نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ الرَّاءِ
(ر)
رأس: الرَّأْسُ معروف، وجَمعُهُ رُؤُوسٌ، قال تعالى: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مَريَم: 4]، و {وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البَقَرَة: 196]؛ ويُعَبَّرُ بالرَّأْسِ عَنِ الرَّئِيسِ، والأَرْأَسُ: العَظيمُ الرَّأْسِ. وَشَاةٌ رَأْساءُ: اسْوَدَّ رَأْسُها. ورِياسُ السَّيْفِ: مَقْبِضُهُ.
رأف: الرَّأفَةُ: الرَّحْمَةُ، قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [النّحل: 7]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عِمرَان: 30]؛ وقَدْ رَؤُفَ، فهو رَؤُفٌ، وَرَؤُوفٌ نحوُ عَطُوف وخَلُوق وحَذِرٌ. قال سبحانَهُ وتعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأَفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النُّور: 2].
رأى: رَأَى، يَرَى رُؤْيَةً وَرَأْياً: نَظَر بالعينِ وبالقَلْبِ، وَأَصْل يَرَى يَرْأَى كَيَنْأَى فحُذفت الهمزةُ تخفيفاً ونُقلت حركتُها الفتحةُ إلى الراء وقد ثُبّتت الهمزةُ في الشِّعر اضطراراً كقول الشاعر:
أَلمْ تَرَ ما لاقيتُ والدهرُ أَعْصُرٌ ومَنْ يَتَمَلَّ العيشَ يرأَى ويسمَعُ
وحذفُها جارٍ في المضارعِ كلِّهِ، وفي الأَمرِ تقول: رَ رَوْا رَيْ، وأجازوا إسقاط الهمزة من رأى إذا أسند إلى ضمير متحرك كقول المخزومي:
صاحِ هل رَيْتَ أو سمعتَ براعٍ ردَّ في الضَّرع ما جرى في الحلابِ
(أي هل رأيت)، قال تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} [مَريَم: 26]، {أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ} [فُصّلَت: 29] وقُرىءَ: أرنا، والرؤيَةُ: إدْرَاكُ المَرْئيِّ، وذلك أضرُبٌ، بِحَسَبِ قُوَى النفْسِ. الأوَّلُ: بالحاسَّةِ وما يَجْري مَجْرَاها، نحوُ: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ *ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} [التّكاثُر: 6-7]، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ} [الزُّمَر: 60]، وقولُهُ: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} [التّوبَة: 105] فإنه مِمَّا أُجْرِيَ مَجْرَى الرُّؤيَةِ بالحاسَّةِ فإنَّ الحاسَّةَ لا تَصِحُّ على الله تعالى عَنْ ذلك، قال تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ} [الأعرَاف: 27]. والثانِي: بالوهْمِ والتَّخَيُّلِ، نحوُ: أرَى أنَّ زَيْداً مُنْطَلِقٌ، ونحوُ قولِهِ: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلاَئِكَةُ} [الأنفَال: 50]. والثالثُ: بالتَّفكُّر نحوُ: {إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ} [الأنفَال: 48]. والرّابِعُ: بالعَقْلِ، وعلى ذلك قولهُ: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النّجْم: 11] أي ما عقل القلبُ والبصيرة من الرؤية الحسِّيّة، وعلى ذلك حُمِلَ قولُهُ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النّجْم: 13]. ورَأى، إذَا عُدِّيَ إلَى مَفْعُولَيْنِ اقْتَضَى مَعْنَى العِلْمِ، نحوُ: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [سَبَإ: 6] وقال: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ} [الكهف: 39]. ويَجْري أرَأيْتَ مَجْرَى أخْبِرْنِي، فَيَدْخُلُ عليه الكافُ ويُتْرَكُ التاءُ على حالَتِهِ في التَّثْنِيَةِ والجَمعِ والتأنِيثِ، ويُسَلَّطُ التَّغْيِيرُ على الكافِ من دُونَ التـاءِ {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي} [الإسرَاء: 62]، {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ} [الأنعَام: 40]، وقولُهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى} [العَلق: 9]، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ} [الأحقاف: 4]، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ} [القَصَص: 71]، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ} [فُصّلَت: 52]، {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا} [الكهف: 63] كُلّ ذلك فيه معْنَى التّنْبِيهِ. والرَّأْيُ: اعتِقادُ النَّفْسِ أحَدَ النَّقيضَيْنِ عَنْ غَلَبَةِ الظَّنِّ، وعلى هذا قولُهُ: {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} [آل عِمرَان: 13] أي يَظُنُّونَهُمْ بِحَسَبِ مُقتَضَى مُشاهَدَةِ العَيْنِ مثْلَيْهم. تَقُولُ: فَعَلَ ذلك رأيَ عَيْنِي. وقيلَ: رَاءَةَ عَيْنِي. والرَّوِيَّةُ والتَّرْوِيَةُ: التَّفكُّرُ في الشيءِ والإِمالَةُ بَيْنَ خَوَاطِرِ النَّفْسِ في تَحْصِيلِ الرَّأْيِ. والمُرْتَئِي والمُرَوِّيِّ: المُتَفَكِّرُ، وإذَا عُدِّيَ رَأيْتُ بإلى اقْتَضَى مَعْنَى النَّظَر المُؤَدِّي إلى الاعْتِبَارِ، نحوُ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ} [الفُرقان: 45]. وقولُهُ: {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النِّسَاء: 105] أي بما عَلَّمَكَ. والرَّايَةُ: العَلامَةُ المَنْصُوبَةُ لِلرُّؤْيَةِ. ومَعَ فُلان رَئِيٌّ، مِنَ الجِنِّ. وأرأتِ المرأة، فهي مُرْء، إذا أظْهَرَتِ الحَمْلَ حتى يُرَى صِدْقُ حَمْلِها. والرُّؤيا، ما يُرَى في المَنامِ، وهو فُعْلَى، وقد يُخَفَّف فيه الهَمْزَةُ فَيُقالُ بالواوِ، ورُوِي: لم يَبْقَ مِنْ مُبَشِّراتِ النُّبُوَّة إلا الرُّؤيا (110) {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} [الفَتْح: 27]، {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ} [الإسرَاء: 60]، وقولُهُ: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} [الشُّعَرَاء: 61] أي تَقارَبا وتَقابَلا حتى صارَ كُلُّ واحدٍ منهما بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ رُؤيَةِ الآخَر، ويَتَمَكَّنُ الآخرُ مِنْ رُؤْيَتِهِ، ومنه قولهُ: لا يَترَاءَى نارُهُما. ومَنازِلُهُمْ رِئاءٌ: أي مُتَقابلَةٌ. وفَعَلَ ذلك رِئَاءَ الناسِ: أي مُرَاءاةً وتَشَيُّعاً. والمِرْآةُ: ما يُرَى فيه صُورَةُ الأشْياءِ، وهِي مِفْعَلَةٌ مِنْ رَأيْتُ، نحوُ المِصْحَفِ مِنْ صَحَفْتُ، وجَمْعُها مَرَائِي. والرِّئَةُ: العُضْوُ المُنْتَشِرُ عَنِ القَلْبِ، وجَمعُهُ مِنْ لَفْظِهِ رؤُونَ. أنْشَدَ أبو زيدٍ:
حَفِظْنَاهُمُو حتى أتَى الغَيْظُ منْهُمُو قُلُوباً وأكْباداً لَهُمْ ورِئِينا
ورِئْتَهُ، إذَا ضَرَبْتَ رِئَتَهُ.
رب: ربَّ الشيءَ: جمعَهُ، وربَّ الصبيَّ، وربَّبَهُ، وتربَّى الصبيَّ بمعنى واحد أي ربَّاهُ وأحسن القيام عليه حتى أدرك، ومنه التربيةُ، أي إنْشاءُ الشيءِ حالاً فحالاً إلى حَدِّ التمامِ. وقال أحدهم يوم حُنين: «لأنْ يَرُبَّني رَجُلٌ منْ قُرَيْشٍ أحَبُّ إليَّ مِنْ أنْ يَرُبَّني رَجُلٌ مِنْ هَوازِنَ». والرَّبُّ: مصدرٌ مُستعَارٌ للفاعِلِ بمعنى المالك أو السيد أو المطاع. ولا يُقالُ الرَّبُّ مُطْلَقاً إلاَّ للَّهِ تعالى، المُتَكَفِّلِ بمصلحةِ المَوْجوداتِ نحوُ قولِهِ: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبُّ غَفُورٌ} [سَبَإ: 15]، وعلى هذا قولُهُ تعالى: {وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلاَئِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا} [آل عِمرَان: 80] أي آلِهَةً وتَزْعُمُونَ أنَّهمُ البارِي مُسَبِّبُ الأسباب، والمُتَوَلِّي لمصالحِ العبادِ. وبالإضافَةِ يُقالُ له ولغَيْرهِ، نحوُ قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفَاتِحَة: 2]، و {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ} [الشُّعَرَاء: 26]. ويُقالُ: رَبُّ الدَّارِ، ورَبّ الفَرَسِ لصاحِبِهما. وعلى ذلك {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يُوسُف: 42] أي عند سيِّدك، {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} [يُوسُف: 42]، وقولُهُ تعالى: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يُوسُف: 50] أي وقولُهُ: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يُوسُف: 23] قيلَ عَنَى به اللَّهَ تعالى، وقيلَ عَنَى به عزيز مصر الذي رَبَّاهُ، والأوَّلُ ألْيَقُ بقولِهِ. والرَّبَّانِيُّ: قِيلَ منسوبٌ إلى الرَّبَّانِ، ولَفْظُ فَعْلانَ مِنْ فَعِلَ، نحوُ عَطْشانَ وسَكرَانَ، وقَلَّما يُبْنَى مِنْ فَعَلَ، وقد جاءَ: نَعْسانُ. وقيلَ هو منسوبٌ إلى الرَّبِّ الذي هو المصدَرُ، وهو الذي يَرُبُّ العِلْمَ كالحكيمِ، وقيلَ منسوبٌ إليه، ومَعْناهُ: يرُبُّ نَفْسَهُ بالعِلْمِ، وكِلاهُما في التحقيقِ مُتَلازمانِ لأنَّ مَنْ رَبَّ نَفْسَهُ بالعِلْمِ، فقد رَبَّ العلْمَ، ومَنْ رَبَّ العِلْمَ فقد رَبَّ نَفْسَهُ به. وقيلَ: هو منسوبٌ إلى الرَّبِّ أي الله تعالى، فالرَّبَّانِيُّ كقولِهِمْ إلَهِيٌّ وزيادةُ النونِ فيه كزيادتِهِ في قولِهِمْ: لَحْيانِيٌّ وجِسْمانِيٌّ. قال عليٌّ رضي الله عنه «أنا رَبَّانِيُّ هذه الأمَّةِ» أي أنا الذي رباني رسول الله على العلم، والجمعُ رَبَّانِيُّونَ. ومنه {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ} [المَائدة: 63]، {كُونُوا رَبَّانِّيِّينَ} [آل عِمرَان: 79] أي كونوا دُعاةً لله رب العالمين، وقيلَ رَبَّانِيٌّ لَفْظٌ سُرْيانِيٌّ في الأصْلِ. وقولهُ تعالى: {رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عِمرَان: 146] فالرِّبِّيُّ كالرَّبَّانيِّ. والرُّبوبِيَّةُ: مصدرٌ، يُقالُ في اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ. والرِّبابَةُ: تُقالُ في غَيْرهِ. وجمعُ الرَّبِّ أرْبابٌ: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يُوسُف: 39] ولم يَكُنْ مِنْ حَقِّ الرَّبِّ أنْ يُجْمَعَ إذْ كانَ إطْلاقُهُ لا يَتَناوَلُ إلاَّ الله تعالى، لكِن أُتيَ بلفظِ الجمعِ فيه على حَسَبِ اعتِقادَاتِهِمْ لا على ما عليه ذَاتُ الشيءِ في نَفْسِهِ. والرَّبُّ: لا يُقالُ في التعارُفِ إلاَّ في اللَّهِ، وجمعُهُ أربابٌ ورُبُوبٌ. والرِّبَّةُ: الجماعة الكثيرة؛ جمعه أَرِبَّةٌ ورِبابٌ، والرَّبوبُ: ابنُ امرأة الرجل من غيرِهِ. قال الشاعِرُ:
كانَتْ أرِبَّتُهُمْ حَفْراً وغَرَّهُمُ عَقْدُ الجِوارِ وكانُوا مَعْشَراً غُدُرا
وقال آخرُ:
وكُنْتَ أمْرَأً أفْضَتْ إليكَ رِبَابتي وقَبْلَكَ رَبّاني فَضِعْتُ رُبُوبُ
ويُقالُ للعَقْدِ في مُوَالاةِ الغَيْر: الرِّبابَةُ. وأيضاً للخيط الذي تُشَدُّ به السهام. واخْتَصَّ الرَّابُّ والرَّابَّةُ بأحَدِ الزّوجَيْنِ إذا تَوَلَّى تَرْبِيَةَ الوَلَدِ مِنْ زَوْجٍ كانَ قَبْلَهُ، فالرابُّ زوجُ الأُمِّ، والرابَّةُ: امرأةُ الأب، والرَّبِيبُ والرَّبِيبَةُ. الوَلَد {وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النِّسَاء: 23]. ورَبَّيْتُ الأَدِيمَ بالسَّمْنِ، والدَّوَاءَ بالعَسَلِ، وسِقاءٌ مَرْبُوبٌ. قال الشاعِرُ:
فكوني له كالسَّمْنِ رَبَّتْ له الأدَمُ
والرَّبابُ: السَّحابُ، سُمِّيَ بذلك لأنه يَرُبُّ النباتَ، وبهذا النَّظَر سُمِّيَ المَطَرُ دَرّاً، وَشُبِّهَ السَّحابُ باللَّقُوحِ. ويقال أرَبَّتِ السَّحابَةُ، وحقيقتُهُ أنها صارَتْ ذَاتَ تَرْبيَةٍ، وتُصُوِّرَ فيه معنَى الإِقامَةِ، فقيلَ: أرَبَّ فُلانٌ بمكانِ كذا، تشبيهاً بإقامَةِ الرِّبابِ. ورُبَّ ورُبَّةَ ورُبَّما ورُبَّتما: حروف موضوعة في الأصل للتقليل وقيل يستفادُ منها التكثير في أكثر الأحيان، نحوُ: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الحِجر: 2].
ربح: الرِّبْحُ: الزيادَةُ الحاصِلَةُ في المُبايَعَةِ، ثم يُتَجَوَّزُ به في كُلِّ ما يَعُودُ مِنْ ثَمَرَةِ عَمَلٍ. ويُنْسَبُ الرِّبحُ تارَةً إلى صاحِبِ السِّلْعَةِ، وتارَةً إلى السِّلْعَةِ نَفْسِها؛ نحوُ قولِهِ تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} [البَقَرَة: 16]. وقول الشاعر:
قَرَوْا أضيافَهُمْ رُبَحاً بِبَحْ
فقد قيلَ: الرُّبَحُ: الطائرُ، وقيلَ: هو الشجرُ، و«بَحْ»: اسمٌ للقِدَاحِ التي كانُوا يَسْتَقسِمُونَ بها. والمعنى: قَرَوْا أَضْيافَهُمْ ما حَصَّلُوا منه الحمدَ الذي هُوَ أعظمُ الربح.
ربص: التَّرَبُّصُ: الانتظارُ بالشيءِ سلْعَةً كانَتْ يَقْصِدُ بها غَلاءً، أو رِخَصاً، أو أمْراً يُنْتَظَرُ زَوالُهُ أو حُصُولُهُ. والمتربِّصُ: المُحْتَكِرُ، يُقالُ: تربَّصَ فلان أي انتظر، وتربَّصَ في موضعِهِ: لبث، وتربَّصَ لفلانٍ: توقع به الخير أو الشَّرّ (يحِلُّ به)، وتربَّص بسلعتِهِ الغَلاءَ: أبقاها لوقت الغلاء. قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البَقَرَة: 228]، {قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} [الطُّور: 31]، {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ} [التّوبَة: 52].
