نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حرف النُّونِ
(ن)
نأى: يَنْأى، وأنتأى: أعْرَضَ وتَباعَدَ. والمُنْتَأى: الموضعُ البَعِيدُ. وقُرِىءَ {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} [الإسرَاء: 83]، أي تَباعَدَ به. وأما قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} [الأنعَام: 26] فمعناه أنهم ينهَوْن الناس عن اتِّباع النبيِّ (ص) ويتباعدون عنه، والنِّيَّةُ تكونُ مصدراً واسماً مِنْ نَوَيْتُ، وهي تَوجُّهُ القَلْبِ نحوَ العَمَل.
نبـأ: النَّبَـأُ: خَبَرٌ ذُو فائِدةٍ عظيمةٍ يَحْصُلُ به عِلْمٌ أو غَلَبةُ ظَنٍّ، ولا يُقالُ للخَبَـرِ فـي الأَصْلِ نَبَأٌ حتَّى يَتَضَمَّنَ هذه الأشياءَ الثَّلاثَةَ. وحَقُّ الخَبَرِ الذي يُقالُ فيه نَبَأٌ أنْ يَتَعَرَّى عَنِ الكَذِبِ، كالتَّواتُرِ، وخَبَرِ اللَّهِ تعالى، وخَبَرِ النبيِّ عليـهِ وعلـى آله الصلاة والسَّلامُ. ولِتَضَمُّنِ النَّبَأِ معنَى الخَبَرِ، يقالُ: أَنْبَأْتُهُ بكذا، كقولِـكَ أعْلَمْتُهُ كذا {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ *أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } [ص: 67-68]، {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ *عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ } [النّبَإِ: 1-2]، {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ} [التّغَابُن: 5]، {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ} [هُود: 49]، {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا} [الأعرَاف: 101]، {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ} [هُود: 100]. أما قولهُ: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحُجرَات: 6] فَتَنْبِيهٌ أَنهُ إذا كانَ الخَبَرُ شَيْئاً عَظِيماً لَهُ قَدْرٌ، فَحَقُّهُ أنْ يُتَوَقَّفَ عندهُ، وإن عُلِمَ وغَلَبَ صِحَّتُهُ على الظَّنِ حتى يُعادَ النَّظَرُ فيه، ويَتَبَيَّنَ فَضْلَ وضوحٍ يقالُ: نَبَّأْتُه، وأنْبَأْتُه {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [البَقَرَة: 31] و {أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [البَقَرَة: 33]، {فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [البَقَرَة: 33]، {إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ} [يُوسُف: 37]، {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ } [الحِجر: 51]، {أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ} [يُونس: 18]، {قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ} [الرّعد: 33]، {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [الأنعَام: 143]، {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التّوبَة: 94]. ونَبَّأْتُه أبْلَغُ من أنْبَأْتُه {فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [فُصّلَت: 50]، {يُنَبَّأُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } [القِيَامَة: 13] ويَدُلُّ على ذلك قولهُ: {فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ } [التّحْريم: 3] ولم يَقُلْ: أنْبَأنِي، بَلْ عَدَلَ إلى نَبَّأ الذي هو أبْلَغُ، تنبيهاً على تحقيقهِ وكونِهِ من قِبَلِ اللَّهِ. وكذا قولهُ: {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التّوبَة: 94]، {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [المَائدة: 105]. والنُّبُـوَّةُ: سِفـارَةٌ بَيْـنَ اللَّهِ وبَيْنَ ذَوِي العُقُول من عِبادِهِ لإزاحَةِ عِلَّتِهِمْ في أمْر مَعادِهِمْ ومَعاشِهِمْ. والنَّبِيُّ: لكونِهِ مُنَبِّئاً بما تَسْكُنُ إليه العُقُولُ الذَّكِيَّةُ. وهو يَصِحُّ أن يكونَ فَعِيلاً بمعنَـى فاعـلٍ لقولـهِ تعالـى: {نَبِّىءْ عِبَادِي} [الحِجر: 49]، {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ} [آل عِمرَان: 15] وأن يكونَ بمعنَـى المَفْعُـولِ، لقولِه {نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ } [التّحْريم: 3]. وتَنَبَّأَ فُلانٌ: ادَّعَى النُّبُوَّةَ. وكـان من حقِّ لَفْظِهِ في وضْعِ اللُّغَةِ أنْ يَصِحَّ اسْتِعْمَالُه في النَّبِيِّ، إذ هو مُطاوعُ نَبأَ، كقولِهِ: زَيَّنَهُ فَتَزَيَّنَ، وحَلاَّهُ فَتَحلَّى، وجَمَّلَهُ فَتَجمَّلَ. لكنْ لَمَّا تُعُورفَ فِيمَنْ يَدَّعِي النُّبُوةَ كذباً جُنِّبَ اسْتِعْمَالُهُ في المُحِقِّ، ولم يُسْتَعْملْ إلاَّ في المُتَقَوِّل في دَعْواهُ، كقولِكَ: تَنَبَّأَ مُسَيْلِمةُ. ويقالُ في تَصْغِير نَبيء مُسَيْلِمَةُ نُبَيِّـىءُ سَـوْء، تنبيهاً أنَّ أخْبارَه لَيْستْ من أخبار اللَّهِ تَعالى. كما قال رجُلٌ سَمِعَ كَلامَهُ: واللَّهِ ما خَرَجَ هذا الكلامُ من إلٍّ، أي اللَّهِ. والنَّبْأَةُ: الصَّوْتُ الخَفِيُّ.
نبـت: النَّبْـتُ والنَّباتُ: ما يَخْرُجُ من الأرضِ من النَّامِياتِ، سَواءٌ كان له ساقٌ كالشجر أو لم يكنْ له ساقٌ كالنَّجْمِ. لكن اخْتَصَّ في التَّعارُفِ بما لا سـاقَ لـه، بَلْ قد اخْتَصَّ عندَ العامَّةِ بما يأكُلُهُ الحَيوانُ. وعلى هذا قوله: {لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا } [النّبَإِ: 15]. ومتى اعْتُبِرَتِ الحَقائِقُ، فإنه يُسْتَعْمَلُ في كُلِّ نامٍ نَباتاً كان أو حَيَواناً أو إِنْساناً. والإنْباتُ: يُسْتَعْمَلُ في كُلِّ ذلك. {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا *وَعِنَبًا وَقَضْبًا *وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً *وَحَدَائِقَ غُلْبًا *وَفَاكِهَةً وَأَبًّا } [عَبَسَ: 27-31]، {فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ} [النَّمل: 60]، {مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا} [النَّمل: 60]، {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ} [النّحل: 11]. وفي قولهُ: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا } [نُوح: 17] قالَ النَّحْويُّونَ: قولهُ: «نَباتاً» مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ الإِنْباتِ، وهو مَصْدرٌ، وقال غَيْرُهُمْ: قولهُ: «نَباتاً» حالٌ لا مَصْدَرٌ. ونَبَّهَ بذلك أَنَّ الإِنْسانَ هو من وجْهٍ نَباتٌ، من حيثُ إنَّ بَدْأَهُ ونَشْأَهُ مـن التُّرابِ، وإنه يَنْمُو نُمُوَّهُ، وإن كان له وصْفٌ زَائِدٌ على النَّباتِ، وعلى هذا نَبَّهَ بقولهِ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} [غَافر: 67] وعلى ذلك قولهُ: {وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَناً} [آل عِمرَان: 37]. وقولهُ: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} [المؤمنون: 20] الباءُ لِلحال، لا لِلتَّعْدِيَةِ، لأنَّ نَبَتَ مُتَعَدٍّ، وتَقْديرُهُ: تَنْبُتُ حامِلَةً للدُّهن، أي تَنْبُتُ والدُّهْنُ موْجُودٌ فيها بالقُـوَّةِ. ويقـالُ: إنَّ بَنِـي فُلان لنابتَةُ شَرٍّ. ونبتتْ فيهم نابتَةٌ، أي نَشَأ فيهم نَشْءٌ صِغارٌ.
نبذ: النَّبْذُ: إلقاءُ الشيءِ، أو طرحُهُ لِقلَّةِ الاعْتِدَادِ به. ولذلك يقالُ: نبذْتُه نَبْذَ النَّعْلِ الخَلَقِ. قال تعالى: {لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ } [الهُمَزة: 4]، و {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [آل عِمرَان: 187] لِقلَّةِ اعْتِدادِهم به. وقال: {نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} [البَقَرَة: 100] أي طَرَحُوهُ لِقلَّةِ اعْتِدَادِهمِ به. وقال: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} [القَصَص: 40]، {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ} [الصَّافات: 145]، {لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ} [القَلَم: 49]. وقولهُ: {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفَال: 58] أيْ فألْقِ إليهمْ ما بينكَ وبينهُمْ من العهدِ، وأَعلمهمْ بأنكَ قد نقضْتَ ما شرطتَ لهمْ لتكونَ أنتَ وهمْ في العلمِ بالنّقضِ على استواء. ولا تبدأهُمْ بالقتالِ مِنْ قَبْلِ أنْ تُعْلِمَهُمْ بنقضِ العَهْدِ حتى لا ينْسُبُوكَ إِلى الغَدْرِ بهم. وانْتَبَذَ فُلانٌ: اعْتَزلَ اعْتِزَالَ من لا يَقِلُّ مُبالاتُه بنَفْسِهِ فيما بَيْنَ الناسِ {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيًّا } [مَريَم: 22]. وقَعَدَ نَبْذَةً ونُبْذَةً، أي ناحِيةً مُعْتَزلَةً. وصَبِيٌّ مَنْبُوذٌ ونَبِيذٌ، كقولِكَ: مَلْقُوطٌ ولقِيطٌ، لكنْ يقالُ: مَنْبُوذٌ اعْتِباراً بِمَنْ طَرَحَهُ، ومَلْقُوطٌ ولقِيطٌ اعتِباراً بِمَنْ تَنَاوَله. والنبيذُ: التَّمْرُ والزَّبِيبُ المُلْقَى مَعَ الماءِ في الإِناءِ، ثم صارَ اسْماً للشَّرَابِ المَخْصُوصِ.
نبز: نَبزَهُ نَبْزاً: لَقَّبهُ. والنَّبْزُ: التَّلْقيبُ {وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} [الحُجرَات: 11] أي لا تَداعَوْا بالأَلقابِ، لا تَعايَرُوا.
نبط: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النِّسَاء: 83] أي يَسْتَخْرجُونَه منهم. وهو اسْتِفْعَالٌ من أنْبطْتُ كذا. والنَّبْطُ: الماءُ المُسْتَنْبَطُ. وفَرَسٌ أنْبَطُ: أَبْيضُ تحْت الإبط، ومنه النَّبْطُ المَعْرُوفُونَ.
نبـع: النَّبْـعُ: خُـرُوجُ المـاءِ مـن العَيْـن، يقـالُ: نَبَـعَ المـاءُ يَنْبَـعُ نُبُـوعـاً ونَبْعاً. واليَنْبُوعُ: العَيْنُ الذي يَخْرُجُ منه الماءُ، وجمعُه: ينابِيعُ {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ} [الزُّمَر: 21]. والنَّبْعُ: شجرٌ يُتَّخَذُ منه القِسِيُّ.
نبى: النبيُّ بغيرِ هَمْزٍ، فقد قال النحويُّونَ: أصْلُه الهَمْزُ، فَتُرِكَ هَمْزُهُ، واسْتَدَلُّوا بقولِهِم: مُسَيْلِمةُ نُبَيِّىءُ سَوْءٍ. وقال بعضُ العلماءِ: هو من النَّبْوَةِ، أي الرِّفْعَةِ أَوِ الاِرْتِفاعِ. وسُمي نَبِيًّا لِرِفْعَةِ مَحَلِّهِ عن سائرِ الناسِ المدْلُول عليه بقولهِ: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيًّا } [مَريَم: 57]. فالنَّبِيُّ، بِغَيْرِ الهَمْزِ، أبْلَغُ من النَّبِيءِ بالهَمْزِ لأنه ليسَ كُلُّ مُنَبَّأ رَفِيعَ القَدْرِ والمَحَلِّ. ولذلك قال عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ لمنْ قال يا نَبيءِ اللَّهِ: «لسْتُ بِنبيءِ اللَّهِ، ولكنْ نَبِيُّ اللَّهِ»(84) لَمَّا رَأَى أنَّ الرجُلَ خاطَبَهُ بالهمزِ لبُغْضٍ منه. والنَّبْوَةُ والنَّباوة: الارْتِفاعُ. ومنه قيلَ: نَبا بفُلانٍ مكانُهُ، إذا لم يُوافِقْهُ المكانُ.. ونَبا السيفُ: إذا كَلَّ ولم يَعْملْ في الضَّريبة. ونَبا بصرُهُ عن كذا، لم يقبلِ الصورةَ لقباحَتِهَا.
نتق: النَّتْقُ: قَلْعُ الشَّيءِ مِنَ الأصْلِ، وكلُّ شَيءٍ قَلَعْتَهُ ثُمَّ رَمَيْتَ بِهِ فَقَدْ نَتَقْتَهُ، وَنَتَقَ الشيءَ: جَذَبَهُ ونَزَعَهُ حتى يَسْتَرْخِيَ، كَنَتْقِ عُرَى الحِمْلِ. قال تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ} [الأعرَاف: 171]: إذ قَلَعْنا الجَبَلَ مِنْ أَصْلِهِ فَرَفَعْنَاهُ فَوْقَ بَنِي إسرائيلَ، ومنه اسْتُعِيرَ: امْرَأةٌ نَاتِقٌ، إذا كَثُر ولدُها لأنها ترمي بالأولاد رمياً.
نثر: نَثْرُ الشيءِ: نَشْرُهُ وتفْريقُهُ، يقالُ: نَثَرْتُهُ فَانْتَثَرَ {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ } [الانفِطار: 2]. وتسمَّى الدِّرْعُ إذا لُبِسَتْ: نَثْرَةً. ونَثَرت الشاةُ: طَرَحَتْ من أنْفِها الأذَى. والنَّثْرَةُ: ما يَسِيلُ من الأنْفِ. وقد يُسَمَّى الأنْفُ نَثْرةً، ومنه النَّثْرَةُ لِنَجْمٍ يقالُ له أنْفُ الأسَدِ، وطَعَنَهُ فَأَنَثْرَهُ: ألقاهُ على أنفِهِ. والاسْتِنْثارُ: جَعْلُ الماءِ في النَّثْرَةِ.
نجد: النَّجْدُ: المَكانُ الغَلِيظُ الرفيعُ. وقولهُ: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } [البَلَد: 10] أي أرشد الله العليم الحكيم الإنسان إلى سبيل الخير وإلى سبيل الشرّ. وذلك مَثَلٌ لطَرِيقَيِ الحَقِّ والباطِلِ في الاعْتِقادِ والصِّدْقِ والكَذِبِ في المَقالِ، والجَمِيلِ والقبيحِ في الفعال، وبَيَّنَ أنه عَرَّفَهُما بقولهِ: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} [الإنسَان: 3] الآية. والنَّجدُ: اسمُ صقْعٍ، وأنْجَدَهُ: قَصَدَهُ. ورَجُلٌ نَجِدٌ ونجِيدٌ ونَجْدٌ، أي قَويٌّ شديدٌ بَيِّنُ النَّجدةِ، واسْتَنْجَدْتُه: طَلَبْتُ نَجْدَتَهُ، فأنْجَدَنِي: أي أعانَنِي بِنَجْدتِه، أي شجاعَتِهِ وقُوَّتِهِ. وربما قيلَ: اسْتَنْجَدَ فلانٌ، أي قَوي. وقيلَ للمَكْرُوبِ والمَغْلُوبِ: مَنْجُودٌ، كأنه نالَهُ نَجْدَةٌ، أي شِدَّةٌ. والنَّجْدُ: العَرَقُ. ونَجَدَهُ الدَّهْـرُ: أي قَوَّاهُ وشَدَّدَهُ، وذلك بما رَأى فيه من التَّجْربَةِ. ومنه قيلَ: فُلانٌ ابنُ نَجْدَةِ كذا. والنِّجادُ: ما يُرْفَعُ به البيتُ. والنَّجَّادُ: مُتَّخِذُهُ. ونِجَادُ السَّيْفِ: ما يُرْفَعُ به من السَّيْر.
نجس: النَّجاسَةُ: القَذارَةُ، وذلك نوعان: نوع يُدْرَكُ بالحاسَّةِ، ونوع يُدْرَكُ بالبَصِيرَةِ، والثانِي وَصَفَ اللَّهُ تعالى به المُشْرِكِينَ، فقال: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التّوبَة: 28]. ويقالُ: نَجَّسَهُ، أي جَعَلَهُ نَجِساً. ونَجَّسَهُ أيضاً: أزالَ نَجَسَهُ، ومنه تَنْجِيسُ العَرَب، وهو شيءٌ كانُوا يَفْعَلُونَهُ من تَعْلِيقِ عوذَة على الصَّبي لِيَدْفَعُوا عنه نَجَاسَةَ الشَّيْطان. والناجسُ وَالنَّجِيسُ: داءٌ خَبِيثٌ لا دَوَاءَ له.
نجم: أصْلُ النَّجْم: الكَوكَبُ الطَّالِعُ، وجمعُه: نُجومٌ. ونَجَمَ: طَلَعَ نُجوماً ونَجْماً، فصارَ النَّجْمُ مرةً اسماً، ومرةً مصدراً. فالنُّجُومُ الأسماء كالقُلُوبِ والجُيُوبِ، وَمَرَّةً المصادر كالطُّلُوعِ والغُرُوبِ. ومنه شُبِّهَ به طُلُوعُ النَّباتِ والرَّأْيِ، فقيلَ: نَجَمَ النَّبْتُ والقَرْنُ، ونَجَمَ لي رَأْيٌ نَجْماً ونُجوماً، ونَجَمَ فُلانٌ على السُّلْطانِ: صارَ عاصِياً. ونَجَّمْتُ المالَ عليه، إذا وزَّعْتُهُ، كأنَّكَ فَرَضْتَ أنْ يَدْفَعَ عندَ طُلُوعِ كُلِّ نَجْمٍ نَصِيباً، ثم صارَ مُتَعارَفاً في تقدير دَفْعِهِ بأيِّ شيءٍ قَدَّرْتَ ذلك. قال تعالى: {وَعَلاَمَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } [النّحل: 16]، وقوله: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ } [الصَّافات: 88] أي في عِلْمِ النُّجُومِ. وقولهُ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى } [النّجْم: 1] قيلَ، أرادَ به الكَوْكَبَ، وإنما خَصَّ الهُويَّ دُونَ الطُّلُوعِ، فإنَّ لَفْظَةَ النَّجْمِ تَدُلُّ على طُلُوعِهِ. وقِيلَ: أرادَ بالنَّجْمِ الثُّرَيَّا. والعَرَبُ إذا أطْلَقَتْ لَفْظَ النَّجْمِ قَصَدَتْ به الثُّرَيَّا، نحوُ: طَلَعَ النَّجْمُ غُذَيَّهْ، وابْتَغَى الرَّاعِي شُكَيَّه. وقيلَ: أرادَ بذلك القرآنَ المُنَجَّمَ المُنَزَّلَ قَدْراً فَقَدْراً. ويَعْنِي بقولِهِ هَوَى: نُزُولَهُ. وعلى هذا قولهُ: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } [الواقِعَة: 75] فقد فُسِّرَ على الوجْهَيْنِ. والتَّنَجُّمُ: الحُكْمُ بالنُّجُومِ. وقولهُ: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } [الرَّحمن: 6] فالنَّجْمُ: ما لا ساقَ له من النَّباتِ. وقيلَ: أرادَ الكَواكِبَ.
