نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حرف الواو
(و)
وأد: وَأَدَ وَأْداً ابْنتَهُ: دَفَنَها وهِيَ حَيَّةٌ فهُوَ وائِدٌ، وهي وَئيِدٌ ووَئِيدَةٌ ومَوْءُودَةٌ. وقولُه تَعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ *بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } [التّكوير: 8-9] يعني الْبِنْتَ الصَّغيرةَ التي كانَتْ تُدفَنُ حَيَّةً، فإِنها تُبْعَثُ وتُسألُ يومَ القِيامَةِ على مَسْمَعٍ مِنْ وائِدِها: لماذا وَأَدَكِ الوائِدونَ؟
وأل: وَأَلَ وَأْلاً وَوُؤُولاً وَوَئِيلاً ووأْلَةً إلى المكان: لجأ وخَلُصَ. واءلَ: طَلَبَ النَّجاةَ. وَواءَلَ إلى المكانِ: بَادَرَ والتجأ. والوَأْلُ والمَوْئِلُ: المَلْجَأُ والْمَنْجَى، قولُه تَعالى: {لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً } [الكهف: 58] أي مَلْجَأً يَلْتَجِئُونَ إليه، أو مَنْجًى يُنْجيهِمْ منْ دونِ اللّه العلِـيّ العَظِيم.
وَبَر: الوَبَرُ مَعْروفٌ، وجمعُهُ أَوْبَارٌ، قال تَعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا} [النّحل: 80]. وقيلَ: سُكَّانُ الوَبَر لِمَنْ بُيُوتُهُمْ مِنَ الوَبَرِ، وبَناتُ أوْبَرَ: لِلْكَمْءِ الصِّغارِ التي عليها مِثْلُ الوَبَرِ وهي تُشبِهُ اللِّفت والقلقاس؛ وَوَبَّرَتِ الأرْنَبُ: وهو أن تمشِيَ على وَبَر قوائِمها لئلاَّ يُقتصَّ أَثَرُها. وَوَبَّر الرجُلُ في مَنْزِلِهِ: أقامَ فيه، تشبيهاً بالوَبرِ المُلْقَى، نحوُ تَلَبَّدَ بِمَكانِ كذا: ثَبَتَ فيه ثُبُوتَ اللِّبْدِ. ووَبَارِ، كقطامِ: قيلَ أرضٌ كانَتْ لِعادٍ.
وبق: وَبَقَ يَبِقُ وبْقاً ووبوقاً: هلك. أوْبَقَهُ: حَجَزَهُ وحَبَسَهُ وأَهْلَكَهُ، وأوْبَقَتْ فُلاناً ذُنُوبُهُ: أهْلكَتْهُ. والذنُوبُ: المُوبِقاتُ. والمَوْبِقُ، مصدر، المهْلِكُ، أي: الحاجزُ بين الشيئَين، قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا } [الكهف: 52] أي جعَل اللَّهُ سبحانه وتعالى حاجزاً بين المؤمنين والكافرين يوم القيامة، وقوله تعالى: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا} [الشّورى: 34] أي يحطّم السفينة بما كسب ركابها من المعاصي.
وبل: الوَبْلُ، والوابِلُ: المطرُ الثقيلُ، شَدِيدُ الوَقْعِ {فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ} [البَقَرَة: 264]، {كَمَثَلِ جَنَّةِ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ} [البَقَرَة: 265]. ولِمُراعاةِ الثِّقَلِ قيلَ للأَمْرِ يُخافُ ضَررُهُ: وبالٌ {ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ} [الحَشر: 15]. ويقالُ: طَعامٌ وبيلٌ، وكَلأٌ وبيلٌ: يُخافُ وبالُهُ أَيْ ضَرَرُهُ. قال: {فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلاً } [المُزّمل: 16] أَيْ شديداً ثقيلاً.
وتد: الوَتِدُ والوَتَدُ: ما دُزَّ في الحائطِ أو الأرضِ من خشبٍ ونحوِه. وجمعُهُ أوتاد {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا } [النّبَإِ: 7]، وكيفيةُ كونِ الجِبالِ أوتاداً يَخْتَصُّ بما بعدَ هذا البابِ (وَدَدَ)، وقد يُسَكَّنُ التاءُ، ويُدْغَمُ في الدالِ، فَيَصِيرُ وَدّاً. والوَتِدانِ من الأُذُنِ، تشبيهاً بالوَتَدِ للنّتُوءِ فيهما.
وتر: الوَتْرُ في العَدَدِ: خِلافُ الشَّفْعِ {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ } [الفَجر: 3] أي الزوج والفرد، وأوتر في الصلاة. والوِتْرُ: الحِقدُ. أو الثأرُ أو العداوة؛ وقد وَتَرْتُهُ، إذا أصَبْتَهُ بمكروهٍ. {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } [محَمَّد: 35] أي ولنْ يُنقِصَكم شيئاً من ثوابِ أعمالِكم بل يُثيبكُم عليها ويزيدكمْ من فضلِه. والتَّواتُرُ: تَتابُعُ الشيءِ {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا} [المؤمنون: 44]. و: لا وتِيرَةَ في كذا ولا غَمِيزَةَ، ولا غيرُ. والوَتِيرَةُ: السَّجيَّةُ مِنَ التَّواتُر. وقيلَ لِلحَلْقَةِ التي يُتَعَلَّمُ عليها الرَّمْيُ: الوَتِيرَةُ، وكذلك للأرضِ المُنْقادَةِ. والوَتِيرَةُ: الحاجِزُ بَيْنَ المنْخرَيْنِ.
وتن: الوَتِينُ: عِرْقٌ لاصِقٌ بالقَلْبِ مِنْ باطِنِهِ يسقي العروقَ كلَّها، وإذا انْقَطَعَ مات صاحِبُهُ {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ } [الحَاقَّة: 46]. والمَوْتُونُ: المَقطُوعُ الوَتِينِ. والمُواتَنَةُ: أن يَقْرُبَ منه قُرْباً، كَقُرْبِ الوَتِينِ، وكأنه أشار إلى نحوِ ما دَلَّ عليه قولهُ تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]. واسْتَوْتَنَ الإبلُ، إذا غَلُظَ وَتِينُها مِنَ السِّمَن.
وثق: وثِقْتُ به أثِقُ ثِقَةً: سَكنْتُ إليه، واعْتَمَدْتُ عليه. وأوْثَقْتُهُ: شَدَدْتُهُ، وأوثَقَهُ في الوِثاقِ إِيثاقاً: شدَّهُ، والوَثاقُ: ما يُشَدُّ بِهِ من قيدٍ أو حبلٍ، وجَمعُهُ وُثُقٌ؛ والوَثاقُ، والوِثاقُ: بنفس المعنى. والوُثْقَى: تأنِيثُ الأوثَقِ {وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } [الفَجر: 26]، {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محَمَّد: 4]. والمِيثاقُ: عَقْدٌ مُؤكَّدٌ بِيمِينٍ وعَهْدٍ {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عِمرَان: 81]، {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ} [الأحزَاب: 7]، {وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } [الأحزَاب: 7]. والمَوْثِقُ: الاسمُ منه وهو العهد {حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ} [يُوسُف:66]. والأوثَقُ اسم تفضيل بمعنى: الأشد والأحكم، والمؤنث الوُثْقَى. قال تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [لقمَان: 22].
وثن: الوَثَنُ: واحِدُ الأوْثان، وهو ما يَصْنَعُهُ الإنسانُ من مَوادِّ الأَرضِ أو مِنَ الحِجارةِ على صُورة الآدميِّ أو الحَيوانِ، ويُعبَدُ مِنْ دونِ الله تَعالى {إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً} [العَنكبوت: 25] وقيلَ: أوْثَنْتُ فلاناً: أجْزَلْتُ عَطِيَّتَهُ. وأوْثَنْتُ من المالِ: أكْثَرتُ منه.
وجب: الوُجُوبُ: الوُقُوعُ. والواجِبُ، يقالُ على أوْجُهٍ: واجبٌ من جهةِ العَقْلِ، كَوُجُوبِ مَعْرِفَةِ وَحدانِيَّةِ الله ومَعْرِفَةِ النُّبُوَّةِ. وواجِبٌ من جِهَةِ الشَّرْعِ، كَوُجُوبِ العِباداتِ المُوَظَّفَةِ. وَوَجَبَتِ الشمس: إذا غابتْ، كقولهِم: سَقَطَتْ ووقَعَتْ. والوُجُوبُ: الثُّبُوتُ {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحَجّ: 36]، أي ثُبتت أطرافها. وعُبِّر بذلك عن تمام خروج الروحِ من الذبيحة. وعُبِّرَ بالمُوجبات عن الكَبائِر التي أوجَبَ اللَّهُ عليها النارَ. وقولُ الفُقَهاءِ: الواجبُ مَا إذا لم يَفْعَلْهُ يَسْتَحِقُّ العِقابَ، وذلك وصْفٌ له بشيء عارِضٍ له، لا بِصِفَةٍ لازمَةٍ له.
وجد: الوُجُودُ أنواعٌ: وُجُودٌ بإحْدَى الحَواسِّ الخَمْسِ، نحوُ: وَجَدْتُ زَيداً، وَوَجَدْتُ طَعْمَهُ، وَوَجَدْتُ صَوْتَهُ، وَوَجَدْتُ خُشُونَتَهُ ووجدْت رائحته. وَوُجُودٌ بِقُوَّةِ الشَّهْوةِ، نحوُ: وَجَدْتُ الشِّبَعَ. وَوُجُودٌ بِقُوَّةِ الغَضَبِ، كوُجُودِ الحُزْنِ والسَّخَطِ. وَوُجُودٌ بالعَقْلِ أو بِوَاسِطَةِ العَقْلِ، كَمَعْرِفَةِ اللَّهِ تعالى، ومَعْرِفَةِ النُّبُوَّةِ. وما يُنْسَبُ إلى اللَّهِ تعالى من الوُجُودِ فَبِمَعْنَى العِلْمِ المُجَرَّدِ إذْ كانَ اللَّهُ مُنَزَّهاً عن الوَصْفِ بالجَوارِحِ والآلات. قال: {وَمَا وَجَدْنَا لأَِكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ} [الأعرَاف: 102]، {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ } [الأعرَاف: 102]. وكذلك المَعْدُومُ يقالُ على هذه الأوجُهِ. فأمّا وُجودُ اللَّهِ تعالى بالنسبة للأشياءِ فَبِوَجْهٍ أعلى من كُلِّ هذا. ويُعَبَّرُ عن التَّمكنِ من الشيءِ بالوُجُودِ، نحوُ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التّوبَة: 5] فَوُجُودٌ بالبَصَرِ والبَصِيرَةِ. فقد كان منه مُشاهَدَةٌ بالبَصَرِ، واعْتِبَارٌ لحالها بالبَصِيرَةِ. ولولا ذلك لم يكنْ له أنْ يَحْكُم بقولهِ: {وَجَدْتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [النَّمل: 24]. وقولهُ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المَائدة: 6] فمعناهُ: فَلَمْ تَقْدِرُوا على الماءِ، وقولهُ: {مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطّلاَق: 6] أي تَمَكُّنِكُمْ وقدرِ غِناكمْ. ويُعبَّرُ عن الغِنَى بالوُجْدَانِ، والجِدَةِ. وقد حُكِيَ فيه الوَجْدُ والوِجْدُ والوُجْدُ. ويُعبَّرُ عن الحُزْن والحُبِّ بالوَجْدِ. وعن الغَضَب بالمَوْجدةِ. وعن الضالَّةِ: بالوُجُودِ. وقال بعضُهم: المَوْجُودَاتُ ثَلاثَةُ أضْرُبٍ: مَوْجُودٌ لا مَبْدَأ له ولا مُنْتَهَى، وليس ذلك إلا البارِي تعالى. ومَوْجُودٌ له مَبْدَأ ومُنْتَهًى، كالنَّاسِ في النشأةِ الأولى، وكالجَواهِر الدُّنْيَوِيَّةِ. ومَوْجُودٌ له مَبْدَأٌ وليسَ له مُنْتَهًى، كالنَّاسِ في النشأةِ الآخِرةِ.
وجـس: الوجْسُ: فَزْعةُ القلب، أو الصَّوْتُ الخَفِيُّ. والتَّوجُّسُ بالشيءِ: الإحسـاس به ثُمَّ التَّسَمُّعُ له؛ والإيجاسُ: وجُودُ ذلك في النَّفْسِ والإحساسُ بـه وإِضمـارُهُ {وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} [هُود: 70]. قيل: الوجس هو حالةٌ تَحْصُلُ من النَّفْسِ بَعْد الهاجس، لأنَّ الهاجِسَ مُبْتَدَأ التَّفْكِير، ثم يكونُ الوَاجِسُ الخاطِرُ.
وجف: وَجَفَ يَجِفُ وَجْفاً وَوَجيفاً: تحرَّكَ باضْطِراب، والقلبُ: خَفَقَ، والإِيجافُ: الحثُّ على السيرِ، والوَجِيفُ: السقوطُ مِنَ الخوفِ. وأوْجَفْتُ البَعِيرَ: أسْرَعْتُهُ {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ} [الحَشر: 6] المعنى: فما أعملتُم، فلم تَسِيروا إليها على خَيلٍ ولا على إِبل. وقيلَ: «أدَلَّ فأمَلَّ»، ومعناه: وثِقَ بمَحَبَّتِهِ فَأَفرطَ عليه؛ و «وأوْجَفَ فأعْجَفَ»، ومعناه: حَملَ الفرسَ على الإِسْراعِ فَهَزَلَه بذلك. {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } [النَّازعَات: 8] أي مُضْطرِبةَ، طائرةٌ وخافِقَةٌ، ونحوُ ذلك من الاسْتِعارات لَها.
