةِ. وقولُهُ: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولاً} [الطّلاَق: 10-11] فقد قيلَ: الذِّكْرُ ههُنا وصْفٌ للنبيِّ (ص) ، كما أنّ الكلِمَةَ وصْفٌ لعيسَى (ع) مِنْ حَيْثُ إنه بُشِّرَ به في الكُتُبِ المُتَقَدِّمَةِ، فيكُونُ قولُهُ: رسُولاً، بدلاً منه، وقيلَ: رسُولاً منْتَصِبٌ بقولِهِ ذِكْراً، كأنه قال قد أنْزَلْنا إليكُمْ كِتاباً ذكْراً رسُولاً يَتْلُو، نحوُ قولِهِ: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا} [البَلَد: 14-15] فَيَتِيماً: نُصِبَ بقولِهِ إطعامٌ. ومِنَ الذِّكْرِ عَنِ النسْيانِ قولُهُ {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف: 63]، ومِنَ الذِّكْر بالقَلْبِ واللسانِ مَعاً {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البَقَرَة: 200] و {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البَقَرَة: 198]، {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبيَاء: 105] أي مِنْ بَعْدِ الكتابِ المُتَقَدِّمِ. وقولُهُ: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسَان: 1] أي لم يَكنْ شيئاً موجوداً بِذَاتِهِ وإنْ كانَ موجوداً في عِلْمِ اللَّهِ تعالى؛ وقولُهُ: {أَوَلاَ يَذْكُرُ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ} [مَريَم: 67] أي أوَلاَ يَذْكُرُ الجاحِدُ للبَعْثِ أوَّلَ خَلْقِهِ، فَيَسْتَدِلُّ بذلك على إعادَتِهِ في النشأةِ الثانية، وكذلك قولُهُ تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 79]، {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الرُّوم: 27]. {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العَنكبوت: 45] أي ذِكْرُ اللَّهِ لِعَبْدِهِ أكْبَرُ مِنْ ذِكْر العبدِ له، وذلك حثٌّ على الإِكثارِ مِنْ ذِكْرِهِ. والذِّكْرَى: كَثْرَةُ الذِّكْر، وهو أبْلَغُ مِنَ الذِّكر: {رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لأُِولِي الأَلْبَابِ} [ص: 43]، {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذّاريَات: 55] في آيٍ كثيرةٍ. والتَّذْكِرَةُ: ما يُتَذَكَّرُ به الشيءُ، وهو أعَمُّ مِنَ الدّلالَةِ والأمارَةِ: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} [المدَّثِّر: 49]، {كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} [عَبَسَ: 11] أي القرآن. وذكَّرْتُهُ كذا: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} [إبراهيم: 5]، وقولُهُ {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البَقَرَة: 282] قيلَ مَعْناهُ تُعيدَ ذِكْرَهُ، وقد قيلَ تَجْعَلُها ذِكْراً في الحُكْمِ. قال بعضُ العلماءِ في الفرقِ بَيْنَ قولِهِ: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البَقَرَة: 152] وبَيْنَ قولِهِ: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} [البَقَرَة: 40] أنَّ قولَهُ: اذْكُرُونِي مُخاطَبَةٌ لأصحابِ النبيِّ (ص) الذينَ حَصَلَ لهُمْ فَضْلُ قُوَّةٍ بمعرفَتِهِ تعالى، فأمَرَهُمْ بأنْ يَذْكُرُوهُ بِغَيْر واسِطَةٍ، وقولُهُ تعالى: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} [البَقَرَة: 40] مخاطَبَةٌ لبني إسرائيلَ الذينَ لم يَعْرفُوا اللَّهَ إلاَّ بآلائِهِ ونِعَمه، فأمَرَهُمْ أنْ يَتَبَصَّرُوا نِعْمَتَهُ فَيَتَوَصَّلُوا بها إلى مَعْرفَتِهِ. والذَّكَرُ ضِدُّ الأنثَى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [آل عِمرَان: 36]، و {آلذَكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ} [الأنعَام: 143] وجمعُهُ ذُكُورٌ وذُكْرَانٌ {ذُكْرَاناً وَإِنَاثًا} [الشّورى: 50]. وجُعِلَ الذَّكَرُ كِنايَةً عَنِ العُضْو المخصوصِ، والمُذْكِرُ: المرأةُ التي وَلَدَتْ ذَكَراً. والمِذْكارُ: التي عادَتُها أنْ تُذْكِرَ. وناقَةٌ مُذَكَّرَةٌ: تُشْبِهُ الذَّكَرَ في عِظَمِ خَلْقِها. وسَيْفٌ ذُو ذُكْر. ومُذَكَّرٌ: صارِمٌ، تشبيهاً بالذَّكَر. وذُكُورُ البَقْلِ: ما غَلُظَ منه.