ربط: رَبَطَ الشيءَ يربِطُهُ ويربُطُهُ: أوثَقَهُ وشَدَّهُ. ورَبَطَ جَأْشُهُ رَبَاطةً: اشتدَّ قلبه. والرِّباط: ما يُربَطُ به الدابَّةُ من حبلٍ ونحوه، والرِّباط: الفؤادُ؛ والرِّباطُ أيضاً: الخيلُ، يقال «لفلانٍ رِباطٌ من الخيل» كما تقول تِلاد وهو أصل خيلِهِ، والمَرْبَطُ والمَرْبِط: موضع ربط الدوابِّ، قال تعالى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفَال: 60]، وَرَابَطَ الجيشُ: لازم ثَغرَ العدوّ، والأصل أن يربِطَ هؤلاءِ خَيْلَهم، ثم سُمِّيَ الإقامةُ بالثغر مرابطةً ورِباطاً، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} [آل عِمرَان: 200] فالمُرَابَطَةُ ضَرْبانِ: مُرَابَطَةٌ في ثغُورِ المسلمينَ، وهي كَمُرَابَطَةِ النَّفْسِ البَدَنَ، فإِنها كمنْ أقيمَ في ثَغْر، وفوِّضَ إليه مُرَاعاتُهُ، فيحتاجُ إلى أنْ يُرَاعِيَهُ غَيْرَ مُخِلٍّ به، وذلك كالمجاهَدَةِ. وقد قال (ص) : «مِنَ الرِّباطِ انتِظارُ الصلاةِ بَعْدَ الصلاةِ» [أحمد بن حنبل] . وفُلانٌ رَابِطُ الجأشِ: إذا قَوِيَ قَلْبُهُ. وقولُهُ تعالى {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} [الكهف: 14] أي شددنا على قلوبهم بالإيمان ليثبتوا على الحق ويصبروا على المشاق. وقولُهُ: {لَوْلاَ أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} [القَصَص: 10]، {وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ} [الأنفَال: 11] فذلك إشارةٌ إلى نحو قولِهِ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً} [الفَتْح: 4] فإِنه لم تَكُنْ أفْئِدَتُهُمْ كما قال: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43]، وبنحو هذا النَّظَر قيلَ: فُلانٌ «رَابِطُ الجأشِ» أي ساكنُ القلبِ عند الفَزَعِ لجرأتِهِ.
ربع: أرْبَعَةٌ، وأرْبَعُونَ، ورُبْعٌ ورُباعُ، كُلُّها منْ أصْلٍ واحِدٍ {ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22]، {أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ} [المَائدة: 26]، و {أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [البَقَرَة: 51]، {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النِّسَاء: 12]، {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [النِّسَاء: 3]. ورَبَعْتُ القوْمَ أرْبُعُهمْ: كُنْتُ لَهُمْ رَابِعاً، وأخَذْتُ رُبْعَ أموالِهِمْ. ورَبَعْتُ الحَبْلَ: جَعَلْتُهُ على أرْبَعِ قُوًى. والرِّبْعُ: مِنْ أظماءِ الإِبِلِ والحُمَّى. وأرْبَعَ إبِلَهُ: أورَدها رِبْعاً. ورَجُلٌ مَرْبوعٌ: ومُرْبَعٌ: أخَذَتْهُ حُمَّى الرِّبْع. والأرْبِعاءُ في الأيامِ: رَابِعُ الأيَّامِ مِنَ الأسبوع. والرَّبيعُ: رابِعُ الفُصُولِ الأرْبَعَةِ. ومنه قولُهُمْ: رَبَعَ فُلانٌ، وارْتَبَعَ: أقامَ في الرَّبيعِ، ثم يُتَجَوَّزُ به في كُلِّ إقامَةٍ، وكُلِّ وقتٍ حتى سُمِّيَ كُلُّ مَنْزِلٍ رَبْعاً، وإنْ كانَ ذلك في الأصْلِ مُخْتَصّاً بالرَّبيعِ. والرُّبَعُ والرُّبَعِيُّ: ما نُتِجَ في الرّبيعِ. ولَمَّا كانَ الرَّبيعُ أوْلى وقتِ الولادَةِ وأحْمَدَهُ اسْتُعيرَ لكُلِّ ولَدٍ يُولَدُ في الشَّبابِ فقيلَ: أفْلَحَ مَنْ كانَ له رَبَعِيُّونَ. والمِرْباعُ: ما نُتِجَ في الرَّبيعِ. وغَيْثٌ مُرْبِعٌ يأتِي في الرَّبيعِ. ورَبَعَ الحجَرَ والحِمْلَ: تَناوَلَ جَوانِبَهُ الأرْبَعَ. والمِرْبَعُ: خَشَبٌ يُرْبَعُ به، أي يُؤخَذُ الشيءُ به. وسُمِّيَ الحجَرُ المُتَناوَلُ: رَبِيعَةً. وقولُهُمْ: «ارْبَعْ على ظَلْعِكَ»، فمعناه: إنك ضعيفٌ فتنكَّبْ عمَّا لا تُطيقُهُ. والمِرْباعُ: الرُّبُعُ الذي يأخُذُهُ الرَّئِيسُ مِنَ الغُنْمِ مِنْ قولِهِمْ: رَبَعْتُ القوْمَ، واسْتُعِيرَتِ الرِّباعَةُ للرِّئاسَةِ اعتِباراً بأخْذِ المِرْباعِ، فقيلَ: لا يُقيمُ رِباعَةَ القَوْمِ غَيْرُ فُلانٍ. والرَّبِيعَةُ: الجُونَةُ لِكَوْنِها في الأصْلِ ذَاتَ أرْبَعِ طَبَقَاتٍ، أو لِكَوْنِها ذَاتَ أرْبَعِ أرْجُلٍ. والرُّباعِيَتان: قيلَ سُمِّيَتا لِكَوْنِ أرْبَعِ أسْنانٍ بينَهما. واليَربوعُ: فأرَةٌ لِجُحْرها أرْبَعَةُ أبْوابٍ. وأرْضٌ مَرْبَعَةٌ: فيها يَرَابيعُ، كما تَقُولُ: مَضَبَّةٌ، في موضِعِ الضَّبِّ.
ربو: الرَّبْوَةُ والرَّباةُ والرَّباوةُ بمعنى واحد: ما ارتفع من الأرض. {إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50] قال أبو الحسنِ: الرَّبْوَةُ أجْوَدُ، لقولِهِمْ: رُبًى، ورَبا فُلانٌ الرابية: علاها. وسُمِّيَتِ الرَّبْوَةُ رابِيَةً، كأنَّها رَبَتْ بنفسِها في مكانٍ، ومنه رَبا: المالُ يربُو رُبُوّاً ورِباءً: زادَ ونما. {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحَجّ: 5] أي زادَتْ زيادَة المُتَرَبِّي. {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا} [الرّعد: 17]، و {فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً} [الحَاقَّة: 10] أي شديدةً زائدةً. وأرْبَى الرجلُ إرباءً: دخل في الرُّبَى. وأربى عليه في كذا: زادَ، وربا الولدُ في حجره رَبْواً ورُبُوّاً: نَشَأَ، وقيلَ أصْلُهُ مِنَ المُضاعَفِ فَقُلِبَ تخفيفاً نحوُ: تَظَنَّيْتُ في تَظَنِّنْتُ. والرِّبا: الزيادَةُ على رَأسِ المالِ {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} [الرُّوم: 39]. ونَبَّهَ بقولِهِ: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البَقَرَة: 276] أنّ الرِّبا يُذهبُ البَرَكة ويُنْقِصُ المالَ بينما الصدقةُ يُجازى بها دافعُها مضاعَفةً، ولذلك قال في مقابلته: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الرُّوم: 39]. وأما قوله تعالى: {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} [النّحل: 92] أي أن تكون جماعة هي أقوى من جماعة أو أغنى أو أكثر عدداً. ولأجل ذلك تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم. أي بالخيانة والمكر. والأُرْبِيَّةُ للرجل: بنو عمِّهِ، يقال: «جاءَ في أُرْبِيَّةِ قومِهِ».
رتع: رَتَعَت الماشيةُ في المرعى: أَكَلَتْ وَشَرِبَتْ ما شاءَتْ من خِصْبٍ وَسعَةٍ، والرَّتْعُ: أكْلُ البَهائم، وأصلُهُ التنعُّمُ، والمرْتَعُ موضِعُ الرَّتْعِ، ج مراتِع {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} [يُوسُف: 12]. ويُسْتَعارُ للإِنْسان إذا أريد بِهِ الأكْلُ الكثيرُ، وعلى طريقِ تشبيهِ الرَّتعِ بالغيبة، قال الشاعِرُ:
وإذا يَخْلُو لَهُ لَحْمِي رَتَع
وهو مِنْ: رَتَعَ فلانٌ في لَحْمِ فُلانٍ أي اغتابَهُ، ويُقالُ: رَاتِعٌ ورِتاعٌ، في البهائمِ، والأرتاعُ من الناس: الكثرةُ، ورَتَعَ القومُ: وَقَعُوا في خِصْبٍ ورَعَوْا.
رتق: الرَّتْقُ: الضَّمُ والالْتحامُ، خِلْقَةً كانَ أو صَنْعَةً. قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبيَاء: 30] أي كانتا مُنْضَمَّتَيْنِ. ويقالُ «هو الفاتِقُ الراتِقُ» أي هو مالك الأمر، ومنه قول المتنبي:
ولا تفتقُ الأيامُ ما أنت راتِقٌ ولا ترتق الأيامُ ما أنت فاتقُ
والراتِقُ: المُلْتَئِمُ مِنَ السحاب.
رتل: الرَّتَلُ: اتِّساقُ الشيء وانْتِظامُهُ على اسْتِقامَةٍ وحُسْنٍ. يُقالُ: رَجُلٌ رَتَلُ الأسْنانِ، تعبيراً عن بياضِها وكثرةِ مائِها، والرَّتِلُ: الحسنُ من الكلام، والطيِّبُ من كلِ شيءٍ. والتَّرْتيلُ: إرْسالُ الكَلِمَةِ مِنَ الفَمِ بسُهُولَةٍ واسْتِقامَةٍ. ورتَّلَ القرآنَ: تَأَنَّقَ في تلاوتِهِ {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} [المُزّمل: 4]، {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} [الفُرقان: 32].
رج: الرَّجُّ: تَحْريكُ الشيءِ وهزُّهُ. يُقالُ: رَجَّهُ فارْتَجَّ {إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا} [الواقِعَة: 4]، مثل {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزّلزَلة: 1]، والرَّجْرَجَةُ: الاضْطِرَابُ. وكَتِيبَةٌ رَجْرَاجَةٌ، أي تموجُ من كثرتِها. وارْتَجَّ كلامُهُ: اضْطَرَبَ. والرِّجْرِجَةُ: ماءٌ قليلٌ في مَقَرِّهِ يَضْطَربُ فَيَتَكَدَّرُ.
رجز: أصْلُ الرِّجْزِ: الاضْطِرَابُ، ومنه قيلَ: رَجَزَ البَعيرُ رَجْزاً، فهو أرْجَزُ. وناقَةٌ رَجْزَاءُ: إذا تَقارَبَ خَطْوُها واضْطَرَبَ لِضَعْفٍ فيها. وسُمّي الرَّجَزُ في الشِّعر رَجَزاً لِتَقارُبِ أجْزَائِهِ، وتَصَوُّرِ رَجْز في اللسانِ عِنْدَ إنْشَادِهِ، ومفردُهُ أرجوزة وجَمْعُها أَراجِيزُ، ورَجَزَ فُلان وارْتَجَزَ، إذا عَمِلَ ذلك أو أنْشَدَ، وهو راجِزٌ ورَجَّازٌ ورجَّازَةٌ. والرِّجْزُ: الإِثْمُ والذنْبُ، أو العذاب، أو عبادة الأوثان بمعنى واحد، أمَّا قولُهُ: {عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ} [سَبَإ: 5] فالرِّجْزُ هَهُنا كالزَّلزلَةِ والاضطراب، ومثله: {إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ} [العَنكبوت: 34]. وأمَّا قولُهُ: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدَّثِّر: 5] فمعناه: تَجَنَّبِ الفعلَ القبيحَ والعملَ الذَّميم. وقولُهُ: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ} [الأنفَال: 11] قيلَ: أرادَ برجز الشَّيْطان ما يَدْعُو إليه مِنَ الكُفْرِ والبُهْتانِ والفَسادِ. والرِّجازَةُ: كساءٌ يُجْعَلُ فيهِ أحْجارٌ، فَيُعَلَّقُ على أحَدِ جانِبَي الهَوْدَجِ ليَعْدِلَهُ إذا مالَ، وذلك لِمَا يُتَصَوَّرُ فيه مِنْ حَرَكَتِهِ واضْطِرَابِهِ.
رجـس: الرِّجْسُ: الشيءُ القبيح. يُقالُ رَجِسَ ورجُسَ يَرجَسُ ويَرْجُسُ رجاسةً: عملَ عملاً قبيحاً؛ والرَّجْسُ: العملُ المُؤَدِّي إلى العذاب، والرِّجْسُ الشكُّ، والرِّجسُ أيضاً: القَذَرُ. {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المَائدة: 90] أي من وسوستِهِ. والرِّجْسُ يكُونُ على أرْبَعَةِ أوجُهٍ: إمَّا مِنْ حَيْثُ الطّبْعُ، وإمَّا مِنْ جِهَةِ العقْلِ، وإمَّا مِنْ جِهَةِ الشرعِ، وإمَّا مِنْ كُلّ ذلك، كالمَيْتَةِ فإنها تُعافُ طَبْعاً وعَقْلاً وشَرْعاً. والرِّجْسُ مِنْ جِهَةِ الشرعِ: الخَمْرُ والمَيْسِرُ، وقيلَ إنَّ ذلك رجْسٌ مِنْ جِهَةِ العَقْلِ، وعلى ذلك نَبَّه بقولِهِ تعالى: {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البَقَرَة: 219] لأنَّ كُلَّ ما يزيد ضررُه على نَفْعِهِ فالعَقْلُ يقضي بتَجَنُّبِهِ، وجَعَلَ الكافِرينَ رِجْساً مِنْ حَيْثُ إنَّ الشِّرْكَ بالعَقْلِ أقْبَحُ الأشياءِ {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التّوبَة: 125]، {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} [يُونس: 100] قيلَ: الرِّجْسُ: النَّتْنُ، وقيلَ: العَذَابُ، وذلك كقولِهِ {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التّوبَة: 28] أي مَأْثُومُونَ. وقال: {قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعَام: 145] فإنه حَرامٌ لأنه قذرٌ يُسبِّبُ الضرَرَ وذلك مِنْ حَيْثُ الشرعُ. وقيلَ رِجْسٌ ورِجْزٌ، للصَّوْتِ الشديدِ، وبَعيرٌ رَجَّاسٌ، شديدُ الهَدير. وأما قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزَاب: 33] أي ليُبعِدَ عنكم كلَّ ما هو قبيح ـ سبقَ ذكرُهُ ـ والغَمامُ الرَّاجِسُ والرَّجَّاسُ: أي شديدُ الرَّعْدِ.