وجل: الوَجَلُ: اسْتِشْعارُ الخَوْفِ. يقالُ: وَجِلَ يَوْجَلُ وَجَلاً، فهو وجلٌ، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفَال: 2]، {إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ } [الحِجر: 52]، {قَالُوا لاَ تَوْجَلْ} [الحِجر: 53]، قوله: {وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60] أَيْ قلوبُهُمْ خائِفَةُ راجية.
وجه: أصْلُ الوَجْهِ: الجارِحَةُ {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المَائدة: 6]، {وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ } [إبراهيم: 50]. ولَمَّا كان الوَجْهُ أوَّلَ ما يَسْتَقْبِلُكَ، وأشْرَفَ ما في ظاهِر البَدَنِ اسْتُعْمِلَ في مُسْتَقْبَلِ كُلِّ شيءٍ، وفي أشْرَفِهِ ومَبْدَئِهِ، فقيلَ: وَجْهُ كذا، وَوَجْهُ النهار. ورُبَّما عُبِّر عن الذَّات بالوَجْهِ في قولِ اللَّهِ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ } [الرَّحمن: 27] قيلَ ذاتُهُ، وقيلَ: أرادَ بالوَجْهِ هَهُنا التَّوَجُّهَ إلى اللَّهِ تعالى بالأعْمال الصالِحة. وقال: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البَقَرَة: 115]، {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القَصَص: 88]، {يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} [الرُّوم: 38]، {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} [الإنسَان: 9] قيلَ:إنَّ الوَجْهَ في كُلِّ هذا ذاتُهُ، ويُعْنَى بذلك: كُلُّ شيءٍ هالِكٌ إلاَّ هُوَ، وكذا في أخَواتِهِ، ورُوِيَ أنه قيلَ ذلك لأبِي عَبْدِ اللَّهِ بنِ الرِّضا، فقالَ: سُبْحانَ اللَّهِ! لَقَدْ قالُوا قَوْلاً عظيماً، إنَّما عُنِيَ الوَجْهُ الذي يُؤتَى منه، ومَعْنَاهُ: كُلُّ شيءٍ من أعْمال العِبادِ هالِكٌ وباطِلٌ إلاَّ ما أرِيدَ به اللَّهَ، وعلى هذا الآياتُ الأخَر، وعلى هذا قولهُ: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعَام: 52]، {يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} [الرُّوم: 38]. وقولهُ: {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعرَاف: 29] فقد قيلَ: أرادَ به الجارحَةَ واسْتَعارَها، كقولِكَ: فَعَلْتُ كذا بِيَدِي. وقيلَ: أرادَ بالإقامَةِ تَحَرِّيَ الاسْتِقامَةِ، وبالوَجْهِ التَّوَجُّهَ. والمعنَى: أخْلِصُوا العِبادَةَ للَّهِ في الصلاةِ. وعلى هذا النحو قولهُ: {فَإِنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ} [آل عِمرَان: 20] وقولهُ: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [لقمَان: 22]، {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ} [النِّسَاء: 125] وقولهُ: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} [الرُّوم: 30]، فالوَجْهُ في كُلِّ هذا كما تقدمَ أو على الاسْتِعارَةِ للمَذْهَبِ والطريقِ. وفلانٌ وَجْهُ القومِ: الوَجِيهُ مِنهمْ، أيّ مِنْ رُؤَسائِهِمْ، كقولِهم: عَيْنُهُمْ ورَأْسُهُمْ، ونحوُ ذلك. وقال: {وَمَا لأَِحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى *إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى } [الليْل: 19-20]. أما قوله: {آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ} [آل عِمرَان: 72] أي صَدْرَ النهارِ. ويقالُ: واجَهْتُ فلاناً: جَعَلْتُ وَجْهِي تِلْقاءَ وَجْهِهِ، ويقالُ للقَصْدِ: وَجْهٌ، وللمَقْصِدِ: جِهَةٌ، ووِجْهَةً. وهي حيثُما نَتَوَجَّهُ للشيءِ. {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البَقَرَة: 148] إشارةٌ إلى الشَّرِيعَةِ، كقولهِ: شِرْعَةً. وقال بعضُهم: الجاهُ مَقْلُوبٌ عن الوَجْهِ، لكنِ الوَجْهُ يقالُ في العُضْو والحَظْوَةِ، والجاهُ لا يقالُ إلا في الحَظْوَةِ. وَوَجَّهْتُ الشيء: أرْسلْتُهُ في جهة واحدة، فَتَوَجَّه. وفلانٌ وَجِيهٌ: ذُو جاهٍ وَقَدْرٍ وَشَرَفٍ {وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [آل عِمرَان: 45]. وَالوجِيهُ: الكريمُ علَى مَنْ يَسْأَلُهُ فلا يَرُدُّهُ لِكَرَمِ وَجْهِهِ.
وحد: الوَحْدةُ: الانْفِرادُ. والواحِدُ في الحَقِيقَةِ هو الشيءُ الذي لا جُزْء له الْبَتَّةَ، ثم يُطْلَقُ على كُلِّ مَوْجُودٍ حتى إنه ما مِنْ عَدَدٍ إلاَّ ويصحُّ أنْ يُوصف به، فيقالُ: عشَرَةٌ واحدةٌ، ومائةٌ واحدةٌ، وألفٌ واحدٌ. فالواحدُ لَفْظٌ مُشْتَركٌ يُسْتَعْمَلُ على سِتَّةِ أوْجُه: الأوَّلُ: ما كان واحِداً في الجِنْسِ أو في النَّوعِ، كقولِنا: الإنْسانُ والفَرَسُ واحِدٌ في الجنْس، وزَيدٌ وعمْرٌو: واحِدٌ في النَّوْع. الثانِي: ما كان واحِداً بالاتصال إمَّا من حيثُ الخِلْقَةُ، كقولِك: شخْصٌ واحِدٌ، وإمَّا من حيـثُ الصِّناعةُ، كقولِك: حِرْفَةٌ واحِدةٌ الثالِثُ: ما كان وَاحِداً لِعدمِ نَظِيرهِ إِمَّا في الخِلْقةِ، كقولِك الشَّمْسُ واحِدةٌ، وإمَّا في دعْوَى الفَضِيلَةِ، كقولِك: فُلانٌ واحِدُ دهْرِهِ، وكقولِك نسِيجُ وحْدِهِ. الرَّابِعُ: ما كان واحِداً لامْتِناع التَّجزِّي فيه إمَّا لصِغرهِ كالهباءِ، وإمَّا لصلابتِهِ كالماس. الخامِسُ: لِمبْدأ، إمَّا لِمبْدأ العَددِ، كقولِك: واحِدٌ اثْنان، وإمَّا لمبْدأ الخطِّ، كقولِك: النُّقْطَةُ الواحِدةُ. والوحْدَةُ في كُلِّهـا عارضةٌ. السادس: إذا وصـف اللَّهُ تعالى بالواحِدِ فمعناهُ: هـو الذي لا يصـِحُّ عليه التَّجزِّي، ولا التكثّرُ، ولصُعُوبةِ هذه الوحْدةِ قـال تعـالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} [الزُّمَر: 45]. والوحَدُ: الرجلُ الذي لا يُعرَفُ أصلُهُ ونَسَبُهُ، أو هو المنفرِدُ بنفسِهِ، ويُوصفُ به غيرُ اللَّهِ، كقول الشاعِر:
على مُسْتَأْنِسِ وحَدِ
وأحَدٌ، مُطْلَقاً، لا يُوصَفُ به غيرُ اللَّهِ تعالى، وقد تَقَدَّمَ فيما مَضَى. ويقالُ: فُلانٌ لا واحِدَ له، كقولِكَ: هو نَسِيجُ وحْدِهِ. وفي الذَّمِّ يقالُ: جُحَيْشُ وحْدِهِ. وإذا أريدَ ذمٌّ أقَلُّ من ذلك قيلَ: رُجَيْلُ وحْدِهِ.
وحش: الوحْشُ: خِلافُ الإنْسِ، وتُسَمَّى الحَيَواناتُ التي لا تأنْسُ بالإنْسِ وحْشاً، وجمعُه: وُحُوشٌ {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ } [التّكوير: 5]. والمكانُ المقفِرُ الذي لا أُنْسَ فيهِ: موحِشٌ. وباتَ فلانٌ وحْشاً، أي جائعاً، إذا لم يكنْ في جَوْفِهِ طعامٌ، وجمعهُ، أوحاشٌ. وأرْضٌ مُوحِشَةٌ أو موحوشَةٌ أي كثيرةُ الوَحْشِ. ويُسَمَّى المنسوبُ إلى المَكانِ الوَحْش وحْشِيّاً. وعُبّرَ بالوَحْشِيِّ عن الجانِبِ الذي يُضادُّ الإنْسِيَّ، وهو كلُّ ما يستوحِشُ عن الناس، والإنْسِيُّ هو كُلُّ ما يُقْبِلُ على الإنْسانِ، وعلى هذا: وحْشِيُّ القَوْسِ ظهرُها، وأُنْسيُّها: ما أقبل منها عليك.
وحي: أصْلُ الوَحْيِ: الإشارةُ السَّريعَةُ، ولِتَضَمُّنِ السُّرْعَةِ قيلَ: أمْرٌ وَحْيٌ، وذلكَ يكونُ بالكلام على سَبِيلِ الرَّمْزِ والتَّعْريضِ، وقد يكونُ بِصَوْتٍ مُجَرَّدٍ عن التَّركِيبِ، وبإشارةٍ ببعضِ الجَوارِحِ، وبِالكِتابَةِ. وقد حُمِلَ على ذلك قولهُ: تعالى عن زَكَرِيَّا: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا } [مَريَم: 11] فقد قيلَ: رَمَزَ، وقيلَ: اعتبارٌ، وقيلَ: كَتَبَ. وعلى هذه الوُجُوهِ قولهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعَام: 112]. وقوله: {وَإِنَّ الشَّيْاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَولِيَائِهِمْ} [الأنعَام: 121] فذلكَ بالوَسْواسِ المُشارِ إليه بقولهِ: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ } [النَّاس: 4]. ويقالُ لقول اللهِ الذي يُلقى إلى أنبيائِهِ وأوْليائِهِ وحْيٌ، وذلك أضْرُبٌ حَسْبَما دَلَّ عليه قولهُ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا} [الشّورى: 51] إلى قولهِ: {بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشّورى: 51]. فإمّا بِرَسُولٍ مُشاهَدٍ تُرَى ذاتُهُ ويُسْمَعُ كلامُهُ، كَتَبْلِيغِ جبريلَ (ع) للنبيِّ (ص) في صُورَة مُعَيَّنَة، وإمّا بِسَماعِ كلامٍ من غيرِ مُعايَنَة، كَسَماعِ موسى (ع) كلامَ اللَّهِ، وإمّا بإلقاءٍ في الرَّوْعِ كما ذَكَرَ عليه أفْضَلُ الصلاةِ والسلام «إنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رَوْعِي»، وإمّا بإلْهامٍ نحوُ: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القَصَص: 7]، وإمّا بِتَسْخِير، نحوُ قولهِ: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النّحل: 68]. أو بِمَنامٍ، كما قال (ص) : «انْقَطَعَ الوَحْيُ،وبَقِيَتِ المُبَشِّراتُ رُؤْيا المُؤْمِنِ»(98). فالإلْهامُ والتَّسْخِيرُ والمَنامُ دلَّ عليه قولَهُ: {إِلاَّ وَحْيًا} [الشّورى: 51]. وسَماعُ الكلامِ مُعاينةً دَلَّ عليه قولهُ: {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشّورى: 51]. وتَبْلِيغُ جبريلَ في صُورَة مُعَيَّنَة دَلَّ عليه قولهُ: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِي} [الشّورى: 51]. وقولهُ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} [الأنعَام: 93] فذلك لِمَنْ يَدَّعي شيئاً من أنْواعِ ما ذَكَرْناهُ من الوَحْيِ، أيَّ نَوْعٍ ادَّعاهُ من غيرِ أنْ يحصلَ له. وقولهُ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ} [الأنبيَاء: 25] فهذا الوحيُ هو عامٌّ في جميعِ أنْواعِهِ، وذلك أنَّ مَعْرفَةَ وحْدانِيَّةِ اللَّهِ تعالى ومَعْرفَةَ وُجُوبِ عِبادَتِهِ ليستْ مَقْصُورَةً على الوَحْيِ المُخْتَصِّ بأولي العزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، بَلْ يُعْرَفُ ذلك بالعَقْلِ والإلْهامِ، كما يُعْرَف بالسَّمْعِ، فإذاً القَصْدُ من الآيةِ تنبيهٌ أنه من المُحال أن يكونَ رَسُولٌ لا يَعْرِفُ وحْدانِيَّةَ اللَّهِ ووُجُوبَ عِبادَتِهِ. وقولهُ تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} [المَائدة: 111] فذلك وَحْيٌ بِوساطَةِ عيسى (ع) . وقولهُ: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ} [الأنبيَاء: 73] فذلك وحْيٌ إلى الأمَمِ بِوِساطَةِ الأنبياءِ. ومِنَ الوَحْيِ المُخْتَصِّ بالنبيِّ (ص) قوله تعالى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [الأنعَام: 106]، {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنعَام: 50]، {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} [الكهف: 110]، وفي قولهُ: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ} [يُونس: 87] فَوَحْيُهُ إلى موسى بِوساطَةِ جبريلَ، ووَحْيُهُ تعالى إلى هَرُونَ بِوساطَةِ جبريلَ وموسى، وقولهُ: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ} [الأنفَال: 12] فذلك وَحْيٌ إليهمْ بِوساطَةِ اللَّوْحِ والقَلَمِ فيما قيلَ. وقولهُ: {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} [فُصّلَت: 12] فإنْ كان الوَحْيُ إلى أهْلِ السماءِ فقطْ فالمُوحَى إليهم محذوفٌ ذِكْرُهُ كأنه قال: أوْحَى إلى المَلائِكَةِ، لأنَّ أهْلَ السماءِ هُمُ المَلائِكَةُ، ويكونُ كقوله: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ} [الأنفَال: 12]؛ وإن كان المُوحَى إليه هي السمواتُ، فذلك تَسْخِيرٌ عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ السماءَ غَيْرَ حَيٍّ، ونُطْقٌ عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ حَيّاً. وقولهُ: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا } [الزّلزَلة: 5] فَقَرِيبٌ من الأوَّلِ. وقولهُ: {وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه: 114] فَحَثٌّ على التَّثَبُّتِ في السَّماعِ، وعلى تَرْكِ الاسْتِعجالِ في تَلَقِّيهِ وتَلَقُّنِهِ.
