نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ اللاَّمِ
(ل)

لب: اللُّبُّ: العَقْلُ الخالِصُ من الشَّوائِبِ، وسُمِّي بذلك لكونِهِ خالِصَ ما في الإنْسان من مَعانِيه، كاللُّبابِ واللُّبِّ من الشيءِ، وقيلَ: هو ما زكا من العَقْلِ، فَكُلُّ لُبٍّ عَقْلٌ، وليسَ كُلُّ عَقْل لُبّاً. ولهذا عَلَّقَ اللَّهُ تعالى الأحكامَ التي لا يُدْرِكُها إلاَّ العُقولُ الزَّكِيَّةُ بأولِي الألْبابِ، نحوُ قولهِ: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا} [البَقَرَة: 269] إلى قوله {أُولُو الأَلْبَابِ } [البَقَرَة: 269] ونحو ذلك من الآياتِ. ولَبَّ فُلانٌ يَلَبُّ: صارَ لبيباً أي عاقلاً، فيقالُ صارَ ذا لُبٍّ، وقالتِ امرأةٌ في ابْنِها: اضْربْهُ كَيْ يَلَبَّ، ويقودَ الجيشَ ذا اللَّجَبِ. ورجلٌ ألبَبُ: من قومٍ ألبَّاءَ. ومَلْبُوبٌ: معروفٌ باللَّبِّ. وأَلبَّ بالمكان: أقامَ، وأصلُهُ في البَعِيرِ، وهو أنْ يُلْقِيَ لَبَّتَهُ فيه، أي صَدْرَهُ. وتَلَبَّبَ، إذا تَحَزَّمَ، وأصْلُهُ: أنْ يَشُدَّ لَبَّتَهُ. ولَبَّبْتُهُ: ضربْتُ لَبَّتَهُ. وسُمِّيَ اللَّبَّةَ، لكونِهِ موضِعَ اللُّبِّ. وفُلانٌ في لَبَبٍ رَخِيٍّ، أي في سَعة. وقولهُم: لَبَّيْكَ قيلَ: أصلهُ من لبَّ بالمكان وألبَّ: أقامَ به، وثُنِّيَ لأنه أرادَ إجابةً بعدَ إجابة، وقيل أصلُه لَبَّبَ، فأُبدِلَ مِنْ أحَدِ الباءَات ياءٌ، نحوُ: تَظَنَّيْتُ، وأصلُه: تَظَنَّنْتُ وقيلَ: هو من قولهِم: امرأةٌ لَبَّةٌ، أي مُحِبَّةٌ لولدها. وقيلَ معناهُ: إخْلاصٌ لَكَ بعدَ إخْلاصٍ، من قولِهِم: لُبُّ الطَّعامِ، أي خالِصُهُ، ومنه: حَسَبٌ لُبابٌ.
لبث: لَبِثَ بالمكانِ: أقامَ به مُلازماً له {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا} [العَنكبوت: 14]، {فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} [طه: 40]، حكايةً عن موسى {كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [الكهف: 19]، {قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ} [الكهف: 19]، {لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً} [النَّازعَات: 46]، {لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً} [يُونس: 45]، {مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ } [سَبَإ: 14].
لبد: {كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا } [الجنّ: 19] أي: يَزدحمونَ عليه حِرْصاً منهم على اسْتِماعِ الْقُرآنِ، يودُّ كلُّ واحدٍ منهم أن يكونَ أقرَبَ من صاحِبه فَيتلبَّدُ بعضُهم عَلَى بَعْضٍ. الْواحِدَةُ لُبْدَةً، كاللُّبْدِ المُتَلَبِّدِ أي المُجْتَمِعِ، وقيل: معناهُ: كانُوا يَسْقُطونَ عليه سقوطَ اللُّبْدِ، وقيل: مُتَلَبِّداً مُلْتَصِقاً بعضُها ببعضٍ للتَّزاحمُ عليه، وجَمْعُ اللُّبْدِ: ألْباد ولُبُودٌ، وقد ألْبَدْتُ السَّرجَ: جَعَلْتُ له لِبْداً. وألْبَدْتُ الفَرَسَ: ألَقْيتُ عليه اللِّبْدَ، نحوُ أسْرَجْتُهُ، وألجَمْتُهُ، وألبَبْتُهُ. واللِّبْدَةُ: القِطْعَةُ منها. وقيلَ: هو أمْنَعُ من لِبْدَةِ الأسَدِ، أي من صَدْرِهِ، ولبَدَ الشَّعَرُ وألبَدَ بالمكانِ: لَزِمَهُ لزومَ لُبْدِهِ. ولبدَتِ الإِبلُ لَبَداً: أكْثَرَتْ من الكلأ حتى أتْعَبَها. وقوله: {مَالاً لُبَدًا } [البَلَد: 6] أي كثيراً مُتَلَبِّداً بعضُه على بعض. وقيلَ: ما له سَبَدٌ ولا لَبَدٌ، أيْ لا قليلٌ ولا كثيرٌ.
لبس: لَبِسَ الثَّوبَ: استَتَرَ به، وألبَسَهُ غَيرَهُ. ومنه: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا} [الكهف: 31]. واللِّباسُ واللَّبُوسُ واللُّبْسُ: ما يُلْبَسُ {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} [الأعرَاف: 26]. وجُعِلَ اللِّباسُ لكَلِّ ما يُغَطِّي من الإنْسانِ عن قبيحٍ، فَجُعِلَ الزَّوْجُ لِزَوْجِهِ لِباساً، من حيثُ إنه يَمْنَعُها ويَصُدُّها عن تعاطِي قبيحٍ. قولُه: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البَقَرَة: 187] سَمَّاهُنَّ لِباساً، كما سَمَّاها الشاعِرُ إزاراً في قولهِ:
فِدىً لَكَ مِنْ أخِي ثِقَةٍ إزارِي
وجُعِلَ التَّقْوَى لِباساً، على طريقِ التَّمْثِيلِ والتَّشْبِيهِ {وَلِبَاسُ التَّقْوَى} [الأعرَاف: 26]. وقولهُ: {صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ} [الأنبيَاء: 80] يعنِي به الدِّرْعَ. وقولهُ: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} [النّحل: 112] جَعَلَ الجُوعَ والخَوْفَ لِباساً على التَّجْسِيم والتشبيهِ تَصْوِيراً له، وذلك بِحَسَبِ ما يَقُولُونَ: تَدَرَّعَ فُلانٌ الفَقْرَ، ولَبِسَ الجُوعَ، ونحوُ ذلك. قال الشاعِرُ:
وكِسْوَتَهُمْ من خَيْرِ بُرْدٍ مُنَجَّمٍ
نَوْعٌ من بُرُودِ اليَمَنِ يعنِي به شَعَراً، وقرأ بعضُهم: (ولِباسُ التَّقْوَى) من اللَّبْسِ أي السَّتْر. وأصلُ اللَّبْسِ: سَتْرُ الشيءِ، ويقالُ ذلك في المَعانِي، يقالُ: لَبَسْتُ عليه أمْرَهُ {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ } [الأنعَام: 9]، {وَلاَ تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [البَقَرَة: 42]، {لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [آل عِمرَان: 71]. {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعَام: 82] أي ولم يخلطوا إيمانَهم بشِرْكٍ. ويقالُ: في الأمْرِ لُبْسَةٌ، أي الْتِباسٌ. ولابَسْتُ الأمْرَ: إذا زاوَلْتُه. ولابَسْتُ فُلاناً: خالَطْتُه، و«ما في فلانٍ مَلْبَسٌ»، أي مُسْتَمْتَعٌ. قال الشاعِرُ:
وبَعْد المَشِيبِ طُولَ عُمْرٍ ومَلْبَسا
وقال أبو زيدٍ: «إنَّ في فُلانٍ لَمَلْبَساً» أي ليسَ بِهِ كِبْرٌ.
لبن: اللَّبَنُ، جَمْعُه: ألْبانٌ {وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} [محَمَّد: 15]، {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصًا} [النّحل: 66]. ولابِنٌ: كَثُرَ عندَهُ لَبَنٌ، ولَبَنْتُهُ: سَقَيْتُهُ إياهُ. وفرَسٌ مَلْبُونٌ. وألْبَنَ فُلانٌ: كَثُرَ لَبَنَهُ، فهُو مُلْبِنٌ. وألْبَنَتِ الناقةُ، فهي مُلْبِنٌ: إذا كَثُرَ لَبَنُها إمّا خِلْقَةً وإمّا أنْ يُتْرَكَ في ضَرْعِها حتى يَكْثُرَ، والمَلْبَنُ: ما يُجْعَلُ فيه اللَّبَنُ، واللِّبانُ: الرَّضاعُ، يقال «فلانٌ أخُوهُ بِلِبانِ أُمِّهِ». وقالُ ابنُ السِّكِّيت: ولا يقالُ بِلَبَنِ أمِّهِ، أي لَمْ يُسْمَع ذلك مِن العرب فإنَّ اللَّبَنَ هو الذي يُشْرَبُ؛ و «كَمْ لَبَنُ غَنَمِكَ»، أي ذَواتُ الدَّرِّ منها. واللُّبانُ: الصنوبَرُ، وأيضاً الحاجاتُ، واللُّبَانُ: صَدْر ذي الحافِرِ. واللَّبانَةُ، أصْلُها الحاجَةُ إلى اللّبنِ، ثم اسْتُعْمِلَ في كُلِّ حاجَة. وأما اللَّبِنُ الذي يُبْنَى به البيوتُ، فليسَ من ذلك في شيء، الواحِدَةُ: لَبِنةٌ. يقالُ: لَبَّنَ الرجُلُ. واللَّبَّانُ: ضارِبُهُ.