رجع: الرُّجُوعُ: العَوْدُ إلَى ما كانَ منه البَدْءُ أو تَقْديرُ البَدْءِ مكاناً أو فِعْلاً أو قَوْلاً، وبِذاتِهِ كانَ رُجُوعُهُ، أو بِجُزْءٍ مِنْ أجْزَائِهِ، أو بِفعْلٍ مِنْ أفْعالِهِ. فالرُّجُوعُ: العَوْدُ. والرَّجْعُ: الإِعادَةُ. والرَّجْعَةُ في الطَّلاقِ، وفي العوْدِ إلى الدُّنْيا بَعْدَ المَماتِ. ويُقالُ: فُلانٌ يُؤمِنُ بالرّجْعَةُ. والرِّجاعُ مُخْتَصٌّ بِرُجُوعِ الطَّيْرِ بَعْدَ قِطاعِها. فَمِنَ الرُّجُوعِ {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ} [المنَافِقون: 8]، {فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ} [يُوسُف: 63]، {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ} [الأعرَاف: 150]، {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا} [النُّور: 28]. ويُقالُ: رَجَعْتُ عَنْ كذا رَجْعاً، ورَجَعْتُ الجوابَ نحوُ {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التّوبَة: 83] و {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ} [المَائدة: 48]، و {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى} [العَلق: 8]، و {ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ} [الأنعَام: 60] يصحُّ أنْ يكُونَ مِنَ الرُّجُوعِ، كقولِهِ {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البَقَرَة: 28] ويصحُّ أنْ يكُونَ مِنَ الرَّجْعِ، كقولِهِ: {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [الرُّوم: 11] وقد قُرىءَ {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البَقَرَة: 281] بفتحِ التاءِ وضَمِّها. وقولُهُ: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [آل عِمرَان: 72] أي يَرْجِعُونَ عَنِ الذَّنْبِ. وقولُهُ {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} [الأنبيَاء: 95] أي حَرَّمْنا عليهمْ أنْ يَتُوبُوا ويَرْجِعُوا عَنِ الذَّنْبِ تنبيهاً أنه لا تَوْبَةَ بَعْدَ المَوْتِ، كما قال {قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحَديد: 13]. وقولُهُ: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النَّمل: 35] فمِنَ الرُّجُوعِ، أو مِنْ رَجْعِ الجوابِ كقولِهِ: {يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ} [سَبَإ: 31]. أما قوله: {ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} [النَّمل: 28] فَمِنْ رَجْعِ الجوابِ لا غَيْرُ. وكذا قولُهُ: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النَّمل: 35]. وقولُهُ: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ} [الطّارق: 11] أي المَطَر، وسُمِّيَ رَجْعاً لِرَدِّ الهَواءِ ما تَناوَلَهُ مِنَ الماءِ. وسُمِّيَ الغَديرُ رَجْعاً إمَّا لِتَسْمِيتهِ بالمَطَر الذي فيه، وإمَّا لَتَراجُعِ أمْوَاجِهِ وتَرَدُّدِهِ في مكانِهِ. ويُقالُ: ليسَ لِكلامِهِ مَرْجُوعٌ، أي جوابٌ. والارْتِجاعُ: الاسْتِرْدَادُ. وارْتَجَعَ إبِلاً، إذا باعَ الذُّكُورَ واشْتَرَى إناثاً، فاعْتُبِرَ فيه معنَى الرَّجْعِ تَقْديراً وإنْ لم يَحْصُلْ فيه ذلك عَيْناً، وارتجعَ الهبةَ: ارتدَّها. واسْتَرْجَعَ فُلانٌ، إذا قال: «إنّا لله وإنَّا إليْهِ رَاجِعُونَ». والتّرْجِيعُ: تَرْديدُ الصَّوْتِ باللَّحْنِ في القراءةِ وفي الغِناءِ، وتَكْريرُ قَوْلٍ مَرَّتَيْنِ فَصاعِداً، ومنه التَّرْجِيعُ في الأذانِ. والرَّجعُ: كِنايَةٌ عَنْ أذَى البَطْنِ للإِنْسانِ والدَّابَّةِ، وهو منَ الرُّجُوعِ، ويكُونُ بمعنَى الفاعِلِ، أو مِنَ الرَّجْعِ، ويكُونُ بمعنَى المفعولِ. والرَّجيعُ مِنَ الكلامِ: المَرْدُودُ إلَى صاحِبِهِ، أو المُكَرَّرُ، والرَّجْعَةُ: عَوْدُ المطلِّقِ إلى مُطَلَّقَتِهِ، والمراجِع المرأة يموتُ زوجُها فترجع إلى أهلها.
رجف: الرَّجْفُ: الاضْطِرَابُ الشديدُ، يُقالُ: رَجَفَتِ الأرضُ: زلزلت. وبحرٌ رَجَّافٌ {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ} [النَّازعَات: 6] النفخة الأولى في الصور {يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ} [المُزّمل: 14]، {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} [الأعرَاف: 78] فزُلزلت الأرض تحت أقدامهم. والإِرْجافُ: إيقاعُ الرَّجْفَةِ إمَّا بالفِعْلِ وإمَّا بالقَوْلِ {وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} [الأحزَاب: 60]. ويُقالُ: «الأراجيفُ مَلاقِيحُ الفِتَنِ»، كما يقال «إذا وقعت المخاويف كثرت الأراجيف».
رجل: الرَّجُلُ: مُخْتَصٌّ بالذَّكَرِ مِنَ الناسِ أو الكامِل في الرجوليَّةِ، ولذلك قال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً} [الأنعَام: 9] ويُقالُ: تَرَجَّلَتِ المرأةُ إذا كانَتْ مُتَشَبِّهةً بالرَّجُلِ في بعضِ أحْوالِها.
يقال «فلانٌ رجلٌ في الرجال» يريدون به أنه كاملٌ بَيِّنُ الرجُولَةِ والرُّجُولِيَّةِ. وقولُهُ: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} [يس: 20] وقولُهُ: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} [غَافر: 28] فالأوْلَى به الرُّجُولِيَّةُ والجَلادَةُ. ومنه قولُهُ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غَافر: 28]. وفُلانٌ أرْجَلُ الرَّجُلَيْنِ. والرِّجْلُ: العُضْو المخصوصُ بِأكْثَرِ الحيوانِ {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المَائدة: 6]. واشْتُقَّ مِنَ الرِّجْلِ. الرَّجِيلُ وَالرَّاجِلُ للمشَّاءِ، أو للرجل الصُّلْبِ، يقال: «رجل رَجِيلٌ» أي صُلْبٌ، و«مكان رَجِيلٌ»: بعيدُ الطرفينِ؛ نحوُ قولِهِ تعالى: {فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} [البَقَرَة: 239] وكذا رَجِيلٌ ورَجْلَةٌ. وحُرَّةٌ رجْلاءُ: ضابِطَةٌ للأرْجُلِ بِصُعُوبتِها. والأرْجَلُ: الأبْيَضُ الرِّجْلِ مِنَ الفَرَسِ، والعظيمُ الرِّجْلِ. وارْتَجَلَ الشاةَ: عَلَّقَها برجليها، واسْتُعيرَ الرِّجْلُ لِلقطعةِ مِنَ النبات ويقال له رجل من الجراد كالبقلة اليمانيّة، والرِّجلُ أيضاً، الزمانُ والعهد. وارْتَجَلَ الكلامَ: أورَدَهُ قائماً مِنْ غَيْرِ تَدَبُّرٍ. وارْتَجَلَ الفَرَسُ في عَدْوِهِ. وتَرَجَّلَ الرَّجُلُ: نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ. وتَرَجَّلَ في البئر، تشبيهاً بذلك. وتَرَجَّلَ النهارُ: انْحَطَّتِ الشمسُ عَنِ الحِيطانِ، كأنها تَرَجَّلَتْ. ورَجَّلَ شَعْرَهُ من الترجُّلِ أي كثرة الإِدهان وامتشاط الشعر كلَّ يوم فكأنه أنْزَلَهُ إلَى حَيْثُ الرِّجْلُ. والمِرْجَلُ: القِدْرُ المنصوبةُ.
رجم: الرِّجامُ: الهضابُ، واحدُها رُجْمَةٌ، ورجَمَهُ يَرجُمُهُ رَجْماً: رماهُ بالحجارة. والرَّجْمُ: أن يُتَكَلَّمَ بالظن، يقال «رجماً بالغيب»، و«صار فلانٌ رجْماً» أي لا يوقف على حقيقتِهِ. يُقال: رُجِمَ، فهو مَرْجُومٌ. {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَانُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} [الشُّعَرَاء: 116] أي المَقْتُولِينَ أقْبَحَ قَتْلَةٍ بالرَّمي بالحجارة. {وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} [هُود: 91]، {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ} [الكهف: 20]. ويُسْتَعارُ الرَّجْمُ للرَّمْيِ بالظَّنِّ والتَّوَهُّمِ، وللشَّتْمِ والطَّرْدِ، نحوُ قولِهِ تعالى: {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} [الكهف: 22]. قال الشاعِرُ:
ومَا هو عنها بالحديثِ المُرَجَّمِ
وقولُهُ تعالى: {لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} [مَريَم: 46] أي لأقُولَنَّ فيكَ ما تَكْرَهُ. والشَّيْطانُ الرَّجيمُ: المَطْرُودُ عَنِ الخَيْرَاتِ وعَنْ مَنازِلِ المَلأ الأعْلَى: قال تعالى: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النّحل: 98] وقال تعالى: {فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} [ص: 77] وقال في الشُّهُبِ: {رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [المُلك: 5]. والرَّجْمَةُ والرُّجْمَةُ: أحجارُ القبر، ثم يُعَبَّرُ بها عَنِ القبر، وجمعُها: رِجامٌ ورُجَمٌ.
رَجَوَ: الرَّجا: ناحيةُ البئرِ والسماءِ وغَيْرِهِما، و «رَجْو البئر»: حافَّتَاها، والجمعُ أرْجاءٌ {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} [الحَاقَّة: 17]. والرَّجاءُ: ظَنٌّ يَقْتَضِي حُصُولَ ما فيه مَسَرَّةٌ، والرجاءُ: الأَمَلُ؛ وقولُه تعالى: {قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا} [هُود: 62]، أي كُنّا نَتَوَقّعُ ونأْملُ حُصولَ الخيرِ منك. وقولُهُ تعالى: {مَا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نُوح: 13] أيْ لا تخافُونَ للّهِ عظمةً، وإنما استُعملَ على معنى الخوفِ لأنّ الرجاءَ أَمَل، وقد يخافُ أنْ لا يتمَّ فصار الخوفُ والرجاءُ متلازِمَيْنِ لأنّ الرجاءَ يُبَرِّدُ حرارةَ الأَمَل. وقوله: {وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ} [النِّسَاء: 104]، أي الظّفَرَ عاجِلاً والثوابَ آجلاً، وهُم لهُمُ الخذلانُ عاجِلاً والعقابُ آجلاً، والإرجاء هو التأخير وقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} [الجَاثيَة: 14]، أمر الله المسلمين في مكة أن يصبروا على أذى المشركين ليكون ذلك تأليفاً لقلوبهم. وقوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزَاب: 51] خطاب للنبي (ص) ، أي تؤخّر وتُبعد من تشاءُ من نسائك، ومنه {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَِمْرِ اللَّهِ} [التّوبَة: 106]. {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} [الأعرَاف: 111]، أي أخِّرْهُ وأَخَاه.
رحب: الرُّحْبُ: سَعَةُ المكانِ، ومنه رَحَبَةُ المسجدِ. ورَحُبَتِ الدَّارُ: اتَّسَعَتْ، واسْتُعيرَ للواسِعِ الجَوْفِ، فقيلَ رَحْبُ البطنِ، ولواسِعِ الصدْر، كما اسْتُعيرَ الضِّيقُ لِضِدِّهِ: {وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} [التّوبَة: 25] ورَحْبَةُ المكان: ساحتُهُ ومُتَّسَعُهُ، ومنه «كانَ عليٌّ (كرّم الله وجهه) يقضي بين الناس في رَحْبَةِ مسجِدِ الكوفة» أي ساحتِهِ؛ وفُلانٌ رَحيبُ الفناءِ: لِمَنْ كَثُرَتْ غاشيَتُهُ. وقولُهُمْ: مَرْحَباً وأهْلاً؛ أي وجَدتَ مكاناً رَحْباً. وبخلافِهِ {لاَ مَرْحَبًا بِهِمْ} [ص: 59]، {قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لاَ مَرْحَبًا بِكُمْ} [ص: 60].
رحق: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ} [المطفّفِين: 25]. الرحيق: أصلُهُ ضرْبٌ من الطيب، وعُبِّر به عن الخمرة الصافية الخالصة من كلِّ غشٍّ بحيثُ تكون شراباً طيِّباً مختوماً لا مثيلَ له في الحياة الدُّنيا.
رحل: الرَّحْلُ: ما يُوضَعُ على البَعيرِ للركوبِ، يُعَبَّرُ به تارَةً عَنِ البَعير وتارَةً عَمَّا يُجْلَسُ عليه في المَنْزِلِ. وجمعُهُ: رِحالٌ {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ} [يُوسُف: 62] أي في عِدْلِهِم وأَجْرِبَتِهِم. والرِّحْلَةُ: الارتِحالُ {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قُرَيش: 2]. وأرْحَلْتُ البَعيرَ: وضَعْتُ عليه الرَّحْلَ.
رحم: الرَّحِمُ: رَحِمُ المرأةِ أي بَيْتُ مَنْبتِ ولدِها. وامرَأةٌ رَحُومٌ: تَشْتَكِي رَحِمَها بعد الولادة فتموتُ منه، ومنه اسْتُعيرَ الرَّحِمُ للقرابَةِ لِكَوْنِهِمْ خارجينَ مِـنْ رَحِمٍ واحِدَةٍ، يُقالُ: رَحِمٌ ورُحْمٌ، ومنه {وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: 81]. والرَّحْمَةُ: رِقَّةٌ تَقْتَضي الإِحْسانَ إلَى المَرْحُومِ، وقد تُسْتَعْمَلُ تارَةً في الرِّقَّةِ المُجَرَّدَةِ، وتارَةً في الإِحْسانِ المُجَرَّدِ عَنِ الرِّقَّةِ، نحوُ: رَحِمَ اللَّهُ فُلاناً. وإذا وُصِفَ به الباري، فليسَ يُرادُ به إلا الإِحْسانُ المُجَرَّدُ من دونَ الرِّقَّةِ، وعلى هذا رُوِيَ أنَّ الرَّحْمَةَ مِنَ اللَّهِ إنْعامٌ وإفْضالٌ، ومِنَ الآدَمِيِّينَ رِقَّةٌ وتَعَطُّفٌ. وعلى هذا قَوْلُ النبيِّ (ص) ذاكِـراً عَنْ رَبِّهِ «إنه لَمَّا خَلَقَ الرَّحِمَ قال له: أنا الرَّحْمَنُ وأنْتِ الرَّحِمُ شَقَقْتُ اسْمَكِ مِن اسْمي فَمَنْ وصَلَكِ وصَلْتُهُ ومَنْ قَطَعَكِ بَتَتُّهُ»(111)، فذلك إشارَةٌ إلَى ما تَقَدَّمَ، وهو أنَّ الرَّحْمَةَ مُنْطَوِيَةٌ على مَعْنَيَيْنِ: الرِّقَّةِ والإِحْسـانِ، فرَكَزَ تعالى في طَبائِعِ الناسِ الرِّقَّةَ، وتَفَرَّدَ بالإِحْسانِ، فهو الرحمن الرحيم. كما أنَّ لفظَ الرَّحِمِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَعْناهُ: المَوْجُودُ في الناسِ مِنَ المعنَى المَوْجُودِ للَّهِ تعالى، فَتَناسَبَ مَعْناهُما تَناسُبَ لَفْظَيْهما. والرَّحْمَنُ والرَّحيـمُ على وزن نَدْمانَ ونَديمٍ، ولا يُطْلَقُ الرَّحْمنُ إلا على اللَّهِ تعالى، مِنْ حَيْثُ إنَّ مَعْناهُ لا يصحُّ إلا له إذْ هو الذي وسِعَ كُلَّ شيءٍ رَحْمَة. والرَّحيمُ يُسْتَعْمَلُ في غَيْرِهِ، وهو الذي كَثُرتْ رَحْمَتُهُ {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البَقَرَة: 182] وقال في صِفَةِ النبيِّ (ص) : {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التّوبَة: 128]. وقيلَ: إنَّ اللَّهَ تعالى هو رَحْمنُ الدُّنْيا ورَحيمُ الآخِرَةِ، وذلك أنَّ إحسانَهُ في الدُّنْيا يَعُمُّ المؤمِنينَ والكافِرينَ، وفي الآخِرَةِ يَخْتَصُّ بالمؤمِنينَ، وعلى هذا {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعرَاف: 156] تنبيهاً أنها في الدُّنْيا عامَّةٌ للمؤمِنينَ والكافِرينَ، وفي الآخِرَةِ مُخْتَصَّةٌ بالمؤمِنينَ.
رَخَـوَ: الرُّخاءُ: الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ التي لا تُحرِّكُ شيئاً، مِنْ قولِهِمْ: شيء رخْوٌ، وقد رَخيَ يَرْخَى {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص: 36]، ومنه: أرْخَيْتُ السِّتْرَ أي أسدلتُهُ، كقولهم: «أَرْخى السِّتْرَ على نقائِصِهِ».
وقد أرْخَيْتُهُ: صيَّرتُهُ رِخْواً، ومنه «أَرْخِ له الحبلَ» أي وَسِّعْ عليه في تصرُّفِهِ حتى يذهبَ حيثُ يَشَاءُ.
ردأ: الرِّدْءُ: العونُ والناصِرُ، أَي الذي يَتْبَعُ غَيْرَهُ مُعِيناً له {فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} [القَصَص: 34]. والرَّدِيءُ ضد الجيّد أي الفاسِد، يُقالُ: رَدُأَ الشيءُ رَدَاءةً وقد أرْدَأهُ فهو رَدِيءٌ. والرَّدَى: الهَلاكُ. والتَّرَدِّي: التَّعَرُّضُ للْهَلاكِ {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} [الليْل: 11]، {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى} [طه: 16]، و {تاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} [الصَّافات: 56] أقسم بالله سبحانه إنك كدتَ تُهْلكني بما دعوتني إليه من الضلالة حتى لكأني كِدتُ أهوي من شاهقٍ إلى مكانٍ سحيق. والمُتَرَدِّيَةُ: واحدةُ الأنعام الساقطةُ أو المتهوِّرَةُ من مكانٍ عالٍ. قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ} [المَائدة: 3].