ودد: الوُدُّ: مَحَبَّةُ الشيءِ وتَمَنِّي كونِهِ، ويُسْتَعْمَلُ في كُلِّ واحدٍ مِنَ المَعْنَيَيْنِ، على أنَّ التَّمَنِّيَ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الوُدِّ، لأنَّ التَّمَنِّيَ هو تَشَهِّي حُصُولِ ما تَوَدُّهُ. وقولهُ: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الرُّوم: 21] و {سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَانُ وُدًّا } [مَريَم: 96] فإشارةٌ إلى ما أوْقَعَ بينهم من الألْفَةِ المذكورةِ في قولهِ: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [الأنفَال: 63]. وفي المَوَدَّةِ التي تَقْتَضِي المَحَبَّةَ المُجَرَّدَةَ قوله: {قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشّورى: 23]. وقال: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ } [البُرُوج: 14]، {إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } [هُود: 90] فالوَدُودُ: يَتَضَمَّنُ ما دَخَلَ في قولهِ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المَائدة: 54] فمحبّةُ اللهِ للعبد بالإنعام عليه، ورغبةُ العبد لربّه بطلب الزّلفى لديه. ومَوَدَّةُ اللَّهِ لِعِبادِهِ هي مُراعاتُهُ لَهُمْ. رُوِي أنَّ اللَّهَ تعالى قال لِمُوسى (ع) : أنا لا أغْفَلُ عن الصَّغِير لِصِغَرِهِ، ولا عن الكَبِيرِ لِكِبَرِهِ، وأنا الوَدُودُ الشَّكُورُ. {سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَانُ وُدًّا } [مَريَم: 96] أي محبة. {إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [العَنكبوت: 25] أي إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً آلهةً ذوي مودة بينكم في الحياة الدنيا. ومِنَ المَوَدَّةِ التي تَقْتَضِي معنَى التَّمَنِّي {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ} [آل عِمرَان: 69]، {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ } [الحِجر: 2]، {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} [آل عِمرَان: 118]، {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [البَقَرَة: 109]، {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفَال: 7]، {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا} [النِّسَاء: 89]، {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } [المعَارج: 11]. وقولُهُ: {لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهُ وَرَسُولَهُ} [المجَادلة: 22] فَنَهْيٌ عَنْ مُوالاةِ الكُفَّارِ وعَنْ مُظاهَرَتِهِمْ، كقولهِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [المُمتَحنَة: 1] أي بأسْبابِ المَحَبَّةِ مِنَ النَّصِيحَةِ ونحوها {كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} [النِّسَاء: 73]. والوُدُّ: صَنَمٌ سُمِّيَ بذلك إمّا لِمَوَدَّتِهِمْ له، أو لاعْتِقَادِهِمْ أنَّ بينَه وبينَ البارِي مَوَدَّةٌ، تعالى اللَّهُ عَنِ القَبَائِحِ. والوَدُّ: الوَتِدُ. والوتد يكونَ لِتَعَلُّقِ ما يُشَدُّ به، أو لِثُبُوتِهِ في مَكانِهِ، فَتُصُوِّرَ منه معنَى المَوَدَّةِ والمُلازَمَةِ.
ودع: الدَّعَةُ: الخَفْضُ. يقالُ: وَدَعْتُ كذا، أَدَعُهُ وَدْعاً، نحوُ تَرْكتُهُ وادِعاً. وقال بعضُ العُلَماءِ: لا يُسْتَعْمَلُ ماضِيهِ واسمُ فاعِلِهِ، وإنما يُقالُ: يَدَعُ وَدَعْ. {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} [الضّحى: 3]. وقال الشاعِرُ:
لَيْتَ شِعْري عن خَلِيلِي ما الذي غالَهُ في الحُبِّ حتى وَدَعَهْ
والتَّوَدُّعُ: تَرْكُ النَّفْسِ عَنِ المُجاهَدَةِ. وفلانٌ مُتَّدِعٌ، ومُتَوَدِّعٌ، وفي دَعَة: إذا كان في خَفْضِ عَيْشٍ. وأصْلُهُ مِنَ التَّرْكِ، أي بِحَيْثُ تَرَكَ السَّعْيَ لِطَلَبِ مَعاشِهِ لِعَناء. والتَّوْدِيعُ: أصلُه مِنَ الدَّعَةِ، وهو أنْ تَدْعُوَ للمُسافِرِ بأنْ يَتَحَمَّلَ اللَّهُ عنه كآبَةَ السَّفَرِ، وأنْ يُبَلِّغَهُ الدَّعَةَ، كما أنَّ التَّسْلِيمَ دُعاءٌ له بالسَّلامَةِ، فَصارَ ذلك مُتعارَفاً في تَشْيِيعِ المُسافِرِ وتَركِهِ. وعُبِّرَ عن التَّرْكِ به في قولهِ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} [الضّحى: 3] كقولِكَ: وَدَّعْتُ فلاناً، نحوُ خَلَّيْتُهُ. ويُكَنَّى بالمُودَعِ عن المَيِّتِ. ومنه قيلَ: اسْتَوْدَعْتُكَ غَيْرَ مُودَعٍ. ومنه قولُ الشاعِرِ:
وَدَّعْتُ نَفْسِي ساعَةَ التَّوْدِيعِ
ودق: الوَدْقُ: قِيلَ هو ما يكونُ من خِلالِ المَطَر، كأنه غُبارٌ. وقد يُعَبَّرُ به عن المَطَرِ {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ} [النُّور: 43] أي ترى المطر والقطْرَ يخرج من خلال السحاب. ويقالُ لِما يَبْدُو في الهَواءِ عِنْدَ شِدَّةِ الحَرِّ: وَدِيقَةٌ. وقيلَ: وَدَقَتِ الدَّابَّةُ، واسْتَوْدَقَتْ. وأتانٌ وَدِيقٌ وَوَدُوقٌ: إذا أظْهَرَتْ رُطُوبَةً عندَ إرادَةِ الفَحْلِ. والمَوْدِقُ: الحائلُ بين الشيئين، ومعتركُ الشَّرِّ؛ ومودِقُ الحُمُرِ: مَأْتاها.
ودي: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} [طه: 12]. أصْلُ الوادِي: المَوْضِعُ الذي يَسِيلُ فيه الماءُ. ومنه سُمِّيَ المَفْرَجُ بَيْنَ الجَبَلَيْنِ وادِياً، وجمعُهُ: أوْدِيَةٌ، نحو نادٍ وأنْدِيَة وناجٍ وأنْجِيَة. ويُسْتَعارُ الوادِي للطَّرِيقَةِ، كالمَذْهَبِ والأسْلُوبِ، فيقالُ: فلانٌ في وادٍ غَيْر وادِيكَ. وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ } [الشُّعَرَاء: 225] فإنه يَعْنِي أسالِيبَ الكلامِ من المَدْحِ والهِجاءِ والجدَلِ والغَزَلِ وغير ذلك من ألوان الشعر. قال الشاعِرُ:
إذا ما قَطَعْنا وادِياً مِنْ حَدِيثِنا إلى غَيْرِهِ زِدْنا الأحادِيثَ وادِيا
وقال (ص) : «لو كان لابْنِ آدَمَ وادِيانِ مِنْ ذَهَبٍ لابْتَغَى ثالِثاً»(99). وقال تعالى: {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرّعد: 17] أي بِقَدْرِ مِياهِها. ويقالُ: وَدِيَ يَدِي، وكُنِّي بالمذي عن ماءِ الفَحْلِ عندَ المُلاعَبَةِ وبَعَدَ البَوْلِ، فيقالُ فيه: أوْدَى، نحوُ: أمْذَى، وأمْنَى. قال اليزيدي: وَدَى ليبولَ، وأَدْلَى ليضرِبَ، ولا تقل أودى. والوَدِيُّ: صِغارُ الفَسِيل، اعتباراً بِسَيَلانِهِ في الطُّولِ. وأوْداهُ: أهْلَكَهُ، كأنه أسال دَمَهُ. وَوَدَيْتُ القَتِيلَ: أعْطَيْتُ دِيَتَهُ لِوَلِيِّهِ، ويقالُ لِما يُعْطَى في الدَّمِ: دِيَةٌ. قال تعالى: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النِّسَاء: 92].
وذر: يقالُ: فلانٌ يَذَرُ الشَّيْءَ، أي يَقْذِفُهُ لِقِلَّةِ اعْتِدَادِهِ به؛ وذَرْهُ معناه دَعْهُ، ومنه قولهم: «ذَرْهُ واحذَرْهُ»، ولم يُسْتَعْملْ ماضِيهِ فإذا أُريدَهُ قيل: تَرَكَهُ، ولم يُستعمل له مصدر ولا اسم فاعل بمعنى الترك، قال تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [الأعرَاف: 70]، {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} [الأعرَاف: 127]، {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } [الأنعَام: 112]، {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البَقَرَة: 278] إلى أمْثالِهِ، وتخْصِيصُهُ في قولهِ: {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البَقَرَة: 234] ولم يقُلْ يتْرُكُون ويُخلِّفُونَ. والوَذَرَةُ: قِطْعةٌ مِنَ اللَّحْم وتسْمِيتُها بذلك لِقِلَّةِ الاعْتِدادِ بها، نحوُ قولِهم فيما لا يُعْتدُّ به، هو لَحْمٌ على وضمٍ.
ورث: الوراثَةُ والإرْثُ: انتِقالُ قُنْية إليك عن غيْرِك من غير عَقْدٍ ولا ما يجْري مجْرى العقْدِ، وسُمِّي بذلك المُنْتَقِلُ عن المَيِّت، فيقالُ لِلقِنْيةِ المَوْرُوثَةِ مِيراثٌ وإرْثٌ، وتُراثٌ: أصْلُهُ وُراثٌ، فَقُلِبت الواوُ ألِفاً وتاءً {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ} [الفَجر: 19]، وقال (ص) : «اثْبتُوا على مَشاعِرِكُمْ فإنكمْ على إرْثِ أبِيكُمْ»(100) أي أصْلِهِ وبَقِيَّتِهِ. قال الشاعِرُ:
فَيَنْظُرُ في صُحُفٍ كالرِّبا طِ فيهنَّ إرْثُ كِتابٍ محي
ويقالُ: وَرِثْتُ مالاً عن زَيْدٍ، ووَرِثْتُ زَيْداً {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النَّمل: 16]، {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} [النِّسَاء: 11]، {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البَقَرَة: 233]. ويقالُ أوْرَثَنِي المَيِّتُ كذا {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً} [النِّسَاء: 12]. وأوْرَثَنِي اللَّهُ كذا {وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ } [الشُّعَرَاء: 59]، {وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ } [الدّخان: 28]، {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ} [الأحزَاب: 27]، {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ} [الأعرَاف: 137]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النِّسَاء: 19]. ويقالُ لِكُلِّ مَنْ حَصَلَ له شيءٌ من غيرِ تَعَبٍ: قد وَرِثَ كذا. ويقالُ لِمَنْ خُوِّلَ شيئاً مُهَنِّئاً: أُورِثَ {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا} [الزّخرُف: 72]، {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ } [المؤمنون: 10]. وقولهُ: {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مَريَم: 6] فإنه يَعْنِي وِرَاثَةَ النُّبُوَّةِ والعِلْمِ والفَضِيلَةِ دُونَ المالِ. فالمالُ لا قدْرَ له عِنْدَ الأنبياءِ حتى يَتَنَافَسُوا فيه، بَلْ قَلَّما يَقْتَنُونَ المالَ ويَمْلِكُونَهُ. رُوِيَ عنه عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ من قولِهِ: «العُلَماءُ وَرَثَةُ الأنبياءِ»(101) فإشارةٌ إلى ما وَرِثُوهُ من العِلْمِ. واسْتُعْمِلَ لَفْظُ الوَرَثَةِ لِكون ذلك بِغَيرِ ثَمَنٍ ولا مِنَّة. وَوَصَفَ اللَّهُ تعالى نَفْسَهُ بأنَّه الوَارثُ، من حيثُ إنَّ الأشْياءَ كُلَّها صائرةٌ إلى اللَّهِ تعالى وهو الباقي الدائم الذي يرثُ الخلائق، ويبقى بعد فنائهم ويرث السموات والأرضَ ومن عليها وهو خيرُ الوارثين أي يبقى بعدَ فناءِ الكُل، ويفنى مَن سواه فيرجع ما كان في تمليك العبادإليه وحده لا شريك له: قال اللَّهُ تعالى: {وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عِمرَان: 180] وقال: {وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ } [الحِجر: 23]. وكونُهُ تعالى وارثاً لِمَا رُوِيَ أنه يُنادِي: لِمَن المُلْكُ اليومَ، فيقالُ للَّهِ الواحِدِ القَهَّارِ. ويقالُ: وَرِثْتُ عِلْماً من فلانٍ، أي اسْتَفَدْتُ منه {وَرِثُوا الْكِتَابَ} [الأعرَاف: 169]، {أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ} [الشّورى: 14]، {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ} [فَاطِر: 32]، {يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } [الأنبيَاء: 105]. فإن الوراثَةَ الحقيقيةَ هي أن يَحْصُلَ للإِنسان شيءٌ لا يكونُ عليه فيه تَبِعَةٌ، ولا عليه مُحاسَبَةٌ. وعِبادُ اللَّهِ الصالِحُونَ لا يَتَناوَلُون شيئاً من الدُّنْيا إلاَّ بِقَدْرِ ما يَجِبُ، وفي وقْتِ ما يَجِبُ، وعلى الوَجْهِ الذي يَجِبُ. ومَنْ تَناوَلَ الدُّنْيا على هذا الوجهِ لا يُحاسَبُ عليها، ولا يُعاقَبُ، بَلْ يكونُ ذلك له عَفْواً صَفْواً كما رُوِيَ أنه «مَنْ حاسَبَ نَفْسَهُ في الدُّنْيا لم يُحاسِبْهُ اللَّهُ في الآخرةِ(102).