نجو: أصْلُ النَّجَاءِ: الخلاصُ من الشيءِ، ومنه نَجا فلانٌ من فلانٍ، وأنْجَيْتُهُ، ونَجَّيْتُهُ {وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا} [النَّمل: 53]، {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} [العَنكبوت: 33]، {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} [البَقَرَة: 49]، {فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [يُونس: 23]، {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ} [الأعرَاف: 83]، {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا} [الأعرَاف: 72]، {وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا} [الصَّافات: 115]، {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ * نِعْمَةً} [القَمَر: 34-35] {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ } [القَمَر: 34]، {وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا} [فُصّلَت: 18]، {وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [هُود: 58]، {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقُوْا} [مَريَم: 72]، {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا} [يُونس: 103]. والنَّجْوَةُ والنَّجاةُ: المكانُ المُرْتَفِعُ المُنْفَصِلُ بارْتِفاعِهِ عَمَّا حَوْلَهُ. وقيلَ: سُمِّيَ لِكونِهِ ناجياً من السَّيْلِ. ونَجَّيْتُهُ: تَرَكْتُه بِنَجْوَة. وعلى هذا {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} [يُونس: 92]. وَنَجَوْتُ قِشْرَ الشَّجرةِ وجِلْدَ الشاةِ، ولاشْتِراكِهِما في ذلك قال الشاعِرُ:
فَقُلْتُ انْجُوا عنها نَجا الجَلْدِ إنه سَيُرْضِيكُما منها سَنامٌ وغاربُهْ
وناجَيْتُهُ أي ساررْتُهُ، وأصْلُه أنْ تَخْلُوَ به في نَجْوَة من الأرضِ. وقيلَ: أصْلُه من النَّجاةِ، وهو أن تُعاوِنَهُ على ما فيه خَلاصُه، أو أن تَنْجُوَ بِسرّكَ من أن يَطَّلِعَ عليكَ، وتَناجَى القومُ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المجَادلة: 9]، {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجَادلة: 12]. والنَّجْوَى: أصْلُه المصدرُ {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ} [المجَادلة: 10]، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى} [المجَادلة: 8]. وقولهُ: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبيَاء: 3] تنبيه أنهم لم يُظْهِرُوا بِوَجْه لأنَّ النَّجْوَى رُبما تَظْهَرُ بعدُ، وقال {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجَادلة: 7]. وقد يُوصَفُ بالنَّجْوَى، فيقالُ: هو نَجْوَى وهُمْ نَجْوَى {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} [الإسرَاء: 47]. والنَّجِيُّ: المُناجِي، ويقالُ للواحدِ والجمعِ. {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا } [مَريَم: 52]، {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} [يُوسُف: 80] أي انْفَرَدَ إخوةُ يوسفَ (ع) عَنِ النَّاسِ مِنْ غيرِ أنْ يَكونَ مَعَهُم مَنْ ليسَ مِنْهُمْ يَتَحَادَثُونَ بِصَوتٍ خافِتٍ. وانْتَجَيْتُ فُلاناً: اسْتَخْلَصْتُهُ لِسِرِّي. وأَنْجَى فُلانٌ: أتى نَجْوَةً. وهُمْ في أرضٍ نَجاة، أي في أرضٍ مُسْتَنْجًى من شَجَرِها العِصِيُّ والقِسِيُّ، أي يُتَّخَذُ ويُسْتَخْلَصُ. والنَّجا: عِيدانٌ قد قُشِرَتْ. قال بعضُهم: يقالُ: نَجَوْتُ فُلاناً: اسْتَنْكَهْتُهُ، واحْتَجَّ بقول الشاعِر:
نَجَوْتُ مُجالِداً فَوَجَدْتُ منه كَرِيحِ الكَلْبِ ماتَ حَدِيثَ عَهْدِ
فإن يكنْ حَمَلَ «نَجَوْتُ» على هذا المعنى من أجْلِ هذا البيتِ، فليسَ في البيتِ حُجَّةٌ له، وإنما أرادَ: أنِّي سارَرْتُهُ فَوَجَدْتُ من بَخَرهِ رِيحَ الكَلْبِ المَيِّت. وكُنِّي عَمَّا يَخْرُجُ من الإنسانِ بالنَّجْوِ. والاسْتِنْجَاءُ: تحرّي إزالَةِ النَّجْو، أو طَلَبِ نَجْوَة، لإِلْقَاءِ الأذَى، كقولِهم: تَغَوَّطَ، إذا طَلَبَ غائِطاً من الأرضِ، أو طَلَبَ نَجْوَةً، أي قِطْعَةَ مَدَرٍ لإزالَةِ الأذَى، كقولِهِم: اسْتَجْمَرَ إذا طَلَبَ جِماراً، أي حَجَراً. والنَّجْأةُ، بالهَمْز: الإصابَةُ بالعَيْنِ. وفي الحَدِيثِ: «ادْفَعُوا نَجْأَةَ السائِلِ باللُّقْمَةِ»(85).
نحـب: نَحَبَ الرَّجُلُ يَنْحَبُ نَحْباً: نَذَرَ: أي أوجَبَ على نفسِهِ شيئاً؛ والنَّحْبُ: النَّذْرُ المَحْكُومُ بِوُجُوبِهِ، يقالُ: قَضَى فلانٌ نَحْبَهُ، أي وَفَّى بِنَذْرِهِ، وذلك بأَنْ ماتَ أو قُتِلَ في سَبيلِ اللَّهِ (تعالى) كَأَنَّ الموتَ نَذْرٌ في عُنُقِهِ. قال تعالـى: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزَاب: 23] ويُعَبَّرُ بذلك عن الذي ماتَ، كقولِهم: قَضَى أجَلَه، واسْتَوْفَى أكْلَهُ، وقَضَى مِنَ الدُّنْيا حاجَتَهُ. والنَّحِيـبُ: البكاءُ الذي مَعَهُ صَوْتٌ. والنُّحابُ: السُّعالُ. والنواحِبُ: البواكي، وفي حديث عليٍّ كرَّم الله وجهه: «فهل دَفَعتِ الأقاربُ وَنَفَعَتِ النواحبُ».
نحت: نَحتَ الخَشَبَ، والحَجَرَ، ونحوَهُما من الأجْسامِ الصُّلْبَةِ: بمعنى حفرَها أو سوَّاها وأصلَحَها {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ } [الشُّعَرَاء: 149]. والنُّحَاتَةُ: ما يَسْقُطُ من المَنْحُوتِ. والنَّحيتَةُ: الطَّبِيعَةُ التي نُحِتَ عليها الإنسانُ، كما أنَّ الغَريزَةَ: ما غُرزَ عليها الإنسانُ.
نحر: النَّحْرُ: موْضِعُ القِلادَةِ من الصَّدْرِ. ونَحَرْتُهُ: أصَبْتُ نَحْرَهُ، ومنه: نَحْرُ البَعِير. وقيلَ في قراءة عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود: (فَنَحَرُوهَا وما كادُوا يَفْعَلُونَ)، وهي في نصِّ القرآن {مُسَلَّمَةٌ لاَ شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ } [البَقَرَة: 71]، ويومُ النحرِ: عاشِرُ ذي الحجة لنحرهم فيه. وانْتَحَرُوا على كذا: تَقاتَلُوا تشبيهاً بِنَحْر البَعِير. ونَحْرَةُ الشَّهْر، ونَحِيرُهُ: أولُهُ. وقيلَ آخِرُ يومٍ من الشَّهْر، كأنه يَنْحَرُ الذي قَبْلَه. وقولهُ: {فَصَلِّ لِرَّبِكَ وَانْحَرْ } [الكَوثَر: 2] هو حَثٌّ على مُراعاةِ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ، وهُما الصلاةُ ونَحْرُ الهَدْيِ، وإنه لا بُدَّ من تَعاطِيهِما، فذلك واجِبٌ في كُلِّ دِينٍ وفي كُلِّ مِلَّة. وقِيلَ أمْرٌ بِوَضْعِ اليَدِ على النَّحْر مع التكبير وخصوصاً تكبيرة الإحرام. وقيلَ: حَثٌّ على مجاهدة النَّفْسِ بنحرِ الشَّهْوَةِ. والنِّحْريرُ: العالمُ بالشيءِ، والحاذِقُ به.
نحس: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ} [الرَّحمن: 35]. الشُّواظ: اللَّهبُ الذي لا دخانَ فيه، والنُّحاسُ هنا: الدّخان الذي لا لهبَ فيه. وذلك تشبيهٌ في اللَّوْنِ بالنُّحاسِ أي المعدن المعروف والنَّحْسُ: ضِدُّ السَّعْدِ. قال: {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ } [القَمَر: 19]. وقوله: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فُصّلَت: 16] أي نكِدات مَشْؤوماتٍ. وقِيلَ: شَدِيداتِ البَرْدِ. وأصْلُ النَّحْس: أَنْ يَحْمَرَّ الأفُقُ، فَيَصِيرَ كالنُّحاسِ. فَصارَ ذلك مَثَلاً للشُّؤمِ.
نحل: النَّحْلُ: الحَيَوانُ المَخْصُوصُ. والنَّحْلَةُ والنِّحْلَةُ: عَطِيَّةٌ على سَبِيلِ التَّبَرُّعِ، وهو أخَصُّ مِنَ الهِبَةِ، إِذْ كُلُّ هِبَة نِحْلَةٌ، وليسَ كُلُّ نِحْلَة هِبَةً. واشْتِقاقُه، فيما أرَى أنه من النَّحْلِ نَظَراً منه إلى فِعْلِهِ، فَكأنَّ نَحَلْتُهُ: أعْطَيْتُهُ عَطِيَّةَ النَّحْلِ. وذلك ما نَبَّهَ عليه قولهُ: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النّحل: 68] الآية. وبَيَّنَ الحُكماءُ أنَّ النَّحْلَ يَقَعُ على الأشياءِ كُلِّها فَلا يَضُرُّها بوجه، ويَنْفَعُ أعْظَمَ نَفْعٍ، فإنه يُعْطِي ما فيه الشِّفاءُ كما وَصَفَهُ اللَّهُ تعالى، وُسُمِّيَ الصَّدَاقُ بها من حيثُ إنه لا يَجِبُ في مُقابَلتِهِ أكثَرُ من تَمَتُّعٍ دُونَ عِوَضٍ ماليٍّ، وكذلك عَطِيَّةُ الرَّجُلِ ابنَهُ. يقالُ: نَحَلَ ابنَهَ كذا، وأنْحَلَهُ. ومنه نَحَلْتُ المرأة {صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النِّسَاء: 4]. والانتحالُ: ادِّعاءُ الشيءِ وتنَاولُهُ. ومنه يقالُ: فُلانٌ يَنْتَحِلُ الشِّعْر. ونَحِلَ جِسْمُهُ نحولاً: صارَ في الدِّقَّةِ كالنَّحْلِ. ومنه النَّواحِلُ للسُّيوفِ، أي الرِّقاقِ الظُّبات.
نحن: نحنُ: عِبارَةٌ عن المتكَلِّمِ إذا أخْبَرَ عن نَفْسِهِ مَعَ غَيْره، وما وَرَدَ في القُرآنِ من إخْبارِ اللَّهِ تعالى عن نَفْسِهِ بقولِهِ عزّ وجلّ: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يُوسُف: 3] فقد قيلَ هو إخْبارٌ عن نَفْسِهِ وحْدَهُ، لكنْ يُخَرَّجُ ذلك مَخْرَجَ الإخْبارِ المُلُوكِيِّ. وقال بعضُ العُلَماءِ: إنَّ اللَّهَ تعالى يَذْكُرُ مِثْلَ هذه الألفاظِ إذا كان الفِعْلُ المذكورُ بَعْدَهُ يَفْعَلُه بِوَاسِطَةِ بعضِ مَلائِكَتِهِ، أوْ بعضِ أوليائِهِ، فيكونُ «نحنُ» عِبارَةً عنه تعالى وعنهم، وذلك كالوَحْي ونُصْرةِ المُؤْمِنِينَ وإهْلاكِ الكافِرينَ ونحو ذلك مما يَتَولاَّهُ المَلائِكَةُ المذكورونَ بقولهِ: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا } [النَّازعَات: 5]، وعلى هذا قولهُ: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ} [الواقِعَة: 85] يَعْنِي وَقْتَ المُحْتَضَرِ، حِينَ يَشْهدُهُ الرُّسُلُ المذكورونَ في قولهِ: {تَتَوفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ} [النّحل: 28]. وقولهُ: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحِجر: 9] لَمَّا كان بِوِسَاطَةِ القَلَمِ واللَّوْحِ وجبريلَ (ع) .
نخر: يقالُ: نَخَرَ العَظْمُ أو العود أو نحوُهُما، يَنْخُرُ نَخْراً ونخيراً إذا بَلِيَ وتَفَتَّتَ. قال تَعالى: {أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً } [النَّازعَات: 11]، وكذلك قولُهُم: نَخِرَتِ الشَّجَرَةُ، أي بَلِيَتْ، فَهبَّتْ بها نُخْرَةُ الرِّيحِ، أي هُبوبُها. والنَّخِيرُ: صَوْتٌ من الأنْفِ. ويُسَمَّى حَرْفا الأنْفِ اللَّذانِ يَخْرُجُ منهما النَّخِير: نُخْرَتَاهُ ومِنْخَراهُ. والنَّخُورُ: النَّاقةُ التي لا تَدرُّ، أو يُدْخَلُ الأصْبَعُ في مِنْخَرها. والنَّاخِرُ: من يَخْرُجُ منه النَّخِيرُ، ومنه: بالدَّارِ ناخِرٌ.
نخل: النَّخْلُ: شجر معروفٌ يُعطي التَّمْرَ، وقد يُسْتَعْمَلُ في الواحِدِ والجمعِ {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ } [القَمَر: 20]. وقال: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } [الحَاقَّة: 7]، {وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } [الشُّعَرَاء: 148]، {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ } [ق: 10] وجَمْعُه: نَخِيلٌ {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ} [النّحل: 67]. ونَخَلَ الدَّقِيقَ بالمُنْخُلِ: غربَلَهُ وأزال نخالتَهُ. وانْتَخَلْتُ الشَّيءَ: انْتَقَيْتُهُ، وصفَّيْتُهُ فأخَذْتُ خِيارَهُ.
ندد: نَدِيدُ الشيءِ: مُشاركُه في جَوْهَره، وذلك ضَرْبٌ من المُماثَلَة، فإنَّ المِثْلَ يقالُ في أيّ مُشاركَة كانَتْ، فَكُلُّ نِدٍّ مِثْلٌ، وليس كُلُّ مِثْلٍ نِدًّا. ويقالُ: نِدُّهُ ونَدِيدُهُ ونَدِيدَتُهُ {فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البَقَرَة: 22]، {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا} [البَقَرَة: 165]، {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا} [فُصّلَت: 9] أيْ أمثالاً وأشباهاً تعبدونهم مِنْ دونهِ.
ندم: النَّدَمُ والنَّدامَةُ: التَّحَسُّرُ مِنْ تَغَيُّرِ رَأْيٍ في أمْرٍ فَائِتٍ {فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ } [المَائدة: 31]، {عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } [المؤمنون: 40]. وأصْلُه من مُنادَمَةِ الحُزْن له. والنَّدِيمُ والنَّدْمانُ والمُنادِمُ يَتَقَارَبُ. قال بعضُهم: المُنادمَةُ والمُداوَمَةُ يَتَقارَبانِ. وقال بعضُهم: الشَّرِيبانِ سُمِّيا نَدِيمَيْنِ لما يَتَعَقَّبُ أحْوَالَهُما من النَّدامَةِ على فِعْلَيْهِما.
ندو: النِّداءُ: رَفْعُ الصَّوْتِ وظُهُورُهُ، وقد يقالُ ذلك للصَّوْتِ المُجَرَّدِ، وإيَّاهُ قَصَدَ بقولِهِ: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً} [البَقَرَة: 171] أي كمثَلِ الذي لا يَعْرفُ إلاَّ الصَّوْتَ المُجَرَّدَ دُونَ المعنَى الذي يَقْتَضِيهِ تَرْكِيبُ الكلامِ، ويقالُ للمُرَكَّبِ الذي يُفْهَمُ منه المعنَى ذلك. قال تعالى: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} [الشُّعَرَاء: 10]، وقولهُ: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ} [المَائدة: 58] أي دَعَوْتُمْ، وكذلك: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجُمُعَة: 9]. ونِداءُ الصلاةِ مَخْصُوصٌ في الشَّرْع بالألفاظِ المعروفَةِ. وقولهُ: {أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [فُصّلَت: 44] فاسْتِعْمالُ النِّداءِ فيهم تنبيه على بُعْدِهِمْ عن الحَقِّ في قوله: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ } [ق: 41]. {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ} [مَريَم: 52]، {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ} [النَّمل: 8]. وقولهُ: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا } [مَريَم: 3] فإنه أشارَ بالنِّداءِ إلى اللَّهِ تعالى لأنه تَصَوَّرَ نَفْسَهُ بَعِيداً منه بأحْوالِهِ السَّيِّئَةِ، كما يكونُ حالُ مَنْ يَخافُ عَذابَهُ. وقولهُ: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ} [آل عِمرَان: 193] فالإشارَةُ بالمُنادِي إلى العَقْلِ، والكتابِ المُنَزَّلِ، والرَّسُولِ المُرْسَلِ، وسائِرِ الآياتِ الدَّالَّةِ على وُجُوبِ الإيمانِ بِاللَّهِ تعالى. وجَعَلَهُ مُنادِياً إلى الإيمانِ لِظُهُورِهِ ظُهُورَ النِّداءِ وحَثِّهِ على ذلك، كَحَثِّ المُنَادِي.
وعُبِّرَ عن المُجالَسَةِ بِالنِّداءِ حتى قيلَ للمَجْلِسِ: النادِي والمُنْتَدَى والنَّدِيُّ، وقيلَ ذلك للجَلِيسِ، قال: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } [العَلق: 17]، ومنه سُمِّيَتْ دارُ النَّدْوَةِ بِمَكَّةَ، وهو المكانُ الذي كانُوا يَجْتَمِعُونَ فيه. ويُعَبَّرُ عن السَّخاءِ بالنَّدَى، فيقالُ: فُلانٌ أَنْدَى كَفًّا من فُلاَنٍ.
