نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ الظَّاءِ
(ظ)

ظعن: يُقالُ: ظَعَنَ يَظْعَنُ ظَعْناً، إذا شَخَصَ. {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ} [النّحل: 80] أي ارتِحَالِكُمْ. وقيلَ: الظعنُ سَيْرُ أهلِ البوادِي لحضورِ ماءٍ أو لطلبِ مُرْتفَع مِنَ الأَرْض. والظَّعِينَةُ: الهَوْدَجُ إذا كانَ فيه المَرأةُ، وقد يُكَنَّى به عَن المَرأةِ وإنْ لم تَكُنْ في الهَوْدَجِ.
ظفر: الظُّفْرُ: يُقالُ في الإِنْسانِ وفي غَيْرهِ. {كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعَام: 146] أي ذي مَخالِبَ، ويُعَبَّرُ عَنِ السِّلاحِ به، تَشْبِيهاً بِظُفُر الطائِرِ، إذْ هو له بِمَنْزِلَةِ السِّلاحِ. ويُقالُ: فُلانٌ كَلِيلُ الظُّفُر. وظَفَرَهُ فُلانٌ: نَشَبَ ظُفُرُهُ فيه، وهو أظْفَرُ: طَويلُ الظُّفُر. والظَّفَرَةُ: جُلَيْدَةٌ يُغَشَّى البَصَرُ بها تَشْبِيهاً بالظُّفُر في الصَّلابَةِ. يُقالُ: ظَفِرَتْ عَيْنُهُ. والظَّفَرُ: الفَوْزُ. وأصْلُهُ مِنْ: ظَفَرَهُ، أي نَشَبَ ظُفْرُهُ فيه {مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفَتْح: 24].
ظلل: الظِّلُّ: ضِدُّ الضَّحِّ، وهو الفيءُ، وهو أعَمُّ مِنَ الفَيءِ، فإنه يُقالُ: ظِلُّ اللَّيْلِ، وظِلُّ الجَنَّةِ، ولا يُقالُ فَيْئُها إنما هي دائماً ظِلٌّ. ويُقالُ لِكُلِّ مَوْضِعٍ تكونُ فيه الشمسُ فتزول عنه: ظِلٌّ. ويُعَبَّرُ بالظِّلِّ عَنِ العِزَّةِ والمَنَعَةِ ومنه «نَظَرِيَّةُ السلطان» التي تَقولُ بأَنَّهُ ظِلُّ اللَّهِ على الأرضِ لأنَّهُ يدفع الأذى عن النَّاسِ، كما يدفعُ الظِّلُّ أذى حرِّ الشَّمس. وعَنِ الرَّفاهَةِ {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ} [المُرسَلات: 41] أي في عِزَّةٍ ومَتاعٍ. وقال: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرّعد: 35]، {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ} [يس: 56]. يُقالُ: ظَلَّلَنِي الشَّجَرُ وأظَلَّنِي {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ} [البَقَرَة: 57]. وأظَلَّنِي فُلانٌ: حَرَسَنِي وجَعَلَنِي في ظِلِّهِ وعِزِّهِ ومَناعَتِهِ. وقولُهُ: {يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ} [النّحل: 48] أي إنْشاؤُهُ، يَدُلُّ على وحْدانِيَّةِ اللَّهِ، ويُنْبِىءُ عَنْ حِكْمَتِهِ. وقولُهُ: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [الرّعد: 15] إلى قوله {وَظِلاَلُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الرّعد: 15] قال الحَسَنُ: أمَّا ظِلُّكَ فَيَسْجُدُ للَّهِ، وأمّا أنْتَ فَتَكْفُرُ به. وظِلٌّ ظَلِيلُ: فائِضٌ، وقولُهُ: {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً} [النِّسَاء: 