ورد: الوُرُودُ: أصْلُهُ قَصْدُ الماءِ، ثم يُسْتَعْمَلُ في غيرِهِ، يقالُ: وَرَدْتُ الماءَ أرِدُ وُرُوداً، فأنا وَارِدٌ. والماءُ: مَوْرُودٌ. وقد أوْرَدْتُ الإبلَ الماءَ {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} [القَصَص: 23]. والوِرْدُ: الماءُ المُرَشَّحُ للوُرُودِ. والورْدُ: خِلافُ الصَّدَرِ، يُقالُ: وَرَدَ الماءَ، بخلاف صَدَرَ عنه، وجمع وارد للعقلاء: واردون. والوِرْدُ: يومُ الحُمَّى، إذا وَرَدَتْ. واسْتُعْمِلَ في النارِ على سَبِيلِ الفَظاعَةِ {فَأَوْرَدَهُمْ النَّارَ} [هُود: 98]، {وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ } [هُود: 98]، {إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا } [مَريَم: 86]، {أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } [الأنبيَاء: 98]، {لَوْ كَانَ هَؤُلاَءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا} [الأنبيَاء: 99]. والوارِدُ: الذي يَتَقَدَّمُ القومَ فَيَسْقِي لَهُمْ. {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ} [يُوسُف: 19] أي ساقِيَهُمْ من الماءِ المَوْرُودِ، ويقالُ لِكُلِّ مَنْ يَرِدُ الماءَ وارِدٌ. وقولهُ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} [مَريَم: 71] فقد قيلَ فيه: وَرَدْتُ ماءَ كذا، إذا حَضَرْتَهُ، وإن لم تَشْرَعْ فيه. وقيلَ: بَلْ يَقْتَضِي ذلك الشُّرُوعَ، ولكنْ مَنْ كان من أولياءِ اللَّهِ والصالِحِينَ لا يُؤَثِّرُ فيهم، بَلْ يكونُ حالهُ فيها كحَالِ إِبراهيمَ (ع) ، حيثُ قال: {قُلْنَا يانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ } [الأنبيَاء: 69]. ويُعَبَّرُ عن المَحْمُومِ بالمَوْرُودِ، وعن إتْيانِ الحُمَّى بالوِرْدِ. وشَعْرٌ وارِدٌ: مسترسِلٌ طويلٌ. والوَرِيدُ: عِرْقٌ يَتَّصِلُ بالكَبِدِ والقَلْبِ، وفيه مَجارِي الدَّمِ والْحيَاةِ {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } [ق: 16] أي مِنْ نَفَسِهِ أو كَبِدِهِ أو قَلْبِهِ. والوَرْدُ: قيلَ: هو من الـوارِدِ. وهو الذي يتقدّمُ إلى الماءِ. وتَسْمِيَتُهُ بذلك لكونِهِ أوَّلَ ما يَرِدُ من ثِمارِ السَّنَةِ. ويقالُ لِنَوْرِ كُلِّ شَجَرٍ وَرْدٌ. ويقال: وَرَّدَ الشَّجَرُ: خَرَجَ نَوْرُهُ. وشُبِّهَ به لَوْنُ الفرسِ، فقيلَ: فرسٌ وَرْدٌ. وَوَرَدَ في تَفْسِيرِ صِفَةِ السماءِ: إذا احْمَـرَّت احْمِـراراً كالوَرْدِ، أمارَةً للقِيامَةِ، قال تعالى: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ } [الرَّحمن: 37].
ورق: وَرقُ الشَّجَرِ، جمعهُ: أوْراقٌ، الواحدةُ: وَرَقَةٌ. وجمعُها: وَرَقاتٌ {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا} [الأنعَام: 59]. وَوَرَّقْتُ الشَّجَرَةَ: أخَذْتُ وَرَقَها. والوارقَةُ: الشَّجَرَةُ خَضْراءُ الوَرَقِ الحَسَنَةُ. وعامٌ أوْرَقُ: لا مَطَرَ له. وأوْرَقَ فلانٌ، إذا أخْفَقَ ولم يَنَلِ الحاجَةَ، كأنه صارَ ذا وَرَقٍ بلا ثَمَر. ألا تَرَى أنه عُبِّرَ عن المالِ بالثَّمَرِ في قولهِ: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} [الكهف: 34]، قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنه: هو المالُ. وباعْتِبارِ لَوْنِهِ في حال نَضَارَتِهِ قِيلَ: بَعِيرٌ أوْرَقُ، إذا صارَ على لَوْنِهِ. وبَعِيرٌ أوْرَقُ: لَوْنُهُ لَوْنُ الرَّمادِ، والأوْرَقُ من الإِبِلِ: أطيبُها لحماً، لا سيراً وعملاً. و: حَمَامَةٌ وَرْقاءُ. وعُبِّرَ به عن المالِ الكثيرِ، تشبيهاً في الكَثْرَةِ بالوَرَقِ من قولهم: شَجَرةٌوَرِقَةٌ أي كثيرةُ الورقِ. كما عُبِّرَ عنه بالثَّرَى، وكَما شُبِّهَ بالتُّرابِ، وبالسَّيْلِ، كما يقالُ: له مالٌ كالتُّرابِ والسَّيْلِ والثَّرَى. قال الشاعِرُ:
واغْفِرْ خَطايايَ وثَمِّرْ وَرَقِي
والوَرِقُ، (بالكسر): الدَّراهِمُ {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ} [الكهف: 19] وقُرىءَ: بِوَرِقْكُمْ، وبِوُرْقِكُمْ، ويقالُ: وَرْقٌ وَوَرِقٌ، نحوُ كَبْد وكَبِد.
وري: يقالُ: وارَيْتُ كذا، إذا سَتَرْتُهُ {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} [الأعرَاف: 26]. وتَوَارَى: اسْتَتَرَ {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32]، ورُوِي أن النبيَّ (ص) كان إذا أرادَ غَزْوةً وَرَّى بِغَيْرِها(103)، وذلك إذا سَتَرَ خَبَراً وأظْهَرَ غَيْرَهُ. والوَرَى: قال الخليلُ: الوَرَى الأنامُ الذينَ على وجه الأرضِ في الوَقْتِ ليسَ مَنْ مَضَى ولا مَنْ يَتَنَاسَلُ بَعْدَهُمْ فكأنَّهُمْ الذينَ يَسْتُرُونَ الأرضَ بأشْخاصِهِمْ. وَوَراءُ إذا قيلَ: ورَاءَ زَيْدٍ كذا، فإنه يقالُ لِمَنْ خَلْفَهُ، نحوُ قولهِ: {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } [هُود: 71]، {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ} [الحَديد: 13]، {فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} [النِّسَاء: 102]. ويقالُ لِما كان قُدَّامَهُ، نحوُ {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف: 79]؛ وقولهُ:{أَوْ مِنَ وَرَاءِ جُدُرٍ} [الحَشر: 14] فإن ذلك يقالُ في أيِّ جانِبٍ من الجِدارِ، فهو وراءَهُ باعْتِبارِ الذي في الجانِبِ الآخَرِ. وقولهُ: {وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [البَقَرَة: 101] أي خَلَّفْوهُ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، وذلك تبْكِيتٌ لَهُمْ في أنْ لم يَتَوَصَّلُوا بمالِهِمْ إلى اكْتِسابِ ثَوَابِ اللَّهِ تعالى به. وقولهُ: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [آل عِمرَان: 187] فَتَبْكِيتٌ لَهُمْ، أي لم يَعْمَلُوا به ولم يَتَدَبَّرُوا آياتِهِ. وقولهُ: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ} [المؤمنون: 7] أي من ابْتَغَى أكْثَرَ مما بَيَّناهُ وشَرَعْناهُ مِنْ تَعَرُّضٍ لِمَنْ يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ له، فقد تَعَدَّى طَوْرَهُ وخَرَقَ سِتْرَهُ. وقوله: {وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ} [البَقَرَة: 91] اقْتَضَى معنَى ما بعدَهُ. ويقالُ: وَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي وَرْياً، إذا خَرَجَتْ نارُهُ، وأصْلُهُ أنْ يُخْرِجَ النارَ مِنْ وَرَاءِ المُقْدَحِ، كأنما تُصُوِّرَ كُمُونُها فيه، كما قال:
كَكُمُونِ النار في حَجَرِهِ
يقالُ: وَرِيَ يَرِي مِثْلُ وَلِيَ يَلِي: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ } [الواقِعَة: 71]. ويقالُ: فلانٌ وارِي الزَّنْدِ، إذا كان مُنْجِحاً، و: كابِي الزَّنْدِ: إذا كان مُخْفِقاً. واللَّحْمُ الوارِي: السَّمِينُ. والوَراءُ: ولَدُ الوَلَدِ. وقولُهم: وراءَكَ، للإغْراءِ. ومعناهُ: تأخَّرْ. يقالُ: وَراءَكَ أوسَعَ لَكَ، نُصِب بِفِعْل مُضْمَرٍ أي ائْت، وقيلَ: تقديرُهُ يكنْ أوسع لَك، أي تَنَحَّ، وائت مكاناً أوسَعَ لك. والتَّوْراةُ: الكِتابُ الذي ورثُوهُ عن موسى (ع).
وزر: يقال وَزَرَ يَزِرُ وَزَراً وأَوْزَرَ يُوزِرُ فهو مَوزورٌ، وأصلُهُ مِنَ الوَزَرِ الذي هو المَلْجَأُ. {كَلاَّ لاَ وَزَرَ } [القِيَامَة: 11] أي لا مَلْجَأَ، ومنه الوزير الذي يلتجىء إليه الحاكم ليؤازرهُ في الأمور. والوِزْرُ: الثِّقْلُ. قوله تعالى: {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} [طه: 87] أي أثقالاً. ويعبَّر بذلك عن الإِثم كما يعبَّرُ عنه بالثقل {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [النّحل: 25] وكقولِهِ: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العَنكبوت: 13]. وحَمْلُ وزْرِ الغَيْر في الحقيقةِ هو على نحو ما أشار إليه (ص) بقولِهِ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فعُملَ بها بعدَهُ كان له أجرُهُ ومثلُ أجورهم من غيرَ أنْ ينْقُص من أجورِهم شيئاً، ومنْ سنَّ سُنَّةً سيِّئَةً فعُمل بها بعده كان عليه وِزْرُه ومثلُ أوزارهم»(104) أي مِثْل وزْرِ مَنْ عَمِلَ بها. وقولهُ: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعَام: 164] لا يحْمِلُ أَحَدٌ ذَنْبَ غَيرِهِ ولا يُجازَى أَحَدٌ بِذَنْبِ غيرِهِ، أي لا يُحْمَلُ وِزْرُهُ مِنْ حيثُ يَتَعَرَّى المَحْمُولُ عنه. وقولُه: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ } [الشَّرح: 2] أي ما كُنْتَ فيه من الشأن الذي كان يرهقك، فأُعْفِيتَ بما خُصِّصْتَ بهِ عَنْ تَعاطي ما كانَ عليه قَوْمُكَ، أو: حططنا عنك عبء البحث عن الشُّرْعة والمنهاج الذي كان يُثقلُ كاهلك. وأما قوله تعالى: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محَمَّد: 4] أي حتى يضع أهل الحرب أسلحتهم فلا يقاتلون. وقيل: حتى لا يبقى إلاّ مسلمٌ أو مسالم. و(وأَعَدُّوا أوْزَارَ الحرب) أي آلاتِها، ووَضَعَتِ الحربُ أوزارَها، أي انقضت. والمُوازَرَةُ: المعاوَنَةُ يقالُ: وازَرْتُ فلاناً مُوازَرَةً: أعَنْتُهُ على أَمْرِهِ. وفي قوله تعالى: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي } [طه: 29] أي معاوناً.