ذَكَوَ: ذَكَتِ النارُ تَذْكُو: اتَّقَدَتْ وأضاءَتْ، وذَكَّيْتُها تَذْكِيَةً. وذُكاءُ اسمٌ للشمسِ. وابنُ ذُكاءَ: لِلصُّبْحِ، وذلك أنه تارَةً يُتَصَوَّرُ الصُّبْحُ ابناً للشمسِ، وتارَةً حاجِباً لَها، فقيل: حاجِبُ الشمسِ. وعُبِّر عَنْ سُرْعَةِ الإدْرَاكِ وحِدَّةِ الفَهْمِ بالذِّكاءِ، كقولِهِمْ: فُلانٌ هو شُعْلَةُ نارٍ. وذَكَّيْتُ الشاةَ: ذَبَحْتُها كقولِهِ تعالى {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} [المَائدة: 3]، وحقيقةُ التَّذْكِيَةِ: إخراجُ الحرَارَةِ الغَريزيَّةِ، لكِنْ خُصَّ في الشرعِ بإبطالِ الحياةِ على وجْهٍ دونَ وجْهٍ. ويَدُلُّ على هذا الاشتِقاقِ قولهُمْ في الميِّتِ: خامِدٌ وهامِدٌ، وفي النارِ الهامِدَةِ: مَيْتَةٌ. وذَكَّى الرَّجُلُ: إذا أسَنَّ وحَظيَ بالذَّكاءِ، لكثرةِ رياضَتِهِ وتَجارُبِهِ، وبِحَسَبِ هذا الاشتِقاقِ لا يُسَمَّى الشيخُ مُذْكِياً إلاَّ إذا كانَ ذَا تَجارُب ورِياضاتٍ، ولَمَّا كانَتِ التَّجاربُ والرِّياضاتُ قَلَّما تُوجَدُ إلاَّ في الشُّيُوخِ لِطُولِ عُمُرهِمْ اسْتُعمِلَ الذَّكاءُ فيهمْ، واسْتُعْمِلَ في العِتاقِ مِنَ الخيْلِ المسانِّ، وعلى هذا قولهُمْ: جَرْيُ المُذْكِياتِ غِلابٌ.
ذل: الذُّلُّ: ما كانَ عَنْ قَهْرٍ. يُقالُ: ذَلَّ يَذِلُّ ذُلاًّ. والذِّلُّ: ما كانَ بَعْدَ تَصَعُّبٍ وشِماسٍ مِنْ غَيْر قَهْر. وقولُهُ تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسرَاء: 24] أي كُنْ كالمَقْهُورِ لَهُما، وقُرىءَ جَناحَ الذِّلِّ، أي لِنْ وانْقَدْ لَهُما. يُقالُ: الذِّلُّ والقُلُّ والذِّلَّةُ والقِلَّةُ {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} [القَلَم: 43]، و {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البَقَرَة: 61] و {سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ} [الأعرَاف: 152]. وذَلَّتِ الدَّابَّةُ بَعْدَ شِماسٍ ذُلاًّ، وهي ذَلُولٌ، أي ليستْ بِصَعْبَةٍ {لاَ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ} [البَقَرَة: 71]. والذُّلُّ: مَتَى كانَ مِنْ جِهةِ الإنسانِ نَفْسِهِ لنفسِهِ فمحمودٌ نحوُ {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [المَائدة: 54]، {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عِمرَان: 123]، وقال تعالى {فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً} [النّحل: 69] أي مُنْقادَةً غَيْرَ مُتَصَعِّبَةٍ. و {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً} [الإنسَان: 14] أي سُهِّلَتْ. وقيلَ: الأمُورُ تَجْري على أذْلالِها، أي مَسالِكِها وطُرُقِها.