57] كِنايَةٌ عَنْ نضارة العَيْشِ. والظُّلَّةُ: سَحابَةٌ تُظِلُّ، وأكْثَرُ ما يُقالُ فيما يُسْتَوْخَمُ ويُكْرَهُ، ومنه {كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} [الأعرَاف: 171]، {عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشُّعَرَاء: 189]، {أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البَقَرَة: 210] أي عَذابُهُ يَأتِيهمْ. والظُّلَلُ: جَمْعُ ظُلَّةٍ، كَغُرْفَةٍ وغُرَفٍ، وقُرْبَةٍ وقُرَبٍ. وقُرىءَ: في ظِلال. وذلك إمّا جَمْعُ ظُلَّةٍ، نحوُ غُلْبَةٍ وغِلابٍ، وحُفْرَةٍ وحِفارٍ، وإمّا جَمْعُ ظِلٍّ، نحوُ يَتَفَيَّؤوُا ظلالُهُ. وقال بَعْضُ أهْلِ اللُّغَةِ: يُقالُ لِلشَّاخِصِ ظِلٌّ. قال: ويَدُلُّ على ذلك قولُ الشاعِر:
لَمَّا نَزَلْنا رَفَعْنا ظِلَّ أخْبِيَةٍ
وقال: ليسَ يَنْصِبُونَ الظِّلَّ الذي هو الفَيْءُ إنَّما يَنْصِبُونَ الأخْبِيةَ، وقال آخَرُ:
يَتْبَعُ أفْياءَ الظِّلالِ عَشِيَّةً
أي أفْياءَ الشُّخُوصِ، وليسَ في هذا دَلالَةٌ، فإِنَّ قَوْلَهُ: رَفَعْنا ظِلَّ أخْبِيَةٍ، مَعْنَاهُ: رَفَعْنا الأخْبِيَةَ، فَرَفَعْنا به ظِلَّها، فَكأنَّهُ رَفَعَ الظِّلَّ. وقولُهُ: أفْياءَ الظِّلالِ، فالظِّلالُ عامٌّ والفَيْءُ خاصٌّ. والظُّلَلُ جمع ظُلَّة (بضمّ الظّاء): كلُّ ما أَظَلَّك من سحابٍ أو جبلٍ أو شجرٍ. وعليه حُمِلَ قولُه تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ} [لقمَان: 32] أي كَقِطَعِ السَّحابِ. وقولُهُ تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزُّمَر: 16] أي ومن تحتهم فُرْشٌ من النار. وقد يُقالُ ظِلٌّ لِكُلِّ ساتِرٍ محموداً كانَ أو مَذْمُوماً. فَمِنَ المَحْمُودِ قولُهُ: {وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ} [فَاطِر: 21]، {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا} [الإنسَان: 14]، ومِنَ المَذْمُومِ قولُهُ: {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ} [الواقِعَة: 43]. وقوله: {إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ} [المُرسَلات: 30] الظِّلُّ هَهُنا، كالظُّلَّةِ لِقَوْلِهِ: ظُلَلٌ مِنَ النارِ. وقولُهُ: {لاَ ظَلِيلٍ} [المُرسَلات: 31] لا يُفِيدُ فائِدَةَ الظِّلِّ في كَوْنِهِ واقِياً عَنِ الحَرِّ. وظَلْتُ وظَلِلْتُ، بِحَذْفِ إحْدَى اللامَيْنِ، يُعَبَّرُ به عَمَّا يُفْعَلُ بالنهارِ، ويَجْري مَجْرَى صِرْتُ {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} [الواقِعَة: 65]، {لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ} [الرُّوم: 51]، {ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا} [طه: 97].