رد: الـرَّدُّ: صَرْفُ الشيءِ بذاتِهِ، أو بِحالَةٍ مِنْ أحوالِهِ. يُقالُ: رَدَدْتُهُ عن الشيءِ فارْتَدَّ، وارتدَّ الشيءَ رَدَّهُ {وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعَام: 147]. فمِنَ الرَّدِّ بالذَّاتِ قولُهُ: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعَام: 28]، {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ} [الإسرَاء: 6]. وقـال: {رُدُّوهَا عَلَيَّ} [ص: 33]، {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ} [القَصَص: 13]، {يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ} [الأنعَام: 27]. ومِنَ الرَّدِّ إلَى حالَةٍ كانَ عليها، قولُهُ: {يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عِمرَان: 149]، وقولُهُ: {وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يُونس: 107] أي لا دَافِعَ ولا مانِعَ له، وعلى ذلك {عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ} [هُود: 76]، ومِنْ هذا الرَّدُّ إلَى اللَّهِ تعالى نحوُ قولِهِ: {وَلَئِنْ رُدِدْتُّ إِلَى رَبِّي لأََجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} [الكهف: 36]، {ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [التّوبَة: 94]، {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ} [الأنعَام: 62] فالرَّدُّ كالرَّجْعِ: {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البَقَرَة: 28]. ومنهم مَنْ قال: في الرَّدِّ قولانِ: أحدُهُما: رَدُّهُمْ إلى ما أشارَ إليه بقولِهِ: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] والثانِي: رَدُّهُمْ إلَى الحياةِ المُشارِ إليها بقولِهِ: {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] فذَلِكَ نَظَرٌ إلَى حالَتَيْنِ كِلْتاهُما دَاخلَةٌ في عُمُومِ اللفظِ. وقولُهُ تعالى: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} [إبراهيم: 9] قيلَ: عَضُّوا الأنامِلَ غَيْظاً، وقيلَ: أشارُوا إلَى السُّكُوتِ، وأشارُوا باليَدِ إلَى الفَمِ، وقيلَ رَدُّوا أيْدِيَهُمْ في أفْوَاِه الأنبياءِ فأسْكَتُوهُمْ. واسْتِعْمالُ الرَّدِّ في ذلك تنبيه أنهم فَعَلُوا ذلك مَرَّةَ بَعْدَ أخْرَى. وقولُهُ تعالى: {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} [البَقَرَة: 109] أي يُرْجِعُونَكُمْ إلَى حالِ الكُفْرِ بَعْدَ أنْ فارَقْتُمُوهُ. وعلى ذلك {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} [آل عِمرَان: 100]. والارتِدَادُ والرِّدَّةُ: الرُّجُوعُ في الطَّرِيقِ الذي جاءَ منه، لكن الرِّدَّةُ تَخْتَصُّ بالكُفْر، والارْتِدَادُ يُسْتَعْمَلُ فيه وفي غَيْرِهِ. قال: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ} [محَمَّد: 25]، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} [المَائدة: 54] وهو الرُّجُوعُ مِنَ الإسلامِ إلَى الكُفْرِ، وكذلك {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البَقَرَة: 217]. وقال عَزَّ وجلّ: {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64]، {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} [محَمَّد: 25]، {وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا} [الأنعَام: 71]. وقولُهُ تعالى: {وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ} [المَائدة: 21] أي إذا تَحَقَّقْتُمْ أمْراً وعَرَفْتُمْ خَيْراً فَلا تَرْجِعُوا عنه. وقولُهُ عزَّ وجلَّ: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا} [يُوسُف: 96] أي عادَ إليه البَصَرُ بعد العمى. ويُقالُ: رَدَدْتُ الحُكْمَ في كذا إلَى فُلانٍ: فَوَّضْتُهُ إليه. قال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ} [النِّسَاء: 83] وقال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النِّسَاء: 59]. وأما قوله تعالى: {وَخَيْرٌ مَرَدًّا} [مَريَم: 76] أي خيرٌ عاقبةٍ ومنفعةً. و {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [النّحل: 71] أي لا يردّون رزقهم على عبيدهم لأنهم يعتقدون أن في إشراك عبيدهم بأموالهم نقصاً في كرامتهم وهدراً في حقوقهم
ردف: الرِّدْفُ: التابِعُ. ورَدَفَ: دَنَا وَقَرُبَ. يقال ردَف الأمرُ القومَ، إذا دَهَمَهم، وقولُهُ تعالى: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} [النَّمل: 72] أي دَنَا مِنْكُمْ عذاب الله، وَقَرُبَ موعِدُه. والتَّرَادُفُ: التتابُعُ. والرَّادِفُ: المُتأخِّرُ. والمُرْدِفُ: المُتَقَدِّمُ الذي أرْدَفَ غَيْرَهُ {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفَال: 9]. قال أبو عبيدةَ: مُرْدِفِينَ: جائِينَ بعْدُ. وقال غَيْرُهُ: مَعْناهُ مُرْدِفِينَ مَلائِكةً أخْرَى، فَعَلَى هذا يكُونونَ مُمَدِّينَ بِألْفَيْنِ مِنَ المَلائِكَةِ. وقيلَ: عَنَى بالمُرْدِفينَ المُتَقَدِّمِينَ للعسكر يُلْقُونَ في قُلُوبِ الْعِدى الرُّعْبَ. والرادفةُ: هي النفخةُ الثانيةُ في الصّور التي تعقبُ النفخةَ الأولى، قال تعالى: {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} [النَّازعَات: 7]. وفي سورة آلِ عمران، قال تعالى: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عِمرَان: 124-125]. وأرْدَفْتُهُ: حَمَلْتُهُ معي على رِدْفِ الفَرَسِ. وجاءَ واحِدٌ، فأرْدَفَهُ آخَرُ. وأرْدَافُ المُلُوكِ: الذينَ يَخْلُفُونَهُمْ.
ردم: ردمَ ردْماً البابَ والثُّلمة ونحوها: سَدَّه، والرَّدْم: ما يسقط من الجدار المتهدم. {أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} [الكهف: 95] أي: أَسُدُّ الثُّلمةَ القائمةَ بينكم وبينهم، وقيل هو السدُّ بين يأجوجَ ومأجوج. وردم الثوب وتردَّمه: رقعه. ويقال ثوبٌ مرَدَّم ومرتدم ومتردِّم: خَلَقٌ مُرَقَّع. وقال عنترة: هل غادر الشعراءُ من متردّمِ، أي هل تركوا من قول يؤلَّف تأليفَ الثَّوب المرقَّع. ويقال: أردمتْ عليه الحمَّى بمعنى دامتْ لم تُفارقْه؛ ومنه سحابٌ مُرْدِم: لا يفارق؛ وأردمت الشجرةُ: اخضرَّت بعد يُبوس.
رذل: الرَّذْلُ والرُّذَالُ: المَرْغُوبُ عنه لرَدَاءَتِهِ. {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [النّحل: 70] أي آخرِهِ في حال الكِبَر والعجز، والرَّذْلُ: الرَّذيلُ أي الدُّونُ من الناس أو الخسيس الرَّديء، وجمع الرَّذْلِ: أَرْذالٌ وأَرَاذِلُ {إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [هُود: 27] و {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ} [الشُّعَرَاء: 111]. والأَرْذَلُونَ: جمعُ الأرْذَلِ الدون في منظرِه وحالاتِه كالرذل والرذيل.
رزق: الرِّزْقُ: يُقالُ للعَطاءِ الجارِي تارَةً دُنْيَوِيّاً أكانَ أم أخْرَوِيّاً، وللنَّصِيبِ تارَةً، ولِما يَصِلُ إلَى الجَوْفِ ويُتَغَذَّى به تارَةً. يُقالُ: أعْطَى السُّلْطانُ رِزْقَ الجُنْدِ، ورُزِقْتُ عِلْماً. {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المنَافِقون: 10] أي مِنَ المالِ والجاهِ والعِلْم، وكذلك قولُهُ: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البَقَرَة: 3]، {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البَقَرَة: 57]. وقولُهُ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقِعَة: 82] أي وتَجْعَلُونَ نَصِيبَكُمْ مِنَ النِّعْمَةِ التي هي القرآن الكريم بكذبكم، إذ تنسبونه إلى غير الله عزّ وجلّ. وقولُهُ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} [الذّاريَات: 22] قيلَ عُنِيَ به المَطَرُ الذي به حَياةُ الحيوانِ، وقيلَ هو كقولِهِ: {فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [الحِجر: 22] وقيلَ: تنبيهٌ أنَّ الحُظُوظَ بالمَقادِير. وقولُهُ تعالى: {فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} [الكهف: 19] أي بِطَعامٍ يُتَغَذَّى به. وقولهُ تعالى: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ} [ق: 10-11] قيلَ: عنَى به الأغْذِيَة، ويمْكِنُ أنْ يُحْمَلَ على العُمُومِ فيما يُؤكَلُ ويُلْبَسُ ويُسْتَعْمَلُ، وكُلُّ ذلك مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الأرَضِينَ، وقد قَيَّضَهُ اللَّهُ بما ينَزِّلُهُ منَ السَّماءِ مِنَ الماءِ. وقال في العَطاءِ الأخْرَوِيِّ: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عِمرَان: 169] أي يُفِيضُ اللَّهُ عليهمُ النِّعَمَ الأخْرَوِيَّةَ، وكذلك قولُهُ {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مَريَم: 62]. وقولُهُ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ} [الذّاريَات: 58] فهذا محمولٌ على العُمُومِ. والرَّازقُ: يُقالُ لِخالِقِ الرِّزْقِ ومُعْطِيه والمُسَبِّبِ له، وهو اللَّهُ تعالى. ويُقالُ ذلك لِلإِنْسانِ الذي يَصِيرُ سَبَباً في وصُولِ الرِّزْقِ. والرَّزَّاقُ: لا يُقالُ إلاَّ لله تعالى، وقولُهُ: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} [الحِجر: 20] أي بِسببٍ في رزْقِهِ، ولا دَخْلَ لَكُمْ فيه. {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ} [النّحل: 73] أي ليسُوا بسببٍ في رِزْقٍ بوجهٍ مِنَ الوجُوهِ، وسببٍ مِنَ الأسْبابِ. ويُقالُ: ارْتَزَقَ الجُنْدُ: أخَذُوا أرْزَاقَهُمْ. والرَّزْقَةُ: ما يُعْطَاهُ الجندُ دُفْعَةً واحِدَةً.
رس: قال تعالى: {وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ} [ق: 12]، وقال: {وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ} [الفُرقان: 38]. أصْحابَ الرَّسِّ: قيلَ هو وادٍ، وقيل بئرٌ كانت لبقيَّةٍ من ثمود كذبوا نبيَّهم ورسُّوهُ فيها أي دسُّوهُ فيها. قال الشاعِرُ:
وهُنَّ لِوَادِي الرَّسِّ كاليَدِّ للفَمِ
وأصْلُ الرَّسِّ: الأثَرُ الموجُودُ في الشيءِ. يُقالُ: تَرَاسَيْنا الخبرَ تَرَاسّاً: تَسَارَرْناهُ، «وبه رَسُّ الحمَّى ورسيسُها» أي ابتداؤها. ورَسُّ الحَديثِ في نَفْسي، ووجَدَ رَسّاً، مِنْ حُمَّى. ورُسَّ المَيِّتُ: دُفِنَ وجُعِلَ أثَراً بَعْدَ عَيْنٍ.
رَسَخَ: قال تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عِمرَان: 7]. رُسُوخُ الشيءِ: ثَباتُهُ مُتَمكِّناً. ورَسَخَ الغَدِيرُ: نَشَّ ماؤهُ ونَضَبَ؛ ورَسَخَ المطَرُ: ذهبَ نداه في داخل الأرض فالتقى الثّرَيان. والرَّاسِخُ في العِلْمِ: المُتَحَقِّقُ به، الثابت الذي لا يَعْرضُهُ شُبْهَةٌ. فالرَّاسِخُونَ في العِلْمِ: هُمُ المَوْصُوفُونَ بقولِهِ تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} [الحُجرَات: 15]، {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ} [النِّسَاء: 162]. والرواسخُ: الجبالُ الثوابتُ.
رسـل: أصْلُ الرِّسْلِ: الانْبِعاثُ على التُّؤَدَةِ. وأرسل: بَعَثَ، والرَّسُولُ: المُنْبَعِثُ. وتُصُوِّر منه تارَةً الرِّفْقُ، فقيلَ: على رِسْلِكَ؛ إذا أمَرْتَهُ بالرِّفْقِ، وتارَةً الانْبِعاثُ: فاشْتُقَّ منه الرَّسُولُ. والرَّسُولُ: يُقالُ تارَةً للقَوْلِ المُتَحَمَّلِ كقولِ الشاعرِ:
ألاَ أبْلِغْ أبا حَفْصٍ رَسُولاً
وكذلك قولُهُ تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} [النّحل: 36]، {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسرَاء: 15]، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القَصَص: 59]. وتارَةً لمُتَحَمِّلِ القَوْلِ والرِّسَالَةِ. والرَّسُولُ يُقالُ للواحِدِ والجمعِ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التّوبَة: 128] و {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشُّعَرَاء: 16]. وقال الشاعِرُ:
ألِكْنِي وخَيْرُ الرَّسُول أعْلَمُهُمْ بِنواحِي الخَبَرْ
وجمعُ الرَّسُولِ: رُسُلٌ. ورُسُلُ الله: تارَةً يُرَادُ بها المَلائِكَةُ، وتارَةً يُرادُ بِها الأنبياءُ، فَمِنَ المَلائِكَةِ قولُهُ تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحَاقَّة: 40]، {إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} [هُود: 81]، و {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ} [هُود: 77]، و {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى} [العَنكبوت: 31]، و {وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا} [المُرسَلات: 1]، و {بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزّخرُف: 80]. ومِنَ الأنبياءِ قولُهُ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} [آل عِمرَان: 144]، {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المَائدة: 67]. أما قوله: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [الأنعَام: 48] فَمَحْمُولٌ على رُسُلِهِ مِنَ المَلائكَةِ والإِنْسِ. وقولُهُ: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: 51] قيلَ عُنِيَ به الرَّسُولُ وصَفْوَةُ أصحابِهِ فَسَمَّاهُمْ رُسُلاً لِضَمِّهِمْ إليه، كتَسْمِيَتِهِم المُهَلَّبَ وأولادَهُ: المهَالِبَةَ. والإرْسالُ: يُقالُ في الإِنْسانِ وفي الأشياءِ المَحْبُوبَةِ والمَكْرُوهَةِ، وقد يَكُونُ ذلك بالتَّسْخِيرِ كإرْسالِ الرِّيحِ والمَطَر، نحوُ: {وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا} [الأنعَام: 6] وقد يكونُ بِبَعْثِ مَنْ له الخيارِ، نحوُ: إرْسالِ الرُّسُلِ، ومنه: {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} [الأنعَام: 61]، {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} [الشُّعَرَاء: 53]. وقد يكُونُ ذلك بالتَّخْلِيَةِ وتَرْكِ المَنْعِ نحوُ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مَريَم: 83]. والإرْسالُ يُقابِلُ الإمْساكَ: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فَاطِر: 2]. والرَّسْلُ مِنَ الإبِلِ والغَنَمِ: ما يَسْتَرْسِلُ في السَّيْرِ. يُقالُ: جاؤوا أرْسالاً، أي مُتَتابِعينَ. والرِّسْلُ: اللَّبَنُ الكثيرُ المُتَتابِعُ الدَّرِّ.
رسو: يُقالُ: رَسا الشيءُ يَرْسُو: ثَبَتَ وأرْساهُ غَيْرُهُ {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سَبَإ: 13]. و {رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ} [المُرسَلات: 27] أي جِبالاً ثابتاتٍ. {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} [النَّازعَات: 32] إشارَةٌ إلَى نحو قولِهِ تعالى: {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} [النّبَإِ: 7]. قال الشاعِرُ:
ولا جِبالَ إذا لم تُرْسَ أوتادُ
وألْقت السَّحابَةُ مَرَاسِيَها، نحوُ ألْقَتْ طُنُبَها. وقال تعالى: {ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هُود: 41] مِنْ أجْرَيْتُ وأرْسَيْتُ. فالمُرْسَى: يُقالُ للمصدرِ والمكانِ والزمانِ والمَفْعُولِ، وقُرىءَ مَجْريها ومَرْسِيها. وقولُهُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [النَّازعَات: 42] أي زَمانُ ثُبُوتِها. ورَسَوْتُ بَيْنَ القَوْمِ: أي أثْبَتُّ بينَهمْ إيقاعَ الصُّلْحِ.