لج: اللَّجاجُ: التَّمادِي والعِنادُ في تَعاطِي الفعلِ المَزْجُورِ عنه، وقد لَجَّ في الأمْرِ يَلِجُّ لَجاجاً {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [المؤمنون: 75]، {بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ } [المُلك: 21]. ومنه لَجَّةُ الصَّوْتِ، (بفتحِ اللاّمِ)، أي تَرَدُّدُهُ؛ ولُجَّةُ البَحْر، (بالضَّمِّ): تَرَدُّدُ أمْواجِهِ، ولُجَّةُ الليلِ: تَرَدُّدُ ظَلامِهِ. ويقالُ: في كُلِّ واحِدِ لُجٌّ ولِجٌّ. {فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ} [النُّور: 40] منسوب إلى لُجَّةِ البَحْر، واللَّجْلَجَةُ: «التَّرَدُّدُ في الكلامِ، كما في حديث عليٍّ كرَّمَ اللَّهُ وجْهَهُ: الكلمةُ مِنَ الحِكْمَةِ تَكونُ في صَدْرِ المُنَافِقِ فَتَلَجْلَجُ حتى تَخْرُجَ إلى صَاحِبِها» أي تَتَحرَّكُ في صَدْرِهِ وتَقْلَقُ حتى يَسْمَعَها المؤمِنُ فيأْخُذَها ويعِيَها ـ وأرادَ تَتَلَجْلَجُ، فحذف تاءُ المضارعة تخفيفاً ـ ولَجْلَجَةُ اللُّقمَةِ في فمه: إذا أدارَها من غير مَضْغٍ، قال الشاعِرُ:
يَلَجْلَجَ مُضْغَةً فيها أنِيضُ
أي غَيْرُ مُنْضجٍ. ورَجُلٌ لَجْلجٌ ولَجْلاجٌ: في كلامِهِ تَرَدُّدٌ. وقيلَ: الحَقُّ أبْلَجُ، والباطِلُ لَجْلَجٌ: أي لا يَسْتَقِيمُ في قولِ قائِلِه، وفي فعلِ فاعِلِه، بَلْ يَتَرَدَّدُ فيه.
لحد: اللَّحْدُ: حُفْرَةٌ مائِلَةٌ عن الوَسَطِ، وقد لَحَدَ القَبْرَ: حَفَرَهُ، كذلك ألْحَدَهُ. وقد لَحَدْتُ المَيِّتَ: دفنتُهُ، وألْحدْتُهُ: حَفَرْتُ له لحداً، وجَعَلْتُهُ في اللَّحْدِ. ويُسَمَّى اللَّحْدُ مُلْحَداً، وذلك اسمُ موضعٍ من ألحَدْتُهُ. ولحَدَ بِلِسانِهِ إلى كذا: مالَ. {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ} [النّحل: 103] من ألحَدَ. وقُرِىءَ يَلْحِدُونَ، من لَحَدَ. وأَلْحَدَ فُلانٌ: مالَ عن الحَقِّ. والإلحاد نوعان. إلحادٌ إلى الشِّرْكِ باللَّهِ وإلحادٌ إلى الشّرْكِ بالأسْبابِ. فالأوَّلُ يُنافِي الإيمانَ ويُبْطِلُهُ، والثانِي يُوهِنُ عُراهُ ولا يُبْطِلُه، ومِنْ هذا النحو قولهُ: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحَجّ: 25] أي العدول عن القصد، أي ومن يُرِدْ ميلاً عن الحق فكأنه يعبد غير الله ظلماً وعدواناً. قال: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعرَاف: 180] أي الذين يميلونَ عن الحقٍّ في أسماءِ الله الحُسنى حيث اشْتَقُّوا منها أسماءً لآلهتِهِمْ، مثلَ «اللات» مِنَ «الله»، و«العزى» مِنَ «العزيز»، و«مناة» مِنَ «المنَّانِ»؛ والإِلحادُ في أسْمائِهِ على وجْهَيْنِ: أحَدُهُما أن يُوصَفَ بما لا يَصِحُّ وصْفُهُ به، والثانِي أنْ يَتأوّلَ أوصافَهُ على ما لا يليقُ به، والْتَحَدَ إلى كذا: مالَ إليه. قال تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا } [الكهف: 27] أي مُلْتَجأً إليه تَطلبُ به السَّلامة.
لحف: {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البَقَرَة: 273] أي إلْحاحاً. ومنه استُعِيرَ: ألْحَفَ شارِبَهُ، إذا بالَغَ في تَناوُلِه وجَزِّهِ. وأصلُهُ من اللِّحافِ، وهو ما يُتَغَطَّى به. يقالُ: ألحفْتُهُ فالتَحَفَ.
لحق: لَحِقْتُهُ، ولحِقْتُ به: أدْرَكْتُه. {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} [آل عِمرَان: 170] أيْ يُسَرُّونَ بِإخوانِهِمْ الّذينَ فارقُوهُمْ وهمْ أَحْياءُ في الدُّنيا على مِنْهاجِهِمْ، إِنِ اسْتُشْهِدوا لَحِقُوا بِهِمْ، فَيُصِيبُونَ مِنَ النَّعيمِ مثلَ ما أصابُوا. {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجُمُعَة: 3] فإن النبيَّ (ص) مَبْعُوثٌ إلى مَنْ عايَشُوا زَمانَهُ وإِلى كلِّ مَنْ بَعدَهمْ مِنَ العَرَبِ والعجمِ.
لحم: اللَّحْمُ، جَمْعُهُ: لِحَامٌ ولُحُومٌ ولُحْمانٌ. قال: {وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} [البَقَرَة: 173]. ولحَمَ الرَّجُلُ: كَثُرَ عليه اللَّحْمُ، فَضَخُمَ فهو لحِيمٌ ولاحِمٌ وشاحِمٌ: صارَ ذا لَحْمٍ وشَحْمٍ، نحوُ: لابِنٍ وتامِرٍ. ولَحِمَ: ضَرِيَ باللَّحْمِ، ومنه بازٌ لَحِمٌ، وذئِبٌ لَحِمٌ، أي كَثِيرُ أكْلِ اللَّحْمِ. وبَيْتُ لَحْمٍ، أي فيه لَحْمٌ. وألْحَمهُ: أطْعَمَهُ اللَّحْمَ، وبه شُبِّهَ المَرْزُوقُ من الصَّيْدِ فقيلَ: مُلْحَمٌ. وقد يوصَفُ المرزُوقُ من غَيْرهِ به، وبه شُبِّهَ ثَوْبٌ مُلْحَمٌ، إذا تَداخَلَ سِداهُ، ويُسَمَّى ذلك الغَزْلُ لُحْمَةً، تشبيهاً بلُحْمَةِ البازي، ومنه قيلَ: الولاءُ لُحْمةٌ كلُحْمَةِ النَّسَبِ. وشَجَّةٌ مُتَلاحِمَةٌ: اكْتَسَتِ اللَّحْمَ. ولَحَمتُ اللَّحْمَ عن العَظْم: قَشَرْتُهُ. ولَحَمتُ الشيءَ، وألْحَمَتُه. ولاحَمْتُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ: لأَمْتُهُما تشبيهاً بالجسْمِ، إذا صارَ بَيْنَ عِظامِهِ لحمٌ يُلْحَمٌ به. واللِّحامُ: ما يلحمُ به الإِناءُ. وألحمتُ فلاناً: قتَلْتُهُ وجَعَلْتُهُ لَحْماً للسِّباعِ. وألْحَمتُ الطائِرَ: أطعمتُهُ اللَّحْمَ. وألْحمتُكَ فُلاناً: أمْكَنْتُكَ مَنْ شَتْمِهِ وثَلْبِهِ، وذلك كَتَسْمِيةِ الاغْتِيابِ والوقِيعَةِ بأكلِ اللَّحْمِ، نحوُ قوله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [الحُجرَات: 12]. وفُلانٌ لَحِيمٌ (فَعِيلٌ)، كأنَّهُ جُعِلَ لَحْماً لِلسِّباعِ. والمَلْحَمَةُ: المَعْرَكَةُ، والجَمْعُ: المَلاحِمُ.
لحن: اللَّحْنُ: صَرْفُ الكلامِ عن الجارِي عليه إما بإزالَةِ الإعْرابِ، أو التَّصْحِيفِ، وهو المَذْمُومُ، وذلك أكثرُ اسْتِعْمالاً، وإمّا بإزالَتِهِ عنِ التَّصْرِيحِ وصَرْفِهِ بمعناهُ إلى تَعْرِيضٍ وفَحْوًى، وهو محمودٌ عندَ أكثر الأُدباءِ من حيثُ البَلاغَةُ، وإيَّاهُ قَصَدَ الشاعِرُ بقولهِ:
وخَيْرُ الحَدِيثِ ما كان لَحْنا
قال تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محَمَّد: 30] أي لِتَعْرِفَهُمْ يا محمدُ مِنْ فَحْوَى كلامِهِمْ لأَنَّ كلامَ الإنسانِ يَدُلُّ على ما في سَرِيرَتِهِ، ومنه قيلَ للفَطِنِ بما يَقتضي فَحْوَى الكلامِ: لَحِنٌ، وفي الحَدِيثِ: «لَعَلَّ بعضَكُمُ ألْحَنُ بحُجَّتِهِ من بعضٍ»(75) أي ألْسَنُ، وأفْصَحُ، وأبْيَنُ كلاماً، وأقْدَرُ على الحُجَّةِ. واللّحْنُ مِن الأصْواتِ: ما صيغَ مِنْها وَوُضِعَ على توقيعٍ وَنَغَمٍ مَعْلُومٍ. وصناعةُ الألحانِ هي الموسيقى.
لدد: الألَدُّ: الخَصِيمُ الشَّدِيدُ {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ } [البَقَرَة: 204]، وجمع لدود لُدّ {وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا } [مَريَم: 97] أيْ شِداداً في الخُصومة.