ويومُ التّناد: هو يومُ القِيامَةِ. قال تعالى: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ } [غَافر: 32]، أي يومَ يُنَادَى كُلُّ أناسٍ بإمامهم. وأصْلُ النِّداءِ مِنَ النَّدَى، أي الرُّطُوبَةِ. يقالُ: صَوْتٌ نَدِيٌّ رَفِيعٌ. واسْتِعارَةُ النِّداءِ لِلصَّوْتِ من حيثُ إنَّ مَنْ تَكْثُرُ رُطُوبَةُ فَمِهِ حَسُنَ كلامُهُ، ولهذا يُوصَفُ الفَصِيحُ بِكَثْرَةِ الريقِ، يقالُ: نَدىً وأنْداءٌ وأنْدِيَةٌ. ويُسَمَّى الشَّجَرُ نَدًى لكونِهِ منه، وذلك لِتَسْمِيَةِ المُسَبَّبِ باسمِ سَبَبِهِ.
نذر: النَّذْرُ: أنْ تُوجِبَ على نَفسِكَ ما ليسَ بِواجِبٍ لِحُدُوثِ أمْرٍ، يقالُ: نَـذَرْتُ لِلَّهِ أمْراً. قال تعالى {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَانِ صَوْمًا} [مَريَم: 26]، {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ} [البَقَرَة: 270]. والإنْذارُ: إخْبارٌ فيه تَخْوِيفٌ، كما أنَّ التَّبْشِيرَ: إخْبارٌ فيهِ سُرورٌ. قال {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى } [الليْل: 14]، {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } [فُصّلَت: 13]، {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ} [الأحقاف: 21]، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ } [الأحقاف: 3]، {وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الأنعَام: 92]، {وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ} [الشّورى: 7]، {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ} [يس: 6]أي لم يأتهم نذير من أنفسهم أي بلسان قومهم. والنَّذِيرُ: المُنْذِرُ، ويَقَعُ على كُلِّ شيء فيه إِنْذارٌ إنساناً كان أو غيرَه {إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ } [هُود: 25]، {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } [فَاطِر: 24] {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [المُلك: 8-9]، {قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ} [المَائدة: 19]، {إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ } [الحِجر: 89]، {وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ } [الأحقاف: 9]، {وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فَاطِر: 37]، {نَذِيرًا لِلْبَشَرِ } [المدَّثِّر: 36]. والنُّذُرُ: جَمْعُه. قال: {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى } [النّجْم: 56] أي من جنْسِ ما أنْذرَ به الذين تَقَدَّمُوا. قال: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ } [القَمَر: 23]، {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ } [القَمَر: 41]، {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } [القَمَر: 18]. وقد نَذِرْتُ، أي عَلِمْتُ ذلك، وحَذِرْتُ.
نزع: نَزَعَ الشيءَ: جَذَبَهُ من مَقَرِّهِ، كَنَزَعَ القَوْسَ عن كَبِدِهِ. ونزع يده من جيبه: أخرجها، ويُسْتَعْمَلُ ذلك في الأعْراضِ، ومنه: نَزْعُ العَداوَةِ، والمَحَبَّةِ مِن القَلْب. قال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعرَاف: 43]. وانْتَزَعْتُ آيَةً من القرآن في كذا. ونَزَعَ فُلانٌ كذا، أي سَلَبَ. قال: {وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} [آل عِمرَان: 26]، وقولهُ: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا } [النَّازعَات: 1] قيلَ هي المَلائِكَةُ التي تَنْزِعُ الأرْواحَ عن الأشْباحِ، وقولهُ: {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى } [المعَارج: 16] أي نار جهنّم شديدة النَّزعِ لجميع الأَطراف فلا تترك لحماً ولا جلداً إلا أحرقته حتى قَحْفَ الرأس. وقولُه {تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ } [القَمَر: 20] قيل: تَقْلَعُ الناسَ من مقرِّهِمْ لِشِدَّةِ هُبُوبها، وقيل: تَنْزعُ أرْواحَهُمْ مِنْ أبْدانِهِمْ. وَالتَّنازُعُ وَالمُنازعةُ: المُجاذَبةُ، ويُعبَّر بهما عن المُخاصَمَةِ والمُجادَلَةِ. قال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ} [النِّسَاء: 59]، {فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى } [طه: 62]. والنَّزْعُ عن الشيءِ: الكَفُّ عنه. والنُّزُوعُ: الاشْتِياقُ الشَّدِيدُ.
نزغ: نَزَغَهُ نَزغاً: نَخَسَهُ، وهو شِبْهُ الوَخْزِ. قولُه تَعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعرَاف: 200] أي إنْ نَالَـكَ مِـنَ الشَّيْطانِ وَسْوَسَةٌ ونَخْسَةٌ في القَلْبِ سَلِ اللَّهَ عـزَّ اسْمُهُ أَنْ يُعيذَك مِنْهُ. ونَزَغَهُ: طَعَنَ فيه واغْتَابَهُ، ونَزَغَ بينَ القومِ: أَفْسَدَ وأغْرَى، ونَزَغَهُ بِنَزيغَةٍ: رَماهُ بِكَلِمَةٍ سيِّئَةٍ. والنَّزْغُ: دُخُولٌ في أمرٍ لإفْسَادِهِ. قوله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} [الإسرَاء: 53] أي يُفْسِدُ بَيْنَهُم. وقولُهُ تعالى: {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [يُوسُف: 100] أي أفسدَ بيني وبين إخوتي. والنَّزْغُ: هو أدنى حركةٍ تكون، ومِنَ الشَّيْطانِ أدنى وسوسة.
نزف: نَزَفَ الماءَ: نَزَحَهُ كُلَّهُ مِنَ البِئرِ شيئاً بَعْدَ شيء. وبِئرٌ نَزُوفٌ: نُزِفَ ماؤُها. ونُزِفَ دَمُهُ أو دَمْعُهُ، أي نُزِعَ كُلُّهُ، ومنه قيلَ: سَكْرَانُ نَزِيفٌ: نُزِفَ فَهْمُهُ بِسُكْرِهِ {لاَ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنْزِفُونَ } [الواقِعَة: 19]. قالَ ابُنُ عبَّاسَ: في الخَمْرِ أربَعُ خِصَالٍ: السُّكْرُ، والصُّدَاعُ، والقَيْءُ، وكَثْرَةُ البَوْلِ .ونُزِّهَ خَمْرُ الجَنَّةِ عَنْ هذِهِ الخِصَالِ الخَبيثَةِ. ونَزَفَ الرجُلُ في الخُصُومَةِ: انْقَطَعَتْ حُجَّتُهُ.
نزل: النُّزُولُ، في الأصْلِ، هو انْحِطاطٌ من عُلْوٍ. يقالُ: نَزَلَ عن دابَّتِهِ، ونَزَلَ في مكانِ كذا: حَطَّ رَحْلَهُ فيه. وأَنْزَلَهُ غيرُهُ {أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ } [المؤمنون: 29]. ونَزَلَ بكذا، وأَنْزَلَهُ بمعنًى. وإنْزالُ اللَّهِ تعالى نِعَمَهُ ونِقَمَهُ على الخَلْقِ: إعْطاؤُهُمْ إيَّاها، وذلك إمّا بِإِنْزَالِ الشيء نَفْسِهِ كإِنْزَالِ القرآنِ، وإما بإنْـزَالِ أسْبَابِـهِ والهِدايَةِ إليه، كإنْزَالِ الحَدِيدِ، واللِّباسِ، ونحو ذلِك قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [الكهف: 1]، {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ} [الشّورى: 17]، {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحَديد: 25]، {وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} [الحَديد: 25]، {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزُّمَر: 6]، {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا } [الفُرقان: 48]، {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا } [النّبَإِ: 14]، {أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} [الأعرَاف: 26]، {أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} [المَائدة: 114]، {أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [البَقَرَة: 90]. ومن إنْزالِ العَذابِ قولهُ: {إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } [العَنكبوت: 34]. والفَرْقُ بَيْنَ الإنْزالِ والتَّنْزِيلِ في وصْفِ القرآنِ والمَلائِكَةِ، أن التَّنْزِيلَ يَخْتَصُّ بالمَوْضِعِ الذي يُشيرُ إليه إنْزالهُ مُفَرَّقاً، ومَرَّةً بَعْدَ أخرَى، والإِنْزَالُ عامٌّ. فَمِمَّا ذُكِرَ فيه التَّنْزِيلُ قولهُ: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ } [الشُّعَرَاء: 193] وقُرِىءَ: نُزِّلَ، {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً } [الإسرَاء: 106]، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحِجر: 9]، {لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ} [الزّخرُف: 31]، {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ } [الشُّعَرَاء: 198]، {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ} [التّوبَة: 26]، {وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [التّوبَة: 26]، {لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ} [محَمَّد: 20]، {فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ} [محَمَّد: 20] فَإنَّمـا ذَكَرَ في الأوّلِ نُزِّلَ، وفي الثانِـي أنْـزِلَ، تنبيهـاً أنَّ المُنافِقِينَ يَقْتَرِحُونَ أنْ يَنْزِلَ شَيءٌ فشيءٌ من الحث على القِتال لِيَتَوَلَّوهُ. وإذا أُمرُوا بذلك مَرَّةً واحِدَةً تَحَاشَوْا منه، فَلَمْ يَفْعَلُوهُ، فَهُمْ يَقْتَرِحُونَ الكثيرَ، ولا يَفُونَ منه بالقليلِ. وقولهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدّخان: 3]، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البَقَرَة: 185]، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } [القَدر: 1] وإنمـا خُصَّ لَفْظُ الإنْزال دُونَ التَّنْزِيلِ، لما رُوِيَ أنَّ القرآنَ نَزَلَ دُفْعَةً واحِدَةً إلى سماءِ الدُّنْيا، ثم نَزَلَ نَجْماً فَنَجْماً. وقولهُ: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التّوبَة: 97] فَخَصَّ لَفْظَ الإِنْـزالِ ليكـونَ أعـمَّ، فقـد تَقـدَّمَ أنَّ الإِنْزال أعمُّ من التَّنْزِيلِ. قال {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ} [الحَشر: 21] ولم يَقُلْ: لو نَزَّلْنا، تنبيهاً أنه لو خَوَّلناهُ مَرَّةً ما خَوَلْناكَ مِراراً لرأيْتَهُخاشِعاً. وقولهُ: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ} [الطّلاَق: 10-11] فقـد قيـلَ: أرَادَ بإنـزال الذِّكْـرِ هَهُنَـا بِعْثَـةَ النبـيِّ (ص) وسماهُ ذِكْراً، كما سُمِّيَ عيسى (ع) كلمةً، فَعَلَى هذا يكونُ قولهُ: رَسُولاً، بَدَلاً من قولِهِ ذِكْراً، وقيلَ: بَلْ أَرَادَ إِنْزالَ ذكْرِهِ، فيكونُ رَسُولاً، مَفْعُولاً لقولِهِ: ذِكْراً، أي ذِكْراً رَسُولاً، وأمَّا التَّنَزُّلُ: فهو كالنُّزُول به، يقالُ: نَزَلَ المَلَكُ بكذا، وتَنَزَّلَ. ولا يقالُ نَزَلَ اللَّهُ بكذا، ولا تَنَزَّلَ. قال: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ } [الشُّعَرَاء: 193]، وقال: {تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ} [القَدر: 4]، {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مَريَم: 64]، {يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} [الطّلاَق: 12]، ولا يقالُ في المُفْتَرَى والكَذِب، وما كان من الشَّيْطانِ إلاَّ التَّنَزُّلُ {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ } [الشُّعَرَاء: 210]، {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ *تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } [الشُّعَرَاء: 221-222]، الآيةَ. والنُّزُلُ: ما يُعَدُّ لِلنَّازِلِ من الزادِ {فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً} [السَّجدَة: 19]، {نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عِمرَان: 198]، وقال في صِفَةِ أهلِ النارِ {لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ } [الواقِعَة: 52]، إلى قوله {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ } [الواقِعَة: 56]، {فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ } [الواقِعَة: 93]. وأنْزَلْتُ فُلاناً، أضَفْتُهُ. ويُعَبَّرُ بِالنازِلَةِ عن الشِّدَّةِ، وجمعُها: نَوَازِلُ. والنِّزالُ في الحَرْبِ: المُنازَلَةُ، ونَزَلَ فُلانٌ: إذا أتَى مِنًى. قال الشاعِرُ:
أنازِلَةٌ أسْماءُ أمْ غيرُ نازِلَةٍ
والنُّزالَةُ، والنُّزْلُ: يُكَنَّى بهما عن ماءِ الرجُل إذا خَرَجَ عنه. وطَعامٌ نُزُلٌ، وذُو نُزُلٍ: له رَيْعٌ وحَظٌّ. ونَزِلٌ: مُجْتَمَعٌ، تشبيهاً بالطَّعامِ النُّزُل.
نسأ: النَّسْءُ: تأخِيرٌ في الوقتِ، ومنه: نُسِئَتِ المرأةُ، إذا تأخَّرَ وقْتُ حَيْضِها، فَرُجِيَ حَمْلُها، وهي نَسُوءٌ. يقالُ: نَسَأَ اللَّهُ في أجلِك، ونَسَأ اللَّهُ أجلَكَ. والنَّسِيئةُ: بَيْعُ الشيءِ بالتأخِيرِ، ومنها النَّسِيءُ الذي كانت العَرَبُ تَفْعلُهُ، وهو تأخِيرُ بعض الأشْهُرِ الحُرُمِ إلى شَهْرٍ آخَر {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التّوبَة: 37] وقُرِىءَ: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَة أو نَنْسَأْها، أي نُؤَخِّرْها إمَّا بإنْسائِها، وإمّا بإبْطالِ حُكْمِها. والمِنْسَأُ: عَصاً يُنْسَأُ به الشيءُ، أي يُؤَخَّرُ {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} [سَبَإ: 14]. ونَسَأَت الإبلُ في ظَمَئِها يوماً أو يَوْمَيْنِ، أي أخَّرَتْ. قال الشاعِرُ:
وعَنْسٍ كألواحِ الإِرَانِ نَسَأْتُها إذا قِيلَ لِلمَشْبُوبَتَيْنِ هُما هُما
والنَّسُوءُ: الحَلِيبُ إذا أُخِّرَ تَناوُلُه، فَحَمِضَ، فَمُدَّ بماءٍ.
نسب: النَّسَبُ والنِّسْبَةُ: اشْتِراكٌ من جِهَةِ أحَدِ الأبوينِ، وذلك ضَرْبانِ: نَسَبٌ بالطُّولِ كالاشْتِراكِ من الآباءِ والأبْنَاءِ، ونَسَبٌ بالعَرْضِ، كالنِّسْبَةِ بَيْنَ بَنِي الإِخْوَةِ، وبَنِي الأعْمامِ {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفُرقان: 54]. وقيلَ: فُلانٌ نَسِيبُ فُلانٍ، أي قَرِيبُهُ.
نسخ: النَّسْخُ: إزالَةُ شيءٍ بشيءٍ يَتَعَقَّبُه، كَنَسْخِ الشمسِ الظّلَّ، والظِّلِّ الشمسَ، والشَّيبِ الشَّبابَ. فَتارةً يُفْهَمُ منه الإزَالَةُ، وتارَةً يُفْهَمُ منه الإِثباتُ، وتارَةً يُفْهَمُ منه الأمْرانِ. ونَسْخُ الكِتاب: إزالَةُ الحُكْمِ بِحُكْمٍ يَتَعَقَّبُه. {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البَقَرَة: 106] قيلَ: معناهُ: ما نُزِيلُ العملَ بها أو نَحْذِفُها عن قُلُوبِ العِبادِ. ونَسْخُ الكِتابِ: نَقْلُ صُورَتِهِ المُجَرَّدَةِ إلى كِتابٍ آخَرَ، وذلك لا يَقْتَضِي إزالَةَ الصُّورَةِ الأولَى، بَلْ يَقْتَضِي إثباتَ مِثْلِها في مادَّة أُخْرَى. {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [الجَاثيَة: 29] أي سَتَكْتُبُ الحفَظَةُ بما كنْتُم تَعْملون في دارِ الدّنيا. وقد يُعَبَّرُ عن النَّسْخِ بالاسْتِنْساخ، لأنَّ الاسْتنْساخ هو الأمرُ بالنّسْخِ كالاسْتِكْتَابِ: الأمْرُ بالكتابَةِ(86). والمُناسَخَةُ في المِيراثِ، هو أنْ يَمُوتَ وَرَثَةٌ بَعْدَ وَرَثَة، والمِيراثُ قائِمٌ لَمْ يُقْسَمْ، وتناسُخُ الأزْمِنَةِ والقُرون: مُضِيُّ قومٍ بَعْدَ قومٍ يَخْلُفُهم. والقائِلونَ بالتَّناسُخِ: قومٌ يُنْكِرُونَ البَعْثَ على ما أثْبَتَتْهُ الشَّرِيعَةُ، ويَزْعُمُونَ أنَّ الأرْوَاحَ تَنْتَقِلُ إلى الأجْسامِ على التأبِيدِ.
نسر: نَسْرٌ: اسْمُ صَنَمٍ في قولهِ: {وَقَالُوا لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا } [نُوح: 23]. والنَّسْرُ: طائرٌ، ومَصْدَرٌ. نَسَرَ الطائرُ الشيءَ بِمِنْسَرِهِ، أي نَقَرَهُ، ونَسْرُ الحافرِ: لُحْمَةٌ ناتِئَةٌ، تشبيهاً به. والنَّسْرَان: نَجْمانِ، طائرٌ وواقِعٌ. ونَسَرْتُ كذا، تَناوْلتُهُ قليلاً قليلاً، تناوُل الطائِرِ الشيء بِمِنْسَرِهِ.
نسف: نَسَفَت الرِّيحُ الشيءَ: اقْتَلَعَتْهُ وأزالَتْهُ، يقالُ: نَسَفَتْه وانْتَسَفته {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا } [طه: 105]. ونَسَفَ البَعِيرُ الأرضَ بِمُقَدَّمِ رِجْلِهِ، إذا رَمَى بِتُرابِه. يقالُ: ناقَةٌ نَسُوفٌ. {لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا } [طه: 97] أي نَطْرَحه فيه طَرْحَ النُّسافَةِ، وهي ما يَثُورُ من غُبارِ الأرضِ. وتُسَمَّى الرُّغْوَةُ: نُسافَةً، تشبيهاً بذلك. وإناءٌ نَسْفَانُ: امْتَلأ، فَعَلاهُ نُسافةٌ. وانْتُسِفَ لَوْنُه، أي تَغَيَّرَ عَمَّا كان عليه نسافُهُ، كما قالُوا: اغْبَرَّ وجْهُهُ. والنَّسْفَةُ: حِجارَةٌ يُنْسَفُ بها الوسخُ عن القَدَمِ، وكلامٌ نَسِيفٌ: أي مُتَغَيِّرٌ ضَئِيلٌ.