ذم: يُقالُ:ذَمَمْتُهُ أذُمُّهُ ذَمّاً، فهو مَذْمُومٌ وذَمِيمٌ. {مَذْمُومًا مَدْحُورًا} [الإسرَاء: 18] أي مخزيّاً مطروداً من رحمة الله. وقيلَ: ذَمَتُّهُ أذْمُتهُ على قَلْبِ إحدَى المِيمَيْنِ تاءً. والذِّمامُ: ما يُذَمُّ الرَّجُلُ على إضاعَتِهِ مِنْ عَهْدٍ، وكذلك الذِّمَّةُ والمَذَمَّةُ، وقيلَ: لِي مَذَمَّةٌ فلا تَهْتِكْها. وأذْهِبْ مَذَمَّتهُمْ بشيءٍ، أي أعْطِهم شيئاً لِما لَهُمْ مِنَ الذِّمَام. قال تعالى: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً} [التّوبَة: 8]، أي وهم إن يغلبوكم ويظفروا بكم لا يراعونَ لكم قرابةً ولا عهداً.
ذنب: ذَنَبُ الدَّابَّةِ وغَيْرها معروفٌ؛ ويُعَبَّرُ به عَنِ المتأخِّر والرَّذْلِ، يُقالُ: هُمْ أذْنابُ القوْمِ، وعنه اسْتُعِيرَ: مَذَانبُ التِّلاعِ لِمسايِلِ مِياهِها. والمِذْنَبُ: ما أرْطَبَ مِنْ قِبَلِ ذَنَبِهِ. والذَّنُوبُ: الفَرَسُ الطَّويلُ الذَّنَبِ، والدَّلْوُ التي لَها ذَنَبٌ، واسْتُعِيرَ للنَّصِيبِ، كما اسْتُعِيرَ لَهُ السَّجْلُ {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} [الذّاريَات: 59]. أي نصيباً من العذاب مثل قوم نوح وعاد وثمود، ولهذا يسمَّى الذَّنْبُ تبعةَ لما يحصل من عاقبته. يُقالُ: ذَنَبْتُهُ: أصَبْتُ ذَنَبَهُ، ويُسْتَعْمَلُ في كُلِّ فِعْلٍ يُسْتَوْخَمُ عُقْباهُ اعتِباراً بِذَنَبِ الشيءِ، ولهذا يُسَمَّى الذَّنْبُ تَبِعَةً، اعتِباراً لِما يَحْصُلُ مِنْ عاقِبَتِهِ، وجمعُ الذَّنْبِ ذُنُوبٌ. قال تعالى: {فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ} [آل عِمرَان: 11]، و {فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} [العَنكبوت: 40]، و {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ} [آل عِمرَان: 135] إلى غَيْر ذلك مِنَ الآيِ الحكيم.
ذهب: الذَّهَبُ: معدِن أصفرُ اللَّون وربما قيلَ: ذَهَبَةٌ. ورَجُلٌ ذِهِب: رَأى مَعْدِنَ الذَّهَبِ فَدَهِشَ. وشَيءٌ مُذَهَّبٌ: جُعِلَ عليه الذَّهَبُ. وكُمَيْتٌ مُذْهَبٌ: عَلَتْ حُمْرَتَهُ صُفْرَةٌ، كأنَّ عليها ذَهَباً. والذَّهابُ: المُضيُّ يُقالُ ذَهَبَ بالشيءِ، وأذْهَبَهُ، ويُسْتَعْمَلُ ذلك في الأعيانِ والمعاني. {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي} [الصَّافات: 99]، {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ} [هُود: 74]، وقوله: {فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فَاطِر: 8] كِنايَةٌ عَن غَمِّهِ الشَّديدِ بألاَّ يُؤْمنوا لمقاربتِهِ حدَّ الموْتِ. وقال: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [إبراهيم: 19]، {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فَاطِر: 34] و {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} [الأحزَاب: 33]. وقولُهُ تعالى: {وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النِّسَاء: 19] أي لتَفوزُوا بشيءٍ مِنَ المَهْر، أو غير ذلك مما أعْطَيْتُمُوهُنَّ. وقال: {وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفَال: 46]، {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البَقَرَة: 17]، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ} [البَقَرَة: 20]، {لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} [هُود: 10].
ذهل: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الحَجّ: 2]. الذُّهُول: شغْلٌ يُورِثُ حُزْناً ونِسْياناً، يُقال: ذَهَلَ عَنْ كذا، وأذْهَلَهُ كذا. والذُّهولُ: دَهْشَةٌ وحَيْرَةٌ.
ذو: ذُو: على وجْهَيْنِ: أحدُهُما: يُتَوَصَّلُ به إلى الوصْفِ بأسماءِ الأجْناسِ والأنواعِ، ويُضافُ إلى الظاهِر من دُونَ المضمر ويُثَنَّى ويُجْمَعُ، ويُقالُ في المؤنَّثِ ذَاتٌ، وفي التثنيةِ ذَواتا، وفي الجمعِ ذَوَاتٌ. ولا يُسْتَعْمَلُ شيءٌ منها إلاَّ مُضافاً: {ذُو فَضْلٍ} [البَقَرَة: 251]، {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} [النّجْم: 6]، {وَبِذِي الْقُرْبَى} [النِّسَاء: 36]، {وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} [هُود: 3]، {ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} [البَقَرَة: 177]، {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الأنفَال: 43]، {وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 18]، {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفَال: 7]، و {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} [الرَّحمن: 48]. وقد اسْتَعارَ أصحابُ المعانِي الذَّاتَ، فَجَعلُوها عِبارَةً عَنْ عَيْنِ الشيءِ جَوْهَراً أو عَرَضاً، واسْتَعْمَلُوها مُفْرَدَةً ومُضافَةً إلى المضمر وبالألِف واللامِ، وأجْرَوها مَجْرَى النَّفْسِ والخاصَّةِ، فقالُوا: ذَاتُهُ ونَفْسُهُ وخاصَّتُهُ، وليسَ ذلك مِنْ كلامِ العَرَبِ. والثاني في لفظِ ذُو لغةٌ لِطَيِّىءٍ يَسْتَعْمِلُونَهُ اسْتِعْمالَ الذي والتي ويُجْعَلُ في الرفعِ والنصبِ والجرِّ والجمعِ والتأنيثِ على لفظٍ واحدٍ نحوُ:
وبِئْري ذُو حَفَرْتُ وذُو طَوَيْتُ
أي التي حَفَرْتُ والتي طَوَيْتُ، وأما ذَا في (هذا): فإِشارَةٌ إلى شيءٍ مَحْسُوسٍ أو مَعْقُولٍ، ويُقالُ في المؤنَّثِ ذِهْ وذِي وتا، فَيُقالُ: هذه وهذِي وهاتا، ولا تُثَنَّـى مِنْهُـنَّ إلاَّ هاتـا فَيُقالُ: هاتان. {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} [الإسرَاء: 62]، {هَذَا مَا تُوعَدُونَ} [ص: 53]، {هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} [الذّاريَات: 14]، {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: 63]، {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [الطُّور: 14]، {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ} [الرَّحمن: 43]. ويُقالُ بإزاءِ (هذا) في المُسْتَبْعَدِ بالشَّخْصِ أو بالمنْزلَةِ: ذَاكَ، وذلك: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البَقَرَة: 1-2]، {ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} [الأعرَاف: 26]، {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى} [الأنعَام: 131] إلَى غَيْر ذلك. وقولُهُمْ: ماذَا يُسْتَعْمَلُ على وجْهَيْنِ: أحدُهُما: أنْ يكُونَ ما معَ ذَا بمنْزلَةِ اسمٍ واحِدٍ، والآخَرُ: أنْ يَكُونَ ذَا بمنْزِلَةِ الذي، فالأوّلُ نحوُ قولِهِمْ: عَمَّا ذَا تَسألُ؟ فَلَمْ تُحْذَفِ الألفُ منه لَمّا لم يكُنْ ما بِنَفْسِهِ للاِسْتِفْهامِ، بَلْ كانَ مَعَ ذَا اسماً واحداً، وعلى هذا قوْلُ الشاعِر:
دَعِي ماذَا عَلِمْتِ سَأتَّقِيهِ
أي دَعي شيئاً عَلمْتِهِ. وقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ} [البَقَرَة: 215] فإِنَّ مَنْ قَرَأ: قُلِ العَفْوَ بالنصبِ فإنه جَعَلَ الاسْمَيْنِ بمنْزلَةِ اسمٍ واحدٍ كأنه قال: أيَّ شيءٍ يُنْفِقُونَ. ومَنْ قَرَأ: قُلِ العَفْوُ بالرفعِ، فإِنَّ ذَا بمنْزلَةِ الذي وما للاِسْتِفْهامِ أي ما الذي يُنْفِقُونَ، وعلى هذا قولُهُ تعالى: {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} [النّحل: 24] وأساطيرُ بالرفعِ والنصبِ.