وزع: يقالُ: وَزَعْتُهُ عن كذا: مَنَعْتُهُ وكَفَفْتُهُ عنه {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } [النَّمل: 17] فقوله: يُوزعُون إشارةٌ إلى أنهم مَعَ كَثْرَتِهِمْ وتَفاوُتِهِمْ لم يكونُوا مُهْمَلِينَ ومُبْعَدِينَ، كما يكونُ الجيْشُ الكثيرُ المُتَأدَّى بِمَعَرَّتِهِمْ، بَلْ كانُوا مَسُوسِينَ ومَقْمُوعِينَ. وقيلَ في قولهِ: يُوزَعُونَ، أي حُبِس أولهُمْ على آخِرهِم. وقولهُ: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ} [فُصّلَت: 19] إلى قولهِ: {فَهُمْ يُوزَعُونَ } [فُصّلَت: 19] فهذا وَزْعٌ على سَبِيلِ العُقُوبَةِ، كقولهِ: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ } [الحَجّ: 21]. وقيلَ: لا بُدَّ للسُّلْطانِ مِنْ وَزَعَة، وقيلَ: الوُزُوعُ: الوُلُوعُ بالشيءِ، يقالُ: أوْزَعَ اللَّهُ فلاناً، إذا ألْهَمَهُ الشُّكْرَ. وقيلَ: هو مِنْ أوْزعَ بالشيءِ، إذا أُولِعَ به، كأن اللَّهَ تعالى يُوزِعُهُ بِشُكْرِهِ. ورجُلٌ وَزُوعٌ. وقولهُ: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ} [النَّمل: 19] قيلَ: معناهُ أَلْهِمْني، وتحقيقُهُ: حبِّب إليَّ ذلك واجْعَلْنِي بحيثُ أزعُ نَفْسِي عن الكُفْرانِ.
وزن: الوَزْنُ: مَعْرِفَةُ قَدْرِ الشَّيءِ. يقالُ: وَزَنْتُهُ وَزْناً وزِنَةَ. والمُتَعارَفُ في الوَزْنِ عندَ العامَّةِ: ما يُقَدَّرُ بالقِسْطِ والقَبَّانِ. وقولهُ: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} [الإسرَاء: 35]، {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} [الرَّحمن: 9] إشارةٌ إلى مُراعاةِ المَعْدَلَةِ في جميعِ ما يَتَحَرَّاهُ الإنسانُ من الأفْعالِ والأقْوالِ. وقولهُ: {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ } [الحِجر: 19] أي مقدَّرٍ، معلومٍ حسبَ الحاجَةِ، وقيلَ: بَلْ ذلك إشارةٌ إلى كُلِّ ما أوْجَدَهُ اللَّهُ تعالى، وأنه خَلَقَهُ باعْتِدالٍ، كما قال: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } [القَمَر: 49]. وقولهُ: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} [الأعرَاف: 8] فإشارةٌ إلى العَدْلِ في مُحاسَبَةِ الناسِ، كما قال: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبيَاء: 47]. وذَكَرَ في مَواضِع المِيزانَ بِلَفْظِ الواحِد اعتباراً بالمُحاسِبِ، وفي مَواضِعَ بالجمعِ اعتباراً بالمُحاسَبِينَ. ويقالُ: وَزَنْتُ لِفُلاَنٍ، وَوَزَنْتُهُ كذا {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } [المطفّفِين: 3]. ويقالُ: قام مِيزانُ النهارِ: إذا انْتَصَفَ.
وسط: وَسَطُ الشيءِ: ما لَهُ طَرَفانِ مُتَساوِيا القَدْرِ. ويقالُ ذلك في الكَمِّيَّةِ المُتَّصِلَةِ، كالجِسْمِ الواحدِ، إذا قُلْتَ: وَسَطُهُ صَلْبٌ. وضَرَبْتُ وَسَطَ رأسِهِ، بفتحِ السينِ، ووَسْطٌ بالسُّكُونِ، يقالُ في الكَمِّيَّةِ المُنْفَصِلَةِ، كشيءٍ يَفْصِلُ بَيْنَ جِسْمَيْنِ نحوُ وَسْطُ القومِ كذا. والوَسَطُ تارةً يقالُ فيما له طَرَفانِ مَذْمُومانِ، يقالُ: هذا أوْسَطُهُمْ حَسَباً، إذا كان في واسِطَةِ قومِهِ، وأرْفَعَهُمْ مَحَلاًّ. وكالجُودِ الذي هو بَيْنَ البُخْلِ والسَّرَف، فَيُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمالَ القَصْدِ المَصُونِ عن الإفْراطِ والتَّفْرِيطِ، فَيُمْدَحُ به نحوُ السَّواءِ والعَدْلِ، والنَّصَفَةِ نحوُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البَقَرَة: 143] أي: عدلاً، خياراً، وعلى ذلك: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} [القَلَم: 28]. وتارةً يقالُ فيما له طَرَفٌ محمودٌ وطَرَفٌ مَذْمُومٌ، كالخَيْرِ والشَّرِّ، ويُكَنَّى به عن الرَّذِلِ، نحوُ قولهِم: فلانٌ وَسَطٌ من الرِّجالِ، تنبيهاً أنه قد خَرَجَ من حَدِّ الخَيْر. وقولهُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى} [البَقَرَة: 238] فَمَنْ قال الظُّهْرَ، فاعتباراً بالنهار؛ ومن قال المَغْرِبَ، فَلِكَوْنِها بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وبَيْنَ الأرْبَعِ اللَّتَيْن بُنِي عليهما عَدَدُ الرَّكْعات؛ ومن قال الصُّبْحَ، فَلِكَوْنِها بَيْنَ صلاةِ الليل والنهارِ ولهذا قال: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسرَاء: 78]، وتَخْصِيصُها بالذِّكْرِ لِكَثْرَةِ الكَسَلِ عنها إذ قد يُحْتاجُ إلى القِيامِ إليها من لَذِيذِ النَّوْمِ. ومن قال: صَلاةُ العَصْرِ، فقد رُوي ذلك عن النبيِّ (ص) ، فَلِكَوْن وقْتِها في أثْناءِ الأشْغال لِعامَّةِ الناسِ، بخلافِ سائِرِ الصلواتِ التي لَها فراغٌ إمّا قَبْلَها وإمّا بَعْدَها. ولذلك تَوَعَّدَ النبيُّ (ص) فقالَ: «مَنْ فاتَتْهُ صلاةُ العَصْرِ فكأنما وُتِرَ أهْلَهُ ومالَهُ» [سنن الدارمي ـ باب الصلاة] ولهذَا قال الله العَليُّ الحكيم: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسرَاء: 78]. وهكذا نَرَى أنَّ اللَّهَ سبحانَهُ وتعالى أمر بالمُحَافظةِ على كلِّ صلاةٍ.
وسع: السَّعَةُ: تقالُ في الأمكِنَةِ وفي الحَالِ وفي الفِعْلِ، كالقُدْرَةِ والجُودِ ونحو ذلك. فَفِي المكانِ نحوُ قولهِ: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} [العَنكبوت: 56]، {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً} [النِّسَاء: 97]. وفي الحالِ قولهُ تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطّلاَق: 7]، {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} [البَقَرَة: 236] والوُسْعُ مِنَ القُدْرَةِ: ما يَفْضُلُ عن قَدْرِ المُكَلَّفِ، قال: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البَقَرَة: 286] تنبيهاً أنه يُكَلِّفُ عَبْدَهُ دُوَيْنَ ما يَنُوءُ به قُدْرَتُهُ، وقيلَ: معناهُ: يُكَلِّفُهُ ما يُثْمِرُ له السَّعَةَ، أي جَنَّةً عَرْضُها السمواتُ والأرضُ كما قال {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البَقَرَة: 185]. وقولهُ: {وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍعِلْمًا } [طه: 98] فَوَصْفٌ له، نحوُ: {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا } [الطّلاَق: 12]. وقولهُ: {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [البَقَرَة: 247]، {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا } [النِّسَاء: 130] فعبارةٌ عن سَعَةِ قُدْرَتِهِ وعِلْمِهِ ورَحْمَتِهِ وإِفْضالِهِ، كقولهِ: {وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الأنعَام: 80] و {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعرَاف: 156]. وفي قوله: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } [الذّاريَات: 47] الاتساع في الجهات. أي أن الله سبحانه يوسّعها في الجهات. وَوَسِعَ الشيءُ: اتَّسَعَ، والوُسْعُ: الجِدَةُ والطَّاقَةُ. ويقالُ: يُنْفِقُ على قَدْرِ وُسْعِهِ. وأوْسَعَ فلانٌ، إذا كانَ له الغِنَى، وصارَ ذا سَعَة.
وسق: الوَسْقُ: جَمْعُ المُتَفَرِّقِ، يقالُ: وَسَقْتَ الشيءَ: إذا جَمَعْتَهُ. وسُمِّيَ قَدْرٌ مَعْلُومٌ مِنَ الحَمْلِ كَحِمْلِ البَعِير: وَسْقاً. وقيل: هو سِتُّونَ صاعاً. وأوْسَقْتُ البَعِيرَ: حَمَّلْتُهُ حِمْلَهُ. وناقةٌ واسِقٌ، ونُوقٌ مَواسِيقُ، إذا حَمَلَتْ، وَوَسَّقْـتُ الحِنْطَـةَ: جَعَلْتُها وَسْقاً. وَوَسَقَتِ العَيْنُ الماءَ: حَمَلَتْهُ. وقولهُ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } [الانشقاق: 17] قيل: وما جَمَعَ من الظَّلامِ. وقيل: وما ساق، لأنَّ ظُلمَةَ اللَّيل تسوقُ مُعظَم الأَحياء إلى مساكِنهم. وقيلَ: وما تَسوقُ من الكَوَاكِب. وَوَسَقْتُ الشيءَ: جَمَعْتُهُ. والوَسِيقَةُ: الإِبلُ المَجْمُوعَةُ، كالرُّفْقَةِ من الناسِ. والاتِّساقُ: الاجْتِماعُ والاطِّرادُ. {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ } [الانشقاق: 18] أي إذا استوى واجتمع وتكامَلَ.
وسل: الوَسِيلَةُ: التَّوَصُّلُ إلى الشَّيءِ بِرَغْبَةٍ، وهِيَ أخَصُّ مِنَ الوَصِيلَةِ لأنَّها تَتَضَمَّنُ معنى الرَّغْبَةِ. قالَ تَعالى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المَائدة: 35] أي اطْلُبوا إلى اللهِ تَعالى القُرْبَةَ بالطَّاعاتِ، وقالَ تَعالى: {الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [الإسرَاء: 57]. وحَقيقَةُ الوَسيلَةِ إلى الله تعالى: مُراعاةُ سَبيلِهِ ـ عزَّ وجلَّ ـ بالعِلْمِ والعِبادَةِ، وتَحَرِّي مَكَارِمِ الشَّريعةِ. والواسِلُ: الراغِبُ إلى اللهِ تَعالى. ويقال: وَسَلَ إليه: تَقرَّب. قال لبيد: بلى كلُّ ذي رأيٍ إلى الله واسِلُ. وقيل: الوَسِيلَةُ أفْضَلُ دَرَجاتِ الجَنَّةِ. كما رُوي عن النبيّ (ص) أنَّهُ قالَ: «سَلُوا اللهَ لِيَ الوَسيلةَ فإنَّها دَرَجَةٌ في الجَنَّةِ لا ينالُها إلاَّ عبدٌ واحِدٌ مؤمِنٌ، وأرجو أن أكونَ هو»(105) . ولذا نرى المسلمين يدعون، عند سماع الأذان أو قَبْلَ الشُّروع بالصَّلاةِ، هذا الدّعاءَ: «اللهمَّ ربَّ هذه الدَّعْوَةِ التَّامَّة، والصَّلاةِ القائِمَة، آتِ سيِّدَنا مُحَمَّداً الوَسيلَةَ والفَضِيلَةَ والدَّرَجَةَ الرَّفيعةَ العالية، وابْعَثْهُ اللَّهُمَّ المَقامَ المَحْمُودَ الذي وَعَدْتَهُ إنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيعادَ».
وسم: الوَسْمُ: التأثيرُ. والسِّمَةُ: الأثَرُ. يقالُ: وَسَمْتُ الشيءَ وَسْماً، إِذَا أثَّرْتُ فيه بِسِمَة {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفَتْح: 29]، {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} [البَقَرَة: 273]. وقولهُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } [الحِجر: 75] أي للمُعْتَبِرِينَ العارِفِينَ المُتَّعِظِينَ. والتَّوَسُّمُ هو الفِرَاسَةُ أو الفِطْنَةُ. قال (ص) : «اتَّقُوا فِراسَةَ المُؤْمِنِ فإنه يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ»(106) وقال (ص) : «إنَّ لِلَّهِ عباداً يعرفونَ الناسَ بالتَّوَسُّمِ»(107). وقوله: تعالى {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ } [القَلَم: 16] أي نُعَلِّمُهُ بعَلامَة يُعْرَفُ بها كقولِهِ {تَعْرِفُ فِي وَجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ } [المطفّفِين: 24]. وفلانٌ وَسِيمُ الوَجْهِ: حَسَنُهُ، وهو ذُو وَسامَة: عبارةٌ عن الجمالِ. وفلانَةُ ذاتُ مِيسَم، إذا كان عليها أثَرُ الجمال. وموْسِمُ الحاجِّ: مَعْلَمُهُمْ الذي يَجْتَمِعُونَ فيه. جمعه: المَواسِمُ.