نسك: النُّسُكُ: العِبادَةُ. والنَّاسِكُ: العابدُ. واخْتُصَّ بأعْمال الحَجِّ. والمَناسِكُ: مواقِفُ النُّسُكِ وأعْمالُها. والنَّسِيكَةُ: مُخْتَصَّةً بالذبِيحَةِ {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البَقَرَة: 196]، {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [البَقَرَة: 200]، {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} [الحَجّ: 67].
نسل: النَّسْلُ: الانْفِصالُ عن الشيءِ، يقالُ: نَسَلَ الوَبَرُ عن البَعِيرِ، والقَمِيصُ عن الإنسان. قال الشاعِرُ:
فَسُلِّي ثيابِي عن ثِيابكِ تَنْسِلِ
والنُّسالَةُ: ما سقَطَ من الشَّعَرِ، وما يَتَحَاتُّ من الريش، وقد أنْسَلَتِ الإبلُ: حانَ أنْ يَنْسِلَ وَبَرُها، ومنه نَسَل: إذا عَدا يَنْسِلَ نَسَلاناً، إذا أسْرَعَ. {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ } [الأنبيَاء: 96] أي يسرعون، والنَّسْلُ: الوَلَدُ، لكونِهِ ناسِلاً عن أبِيه {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} [البَقَرَة: 205]. وَتَناسَلُوا: توالَدُوا. ويقالُ أيضاً: إذا طَلَبْتَ فَضْلَ إنسانٍ فَخُذْ ما نَسَلَ لك منه عَفْواً.
نسي: النِّسْيانُ: تَرْكُ الإنسانِ ضَبْطَ ما استُودِعَ: إمَّا لِضَعْفِ ذَاكِرَتِهِ، وإمّا عَنْ غَفْلَةٍ، وإمّا عن قَصْدٍ، حتى يَنْحَذِفَ عن القَلْبِ ذِكْرُهُ. يقالُ: نَسِيتُه نسياناً {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا } [طه: 115]، {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ} [السَّجدَة: 14]، {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ} [الكهف: 63]، {لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} [الكهف: 73]، {فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المَائدة: 14]، {ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} [الزُّمَر: 8]، وقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى } [الأعلى: 6] إخْبارٌ وضَمانٌ من اللَّهِ تعالى أَنَّهُ يَجْعَلُ النبيَّ (ص) بحيثُ لا يَنْسَى ما يَسْمَعُهُ من الحَقِّ؛ وكُلُّ نِسْيانٍ من الإنسانِ ذَمَّهُ اللَّهُ تعالى به، فهو ما كان أصْلُه عن تَعَمُّدٍ، وما عُذِرَ فيه، نحوُ ما رُويَ عن النبيِّ (ص) «رُفِعَ عن أُمَّتِي الخَطأ والنِّسْيانُ»(87) فهو ما لم يكنْ سَبَبُهُ منه. وقولهُ: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [السَّجدَة: 14]، {إِنَّا نَسِينَاكُمْ} [السَّجدَة: 14] هو ما كان سَبَبُه عن تَعَمُّدٍ منهم، وتَرْكُه على طريقِ الإهانَةِ. وإذا نُسِبَ ذلك إلى اللَّهِ تعالى فهو تَرْكُه إيَّاهُمْ اسْتِهانَةً بهـم، ومُجازاةً لِمَا تَرَكُوهُ {فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوُا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا} [الأعرَاف: 51]، {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التّوبَة: 67]. وقولهُ: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحَشر: 19] تنبيهٌ أن الإنسانَ بِمعْرِفَتِهِ بِنَفْسِه يعْرفُ اللَّهَ، فَنسْيانُهُ لِلَّهِ هو من نِسْيانِه نَفْسَهُ. وقولهُ تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيْتَ} [الكهف: 24] قال ابنُ عباسٍ: إذا قُلْتَ شيئاً ولم تَقُلْ: إنْ شاءَ اللَّهُ، فَقُلْهُ إذا تَذَكَّرْتَهُ. وبهذا أجازَ الاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ مُدَّة. وقال عِكْرِمَةُ: معنَى نَسِيتَ: ارْتَكَبْتَ ذَنْباً، ومعناهُ: اذكُر اللَّهَ إذا أرَدْتَ وقَصدْتَ ارْتِكاب ذَنْبٍ يكنْ ذلك دافِعاً لَك لِنِسْيانِهِ. فَالنِّسْيُ أصْلهُ ما يُنْسَى، كالنِّقْض لما يُنْقَضُ، وصارَ في التَّعارُفِ اسماً لما يَقِلُّ الاعْتِدادُ به، ومن هذا تقولُ العربُ: احْفَظُوا أنْساءكُمْ، أي ما من شأنِه أنْ يُنْسَى. قال الشاعِرُ:
كأنَّ لَها في الأرض نِسْياً تَقُصُّهُ
وقولهُ تعالى: {قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا } [مَريَم: 23] أي جارِياً مَجْرَى النَّسْيِ القليلِ الاعْتِدادِ به، وإن لم يُنْسَ. ولهذا عَقَّبَهُ بقولِه: مَنْسِيّاً، لأنَّ النَّسْيَ قد يقالُ لِما يقِلُّ الاعْتِدادُ به وإنْ لم يُنْسَ. وقُرِىءَ: نِسِيّاً، وهو مَصْدَرٌ مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ المَفْعُولِ، نحوُ عَصَى عِصِيّاً وعِصْياناً. وقولهُ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البَقَرَة: 106] فإنْساؤُها: حَذْفُ ذِكْرِها مِنَ القُلوبِ بِقُوَّة إلهِيَّة. والنِّساءُ، والنِّسْوانُ، والنِّسْوَةُ: جمعُ المرأةِ من غيرِ لَفْظِها، كالقومِ في جمعِ المَرْءِ. قال تعالى {لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} [الحُجرَات: 11]، {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البَقَرَة: 223]، {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ} [الأحزَاب: 30]، {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} [يُوسُف: 30]، {مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} [يُوسُف: 50]. والنَّسا: عِرْقٌ، وتَثْنِيَتُهُ نَسيانِ، وجمعهُ: أنْساءٌ.
نشأ: النَّشْءُ والنَّشْأَةُ: إحْداثُ الشيءِ وتَرْبِيَتُهُ {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى} [الواقِعَة: 62]. يقالُ: نَشَأ فُلانٌ. والناشِىءُ يُرادُ به الشَّابُّ. وقولهُ: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلاً } [المُزّمل: 6] معناه: أنَّ ساعات اللَّيلِ تَنْشَأُ ساعةً بعد ساعةٍ لِمَنْ يُرِيدُ القِيامَ والانْتِصابَ للصَّلاةِ، وتقديرُهُ أنَّ ساعاتِ اللَّيلِ النَّاشِئَةَ هيَ أكثرُ ثِقْلاً وأشَدُّ مَشَقَّةً على مَنْ يَقومُ مِنْ نَومِهِ لِلْعِبادَةِ. ومنه نَشَأ السَّحابُ، لِحُدُوثِهِ في الهَواءِ، وتَرْبِيَتِهِ شيئاً فشيئاً {وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ } [الرّعد: 12]. والإنْشَاءُ: إيجادُ الشيءِ ابتداءً من غيرِ استعانةٍ بِشَيْءٍ مِنَ الأَسْبَاب {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ } [المُلك: 23]، {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [النّجْم: 32]، {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } [المؤمنون: 31]، {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14]، {وَنُنْشِأَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [الواقِعَة: 61]، {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِىءُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [العَنكبوت: 20]. فهذه كلُّها في الإِيجادِ المُخْتَص بِاللَّهِ. وقولُه: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ *أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُونَ } [الواقِعَة: 71-72] فَلِتَشْبِيهِ إيجادِ النارِ المسْتَخرَجَةِ بإيجادِ الإِنْسانِ، وقولُهُ: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [الزّخرُف: 18] أي يُرَبَّى تَرْبِيَةً كَتَرْبِيَةِ النِّساءِ. وقُرِىء: يَنْشَأ، أي يَتَرَبَّى.
نشر: النَّشْرُ: نَشَرَ الثَّوْبَ والصَّحِيفَةَ والسَّحابَ والنِّعْمَةَ والحدِيثَ: بَسَطَها. {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ } [التّكوير: 10] يعني صُحُفَ أعمالِ أهلِهَا التي كَتَبها الملائِكةُ من خيرٍ وشرٍّ تُنشرُ ليقرأَها أصحابُها ولتظهَرَ أعمالُهم فيجازوا بحسبِها {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} [الشّورى: 28]، وقولهُ: {وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا } [المُرسَلات: 3] أي المَلائِكَةِ التي تَنْشُرُ الرياحَ، أو الرياحُ التي تَنْشُرُ السَّحابَ، ويقالُ في جمعِ الناشرِ: نُشُرٌ. وقُرِىء: نُشُراً، فيكونُ كقوله: والناشِراتِ. ومنه: سَمِعْتُ نَشْراً حَسَناً، أي حَدِيثاً يُنْشَرُ من مَدْحٍ وغيرِه. ونُشِرَ المَيِّتُ نُشُوراً {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } [المُلك: 15]، {بَلْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ نُشُورًا } [الفُرقان: 40]، {وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلاَ حَيَاةً وَلاَ نُشُورًا } [الفُرقان: 3]. وأنْشَرَ اللَّهُ المَيِّتَ، فَنُشِرَ: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ } [عَبَسَ: 22]، {فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} [الزّخرُف: 11] وقيلَ: نَشَرَ اللَّهُ الميِّتَ وَأنْشَرَهُ بمعنًى. والحقيقةُ أنَّ نَشَرَ اللَّهُ المَيِّتَ مُسْتَعارٌ من نَشْرِ الثَّوب. قال الشاعر:
طَوَتْكَ خُطُوبُ دَهْركَ بَعْدَ نَشْر كذاك خطوبُهُ طيّاً ونشرا
وقولهُ: {وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا } [الفُرقان: 47] أي جَعَلَ فيه الانتشارَ، وابتغاءَ الرِّزْقِ. كما قال: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [القَصَص: 73]. وانتِشارُ الناسِ: تصرفُّهُم في الحاجاتِ {ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ } [الرُّوم: 20]، {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزَاب: 53]، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [الجُمُعَة: 10]، وقيلَ: نَشَرُوا في معنَى انْتَشَرُوا وقُرىءَ: وإذا قيلَ انْشُرُوا فانْشُرُوا، أي تَفَرَّقُوا. ويقال: نَشَرْتُ الخَشَبَ بالمِنْشارِ نشراً، اعْتِباراً بما يُنْشَرُ منه عندَ النَّحْت.
نشز: النَّشْزُ: المُرْتِفعُ من الأرضِ. ونَشَزَ فلانٌ، إذا قَصَدَ نَشْزاً. ومنه: نَشَزَ فلانٌ عن مَقَرِّهِ: نَبا، وكُلُّ نابٍ ناشِزٌ. {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} [المجَادلة: 11] أي انْهَضُوا وقُومُوا ووَسِّعُوا على إخْوَانِكم للصَّلاةِ في المَسْجِدِ أو في المَجْلِسِ، فافْعَلُوا ذلك. ويُعَبَّرُ عن الإِحياءِ بالنَّشْزِ والإِنْشازِ لكونِهِ ارْتِفاعاً بَعْدَ اتِّضاعٍ {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} [البَقَرَة: 259] وقُرِىءَ بضَمِّ النُّونِ وفَتْحِها، {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النِّسَاء: 34] ونُشُوزُ المرأةِ: بُغْضُها لِزَوْجِها، ورَفْعُ نَفْسِها عن طاعَتِهِ، أو رَفْعُ عَيْنِها عنه إلى غَيرِهِ، وبهذا النَّظَرِ قال الشاعِرُ:
إذا جَلَستْ عِنْدَ الإمام كأنَّها تَرَى رُفْقةً من ساعةٍ تَسْتَحِيلُها
وعِرْقٌ ناشِزٌ: أي ناتِىءٌ.
نشط: {وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا } [النَّازعَات: 2] قيل: أَرادَ بها النُّجُومَ الخَارِجاتِ مِنَ الشَّرْقِ إلى الغَرْبِ بِسَيْرِ الفَلَكِ، أو السَّائِراتِ من المَغْرِبِ إلى المَشْرِقِ بِسَيْرِ أنْفُسِها، من قولِهم: ثَوْرٌ نَاشِطٌ: خارجٌ من أرضٍ إلى أرضٍ. وقيلَ: الملائِكَةُ التي تَنْشِطُ في نَزْعِ أَرْواحِ النَّاسِ، وقيل: المَلائِكَةُ التي تَعْقِدُ الأمُورَ من قولِهم: نَشَطْتُ العُقْدَةَ. وتَخْصِيصُ النَّشْطِ، وهو العَقْدُ الذي يَسْهُلُ حَلُّهُ، تنبيهاً على سُهُولَةِ الأمْرِ عليهمْ، وبئرٌ أنْشاطٌ: قَرِيبَةُ القَعْرِ يَخْرُجُ دَلُوُها بجَذْبَةٍ واحدةٍ.
نصب: نَصْبُ الشيءِ: وضْعُهُ وضْعاً ناتِئاً، كَنَصْبِ الرُّمْحِ والبِناءِ والحَجَرِ. والنُّصْبُ والنُّصُبُ والنَّصِيبُ: كلُّ ما جُعِلَ عَلَماً، أو كلُّ ما عُبِدَ من دونِ الله (تعالى) وجمعه: أنْصِبَةٌ، ونُصُبٌ، وأَنْصابٌ ومنها الحجارة التي كانت العربُ تنصُبُها للعبادة والذَّبحِ عليها. قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } [المعَارج: 43] أي كأنهم يسعون ويسرعون إلى علَمٍ نُصب لهم. قال تعالى: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المَائدة: 3]، {وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ} [المَائدة: 90]. والنُّصْبُ والنَّصَبُ: التَّعَبُ أو الداءُ، أو البلاءُ. وقُرِىءَ {بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } [ص: 41]: ونَصَبٍ. وذلك مِثْلُ بُخْلٍ وبَخَلٍ {لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ} [فَاطِر: 35]. وأنْصَبَنِي كذا: أي أتْعَبَنِي وأزْعَجَنِي. قال الشاعِرُ:
تَأوَّبَنِي هَمٌّ مَعَ الليلِ مُنْصِبٌ
وهَمٌّ ناصِبٌ، أيْ ذُو نَصَبٍ. والنَّصَبُ: التَّعَبُ {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا } [الكهف: 62]، وقد نَصِبَ، فهو نَصِبٌ وناصِبٌ {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ } [الغَاشِيَة: 3]. والنَّصِيبُ: الحَظُّ المَنْصُوبُ، أي المُعَيَّنُ {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ} [النِّسَاء: 53]، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} [آل عِمرَان: 23]، وقوله: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ } [الشَّرح: 7] أي إذا فَرَغْتَ مِنْ صَلاتِكَ فَجِدَّ واجْتَهِدْ في رَفْعِ يَدَيْكَ إلى بَارِئِكَ بالدُّعاءِ لأنَّهُ هو القادِرُ على تلبية جميعِ حَوائِجِكَ. ويقالُ: ناصَبَهُ الحَرْبَ والعَداوَةَ، ونَصَبَ له، أيْ أظهرهُما لَهُ. ونِصابُ السِّكِّينِ، ونَصَبُها. ومنه: نِصابُ الشيءِ: أصْلُه. ورَجَعَ فُلانٌ إلى مَنْصِبِهِ، أي أصْلِهِ.
نصت: الإِنْصاتُ: السكوتُ معَ استماعِ. ونَصَتَ وأنْصَتَ وانْتَصَتَ استمعَ الحديث وسكتَ، وأَنْصَتَ الرَّجُلَ: سكت. وأنْصَتَ لَهُ وأنصته: سكت سكوتَ مستمِع لحديثه. ومنه قوله: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعرَاف: 204]، وقوله: {فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا} [الأحقاف: 29].
نصح: النُّصْحُ: تَحَرِّي فِعْلٍ أو قولٍ فيه صَلاحُ صاحِبِهِ {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ } [الأعرَاف: 79]، {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } [الأعرَاف: 21]، {وَلاَ يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ} [هُود: 34] وهو من النُّصْح أي الإخلاصِ في الموَدَّةِ، ومنه قولُهُم: نَصَحْتُ له الوُدَّ، أي أخْلَصْتُهُ. والناصِحُ مِنَ العَسَلِ: خَالِصُهُ، أو من قولِهم: نَصَحْتُ الجِلْدَ: خِطْتُهُ. والناصحُ: الخَيَّاطُ. والنِّصاحُ: الخَيْطُ. وقولهُ: {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التّحْريم: 8] فَمِنْ أحَدِ هَذَيْنِ: إمّا الإخْلاصُ، وإمّا الإحْكامُ؛ والتوبة النَّصوحُ: التوبةُ الصادقة؛ ويقالُ: نَصُوحٌ ونَصاحٌ، نحوُ ذَهُوبٍ وذَهابٍ. قال الشاعر:
أحْبَبْتُ حُبّاً خالَطَتْهُ نَصاحَةٌ
نصر: النَّصْرُ، والنُّصْرَةُ: العَوْنُ {نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ} [الصَّف: 13]، {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} [النّصر: 1]، {وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ} [الأنبيَاء: 68]، {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ} [آل عِمرَان: 160]، {وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } [آل عِمرَان: 147]، {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } [الرُّوم: 47]، {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا} [غَافر: 51]، {وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } [التّوبَة: 74]، {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا } [النِّسَاء: 45]، {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } [البَقَرَة: 107]، {فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأحقاف: 28] إلى غيرِ ذلك من الآياتِ. ونُصْرَةُ اللَّهِ للعَبْدِ ظاهِرَةٌ؛ ونُصْرَةُ العَبْدِ لِلَّهِ هي نُصْرَتُهُ لِعِبادِهِ، والقِيامُ بِحِفْظِ حُدودِهِ، ورعايةِ عُهُودِهِ، وتطبيق أحْكامِهِ، واجْتِنَاب نَواهْيهِ. قال: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحَديد: 25]، {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محَمَّد: 7]، {كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ} [الصَّف: 14]. والانْتِصارُ، والاسْتِنْصارُ: طَلَبُ النُّصْرَةِ {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ } [الشّورى: 39]، {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفَال: 72]، {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} [الشّورى: 41]. وفي قوله: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ } [القَمَر: 10] إنما قال: فانْتَصِرْ، ولم يَقُلْ: انْصُرْ، تنبيهاً أنَّ ما يَلْحَقُنِي يَلْحَقُ رسالتك، من حيثُ إنِّي جِئْتُهُمْ بأمْرِكَ ورسالتك، فإذا نَصَرْتَنِي، فقد انْتَصَرَتْ رسالتُك. والتَّناصُرُ: التَّعاوُنُ {مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ } [الصَّافات: 25]. والنَّصَارى قيلَ: سُمُّوا بذلك لقولِهِ: {كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ} [الصَّف: 14]، {كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [الصَّف: 14]، وقيلَ: سُمُّوا بذلك انتساباً إلى قَرْيَة يقالُ لَها نَصْرانُ أو الناصرة، فيقالُ: نَصْرانِيٌّ، وجمعهُ: نَصارَى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ} [البَقَرَة: 113].