لدن: لَدُنْ: أخَصُّ من عِنْدَ، لأنه يَدُلُّ على ابتداءِ نِهاية، نحوُ: أقَمْتُ عِنْدَهُ من لدُنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلى غُرُوبِها، فَيُوضَعُ لَدُنْ مَوْضِعَ نِهايَةِ الفِعْلِ، وقد يُوضَعُ مَوْضِعَ عِنْدَ فيما حُكِيَ. يقالُ أصَبْتُ عِنْدَهُ مالاً، ولَدُنْهُ مالاً. ولَدُنْ أبْلَغُ. {فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا } [الكهف: 76]، {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} [الكهف: 10]، {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا } [مَريَم: 5]. {وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيرًا } [الإسرَاء: 80]، {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا } [الكهف: 65]، {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} [الكهف: 2] واللَّدِنُ: اللَّيِّنُ، والجمع لُدْنٌ ولِدانٌ، ولَدْنُ الخَليقَةِ: ليِّنُ العَريكَةِ، ولدى لُغةٌ من لَدُنْ.
لدى: لَدَى: يُقارِبُ لَدُنْ {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يُوسُف: 25]. أي فلمَّا هَرَبَ يوسُفُ منْ زوجَةِ عزيز مِصْرَ ولَحِقَتْهُ، وجَدَا زَوْجَها عنْدَ الباب.
لذّ: قال تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ} [الزّخرُف: 71]، أي وتَتَلَذَّذُ الأَعيُنُ نَظَراً بما في الجنّةِ. ومنه اللَّذُّ، واللَّذِيذُ. يُقالُ شَرابٌ لَذٌّ، ولَذِيذٌ. قال تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ *بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ } [الصَّافات: 45-46].
لزب: اللازِبُ: الثابِتُ الشَّدِيدُ الثُّبُوتِ {مِنْ طِينٍ لاَزِبٍ } [الصَّافات: 11]، قال ابنُ عبّاس: «اللاّزبُ الْملتَصِقُ مِنَ الطِّينِ الحُرِّ الجَيِّدِ» ويُعَبَّرُ باللازِبِ عن الواجِبِ، فيقالُ: «وهذا الأَمْرُ ضَرْبَةُ لازِبٍ» أي شَدِيدُ اللُّزومِ.
لزم: لُزُومُ الشيءِ: طُولُ مُكْثِهِ، ومنه يقالُ: لَزِمَهُ يَلْزَمُهُ لُزوماً. والإلْزامُ نوعان: إلزامٌ بالتَّسْخِير من اللَّهِ تعالى، أو من الإنْسانِ؛ وإلزامٌ بالحُكْمِ والأمْرِ، نحوُ: {أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ } [هُود: 28]، {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفَتْح: 26] وكلمة التقوى هي: لا إله إلا الله. وقولهُ: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا } [الفُرقان: 77] أي فسوف يكون عقابه لتكذيبه الرسول لا مهرب منه. وقولهُ: {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمّىً } [طه: 129] لكان العذابُ إلزاماً لَهم واقعاً في الحالِ.
لسن: اللِّسانُ: الجارِحَةُ وقُوَّتُها، وقولهُ: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي } [طه: 27] يَعْنِي به من قُوَّةِ لِسانِهِ، فإن العُقْدَةَ لم تَكُنْ في الجارِحَةِ، وإنما كانَتْ في قُوّتِهِ التي هي النُّطْقُ به، ويقالُ: لِكُلِّ قومٍ لِسانٌ واللِسان: اللغة، كما في قوله: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ} [مَريَم: 97]، {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } [الشُّعَرَاء: 195]، {وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الرُّوم: 22] فاخْتِلافُ الألْسِنَةِ إشارَةٌ إلى اخْتِلافِ اللُّغاتِ، وإلى اخْتِلافِ النَّغَماتِ، فإن لِكُلِّ إنْسانٍ نَغْمَةً مَخْصُوصَةً يُمَيِّزُها السَّمْعُ، كما أنَّ له صُورَةً مَخْصُوصَةً يُمَيِّزُها البَصَرُ.
لطف: اللَّطيفُ: إذا وُصِفَ به الجِسْمُ، فَضِدُّ الجَثْلِ، وهو الثَّقِيلُ. يقالُ: شَعَرٌ جَثْلٌ، أي كَثِيرٌ. ويُعَبَّرُ باللَّطافَةِ واللُّطْفِ عن الحَرَكَةِ الخَفِيفَةِ، وعن تَعاطِي الأمُورِ الدَّقِيقَةِ، وقد يُعَبَّرُ باللَّطائِفِ عَمَّا لا تُدْرِكُهُ الحاسَّةُ. ويَصِحُّ أن يكونَ وَصْفُ اللَّهِ تعالى به على هذا الوجْهِ، وأن يكونَ لِمَعْرفَتِهِ بدقائقِ الأمُـورِ، وأن يكونَ لِرِفْقِهِ بالعِبادِ في هِدايَتِهِمْ {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} [الشّورى: 19]، و {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ} [يُوسُف: 100] أي لطيف بتدبير عباده، يدبّر أمرهم على ما يشاء، ويسهّل لهم العسير. وقد يُعَبَّرُ عن التُّحَفِ المُتَوَصَّلِ بها إلـى المَـوَدَّةِ باللُّطَـفِ، ولهذا قال: تَهادَوْا تَحابُّوا(76). وقد ألْطَفَ فُلانٌ أخاهُ بكذا.
لظى: اللَّظَى: اللَّهَبُ الخالِصُ، وقد لَظِيَتِ النارُ، وَتَلَظَّتْ. {نَارًا تَلَظَّى } [الليْل: 14] أي تَتَلَظَّى. ولَظَى، غَيْرَ مَصْرُوفَة: اسمٌ لِجهَنَّمَ {إِنَّهَا لَظَى } [المعَارج: 15].
لعب: أصْلُ الكَلِمَةِ: اللُّعابُ، وهو البُزاقُ السائِلُ. وقد لَعَبَ يَلْعَبُ لعْباً: سالَ لُعابُهُ. ولَعِبَ فُلانٌ، يَلْعَبُ لَعِباً إذا كان فِعْلُه غَيْرَ قاصِدٍ به مَقْصِداً صَحِيحاً. {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ} [العَنكبوت: 64]، {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا} [الأنعَام: 70]. واللَّعِبُ: ما يرغِّب في الدنيا، واللَّهْوُ ما يلهي عن الآخِرة. {أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ } [الأعرَاف: 98]، {قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاََّّعِبِينَ } [الأنبيَاء: 55]، {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ } [الدّخان: 38]. واللَّعْبةُ: للمَرَّةِ الواحِدَةِ، واللِّعْبَةُ: الحالَةُ التي عليها اللاَّعِبُ. ورجُلٌ تَلْعابَةٌ: ذُو تَلَعُّبٍ، واللَّعْبَةُ: ما يُلْعَبُ به. والمَلْعَبُ: مَوْضِعُ اللَّعِبِ. وقيلَ لُعابُ النَّحْلِ لِلعَسَلِ، ولُعابُ الشمسِ: ما يُرَى في الجَوِّ كَنَسْجِ العَنْكَبُوتِ. ومُلاعِبُ ظِلِّهِ: طائِرٌ، كأنه يَلْعَبُ بالظلِّ.
لعل: لَعَلَّ: للترجّي والإطماع والإشفاق. وذَكَرَ بعضُ المُفَسِّرِينَ أنَّ لَعَلَّ من اللَّهِ واجِبٌ، وفُسِّرَ في كثيرٍ من المواضِعِ بـ (كَيْ)، وقالُوا: إنَّ الطَّمَعَ والإشْفاقَ لا يَصِحُّ على اللَّهِ تعالى، ولَعَلَّ، وإن كان طَمَعاً، فإن ذلك يقتضِي في كلامِهِمْ تارَةً طَمَعَ المُخاطَبِ، وتارَةً طَمَعَ المُخاطِبِ، وتارَةً طَمَعَ غَيْرِهِما. فقولهُ تعالى فيما ذَكَرَ عن قومِ فِرْعَوْنَ: {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ} [الشُّعَرَاء: 40] فذلك طَمَعٌ منهمْ، وقولهُ في فِرْعَوْنَ: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } [طه: 44] فإطْماعٌ لِمُوسى وهارُون وجعلهما يرجوان الله أن يهدي هذا الطاغية إلى الإيمان، ومعناهُ: فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً ليِّناً عَسَاهُ يتذَكَّرُ أَنهُ بَشَرٌ مخلوق فيتَّغِظُ، أو يَخْشى اللَّهُ خالِقَهُ فيرجِعَ عَنْ طُغْيانِهِ، وقولهُ تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} [هُود: 12] أي يظنُّ بِكَ الناسُ ذلك. وعلى ذلك قولهُ: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الكهف: 6]. وقال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفَال: 45] أي اذْكُرُوا الله راجِينَ الفلاحَ، كما قال في صِفَةِ المؤمِنين: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسرَاء: 57].
لعن: اللَّعْنُ: الطَّرْدُ والإبعادُ على سبيلِ السَّخَطِ، وذلك من اللَّهِ تعالى في الآخِرةِ عُقُوبَةٌ، وفي الدُّنْيا انْقِطاعٌ من قَبُولِ رَحْمَتِهِ وتوفيقهِ، ومن الإنْسانِ دُعاءٌ على غَيْرِه {أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } [هُود: 18]، {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ } [النُّور: 7] {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المَائدة: 78]، {أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاََّّعِنُونَ } [البَقَرَة: 159] وعَنَى بِهِمْ الذينَ يَكْتُمونَ مَا أُنْزِلَ على رسولِه محمدٍ (ص) مِنَ البيِّناتِ والهُدَى. واللُّعْنَةُ: الذي يَلْتَعِنُ كَثِيراً. واللُّعَنَةُ: الذي يَلْعَنُ كَثِيراً لفرط شرِّهِ. والْتَعَنَ فُلانٌ: لَعَنَ نَفْسَهُ. والتَّلاعُنُ، والمُلاعَنَةُ: أنْ يَلْعَنَ كُلُّ واحد منهما نَفْسَهُ أو صاحِبَهُ.