ظلم: الظُّلْمَةُ: ذهابُ النُّورِ، أو هِيَ عَدَمُ الضَّوْءِ عمَّا مِنْ شَأنِهِ أنْ يَكُونَ مُضِيئاً، وجَمْعُها ظُلُماتٌ {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ} [النُّور: 40]، {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} [النُّور: 40]، {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [النَّمل: 63]، {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعَام: 1]. ويُعَبَّرُ بها عَنِ الجَهْلِ والشِّرْكِ والفِسْقِ والضَّلالة، كما يُعَبَّرُ بالنُّورِ عَنْ أضْدادِها {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البَقَرَة: 257]، {أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم: 5]، {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنبيَاء: 87]، وقوله {كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعَام: 122] هو كقولِهِ: {كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} [الرّعد: 19]. {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعَام: 39] قولهُ في الظُّلُماتِ هَهُنا مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ العَمَى في قولِهِ: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البَقَرَة: 18]. وقولُهُ {فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ} [الزُّمَر: 6] أي البَطْنِ والرَّحِمِ والمَشِيمَةِ. يقال: «اِنْظَلَمَ فلانٌ واظَّلَمَ» من باب افتعَلَ، احتملَ الظُّلْمَ {فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} [يس: 37]، والظُّلْمُ ـ عِنْدَ أهْلِ اللُّغَةِ وكَثِيرٍ مِنَ العُلَماءِ ـ: وَضْعُ الشيءِ في غَيْر مَوْضِعِهِ المُخْتَصِّ به إمّا بِنُقْصانٍ، أو بِزِيادَةٍ، وإمّا بِعُدُولٍ عَنْ وَقْتِهِ أو مَكانِهِ، ومِنْ هذا يُقالُ: ظَلَم الوطب، بمعنى شربَ لبنَهُ قبل أن يَروبَ، ويُسَمَّى ذلك اللَّبَنُ: الظَّلِيمُ. وظَلَمْتُ الأرضَ: حَفَرْتُها ولم تَكُنْ مَوْضِعاً للْحَفْر، وتِلْكَ الأرضُ يُقالُ لَها المَظْلُومَةُ. والتُّرابُ الذي يَخْرُجُ منها: ظَلِيمٌ. والظُّلْمُ يُقالُ في مُجاوَزَةِ الحَقِّ الذي يَجْري مَجْرَى نُقْطَةِ الدَّائِرَةِ، ويُقالُ فيما يَكْثُرُ وفيما يَقِلُّ مِنَ التَّجاوُزِ، ولهذا يُسْتَعْمَلُ في الذَّنْبِ الكَبِير وفي الذَّنْبِ الصَّغِير. الظُّلْمُ ثَلاثَةٌ: الأوَّلُ ظُلْمٌ بَيْنَ الإِنْسانِ وبَيْنَ اللَّهِ تعالى، وأعْظَمُهُ الكُفْرُ والشِّرْكُ والنِّفاقُ، ولذلك {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمَان: 13] وإيَّاهُ قَصَدَ بقولِهِ: {أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هُود: 18]، {وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الإنسَان: 31] وفي آيٍ كَثِير. وقال: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ} [الزُّمَر: 32]، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [الأنعَام: 93]. والثانِي: ظُلْمٌ بَيْنَهُ وبَيْنَ الناسِ، وإيَّاهُ قَصَدَ بقولِهِ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ} [الشّورى: 40] إلى قوله {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشّورى: 40] وبقولِهِ: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا} [الإسرَاء: 33]. والثالثُ: ظُلْمٌ بَيْنَهُ وبَيْنَ نَفْسِهِ، وإيَّاهُ قَصَدَ بقولِهِ: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} [فَاطِر: 32] وقولِهِ: {ظَلَمْتُ نَفْسِي} [النَّمل: 44]، {إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [النِّسَاء: 64]، {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البَقَرَة: 35] أي مِنَ الظالِمِينَ أنْفُسَهُمْ، {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [البَقَرَة: 231]. وكُلُّ هذه الثَّلاثَةِ في الحَقِيقَةِ ظُلْمٌ للنَّفْسِ. فإِنَّ الإِنْسانَ في أوَّلِ ما يَهمُّ بالظُّلْمِ، فقد ظَلَمَ نَفْسَهُ، فإذاً الظالِمُ أبَداً مُبْتَدِىءٌ بنفَسْهِ في الظُّلْمِ، ولهذا قال تعالى في غَيْر مَوْضِعٍ {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النّحل: 33]، {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [البَقَرَة: 57]. أما قولُهُ: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعَام: 82] فقد قيلَ هو الشِّرْكُ، بِدَلالَةِ أنه لَمَّا نَزَلَتْ هذه الآيَةُ شَقَّ ذلك على أصحابِ النبيِّ (ص) ، وقال لَهُمْ: ألم تَرَوْا إلَى قولِهِ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمَان: 13]. وقولُهُ: {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} [الكهف: 33] أي لم تَنْقُصْ، وقولُهُ: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ} [الزُّمَر: 47] فإِنه يَتَناوَلُ الأنْواعَ الثَّلاثَةَ مِنَ الظُّلْمِ. فَما أحَدٌ حصل منه ظُلْمٌ في الدُّنْيا إلاَّ ويودّ لو يفتدي به مثْلي ما يملكه من عذاب الآخرة. وقولُهُ: {هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى} [النّجْم: 52] تَنْبِيه أنَّ الظُّلْمَ لا يُغْنِي ولا يُجْدِي ولا يُخَلِّصُ، بَلْ يُرْدِي، بدَلالَةِ إهلاك قَوْم نُوحٍ. وفي قوله: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غَافر: 31] و {وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: 29] تخْصِيصُ أحَدِهِما بالإرادَةِ مع لَفْظِ العِبادِ، والآخَرُ بِلَفْظِ الظَّلاَّمِ للعَبِيدِ يَخْتَصُّ بما بَعْدَ هذا الكِتابِ. وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هُود: 117] أي لا يهلكهم بشركهم وظلمهم لأنفسهم وهم يتعاملون فيما بينهم بالعدل لما روي عن رسول الله (ص) أنه قال: وأهلها مصلحون، أي ينصف بعضهم بعضاً(9).
والظَّلْمُ: ماءُ الأسْنانِ وبَرِيقُها؛ قال الخَلِيلُ: «لَقِيتُهُ أَوَّلَ ذِي ظَلْمَة» أي أوَّلَ شَيْءٍ يَسُدُّ بَصَرَكَ في الرُّؤْيَةِ. قال: ولا يُشْتَقُّ منه فِعْلٌ، و«لَقِيتُهُ أدْنَى ظَلَمٍ» أَيْ حِيْنَ اخْتَلَطَ الأَمرُ.
ظمأ: الظِّمْءُ: ما بَيْنَ الشَّرْبَتَيْنِ. والظَّمَأُ: العَطَشُ الذي يَعْرضُ مِنْ ذلك. يُقالُ: ظَمِىءَ يَظْمَأُ فهو ظَمآنُ. قال تعالى: {لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى} [طه: 119]، {يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النُّور: 39].
ظن: الظَّنُّ: اسْمٌ لِما يَحْصُلُ عَنْ أمارَةٍ، ومَتَى قَويَتْ أدَّتْ إلَى العِلْمِ، ومَتَى ضَعُفَتْ جدّاً لم يَتَجاوَزْ حَدّ التَّوَهُّمِ، ومَتَى قَويَ أو تَصَوَّرَ تَصَوُّرَ القَويِّ اسْتُعْمِلَ مَعَهُ أنَّ المُشَدَّدَةُ وأنْ المُخَفَّفَةُ منها، ومَتَى ضَعُفَ اسْتُعْمِلَ أنَّ وأنْ المُخْتَصَّةُ بالمَعْدُومَيْنِ مِنَ القَوْلِ والفِعْلِ، فَقَوْلهُ: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو رَبِّهِمْ} [البَقَرَة: 46] و {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو اللَّهِ} [البَقَرَة: 249] فَمِنَ اليَقِينِ، وكذلك {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} [القِيَامَة: 28] و {أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ} [المطفّفِين: 4] وهو نِهايَةٌ في ذَمِّ المطففين، ومَعْناهُ ألا يَكُونَ منهمْ ظَنٌّ لذلك؛ تَنْبِيهاً أنَّ أماراتِ البَعْثِ ظاهِرَةٌ. وقولُهُ: {وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا} [يُونس: 24] تَنْبيه أنَّهُمْ صارُوا في حُكْمِ العالِمِينَ لِفَرْطِ طَمَعِهِمْ وأمَلِهِمْ. وقولُهُ: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} [ص: 24] أي عَلِمَ. والفِتْنَةُ هَهُنا كقولِهِ: {وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً} [طه: 40]. وقولُهُ: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبيَاء: 87]، فقد قيلَ: الأوْلَى أنْ يَكُونَ مِنَ الظَّنِّ الذي هو التَّوَهُّمُ. أي ظَنَّ أنْ لَنْ نُضَيِّقَ عليه. وقولُهُ: {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ} [القَصَص: 39] فإِنه اسْتُعْمِلَ فيه أنَّ المُسْتَعْمَلَ مَعَ الظَّنِ الذي هو لِلْعِلْمِ، تَنْبِيهاً أنَّهُمْ اعْتَقَدُوا ذلك اعْتِقادَهُمْ للشيءِ المُتَيَقَّنِ وإنْ لم يَكُنْ ذلك مُتَيَقَّناً. وقولُهُ: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عِمرَان: 154] أي يَظُنُّونَ أنّ النبّيَّ (ص) لم يَصْدُقْهُمْ فيما أخْبَرَهُمْ به، وهو ظَنُّ الجاهِلِيَّةِ، تَنْبِيهاً أنَّ هؤلاءِ المُنافِقِينَ في حَيِّزِ الكُفَّارِ. وقولُهُ: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ} [الحَشر: 2]، أي اعْتَقَدُوا اعْتِقاداً كانُوا منه في حُكْمِ المتَيَقِّنِينَ، وعلى هذا قولُهُ: {وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فُصّلَت: 22]، {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ} [فُصّلَت: 23]. وقولهُ: {الظَّآنِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ} [الفَتْح: 6] هو مُفَسَّرٌ بما بَعْدَهُ، وهو قولُهُ: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ} [الفَتْح: 12]، {إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا} [الجَاثيَة: 32]. والظَّنُّ في كَثِيرٍ مِنَ الأمُورِ مَذْمُومٌ، ومنه {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا} [يُونس: 36]، {إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يُونس: 36]، {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} [الجنّ: 7] أي ظَنَّ الجِنُّ كما ظَنَّ الكُفَّارُ من الإِنْسِ، وقُرىءَ: (وما هُوَ على الغَيْبِ بِظَنِينٍ)، أي بِمُتَّهَمٍ.
ظهر: الظَّهْرُ: الجارِحَةُ، وجَمْعُهُ ظُهُورٌ {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ } [الانشقاق: 10]، {مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعرَاف: 172]. أما قوله: {أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} [الشَّرح: 3] فالظَّهْرُ، هَهُنا، اسْتِعارَةٌ، تَشْبِيهاً لِلذُّنُوبِ بالحِمْلِ الذي يَنُوءُ بِحامِلِهِ، واسْتُعِير لِظَاهِر الأرضِ، فقيلَ: ظَهْرُ الأرضِ، وبَطْنُها {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَآبَّةٍ} [فَاطِر: 45]. ورَجُلٌ مُظَهَّرٌ: شَدِيدُ الظَّهْر. وظَهِرٌ: يَشْتَكِي ظَهْرَهُ، ويُعَبَّرُ عَنِ المَركوبِ بالظَّهْر، ويُسْتَعارُ لِمَنْ يُتَقَوَّى به. وبَعِيرٌ ظَهِيرٌ: قَوِيٌّ بَيِّنُ الظِّهارَةِ. وظِهْريٌّ مُعَدٌّ لِلرُّكوبِ. والظِّهْريُّ أيضاً ما تَجْعَلُهُ بِظَهْركَ فَتَنْساهُ {وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} [هُود: 92]. وظَهَرَ عليه: غَلَبَهُ {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} [الكهف: 20]. وظاهَرْتُهُ: عاوَنْتُهُ {وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ} [المُمتَحنَة: 9] عَاوَنوا على إخْرَاجِكُمْ وعَاضَدُوا، {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} [التّحْريم: 4] أي تَعاونَا، {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [البَقَرَة: 85] وقُرىءَ: تَظَّاهَرا. {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ} [الأحزَاب: 26] أي اليهود الذين عاونوا