وسن: الوَسَنُ، والسِّنَةُ: الغَفْلَةُ والغَفْوَةُ، قال تعالى: {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} [البَقَرَة: 255] أيْ لا يَغْفُلُ عنِ الخلقِ ولا يَسْهُو. و: رجُلٌ وَسْنانُ. وتَوَسَّنَها: تَغَشَّاها قهراً وهي وَسْنى، أي نائمة.
وسوس: الوَسْوَسَةُ: الخَطْرَةُ الرَّدِيئَةُ، وأصْلُهُ مِنَ الوَسْواسِ، وهو صوْتُ الحَلْيِ، والهَمْسُ الخَفِيُّ. قال تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ} [طه: 120]، {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ} [النَّاس: 4] أي من شرِّ الشيطانِ. والوسواسُ: يقالُ لما يخطُرُ بالقلبِ من شرٍّ، ولما لا خيرَ فيه.
وشي: وَشَيْتُ الشيءَ وَشْياً: جَعَلْتُ فيه أثراً يُخالِفُ مُعْظَمَ لَوْنِهِ، واسْتُعْمِلَ الوَشْيُ في الكلامِ، تشبيهاً بالمَنْسُوجِ. والشِّيَةُ: من الوَشْيِ، وهي من ألوانِ البهائِمِ: بياضٌ في سوادٍ وسوادٌ في بياضٍ. قال تعالى: {مُسَلَّمَةٌ لاَ شِيَةَ فِيهَا} [البَقَرَة: 71] أي لا لَوْنَ فيها سوى لونِها، لأنَّ الشِّيَةَ هي اللونُ في الشيءِ يخالفُ عامةَ لونِهِ. و: ثوْرٌ مُوَشَّى القَوائِمِ. والواشِي يُكَنَّى به عنِ النَّمَّامِ، فيقالُ: وَشَى به إلى ذي السلطة وَشْياً ووِشايةً؛ ووَشى فلانٌ كلامهُ: عبارةً عن الكَذِبِ، نحوُ مَوَّهَهُ وَزَخْرَفَهُ.
وصب: الوَصَبُ: السُّقْمُ اللاَّزِم. وقد وَصِبَ فلانٌ يوصَبُ وَصْباً: مَرِضَ فهو وصِبٌ؛ وأَوْصَبَ الشيءُ: دامَ وثبتَ؛ وأوْصَبَهُ كذا، فهو يَتَوَصَّبُ، نحوُ يَتَوَجَّعُ. قال تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } [الصَّافات: 9]، {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} [النّحل: 52] فَتَوَعُّدٌ لِمن اتَّخَذَ إلهَيْنِ، وتنبيهٌ أنَّ جَزاءَ من فَعَلَ ذلك عذابٌ لازمٌ شَدِيدٌ. ويكونُ الدِّينُ هَهُنا الطاعَةَ. ومعنى الواصِب: الدائِمُ، أي حَقّ اللَّهِ على الإِنْسانِ أَنْ يُطِيعَهُ دائِماً في جَمِيعِ أحْوالِهِ، كما وَصَفَ به المَلائِكَةَ حيثُ قال: {لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التّحْريم: 6]. ويقالُ: وَصَبَ الشيءُ يَصِبُ وُصُوباً: دام. وَوَصَبَ الدَّيْنُ: وَجَبَ.
وصـد: الوَصيد: من أوْصَدْتُ البابَ أي أَغْلَقْتُهُ، ويقال للجبلِ أو لفناءِ الدار، أو الكهفِ، وجمعُه وصائِد. قوله تَعالى: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} [الكهف: 18] أي بباب الكهف. يقالُ: أوصَدْتُ البابَ، وآصدْتُهُ: أي أطْبَقْتُهُ وأحْكَمْتُهُ. وقال تعالى: {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ } [البَلَد: 20]: مُطْبِقَةٌ. وكذلك: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ } [الهُمَزة: 8]. والوصِيد: المُتقارِبُ الأصُولِ، والوصيدةُ: البيتُ المتَّخَذُ من حجارةٍ للغنمِ، وجمعها وَصَائد.
وصف: الوَصْفُ: ذِكْرُ الشيءِ بِحِلْيَتِهِ ونعْتِهِ، ويقال في الصِّفَةِ: إِنَّما هي الحالُ المتنقِّلة، والنعتُ بما كانَ في خَلْقٍ أو خُلُقٍ، كالزِّنةِ التي هي قَدْرُ الشيءِ. والوَصْفُ قد يكونُ حَقّاً وباطِلاً. قال تعالى: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} [النّحل: 116] تنبيهاً على كون ما يَذْكُرُونَهُ كَذِباً. وقولهُ عزَّ وجلَّ: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ } [الصَّافات: 180] تنبيهٌ على أنَّ أكْثَر صِفاتِهِ ليس على حَسَبِ ما يَعْتَقِدُهُ كثيرٌ من الناسِ، لم يُتَصوَّرْ عنه تمْثِيلٌ وتشبيهٌ، وأنه يَتَعَالَى عمَّا يقولُ الكُفَّارُ. ولهذا قال عزَّ وجلَّ: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} [النّحل: 60]. ويقالُ: اتَّصف الشيءُ في عيْنِ الناظِرِ، إذا احْتَمَلَ الوَصْفَ. ووَصَفَ البَعِيرُ وُصُوفاً. إذا أجادَ السَّيْرَ. والوَصِيفُ: الخادِمُ، والوَصِيفَةُ: الخادِمَةُ.
وصل: الاتِّصالُ: اتِّحادُ الأشياءِ بعضِها ببعضٍ، كاتِّحادِ طَرَفي الدائِرَةِ، ويُضادُّهُ الانْفِصالُ. ويُسْتَعْمَلُ الوَصْلُ في الأعْيانِ وفي المَعانِي. يقالُ: وَصَلْتُ فلانـاً. قال اللَّهُ تعالى: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [البَقَرَة: 27]، وقوله: {إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [النِّسَاء: 90] أي يُنْسَبُون. يقالُ: فلانٌ مُتَّصِلٌ بفُلانٍ، إذا كان بينهما نِسْبةٌ أو مُصاهرةٌ. وقولهُ عَزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} [القَصَص: 51] أي أكْثَرْنا لَهُمُ القَوْل مَوْصُولاً بعضُه ببعضٍ، والمَوْصِلُ: كُلُّ مَوْضِعَيْنِ حَصَلَ بينَهما وُصْلَةٌ، نحوُ مَوْصِلِ البعيرِ أي، ما بَيْنِ العجُزِ والفَخِذِ، وقولهُ: {وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ} [المَائدة: 103] هو أنَّ أحدَهُمْ كان إذا وَلدتْ له شاتُهُ ذَكَراً وأنْثَى قالُوا: وَصَلَتْ أخاها، فَلا يَذْبَحُونَ أخاها لآلهتِهِم من أجْلِها. وقيل: الوصِيلَةُ: العِمارةُ، والخِصْبُ، والوَصِيلَةُ: الأرضُ الواسِعَةُ ذاتُ كلإٍ تتَّصِلُ بأُخرى ذات كَلإٍ. ويقالُ: هذا وَصْلُ هذا، أي صِلَتُهُ. وحام: هو الذكَر من الإِبْلِ كانتِ العربُ إذا أنتجتْ من صُلْبه عشرَ أَبْطُنٍ قالوا: قد حمى ظهرَه فلا يُحمَلُ عليه ولا يَمْتَنِعُ منْ ماء ولا من مرعى..
وصى: وَصَّى وأَوْصَى وأَمَرَ وَعَهدَ: نَظَائِرُ؛ والوَصِيَّةُ: التَّقَدُّمُ إلى الغيرِ بما يَعْمَلُ بِهِ مُقْتَرِناً بالوَعْظِ والإرشادِ. ويقالُ: أوْصاهُ، ووَصَّاهُ. قال تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} [البَقَرَة: 132] وقُرِىءَ: وأوْصَى، وقال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [النِّسَاء: 131]، {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ} [العَنكبوت: 8]، {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النِّسَاء: 12] أي تنفَّذ الوصية والدَّين قبل توزيع التَّركة، {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ} [المَائدة: 106]. ووَصَّى فلانٌ لفلانٍ بكذا: ملَّكَهُ إِيَّاهُ بعدَ موتِهِ، أو جعَلَهُ وصيّاً في مالِهِ وعيالِهِ؛ وتَواصَى القومُ: إذا أوْصَى بعضُهم إلى بعضٍ {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } [العَصر: 3]، {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذّاريَات: 53].
وضع: الوَضْعُ: أعَمُّ من الحَطِّ، وقد يأتي بمعنى: المَوْضِعِ وجمعُهُ مواضِعُ {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النِّسَاء: 46]، ويقالُ ذلك في الحَمْلِ، والحِمْلِ. ويقالُ: وَضَعَتِ الحَمْلَ، فهو مَوْضُوعٌ {وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ } [الغَاشِيَة: 14]. وقوله: {وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } [الرَّحمن: 10] فهذا الوَضْعُ عبارةٌ عن الإيجادِ والخَلْقِ. وَوَضَعَتِ المرأةُ الحَمْلَ وَضْعاً {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} [آل عِمرَان: 36]. فأما الوُضْعُ، والتُّضْعُ، فأن تَحْمِلَ في آخِرِ طُهْرِها في مُقْبَلِ الحَيْضِ. وَوَضْعُ البيتِ: بناؤُهُ {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} [آل عِمرَان: 96]. وَوَضْعُ الكِتابُ: هو إبْرازُ أعْمالِ العِبادِ، نحوُ قولهِ: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا } [الإسرَاء: 13]. وَوَضَعَتِ الدَّابَّةُ، تَضَعُ في سَيْرِها: أَسْرَعَتْ. ودابَّةٌ حَسَنَةُ المَوْضُوعِ. وأوْضَعْتُها: حَمَلْتُها على الإِسْراعِ {وَلأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ} [التّوبَة: 47]. والوَضْعُ في السَّيْرِ، اسْتِعارَةٌ، كقولهِم: ألْقَى باعَهُ، وثِقْلَهُ، ونحوَ ذلك. والوَضِيعَةُ: الحَطِيطَةُ من رأسِ المالِ. وقد وَضِعَ الرجُلُ في تِجَارَتِهِ يَوْضَعُ: إذا خَسِرَ. ورجُلٌ وَضِيعٌ: بيِّنُ الضَّعَةِ، في مُقابَلَةِ رَفِيعٍ: بَيِّنِ الرِّفْعَةِ.
وضن: الوَضْنُ: نَسْجُ الدِّرْعِ، ويُسْتَعارُ لِكُلِّ نَسْجٍ مُحكَمٍ {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ } [الواقِعَة: 15].
وطأ: وَطُؤَ الشيءُ، فهو وطِيءٌ: بَيِّنُ الوَطاءَةِ. والطَّاةِ، والطِّئَةِ، والوطاءُ: ما تَوَطَّأتَ به. وَوَطَأْتُ له بِفِراشِهِ، وَوَطَأْتُهُ بِرِجْلِي، أَطَؤُهُ وَطْأً وَوَطاءَةً ووَطْأةً، وَتَوَطَّأْتُهُ. {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلاً } [المُزّمل: 6] أي إنَّ ساعات الليل تَنْشَأُ ساعةً بعدَ ساعةٍ، وهِيَ أكْثَرُ ثِقْلاً وأبلَغُ مَشَقَّةً. وقيل: هِيَ أَنْسَبُ وَقْتٍ للعِبَادَةِ وأَكَثَرُ مُوافَقَةً. وفي الحَدِيثِ: «اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ على مُضَرَ»(108) أي ذَلِّلْهُمْ. وَوَطِىءَ امرأتَهُ: كِنايَةٌ عن الجِماعِ، والمُواطأةُ: المُوافَقَةُ. وقوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ} [التّوبَة: 37] إلى قولهِ: {لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التّوبَة: 37] معناهُ أَنّهُمْ لم يُحِلُّوا شهراً مِنَ الحُرُمِ إلاّ حَرّموا مكانَهُ شهراً مِنَ الحلالِ، ولم يُحرِّموا شهراً مِنَ الحلالِ إلاّ أحَلُّوا مكانَهُ شهراً مِنَ الحُرُم ليكونَ موافقةٌ في العددِ. وذلكَ المُوَاطَأة.
وطر: الوَطَر: كلُّ حاجةٍ إذا بلغها صاحبُها، «وقد قضى منه وَطَرَهُ» أي نالَ منه بُغْيَتَهُ. قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا} [الأحزَاب: 37] أي قَضَى حاجَتَهُ بالزَّواجِ مِنْها.
وطن: الْمَوْطِنُ: الْمَوْضِعُ الذي يُقيمُ فيه صاحبُه، وهو مَفْعِلٌ من الْوَطن، واسْتَوطَنَ بالمَكانِ إذا اتَّخَذَهُ وَطَناً. قال اللَّهُ تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التّوبَة: 25] أي: في مواضِعَ كَثيرةٍ أو مشاهِدِ الحربِ التي خاضوها. واللاّمُ هنا لِلقَسَمِ، فكأنَّه سبحانه نَصَرَ المؤمنين أَي أعانهم على أَعدائِهِم في مواضِعَ كثيرةٍ على ضَعْفِهِم وقِلَّةِ عَدَدِهِم حَثّاً لَهُم على الانْقِطاعِ إليهِ ومُفارَقَةِ الأَهْلِينَ والأَقْرَبِينَ في طاعَتِهِ للجهاد. وقالَ أحدُهُم: عَدَدْنا تلك المواطنَ فبلغتْ ثمانينَ مَوْطِناً.