لغب: اللُّغوبُ: التَّعَبُ والنَّصَبُ {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ } [ق: 38] فقد كَذَّبَ اللَّهُ تَعالى اليهودَ عندما قَالوا: اسْتَراحَ اللَّهُ يومَ السَّبْتَ. فَلِذَلِكَ لا نَعْمَلُ فيهِ شَيْئاً. وقال أعْرابِيٌّ: فُلانٌ لَغُوبٌ أحْمَقُ جاءَتْهُ كِتابي فاحْتَقَرَها، أي ضعيفُ الرأيِ، وقد قيلَ له في ذلك: لِم أنَّثْتَ الكِتابَ وهو مُذَكَّرٌ فقال: أوليسَ ـ تجمع مع بعضها لأنها كلمة واحدة (أَوَليسَ) ـ صَحِيفَةً؟
لغو: اللَّغْوُ، من الكلامِ: ما لا يُعْتَدُّ به، وهو موضوعٌ في الأصل لِلَفْظِ الطَّيْرِ، ثم استُعمِلَ لما لا يُفهمُ مِنَ الكَلامِ، ثُمَّ تُوُسِّعَ به فاستُعمِلَ لِمُطْلَقِ الكلامِ الذي يُورَدُ لا عَنْ رَوِيَّة وفِكْرٍ، فَيَجْرِي مَجْرَى الكلام الذي لا يُعتدّ به. وإلغاء الكلمة: إسقاط عملها. قال أبُو عُبَيْدَةَ: لَغْوٌ ولَغاً، نحوُ عَيْبٍ وعابٍ، وأنْشَدَهُمْ:
عَنِ اللَّغَا وَرَفَثِ التَّكَلُّمِ
يقالُ: لَغَا الرجلُ في قولِهِ يَلْغُو لَغْواً، ولَغِيَ يَلْغَى لَغاً: إذا أخطأ، نحوُ لَقِيتَ تَلْقَى. وقد يُسَمَّى كُلُّ كَلامٍ قَبِيح لَغْواً. قال تعالى: {لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلاَ كِذَّابًا } [النّبَإِ: 35]، {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [القَصَص: 55]، {لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلاَ تَأْثِيمًا } [الواقِعَة: 25] {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } [المؤمنون: 3]. وقولهُ: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } [الفُرقان: 72] أي كَنوا عن القبيحِ، ولم يُصَرِّحُوا. وقيلَ: معناهُ، إذا صادَفُوا أهْلَ اللَّغْو لم يَخُوضُوا مَعَهُمْ. ويُسْتَعْمَلُ اللَّغْوُ فيما لا يُعْتَدُّ به، ومنه اللَّغْوُ في الأيْمانِ، أي الذي لا عَقْدَ عليه، وذلك الذي يَجْري وَصْلاً للكلامِ نتيجةَ عادةٍ {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البَقَرَة: 225]، ومن هذا أخَذَ الشاعِرُ، فقالَ:
ولَسْتَ بِمَأْخُوذٍ بلَغْوٍ تَقُولُهُ إذا لَمْ تُعَمِّدْ عاقِداتِ العَزائِمِ
وقولهُ: {لاَ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } [الغَاشِيَة: 11] أي لَغْواً، فَجَعَلَ اسم الفاعلِ وصْفاً للكلامِ، نحوُ: كاذِبَة. وقيلَ لما لا يُعْتَدُّ به في الدِّيةِ من الإِبِلِ: لَغْوٌ، قال الشاعِرُ:
كما ألْغَيْتَ في الدِّيَةِ الحُوارَا
ولَغِيَ بكذا، أي لَهِجَ به لَهَجَ العُصْفُورِ بِلَغاهُ، أي بِصَوْتِهِ، ومنه قيلَ للكلامِ الذي يَلْهَجُ به لُغَةٌ، وهي ما يُعبِّرُ به الناسُ في نُطْقِهِم، واشتقاقُ اللغة من لَغِيَ بالشيءِ أي لَهَجَ به وأصلُها لُغْوَةٌ كغُرفة، والجمع لُغَىً ولُغَاتٌ.
لفت: يقالُ: لَفَتَهُ عن كذا: صَرَفَهُ عنه. {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا} [يُونس: 78] أي تَصْرِفَنا، ومنه الْتَفَتَ فُلانٌ، إذا عَدَلَ عن قِبَلِهِ بِوجْهِهِ. وامرأةٌ لَفُوتٌ: امرأةٌ ذاتُ بعلٍ ولكِنْ لها وَلَدٌ مِنْ غيرِهِ، وقد سُمِّيَت «امرأةٌ لَفُوتٌ» لأنَّها تُلْفِتُ إلى وَلَدِها عُنُقَها.
لفح: يقالُ: لَفَحَتْهُ الشَّمسُ والسَّمُومُ: ضَرَبَتْ وَجْهَهُ. قوله تعالى: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ} [المؤمنون: 104] أيْ أَلْهَبَتْ وأَحْرَقَتْ وُجُوهَهُم، ومنه اسْتُعِيرَ لَفَحْتُهُ بالسَّيْفِ، أي ضَرَبْتُهُ؛ والنَّفْحُ للبارِدِ واللَّفْحُ لِلْحارِّ.
لفـظ: اللَّفْظُ بالكلامِ: مُسْتَعارٌ من لَفْظِ الشيءِ من الفَمِ، و: لفْظِ الرَّحَى الدَّقِيقَ. ومنه سُمِّيَ الدِّيكُ لافِظَةً لِطَرْحِهِ بعضَ ما يَلْتَقِطُهُ لِلدَّجاجِ. قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق: 18]. واللفظُ: هو الرَّمْيُ، تقولُ: لَفَظَ الشَّيءَ مِنْ فَمِهِ: رماهُ.
لفف: {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا } [الإسرَاء: 104] أي مُنْضَمّاً بعضُكم إلى بعضٍ، يقالُ: لفَفْتُ الشيءَ لَفّاً وجاؤُوا ومَنْ لَفَّ لِفَّهُمْ، أي مَن انْضَمَّ إليهم، وقولهُ: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا } [النّبَإِ: 16] أي الْتَفَّ بعضُها ببعضٍ لِكَثْرَةِ الشَّجَرِ. قال: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ } [القِيَامَة: 29]. والألَفُّ: الذي يَتَدانَى فَخِذاهُ مِن سِمَنِهِ. والألَفُّ أيضاً: السَّمِينُ الثقيلُ البَطِيءُ من الناسِ. و:لَفَّ رأسَهُ في ثِيابِهِ، والطائِرُ: رأسَهُ تَحْتَ جَناحِهِ. واللَّفِيفُ من الناسِ: المُجْتَمِعُونَ من قَبائِلَ شَتَّى. وسَمَّى الخليلُ كُلَّ كَلِمَة اعْتَلَّ منها حَرْفان أصْلِيَّان لَفِيفاً.
لفـي: ألْفَيْتُ: وَجدْتُ. قال اللَّهُ تعالى: {قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [البَقَرَة: 170]، {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا} [يُوسُف: 25].
لقب: اللَّقَبُ: اسمٌ يُعرَفُ به الإنْسانُ سِوَى اسمهِ الأوَّلِ، ويُراعَى فيه المعنَى بخلاف الإعْلامِ، ولِمُراعاةِ المعنَى فيه. قالَ الشاعِرُ:
وقَلَّما أبْصَرَتْ عَيْناكَ ذا لَقَبٍ إلاَّ ومَعْناهُ إنْ فَتَّشْتَ في لَقَبِهْ
واللَّقَبُ نوعان: نوعٌ على سَبيلِ التَّشْرِيف كألْقابِ السَّلاطِينِ، ونوعٌ على سَبيلِ النَّبْزِ، وإيَّاهُ قَصَدَ بقولهِ: {وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} [الحُجرَات: 11]. ونَبَزَهُ: لَقَّبَهُ، أي كلُّ لقبٍ إذا سمعَ بِهِ كَرِهَهُ.
لقح: يقالُ: لَقِحَتِ المرأةُ وتَلْقَحُ لَقْحاً: حَمَلَتْ، ولَقِحتِ الناقةُ تَلْقَحُ لَقْحاً ولَقاحاً: قَبِلَت اللِّقاحَ، وكذلك الشَّجَرَةُ، وأَلْقَحَ الفَحْلُ النَّاقَةَ، والرِّيحُ السَّحابَ، والجمع لواقِحُ. قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحِجر: 22] أي مُلَقِّحَةً للسُّحُبِ التي تَحْمِلُ المَطَر، أي ذَوَاتِ لَقاحٍ. وألْقَحَ فُلانٌ النَّخْلَ ولَقَّحَها.
لقط: الالتقاطُ: تناولُ الشَّيءِ مِنَ الطَّريقِ، ومنه اللّقْطَة واللّقِيطُ، قالَ تعالى: {يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ} [يُوسُف: 10] أي يتناولُه، أو يَنْتَشِلُهُ بعضُ مَارّةِ الطَّريقِ، أو المسافرينَ، فيذهبُ بِه إلى ناحيةٍ أخرى. ومعنى يلتقطه: هو أَنْ يجدَهُ مِنْ غَيرِ أَنْ يَطْلُبَهُ. ويقال: وَرَدْتُ الماءَ الْتِقاطاً: إذا وَرَدْتَهُ من غير أَنْ تَحسَبَهُ. قال تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ} [القَصَص: 8]، أي أخذوه مِن غير أن يطلُبوه. ويُقالُ: «شيءٌ ملقوطٌ ولقيطٌ» إذا أُخِذَ من أرضٍ أو بِئرٍ وُقِعَ عليها بَغْتةً.
لقف: لَقِفْتُ الشيءَ، ألْقَفُهُ، وتَلَقَّفْتُهُ: تَناوَلْتُهُ بالحِذْقِ سواءٌ في ذلك تَناوُلُه بالفَمِ أو اليَدِ. {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ } [الأعرَاف: 117] أي فإذا عَصَا موسى (ع) بَعْدَ أنْ جَعَلَها الله حَيَّةً تَسْعى تَبْتَلِعُ حِبَالَ وَعِصِيِّ السَّحَرةِ التي خْيِّلَ للنّاسِ بأَنَّها حيَّاتٌ.
لقم: لُقْمانُ (*): اسمُ الحَكِيمِ المعروفِ، واشْتِقاقُهُ يجوزُ أن يكون من لقِمْتُ الطَّعامَ أَلْقَمُهُ وتَلَقَّمْتُهُ: ابْتَلَعْتُهُ في مُهْلَة. ورجُلٌ تِلْقامٌ: كَثِيرُ اللُّقَمِ. واللَّقِيم: أصْلُه المُلْتَقَمُ، قال الله تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ} [الصَّافات: 142]. ويقالُ لِطَرَفِ الطريقِ: اللَّقَمُ. قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمَان: 12] أي مَنَّ الله عليه بالحكمة.
لقي: اللِّقاءُ: مُقابَلَةُ الشيءِ، ومُصادَفَتُهُ مَعاً. وقد يُعَبَّرُ به عن كُلِّ واحِدٍ منهما، يقالُ: لَقِيَهُ يَلْقاهُ لِقاءً ولُقِيّاً ولُقْيَةً. ويقالُ ذلك في الإِدْراكِ بالحِسِّ وبالبَصَرِ وبالبَصِيرَةِ {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ} [آل عِمرَان: 143]، {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا } [الكهف: 62]. ومُلاقاةُ اللَّهِ عزّ وجلّ عبارةٌ عن القِيامَةِ، وعن المَصِير إليه {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاَقُوهُ} [البَقَرَة: 223]، {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو اللَّهِ} [البَقَرَة: 249]. واللِّقاءُ: المُلاقاةُ {وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} [الفُرقان: 21]، {إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاَقِيهِ } [الانشقاق: 6] {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [السَّجدَة: 14] أي نَسِيتُم القِيامَةَ والبَعْثَ والنُّشُورَ. وقولهُ: {يَوْمَ التَّلاَقِ } [غَافر: 15] أي يومَ القيامَةِ، وتَخْصِيصُه بذلك لالْتِقاءِ من تقدّمَ ومن تأخَّرَ من الناس والْتِقاءِ أهْلِ السماءِ والأرضِ، ومُلاقاةِ كُلِّ أحدٍ بِعَمَلِهِ الذي قَدَّمَهُ. ويقالُ: لَقِيَ فُلانٌ خَيْراً وشَرّاً. قال الشاعِرُ:
فَمَنْ يَلْقَ خَيْراً يَحْمَدِ الناسُ أمْرَهُ
ويقالُ: لَقِيتُهُ بكذا، إذا اسْتَقْبَلْتَهُ به. قال تعالى: {وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَمًا } [الفُرقان: 75]، {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا } [الإنسَان: 11]. والتَّلَقِّي نظِيرُ التلقُّن، يقال: تَلَقَّيْتُ منه أي أخذتُ وَقَبِلْتُ. وتَلَقَّاهُ كذا، أي لَقِيَهُ {وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ} [الأنبيَاء: 103]، {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} [النَّمل: 6]، وتُلَقَّاهُ: أي تَسْتَقبِلُ القُرآنَ وتأخذُهُ من لَدُنِ حكيم عليم، ومنه: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} [البَقَرَة: 37]. والإلقاءُ: طَرْحُ الشيءِ على غيره. قال تعالى: {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا } [المُرسَلات: 5] يعني: الملائكة تُلقي الذكر، أي الوحي، عليه. وقولُهُ: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} [النُّور: 15] أي يأخذُ بعضُكم عن بعضٍ وتقولونَ بأفواهِكُمْ ما ليسَ لكم بِهِ علمٌ. والإِلْقاءُ أيضاً: طَرْحُ الشيءِ حيثُ تَلْقاهُ، أي تَراهُ، ثم صارَ في التَّعارفِ اسماً لِكُلِّ طَرْحٍ {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ } [طه: 87]، {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ } [الأعرَاف: 115]، {قَالَ أَلْقُوا} [الأعرَاف: 116]، {قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَى } [طه: 19]، {فَأَلْقَاهَا} [طه: 20]، {فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ} [طه: 39]، {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا} [المُلك: 7]، {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} [المُلك: 8]، {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ} [الانشقاق: 4] وهو نحوُ قولهِ: {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } [الانفِطار: 4]. ويقالُ: ألْقَيْتُ إليكَ قَوْلاً وسَلاماً وكلاماً ومَوَدَّةً {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [المُمتَحنَة: 1]، {فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ} [النّحل: 86]، {وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ} [النّحل: 87]، وقولهُ: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } [المُزّمل: 5] إشارةٌ إلى ما حُمِّلَ مِنَ النُّبُوَّةِ والوَحْيِ، وقولهُ: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ق: 37] عِبارَةٌ عن الإِصْغاءِ إليه، وقَولهُ: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا} [طه: 70] فإنما قال أُلْقِيَ تَنبيهاً على أنه دَهَمَهُمْ ـ أيْ غَشِيَهُمْ ـ وذلك دَليلُ ابتلاعِ عَصَا مُوسَى (ع) حِبَالَهم، فَخَرُّوا سُجَّداً لِلّهِ رَبِّ العالمين.
لما: يُسْتَعْمَلُ على وجْهَيْنِ: أحَدُهُما لِنَفْيِ الماضِي وتَقْرِيبِ الفعلِ، نحوُ: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا} [التّوبَة: 16]، والثانِي يكون عَلَماً للظَّرْفِ، نحوُ: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} [يُوسُف: 96] أي في وقْتِ مجيئِهِ.
لمح: اللَّمْحُ: لَمَعانُ البَرْق. ورأيتُهُ لَمْحَةَ البَرْق. قال تعالى: {كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } [القَمَر: 50]، {إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ} [النّحل: 77]. ويقالُ: لأُريَنَّكَ لَمْحاً باصِراً، أي أمْراً واضِحاً.
لمز: اللَّمْزُ: الاغْتِيابُ وتَتَبُّعُ المَعايبِ، وأَصْلُهُ الإشَارَةُ بالعيْنِ ونَحْوها، يقالُ: لَمَزَهُ يَلْمِزُهُ ويَلْمُزُهُ لَمْزاً: أشارَ إليه بجَفْنِهِ وكلامٍ خفيٍّ فيه إساءَةٌ. قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التّوبَة: 58]، {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ} [التّوبَة: 79]، {وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} [الحُجرَات: 11] أي لا تَلْمِزُوا الناسَ فَيَلْمِزُونَكُمْ فتكونُوا في حُكْم مَنْ لَمَزَ نَفْسَهُ. ورجُلٌ لَمَّازٌ ولُمَزَةٌ: كَثِيرُ اللَّمْز {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ } [الهُمَزة: 1]. وقيل: الهُمَزَةُ: المغتابُ، واللُّمَزَةُ: العيَّابُ، فيكون المعنى: والعذابُ لكل مغتابٍ عيَّابٍ.
لمس: اللَّمْسُ: إحدى الحواسِّ الخَمْس الظَّاهِرَةِ، ويقالُ لها القوَّةُ اللامسة، وبها يكون إحْساسٌ بِظاهِرِ البشرةِ كالمَسّ، ويُعَبَّرُ به عن الطَّلَبِ، كقولِ الشاعِر:
وأَلْمِسُهُ فَلا أجِدُهُ
وقال تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} [الجنّ: 8] الآيَةَ. ويُكَنَّى به وبالمُلامَسَةِ عن التزويج، ومنه: أَلْمَسَ فلاناً امرأةً، أي زوجَّهُ إِيّاها، وقُرىءَ: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النِّسَاء: 43]، حَمْلاً على المسِّ، وعلى الجِماعِ بَعدَ الزَّواجِ.
لم: تَقُولُ: لَمْلَمَ الطينَ: أَدارَهُ، أي جَعَلَهُ كالْكُرَةِ مُسْتَديراً، ولَمْلَمَ الشيءَ: جَمَعَهُ، ولمَّ الشيءَ يَلُمُّهُ لَمّاً: جمَعَهُ وطَمَّهُ. ولَمَمْتُ الشيءَ: جَمَعْتُهُ وأصْلَحْتُهُ، ومنه: لمّ الله شَعْثَهُ: أي أصلح وجمع ما تفرَّقَ مِنْ أمورهِ. قال تعالى: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمًّا } [الفَجر: 19] أي تَلُمُّونَهُ جميعه فتأكلونهُ أكلاً شديداً. وقيل: {أَكْلاً لَمًّا } [الفَجر: 19] أي تَأْكُلونَ نَصِيبَكُمْ ونَصِيبَ غَيْرِكُمْ. وقيل: هو مَن يأكل كلَّ ما يجده، ولا يفكِّرُ فيما يأكلُ أخبيثاً كان أم طيِّباً. واللَّمَمُ مُقَارَبَةُ المَعْصِيَةِ، ويُعَبَّرُ به عن الصَّغِيرَةِ. ويقالُ: فُلانٌ يَفْعَلُ كذا لَمَماً، أي حِيناً بعدَ حِينٍ، وكذلك قولهُ: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ} [النّجْم: 32] أي إلاَّ صِغارَ الذُّنوبِ، ومنه قولُ الرَّاجز:
إِنْ تغفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمّا وأيُّ عبدٍ لَكَ لا أَلَمَّا
«لا أَلَمَّا» أَيْ لَمْ يُذنِبْ، وهو مِنْ قولِكَ: ألْمَمْتُ بكذا، أي نَزَلْتُ به وقارَبْتُهُ مِنْ غيرِ مُواقَعَةٍ. ويقالُ: «ما تَزورُنا إلاَّ لِمَاماً» أي في بَعْضِ الأحيان. ولَمْ: نَفْيٌ للماضِي وإن كانَ يَدْخُلُ على الفِعْلِ المُسْتَقْبلِ، ويَدْخُلُ عليه ألِفُ الاسْتِفْهامِ للتَّقْرِيرِ نحوُ: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا} [الشُّعَرَاء: 18]، {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى } [الضّحى: 6].