رشد: الرَّشَدُ والرُّشْدُ: خِلافُ الغَيِّ، أي الاستقامة على طريق الحق مع تصلُّب فيه، ويُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمالَ الهِدَايَة، يُقالُ: رَشَدَ يَرْشُدُ ورَشِدَ يَرْشَدُ. قال تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البَقَرَة: 186] و {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البَقَرَة: 256] و {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النِّسَاء: 6]، {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ} [الأنبيَاء: 51] وبَيْنَ الرُّشْدَيْن ـ: أعْني الرُّشْدَ المُؤْنَسَ مِنَ اليَتيمِ، والرُّشْدَ الذي أوتِيَ إبراهيمُ (ع) ـ بَوْنٌ بَعِيدٌ. وفي القرآن الكريم {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66] و {لأَِقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} [الكهف: 24] وقال بَعْضُهُمْ: الرَّشَدُ أخَصُّ مِنَ الرُّشْدِ، فإنَّ الرُّشْدَ يُقالُ في الأمُورِ الدُّنْيَويَّةِ والأخْرَوِيَّةِ، والرَّشَدُ يُقالُ في الأمُورِ الأخْرَوِيَّةِ لا غَيْرُ. والرَّاشِدُ والرَّشِيدُ يُقالُ فيهما جميعاً: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحُجرَات: 7]، و {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هُود: 97] أي ليس تقديرُهُ حسناً فيما قدَّر.
رص: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصَّف: 4] أي مُحْكَمٌ كأنَّما بُنِيَ بالرَّصاصِ. ويُقالُ: رَصَصْتُهُ ورَصَّصْتُهُ. وتَرَاصُّوا في الصلاةِ: أي تلاصقوا وتَضايَقُوا فِيها. وتَرْصِيصُ المرأةِ أن تُشَدِّدَ التَّنَقُّبَ، وذلك أبْلَغُ مِنَ التَّرَصُّصِ.
رصد: الرَّصَدُ: الاسْتِعْدَادُ للتَّرَقُّبِ. يُقالُ: رَصَدَهُ وتَرَصَّدَ له: قَعَدَ له في الطريق، والمرصاد: المكان يُرصَدُ فيه العدوُّ، وأرْصَدَ له الشيءَ: أعدَّه له، مثل أرصَدَ له الحسابَ {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ} [التّوبَة: 107]. وقولُهُ: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفَجر: 14] تنبيه أنه لا مَلْجَأ ولا مَهْرَبَ من أمر الله الذي يرصدهم والرَّصَدُ: الذي يرصُدُ كالجندي والحارس وغيرهما، يُقالُ لِلرَّاصِدِ الواحِدِ، وللجماعَةِ الأرصـاد، وللمَرْصُـودِ، واحِـداً كانَ أو جمعاً. {يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجنّ: 27] أي يحفظ الذي يطّلع عليه الرسول فيجعل من بين يديه ومن خلفه رصَداً من الملائكة يحفظون الوحي من أن تسرقه الشياطين فتلقيه إلى الكهنة. والمَرْصَدُ: مَوْضِعُ الرَّصد {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [التّوبَة: 5] أي بِكـلِّ طريـقٍ، وبكـلِّ مَسْلكٍ، وقولُه تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} [النّبَإِ: 21] تنبيه إلى أنَّ عليها ممرّ الناسِ، وعلى هذا قولُهُ تعالى {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} [مَريَم: 71].
رضع: يُقالُ: رَضَعَ المَوْلُودُ يَرْضِعُ، ورَضِع يَرْضَعُ رَضاعاً ورَضاعَةً ورضُعَ يَرضُعُ، والمعنى واحد؛ وعنه اسْتُعِيرَ: لَئِيمٌ رَاضِعٌ لِمَنْ تَناهَى لُؤْمُهُ ـ وإنْ كانَ في الأصْلِ لِمَنْ يَرْضَعُ غَنَمَهُ لَيْلاً لِئلاَّ يُسْمَعَ صَوْتُ شَخْبِهِ، فَلَمَّا تُعُورِفَ في ذلك قيلَ: رَضُعَ فُلانٌ، نحوُ لَؤُمَ. وسُمِّيَ الثَّنِيَّتانِ مِنَ الأسنانِ الرَّاضِعَتَيْنِ لاسْتِعانَةِ الصَّبيِّ بِهما في الرَّضْعِ. قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البَقَرَة: 233]، {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطّلاَق: 6]. ويُقالُ: فُلانٌ أخو فُلانٍ مِنَ الرَّضاعَةِ. وقال (ص) : «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضاعِ ما يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» [ابن ماجه ـ كتاب النكاح ـ رقم 1937] . وقال تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُّمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلاَدَكُمْ} [البَقَرَة: 233] أي تَسُومُونَهُنَّ إرْضاعَ أولادِكُمْ.
رضـي: يُقالُ: رَضيَ يَرْضَى رِضاً فهو مَرْضيٌّ ومَرْضُوٌّ. ورِضا العَبْدِ عَنِ اللَّهِ: أنْ لاَ يَكْرَهَ ما يَجْري به قَضاؤهُ. ورِضا اللَّهِ عَنِ العَبْدِ، هو أنْ يَرَاهُ مُؤتَمِراً لأمْرِهِ ومُنْتَهِياً عَنْ نَهْيِهِ، ومنه {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المَائدة: 119]، و {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفَتْح: 18]، و {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ} [التّوبَة: 38] و {يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ} [التّوبَة: 8]، و {وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} [الأحزَاب: 51]. والرِّضْـوانُ: الرِّضـا الكثيرُ. ولَمَّا كانَ أعظمُ الرِّضا رِضا اللَّهِ تعالـى خُـصَّ لَفْـظُ الرِّضْوانِ في القرآنِ بِما كانَ مِنَ اللَّهِ تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} [الحَديد: 27]، وقال: {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً} [الفَتْح: 29]، و {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ} [التّوبَة: 21]. وقولُهُ تعالى: {إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البَقَرَة: 232] أي أظْهَرَ كُلُّ واحِدٍ منهمُ الرِّضا بِصاحِبِهِ ورَضِيَهُ. و «عيشةٌ راضيةٌ» أي مَرْضِيَّةٌ، والرضا الأَكمل ما رضي الله سبحانه وتعالى للناس من الدين القيّم لقوله تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المَائدة: 3].
رطب: الرَّطْبُ خِلافُ اليابِسِ {وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعَام: 59]. وخُصَّ الرُّطَبُ بالرَّطْبِ مِنَ التَّمْر: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مَريَم: 25]. وأرْطَبَ النَّخْلُ، نحوُ أتْمَرَ وأجْنَى. ورَطَبْتُ الفَرَسَ، ورَطَّبْتُهُ: أطْعَمْتُهُ الرَّطْبَ؛ ورطِبَ الرَّجُلُ رَطَباً، إذَا تَكَلَّمَ بما عَنَّ له مِنْ خَطَأ وصَوابٍ؛ و«العيشُ الرَّطيبُ»، عِبارَةٌ عَنِ العيش الناعِمِ.
رعب: الرُّعْبُ: الانْقطاعُ مِن امْتلاءِ الخَوْفِ، والرعْبُ: الوعيدُ، يُقالُ: رَعَبْتُهُ فَرَعَبَ رُعْباً، وهو رَعِبٌ. والتِّرْعابَةُ: الفَرُوقَةُ، يقال «هو في السلم تِلْعَابَةٌ وفي الحرب تِرْعابةُ». قال تعالى: {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ} [الأحزَاب: 26]، {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [آل عِمرَان: 151]، {وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} [الكهف: 18]. ولِتَصَوُّرِ الامْتِلاءِ منه قيل: رَعَبْتُ الحَوْضَ: مَلأتُهُ. وسَيْلٌ رَاعِبٌ: يَمْلأ الوادِيَ، وباعْتِبارِ القَطْعِ قيلَ: رَعَبْتُ السَّنامَ: قَطَعْتُهُ. وجارِيَةٌ رُعْبُوبَةٌ: شابَّةٌ، والجمعُ الرَّعابِيبُ.
رعد: قال تعالى: {فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ} [البَقَرَة: 19]، {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ} [الرّعد: 13]. الرَّعْدُ: صَوْتُ السَّحابِ. وروِيَ أنه مَلَكٌ يَسُوقُ السَّحابَ. وقيلَ: رَعَدَتِ السماءُ وبَرَقَتْ، وأرْعَدَتْ وأبْرَقَتْ. ويُكَنَّى بِهما عَنِ التَّهَدُّدِ. ويُقالُ في المثل: «صَلَفٌ تَحْتَ الرَاعِدَةٍ» لمن يُكثِرُ الكلامَ ولا خيرَ عندَهُ. والرِّعْدِيدُ: المُضْطَرِبِ جُبْناً من كثرة الارتعاد، ومنه أرْعِدَتْ فَرَائِصُهُ خَوْفاً.
رعن: {لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا} [البَقَرَة: 104]، {وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ} [النِّسَاء: 46] كانَ ذلك قَوْلاً يَقُولُونه للنبيِّ (ص) على سَبيلِ التَّهكُّمِ يَقْصِدونَ به رَمْيَهُ بالرُّعُونَةِ، ويُوهِمُونَ أنهمْ يَقُولُونَ رَاعِنا، أي احْفَظْنا. مِنْ قَوْلِهِمْ: رَعُنَ الرَّجُلُ يَرْعُنُ رَعَناً، فهو رَعِنٌ وأرْعَنُ، وامرأةٌ رَعْناءُ. باعتبار أن الأرعنَ هو الأهوجُ في منطقِهِ، وتسميته بذلك لميل فيه، تشبيهاً بالرَّعْنِ، أي أنف الجبل. ومنه قوله تعالى: {لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} [البَقَرَة: 104] وذلك أن المسلمين كانوا يقولون: يا رسول الله راعنا، أي اسْتَمِعْ مِنا، فحرَّفتِ اليهود تلك المقولة فقالوا: يا محمَّد: راعنا، وهم يُلحدون إلى الرعونة، يريدون به النقيصةَ (وحاشا له (ص) ) فلما عُوتِبَ بنو يهودَ قالوا: نقول كما كان يقولُ المسلمون في الجاهلية، فنهى اللَّهُ تعالى عن ذلك بقوله العزيز: {لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا} [البَقَرَة: 104].
رعى: المراعاة: التفقّدُ للشيءِ في نفسه وفي أحوالِهِ. والمراعاةُ والمحافظةُ والمراقبـةُ نظائرُ، ونقيض المراعاة الغَفْلةُ، والرَّعْيُ في الأصْلِ: حِفْظُ الحيـوانِ، إمَّـا بِغِذَائِـهِ الحافِـظِ لِحَياتِهِ، وإمَّا بِذَبِّ العَدُوِّ عنه. يُقالُ: رَعَيْتُهُ: أي حَفِظْتُهُ، وأرْعَيْتُهُ: جَعَلْتُ له ما يَرْعَى. والرِّعْيُ: ما يَرْعاهُ من النبات، والمَرْعَى: الكَلَأُ، ومَوْضِعُ الرَّعْي. قال تعالى: {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ} [طه: 54]، {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} [النَّازعَات: 31]، {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} [الأعلى: 4]، وجُعِلَ الرَّعْيُ والرِّعاءُ للحِفْظِ والسِّياسَةِ {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحَديد: 27] أي ما حافَظُوا عليها حَقَّ المُحافَظَةِ. ويُسَمَّى كُلُّ سائِسٍ لنَفْسِهِ أو لِغَيْرهِ راعِياً. ورُوِيَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»(112). قال الشاعِرُ:
ولا المَرْعِيُّ في الأقْوَامِ كالرَّاعِي
وجمعُ الرَّاعِي رِعاءٌ ورُعاةٌ. ومُرَاعاةُ الإِنْسانِ لِلأمْر: مُرَاقَبَتُهُ إلَى ماذَا يَصِيرُ، وماذَا يكُونُ منه. ومنه رَاعَيْتُ النجومَ: {لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} [البَقَرَة: 104] وأرْعَيْتُهُ سَمْعِي: جَعَلْتُهُ رَاعِياً لكلامِهِ. ويُقال: «راعِني سَمْعَكَ»، أي استمع لمقالي، (لمعرفة سبب النزول راجع لفظة «عن»).
رغب: أصْلُ الرَّغْبَةِ: السَّعَةُ في الشيءِ. يُقالُ: رَغُبَ الشيءُ: اتَّسَعَ. وحَوْضٌ رَغِيبٌ. وفُلانٌ رَغِيبُ الجَوْفِ. وفَرَسٌ رَغِيبُ العَدْوِ. والرَّغْبَةُ والرَّغَبُ والرَّغْبَى: السَّعَةُ في الإرَادَةِ. قال تعالى: {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبيَاء: 90] فإذا قيلَ: رَغِبَ فيه وإليه، يَقْتَضِي الحِرْصَ عليه: {إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التّوبَة: 59]، وإذا قيلَ رَغِبَ عنه، اقْتَضَى صَرْفَ الرَّغْبَةِ عنه، والزُّهْدَ فيه، نحوُ قولِهِ تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ} [البَقَرَة: 130]، {أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي ياإِبْرَاهِيمُ} [مَريَم: 46] أي: أأنت معرضٌ عن آلهتي يا إبراهيم وتاركٌ لها، وزاهدٌ فيها. والرَّغيبَةُ، جمعها الرغائب، وهي: العَطاءُ الكثيرُ، إمَّا لكونهِ مَرْغُوباً فيه فتكُونُ مُشْتَقَّةً مِنَ الرَّغْبَةِ، وإمَّا لِسَعَتِهِ.
رغد: عَيْشٌ رَغَدٌ، ورَغِيدٌ: طَيِّبٌ واسِعٌ. قال تعالى {وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا} [البَقَرَة: 35]، {يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [النّحل: 112]. وأرْغَدَ القَوْمُ: صَارُوا في رَغَدٍ مِنَ العَيْشِ. وأرْغَدَ ماشيَتَهُ: تركَها تَرْعَى كيف شاءت. والمِرْغادُ مِنَ اللَّبَنِ: المُخْتَلِطُ الدَّالُّ بكَثْرَتِهِ على رَغَدِ العَيْشِ.
رغم: الرَّغامُ: الترابُ الرَّقِيقُ. ورَاغِمُ الأنف: الذليل الذي وقَعَ في الرَّغامِ، وأرْغَمَهُ غَيْرُهُ: أَذَلَّهُ. ويُعَبَّرُ بذلك عَنِ السَّخَط. كقولِ الشاعِرِ:
إذا رَغِمَتْ تلكَ الأنُوفُ لَمَ ارْضِها ولم أطْلُبِ العُتْبَى ولكنْ أزِيدُها
فَمُقَابَلَتُهُ بالإرْضاءِ مِمَّا يُنَبِّهُ دَلالَتَهُ على الإِسْخاطِ، وعلى هذا قيلَ: أرْغَمَ اللَّهُ أنْفَهُ. وأرْغَمَهُ: أسْخَطَهُ. ورَاغَمَهُ: ساخَطَهُ، وتَجاهَدَا على أن يُرْغِمَ أحَدُهُما الآخَرَ، ثم تُسْتَعارُ المُرَاغَمَةُ للمُنَازَعَةِ. {يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا} [النِّسَاء: 100] أي مَذْهَباً يَذْهَبُ إليه إذا رَأى مُنْكَراً يَلْزَمُهُ، أي يَجِدُ في الأرضِ مُتَّسَعاً مما كانَ فيه من تَضْيِيقِ المُشركينَ عَلَيْهِ، أو أماكِنَ يَهْرُبُ إِليها من الكُفر والمُنكر.
رف: رَفِيفُ الشجر: اهتزازُ أغْصانهِ من نضارته. ورَفَّ الطَّيْرُ: نَشَرَ جَناحَيْهِ. يُقالُ: رَفَّ الطائِرُ يَرُفُّ، ورَفَّ فَرْخَهُ يَرُفُّهُ، إذا نَشَرَ جناحَيْهِ مُتَفَقِّداً له. واسْتُعِيرَ الرَّفُّ للمُتَفَقِّدِ، فقيلَ: «ذهَبَ ما كان يحفُّهُ ويَرفُّهُ» أي من كان يضُمُّهُ ويَوَدُّهُ ويتحَدَّبُ عليه، وقيلَ:
مَنْ حَفَّنا أو رَفَّنا فَلْيَقْتَصِد
والرَّفْرَفُ: المُنْتَشِرُ مِنَ الأورَاقِ. وقولُهُ تعالى: {عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} [الرَّحمن: 76] فَضَرْبٌ مِنَ الثيابِ مُشَبَّهٌ بالرِّياضِ. وقيلَ: الرَّفْرَفُ طَرَفُ الفُسْطاطِ والخِباءِ الواقِعِ على الأرضِ دُونَ الأَطْنابِ والأوتادِ، وذُكِرَ عَنِ الحسنِ أنها المَخادُّ.