نصف: نِصْفُ الشيءِ: شَطْرُهُ أَو أَحَدُ جزْءيْ كمالِهِ {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النِّسَاء: 12]، {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النِّسَاء: 11]، {فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النِّسَاء: 176]. وإناءٌ نَصْفانُ: بَلَغَ ما فيه نِصْفَهُ. ونَصَفَ النهارُ، وانْتَصَفَ: بَلَغَ نِصْفَهُ، ونَصَفُ الإزارِ: ساقُهُ. والنَّصِيفُ: مِكْيالٌ، كأنه نِصْفُ المِكْيال الأكْبَرِ، ومِقْنَعَةُ النِّساءِ، كأنها نِصْفٌ من المِقْنَعَةِ الكَبِيرَةِ. قال الشاعِرُ:
سَقَطَ النَّصِيفُ ولم تُرِدْ إسْقاطَهُ فَتَناوَلَتْهُ واتَّقَتْنا باليَدِ
وبَلَغْنا مَنْصَفَ الطَّرِيقِ. والنَّصَفُ: المرأةُ التي بَيْنَ الصَّغيرَةِ والمُسِنَّةِ؛ والمُنَصَّفُ من الشَّرابِ: ما طُبِخَ، فَذَهَبَ منه نِصْفُهُ. والإنْصافُ في المُعامَلَةِ: العَدالَةُ، وذلك أن لا يأخُذَ من صاحِبِهِ من المنافِعِ إلاَّ مِثْلَ ما يُعْطِيهِ، ولا يُنِيلُه من المَضارِّ إلاَّ مِثْلَ ما يَنالُه منه. واسْتُعْمِلَ النَّصَفَةُ في الخِدْمَةِ، فقيل للخادِمِ: ناصِفٌ، وجمعهُ: نُصُفٌ. وهو أن يُعْطِي صاحِبَهُ ما عليه بإزاءِ ما يأخُذُ من النَّفْعِ. والانْتِصافُ، والاسْتِنْصافُ: طَلَبُ النَّصَفَةِ.
نصو: الناصِيَةُ: الطُّرَّةُ من شَعَرِ الرأسِ؛ ونَصَوْتُ فُلاناً، وانْتَصَيْتُهُ، وناصَيْتُهُ: أخَذْتُ بِنَاصِيَتِهِ. وقولهُ: {مَا مِنْ دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هُود: 56] أي مُتَمَكِّنٌ منها. قال تعالى: {كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ } [العَلق: 15]. وحَدِيثُ عائشةَ رضي الله عنها: ما لَكُمْ تَنْصُون مَيِّتَكُمْ؟ أي تَمُدُّونَ نَاصِيَتَهُ. وفُلانٌ ناصِيَةُ قومِهِ، كقولِهم: رأسُهُمْ وعَيْنُهُمْ، ونواصي الناس: ما وُصِفوا بالذَّوائِبِ.
نضج: يقالُ: نَضِجَ اللَّحْمُ نُضْجاً ونَضْجاً، إذا أدْرَكَ استواءَه {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النِّسَاء: 56]. ومنه قيل: ناقةٌ مُنَضِّجٌ، إذا جاوَزَتْ بِحَمْلِها وقْتَ ولادَتِها، وقد نَضَّجَتْ. وفلانٌ نَضِيجُ الرَّأْي: مُحْكَمُهُ.
نَضَخَ: نَضَخَ كَنَضَحَ وبِمَعْناهُ، إلاَّ أَنَّ النَّضْحَ هو الرَّشُّ، والنَّضْخُ هو دِفْقُ الماءِ، والنَّضَّاخة: الفوَّارةُ التي تَرمي بالماءِ صُعُداً وبغَزَارةٍ. وقوله: تعالى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } [الرَّحمن: 66] أي فوَّارتان بالماء ينبع من أصلهما ثم تجريان.
نضد: يقالُ: نَضَدَ المَتاعَ بعضَه إلى بعضٍ يَنْضُدُهُ نَضْداً: إذا ضَمَّ بعضَهُ إلى بعضٍ بشكلٍ متَّسِقٍ ومركومٍ، فهو مَنْضُودٌ ونَضِيدٌ. والنَّضَدُ: السَّريرُ الذي يُنَضَّدُ عليه المَتاعُ، وفي الاستعارة قوله تعالى: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ } [ق: 10]، وقوله: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ } [الواقِعَة: 29] قيل هو شجر الموز لأنه نضد بعضه فوق بعض، أي تراكب بعضه فوق بعض فهو منضود ومتراكب. وبه شُبِّهَ السَّحابُ المُتَراكِمُ فقيلَ له: النَّضَدُ. وجوازاً قيل: وأنْضادُ القومِ: جَماعاتُهُمْ. وأَنْضَادُ الرجُلِ: مَنْ يَتَقَوَّى بهم من أعْمامِهِ وأخْوالِهِ.
نضر: النَّضْرَةُ والنضارة: الحُسْنُ {نَضْرَةَ النَّعِيمِ } [المطفّفِين: 24] أي رَوْنَقَهُ، {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا } [الإنسَان: 11]. ونَضَرَ وَجْهُهُ يَنْضُرُ، فهو ناضِرٌ. أي حَسَنٌ ومُنَعَّمٌ، وقيلَ نَضِرَ يَنْضَرُ {وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القِيَامَة: 22-23]، ونَضَّرَ اللَّهُ وجْهَهُ. وأخْضَرُ ناضِرٌ: غُصْنٌ حَسَنٌ. والنضْرُ، والنَّضِيرُ: الذَّهَبُ، لِنَضَارَتِهِ. والنُّضَارُ: الخالِصُ من التِّبْرِ. وقَدَحُ نُضارٍ، بالإضافةِ: مُتَّخَذٌ من نُضار الخشب.
نطح: النَّطِيحَةُ: ما نُطِحَ من الماشِيَةِ، فَماتَ. قال: {وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ} [المَائدة: 3]. والنَّطِيحُ والناطِحُ: الظَّبْيُ، والطائرُ الذي يَسْتَقْبِلُكَ بِوَجْهِهِ، كأنه يَنْطَحُكَ، ويُتَشاءَمُ به. ورجُلٌ نَطِيحٌ: مَشْؤومٌ، ومنه نَوَاطِحُ الدَّهْرِ: أي شَدائدُهُ. وفرسٌ نَطِيحٌ: يأخُذُ فَوْدَيْ رأسِهِ بَياضٌ.
نطف: النُّطْفَةُ: الماءُ الصافِي، ويُعَبَّرُ بها عن ماءِ الرجُلِ {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ } [المؤمنون: 13]، {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} [الإنسَان: 2]، {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى } [القِيَامَة: 37]. ويُكَنَّى عن اللُّؤلُؤَةِ بالنُّطَفَةِ، ومنه: صَبِيٌّ مُنَطَّفٌ، إذا كان في أُذُنِهِ لُؤْلُؤَةٌ أو قرْطٌ. والنَّطَفُ: الفسادُ أو الشرُّ، والنَّطَفُ أيضاً: اللؤلؤ الصافي، والنَّطِفُ المُرِيبُ: البَخْسُ. وليلةٌ نَطُوفٌ: يَجِيءُ فيها المَطَرُ حتى الصباحِ. والناطِفُ: السائلُ من المائعاتِ، ومنه الناطِفُ المَعْرُوفُ مِنْ الحَلْوَاءِ لأَنَّهُ يَنْطِفُ أي يقطِرُ قبلَ خُثورَتِه وفُلانٌ مَنْطِفُ المعروفِ، وفلانٌ يَنْطِفُ بِسُوء، كذلك. وهو كقولِكَ: يُنَدِّي به.
نطق: النُّطْقُ، في التَّعارُفِ: الأصْواتُ المُقَطَّعَةُ التي يُظْهِرُها اللِّسانُ، وتَعِيها الآذانُ {مَا لَكُمْ لاَ تَنْطِقُونَ } [الصَّافات: 92]، ولا يَكادُ يقالُ إلاَّ للإنسان، ولا يقالُ لغيرِهِ إلاَّ على سَبِيلِ التَّبَعِ، نحوُ: الناطِق والصامِت. فيُرادُ بالناطِقِ ما له صَوْتٌ، وبالصامِتِ ما ليسَ له صَوْتٌ. ولا يقالُ للحَيَوانِ ناطِقٌ إلاَّ مُقَيَّداً، ولصوتِهِ، وعلى طريقِ التشبيهِ، كقولِ الشاعِر:
عجبْتُ لَها أنَّى يكونُ غِناؤها فَصِيحاً ولم تَفْغَرْ لِمَنْطِقِها فَما
والمَنْطِقيُّون يُسَمُّون القُوَّةَ التي منها النُّطْقُ نُطْقاً، وإيّاها عَنوْا حيث حَدُّوا الإنسانَ، فقالُوا: هُو الحيُّ الناطِقُ المائِتُ. فالنُّطْقُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ عِنْدَهُمْ بيْن القُوَّةِ الإنْسانِيَّةِ التي يكونُ بها الكلامُ وبَيْنَ الكلامِ المُبْرَزِ بالصَّوْتِ. وقد يقالُ: الناطِقُ، لِما يَدُلُّ على شيء. وعلى هذا قِيلَ لِحكِيمٍ: ما الناطِقُ الصامِتُ؟ فقالَ: الدَّلائِلُ المُخْبِرَةُ والعِبَرُ الواعِظَةُ. وقولهم: «ليسَ عندَهُ ناطقٌ ولا صامِتٌ» أي لا حيوانَ ولا مالَ عندَهُ. وقولهُ: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاَءِ يَنْطِقُونَ } [الأنبيَاء: 65] إشارةٌ إلى الأَصْنَامِ أَنَّهمْ ليسُوا من جِنْس الناطِقِين ذَوِي العُقُولِ، وقولهُ: {قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فُصّلَت: 21]: هو القادر على أن ينطق كل شيء، قيلَ: أرادَ الاعْتِبار، فَمعْلُومٌ أنَّ الأشياءَ كُلَّها لَيْسَتْ تَنْطِقُ إلاَّ من حيثُ العِبْرَةُ. وقولهُ: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النَّمل: 16] فإنه سَمَّى أصْواتَ الطَّيْرِ نُطْقاً اعْتِباراً بِسُلَيْمانَ الذي كان يَفْهَمُهُ، فَمَنْ فَهِمَ مِنْ شيءٍ معنًى، فذلك الشيءُ بالإِضافةِ إليه ناطِقٌ، وإن كان صامِتاً، وبالإضافةِ إلى مَنْ لا يَفْهَمُ عنه صامِتٌ، وإن كان ناطِقاً. وقولهُ: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ} [الجَاثيَة: 29] فإن الكِتابَ ناطِقٌ لكنْ نُطْقُهُ تُدْرِكُهُ العَيْنُ، كما أنَّ الكلامَ كِتابٌ، لكنْ يُدْرِكُهُ السَّمْعُ. وقولهُ: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فُصّلَت: 21] فقد قيلَ: إن ذلك يكونُ بالصَّوْتِ المَسْمُوعِ، وقيلَ: يكونُ بالاعْتِبار، واللَّهُ أعْلَمُ بما يكونُ في النَّشأةِ الآخرةِ، وقيلَ: حقيقةُ النُّطْق اللَّفْظُ الذي هو كالنِّطاق للمَعنَى في ضَمِّهِ وحَصْرِه. والمِنْطَقُ والمِنْطَقَةُ: ما يُشدُّ به الوَسَطُ. والمَنْطَقَةُ: وجمعها مناطق: هي القِطْعةُ المحْدُودَةُ مِنَ الأرْضِ مثل: المَنْطَقَةُ الاسْتِوَائِيَّةَ. والمَنْطِقُ: بابٌ مِنْ أبْوَابِ الفَلْسَفَةِ يُعْطِي جُمْلَةَ القوانينَ التي شأنُها أن تقوِّم العَقْلَ، وتُسَدِّدَ الإنسان نحو طريقِ الصوابِ والحق، فيما يُمْكِنُ أن يَغْلَطَ فيهِ من المعْقُولات، فَتنْقُل الفِكْرَ من المُقَدِّماتِ إلى النَّتائِجِ الصَّحِيحةِ. والمنطقيُّ: منْسُوبٌ إلى المَنْطِقِ مثل: تَفْكِيرٌ مَنْطِقِيٌّ. والمَنْطِقِيُّ: صاحبُ علم المنْطِق. وقولُ الشاعر:
وأبْرَحُ ما أدامَ اللَّهُ قوْمِي بِحَمْدِ اللَّهِ مُنْتَطِقاً مُجِيدا
فقد قيل: مُنْتَطِقاً جانِباً، أي قائداً فَرَساً لم يَرْكَبْهُ، فإن لم يكنْ في هذا المعنَى غيرُ هذا البيتِ، فإنه يَحْتَمِلُ أن يكونَ أرادَ بالمُنْتَطِقِ: الذي شَدَّ النِّطاقَ، كقولهِ: مَنْ يَطُلْ ذَيْلُ أبيهِ يَنْتَطِقْ به، وقيلَ: معنَى المُنْتَطِقِ المُجِيدِ: هو الذي يقولُ قولاً فيُجِيدُ فيه.
نظر: النَّظَرُ: تَقْلِيبُ البَصَرِ والبَصِيرَةِ لإِدْرَاكِ الشيءِ ورُؤْيَتِهِ، وقد يُرادُ به التَّأَمُّلُ والفَحْصُ، وقد يُرادُ به المَعْرِفَةُ الحاصِلَةُ بَعْدَ الفَحْصِ، وهو الرَّوِيَّةُ. يقالُ: نَظَرْتَ فَلَمْ تَنْظُرْ، أي لم تَتَأمَّلْ ولم تَتَرَوَّ. وقولهُ: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [يُونس: 101] أي تَأمَّلُوا. واسْتِعْمالُ النَّظَرِ في البَصَرِ أكثرُ عِندَ العامَّةِ، وفي البَصِيرَةِ أكثرُ عندَ الخاصَّةِ {وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القِيَامَة: 22-23]. ويقالُ: نَظَرْتَ إلى كذا، إذا مَدَدْتَ طَرْفَكَ إليه، رَأيْتَهُ أو لم تَرَهُ، ونَظَرْتُ فيه، إذا رَأَيْتُه وتَدَبَّرْتُه {أَفَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } [الغَاشِيَة: 17]. ونَظَرْتَ في كذا: تَأَمَّلَتْه {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ *فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } [الصَّافات: 88-89]. وقولُهُ تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الأعرَاف: 185] حَثٌّ على تَأمُّلِ حِكْمَتِهِ في خَلْقِها. ونَظَرُ اللَّهِ تعالى إلى عِبادِهِ هو إحْسانُه إليهم، وإفاضَةُ نِعَمِهِ عليهم {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عِمرَان: 77]. وعلى ذلك قولهُ: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } [المطفّفِين: 15]. والنَّظَرُ: الانْتِظارُ يقالُ: نَظَرْتُه، وانْتَظَرْتُهُ، وأنْظَرْتُه، أي أخَّرْتُه {وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ } [هُود: 122]، {فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ} [يُونس: 102]، {قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ } [يُونس: 102]، {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحَديد: 13]، {وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ } [الحِجر: 8]، {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [الأعرَاف: 14]، {قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ } [الأعرَاف: 15]، {فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنْظِرُونِ } [هُود: 55]، {لاَ يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ } [السَّجدَة: 29]، {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ } [الدّخان: 29] فَنَفَى الإنْظار عنهم إشارة إلى ما نَبَّهَ عليه بقولِهِ: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [الأعرَاف: 34]، وقوله: {إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزَاب: 53] أي مُنْتَظِرينَ نُضجه. وقال: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ } [النَّمل: 35]، {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلاَئِكَةُ} [البَقَرَة: 210]، {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [الزّخرُف: 66]، {وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاَءِ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً} [ص: 15]. وأمّا قولهُ: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعرَاف: 143] أي إذا أردت أن تحقق الرؤيا فالأمر لك. (للمزيد من البيان راجع كتابنا «قصص الأنبياء») ويُسْتَعْمَلُ النَّظَرُ في التَّحَيُّرِ في الأُمُورِ نحوُ: {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ } [البَقَرَة: 55]، {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } [الأعرَاف: 198]، {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشّورى: 45]، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لاَ يُبْصِرُونَ } [يُونس: 43] فَكُلُّ ذلك نَظَرٌ عن تَحَيُّرٍ دالٍّ على قِلَّةِ الغِناءِ. وقولهُ: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ } [البَقَرَة: 50] أيْ وأنتم يا بني إسرائيلَ مُشاهِدُونَ، وقيلَ: تَعْتَبِرُونَ. وقولُ الشاعِر:
نَظَرَ الدَّهْرُ إليهم فابْتَهَلْ
فتنبيهٌ أنه خانَهُمْ فَأَهْلَكَهُمْ. وحَيٌّ نَظَرٌ، أي مُتَجاوِرُونَ يَرَى بعضُهم بعضاً كقولِ النبيِّ (ص) : «لا تَراءَى ناراهُما»(88). والنَّظِيرُ: المَثِيلُ، وأصْلُه: المُناظِرُ. وكأَنَّهُ يَنْظُرُ كُلُّ واحدٍ منهما إلى صاحِبِهِ فَيُبارِيه.
والمُناظَرَةُ: المُباحَثَةُ والمُباراةُ في النَّظَرِ واسْتِحْضارُ كُلِّ ما يَراهُ بِبَصِيرتِهِ. والنَّظَرُ: البَحْثُ، وهو أعَمُّ مِنَ القِياسِ، لأنَّ كُلَّ قِياسٍ نَظَرٌ، وليس كُلُّ نَظَرٍ قياساً.
نعج: النَّعْجَةُ: الأُنْثَى من الضَّأْنِ والبَقَرِ الوَحْشِ والشاةِ الجَبَلِيّ، وجمعُها: نِعاجٌ. قال تعالى: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} [ص: 23]. ونعج الرجُلُ، إذا أكَلَ لحَمَ ضأنٍ، فأُتْخِم منه لكثرة دَسَمِهِ. وأنْعَجَ الرجُلُ: سَمِنَتْ نِعاجُهُ. والنَّعْجُ: الابْيضاضُ. والناعجةُ: المرأة البيضاءُ الحسناءُ، فيقال: «نساءٌ نُعْجُ المحاجِرِ دُعْجُ النواظِرِ».
نعس: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} [آل عِمرَان: 154] أي أن الله تعالى وهبكم أيها المؤمنون بعدما نالكم من عدوّكم من الغمّ أمناً نعاساً. أي نوماً، وهو بدل من الاشتمال عن أمنةً لأن النوم يشتمل على الأمن، فالخائن لا ينام. ثم ذكر سبحانه أن تلك الأمَنة لم تكن عامة بل كانت لأهل الإخلاص لا أهل النفاق والجبن. النُّعاسُ: فُتُورٌ في الحواسِّ، وقيل أولُ النَّوْمِ، قال تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} [الأنفَال: 11]، وقيل: النُّعاسُ ههُنا عبارةٌ عن السُّكُونِ والهُدُوءِ.