الأحزابَ عِندَما جاؤوا لغزوِ المدينةِ. {وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} [سَبَإ: 22] أي مُعِينٍ، وكذلك {فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ} [القَصَص: 86]، {وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التّحْريم: 4]، {وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا} [الفُرقان: 55] أي مُعِيناً لِلشَّيْطانِ على الرَّحْمنِ. وقال أبُو عُبَيْدَةَ: الظَّهِيرُ هوالمَظْهُورُ به، أي هَيِّناً على رَبِّهِ، كالشَّيْءِ الذي خَلَّفْتَهُ، مِنْ قولِكَ: ظَهَرْتُ بكذا، أي خَلَّفْتُهُ ولم ألْتَفِتْ إليه. والظِّهارُ: أنْ يَقولَ الرَّجُلُ لامْرَأتِهِ أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أمِّي، وهو عبارة عن طلاق في الجاهلية، ويُقالُ: ظاهَرَ مِن امْرأتِهِ {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجَادلة: 3] وقُرىءَ: يَظَّاهَرُونَ، أي يَتَظَاهَرُونَ، فأدْغِمَ: ويَظَّهَّرُونَ. وظَهَرَ الشيءُ: أصْلُهُ أنْ يَحْصُلَ شيءٌ على ظَهْر الأرضِ فَلا يَخْفَى. وبَطَنَ: إذا حَصَلَ في بُطْنانِ الأرضِ فَيَخْفَى، ثم صارَ مُسْتَعْمَلاً فـي كُلِّ بارِز مُبْصَر بالبَصَر والبَصِيرَةِ {أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ} [غَافر: 26]، {مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعرَاف: 33]، {إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِرًا} [الكهف: 22]، {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الرُّوم: 7] أي يَعْلَمُـونَ الأمُـورَ الدُّنْيَويَّـةَ دُونَ الأخْرَوِيَّةِ. والعِلْمُ الظاهِرُ والباطِنُ، تارَةً يُشارُ بِهِما إلَى المَعارِفِ الجَلِيَّةِ والمعارِفِ الخَفِيَّةِ، وتارَةً إلَى العُلُومِ الدُّنْيَويَّةِ والعُلُومِ الأخْرَوِيَّةِ. وقولهُ: {بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحَديد: 13] و {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الرُّوم: 41] أي كَثُرَ وشاعَ. وقولهُ: {نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمَان: 20] يَعْنِي بالظاهِرَةِ: ما نَقِفُ عليها، وبالباطِنَةِ: ما لا نَعْرفُها. وإليه أشارَ بقولِهِ: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]، وقولهُ: {قُرىً ظَاهِرَةً} [سَبَإ: 18] فقد حُمِلَ ذلك على ظاهِرهِ. وقولهُ: {فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجنّ: 26] أي لا يُطْلِعُ عليه أحداً. وقولهُ: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التّوبَة: 33] يَصِحُّ أنْ يَكُونَ مِنَ البُرُوزِ، وأنْ يَكُونَ مِنَ المُعاوَنَةِ والغَلَبَةِ، أي لِيُغَلِّبَهُ على الدِّينِ كُلِّهِ. وقوله تعالى: {فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحْوا ظَاهِرِينَ} [الصَّف: 14] إن هذا كان في زمن عيسى (ع) إذ أيد الله تعالى الطائفة التي آمنت بنبوة عيسى (ع) ونصرها على الطائفة الأخرى التي كفرت بالحجة والبرهان. وقيل: آمنت طائفة من بني إسرائيل بمحمد (ص) وكفرت طائفة به فأصبح الذين آمنوا قاهرين لعدوهم بالحجة والغلبة والقهر.وعلى هذا قولهُ: {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ} [الكهف: 20]، و {يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ} [غَافر: 29]، {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} [الكهف: 97]. وصَلاةُ الظّهْر: مَعْروفَةٌ. والظَّهِيرَةُ: وقْتُ الظُّهْر. وأظْهَرَ فُلانٌ: حَصَلَ في ذلك الوَقْتِ، على بِناءِ أصْبَحَ وأمْسَى. قال تعالى: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الرُّوم: 18].

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