رفـت: رَفَـتُّ الشيءَ أرْفُتُهُ رَفْتاً، فَتَّتُّهُ. والرُّفاتُ والفَتاتُ: كلُّ ما تكَسَّرَ وبلِيَ {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا} [الإسرَاء: 49]، واسْتُعِيرَ الرُّفاتُ للحَبْلِ المُنْقَطِعِ قِطْعَةً قِطْعَةً.
رفث: الرَّفَثُ: كلامٌ مُتَضَمِّنٌ لِما يُسْتَقْبَحُ ذِكْرُهُ مِنْ ذِكْرِ الجِماعِ ودَوَاعِيهِ، وجُعِلَ كِنايَةً عَنِ الجِماعِ في قولِهِ تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البَقَرَة: 187] تنبيهاً على جَوازِ دُعائِهنَّ إلَى ذلك ومُكالَمَتِهِنَّ فيه. وعُدِّيَ بإِلَى لتَضَمُّنِهِ معنَى الإِفضاءِ. وقولُهُ: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البَقَرَة: 197] يَحْتَمِلُ أنْ يكُـونَ نَهْيـاً عَـنْ تَعاطِي الجِماعِ، وأنْ يَكُونَ نَهْياً عَنِ القولِ الفَاحِشِ، إذ هـو مِن دواعِيهِ، وذلك في الحج. يُقالُ: رَفَثَ وأرْفَثَ. فَرَفَثَ فَعَلَ. وأرْفَثَ: صارَ ذَا رَفَثٍ. وهُما كالمُتَلازِمَيْنِ، ولهذا يُسْتَعْمَلُ أحَدُهُما مَوْضِعَ الآخَر.
رفد: الرِّفْدُ: المَعُونَةُ والعَطِيَّةُ. والرَّفْدُ مصدرٌ. والمِرْفَدُ: ما يُجْعَلُ فيه الرِّفْدُ مِنَ الطَّعامِ، ولهذا فُسِّرَ بالقَدَحِ. وقد رَفَدتُهُ: أنَلْتُهُ بالرِّفْدِ. قال تعالى: {بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} [هُود: 99]. وأرْفَدْتُهُ: جَعَلْتُ له رِفْداً يَتَنَاولُهُ شيئاً فشيئاً. فَرَفَدَهُ وأرْفَدَهُ، نحوُ سَقاهُ وأسْقاهُ. ورُفِدَ فُلانٌ، فهو مُرْفَدٌ، اسْتُعِيرَ لِمَنْ أعْطيَ الرِّئاسَةَ. والرَّفُودُ: الناقَةُ التي تَمْلأُ المِرْفَدَ لَبَناً مِنْ حَلْبَةٍ واحدةٍ، فهي رَفُودٌ في معنَى فاعِلٍ. وقيلَ: المَرافِيدُ مِنَ النُّوقِ والشاءِ: ما لا يَنْقَطِعُ لَبَنُهُ صَيْفاً وشِتاءً. وقولُ الشاعِر:
فأطْعَمْتَ العِرَاقَ ورَافِدَيْه فَزَارِيّاً أحَذَّ يَدِ القَمِيصِ
أي دِجْلَةَ والفُرَاتَ. وتَرَافَدُوا: تَعاونُوا، ومنه الرِّفادَةُ، وهي معاوَنَةُ الحجيج، كانَتْ مِنْ قُرَيْشٍ بشيءٍ كانُوا يُخْرجُونَهُ لِفُقَرَاءِ الحاج.
رفع: الرَّفْعُ: يُقالُ تارَةً في الأجْسامِ المَوْضُوعَةِ إذا أعْلَيْتَها عَنْ مَقَرِّها نحوُ: {وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الْطُّورَ} [البَقَرَة: 63] و {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرّعد: 2]، وتارَةً في البِناءِ إذا طَوَّلْتَهُ نحوُ قولِهِ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} [البَقَرَة: 127]، وتارَةً في الذِّكْر إذا نَوَّهْتَهُ نحوُ قولِهِ: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشَّرح: 4]، وتارَةً في المَنْزِلَةِ إذا شَرّفْتَها نحوُ قولِهِ: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الزّخرُف: 32]، {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [الأنعَام: 83]، {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} [غَافر: 15]. وقولُهُ تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النِّسَاء: 157-158] يَحْتَمِلُ رَفْعَهُ إلى السماءِ، ورَفْعَهُ مِنْ حَيْثُ التَّشْريفُ. وقال تعالى: {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} [الواقِعَة: 3] أي القيامة حيث تخفض أقواماً إلى سُفُل الجحيم وترفع أقواماً إلى منازل الجنة. وقوله: {وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} [الغَاشِيَة: 18] فإشارَةٌ إلَى قدرة الله تعالى في رَفْعِ السماوات بغير عُمُد. وقولُهُ عَزَّ وجلَّ: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقِعَة: 34] أي شريفةٍ، كناية عن مجالس أهل الجنة، وكذا قولُهُ: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ *مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} [عَبَسَ: 13-14] مكرَّمةٍ عند الله تعالى، مرفوعة في السَّماءِ، ومنزَّهةٍ عن مسِّ الشياطين. وقولُهُ: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النُّور: 36] أي تُشَرَّفَ، وذلك نحوُ قولِهِ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الأحزَاب: 33].
رفق: رَفَقَ به رَفْقاً: لطف به. وتَرَفَّقَ به رفَقَ. ورَفِقَ البعيرُ رَفَقاً: انفتل مرفقهُ عن جنبه. الرِّفق: لينُ الجانبِ وحسنُ الصنيعِ، وما استعين به كالمرفق. وارتفق: اتكأ على مِرفق يده أو على المِرْفَقَة: المخدّة أو الأريكة. وقوله تعالى: {وَيُهَيِّىءْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} [الكهف: 16] أي يسهّل عليكم أمرَكم ويأتيكم باليُسر والرفق واللطف. وأما قوله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29]. .. إلى قوله تعالى: {وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29]، أي ساءت النار متكأً لهم وساءت مجتمعاً، مأخوذ من المرافقة، وساءت منزلاً ومستقراً. وأما قوله {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} [الكهف: 31]... إلى قوله تعالى: {وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 31] أي حسنت منزلاً ومجلساً ومجتمعاً.
رق: الرِّقَّةُ كالدِّقَّةِ، لكن الدِّقَّةُ تُقالُ اعتِباراً بِمُرَاعاةِ جَوَانِبِهِ، والرِّقّةُ اعتِباراً بعُمْقِهِ، فَمَتَى كانَتِ الرِّقَّةُ في جِسْمٍ تُضادُّها الصَّفاقَةُ، نحوُ ثوبٍ رَقِيقٍ وصَفِيقٍ. ومَتَى كانَتْ في نفْسٍ تُضادُّها الجَفْوَةُ والقَسْوَةُ. يُقالُ: فُلانٌ رَقِيقُ القَلْبِ، وقاسِي القَلْبِ. والرَّقُّ: الصحيفة أو كلُّ ما يُكْتَبُ فيه شِبْهُ الكاغِدِ، وهو فارسيٌّ معرَّبٌ ومعناه القرطاس {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطُّور: 3]. والرقيقُ: المَمْلُوكُ، وجمعُهُ أرقَّاءُ. واسْتَرَقَّ فُلانٌ فُلاناً: جَعَلَهُ رَقيقاً.
رقب: الرَّقَبَةُ: اسمٌ للعُضْو المَعْرُوفِ، الجمع رقابٌ ورقباتٌ. وجُعِلَ في التَّعارُفِ اسْماً للعبد تسميةً للكل باسم أجزائه، كما عُبِّرَ بالرأسِ، وبالظَّهْرِ عَنِ المَرْكُوبِ، فقيلَ: فُلانٌ يَرْبُطُ كذا رَأساً، وكذا ظَهْراً. ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النِّسَاء: 92]، و {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} [البَقَرَة: 177] أي المُكَاتَبينَ والأسرى، فَهُمُ الذينَ تُصْرَفُ إليهمُ الزكاةُ. ورَقَبْتُهُ: أصَبْتُ رَقَبَتَهُ. ورَقَبْتُهُ: حَفِظْتُهُ. والرَّقِيبُ: الحافِظُ. وذلك إمَّا لمُرَاعاتِهِ رَقَبَةَ المَحْفُوظِ، وإمَّا لِرَفْعِهِ رَقَبَتَهُ. وقـوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] أي ما يتكلمُ بكلامٍ فيلفظُهُ إلاَّ لديه حافظٌ حاضرٌ. وقوله تعالى: {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً} [التّوبَة: 10] أي لا يحفظون ولا يراعون للمؤمنين قرابةً ولا عهداً. وأما قوله تعالى: {وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ} [هُود: 93] أي انتظروا ما وعَدكم ربُّكم من العذابِ إني معكم منتظرٌ. والمرقَبُ: المكان العالي الذي يشرف عليه الرَّقيبُ. وترقَّب: احترز، نحو قوله تعالى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القَصَص: 21] أي خائفاً محترزاً ينتظر الأخبارَ ويتوقَّعُ حدوثَ أمرٍ يتعلَّقُ به.
رقد: الرُّقادُ: المُسْتَطابُ مِنَ النَّوْمِ القليلِ، يُقالُ: رَقَدَ رُقُوداً، فهو رَاقِدٌ. والجمعُ: الرُّقُودُ. قال تعالى: {وَهُمْ رُقُودٌ} [الكهف: 18] وإنَّما وصَفَهُمْ بالرُّقُودِ، أي أهلِ الكهفِ، مَعَ كَثْرَةِ مَنامِهِمْ اعتِباراً بِحالِ المَوْتِ، وذاكَ أنَّ من رآهم اعْتَقَدَ فيهمْ أنهمْ أمْوَاتٌ، فَكانَ ذلك النَّوْمُ قليلاً في جَنْبِ الموْتِ. قال تعالى {يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52] أي مَضْجَعِنَا.
رقم: الرَّقْمُ: الخَطُّ الغَلِيظُ ـ وقيلَ هو تَعْجِيمُ الكِتابِ. وقولُهُ تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ} [المطفّفِين: 9] أي مكتوبٌ، حروفُه واضحةٌ. وقولهم «فُلانٌ يَرْقُمُ في الماءِ»، يُضْرَب مَثَلاً لِلْحِذْقِ في الأمُورِ. وأصحابُ الرَّقيمِ: هم أصحاب الكهف، وقيل عن الرقيم: اسْمُ القرية أو المكانِ الذي كانوا فيه، وقيلَ: نُسِبُوا إلَى حَجَرٍ رُقِمَت فيه أسماؤُهُمْ. ورَقْمَتا الحِمارِ: للأثَر الذي على عَضُدَيهِ. وأرضٌ مَرْقُومَةٌ: بها أثَرُ نَباتٍ.
رقى: رَقِيتُ في الدَّرَجِ والسُّلَّمِ: صعدتُ فيه، ومثله تَرَقَّى وارتَقَى {فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ} [ص: 10]. وقيلَ: «ارْقَ على ظَلْعِكَ»، أي تكلَّفْ ما تُطِيقَ؛ ومعناه أيضاً: اسكُتْ على ما فيكَ من العَيْبِ. والظَّالِعُ: اسمُ فاعل، ومعناه المائِلُ أو المتّهم، قالَ النّابِغة:
أَتُوعِدُ عبداً لم يَخُنْكَ أمانةً وتترُكُ عبداً ظالماً وهو ظالِعُ
ورَقَيْتُ: مِنَ الرُّقْيَةِ أي العوذة. وقولُهُ تعالى: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} [القِيَامَة: 27] أي مَنْ يَرْقِيه، تنبيه أنه لا رَاقيَ يَرْقيهِ فيَحْميهِ، وذلك إشارَةٌ إلَى نحو ما قال الشاعِرُ:
وإذا المَنِيَّةُ أنْشَبَتْ أظْفارَها ألْفَيْتَ كُلَّ تَمِيمَةٍ لا تَنْفَعُ
وقال ابنُ عباسٍ: مَعْناهُ مَنْ يَرْقَى بِرُوحِهِ: أمَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ أمْ مَلائِكَةُ العَذَابِ؟ والتَّرْقُوَةُ: مُقَدَّمُ الحَلْقِ في أعْلَى الصَّدْرِ، حَيْثُ ما يَتَرَقَّى فيه النَّفَسُ ومنه قوله: {كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} [القِيَامَة: 26] وقوله تعالى: {أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِّيِكَ} [الإسرَاء: 93].
ركب: الرُّكُوبُ في الأصْلِ: كَوْنُ الإنْسانِ على ظهْر حَيَوانٍ، وقد يُسْتَعْمَلُ في السَّفِينَةِ؛ والطّائِرةِ، والسيّارةِ والقِطارِ، الخ... والرَّاكِبُ: اخْتَصَّ في التَّعارُفِ بِمُمْتَطِي البَعِير، وجمعهُ رَكْبٌ ورُكْبانٌ ورُكُوبٌ. واخْتَصَّ الرِّكابُ بالمَرْكُوبِ {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النّحل: 8]، {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ} [العَنكبوت: 65]، {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأنفَال: 42]، {فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} [البَقَرَة: 239]. وأرْكَبَ المُهْرُ: حانَ أن يُرْكَبَ. والمُرَكَّبُ: اخْتَصَّ بِمَنْ يَرْكَبُ فَرَسَ غَيْرِهِ، وبِمَنْ يَضْعُفُ عَنِ الرُّكُوبِ، أو لا يُحْسِنُ أنْ يَرْكَبَ. والمُتَرَاكِبُ: ما رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضاً {فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا} [الأنعَام: 99]. والرُّكْبَةُ مَعْرُوفةٌ. ورَكِبْتُهُ: أصَبْتُ رُكْبَتَهُ، نحوُ فَأَدْتُهُ ورَأَسْتُهُ. ورَكِبْتُهُ: أيضاً أصَبْتُهُ بِرُكْبَتِي، نحوُ يَدَيْتُهُ وعِنْتُهُ، أي أصَبْتُهُ بِيَدِي وعَيْنِي.
ركد: رَكَدَ الماءُ والرِّيحُ: أي سَكَنَ، وكذلك السّفِينَةُ. قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلاَمِ * إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [الشّورى: 32-33] أي فتبقى السفن ثابتة واقفة على ظهر الماء هامدة كما لو فارقتها الحياة(113).
ركز: الرِّكْزُ: الصَّوْتُ الخَفِيُّ {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مَريَم: 98]. ورَكزْتُ كذا، أي دَفَنْتُهُ دفناً خَفِيّاً، ومنه الرِّكازُ، للمالِ المَدْفُونِ إمَّا بِفِعْلِ آدَميٍّ كالكَنْز، وإمَّا بِفِعْلٍ إلَهِيٍّ كالمَعْدِنِ. ويَتَناوَلُ الرِّكازُ الأمْرَيْنِ. وفُسِّرَ قولُهُ (ص): «وفي الرِّكازِ الخُمسُ» [الوسائل ـ مجلد 12] بالأمْرَيْنِ جميعاً.
ركس: الرَّكْسُ: قلْبُ الشيءِ على رَأسِهِ، ورَدُّ أوَّلِهِ إلَى آخِرِه. يُقالُ: أرْكسْتُهُ فَرُكِسَ، وارْتَكَسَ في أمْرهِ. {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النِّسَاء: 88] أي رَدَّهُمْ إلَى كُفْرهِمْ. وأمّا قولُه تعالى: {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا} [النِّسَاء: 91] فمعناه: كلّما دُعُوا إلى الكفرِ أجابُوا، ورَجعُوا إليه.
ركض: الرَّكْضُ: الضَّرْبُ بالرِّجْلِ، فَمَتَى نُسِب إلى الرّاكِبِ، فهو إعْدَاءُ مَرْكُوبٍ، نحوُ رَكَضْتُ الفَرَسَ. ومَتَى نُسِبَ إلَى الماشِي فَوَطْءُ الأرضِ، نحوُ: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} [ص: 42]. وقوله: {لاَ تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ} [الأنبيَاء: 13] فَنَهْيٌ عَنِ الانْهِزَامِ.