لهب: اللَّهَبُ: اضْطِرامُ النَّارِ {وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ } [المُرسَلات: 31]. وقولُهُ تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المَسَد: 1] إنما ذكرَ اللّهُ سبحانهُ كنيتَهُ دونَ اسمه لأنها كانت أغلب عليهِ. وكُنّيَ بأبي لهبٍ لاحمرارِ وَجْنَتَيْهِ فكأنّهما تَلْتَهبَان. وأمّا اسْمُهُ فهو عبدُ العزّى. وسمّاه أبا لهب كما يُسمّى المثيرُ للحربِ والمباشرُ لها أبا الحربِ وأخا الحرب. واللَّهِيبُ: ما يَبْدُو مِن اشْتِعالِ النارِ، ويقالُ لِلدُّخانِ وللغُبارِ: لَهَبٌ. وقولهُ: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ } [المَسَد: 3] وإنما قَصَدَ إلى إثْباتِ النارِ له، وأنه مِنْ أهْلِها. وفرسٌ مُلْهِبٌ: شَدِيدُ العَدْوِ، تشبيهاً بالنارِ المُلْتَهِبَةِ، ومعناه: أن يجتهدَ الفرسُ في عَدْوِهِ حتى يُثيرَ الغُبارَ. ويُسْتَعْمَلُ اللُّهابُ في الحَرِّ الذي يَنالُ العَطْشانَ.
لهث: لَهِثَ الرجلُ يَلْهَثُ لَهَثاً: عَطِشَ، ولَهَثَ الكلبُ يلهَثُ لَهَثاً: أَخْرَجَ لِسَانَهُ مِنَ التَّنَفُّسِ الشَّديدِ عَطَشاً أو إِعْياءً. قال {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [الأعرَاف: 176] وهو أنْ يُدْلِعَ لِسانَهُ مِنَ العَطَشِ. قال ابنُ دُرَيْدٍ: «اللَّهَثُ يقالُ للإعْياءِ وللعَطَشِ جميعاً».
لهم: الإِلْهامُ: إلْقاءُ الشَّيءِ في الرَّوْعِ، ويَخْتَصُّ ذلك بما كان مِنْ جهةِ اللَّهِ تعالى، وَجِهَةِ المَلَأ الأعْلَى. {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } [الشّمس: 8] أي عَرَّفَها ـ للنَّفْسِ ـ طَريقَ الفُجورِ والتَّقْوَى وزَهَّدَهَا في الفُجُورِ، ورَغَّبَها في التَّقْوى. وذلك نحوُ ما عُبِّرَ عنه بالنَّفْثِ في الرَّوْعِ كقولِهِ (ص) : «نفث رُوحَ القُدُسِ في رَوْعِي»(77) وأصْلُه من الْتِهامِ الشيءِ، وهو ابْتِلاعُهُ. والْتَهَمَ الفَصِيلُ ما في الضَّرْعِ. وفرسٌ لَهِمٌ، كأنه يَلْتَهِمُ الأرضَ لِشِدَّةِ عَدْوِهِ.
لهى: اللَّهْوُ: ما يَشْغَلُ الإنْسانَ عَمَّا يَعْنِيهِ ويهمُّهُ، قال الطرطوسي: «أَصْلُ اللَّهْوِ الترويحُ عنِ النَّفْسِ بِما تقتضيه الحكمةُ». يقالُ: لَهَوْتُ بكذا، ولَهَيْتُ عن كذا: اشْتَغَلْتُ عنه بِلَهْوٍ، واللَّهو هنا: ما يلهي عن الآخرة {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [محَمَّد: 36]، {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [الأنعَام: 32]. ويُعَبَّرُ عن كُلِّ ما به اسْتِمْتاعٌ باللَّهْوِ {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا} [الأنبيَاء: 17]. ومَنْ قال أرادَ باللَّهْو المرأةَ والولدَ، فَتَخْصِيصٌ لبعضِ ما هو مِنْ زِينَةِ الحَياةِ الدُّنْيا التي جُعِلَ لَهْواً ولَعِباً. ومِنْ ألْهاهُ عن كذا، أي شَغَلَهُ عَمَّا هو أهَمُّ إليه. قولُهُ تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ } [التّكاثُر: 1] أي عن ذكْرِ الله والعبادات، أما قوله: {رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النُّور: 37] فليسَ ذلك نَهْياً عن التِّجارةِ وكَراهِيَةً لَها، بَلْ هو نَهْيٌ عن التَّهافُتِ إليها والاشْتِغال عن الصَّلواتِ والعبادات بها، ألاَ تَرَى إلى قولهِ: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحَجّ: 28]، {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} [البَقَرَة: 198]. وقوله: {لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ} [الأنبيَاء: 3] أي ساهِيَةً مُشْتَغِلَةً بما لا يَعْنِيها. {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمَان: 6] أي ومن الناس من يشتري باطل الحديث، كالطعن بالحق والاستهزاء به والسخرية بالقرآن واللغو فيه وينفق الأموال الطائلة في الملاهي والغناء. وجاء في الأثر: «ومن الناس من يشتري لهو الحديث باللعب والباطل وهو كثير النفقة سمح فيه ولا تطيب نفسه بدرهم يتصدَّق به». ويقالُ للمرأةِ الملهُوِّ بها: اللَّهوَة. والحَرْفانِ اللَّهَوِيَّانِ هما القافُ والكافُ. واللَّهاةُ: اللَّحْمَةُ المُشْرفَةُ على الحَلْقِ، وقيلَ: بَلْ هو أقْصَى الفَمِ.
لو: لَوْ: قيلَ هو امْتِناعُ الشيءِ لامْتِناعِ غيرِه. ويَتَضَمَّنُ معنَى الشرطِ، نحوُ: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأََمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ} [الإسرَاء: 100].
لوح: اللَّوْحُ: كلُّ صَفيحَةٍ عَريضَةٍ مِنْ خَشَبٍ أو عَظْمٍ أو حَديدٍ وغيرِهِ، ومنه أَتَى وَصْفُ السَّفِينَة بـ «ذاتِ أَلْوَاحٍ» في قولِهِ تَعالى: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } [القَمَر: 13] وما يُكْتَبُ فيه من الخَشَبِ وغيرهِ. وقولهُ: {فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ } [البُرُوج: 22] فهو يعني الكِتَابَ الذي تَخْفَى عَلينا كَيْفِيَّتُهُ مِنَ التَّغْييرِ والتَّبْدِيلِ، والزّيادةِ والنُّقْصانِ، فَتَخْفَى علينا إلاَّ بِقَدْرِ ما رُوِيَ لنا من الأَخْبارِ؛ وهذا على قِراءَةِ من رَفَعَهُ فَجَعَلَهُ من صِفَةِ القُرآنِ، ومَنْ جَرَّهُ فَجَعَلَهُ صِفَةَ اللَّوحِ فقد عَنى أَنَّهُ مَحْفوظٌ عِندَ اللَّهِ وهو أمُّ الكِتابِ، ومنه القُرآنُ وغيرُهُ مِنَ الكتُبِ السّماوِيّةِ، وهو المُعَبَّرُ عنه بالكتابِ في قولهِ: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } [الحَجّ: 70] أي إنَّ كُلَّ ما في السَّماواتِ والأَرْضِ مَوْجودٌ ومُدَوَّنٌ في اللَّوْحِ المَحْفوظِ وعِلْمُ ذلكَ على اللَّهِ تَعالى يَسِيرٌ؛ ومثلُهُ قولُهُ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } [الحَديد: 22].
لوذ: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} [النُّور: 63] هو من قولِهم: لاوَذَ بكذا، يُلاوِذُ، لِواذاً ومُلاوَذَةً: إذا اسْتَتَرَ به، أي يَسْتَتِرُونَ فَيَلْتَجئُونَ بغَيْرِهِم مخافةَ أنْ يَرَوْهُمْ، فَيَمْضُونَ واحِداً بعدَ واحِدٍ. ولو كان مِن لاذَ يَلُوذُ لقيل لِياذاً، إلاَّ أنَّ اللِّواذَ هو فِعالٌ من لاوَذَ. واللِّياذ من لاذَ، واللَّوْذُ: ما يُطيفُ بالجَبَلِ منه، جانبُ الجبل، ومُنعطفُ الوادي.
لوط: لُوطٌ: اسمٌ عَلَمٌ، واشْتِقاقُهُ من لاطَ الشيءُ بِقَلْبِي يَلُوطُ لَوْطاً ولَيْطاً أي الْتَصَقَ. وفي الحَدِيثِ: «الوَلَدُ ألْوَطُ»(78) أي أَلْصَقُ بالكَبِدِ، وهذا أمْرٌ لا يَلْتاطُ بِصَفري، أي لا يَلْصَقُ بِقَلْبِي. ولُطْتُ الحَوْضَ بالطِّينِ لَوْطاً: مَلَطْتُهُ به. وقولهُم: تَلَوَّطَ فُلانٌ، إذا تَعاطَى فِعْلَ قومِ لُوطٍ، قال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ *إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلاَ تَتَّقُونَ } [الشُّعَرَاء: 160-161].
لؤلؤ: اللؤلؤ: حَجَر كرِيمٌ،وجمعُه لآلىءُ. قال تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ} [الرَّحمن: 22]، {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ} [الطُّور: 24]. وتَلألأ الشيءُ: لَمَعَ لَمَعانَ اللُّؤْلُؤِ. وفي المثل: «لا آتيك ما لألأتِ الغَوْرُ وهبّتِ الدَّبورُ» ومعناه: لا آتيك أبداً.