وعـد: الوَعْدُ: يكونُ في الخَيْرِ والشَّرِّ. يقالُ: وَعَدْتُهُ بنفْعٍ وضُرٍّ وَعْداً ومَوْعِداً ومِيعاداً. والوَعِيدُ في الشَّرِّ خاصَّةً، يقالُ منه: أوْعَدْتُهُ. ويقالُ: واعَدْتُهُ، وتَوَاعَدْنا. {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} [إبراهيم: 22]، {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَناً} [القَصَص: 61]، {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ} [الفَتْح: 20]، {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [المَائدة: 9] إلى غير ذلك. ومن الوَعْدِ بالشَّرِّ {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} [الحَجّ: 47] وكانُوا إنَّما يَسْتَعْجِلُونَهُ بالعَذابِ، وذلك وعِيدٌ. وقال: {قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الحَجّ: 72]، {إِنَّ مَوْعِدَهُمْ الصُّبْحُ} [هُود: 81]، {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} [الأعرَاف: 70]، {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} [يُونس: 46]، {فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} [إبراهيم: 47]، {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} [البَقَرَة: 268]. ومما يَتَضَمَّنُ الأمْرَيْنِ قوله تعالى: {أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [يُونس: 55] فهذا وَعْدٌ بالقِيامَةِ وجَزَاءِ العِبادِ إنْ خَيْراً فَخَيْرٌ وإنْ شَرّاً فَشَرٌّ، والمَوْعِدُ والمِيعادُ يكونان مصدراً واسْماً {فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا} [طه: 58]، {بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا } [الكهف: 48]، {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} [طه: 59]، {بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ} [الكهف: 58]، {قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ} [سَبَإ: 30]، {وَلَوْ تَوَاعَدْتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} [الأنفَال: 42]. وقوله: {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [يُونس: 55] أي البعث {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآَتٍ} [الأنعَام: 134]، {بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً } [الكهف: 58]. ومِن المُواعَدَةِ قولهُ: {وَلَكِنْ لاَ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البَقَرَة: 235]، {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً} [الأعرَاف: 142]، {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [البَقَرَة: 51] وأرْبَعِينَ وثَلاثِينَ، مفعولٌ لا ظَرْفٌ، أي انْقِضاءَ ثَلاثِينَ وأرْبَعِين. وعلى هذا قولهُ: {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ} [طه: 80]، {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ } [البُرُوج: 2] إشارةٌ إلى القِيامةِ، كقولهِ عزَّ وجلَّ: {مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ } [الواقِعَة: 50]. ومِن الإِيعادِ قولهُ: {وَلاَ تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأعرَاف: 86]، أي تُبعدون وتمنعون الناسَ عن الإتِّصال بشعيب (ع) والتهديد بقتله لولا رهطه. وقال: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ } [إبراهيم: 14]، {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ } [ق: 45]، {لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ } [ق: 28] وكلها من الوعيدِ أي التهديدِ. و: رَأيْتُ أرْضَهُمْ واعِدَةً، إذا رُجِيَ خَيْرُها من النَّبْت. ويومٌ واعِدٌ: حَرٌّ أو بَرْدٌ، وَوَعِيدُ الفَحْل: هَدِيرُهُ. وفي قوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ} [النُّور: 55] فإن لفظة (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ) بمعنى وَعَدَ، كما أنَّ قولهُ: عَزَّ وجلَّ: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النِّسَاء: 11] بمعنى الوَصِيَّةِ. وفي قوله: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفَال: 7] فقولهُ: (إنها لَكُمْ) بَدَلٌ من قولهِ (إحْدَى الطائِفَتَيْنِ)، تقديرُهُ: وَعَدَكُمُ اللَّهُ أنَّ إحْدَى الطائِفَتَيْنِ لَكُمْ، إما طائِفَةُ العِير (القافلة العائدة بأموال قريش) وإما طائِفَةُ النَّفِير (قريش في خروجها لحماية قافلتها)، وقد اختار اللّه للمسلمين ملاقاة النفير فكانت معركة بدر.
وعظ: الوَعْظُ: زَجْرٌ مُقْتَرنٌ بِتَخْويفٍ. وقال الخليلُ: هو التَّذْكِيرُ بالخَيْرِ فيما يَرقُّ له القَلْبُ. والعِظَةُ والمَوْعِظَةُ: اسمٌ مِنَ الوَعْظِ أي كلامِ الواعِظِ من النُّصْحِ والحَثِّ والإِنذارِ. قال تعالى: {يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النّحل: 90]، {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ} [سَبَإ: 46]، أي أعظكم بالتوحيد وطاعة الله، وأن تقوموا للهِ مثنى وفرادى، ليس المقصود الوقوف على أرجلكم بل المراد الإصلاح والإقبال عليه، (إن هو إلا نذير لكم) أي مخوّف لكم من معاصي الله والمعنى: هل رأيتم من منشأه إلى مبعثه وصمةً تنافي النبوّة من كذب أو ضعف في العقل أو اختلاف في القول والفعل فيدل ذلك على الجنون. {ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ} [المجَادلة: 3]، {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [يُونس: 57]، {وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى} [هُود: 120]، {وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ } [المَائدة: 46]، {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً} [الأعرَاف: 145]، {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ} [النِّسَاء: 63]، وفي قوله: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } [هُود: 46] أعظك أي: أُحَذِّرُكَ، والوعظُ أيضاً هو الدعاءُ إلى الحَسنِ والزجرُ عن القبيحِ على وجْهِ الترغيبِ والترهيب. واتَّعَظَ اتِّعاظاً: قَبِلَ الموعِظَةَ وكفَّ نفسَهُ، يُقال: «السعيدُ مَنْ وُعِظَ بغيرِهِ والشقيُّ مَن اتَّعَظَ بِهِ غيرُهُ».
وعى: الوَعْيُ: الإِدْراكُ المُرَكَّزُ. والوَعْيُ: حِفْظُ الحدِيثِ ونحوهِ، يقالُ: وعَيْتُهُ في نَفْسِهِ {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحَاقَّة: 12]. والإيعاءُ: حِفْظُ الأمْتِعةِ في الوعاءِ {وَجَمَعَ فَأَوْعَى } [المعَارج: 18]. قالَ الشاعِرُ:
الخيرُ يَبْقَى وإنْ طالَ الزمانُ بِهِ والشَّرُّ أخْبَثُ ما أوْعَيْتَ من زادِ
قال تعالى: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ} [يُوسُف: 76]، {ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ} [يُوسُف: 76].
وفدَ: يقالُ: وَفَدَ القومُ تَفِدُ وِفَادَةً، وهُمْ وَفْدٌ ووُفُودٌ. وهُمُ الذينَ يَقْدُمُون أو يَفِدونَ على المُلُوكِ مُسْتَنْجِزِينَ الحَوائجَ. ومنه: الوافِدُ من الإِبلِ، وهو السابِقُ لِغَيْرِهِ {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَانِ وَفْدًا } [مَريَم: 85].
وفـر: الوَفْـرُ: المـالُ التَّامُّ، يُقالُ وَفَرْتُ كذا: تَمَّمْتُهُ وكَمَّلْتُهُ، أفِرُهُ وَفْراً ووُفُوراً وَفِرَةً؛ ووَفَّرْتُهُ، على التَّكْثِيرِ {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا } [الإسرَاء: 63] أي لم ينقصْ منه شيءٌ؛ «وَوَفَرْتَ عِرْضَهُ»، إذا أثنيتَ عليه ولم تَعِبْهُ أو تَنْتَقِصْهُ. وأرضٌ في نَبْتِها وَفْرَةٌ، إذا كان تامّاً. ورأيتُ فلاناً ذا وَفارَةٍ، أي تامَّ المروءَةِ والعَقْلِ. والوافِرُ: بحرٌ من بحورِ الشِّعْر.
وفض: الإيفاضُ: الإسْراعُ، وأصْلُهُ أن يَعْدُوَ مَنْ عليه الوَفْضَةُ، وهي الكِنانَةُ تَتَخَشْخَشُ عليه، وجمعُها: الوِفاضُ. {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعَارج: 43] أي يُسْرِعُونَ. وقيلَ: الأَوفاضُ: الفُقَراءُ مِنَ النَّاسِ الذين لا دِفاعَ بِهِم لضَعْفِهِمْ، أَوِ الفِرَقُ مِنَ الناسِ المُسْتَعْجِلَةِ، يقالُ: «لَقِيتُهُ على أوْفاضٍ» أي على عَجَلَة، الواحِدُ: وَفْضٌ.
وفق: الوَفْقُ: المُطَابَقَةُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ {جَزَاءً وِفَاقًا } [النّبَإِ: 26]. يقالُ: وافَقْتُ فلاناً وَوَافَقْتُ الأمْرَ: صادَفْتُهُ. والاتِّفاقُ: مُطابَقَةُ فِعْلِ الإنسان القَدَرَ، ويقالُ ذلك في الخَيْرِ والشَّرِّ. يقالُ: اتَّفَقَ لِفُلاَنٍ خَيْرٌ، واتَّفَقَ له شَرٌّ. والتَّوْفِيقُ نحوُهُ، لكنهُ يَخْتَصُّ في التَّعارُفِ بالخَيْرِ دُونَ الشَّرِّ {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ} [هُود: 88]. ويقالُ: «أتانا لِتوفيقِ الهلالِ وتِيفَاقِهِ» أي حِينَ اتَّفَقَ إهْلالُهُ، أو حينَ أهلَّ.
وفى: الوافِي: الذي بَلَغَ التَّمامَ. يقالُ: دِرْهَمٌ وافٍ، وأوْفَيْتُ الكَيْلَ والوَزْنَ {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ} [الإسرَاء: 35]. وَفَى بِعَهْدِهِ، يَفِي وَفاءً، وأوْفَى: إذا تَمَّمَ العَهْدَ، ولم يَنْقُضْ حِفْظَهُ. واشْتِقاقُ ضِدِّهِ، وهو الغَدْرُ، يَدُلُّ على ذلك، وهو التَّرْكُ. والقُرآنُ جاءَ بـأوْفَى، {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البَقَرَة: 40]، {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُّمْ} [النّحل: 91]، {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى} [آل عِمرَان: 76]، {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [البَقَرَة: 177]، {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسَان: 7]، {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} [التّوبَة: 111]. وفي قوله: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى } [النّجْم: 37] فَتَوْفِية ابراهيم: أنه بَذَلَ المَجْهُودَ في جميعِ ما طُولِبَ به مما أشارَ إليه في قولهِ: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [التّوبَة: 111] مِنْ بَذْلِ مالِهِ بالإنْفَاقِ في طاعَتِهِ وبَذْلِ وَلَدِهِ الذي هو أعَزُّ من نَفْسِهِ لِلْقُرْبانِ، وإلى ما نَبَّهَ عليه بقولهِ: (وَفَّى)، وذلك إِشارةٌ إلى قولِهِ تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البَقَرَة: 124]. وتَوْفِيَةُ الشيءِ: بَذْلُهُ وَافِياً، واسْتِيفاؤُهُ: تناوُلُهُ وَافِياً {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ} [آل عِمرَان: 25]، {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ} [آل عِمرَان: 185]، {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ} [البَقَرَة: 281]، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزُّمَر: 10]، {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} [هُود: 15]، {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} [الأنفَال: 60]، {فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ} [النُّور: 39]. وقد عُبِّرَ عن المَوْتِ والنَّوْمِ بالتَّوَفِّي {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزُّمَر: 42]، {وَهُوَ الَّذِي يَتَوفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ} [الأنعَام: 60]، {قُلْ يَتَوفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} [السَّجدَة: 11]، {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ} [النّحل: 70]، {الَّذِينَ تَتَوفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ} [النّحل: 28]، {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} [الأنعَام: 61]، {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} [يُونس: 46]، {وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ } [آل عِمرَان: 193]، {وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } [الأعرَاف: 126]، {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} [يُوسُف: 101]، {يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عِمرَان: 55]، وقد قيلَ: تَوَفِّيَ رِفْعَةً واخْتِصاصاً. لا تَوفِّيَ مَوْتاً. قال ابنُ عباسٍ: تَوَفِّيَ مَوْتاً، لأنه أماتَهُ ثم أحْياهُ.
وقب: الوَقْبُ، كالنُّقْرَةِ في الشيءِ، وَوَقَبَ الرجل، إذا دَخَلَ في الوَقْب. ومنه وَقَبَتِ الشمسُ: غابَتْ. {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } [الفَلَق: 3] أي ومن شرِّ الليل إذا خَيَّم بظلامه وسَرَحَتْ هَوَامُهُ. وَقَبَّهُ، و «وقَبَتْ عيناه» إذا غارتا، وأَوْقَبَ الرجلُ، إذا جَاعَ.
وقت: الوَقْتُ: نِهايَةُ الزمان المَفْرُوضِ للعَمَلِ، ولهذا لا يَكادُ يقالُ إلاَّ مُقَدَّراً، نحوُ قولهِم: وَقَّتُّ كذا: جَعَلْتُ له وَقْتاً. {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } [النِّسَاء: 103]. وقوله: {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ } [المُرسَلات: 11] أي جُمِعَت لِوَقْتِها، وهُوِ يَومُ القِيامَةِ لِتشْهدَ على الأُمَمِ. والمِيقاتُ: الوَقْتُ المَضْرُوبُ للشيءِ، والوَعْدُ الذي جُعِلَ له وَقْتٌ {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ} [الدّخان: 40]، {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا } [النّبَإِ: 17]، {إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ } [الواقِعَة: 50]. وقد يقالُ المِيقاتُ للمكانِ الذي يُجْعَلُ وَقْتاً للشيءِ، كَمِيقات الحَجِّ.