نعق: نَعَقَ الرَّاعِي بِصَوْتِهِ، أي صاحَ وزَجَرَ {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} [البَقَرَة: 171].
نعل: النَّعْلُ: مَعْرُوفَةٌ، وهي ما وُقِيَتْ بِهِ القَدَمُ مِنَ الأرض، قال {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [طه: 12]. وبه شُبِّهَ نَعْلُ الفَرَسِ، ونَعْلُ السَّيْفِ. وفَرَسٌ مُنْعَلٌ: في أسْفَلِ رُسْغِهِ بَياضٌ على شَعْرِهِ. ورجُلٌ ناعِلٌ، ومُنْعَلٌ: يُعَبَّرُ به عن الغَنيِّ كما يُعَبَّرُ بالحافِي عن الفَقِيرِ.
نعم: النِّعْمَةُ: الحالَةُ الحَسَنَةُ جَرَّاءَ ما أنعَمَ به اللَّهُ تعالى عليكَ من رزقٍ ومالٍ وعافِيةٍ وغيرِها؛ وبِناءُ النِّعْمَةِ بناءُ الحالَةِ التي يكونُ عليها الإنسانُ، كالجِلْسَةِ والرِّكْبَةِ. والنَّعْمَةُ: التَّنَعُّمُ، وِبناؤها بِناءُ المَرَّةِ مِنَ الفِعْلِ، كالضَّرْبَةِ والشَّتْمَةِ. والنِّعْمَةُ للجِنْسِ، تُقالُ للقليلِ والكثيرِ {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [النّحل: 18]، {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيكُمْ} [البَقَرَة: 40]، {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المَائدة: 3]، {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عِمرَان: 174] إلى غيرِ ذلك من الآيات. والإنْعامُ: إيصالُ الإحْسانِ إلى الغَيْرِ، ولا يقالُ إلاَّ إذا كان المُوصَلُ إليه من جِنْسِ الناطِقِينَ، فإنه لا يقالُ: أنْعَمَ فُلانٌ على فَرَسِهِ {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفَاتِحَة: 7]، {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزَاب: 37]، {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزَاب: 37]. والنَّعْماءُ، بإزاءِ الضَّرَّاءِ {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ} [هُود: 10]. والنُّعْمَى: نَقيضُ البُؤْسَى {إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} [الزّخرُف: 59]. والنَّعِيمُ: النِّعْمَةُ الكثيرةُ {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ } [يُونس: 9]، {جَنَّاتِ النَّعِيمِ } [المَائدة: 65]. وتَنَعَّمَ: تَناوَلَ ما فيه النِّعْمَةُ، وطِيبُ العيْشِ. يقالُ: نَعَّمَهُ تَنْعِيماً، فَتَنَعَّمَ، أي جَعَلَهُ في نِعْمَة أي لِين عَيْشٍ وخَصْبٍ {فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ} [الفَجر: 15]. وطَعامٌ ناعِمٌ، وجاريةٌ ناعِمةٌ. والنَّعَمُ: مُخْتَصٌّ بالإبلِ، وجمعهُ: أنْعامٌ. وتسْمِيَتُهُ بذلك لكون الإبلِ عِنْدَهُمْأعْظَم نِعْمَة، لكنِ الأنْعامُ تُقالُ للإِبلِ والبَقَرِ والغَنَمِ، ولا يقالُ لها أنْعامٌ حتى يكونَ في جُمْلَتِها الإبلُ {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ } [الزّخرُف: 12]، {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} [الأنعَام: 142]. وقولهُ: {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ} [يُونس: 24] فالأنْعامُ هَهُنا عامٌّ في الإبلِ وغيرِها. والنُّعامَى: الريحُ الجَنُوبُ الناعِمَةُ الهُبُوبِ. والنَّعامَةُ: سُمِّيَتْ تشبيهاً بالنَّعَمِ في الخِلْقَةِ. والنَّعامَةُ: المَظَلَّةُ في الجَبَلِ، وعلى رأسِ البِئرِ، تشبيهاً بالنَّعامَةِ في الهَيْئَةِ من البُعْدِ. والنَّعائِمُ: من مَنازِلِ القَمَرِ، تشبيهاً بالنَّعامَةِ. وقولُ الشاعِرِ:
وابنُ النَّعامَةِ عِنْدَ ذلك مَرْكَبِي
فقد قيلَ: أرادَ رِجْلَهُ، وجَعَلَها ابنَ النَّعامَةِ تشبيهاً بها في السُّرْعَةِ. وقيلَ: النَّعامَةُ: باطِنُ القَدَمِ. وما أرَى قال ذلك مَنْ قال إلاَّ من قولِهِم: ابنُ النَّعامَةِ، وقولُهم: تَنَعَّمَ فُلانٌ، إذا مَشَى مَشْياً خفيفاً، فَمِنَ النِّعْمَةِ. ونِعْمَ: كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ في المَدْحِ، بإزاءِ بِئْسَ في الذَّمِّ {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 30]، {فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } [الزُّمَر: 74]، {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ } [الأنفَال: 40]، {وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ } [الذّاريَات: 48]، {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البَقَرَة: 271]. وتَقُولُ: نِعْمَتِ الخِصْلَةُ هي: أي فَنِعْمَ الشيءُ، ونِعْمَ الأمرُ إظْهارُها وإعلانُها، أي ليس في إبدائها كراهةٌ. وأنْعَمَ، أي زادَ، وأصْلُه من الإنْعامِ. ونَعَّمَ اللَّهُ بِكَ عَيْناً. ونَعَمْ؛ كَلِمَةٌ للإيجِابِ من لَفْظِ النِّعْمةِ. تقولُ: نَعْمُ ونُعْمَةُ عَيْنٍ، ونُعْمَى عَيْنٍ، ونُعامُ عَيْنٍ. ويَصِحُّ أن يكونَ من لَفْظِ أنْعَمَ منهُ، أي ألْين وأسْهَلَ.
نغض: الإِنْغَاضُ: تَحْرِيكُ الرأسِ نحوَ الغَيْرِ، كالمُتَعَجِّب منه. {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} [الإسرَاء: 51] أي فسيُحركُونَ إِلَيكَ رُؤُوسَهُمْ تَحْرِيكَ المُسْتَهْزِىء؛ ويُقالُ: نَغَضَ نَغَضاناً: إذا حرَّك رأسَهُ.
نفث: النَّفْثُ: قَذْفُ الريقِ القليلِ، وهو أَقلُّ من التَّفْلِ. ونَفْثُ الرَّاقِي والسَّاحِرِ: أن يَنْفُثَ في عُقَدِهِ. {وَمِنْ شَرِّ النَفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } [الفَلَق: 4] أيْ من شَرِّ السَّاحِرَات اللَّواتي يَنْفُثْنَ في عُقَدِ الْخَيط حينَ تَدبيرِ السِّحر؛ ومنه الحَيَّةُ تنفُثُ السُّمَّ. وقِيلَ: لو سألْتَه نُفاثَةَ سِواكٍ ما أعْطاكَ، أي ما بقي في أسْنانِكَ فَنَفَثْتَ به.
نفح: نَفَحَ الريحُ، يَنْفَحُ نَفْحاً، وله نَفْحَةٌ طَيِّبَةٌ: أي هُبُوبٌ من الخَيْرِ. وقد يُسْتَعارُ ذلك للشَّرِّ: {وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ} [الأنبيَاء: 46] .
نفخ: النَّفْخُ: نَفْخُ الرِّيحِ في الشَّيءِ {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} [الأنعَام: 73]، {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [الزُّمَر: 68]، {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى} [الزُّمَر: 68] وذلك نحوُ قولِهِ: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } [المدَّثِّر: 8]، ومنه نَفْخُ الرُّوحِ في النَّشْأةِ الأولَى، قال: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [ص: 72]. وأمَّا قوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} [التّحْريم: 12] الفرج هو الشقّ، وجمعه: فُروج. أي منعت نفسها من دَنَس المعصية وعفّت عن الحرام. فأرسل اللَّهُ القادر الرحيم جبريل (ع) فنفخ في شقِّ وجهها فحملت المسيح في بطنها. وقيل: معناه، خلقنا المسيح في بطنها ونفخْنا فيه الروح. فالضمير في (فيه) يعود إلى المسيح سلام الله عليهما.
نفد: النَّفادُ: الفَناءُ {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ } [ص: 54]، يقالُ: نَفِدَ يَنْفَدُ {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ} [الكهف: 109]، {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمَان: 27]. وأنْفَدُوا: فَنِيَ زادُهُمْ. وخَصْمٌ مُنافِدٌ، إذا خاصَمَ لِيُنْفِدَ حُجَّةَ صاحِبِهِ.
نفذ: نَفذ السَّهْمُ في الرَّمِيَّةِ نُفُوذاً ونَفاذاً. ونفذ المِثْقَبُ في الخَشَبِ، إذا خَرَقَ إلى الجِهَةِ الأخْرَى. ونَفَذَ فُلانٌ في الأمْرِ نَفاذاً، وأنْفَذْتُهُ {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لاَ تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ } [الرَّحمن: 33] إلاّ بقُوَّةٍ لأن السلطانَ هوَ القوةُ. أيْ حيثُ تَوَجَّهتم فثَمَّ مُلكِي وَلاَ تَخْرُجُونَ إلاَّ بقدرةٍ من اللّهِ وقوةٍ يُعطِيكُمُوهَا. ونَفَّذْتُ الأمْرَ تَنْفِيذاً، ونَفَذْتُ الجيشَ في غَزْوِهِ. وفي الحَديِثِ «أَنْفِذُوا جَيْش أُسامَةَ»(89) والمَنْفَذُ: الممرُّ النافِذُ.
نفر: النَّفْرُ: الانْزِعاجُ عن الشيءِ وإلى الشيءِ، كالفَزَعِ إلى الشيءِ وعن الشيءِ. يقالُ: نَفَرَ عَنِ الشَّيءِ نُفُوراً {مَا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُورًا } [فَاطِر: 42]، {وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا } [الإسرَاء: 41]. ونَفَرَ إلى الحربِ، يَنْفُرُ، ويَنْفِرُ نَفْراً. ومنه يومُ النَّفْرِ {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً} [التّوبَة: 41]، {إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التّوبَة: 39]، {مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التّوبَة: 38]، {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التّوبَة: 122]. أي فهلاَّ خرج إلى الغزو من كلِّ قبيلةٍ جماعةٌ، وتبقى مع الرسول جماعةٌ ليتفقَّهوا في الدينِ، ولينذروا قومَهم إذا رجعوا إليهم لَعلَّهم يحذرون. والاسْتِنْفارُ: حَثُّ القومِ على النَّفْرِ إلى الحربِ. والاسْتِنْفارُ: حَمْلُ القومِ على أن يَنْفِرُوا، أي من الحرب. والاسْتِنْفارُ أيضاً: طَلَبُ النِّفار. وقولهُ: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ } [المدَّثِّر: 50] قُرِىءَ بفتحِ الفاءِ وكَسرِها، فإذا كُسِرَ الفاءُ، فمعناهُ نافِرَةٌ، وإذا فُتِحَ فمعناهُ مُنَفَّرَةٌ. والنَّفَرُ والنَّفِيرُ والنَّفْرَةُ: عِدَّةُ رجالٍ يُمْكِنُهُمْ النَّفْرُ. والمُنافَرَةُ: المُحاكَمَةُ في المُفاخَرَةِ. وقد أُنْفِر فَلانٌ: إذا فُضِّلَ في المُنافَرَةِ أي في المفاخرةِ.
نفس: النَّفْسُ غَيرُ الرُّوحِ، فالرُّوحُ هِي التي بِها التَّنَفُّسُ والتَّحَرُّكُ، وأمَّا النَّفْسُ فهِيَ التي بها العَقْلُ والتَّمْيِيزُ والحَواسُّ والغَرائِزُ والحاجاتَ العضويّة ومنها المشاعر.
ولذا نجدُ الآياتِ القرآنيَّةَ، عندما تَتَحدَّثُ عَنِ النَّفْسِ أو الرُّوحِ تُمَيِّزُ بِوُضُوحٍ بين خصائصِ كلٍّ مِنْهُما. يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } [الشّمس: 7-8]، {وَمَا أُبَرِّيءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يُوسُف: 53]، {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } [المدَّثِّر: 38].
وفي هذا الموضوع، أي الفارقِ بَيْنَ الرُّوحِ والنفس يقول ابنُ عباسٍ: «يُوجَدُ في بني آدَمَ نَفسٌ وروحٌ بَينهُما مثلُ شُعاعِ الشّمْسِ، فالنَّفْسُ التي بها العقلُ والتَّمْييزُ، والرُّوحُ التي بها التَّنَفُّسُ والتَّحَرُّكُ، فإذا نَامَ الإِنسانُ قَبَضَ اللَّهُ سُبحانَهُ نَفْسَهُ ولم يَقْبِضْ رُوحَهُ، وإذا ماتَ قبضَ اللَّهُ سُبْحانَهُ نَفْسَهُ وروحَهُ». وهذا ما نُقِلَ عن الإِمامِ مُحمَّدٍ الباقرِ عندما قالَ: «ما مِنْ إنسانٍ ينامُ إلا وتَعرُجُ نَفْسُهُ إلى سماءِ اللَّهِ وتبقى روحُهُ في بدنِهِ ويَصيرُ بينَهُما شُعاعٌ كشُعاعِ الشَّمسِ، فإذا أَذِنَ اللَّهُ بِقَبْضِ الرُّوحِ أَجابتِ النَّفْسُ، وإذا أَذِنَ اللَّهُ بِبَقاءِ الرُّوحِ رَجَعَتِ النَّفسُ» وهذا القولُ مِن ابنِ عباسٍ والإمامِ الباقرِ رضي الله عنهما، جاءَ تفسيراً لقولِهِ تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزُّمَر: 42].
وقد جاءت آياتٌ كثيرةٌ في القرآنِ حَوْلَ النَّفْسِ {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ} [الأنعَام: 93]، أي أخرجوا أنفسكم من سكَرات الموت إن استطعتم {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ} [البَقَرَة: 235]، {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المَائدة: 116]، ونَفْسُ اللَّهِ سبحانَهُ أي ذاتُهُ {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عِمرَان: 28].
وقد أمر الله بمجاهدةِ النَّفسِ {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } [المطفّفِين: 26]، وهذا كقولِهِ: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [الحَديد: 21]. والنَّفَسُ: الريحُ الداخلُ والخارجُ في البدن من الفَمِ والمِنْخَرِ، وهو كالغِذاء لِلنَّفْس، وبانْقِطاعِهِ بُطْلانُها. ويقالُ للفَرَجِ: نَفَسٌ. وقولُه عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ: «لا تَسُبُّوا الريحَ فإنها من نَفَسِ الرَّحمنِ»(90) أي مما يُفَرَّجُ بها الكَرْبُ. يقالُ: اللَّهُمَّ نَفِّسْ عَنِّي، أي فَرِّجْ عَنِّي. وتَنَفَّسَتِ الرِّيحُ، إذا هَبَّتْ طَيِّبةً. قال الشاعِرُ:
فإنّ الصَّبا رِيحٌ إذا ما تَنَفَّستْ على نَفْسِ مَحْزُونٍ تَجَلَّتْ هُمُومُها
والنِّفاسُ وِلادَةُ المرأةِ. تقولُ: هي نُفَساءُ، وجمعُها: نُفاسٌ. وصبِيٌّ مَنْفُوسٌ. وَتَنَفُّسُ النهارِ: عبارةٌ عن تَوَسُّعِهِ. قال: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } [التّكوير: 18]. ونَفِسْتُ بكذا: ضَنَّتْ نَفْسِي به. وشيءٌ نَفِيسٌ، ومَنْفُوسٌ به، ومُنْفِسٌ.
نفش: النَّفْشُ: نَشْرُ الصُّوفِ {كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ } [القَارعَة: 5]. ونَفْشُ الغَنَمِ: اِنْتِشارُها. والنَّفَشُ (بالفَتْح): الغَنَمُ المُنْتَشِرَةُ لَيْلاً {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} [الأنبيَاء: 78]. والإبلُ النَّوافِشُ: المُتَرَدِّدَةُ لَيْلاً في المَرْعَى بِلا راعٍ.
نفع: النَّفْعُ: ما يُسْتَعانُ به في الوُصولِ إلى الخَيْرات، وما يُتَوَصَّلُ به إلى الخَيْرِ، فهو خَيْرٌ. فالنَّفْعُ خَيْرٌ، وضِدُّهُ الضَّرُّ {وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَِنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا} [الفُرقان: 3]، {قُلْ لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا} [الأعرَاف: 188]، {لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ} [المُمتَحنَة: 3]، {وَلاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ} [سَبَإ: 23]، {وَلاَ يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي} [هُود: 34] إلى غَيْرِ ذَلكَ مِنَ الآياتِ.
نفق: نَفَقَ الشيءُ يَنْفُقُ: مَضى ونَفِدَ، إمَّا بالبَيْعِ، نحوُ نَفَقَ البَيْعُ نَفاقاً، ومنه: نفاقُ الأيِّمِ، ونَفَقَ القوم، إذا نَفَق سُوقُهُم. وإما بالمَوتِ، نحوُ نَفَقَتِ الدَّابَّةُ نُفُوقاً. وإمَّا بالفَناءِ، نحوُ: نَفِقَت الدَّراهِمُ تَنْفَقُ، وأنْفَقْتُها. والإنْفاقُ قد يكونُ في المال وفي غيرهِ، وقد يكونُ واجباً أو تَطَوُّعاً {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البَقَرَة: 195]، {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} [البَقَرَة: 254]، {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عِمرَان: 92]، {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [آل عِمرَان: 92]، {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سَبَإ: 39]، {لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ} [الحَديد: 10]، إلى غيرِ ذلك من الآياتِ. وقولهُ: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأََمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ} [الإسرَاء: 100] أي خَشْيَةَ الإقْتارِ. يقالُ: أنْفَق فلانٌ، إذا نَفقَ مالُه فافْتَقَرَ. فالإنْفاقُ هَهُنا كالإمْلاَقِ في قولهِ: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاَقٍ} [الإسرَاء: 31]. والنَّفَقَةُ: اسْمٌ لما يُنْفَقُ {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ} [البَقَرَة: 270]، {وَلاَ يُنْفِقُونَ نَفَقَةً} [التّوبَة: 121]. والنَّفَقُ: الطريقُ النَّافِذُ، والسَّرَبُ في الأرضِ النَّافِذُ فيه {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ} [الأنعَام: 35] ومنه: نافِقاءُ اليَرْبُوعِ. وقد نافَقَ اليَرْبُوعُ، ونَفَقَ. ومنه النِّفاقُ: وهو الدُّخُولُ في الشَّرْعِ من بابٍ، والخُروجُ عنه من بابٍ. وعلى ذلك نَبَّهَ بقولِهِ: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُالْفَاسِقُونَ } [التّوبَة: 67] أي الخارِجُونَ من الشَّرْعِ. وجَعَلَ اللَّهُ المُنافِقِينَ شَرّاً من الكافِرِينَ فقالَ: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النِّسَاء: 145].