لوم: اللَّوْمُ: عَذْلُ الإنْسانِ بِنِسْبَتِهِ إلى ما فيه لَوْمٌ. يقالُ: لُمْتُهُ في كذا، ولمتُهُ على كذا، فهو مَلُومٌ {فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} [إبراهيم: 22]. وقوله: {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} [يُوسُف: 32] أي عذلتُنّني في حبي إياه {وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ} [المَائدة: 54]. أما قوله: {فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } [المؤمنون: 6] فإنه ذُكِرَ اللَّوْمُ تنبيهاً على أنه إذا لم يُلامُوا لم يُفْعَلْ بهمْ ما فَوْقَ اللَّوْمِ. وألامَ: أَتَى ما اسْتَحَقَّ عليه اللَّوْمَ {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ } [الذّاريَات: 40]. والتَّلاوُمُ: أَن يَلُومَ بعضُهم بعضاً {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ } [القَلَم: 30]. وقوله: {وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ } [القِيَامَة: 2] قِيلَ: هي النَّفْسُ التي اكْتَسَبَتْ بعضَ الفَضِيلَةِ، فَتَلُومُ صاحبَها إذا ارْتَكَبَ مَكْرُوهاً، والنفسُ المطْمئنة هي التي تُعطى كتابَها بِيمينها يومَ القيامة. ويقالُ: رجُلٌ لُوَمَةٌ: يَلُومُ الناسَ، ولُوْمَةٌ: يَلُومُهُ الناسُ. نحوُ: سُخَرَةٍ وسُخْرَةٍ، وهُزَأةٍ وهُزْأَةٍ. واللَّوْمَةُ: المَلامَةُ. واللائِمَةُ: الأمْرُ الذي يُلامُ عليه الإِنْسانُ.
لون: اللَّوْنُ: معروفٌ، وينْطَوي على الأبيضِ والأسودِ وما يُرَكَّبُ منهما. ويقالُ: تَلَوَّنَ، إذا اكْتَسى لَوْناً غيرَ اللَّوْنِ الذي كان له {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيْضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا} [فَاطِر: 27]. وقولهُ: {وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الرُّوم: 22] إشارَةٌ إلى أنْواعِ الألْوانِ واخْتِلافِ الصُّوَرِ التي يَخْتَصُّ كُلُّ واحدٍ بِهيْئة غير هيئةِ صاحِبهِ، وسَحْناءَ غير سَحْنائِهِ، مَعَ كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ، وذلك تنبيهٌ على سَعَةِ قُدْرَتِه. ويُعَبَّرُ بالألْوانِ عن الأجْناسِ والأنْواع، يقالُ: فُلانٌ أتى بالألْوانِ من الأحاديثِ، وتَناوَلَ كذا ألْوَاناً من الطَّعامِ.
لولا: لَوْلا: يجيءُ على وَجْهَيْنِ أحَدُهُما بمعنَى امْتِناعِ الشيءِ لوجود غيرِه، ويَلْزَمُ خَبَرَهُ الحذفُ، ويُسْتَغْنَى بِجوابِه عن الخَبَرِ، نحوُ: {لَوْلاَ أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ } [سَبَإ: 31]. والثانِي بمعنَى هَلاَّ، ويَعقبه الفعلُ، نحوُ: {لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً} [طه: 134] أي هَلاَّ. وأمْثِلَتُهُما تَكْثُرُ في القُرآنِ {لَوْلاَ أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يُوسُف: 24].
لوى: اللَّيُّ: فَتْلُ الحَبْلِ. يقالُ: لَوَيْتُهُ ألْوِيهِ لَيّاً. وَلَوَى يَدَهُ، ولَوَى رأسَهُ، وبرأسِهِ: أمالَهُ. لَوَّوا رُؤُوسَهُمْ: أمالُوها. ولَوَى لِسانَهُ بكذا، كِنايةٌ عن الكَذِب، وتَخَرُّصِ الحَدِيثِ. قال تعالى: {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ} [آل عِمرَان: 78]، {لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ} [النِّسَاء: 46]. ويقالُ: فُلانٌ لا يَلْوي على أحدٍ: إذا أَمْعَنَ في الهَزيمَةِ. قال تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} [آل عِمرَان: 153]، وقال الشاعِرُ:
تَرَكَ الأَحِبَّةَ أَنْ تُقَاتِلَ دُوْنَهُ وَنَجا برأْسي طِمِرَّةٍ وَثَّابِ
أي: ونجا على جوادٍ وثّاب. واللِّواءُ: الرَّايَةُ، سُمِّيَتْ لاِلْتِوائِها بالرِّيحِ. ولَوَى دائنه، أي ماطَلَهُ، وأَلْوَى: بَلَغَ لَوَى الرَّمْلِ، وهو مُنْعَطِفُهُ.
لا: لا: يُسْتَعْمَلُ لِلعَدَمِ المَحْضِ، نحوُ زَيْدٌ لا عالِمٌ، يَدُلُّ على كونِه جاهِلاً، وذلك يكونُ للنَّفْيِ، ويُسْتَعْمَلُ في الأزمِنَةِ الثَّلاثَةِ، ومع الاسمِ والفعلِ. غَيْرَ أنه إذا نُفِيَ به الماضِي فإِمَّا أن لا يُؤْتَى بعدَهُ بالفعلِ نحوُ أن يقالَ لَكَ: هَلْ خَرَجْتَ؟ فَتَقُولَ: لا، وتقديره: لا خَرَجْتُ. وقَلَّما يُذْكَرُ بعدَهُ الفعلُ الماضِي، إلا إذا فُصِلَ بينَهما بشيء نحوُ: لا رجُلاً ضَرَبْتُ ولا امرأةً. أو يكونُ عَطْفاً، نحوُ: لا خَرَجْتُ ولا رَكِبْتُ، أو عندَ تَكْراره، نحوُ: {فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى } [القِيَامَة: 31]، أو عندَ الدُّعاءِ، نحوُ قولهِم: لا كان ولا أفْلَحَ، ونحوُ ذلك. فَمِمَّا نُفِيَ به المُسْتَقْبَلُ قولهُ: {لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} [سَبَإ: 3]. وقد يجيءُ «لا» داخِلاً على كلامٍ مُثْبَتٍ، ويكونُ هو نافِياً لكلامٍ محذوف، نحوُ: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ} [يُونس: 61] وقد حُمِلَ على ذلك قوله: {لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ } [القِيَامَة: 1]، {فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ} [المعَارج: 40]، {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } [الواقِعَة: 75]، {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ} [النِّسَاء: 65]. وعلى ذلك قولُ الشاعِر:
لا وأبِيكِ ابْنَةَ العامِرِيِّ
وقد حُمِلَ على ذلك قولُ عمرَ رضي الله عنه، وقد أفْطَرَ يوماً في رَمَضَانَ، فَظَنَّ أنَّ الشَّمسَ قد غَرَبَتْ ثم طَلَعَتْ: لا، نَقْضِيهِ ما تَجانَفْنا الإثْمَ فيه. وذلك أنَّ قائِلاً قالَ لهُ قَدْ أَثِمْنَا، فقالَ: لا، نَقْضِيهِ، فقولُه: لا، رَدٌّ لِكلامِهِ: قد أَثِمْنا، ثم اسْتَأْنَفَ، فقالَ: نَقْضِيهِ. وقد يكونُ لا للنَّهْيِ، نحوُ قولِهِ تعالى: {لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} [الحُجرَات: 11] {وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} [الحُجرَات: 11] وعلى هذا النَّحْوِ: {يَابَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الأعرَاف: 27] أو {لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} [النَّمل: 18]. وقولهُ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ} [البَقَرَة: 83] فَهذا نَفْيٌ قيلَ تقديرهُ: إنهم لا يَعْبُدُونَ، وعلى هذا: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ} [البَقَرَة: 84]. وقولهُ: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ} [النِّسَاء: 75] يصِحُّ أن يكونَ لا تُقاتِلُونَ في موضعِ الحال: ما لَكُمْ غَيْرَ مُقاتِلِينَ؛ ويُجْعَلُ لا مَبْنِيّاً مَعَ النَّكِرَةِ بعدهُ فَيُقْصَدُ به النَّفْيُ نحوُ: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ} [البَقَرَة: 197]. وقد يُكَرَّرُ الكلامُ في المُتَضادَّيْنِ، ويُرادُ إثْباتُ الأمْرِ فيهما جميعاً، نحوُ أن يقالَ: ليسَ زَيْدٌ بِمُقِيمٍ ولا ظاعِنٍ، أي يكونُ تارةً كذا وتارةً كذا. وقد يقالُ ذلك ويُرادُ إثْباتُ حالة بينَهما، نحوُ أن يقالَ: ليسَ بأبيضَ ولا أسودَ، وإنما يُرادُ إثْباتُ حالة أخْرَى له. وقولهُ: {لاَ شَرْقَيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ} [النُّور: 35] فقد قيلَ: معناهُ إنها ليستْ بشرقيةٍ لا تصيبُها الشمسُ إذا هي غَرَبَتْ، ولا هي غربيّة لا تصيبُها الشمسُ إذا طَلَعَتْ، بل هي شرقيّةٌ غربيّةٌ أُخذتْ بِحَظِّها مِنَ الأَمْرَيْنِ. وقيلَ: مَعْناهُ مَصُونَةٌ عن الإفْراطِ والتَّفْرِيطِ. وقد يُذْكَرُ ولا يُرادُ به سَلْبُ المعنَى، دونَ إثْباتِ شيء، ويقالُ له: الاسمُ غير المُحَصَّلِ، نحوُ: لا إنْسانَ، إذا قَصَدْتَ سَلْبَ الإنْسانِيَّةِ.
لات: اللاّتُ والعُزَّى: صَنَمانِ. وأصْلُ اللاّتِ مشتقٌّ من اللَّهُ، فَحَذَفُوا منه الهاءَ، وأدْخَلُوا التاءَ فيه، وأنَّثُوهُ تنبيهاً على قُصُورِهِ عن اللَّهِ تعالى، وجَعَلُوهُ مُخْتَصّاً بما يُتَقَرَّبُ به إلى اللَّهِ تعالى في زَعْمِهِمْ. وقولهُ: {وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } [ص: 3] أصْلُه لا، وزِيدَ فيه تاءُ التأنيثِ تنبيهاً على الساعةِ أو المُدَّةِ، كأنه قيلَ: ليست الساعةُ أو المُدَّةُ حِينَ مناصٍ.