ذود: ذادَهُ عَنْه يَذودُهُ ذَوْداً: طردَهُ ودفَعَهُ. قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} [القَصَص: 23] أي تَطْـرُدَانِ وتمنعـان أغنامَهمـا مِنَ الماء. والذَّوْدُ مِنَ الإِبِلِ: إلى العَشَرَة. والمِذوَدُ معتلفُ الدابَّة؛ والمذودُ: اللسانُ كما في قول حسان بن ثابت الأنصاريّ:
لساني وسيفي صارمان كلاهما ويبلغُ ما لا يبلغُ السيفُ مِذْوَدي
ذوق: الذَّوْقُ: وجودُ الطَّعْمِ بالفَمِ، وأصْلُهُ فيما يَقِلُّ تَناوُلُهُ دُونَ ما يَكْثُرُ، فإنَّ ما يَكْثُرُ منه يُقالُ له الأكْلُ. واخْتِيرَ في القرآنِ لفظُ الذَّوْقِ في العذابِ، لأنَّ ذلك وإنْ كانَ في التَّعارُفِ للقَليلِ فهو مُسْتَصْلَحٌ للكثير، فَخصَّهُ بالذِّكْر ليَعُمَّ الأمْرَيْنِ، وكثُرَ استعمالُهُ في العَذابِ نحوُ: {لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النِّسَاء: 56]، {وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ} [السَّجدَة: 20]، {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [آل عِمرَان: 106]، {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدّخان: 49]، {إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الأَلِيمِ} [الصَّافات: 38]، {ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ} [الأنفَال: 14]، {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ} [السَّجدَة: 21]. وقد جاءَ في الرَّحْمَةِ نحوُ: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً} [هُود: 9]، {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ} [هُود: 10]. ويُعَبَّرُ به عنِ الاختِبارِ، فَيُقالُ: أذَقْتُهُ كذا فَذَاقَ، ويُقالُ: فُلانٌ ذَاقَ كذا وأنا أكَلْتُهُ، أي خَبَرْتُهُ فَوْقَ ما خَبَرَ. وقولُهُ: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} [النّحل: 112] فاسْتِعْمالُ الذَّوْقِ مَعَ اللِّباسِ مِنْ أجْلِ أنه أرِيدَ به: التَّجْربَةُ والاختِبارُ، أي فَجَعَلها بِحَيْثُ تُمارِسُ الجُوعَ والخَوْفَ، وقيلَ: إنَّ ذلك على تَقْدِير كلامَيْنِ، كأنه قيلَ: أذَاقَها طَعْمَ الجُوعِ والخَوْفِ، وألْبَسَها لِباسَهما. وقولُهُ: {إِذَا أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً} [الشّورى: 48] فإنه اسْتُعْمِلَ في الرَّحْمَةِ الإِذَاقَةُ، وفي مُقابلَتِها الإِصابَةُ، فقالَ: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} [النِّسَاء: 78] تنبيهاً على أنَّ الإِنسانَ بأدْنَى ما يُعْطَى مِنَ النِّعْمَةِ يَأشَرُ ويَبْطَرُ، إشارَةً إلَى قولِهِ: {كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى *أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العَلق: 6-7].
ذيب: الذِّيبُ: الحيوانُ المعروفُ، وأصْلُهُ الهَمزُ {قَالُوا ياأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ} [يُوسُف: 17]. وأرْض مَذْأبَةٌ: كثيرَةُ الذِّئابِ. وذُئِبَ فُلانٌ: وقَعَ في غَنَمِهِ الذِّئْبُ. وذَئِبَ: صارَ كَذِئْبٍ في خُبْثِهِ. وتذَاءَبَتِ الرِّيحُ: أتَتْ مِنْ كُلِّ جانِبٍ مَجيءَ الذِّئْبِ. وتَذَاءَبْتَ للناقَةِ، على تَفاعَلْتَ: إذا تَشَبَّهْتَ لَها بالذِّئْبِ في الهيئةِ لِتَظْأَرَ على وَلَدِها. والذّئْبَةُ، مِنَ القَتَبِ: ما تَحْتَ مُلْتَقَى الحِنْوَيْنِ، تشبيهاً بالذِّئْبِ في الهيئةِ. ويقال «ذُؤْبان العرب» أي لصوصُهم وصَعاليكُهُمْ.
ذيع: يقال: أذاعَ السرَّ أو الخبرَ إذا أظهره وأفشاه. ورجلٌ مذياعٌ أي لا يستطيعُ كتمان الخبر. والإذاعة، والإشاعة، والإفشاء نظائر. وضدها: الكتمان، والإسرار والإخفاء. وعن المرجفين في المدينة قال الله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} [النِّسَاء: 83]، أي أَفْشَوْهُ من غيرِ أن يعلموا صحّته.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