نفل: النَّفَلُ: قيل: هو الغَنِيمةُ بعَيْنِها، لكن اخْتَلَفَت العِبَارةُ عنه لاخْتِلاَفِ الاعْتِبَارِ، فإنه إذا اعْتُبِرَ بكونِهِ مَظْفُوراً به يقالُ له غَنِيمَةٌ، وإذا اعْتُبِرَ بِكَونِهِ مِنْحَةً من اللَّهِ ابتداءً من غير وُجُوبٍ، يقالُ له نَفَلٌ. ومنهم من فَرَّقَ بَيْنَهُما من حيثُ العمومُ والخصوصُ، فقالَ: الغَنِيمَةُ: ما حَصَل مُسْتَغْنَماً بتَعبٍ كان أو غير تعبٍ، وباستحقاقٍ كان أو غيرِ استحقاقٍ، وقَبْلَ الظَّفَرِ كان أو بَعْدَهُ. والنَّفَلُ: ما يَحْصُلُ للإنْسانِ قَبْلَ القِسْمَةِ من جُمْلَةِ الغَنِيمةِ. وقيلَ: هو ما يَحْصلُ لِلمُسْلِمِين بِغَيْرِ قِتالٍ، وهو الفيء. وقِيلَ هو ما يُفْصَلُ من المَتاعِ ونحوهِ بَعْدَ أن تُقْسَمُ الغَنائِمُ. وعلى ذَلك حُمِلَ قولهُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} [الأنفَال: 1] الآية. وأصْلُ ذلك من النَّفْلِ، أي الزيادةِ علىالواجِبِ، ويقالُ له النافِلَةُ: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسرَاء: 79] وعلى هذا قولهُ: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبيَاء: 72] وهو وَلَدُ الوَلَدِ. ويقالُ: نَفَلْتُه كذا، أي أعْطَيْتُهُ نَفْلاً. ونَفَلَهُ السُّلْطانُ: أعْطاهُ سَلَبَ قَتِيلِهِ نَفْلاً، أي تَفَضُّلاً وتَبَرُّعاً. والنَّوْفَلُ: الكثيرُ العَطاءِ. وانْتَفَلْتُ من كذا: انْتَقَيْتُ منه.
نفو: نَفاه نَفْياً: نحَّاهُ وطَردَه: أَبعدَهُ وغرَّبه. قوله تعالى: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المَائدة: 33] أي يُبْعَدُوا ويُغَرَّبُوا.
نقب: النَّقْبُ في الحائِطِ والجِلْدِ، كالثَّقْبِ في الخَشَبِ. يقالُ: نَقَبَ البيطارُ سُرَّةَ الدَّابَّةِ بالمِنْقَبِ، وهو الذي يُنْقَبُ به. والمَنْقَبُ: المَكانُ الذي يُنْقَبُ. ونَقْبُ الحائِطُ. ونَقَّبَ القومُ: سارُوا {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلاَدِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ } [ق: 36] أي ساروا في البلاد وفتحوها بشدّة بطشهم.. هل من مَحيدٍ من الموت. والنَّقِيبُ: الباحِثُ عن القوم، وعن أحْوالِهِم، وجمعُه: نُقباءُ {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} [المَائدة: 12].
نقذ: الإنْقاذُ: التَّخْلِيصُ من وَرْطَة {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عِمرَان: 103]. والنَّقْذُ: ما أنْقَذْتَهُ. وفَرَسٌ نَقِيذٌ: مأخُوذٌ من قومٍ آخَرِينَ، كأنه أنْقِذَ منهم، وجمعهُ: نَقائِذُ.
نقر: النَّقْرُ: قَرْعُ الشيءِ المُفْضِي إلى النَّقْبِ. والمِنْقارُ: ما يُنْقَرُ به، كَمِنْقارِ الطائِرِ والحَدِيدةِ التي يُنْقَر بها الرَّحَى. والنَّقِيرُ: وَقْبَةٌ في ظَهْرِ النَّواةِ، ويُضْرَبُ به المَثَلُ في الشيءِ الطَّفِيفِ {وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا } [النِّسَاء: 124]. والنَّقِيرُ، أيضاً: خَشَبٌ يُنْقَرُ ويُنْبَذُ فيه. وهو كَرِيمُ النَّقِير، أي كريمٌ، إذا نُقِرَ عنه، أي بُحِث. والناقورُ: الصُّورُ {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } [المدَّثِّر: 8].
نقص: النَّقْصُ: الخُسْرانُ في الحَظِّ. والنُّقْصَانُ المصْدَرُ. ونَقصْتُهُ، فهو مَنْقُوص {وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ} [البَقَرَة: 155]، {وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ } [هُود: 109]، {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} [التّوبَة: 4]. وأما قوله تعالى: {أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ } [الأنبيَاء: 44] فمعناه: يموت جمع من خيار أهلها، أو يموت علماؤها. أو نقصان الكافرين وزيادة المؤمنين. والمعاني الثلاثة مجتمعةٌ في (نَنْقُصُها من أطرافها) لأنّ القرآن الكريم عوَّدنا أنَّ اللفظة الواحدةَ أحياناً تحملُ عدّة معانٍ. قال تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } [ق: 4] أي ما تأكلُ الأرض من لُحومهم وتشربُ من دمائِهم وتُبلي من عظامهم. فلا يتعذرُ علينا ردُّهم.
نقض: النَّقْضُ: انْتِثارُ العَقْدِ من البناءِ والحَبْلِ والعِقْدِ، وهو ضِدُّ الإبرامِ. يقالُ: نَقَضْتُ البِناءَ والحَبْلَ والعِقْدَ، وقد انْتَقَضَ انْتِقاضاً. والنِّقْضُ: المَنْقُوضُ، وذلك في الشِّعْرِ أكثرُ. والنَّقَضُ كذلك، وذلك في البِناءِ أكثرُ. ومنه قيلَ للبَعِيرِ المَهْزُول: نِقْضٌ. ومُنْتَقِض الأرضِ من الكَمْأةِ نِقْضٌ. ومن نَقْضِ الحَبْلِ والعِقْدِ اسْتُعِيرَ نَقْضُ العَهْدِ {ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ} [الأنفَال: 56]، {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ} [البَقَرَة: 27]، {وَلاَ تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النّحل: 91]، ومنه المُناقَضَةُ في الكلامِ، وفي الشِّعْر،ِ كَنَقَائِضِ جَرِيرٍ والفَرَزْدَقِ. والنَّقِيضانِ من الكلامِ: ما لا يَصِحُّ أحدُهُما مَعَ الآخَر، وقولهُ: {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ } [الشَّرح: 3] أي كَسَرَهُ حتى صارَلَهُ نَقيضٌ. والانْقِضَاضُ: السُّقُوطُ بسرعةٍ. والأَنْقاضُ المُتَهَدِّمُ مِنَ البِناءِ، قال تعالى: {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77] فهنا وصفُ الجدارِ بالإرادةِ على سبيلِ المجاز، والمعنى: قَرُبَ أن ينقضَّ؛ وأشرفَ أن ينهدمَ.
نقع: النَّقْعُ: مَحْبَسُ الْماء. وكلُّ ماءٍ مُجتمِع. ونقْعٌ: جمعُهُ نُقْاعٌ وأَنْقُعٌ. والنَّقْعُ: الغُبارُ المُرتَفِعُ حين إثارتِهِ، جمعه: نِقاعٌ ونُقُوعٌ، كما في قولِهِ تعالى: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا } [العَاديَات: 4] أي: فَهيَّجنَ بمكانِ عَدْوِهِنَّ غُباراً مُرتفِعاً.
نقم: نَقِمْتُ الشيءَ، ونَقَمْتُهُ: إذا نَكَرْتُه، إمّا باللِّسانِ، وإمّا بالعُقُوبَةِ {وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ} [التّوبَة: 74]، {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ} [البُرُوج: 8]، {هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا} [المَائدة: 59] الآية. والنِّقْمَةُ: العُقُوبَةُ {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} [الأعرَاف: 136] {فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} [الرُّوم: 47]، {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } [الزّخرُف: 25].
نكـب: نَكَبَ عن كذا، أي مالَ. {عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ } [المؤمنون: 74] أي عن الدِّين الحَقِّ لَمَائِلُون؛ وكلُّ من لا يُؤمنُ بالآخرةِ فهو زائغٌ عن «القصد» أي ناكبٌ عنـه. والمَنْكِـبُ: مُجْمَعُ عَظْمِ العَضُدِ والكَتِفِ، وجمعُه: مَناكِبُ. ومنه اسْتُعِيرَ للأرض {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} [المُلك: 15]، واسْتِعارَةُ المَنْكِبِ لها، كاسْتِعارَةِ الظَّهْرِ لها في قولهِ: {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَآبَّةٍ} [فَاطِر: 45]. ومنْكِبُ القومِ: رأسُ العُرَفَاءِ، مُسْتَعارٌ من الجارِحَةِ اسْتِعارَةَ الرأسِ للرئيسِ، واليَدِ للناصِرِ. والنَّكْباءُ: رِيحٌ ناكِبَةٌ عن المَهَبِّ. ونَكَبَتْهُ حوادثُ الدَّهْرِ، أي هَبَّتْ عليه هُبُوبَ النَّكْباءِ.
نكث: النَّكْثُ: النَّقْضُ، فيُقالُ: نَكَثَ الأَكْسِيَةَ: أي نَقَضَها ليُعادَ غَزْلُها، قال تعالى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} [النّحل: 92] وقد استُعِيرَ النَّكْثُ لِنَقْضِ العَهْدِ. قالَ تَعالى: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} [التّوبَة: 12] وقالَ تعالى: {إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ } [الأعرَاف: 135]؛ أي يغدرون وينقضون العهد. والنَّكيثَةُ كالنَّقيضَةِ.
نكح: أصْلُ النِّكاح للعَقْدِ، ثم اسْتُعِيرَ للجِماعِ. ومُحالٌ أن يكونَ في الأصْلِ للجِماعِ، ثم اسْتُعِيرَ للعَقْدِ لأنَّ أسماءَ الجِماع كُلَّها كِناياتٌ لاسْتِقْباحِهِمْ ذِكْرَهُ كاسْتِقْباحِ تَعاطِيهِ. ومُحالٌ أن يَسْتَعِيرَ مَنْ لا يَقْصِدُ فُحْشاً اسمَ ما يَسْتَفْظِعُونَهُ {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى} [النُّور: 32]، {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزَاب: 49]، {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} [النِّسَاء: 25] إلى غير ذلك من الآيات.
نكد: النكدُ: كُلُّ شيء خرج إلى طالِبِهِ بتعسُّرٍ. يقالُ: رجُلٌ نَكَدٌ ونَكِدٌ، وناقةٌ نَكْداءٌ: طَفِيفةُ الدَّرِّ، صَعْبَةُ الحَلْبِ. {وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا} [الأعرَاف: 58] أي والأرضُ السَّبْخَةُ التي خَبُثَ تُرابُها لا يخرجُ رَيْعُها إلاَّ شيئاً قليلاً لا يُنتفعُ به.
نكر: الإنْكارُ: ضِدُّ العِرْفان، يقالُ: أنْكَرْتُ كذا، ونكرْتُ. وأصْلُه أنْ يرد على القَلْب ما لا يتصوَّرُهُ، وذلك ضرْبٌ من الجهْلِ {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ} [هُود: 70]، {فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ } [يُوسُف: 58]. وقد يُسْتعملُ ذلك فيما يُنْكَرُ باللِّسان، وسَبَبُ الإنْكارِ باللِّسان هو الإنْكارُ بالقَلْب، لكنْ رُبما يُنْكِرُ اللِّسانُ الشيء وصُورتُه في القلب حاصِلَةٌ، ويكونُ في ذلك كاذِباً. وعلى ذلك قولهُ تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} [النّحل: 83]، {فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ } [المؤمنون: 69]، {فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ } [غَافر: 81]. والمُنْكَرُ: كُلُّ فِعْلٍ تحْكُمُ العُقُولُ الصحيحةُ بقُبْحِهِ، أو تتوقَّفُ في اسْتِقْباحِهِ واسْتِحْسانِهِ العُقُولُ، فَتحْكُمُ بِقُبْحِهِ الشَّرِيعةُ. وإلى ذلك قَصَدَ بقولهِ: {الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التّوبَة: 112]، {كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} [المَائدة: 79]، {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عِمرَان: 114]، {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} [العَنكبوت: 29]. وتَنْكِيرُ الشيءِ، من حيثُ المعنَى: جَعْلُه بحيثُ لا يُعْرفُ {نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} [النَّمل: 41]. وتَعْرِيفُهُ: جَعْلُه بحيثُ يُعْرَفُ. واسْتِعْمالُ ذلك في عبارةِ النحويينَ، هو أنْ يُجْعَلَ الاسمُ على صِيغَة مَخْصُوصَة. ونَكَرْتُ على فلان، وأنْكَرْتُ: إذا فَعَلْتُ به فِعْلاً يَرْدَعُهُ. {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } [الحَجّ: 44] أي إنْكارِي. والنُّكْرُ: الدَّهاءُ، والأمْرُ الصَّعْبُ الذي لا يُعْرَفُ {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ } [القَمَر: 6]. وفي الحدِيث «إذا قُبر الميِّتُ أو أحدُكم أتاهُ مَلكان أسودان أزرقان يُقال لأحدهما المُنْكر والآخر النكِير»(91) واسْتُعِيرت المُناكَرةُ للمُحاربةِ.
نكس: النَّكْسِ: قَلْبُ الشيءِ على رأسِهِ، ومنه نُكِس الوَلَدُ: إذا خَرَجَت رِجْلُه قَبْلَ رأسِهِ {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ} [الأنبيَاء: 65]. والنُّكْسُ في المَرَضِ: أن يَعُودَ في مرضِهِ بعدَ إفَاقَتِهِ. ومن النكْسِ في العُمرِ {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} [يس: 68] وذلـك مِثْلُ قولهِ: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [النّحل: 70]. والنِّكْسُ: السَّهْمُ الذي انْكَسَرَ فُوقُهُ، فَجُعِل أعْلاهُ أسْفَلَهُ، فيكونُ ردِيئاً، ولِرَداءَتِهِ يُشَبَّهُ به الرجُلُ الدَّنيءُ.
نكص: النُّكُوصُ: الإحْجامُ عن الشيءِ. {نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ} [الأنفَال: 48] أي رجع القَهْقَرى مُنهزماً.
نكف: يقالُ: نكفْتُ من كذا، واسْتَنْكَفْتُ منه: أنِفْتُ {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ} [النِّسَاء: 172]، {وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا} [النِّسَاء: 173]. وأصْلُه مِنْ نَكَفْتُ الشيءَ: نَحَّيْتُهُ، ومِنَ النَّكْفِ، وهو تَنْحِيَةُ الدَّمْعِ عن الخَدِّ بالأصْبُعِ. و: بَحْرٌ لا يُنْكَفُ، أي لا يُنْزَحُ. والانْتِكافُ: الخُرُوجُ من أرضٍ إلى أرضٍ.
نكل: يقالُ: نَكَلَ عن الشيءِ: ضَعُفَ وعَجَزَ. ونَكَلْتُهُ: قَيَّدْتُه. والنِّكْلُ: قَيْدُ الدَّابَّةِ، وحَدِيدَةُ اللِّجامِ، لكونِهِما مانِعَيْنِ. والجمعُ: الأنْكالُ {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً وَجَحِيمًا } [المُزّمل: 12]. ونَكَّلْتُ به، إذا فَعَلْتُ به ما يُنَكّلُ به غيرُهُ، واسمُ ذلك الفعلِ نَكالٌ {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} [البَقَرَة: 66]، {جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ} [المَائدة: 38]. وأما قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً } [النِّسَاء: 84] فمعناه أنه تعالى أشدُّ نِكايةً في الأعداءِ منكم، وأشدُّ تنكيلاً أي عقوبةً بهم؛ ويُقال: نكَّلَ به، وندَّدَ به وشرَّد به، فهي نظائر. وفي الحَدِيثِ: «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ النَّكَلَ على النَّكَل»(92)، أي الرجُل القَوِيَّ على الفَرِسِ القَوِيِّ.
نمل: النَّمْلَةُ: الحَشَرةُ المعروفَةُ، ج: النَّمْلُ، قال تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ} [النَّمل: 18]. وطَعامٌ مَنْمُولٌ: فيه النَّمْلُ. والنَّمْلَةُ: قُرْحَةٌ تَخْرُجُ بالجَنْبِ، تشبيهاً بالنَّمْلِ في الهَيْئَةِ، وشَقٌّ في الحافِرِ. ومنه: فرسٌ نَمِلُ القَوائِمِ: خَفِيفُها. ويُسْتَعارُ النَّمْلُ للنَّمِيمَةِ، تَصَوُّراً لِدَبِيبِهِ، فيقالُ: هو نَمِلٌ، وذُو نَمْلَة. ونَمَّالٌ: أي نَمَّامٌ، وَتَنَمَّلَ القومُ: تَفَرَّقُوا لِلجَمْع تَفَرُّقَ النَّمْل. ولذلك يقالُ: هو أجمَعُ مِنْ نَمْلَة. والأُنْمُلَةُ: طَرَفُ الأصابِعِ، وجمعُه: أنامِلُ.
نم: النَّمُّ: إظْهارُ الحَدِيثِ بالوِشايَةِ. والنَّمِيمَةُ: الوِشايَةُ. ورجُلٌ نَمَّامٌ. وقال تعالى {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } [القَلَم: 11]. وأصْلُ النَّمِيمَةِ: الهَمْسُ والحَرَكَةُ الخَفِيفَةُ، ومنه: أسْكَتَ اللَّهُ نامَّتَهُ، أي ما يَنِمُّ عليه من حَرَكَتِهِ، والنَّمَّامُ: نَبْتٌ يَنِمُّ عليه رائِحَتُهُ. والنَّمْنَمَةُ: خُطُوطٌ مُتَقارِبَةٌ، وذلك لِقِلَّةِ الحَرَكَةِ من كاتِبِها في كِتابَتِهِ.
نهج: النَّهْجُ: الطريقُ الواضِحُ. ونَهَجَ الأمْرُ، وأنْهَجَ: وَضَحَ. ومنهج الطريقِ، وَمِنْهاجُهُ. {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المَائدة: 48] أي سبيلاً واضحاً، ومنه قولُهم: نَهَجَ الثَّوْبُ، وأنْهَجَ: بانَ فيه أثَرُ البِلَى. وقد أنْهَجَهُ البِلَى.