لام: اللاَّمُ التي هي للأداةِ على أوْجُه، الأوَّلُ: الجارَّةُ، وذلكَ أضْرُبٌ: ضَرْبٌ لِتَعْدِيَةِ الفِعْلِ، ولا يجوزُ حَذْفُهُ، نحوُ: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ } [الصَّافات: 103]، وضَرْبٌ للتَّعْدِيةِ لَكنْ قد يُحْذَفُ كقولِه: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} [النِّسَاء: 26]، {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعَام: 125] {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ} [الأنعَام: 125] فأَثْبَتَ في موضعٍ، وحَذَفها في موضعٍ. والوجه الثانِي لاستعمال اللام هو أن تكون لِلْمِلْكِ والاسْتِحقاقِ، وليسَ نَعْنِي بالمِلْكِ مِلْكَ العَيْنِ، بَلْ قد يكونُ مِلْكاً لبعضِ المَنافِعِ، أو لِضَرْبٍ من التصَرُّفِ.فَمِلْكُ العَيْنِ نحوُ: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عِمرَان: 189]، {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الفَتْح: 7]، ومِلْكُ التَّصَرُّفِ، كقولِكَ لِمَنْ يأخُذُ مَعَكَ خَشَباً: خُذْ طَرَفَكَ لآخُذَ طَرَفِي. وقولُ: لـلَّهِ كذا، نحوُ: لـلَّهِ دَرُّكَ. فقد قيلَ إن القَصْدَ أن هذا الشيءَ لِشَرَفِه لا يَسْتَحِقُّ ملْكَهُ غيرُ اللَّهِ، وقيلَ: القَصْدُ به أن يُنْسَبَ إليه إيجادُهُ، أي هو الذي أوْجَدَهُ إبْداعاً لأنَّ المَوْجُودات نَوْعَان: نَوْعٌ أوْجَدَهُ بسَبَبٍ طَبِيعيٍّ أو صَنْعَةِ آدَميٍّ، ونَوعٌ أوْجَدَهُ إبْداعاً، كالفَلَكِ والسَّماءِ ونحوِ ذلك، وهذا النَّوْعُ أشْرَفُ وأعْلَى فيما قيلَ. ولامُ الاسْتِحْقاقِ، نحوُ: {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} [غَافر: 52]، {وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } [الرّعد: 25]. {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ } [المطفّفِين: 1]. وهذا كالأوَّلِ، لكنْ الأولُ لِما قد حَصَلَ في المِلْكِ وثَبَتَ، وهذا لِما لم يَحْصُلْ بَعْدُ، وإنما هو في حُكْمِ الحاصلِ من حَيْثُما قد اسْتُحِقَّ. وقال بعضُ النّحْويينَ: اللامُ في قولهِ: {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} [غَافر: 52] بمعنَى على، أي عَليهِمُ اللَّعْنَةُ، واحتجّوا على ذلك بقوله: {لِكُلِّ امْرِىءٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ} [النُّور: 11] وليسَ ذلك بِشيءٍ. وقيلَ. قد تكونُ اللامُ بمعنَى إلَى في قولهِ: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا } [الزّلزَلة: 5] وليسَ ذلك كالوَحْيِ المُوحَى إلى الأنْبياءِ، فَنَبَّهَ باللاّمِ على جَعْلِ ذلك الشَّيءِ له بالتَّسْخِيرِ. وقولهُ: {وَلاَ تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } [النِّسَاء: 105] معناهُ: لا تُخاصِم النَّاسَ لأجْلِ الخائِنِينَ، ومعناهُ كمعنَى قولهِ: {وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} [النِّسَاء: 107]، وليستِ اللامُ هَهُنا كاللاَّمِ في قولِكَ: لا تَكُنْ للَّهِ خَصِيماً، لأنَّ اللامَ هَهُنا داخِلٌ على المَفْعُولِ، ومعناهُ: لا تَكُنْ خَصِيمَ اللَّهِ. الوجه الثالِثُ: لامُ الابْتِداءِ نحوُ: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} [التّوبَة: 108]، {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا} [يُوسُف: 8]، {لأََنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً} [الحَشر: 13]. الرابِعُ: الداخِلُ في بابِ (إنَّ) إمَّا في اسمهِ إذا تَأَخَّرَ، نحوُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} [النَّازعَات: 26] أو في خَبَرِهِ {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } [الفَجر: 14]، {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ } [هُود: 75]، أو فيما يَتَّصِلُ بالخَبَر إذا تَقَدَّمَ على الخَبَر نحوُ: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } [الحِجر: 72] فإنَّ تقديرَهُ لَـيَعْمَهُونَ في سَكْرَتِهِمْ. الخامِسُ: الداخِلُ في (إِنْ) المُخَفَّفَةِ فَرْقاً بينَهُ وبينَ (إِنَّ) النَّافِيَةِ، نحوُ: {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزّخرُف: 35]. السادِسُ: لامُ التوكيد يَدْخُلُ على الاسمِ نحوُ: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} [الحَجّ: 13] أي للذي، ويَدْخُلُ على الفعلِ الماضِي مِثْل: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُِوْلِي الأَلْبَابِ} [يُوسُف: 111]، وفي المُسْتَقْبَلِ يَلْزَمُهُ إحْدَى النُّونَيْنِ نحوُ: {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عِمرَان: 81]. وقولهُ: {وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} [هُود: 111] فاللامُ في خَبَرِ لَوْ، نحوُ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ} [البَقَرَة: 103]، {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ} [الفَتْح:25]، {وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [النِّسَاء: 46] وربما حُذِفَتْ هذه اللامُ نحوُ: لو جِئْتَنِي أكْرَمْتُكَ أي لأَكْرَمْتُكَ. السابع: لامُ المَدْعُوِّ، ويكونُ مَفْتُوحاً: نحوُ: يا لَـزَيْدِ، ولامُ المَدْعُوِّ إليه يكونُ مَكْسُوراً، نحوُ: يا لِـزَيْد. التاسِعُ: لامُ الأَمْر، تكونُ مَكْسُورَةً إذا ابْتُدِىءَ به، نحوُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النُّور: 58]، {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزّخرُف: 77]. ويُسَكَّنُ إذا دَخَلَهُ واوٌ أو فاءٌ نحوُ: {وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [العَنكبوت: 66]، {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29]، {فَلْيَفْرَحُوا} [يُونس: 58] وقُرىءَ: فَـلـْتَفْرَحُوا، وإذا دَخَلَهُ ثمّ فقد يُسَكَّنُ ويُحَرَّكُ، نحوُ {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } [الحَجّ: 29].
ليت: يقالُ: لاتَهُ عن كذا، يَلِيتُهُ لَيْتاً: صَرَفَهُ عنه، أو نَقَصَهُ حَقّاً له. {لاَ يَلِتْكُمْ} [الحُجرَات: 14] أي لا يَنْقُصْكُمْ من أعْمالِكُمْ. لاَتَ وأَلاتَ: بِمَعنَى نَقَصَ. وأصْلُهُ: رَدُّ اللِّيتِ، أي صَفْحَةِ العُنُقِ. ولَيْتَ: طَمَعٌ وَتَمَنٍّ {لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } [الفُرقان: 28]، {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا } [النّبَإِ: 40]، {يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً } [الفُرقان: 27]. وقولُ الشاعِر:
ولَيْلَةٍ ذاتِ دُجًى سَرَيْتُ ولم يَلِتْنِي عن هواها لَيْتُ
معناهُ: لم يَصْرِفْنِي عنه قولِي لَيْتهُ كان كذا. وأعْرَبَ لَيْتَ ههُنا، فَجَعَلَهُ اسْماً، كقول الآخر:
إنَّ لَيْتاً وإنَّ لَوّاً عناءُ
وقيل: معناهُ لم يلِتْنِي عن هَواها لائِتٌ: أي صارِفٌ، فَوُضِعَ المَصْدَرُ مَوْضِعَ اسْمِ الفاعِلِ.
ليل: يقالُ: لَيْلٌ ولَيْلَةٌ، وجمعُها: لَيالٍ ولَيائِلُ ولَيْلاَتٌ. وقيل: لَيْلٌ ألْيَلُ، ولَيْلَةٌ لَيْلاءُ. وقيلَ: أصْلُ لَيْلَةٍ: لَيْلاةٌ بدليلِ تَصْغِيرِها على لُيَيْلَةٍ، وجَمْعِها على لَيالٍ. قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } [إبراهيم: 33]، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى } [الليْل: 1]، {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً} [الأعرَاف: 142]، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } [القَدر: 1]، {وَلَيَالٍ عَشْرٍ } [الفَجر: 2]، {ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيًّا } [مَريَم: 10].
لين: اللِّينُ: ضِدُّ الخُشُونَةِ، ويُسْتَعْمَلُ ذلك في الأَجْسامِ، ثم يُسْتَعارُ لِلخُلُقِ وغيرِهِ من المَعانِي، فيقالُ: فُلانٌ لَيِّنٌ، وفُلانٌ خَشِنٌ، وكُلُّ واحِدٍ مِنْهُما يُمْدَحُ به طَوْراً، ويُذَمُّ به طَوْراً، بحَسَبِ اخْتِلافِ المَواقِعِ {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عِمرَان: 159]. وقولُهُ: {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزُّمَر: 23] إشارَةٌ إلى إذْعانِهِمْ للحَقِّ وقَبُولِهِمْ له بعدَ تَأبِّيهِمْ مِنْهُ وإنْكارِهِمْ إيَّاهُ. وقولُهُ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحَشر: 5] أي مِنْ نَخْلَةٍ ناعِمَةٍ، ومَخْرَجُهُ مَخْرَجُ فِعْلَةٍ، ولا يخْتَصُّ بِنَوْعٍ منه دونَ نَوْعٍ.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