ركع: الرُّكُوعُ: الانْحناءُ، فَتارَةً يُسْتَعْمَلُ في الهَيْئةِ المخصوصةِ في الصلاةِ كما هي، وتارَةً في التَّوَاضُعِ والتَّذَلُّلِ إمَّا في العِبادَةِ وإمَّا في غَيْرها، يقال: رَكَعَ المُصَلِي رَكْعةً وَرَكعَتَيْنِ، وثلاثَ رَكَعَاتٍ، صَلّى، نحوُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحَجّ: 77]، {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البَقَرَة: 43]، {وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البَقَرَة: 125]، {الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ} [التّوبَة: 112].
وكلُّ شيءٍ يَخْفِضُ رأسَهُ فهو راكِعٌ، والرُّكعةُ: الهوَّةُ في الأرضِ.
ركم: قال تعالى: {فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا » يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ} [الأنفَال: 37]، [الطُّور: 44]: أي مُتَرَاكِمٌ. والركامُ: ما يُلْقَى بَعْضُهُ على بَعْضٍ. وقال تعالى: {ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا} [النُّور: 43]. والرُّكامُ: يُوصَفُ به الرَّمْلُ، والجَيْشُ. والرَّكْم: جمعُكَ شيئاً فوقَ شَيْءٍ حتّى تجعلَهُ رُكَاماً مَرْكُوماً، مُتَراكماً: وهو المتراكبُ بعضُهُ فوقَ بعضٍ.
ركن: رُكْنُ الشيءِ: جانِبُهُ الذي يَسْكُنُ إليه، ويُسْتَعارُ للقُوَّةِ: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هُود: 80]. والركن: الذي يتقوّى به البنيان. قوله تعالى: {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} [الذّاريَات: 39] أي فأعرض فرعون عن الحق مستقوياً بجنده وقومه. «رُكْنُ الرجل»: قومُهُ وعددُهُ ومادَّتُهُ. وَرَكَنْتُ إلى فلان أي أطعتُهُ، ونصحتُهُ وأجبتُهُ؛ والرُّكُونُ إلى الظَّلَمَةِ هو المُدَاهَنَةُ، وأيضاً الركون إلى الظَّلمة هو الدُّخُولُ معهم في ظُلمِهِمْ وإظهارُ مُوالاتِهم؛ أما الدُّخولُ عليهِمْ ومخالطتهُمْ فلا يُعتبرُ بالضرورة ركوناً لهم. {وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [هُود: 113] أي لا تستأمنوا لهم وتثقوا بهم، وأرْكانُ العِبادَاتِ: جَوانبُها التي عليها مَبْناها، وبِتَركِها بُطْلانُها، وقولهم: «تَمَسَّحْتُ بأركانه» أي تَبَرَّكتُ به.
رم: الرَّمُّ: إصْلاحُ الشيءِ البالِي. والرِّمَّةُ: تَخْتَصُّ بالعَظْمِ البالِي {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] و {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلْتَهُ كَالرَّمِيمِ} [الذّاريَات: 42]. والرُّمَّةُ: تَخْتَصُّ بالحَبْلِ البالي. والرِّمُّ: الفُتاتُ مِنَ الخَشَبِ والتّبْنِ. ورَمَّمْتُ المَنْزلَ: رَعَيْتُ رَمَّهُ، كقولكَ تَفَقَّدْتُ، والإِرْمامُ: السُّكُوتُ. وأرَمَّتْ عِظامُهُ، إذا سُحِقَتْ حتى إذا نُفِخَ فيها لم يُسمَعْ لَها دَوِيٌّ. وتَرَمْرَمَ القَوْمُ: إذا حَرَّكُوا أفْوَاهَهُمْ بالكلامِ، ولم يُصَرِّحُوا. والرُّمَّانُ: فُعْلانُ، وهو ثمر مَعْرُوفٌ.
رمح: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المَائدة: 94]. وقد رَمَحَهُ: أصابَهُ به. ورَمَحَتْهُ الدَّابَّةُ، تشبيهاً بذلك. والسِّماكُ الرَّامِحُ: عبارة عن نجمٍ سُمِّيَ بالرامِحِ لأنَّهُ يَقْدمُهُ نجمٌ يقولون هو رُمْحُهُ؛ و «أخَذَتِ الإِبلُ رِمَاحَها»، إذا درَّتْ كأنها تمنعُ بذلك عن نَحْرِها، وأخَذَتِ البُهْمَى رُمْحَها، إذا امْتَنَعَتْ بِشَوْكَتِها عَنْ رَاعِيها.
رمد: يُقالُ: رَمادٌ ورِمْدِدٌ وأرْمَدُ وأرْمِدَاءُ {كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيْحُ} [إبراهيم: 18]. ورَمِدَتِ النارُ: صارَتْ رَماداً. وعُبِّرَ بالرَّمَدِ عَنِ الهَلاكِ، كما عُبِّرَ عنه بالهُمُودِ. ورَمِدَ الماءُ: صارَ كأنه فيه رَمادٌ لأُجونِهِ. وارمَدَّ الشيءُ: صار على لَوْنِ الرَّمادِ. وقيلَ للبَعُوضِ: رُمْدٌ. والرَّمَادَةُ: سَنَةُ المَحْلِ. ومنه «عامُ الرمادة» وكان ذلك في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).
رمز: الرَّمْزُ: إشارَةٌ بالشَّفَةِ، والصَّوْتُ الخَفِيُّ، والغَمْزُ بالحاجِبِ. وعُبِّرَ عَنْ كُلِّ كلامٍ كإشارَةٍ بالرَّمْز، كما عُبِّرَ عَنِ الشِّكَايَةِ بالغَمْز. {قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا} [آل عِمرَان: 41] أي إِيماءً أو إشارةً، و: ما ارْمازَّ، أي لم يَتَكَلَّمْ رَمْزاً، وكَتيبَةٌ رَمَّازَةٌ: لا يُسْمَعُ منها رَمْزٌ منْ كَثْرَتِها.
رمض: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البَقَرَة: 185] هو مِنَ الرَّمَضِ، أي شِدَّةِ وقْعِ الشمسِ. يُقالُ: رَمَضَتِ الشمسُ: وقعتْ على الرملِ وغيره وقعاً شديداً، وَأَرْمَضَتْهُ فَرَمِضَ، أي أحْرَقَتْهُ الرَّمْضاءُ، وهي شِدَّةُ حَرِّ الشمسِ. وأرْضٌ رَمِضَةٌ. ورَمِضَت الغَنَمُ: رَعَتْ في الرَّمْضاءِ فَتقرَّحَتْ أكْبادُها. و «خرج يَتَرَمَّضُ الظِّباءَ» أي يَتْبَعُها في الرَّمْضاء حتى تتفسَّخَ أظلافُها فيأخذها.
رمى: الرَّمْيُ: يُقالُ في الأعْيانِ كالسَّهْمِ والحَجَر، نحوُ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفَال: 17]. ويُقالُ في المَقالِ، كِنايَةً عَنِ الشَّتْمِ، كالقَذْفِ، نحوُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النُّور: 6]، {يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النُّور: 4].
رهب: الرَّهْبَةُ والرُّهْبُ: مَخافَةٌ مَعَ تَحَرُّزٍ واضْطِرَابٍ {لأََنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً} [الحَشر: 13]، {جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [القَصَص: 32] وقُرِىءَ مِنَ الرُّهْبِ أي الفَزَعِ. و {رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبيَاء: 90]، {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ} [الأنفَال: 60]، {وَاسْتَرْهَبُوهُمْ} [الأعرَاف: 116] أي حَمَلُوهُمْ على أنْ يَرْهَبُوا. {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البَقَرَة: 40] أي فَخافونِ. والتَّرَهُّبُ: التَّعَبُّدُ، وهو اسْتِعْمالُ الرَّهْبَةِ. والرَّهْبانيَّةُ: غُلُوٌّ في تَحَمُّلِ التَّعَبُّدِ مِنْ فَرْطِ الرَّهْبَةِ. قال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} [الحَديد: 27]. والرُّهْبانُ: يكُونُ واحِداً وجَمْعاً، فَمَنْ جَعَلَهُ واحِداً جَمَعهُ على رَهابِينَ ورَهابِنَة وبالجمعِ ألْيَقُ. والإِرْهابُ: فَزَعُ الإِبِلِ، وإنَّما هو مِنْ: أَرْهَبَ الرجلُ، كقولهم: أَرهَبَ عنه الناسَ بَأْسُهُ ونَجْدَتُهُ.
رهط: الرَّهْطُ: العِصابَةُ دُونَ العَشَرَةِ. وقِيلَ: يُقالُ إلَى الأرْبَعِينَ {تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ} [النَّمل: 48]. و {وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} [هُود: 91] أي لولا حُرمةُ عشيرتِكَ لَقتلْناكَ رمياً بِالحِجارَة، و {ياقَوْمِ أَرَهْطِي} [هُود: 92] أي: أَعَشِيرَتِي، ومنه: نحن ذوو رَهْطٍ، أي مجتمعونَ.
رَهَق: الرهَق: لحاق الأمر، ومنه راهقَ الغلامُ، إذا بَلَغَ الحُلْمَ فَلَحِقَ بالرجال فهو مُراهِقٌ؛ وَرَهِقَهُ في الحرب: أدركه، وقال تعالى: {وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ} [يُونس: 26] أي لا يلحق وجوههم غبارٌ ولا هوان. وقوله تعالى {وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} [يُونس: 27] أي يلحقهم هوان. ويقال: أرهَقَهُ الأمرَ: أَغْشاهُ إيَّاهُ وألحقَهُ بِهِ، ومنه في الدعاء «لا تُرْهِقْني لا أَرْهَقكَ اللَّه تعالى» أي لا تُعْسِرني لا أعْسَرَكَ ربُّكَ الكريمُ، ومنه قوله تعالى: {وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: 73] أي لا تكلِّفني مشقةً؛ وقوله تعالى: {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْرًا} [الكهف: 80] أي يغشاهما طغياناً وكفراً. وقوله تعالى: {فَلاَ يَخَافُ بَخْسًا وَلاَ رَهَقًا} [الجنّ: 13] أي فلا يخاف لحاق ظلم ولا غشيانَ مكروه. والرهقُ اسم من الإِرهاق، وهو أَنْ يُحْمَلَ الإِنسانُ على ما لا يُطِيقُهُ، ومنه {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} [المدَّثِّر: 17]. وقوله تعالى: {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجنّ: 6] أي حمَّلُوهم ما لا يُطيقونَ من المشقَّةِ.
رهن: الرَّهْنُ: ما يُوضعُ وثِيقَةً للدَّيْنِ. والرِّهانُ مِثْلُهُ، لكِنْ يَخْتَصُّ بِما يُوضَعُ في السباق، وأصْلهما مَصْدَرٌ. يُقالُ: رَهَنْتُ الرَّهْنَ، ورَاهَنْتُهُ رهِاناً، فهو رَهِينٌ ومَرْهُونٌ، ويُقالُ في جمع الرَّهْنِ: رِهانٌ. قال تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البَقَرَة: 283] وقُرِىءَ: فَرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ. وقيلَ في قولِهِ: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدَّثِّر: 38] إنه فَعِيلٌ بمعنَى فاعِلٍ، أي ثابِتَةٌ مُقيمَةٌ، وقيلَ بمعنَى مَفْعُولٍ، أي كُلُّ نَفْسٍ مُقامَةٌ في جَزَاءِ ما قَدَّمَ الإِنْسانُ مِنْ عَمَله. ولَمَّا كان الرَّهْنُ يُتَصَوَّرُ منه حَبْسُهُ اسْتُعِيرَ ذلك لِحَبْسِ أيِّ شيءٍ كانَ {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدَّثِّر: 38]. ورَهَنْتُ فُلاناً، ورَهَنْتُ عِنْدَهُ. وارْتَهَنْتُ: أخَذْتُ الرَّهْنَ. وأرْهَنْتُ في السِّلْعَةِ، قِيلَ: غالَيْتُ بِها، وحقيقةُ ذلك أنْ يَدْفَعَ سِلْعَةً تَقْدِمَةً في ثَمَنِهِ فَتَجْعَلَها رَهِينَةً لإِتمامِ ثَمَنِها.
رهو: قال تعالى: {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ} [الدّخان: 24] أي ساكِناً، وقيلَ سَعَةً مِنَ الطَّرِيقِ، وهو الصحيحُ. ومنه الرَّهاءُ: للمَفازَةِ المُسْتَويَةِ. ويُقالُ لِكُلِّ حَوْمَةٍ مُسْتَويَةٍ يَجْتَمعُ فيها الماءُ: رَهْوٌ، ومنه قيلَ: لا شُفْعَةَ في رَهْوِ.ونَظَرَ أَعْرَابِيٌّ إلى بَعِيرٍ فالِجٍ، فَقالَ: رَهْوٌ بَيْنَ سَنامَيْنِ.
روح: الرُّوحُ غَيْرُ النفْسِ، ولذا مَيَّزَ القرآنُ بوضوحٍ بينَ خصائصِ كلٍّ مِنْهمَا. وفي هذا الموضوعِ يقولُ ابن عباسٍ رضي الله عنه: «يُوجَدُ في بني آدَمَ نَفْسٌ وَرُوحٌ بينهُما مثلُ شعاعِ الشَّمس، فالنَّفْسُ التي بها العقل والتمييزُ، والروحُ التي بها التَّنَفُّسُ والتَّحَرُّكُ، فإذا نامَ الإنْسانُ قبضَ اللَّهُ سبحانَهُ نفسَهُ ولم يقبضْ روحَهُ، وإذا ماتَ قبضَ اللَّهُ نَفْسَهُ وَرُوحَهُ». وهذا ما نُقِلَ عن الإِمامِ محمد الباقر رضي الله عنه عندما قال: «ما مِنْ إنْسانٍ ينامُ إلا وتعرُجُ نفسُهُ إلى سماءِ اللَّهِ وتبقى روحُهُ في بدنِه ويَصِيرُ بينهما شعاعٌ كشعاعِ الشَّمْسِ، فإذا أذِنَ اللَّهُ بقبضِ الرُّوحِ أَجابتِ النفسُ، وإذا أذِنَ اللَّهُ ببقاءِ الرُّوحِ رجعتِ النَّفْسُ». وهذا القولُ مِن ابنِ عباسٍ والإِمام الباقرِ جاء تفسيراً لقولهِ تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزُّمَر: 42].