نهر: النَّهْرُ: مَجْرَى الماءِ الفائِضِ، وجمعهُ: أنْهارٌ {وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا نَهَرًا } [الكهف: 33]، {وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً} [النّحل: 15]. وجَعَلَ اللَّهُ تعالى ذلك مَثَلاً لِما يَدِرُّ مِنْ فَيْضِهِ وفَضْلِه في الجَنَّةِ على الناس {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } [القَمَر: 54]، {وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا } [نُوح: 12]، {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [البَقَرَة: 25]. والنَّهَرُ: السَّعَةُ، تشبيهاً بنهر الماءِ، ومنه: أنْهرْتُ الدَّمَ، أي أسَلْتُه إسالَةً. وأنْهَرَ الماءُ: جرى. ونهْرٌ نَهرٌ: كثيرُ الماءِ. قال أبُو ذُؤَيْبٍ:
أقامَتْ به فابْتَنَتْ خَيْمةً على قَصَبٍ وفُراتٍ نَهِرْ
والنهارُ: الوقتُ الذي يَنْتَشِرُ فيه الضَّوْءُ، وهو في الشَّرْعِ: ما بَيْنَ طُلُوع الفَجْرِ إلى وقت غُرُوبِ الشمسِ. وفي الأصْلِ: ما بَيْنَ طُلُوعِ الشمسِ إلى غُرُوبِها {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفُرقان: 62]، {أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا} [يُونس: 24] وقابَلَ به البَياتَ في قولِهِ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا} [يُونس: 50]. ورجُلٌ نَهِرٌ: صاحِبُ نَهارٍ. والنهارُ: فَرْخُ الحُبارَى. والمَنْهَرَةُ: فَضاءٌ بَيْنَ البُيُوت، كالمَوْضِعِ الذي تُلْقَى فيه الكُناسَةُ. والنَّهْرُ والانْتِهارُ: الزَّجْرُ بِمُغالَظَة. يقالُ: نَهَرَهُ وانْتَهَرَهُ {فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا} [الإسرَاء: 23]، {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ } [الضّحى: 10].
نهى: النَّهْيُ: الزَّجْرُ عن الشيءِ {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى *عَبْدًا إِذَا صَلَّى } [العَلق: 9-10] وهو من حيثُ المعنَى، لا فَرْقَ بَيْنَ أن يكونَ بالقولِ أو بِغَيْرِهِ، وما كانَ بالقولِ فَلا فَرْقَ بَيْنَ أن يكونَ بِلَفْظَةِ (افْعَلْ)، نحوُ (اجْتَنِبْ كذا)، أو بِلَفْظَةِ (لا تَفْعَلْ). ومن حيثُ اللفظُ هو قولهُم: لا تَفْعَلْ كذا. فإذا قِيلَ: لا تَفْعَلْ كذا، فَنَهْيٌ من حيثُ اللفظُ والمعنَى جميعاً، نحوُ: {وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البَقَرَة: 35]. {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ} [الأعرَاف: 20] تَنْبِيْهٌ إلى ما وسْوَسَ به إبليسُ لآدَمَ وحَوّاءَ عمَّا نَهَاهُمَا ربُّهما عَنْهُ بقولِهِ تعالى: {وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ } [الأعرَاف: 19] وقولهُ: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى } [النَّازعَات: 40] فإنه لم يَعْنِ أن يقولَ لِنَفْسِه: لا تَفْعَلْ كذا، بَلْ أراد قَمْعَها عن شَهْوَتِها، ودَفْعَها عَمَّا نَزَعَتْ إليه، وهَمَّتْ به، وكذا النَّهْيُ عن المُنْكَرِ يكونُ تارةً باليَدِ، وتارةً باللِّسانِ، وتارةً بالقَلْبِ. قال: {أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [هُود: 62]، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ} [النّحل: 90] أي يَحُثُّ على فِعْلِ الخَيْرِ، ويَزْجُرُ عن الشَّرِّ. وذلك بعضُه بالعَقْلِ الذي رَكَّبَهُ فِينا، وبعضُه بالشَّرْعِ الذي شَرَعَهُ لنا. والاْنتِهاءُ: الانْزِجارُ عَمَّا نَهَى عنه: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفَال: 38] {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا } [مَريَم: 46]، {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَانُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ } [الشُّعَرَاء: 116]، {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } [المَائدة: 91]، وقوله: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البَقَرَة: 275] أي بَلغَ به نِهايَتَهُ. والإنْهاءُ، في الأصْلِ: إبْلاغُ النَّهْيِ، ثم صارَ مُتَعارَفاً في كُلِّ إبْلاغٍ، فقيلَ: أنْهَيْتُ إلى فلانٍ خَبَرَ كذا، أي بَلَّغْتُ إليه النهايَةَ. وناهِيكَ من رجُلٍ، كقولِكَ: حَسْبُكَ، ومعناهُ: أنه غايَةٌ فيما تَطْلُبُهُ، ويَنْهاكَ عن تَطَلُّبِ غيرِهِ. وناقةٌ نِهْيَةٌ: تَناهَتْ سِمَناً. والنُّهْيَةُ: العَقْلُ الناهِي عن القَبائِحِ، جمعُها: نُهًى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لأُِوْلِي النُّهَى } [طه: 54] .وتَنْهِيَةُ الوادِي، حيثُ يَنْتَهِي إليه السَّيْلُ. ونِهاءُ النهارِ ارْتفاعُهُ. وطَلَبَ الحاجَةَ حتى نُهِيَ عنها، أي انْتَهَى عن طَلَبها ظَفِرَ بها أو لم يَظْفَرْ.
نوأ: يقالُ: ناءَ بِجَانِبِهِ يَنُوءُ ويَناءُ، أي نَهَضَ. وأنَأْتُهُ: أنْهَضْتُهُ. {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} [القَصَص: 76] أيْ لا تستطيع العُصْبَةُ النهوضَ بمفاتِحِ خزائن كُنوزه مِنْ ثِقَلِهَا، وقُرِىءَ: ناءَ مِثْلُ ناعَ، أي نَهَضَ به عبارةٌ عَن التَّكَبُّرِ، كقولِكَ: شَمَخَ بأنْفِهِ، وازْوَرَّ جانِبُهُ.
نوب: النَّوْبُ: رُجُوعُ الشيءِ مَرَّةً بعد أُخْرَى، يقالُ: نابَ نَوْباً ونَوْبَةً. وسُمِّي النَّحْلُ نَوْباً لِرُجُوعِها إلى مَقارِّها. ونابَتْهُ نائِبَةٌ، أي حادِثَةٌ من شأنِها أنْ تَنُوب دائِباً. والإنابَةُ إلى اللَّهِ تعالى: الرُّجُوعُ إليه بالتَّوْبَةِ وإخْلاصِ العملِ {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ } [ص: 24]، {وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا} [المُمتَحنَة: 4]، {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} [الزُّمَر: 54]، {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} [الرُّوم: 31]. وفلانٌ يَنْتابُ فلاناً، أي يَقْصِدُهُ مَرَّةً بعدَ أخْرَى.
نوح: نُوحٌ: اسمُ نَبِيٍّ. والنَّوْحُ: مَصْدَرُ ناحَ، أي صاحَ بِعَوِيلٍ. يقالُ: ناحَتِ الحَمامَةُ نَوْحاً. وأصْلُ النَّوْحِ: اجتماعُ النِّساءِ في المَناحَةِ، وهو من التَّناوُحِ، أي التَّقابُلِ. يقالُ: جَبَلانِ يَتَناوَحانِ، وَرِيحَانِ يَتَناوَحانِ، وهذه الريحُ نَيْحَةُ تِلْكَ، أي مُقَابِلَتُها. والنَّوائحُ: النِّساءُ. قال تعالى: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } [نُوح: 26].
نور: النُّورُ: الضَّوْءُ المُنْتَشِرُ الذي يُعِينُ على الإبْصارِ، وذلك ضَرْبانِ: دُنْيَوِيٌّ وأخْرَوِيٌّ، فالدُّنْيَوِيُّ ضَرْبانِ: ضَرْبٌ مَعْقُولٌ بِعَيْنِ البَصِيرَةِ، وهو ما انْتَشَرَ مِنَ الفيوضات الإلهِيَّةِ، كَنُورِ العَقْلِ ونُورِ القرآنِ. ومَحْسُوسٌ بِعَيْنِ البَصَرِ، وهو ما انْتَشَرَ من الأجْسامِ النَّيِّرةِ، كالقَمَرَيْنِ والنُّجُومِ والنَّيِّراتِ. فَمِنَ النُّورِ الإلهِيِّ قولهُ تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعَام: 122]، {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشّورى: 52]، {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزُّمَر: 22]، {نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} [النُّور: 35]. ومِنَ المَحْسُوسِ الذي بِعَيْنِ البَصَرِ، نحوُ قولهِ: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} [يُونس: 5] وتَخْصِيصُ الشمسِ بالضَّوْءِ والقَمَر بِالنُّورِ، من حيثُ إنَّ الضَّوْءَ أخَصُّ من النُّورِ. وقِيلَ لأنَّ القَمَرَ يأخُذُ نُورَهُ مِنَ الشَّمْسِ. قال: {وَقَمَرًا مُنِيرًا } [الفُرقان: 61] أي ذا نُورٍ. ومما هو عامٌّ فيهما قولهُ: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعَام: 1]؛ {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} [الحَديد: 28]، {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزُّمَر: 69]. ومن النُّور الأُخْروِيِّ قولهُ: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [الحَديد: 12]، {وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا} [التّحْريم: 8]، {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحَديد: 13]، {فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحَديد: 13]. ويقالُ: أنارَ اللَّهُ كذا، ونَوَّرهُ. وسمَّى اللَّهُ تعالى نَفْسهُ نُوراً من حيثُ إنه هو المُنَوِّرُ {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [النُّور: 35] وتسْمِيَتُهُ تعالى بذلك لمُبَالَغةِ فِعْلِهِ. والنارُ: تقالُ لِلَّهِيبِ الذي يَبْدُو للحاسَّةِ {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ } [الواقِعَة: 71]، {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اُسْتَوْقَدَ نَارًا} [البَقَرَة: 17]، وللحرارَةِ المُجَرَّدَةِ ولِنارِ جهنَّم المذكورةِ في قولهِ: {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الحَجّ: 72]، {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البَقَرَة: 24]، {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ } [الهُمَزة: 6] وقد ذُكِر ذلك في غيرِ موضِعٍ. ولنارِ الحَرْبِ المذكورةِ في قولهِ: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ} [المَائدة: 64]، وقال بعضُهم: النارُ والنُّورُ مِنْ أصْلٍ واحد، وكثيراً ما يَتَلازَمانِ، لكنِ النارُ مَتاعٌ للمُقْوينَ في الدُّنْيا، والنُّورُ مَتاعٌ لَهُمْ في الآخِرَةِ، ولأجْلِ ذلك اسْتُعْمِلَ في النُّورِ الاقْتِباسُ، فقالَ: {نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحَديد: 13]. وَتَنَوَّرْتُ ناراً: أبْصَرْتُها. والمَنارَةُ: مَفْعَلَةٌ مِنَ النُّورِ، أو مِن النارِ، كَمَنارَةِ السِّراجِ، أو ما يُؤَذَّنُ عليه. ومَنارُ الأرضِ: أعْلامُها. والنَّوارُ: النُّفُورُ مِنَ الرِّيبَةِ. وقد نارَتِ المرأةُ تَنُورُ نَوْراً ونَواراً. ونَوْرُ الشَّجَرِ، ونُوَّارُه، تشبيهاً بالنُّورِ. والنَّوْرُ: ما يُتَّخَذُ للوَشْم. يقالُ: نَوَّرَت المرأةُ يَدَها. وتَسْمِيَتُهُ بذلك لكونِهِ مُظْهِراً لِنُورِ العُضْوِ.
نوس: الناسُ: قيل: أصْلُهُ أناسٌ، فَحُذِفَ فاؤُهُ لَمَّا أُدْخِلَ عليه الألِفُ واللامُ، وقيلَ: قُلِبَ مِنْ نَسِيَ، وأصْلُه إنْسِيانٌ على إفْعَلان، وقيل: أصْلُهُ مِنْ ناسَ يَنُوسُ، إذا اضْطَرَبَ. وَنُسْتُ الإبلَ: سُقْتُها. وقيلَ: ذُو نواسٍ مَلِكٌ كانَ يَنُوسُ على ظَهْرِهِ ذُؤابَةٌ فَسُمِّيَ بذلك، وتَصْغِيرُهُ، على هذا: نُوَيْسٌ. قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } [النَّاس: 1] والناسُ: قد يُذْكَرُ، ويُرادُ به الفُضَلاءَ دُونَ مَنْ يَتَناوَلُه اسمُ الناس تَجَوُّزاً، وذلك إذا اعْتُبِرَ معنَى الإنْسانِيَّةِ، وهو وجُودُ الفَضْلِ والذِّكْرِ وسائرِ الأخْلاقِ الحَمِيدَةِ والمَعانِي المُخْتَصَّةِ به، فإنَّ كُلَّ شيءٍ عُدِمَ فِعْلُهُ المُخْتَصُّ به لا يَكادُ يَسْتَحِقُّ اسْمَهُ، كاليَدِ فإنها إذا عَدِمتْ فِعْلَها الخاصَّ بها، فإطْلاقُ اليَدِ عليها كإِطْلاقِهاعلى يَدِ السَّرِيرِ ورِجْلِهِ. فقولهُ: {آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ} [البَقَرَة: 13] أي كما يَفْعَلُ مَنْ وُجِدَ فيه معنَى الإنْسَانِيَّةِ، ولم يَقْصِدْ بِالإِنسان عَيْناً واحداً بَلْ قَصَدَ المعنَى، وكذا قولهُ: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ} [النِّسَاء: 54] أي مَنْ وُجِدَ فيه معنَى الإنْسانِيَّةِ، أيَّ إنسان كان، ورُبما قُصِدَ به النَّوْعُ كما هو، وعلى هذا قولهُ: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ} [النِّسَاء: 54].
نوش: النَّوْشُ: التَّناوُلُ. قال الشاعِرُ:
تَنُوشُ البَرِيرَ حَيْثُ طابَ اهْتِصارُها
البَرِيرُ: ثَمَرُ الطَّلْحِ، والاهْتِصارُ: الإمالَةُ. يقالُ: هَصَرْتُ الغُصْنَ، إذا أمَلْتُهُ. وَتَناوَشَ القومُ كذا: تَناوَلُوهُ. {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ} [سَبَإ: 52] أي: كيفَ يَتناوَلُونَ الإيمانَ مِنْ مكانٍ بَعِيد، ولم يكونُوا يَتَناوَلُونَهُ من قَرِيبٍ في حينِ الاخْتِيارِ، والانْتِفاعِ بالإيمان إشارةً إلى قولِهِ: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} [الأنعَام: 158] الآيةَ. ومَنْ هَمَزَ، فإما أنه أبْدَلَ من الواوِ همزةً، نحوُ أُقِّتَتْ في وُقِّتَتْ، وإمّا أن يكونَ من النَّأْشِ وهو الطَّلَبُ.
نوص: ناصَ إلى كذا: الْتَجَأَ إليه، وناصَ عَنْهُ: ارْتَدَّ، يَنُوصُ نَوْصاً إلى الوَراءِ، مِثل ناصَ الضَّوْءُ: ارْتَدَّ نُورُهُ مِنْ قُوَّةٍ إلى ضَعْفٍ. والمَناصُ: المَلْجأُ. {وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } [ص: 3] أي ليس الوقت وقت منجى ولا ملتجى.
نوم: النَّوْمُ: فُسِّرَ على أوجُهٍ كُلُّها صحيحٌ بِنَظَراتٍ مُخْتَلِفة. قيلَ: هو استرخاءُ أعْصابِ الدِّماغِ بِرُطُوباتِ البُخارِ الصاعِدِ إليه، وقيل: هو أنْ يَتَوَفَّى اللَّهُ النَّفْسَ من غيرِ مَوْتٍ {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزُّمَر: 42] الآيةَ، وقيلَ: النَّوْمُ مَوْتٌ خفِيفٌ، والمَوْتُ نَوْمٌ ثَقِيلٌ. ورجُلٌ نَؤُومٌ، ونُوَمَةٌ: كثيرُ النَّوْمِ. والمَنامُ: النَّوْمُ {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ} [الرُّوم: 23]، {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا } [النّبَإِ: 9]، {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} [البَقَرَة: 255]. والنُّوَمَةُ، أيضاً، خامِلُ الذِّكْرِ. واسْتَنامَ فلانٌ إلى كذا: اطْمَأَنَّ إليه. والمَنامَةُ: الثَّوْبُ الذي يُنامُ فيه. ونامَتِ السُّوقُ: كَسَدَتْ. ونامَ الثَّوْبُ: أخْلَقَ، أو خَلِقَ مَعاً. واسْتِعْمالُ النَّوْمِ فيهما على التشبيهِ.
نون: النُّونُ: الحَرْفُ المعروفُ {ن وَالْقَلَمِ} [القَلَم: 1]. والنُّونُ: الحُوتُ العظيمُ: وسُمّيَ يُونُسُ ذا النُّون في قوله: {وَذَا النُّونِ} [الأنبيَاء: 87] لأنَّ النُّونَ كان قد التَقَمَهُ.
نوى: النَّوى: جَمْعُ نَواةٍ، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعَام: 95] أي هو الذي يَشُقُّ الحبَّةَ اليابِسةَ المَيْتَةَ لِيُخْرِجَ منها نَباتاً حَيّاً، وهو الذي يَشُقّ النَّواةَ اليابِسَةَ ليُخرِجَ منها الشَّجَرَ كالنَّخِيل وغيرِهِ.
نيل: النَّيْلُ: ما يَنالُهُ الإنسانُ بِيَدِهِ. نِلْتُهُ أنالُهُ نَيْلاً قال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ} [آل عِمرَان: 92]، {وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً} [التّوبَة: 120]، {لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} [الأحزَاب: 25]. والنَّوْلُ: التَّناوُلُ يقالُ: نِلْتُ كذا أنُولُ نَوْلاً، وأنَلْتُهُ: أَوْلَيْتُهُ. وذلك مِثْلُ عَطَوْتُ كذا: تَناوَلْتُ وأعْطَيْتُهُ: أنَلْتُهُ. ونِلْتُ: أصْلُه نَوِلْتُ، على فَعِلْتُ، ثم نُقِلَ إلَى نِلْتُ. يقالُ: ما كانَ نَوْلُكَ أنْ تَفْعَلَ كذا، أي ما فيه نوالُ صَلاحِكَ. قال الشاعِرُ:
جَزِعْتَ وليسَ ذلك بالنَّوالِ
قيلَ: معناهُ بِصَوابٍ، وحقيقةُ النَّوالِ: ما يَنالُهُ الإنسانُ مِنَ الصِّلَةِ، وتحقيقُهُ: ليسَ ذلك مما تَنالُ منه مُراداً. قال تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحَجّ: 37]. أي: لن تصعد إلى الله لحومُها ولا دماؤها وإنما يصعد إليه تقواكم. وحقيقة المعنى أنه لن ينال رضا الله صاحبُ لحومها. فحذف المضاف (رضا) و (صاحب).

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