والرُّوحُ مِنْ أمرْ اللَّهِ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسرَاء: 85] وَقَد أضَافَها اللَّهُ إلى نفسِهِ إِضافةَ ملْكٍ {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحِجر: 29]. وسمى اللَّهُ أَشْرَافَ الملائكةِ أَرْواحاً: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفًّا} [النّبَإِ: 38]، {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ} [المعَارج: 4]، {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} [الشُّعَرَاء: 193]. والرُّوحُ الأمينُ: جِبريلُ (ع) وَهُوَ رُوحُ القُدُسِ أيْضاً {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ} [النّحل: 102]، {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجَادلة: 22]: أي قوّاهم بنور الإيمان والحجج والبراهين حتى اهتدوا للحق وعملوا به. وسمي القرآنُ روحاً لأنه سببُ السَّعَادَةِ في الدنيا والآخرةِ {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشّورى: 52]. والرَّوْحُ: التَّنَفُّسُ. وقد أَرَاحَ الإِنْسانُ: إذا تَنَفَّسَ. وقولُهُ: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} [الواقِعَة: 89] فالرّيْحانُ: ما لَهُ رَائِحَةٌ، وقيلَ رِزْقٌ، ثم يُقالُ للْحَبِّ المَأْكُولِ رَيْحانٌ، كما في قوله: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} [الرَّحمن: 12] وقيلَ لأَعرابِيٍّ: إلَى أيْنَ؟ فَقالَ: أطْلُبُ مِنْ رَيْحانِ اللَّهِ. أيْ مِنْ رِزْقِهِ. والأصْلُ ما ذَكَرْنا. قال الشاعرُ:
يا حَبَّذَا رِيحُ الوَلَدْ رِيحُ الخُزَامَى في البَلَدْ
أو لأنَّ الوَلَدَ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ تعالى. والرِّيحُ: مَعْرُوفٌ، وهي فيما قيلَ: الهَواءُ المُتَحَـرِّكُ. وعامَّـةُ المَوَاضِـعِ التي ذَكَرَ اللَّهُ تعالى فيها إرْسالَ الرِّيحِ بِلَفْظِ الواحِدِ فَعِبارَةٌ عَنِ العَذَابِ، وكُلُّ مَوْضعٍ ذُكِرَ فيه بِلَفْظِ الجمعِ فَعِبارَةٌ عَنِ الرَّحْمَةِ، فَمِنَ الرِّيحِ: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} [القَمَر: 19]، {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا} [فُصّلَت: 16]، {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} [آل عِمرَان: 117]، {اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيْحُ} [إبراهيم: 18]. وقال في الجمعِ {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحِجر: 22]، {أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} [الرُّوم: 46]، {يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا} [الأعرَاف: 57]؛ وأمَّا قولُهُ: {يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} [الرُّوم: 48] فالأظْهَرُ فيه الرَّحْمَةُ. وقُرىءَ بِلَفْظِ الجمع وهو أصحُّ. وقد يُسْتَعارُ الرِّيحُ للغَلَبَةِ في قولِهِ: {وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفَال: 46]. وقيلَ: أرْوَحَ الماءُ: تَغَيَّرَتْ رِيحُهُ، واخْتَصَّ ذَلِك بالنَّتْنِ. ورِيحَ الغَدِيرُ يَراحُ: أصابَتْهُ الرِّيحُ. وأرَاحُوا: دَخَلُوا في الرَّوَاحِ. ودُهْنٌ مُرَوَّحٌ: مُطَيَّبُ الرِّيحِ. ورُوِيَ: لم يَرَحْ رَائِحَةَ الجنةِ، أي لم يَجِدْ رِيحَها. والمَرْوَحَةُ: مَهَبُّ الرِّيحِ. والمِرْوَحَةُ: الآلَةُ التي بِها تُسْتَجلَبُ الرِّيحُ. والرَّائِحَةُ: تَرَوُّحُ هَوَاءٍ. ورَاحَ فُلانٌ إلى أهْلِهِ، أي أنه أتاهُمْ في السُّرعَةِ كالرِّيحِ، أو أنه اسْتَفادَ برُجُوعِهِ إليهمْ رَوْحاً مِنَ المَسَرَّةِ. والرَّاحَةُ مِنَ الرَّوحِ. ويُقالُ: أفْعَلُ ذلك في سَرَاحٍ ورَوَاحٍ، أي سُهُولَةٍ. والمُرَاوَحَةُ في العَمَلِ، أنْ يَعْمَلَ هذا مَرَّةً وذلك مَرَّةً، واسْتُعِيرَ الرَّوَاحُ للوقْتِ الذي يَرَاحُ الإِنْسانُ فيه مِنْ نِصْفِ النهارِ، ومنه قيلَ: أرَحْنا إبلَنا. وأرَحْتُ إليه حَقَّهُ، مُسْتَعارٌ مِنْ أرَحْتُ الإِبِلَ. والمُرَاحُ: حَيْثُ تُرَاحُ الإِبلُ. وَتَرَوَّحَ الشجرُ، ورَاحَ يَرَاحُ: تَفَطَّرَ. وتُصُوِّرَ مِنَ الرَّوْحِ السَّعَةُ، فقيلَ: قَصْعَةٌ رَوْحاءُ، وقولُهُ: {وَلاَ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [يُوسُف: 87] أي مِنْ فَرَجِهِ ورَحْمَتِهِ، وذلك بَعْضُ الرَّوْحِ.
رود: الرَّوْدُ: التَّرَدُّدُ في طَلَبِ الشيءِ بِرِفْقٍ، يُقالُ: رَادَ وارْتادَ، ومنه: الرَّائِدُ لِطالِبِ الكَلأ. ورَادَ الإِبِلَ في طَلَبِ الكَلأ، وباعْتِبارِ الرِّفْقِ قيلَ: رَادَتِ الإِبِلُ في مَشْيِها تَرُودُ رَوَدَاناً، ومنه بني المِرْوَدُ، وأرْوَدَ يُرْوِدُ، إذَا رَفَقَ، ومنه بُنِيَ رُوَيْدٌ، نحوُ: رُوَيْدَكَ الشّعْرَ بِغِبٍّ. والإِرَادَةُ: مَنْقُولَةٌ مِنْ رَادَ يرودُ، إذَا سَعَى في طَلَبِ شيءٍ. والإرَادَةُ في الأصْلِ: قُوَّةٌ مُركَّبَةٌ مِنْ شَهْوَةٍ وحاجَةٍ وأمَلٍ، وجُعِلَ اسماً لِنُزُوعِ النَّفْسِ إلَى الشيءِ مَعَ الحُكْمِ فيه بأَنه يَنْبَغِي أنْ يُفْعَلَ أو لا يُفْعَلَ، ثم يُسْتَعْمَلُ مَرَّةً في المَبْدَإ، وهو نُزُوعُ النَّفْسِ إلى الشيءِ، وتارَةً في المُنْتَهَى وهو الحُكْمُ فيه بأنه يَنْبَغِي أنْ يُفْعَلَ أو لا يُفْعَلَ. فإذا اسْتُعْمِلَ في اللَّهِ، فإنه يُرَادُ به المُنْتَهَى دُونَ المَبْدَإ، فإنه يَتَعالَى عَنْ معنَى النُّزُوعِ، فَمَتَى قيلَ: أَرَادَ اللَّهُ كذا، فَمَعْناهُ: حُكِمَ فيه أنه كذا، وليسَ بكذا، نحوُ: {إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} [الأحزَاب: 17]. وقد تُذْكرُ ويُرادُ بِها معنَى الأمْرِ، كقوْلِكَ: أرِيدُ مِنْكَ كذا، أيْ: آمُرُكَ بكذا، نحوُ {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البَقَرَة: 185] وقد يُذْكَرُ، ويُرَادُ به القَصْدُ نحوُ: {لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ} [القَصَص: 83] أي يَقْصِدُونَه ويَطْلُبُونَهُ. والإِرَادَةُ: قد تَكُونَ بِحَسَبِ القُوَّةِ التَّسخِيريَّةِ والحِسّيَّةِ، كما تَكُونُ بحَسَبِ القُوَّةِ الاخْتِيارِيَّةِ، ولذلك تُسْتَعْمَلُ في الجَمادِ وفي الحَيواناتِ، نحوُ: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77]. ويُقالُ: فَرَسي تُريدُ التِّبْنَ. والمُرَاوَدَةُ: أنْ تُنازِعَ غيْرَكَ في الإِرَادَةِ، فَتُرِيدَ غَيْرَ ما يُريدُ، أو تَرُودَ غَيْرَ ما يَرُودُ، ورَاوَدْتُ فُلاناً عَنْ كذا نحو: {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} [يُوسُف: 26]، {تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ} [يُوسُف: 30] أي تَصْرِفُهُ عَنْ رَأيِهِ، وعلى ذلك قولُهُ: {وَلَقَدْ رَاوَدْتَّهُ عَنْ نَفْسِهِ} [يُوسُف: 32]، {سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ} [يُوسُف: 61].
روض: الرَّوْضُ: الماءُ والخُضْرَةُ {فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الرُّوم: 15] باعْتِبارِ الماءِ. قيلَ: أرَاضَ الْوَادِي، واستَرَاضَ: أي كَثُرَ ماؤُهُ. وأرَاضَهُمْ: أرْوَاهُمْ. والرِّياضَةُ: كَثْرةُ اسْتعمالِ النَّفْسِ لِيَسْلَسَ ويَمْهَرَ، ومنه: رُضْتُ الدَّابَّةَ. وقولُهُمْ: افْعَلْ كذا ما دَامَتِ النَّفْسُ مُسْتَرَاضَةً، أي قابِلَةً للرِّياضَةِ، أو مَعْناهُ: مُتَّسِعَةً، ويَكُونُ مِنَ الرَّوْضِ والإرَاضَةِ. وقولُهُ: {فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الرُّوم: 15] فعِبارَةٌ عَنِ رِياضِ الجنةِ، وهي مَحاسِنُها ومَلاذُّها في الحبور. وقولُهُ: {فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ} [الشّورى: 22] فإشارَةٌ إلَى ما أُعِدَّ لَهُمْ في العُقْبَى مِنْ حَيْثُ الظاهِرُ، وقيلَ إشارَةٌ إلَى ما أهَّلَهُمْ لَهُ مِنَ العُلُومِ والأخْلاقِ التي مَنْ تَخَصَّصَ بها طابَ قَلْبُهُ.
روع: الرُّوعُ: الخَلَدُ. وفي الحَديثِ: «إنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ في رُوعي». والرَّوْعُ: إصابَةُ الرُّوعِ، واسْتُعْمِلَ فيما أُلْقِيَ فيه مِنَ الفَزَعِ: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ} [هُود: 74]. يُقالُ: رُعْتُهُ، ورَوَّعْتُهُ، ورِيعَ فُلانٌ. وناقَةٌ رَوْعاءُ: فَزِعَةٌ. والأرْوَعُ: الذي يَرُوعُ بِحُسْنِهِ، كأنه يُفْزعُ.
روغ: الرَّوْغُ: المَيْلُ على سبيل الاِحْتِيالِ، ومنه: رَاغَ الثَّعْلَبُ يَرُوغُ رَوَغاناً. وطَريقٌ رَائِغٌ، إذَا لم يكُنْ مُسْتَقِيماً، كأنه يُرَاوِغُ. ورَاوَغَ فلانٌ فلاناً ورَاوَغَ فلانٌ إلَى فُلانٍ: مالَ نحوَهُ لأمْرٍ يُرِيدُهُ منه بالاحْتِيالِ. أما قوله تعالى: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ} [الذّاريَات: 26]، فمال النبي إبراهيم (ع) إلى أهله خفيةً مخافة أن يمنعوه كعادة الظرفاء من الناس. {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} [الصَّافات: 93] أي مالَ. وحقيقتُهُ طَلَبٌ بِضَرْبٍ مِنَ الرَّوَغانِ، ونَبَّه بلفظ «عليهم» إلى معنى الاسْتِيلاءِ.
روم: {الم *غُلِبَتِ الرُّومُ} [الرُّوم: 1-2]. يُقالُ مَرَّةً للجِيلِ المَعْرُوفِ، وتارَةً لجمعِ رُوميٍّ.
روى: تَقُولُ: ماءٌ رَوَاءٌ ورِوًى، أي كثيرٌ مُرْوٍ. فَرِوًى على بِناءِ عِدًى ومَكاناً سِوًى. قال الشاعِرُ:
مَنْ شَكَّ في فَلْجٍ فَهَذا فَلجُ ماءٌ رَوَاءٌ وطَريقٌ نَهْجُ
وقولُهُ: {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} [مَريَم: 74] فَمَنْ لَمْ يَهْمِز جَعَلَهُ مِنْ روِيَ، كأنه رَيَّانُ مِنَ الحُسْنِ، ومَنْ هَمَز فَللَّذِي يُرْمَقُ مِن الحُسْنِ به، وقيلَ هو منه على تَرْك الهَمْز. والرِّيُّ: اسمٌ لِما يَظْهَرُ منه. والرِّوَاءُ: منه، وقيلَ: هو مَقْلُوبٌ مِنْ رَأيْتُ. وتقُولُ: أنْتَ بمَرأى ومَسْمَعٍ، أي قَرِيب، وقيلَ: أنْتَ مِنِّي مَرْأَى ومَسْمَعٌ: بِطَرْحِ الياءِ. ومَرأَى: مَفْعَلٌ مِنْ رَأَيْتُ.
ريب: الرَّيْبُ: الشَّكُّ مَعَ تُهمة، وهو أنْ تَتَوَهَّمَ بالشيءِ أمْراً ما، فَيَنْكَشِفَ عَمَّا تَتَوَهَّمُهُ. قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ} [الحَجّ: 5]، {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البَقَرَة: 23] تنبيهاً أنْ لا رَيْبَ فيه. وقولُهُ: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطُّور: 30] سَمَّاهُ رَيْباً لا لأنه مُشَكَّكٌ في كَونِهِ، بَلْ مِنْ حَيْثُ تُشُكِّكَ في وقْتِ حُصُولِهِ، فالإنْسانُ أبداً في رَيْبِ المَنُونِ، مِنْ جِهَةِ وقْتِهِ لا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ، وعلى هذا قال الشاعِرُ:
الناسُ قد عَلِمُوا أنْ لا بَقاء لَهُم لو أنَّهُمْ عَمِلُوا مِقْدَارَ ما عَلِمُوا
(ومثله):
أمِنَ المَنُونِ ورَيْبِها تَتَوَجَّعُ
وقال تعالى: {لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} [هُود: 110]، {مُعْتَدٍ مُرِيبٍ} [ق: 25]. والارْتِيابُ: يَجْرِي مَجْرَى الإِرَابَةِ: {أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ} [النُّور: 50]، {وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ} [الحَديد: 14]. ونَفى مِنَ المُؤْمِنينَ الارْتِيابَ فَقالَ: {وَلاَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ} [المدَّثِّر: 31]، وقال: {ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} [الحُجرَات: 15]. وقيلَ: دَعْ ما يَريبُكَ إلَى ما لا يَريبُكَ. ورَيْبُ الدَّهْر: صُرُوفُهُ، وإنَّما قيلَ: رَيْبٌ، لِما يُتَوهَّمُ فيه مِنَ المَكْر. والرِّيبةُ: اسمٌ مِنَ الرَّيْبِ. قال: {بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ} [التّوبَة: 110] أي تَدُلُّ على دَغَلٍ وقِلَّةِ يَقِينٍ.
ريش: رِيشُ الطائِرِ مَعْرُوفٌ، وقد يُخَصُّ الجَناحُ مِنْ بَيْنِ سائِرِهِ. ولِكونِ الرِّيشِ للطائِرِ كالثياب لِلإنْسانِ، اسْتُعِيرَ للثيابِ: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعرَاف: 26]، أيْ خَلَقْنَا لكم لِباساً يَسْتُرُكُمْ، ولِباساً يُجمِّلُكُمْ ويُزَيِّنُكُمْ، وقد استُعِيرَ لباسُ الزِّينةِ من ريشِ الطيرِ لأنَّهُ لِباسُهُ وزينتُهُ. وقيلَ: أعْطاهُ إبلاً بِريشِها، أي ما عليها مِنَ الثيابِ والآلاتِ. ورِشْتُ السَّهْمَ أرِيشُهُ رَيْشاً، فهو مَريشٌ: جَعَلْتُ عليه الرِّيشَ. واسْتُعِيرَ لإِصْلاحِ الأمْر فقيلَ: رِشْتُ فُلاناً فارْتاشَ، أي حَسُنَ حالُهُ. قال الشاعِر:
فَرِشْنِي بِحالٍ طالَما قَدْ بَرَيْتَنِي
فَخَيْرُ المَوَالِي مَنْ يَريشُ ولا يَبْرِي
ريع: الرِّيعُ: المَكانُ المُرْتَفِعُ الذي يَبْدو مِنْ بَعِيدٍ. الواحِدَةُ رِيعَةً. {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشُّعَرَاء: 128] أي تبنون بِكُلِّ مَكانٍ مُرْتَفِعٍ بناءً لا تَحْتَاجُونَ إليهِ لسُكْناكُمْ، وإِنَّما تُريدُونَ العَبَثَ فيه والَّلعِبَ والَّلهْوَ. قالَ رسولُ الَّله (ص) : «إنَّ لكلِّ بناءٍ بُنِيَ وَبَالاً على صَاحِبِهِ يومَ القيامَةِ، إلاّ ما لا بُدَّ مِنْهُ»(114). ولِلارْتِفاعِ قيلَ رَيْعُ البِئرِ للجَثْوَةِ المُرْتَفِعَةِ حَوَاليْها. ورَيْعانُ كُلِّ شيءٍ: أوائِلُهُ التي تَبْدُو منه، ومنه اسْتُعِيرَ الرَّيْعُ للزيادَةِ والارْتِفاعِ الحاصِلِ، ومنه: تَرَيَّعَ السَّحابُ.
رين: الرَّيْنُ: أصلُه الغَلَبة. رانَ على قلبِهِ: أي غُلِبَ عليه، و: الخمرُ تَرِينُ على قلبِ السَّكْرانِ. ويُقالُ: فأَصبحَ المَدِينُ قد رِيْنَ به، بِمَعْنَى أنَّ الدَّينَ قَد أحاطَ بمالِهِ حتَى غَلَبَهُ. قالَ تعالى: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطفّفِين: 14] أي كثُرَتْ معاصِيْهِمْ حتّى أَحَاطَتْ بِقُلوبِهِمْ. وقيلَ إِنَّ معنى الرَّيْن هو الذَّنْبُ على الذَّنْبِ حتى يَموتَ القلبُ فلا يَسْتَشْعِرُ تلكَ الذُنوبَ.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