وقد: يقالُ: وَقَدَتِ النارُ تَقِدُ وُقُوداً وَوَقْداً. والوَقُودُ: يقالُ للحطَبِ المجْعُولِ لِلْوُقُودِ، ولِما حَصَل من اللّهب {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البَقَرَة: 24]، {وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ } [آل عِمرَان: 10]، {النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ } [البُرُوج: 5]. واسْتَوْقَدْتُ النارَ: إذا ترَشَّحْتُ لإِيقَادِها، وأوْقَدْتُها. قال: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اُسْتَوْقَدَ نَارًا} [البَقَرَة: 17]، {وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ} [الرّعد: 17]، {فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ} [القَصَص: 38]، {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ } [الهُمَزة: 6] ومنه: وَقْدَةُ الصَّيْفِ: أشَدُّهُ حَرّاً. واتَّقَد فُلانٌ غَضَباً. ويُسْتعارُ وَقَدَ واتَّقَد للحَرْبِ، كاسْتِعارةِ النار والاشْتعال، ونحو ذلك لَها. قال تعالى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} [المَائدة: 64] وقد يُسْتَعارُ ذلك للتَّلألُؤِ، فيقالُ: اتَّقَدَ الجَوْهَرُ والذَّهَبُ.
وقذ: {وَالْمَوْقُوذَةُ} [المَائدة: 3] أي البهيمةُ المَقْتُولَةُ بالضَّرْبِ، أي التي وُقِذَتْ بالعَصَا حتى ماتَتْ. وشاةٌ موقوذةٌ: أي مقتولةٌ بالخَشَبِ.
وقر: الوَقْرُ: الثِّقَلُ في الأُذُنِ. يقالُ: وَقَرَتْ أُذُنُهُ تَقِرُ وتَوْقَرُ. قال أبُو زَيْد: وَقِرَتْ تَوْقَرُ، فهي مَوْقُورَةٌ {وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ} [فُصّلَت: 5]، {وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} [الأنعَام: 25]. والوَقْرُ: الحِمْلُ للحِمارِ وللبَغْل. والوَقارُ: العَظَمَةُ، وهو اسم من التَّوْقِيرِ أي التَّعْظِيمِ، والوَقارُ أيضاً: السُّكُونُ والحِلْمُ. يُقالُ: هو وَقُورٌ ووَقارٌ وَمُتَوَقِّرٌ. قالَ اللهُ تعالى: {مَا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا } [نُوح: 13] قيل معناه: ما لَكُمْ لا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَذَاباً، ولا تَرْجُونَ منه ثَوَاباً أو تخشَوْنَ له عظمةً. وقولهُ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزَاب: 33] قيل: هو من الوَقَارِ. وقال بعضُهم: هو من قولِهم وَقَرْتُ أقِرُ وقْراً، أي جَلَسْتُ. وقوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفَتْح: 9] أي وتنصروا رسول الله بالسيف وباللسان وتوقروه، أي: وتبجّلوه وتحترموه.
وقع: الوُقُوعُ: ثُبُوتُ الشيءِ وسُقُوطُهُ، فمن حيثُ الثبوت يُقالُ: وَقَعَ الحقُّ، ومنْ حيثُ السقوط يُقالُ: وقَعَ الشيءُ مِنَ يَدي، أو وَقَعَ الطائِرُ وُقُوعاً على أرضٍ أو شَجَرٍ؛ والواقِعةُ: لا تقالُ إلاَّ في الشِّدَّةِ والمكْرُوهِ، وهي اسمٌ مِنَ الوقعةِ بالحربِ، وأكثرُ ما جاء في القرآنِ من لَفْظِ وَقَع جاءَ في العذاب والشَّدائِدِ، نحوُ: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ *لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } [الواقِعَة: 1-2] والواقعةُ هنا: القيامةُ، قال: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [المعَارج: 1]، {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ } [الحَاقَّة: 15]. ووُقُوعُ القولِ: حُصُولُ مُتضَمَّنِهِ {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا} [النَّمل: 85] أي وَجَبَ العَذابُ الذي وُعِدُوا لِظُلمِهم. وقال عزَّ وجلَّ: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَالَهُمْ دَآبَّةً مِنَ الأَرْضِ} [النَّمل: 82] أي إذا ظَهَرَتْ أماراتُ القيامةِ التي تقدَّم القولُ فيها. وقال {قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ} [الأعرَاف: 71]، {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} [يُونس: 51]، {فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النِّسَاء: 100] واسْتِعْمالُ لَفْظَةِ الوُقُوعِ هَهُنا تأكِيدٌ للوُجُوبِ كاسْتِعْمالِ قولهِ تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } [الرُّوم: 47]، {كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ } [يُونس: 103]، وفي قوله: {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ } [الحِجر: 29] فعبارةٌ عن مُبادَرَتِهِمْ إلى السُّجُودِ. وَوَقَعَ المَطَرُ: نحوُ سَقَـطَ. وَمَواقِعُ الغَيْثِ: مَساقِطُهُ. والمُواقَعَةُ: مُلامسةُ الشيء بِشِدَّةٍ، ومنه وقائِـعُ الحـرب. قوله تعالى: {فَظَنُّوا أَنَّهُمْمُوَاقِعُوهَا} [الكهف: 53] أي عَلِمُوا أنَّهم داخِلُوها وواقِعُونَ في عَذابِها.
وقف: يقالُ: وَقَفْتُ القومَ أَقِفُهُمْ وَقْفاً. وَوَقَفُوا هُمْ وُقُوفاً {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ } [الصَّافات: 24]، {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} [الأنعَام: 30] عرفوا ما وعدهم ربهم من العذاب أي عرفوا ما أخبرهم ربهم به، كما يقال: وقفته على كلام فلان أي عرّفتْهُ إيّاه. ومنه اسْتُعِير: وَقَفْتُ الدار: إذا سَبَّلتها. والوَقْفُ: سِوارٌ من عاجٍ، أو هو حَبْسُ العَيْنِ على مُلْكِ الواقِفِ، والواقِفُ هو الحابِسُ لعينِهِ إما على مُلكِهِ أو مُلكِ اللَّهِ تعالى. ومَوْقِفُ الإنسانِ: حيثُ يَقِفُ في المكانِ الذي هو فيه. والمُواقَفَةُ: أن يَقِفَ كُلُّ واحد أمْرَهُ على ما يَقِفُهُ عليه صاحِبُهُ.
وقى: الوِقايَةُ: حِفْظُ الشيءِ مما يُؤْذِيهِ ويَضُرُّهُ، يقالُ: وَقَيْتُ الشيءَ أَقِيهِ وِقايَةً أي حفظتهُ {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} [الإنسَان: 11]، {وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } [الطُّور: 18]، {وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ } [الرّعد: 34]، {لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ } [الرّعد: 37]، {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التّحْريم: 6]. والتَّقْوَى: جَعْلُ النَّفْسِ في وِقايَة مما يُخافُ. هذا تحقيقهُ، ثم يُسَمَّى الخَوْفُ تارةً تَقْوَى، والتَّقْوَى خَوْفاً، حَسْب تَسْمِيَةِ مُقْتَضَى الشيءِ بِمُقْتَضِيه، والمُقْتَضِي بِمُقْتَضاهُ. وصارَ التَّقْوَى في تَعارُفِ الشَّرْعِ حِفْظَ النَّفْسِ عَمَّا يُؤْثِمُ، وذلك بِتَرْكِ المَحْظُورِ. ويَتِمُّ ذلك بِتَرْكِ بعضِ المُباحاتِ، لِما رُوِيَ: «الحَلالُ بَيِّنٌ والحَرامُ بَيِّنٌ، ومَنْ رَتَعَ حَوْلَ الحِمَى، فَحَقِيقٌ أنْ يَقَعَ فيه»(109). قال: {فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [الأعرَاف: 35]، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقُوْا} [النّحل: 128]، {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزُّمَر: 73] فجَعْلِ التَّقْوَى مَنازِلَ. قال: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البَقَرَة: 281]، {اتَّقُوا رَبَّكُمُ} [النِّسَاء: 1]، {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِهِ} [النُّور: 52]، {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} [النِّسَاء: 1]، {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عِمرَان: 102] معناهُ أنْ يُطاعَ فلا يُعْصَى ويُشكَرَ فلا يُكفر ويُذْكرَ فلا يُنسَى. ويقالُ: اتَّقَى فلانٌ بكذا، إذا جَعَلَهُ وِقايَةً لِنَفْسِهِ. وقولهُ: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزُّمَر: 24] تنبيهٌ على شِدَّةِ ما يَنالُهُمْ، وإن أجْدَرَ شيءٍ يَتَّقُونَ به مِنَ العَذابِ يومَ القِيامَةِ هو وُجُوهُهُمْ، فَصار ذلك كقولهِ: {وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ } [إبراهيم: 50]، {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وَجُوهِهِمْ} [القَمَر: 48].
وكأ: الوكاءُ: رِباطُ الشيءِ، وقد يُجْعَلُ الوكاءُ اسماً لِما يُجْعَلُ فيه الشيءُ فَيُشدُّ به. ومنه: أوْكأْتُ فلاناً: جَعَلْتُ له مُتَكَأً. وتَوَكَّأَ على العَصا: اعْتمد عليهـا وتشـدَّد بها. {هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} [طه: 18] معناه أعتمد عليها وأتقوّى.
وكد: وَكَّدْتُ القولَ والفِعْل، وأكَّدْتُهُ: أحكَمْتُهُ. {وَلاَ تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النّحل: 91] أيْ بعدَ تَوْثيقِهَا وَعَقْدِها وإِبْرامِهَا. تقولُ: إذا عَقَدْتَ: أكَّدْتُ، وإذا خَلَفْتَ: وكَّدْتُ. ووكَّدَ وكْدَهُ: إذا قَصَدَ قَصْدَهُ، وتَخَلَّقَ بِخُلُقِهِ.
وكز: الوَكْزُ: الطَّعْنُ والدَّفْعُ والضَّرْبُ بِجَمِيعِ الكَفِّ. قال تعالى: {فَوَكَزَهُ مُوسَى} [القَصَص: 15].
وكل: التَّوكِيلُ: أنْ تَعْتَمِدَ على غيرِكَ، وتَجْعَلَهُ نائِباً عنك. والوَكِيلُ: فَعِيلٌ، بِمعنَى المفعول. {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً } [النِّسَاء: 81] أي اكْتَفِ به أن يَتَوَلَّى أمْركَ، ويَتَوَكَّلَ لَكَ. وعلى هذا {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } [آل عِمرَان: 173]، {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ } [الأنعَام: 107]، أي بِمُوَكَّلٍ عليهم وحافِظٍ لَهُمْ، كقولِهِ: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى} [الغَاشِيَة: 22-23] فعلى هذا قولهُ تعالى: {قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } [الأنعَام: 66]، وقولهُ: {أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } [الفُرقان: 43]، {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } [النِّسَاء: 109] أي مَنْ يَتَوَكَّلُ عنهم. والتَّوَكُّلُ يقالُ على وَجْهَيْنِ، يقالُ: تَوَكَّلْتُ لِفُلانٍ، بمعنَى تَوَلَّيْتُ له، ويقالُ: وَكَّلْتُهُ فَتَوَكَّلَ لي. وَتَوَكَّلْتُ عليه: بمعنَى اعْتَمَدْتُهُ. قال تعالى: {فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } [آل عِمرَان: 122]، {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطّلاَق: 3]، {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا} [المُمتَحنَة: 4]، {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا} [المَائدة: 23]، {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً } [النِّسَاء: 81]، {وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هُود: 123]، {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ} [الفُرقان: 58]. وواكَلَ فلانٌ، إذا ضَيَّعَ أمْرَهُ مُتَّكِلاً على غيرِهِ. وتَوَاكَلَ القومُ: إذا اتَّكَلَ كُلٌّ على الآخَر. ورجُلٌ وُكَلَةٌ، تُكَلَةٌ، إذا اعْتَمَدَ غيرَهُ في أمْرِهِ. والوكالُ في الدَّابَّةِ: أن لا يَمْشِيَ إلاَّ بِمَشْيِ غيرهِ. ورُبَّما فُسِّر الوَكِيلُ بالكَفِيلِ، والوَكِيلُ أعَمُّ لأنَّ كُلَّ كَفِيلٍ وَكِيلٌ، وليس كُلُّ وَكِيلٍ كَفِيلاً.
ولج: الوُلُوجُ: الدُّخُولُ في مَضِيقٍ {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعرَاف: 40]. وقولهُ: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [الحَجّ: 61] تنبيهٌ على ما رَكَّبَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ عليه العَالَمَ من زيادةِ الليلِ في النهارِ وزيادةِ النهارِ في اللَّيلِ، وذلك بِحَسَبِ مَطالِعِ الشمسِ ومَغارِبِها. والوَلِيجَةُ: كُلُّ ما يَتَّخِذُهُ الإِنْسانُ مُعْتَمِداً عليه، وليس من أهْلِهِ، من قولِهم: فلانٌ ولِيجَةٌ في القومِ، إذا لَحِقَ بِهِمْ وليسَ منهم، إنساناً كان أو غيرَهُ {وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} [التّوبَة: 16] وذلك مِثْلُ قولهِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} [المَائدة: 51]. يقال: «رجُلٌ وُلَجَةٌ خُرَجَةٌ» أي كثيرُ الدخولِ والخروجِ، ومثلُهُ: خَروجٌ وَلُوجٌ.
ولد: الوَلَدُ: المَوْلُودُ، ويقالُ للواحدِ والجمعِ والصَّغِيرِ والكبيرِ {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ} [النِّسَاء: 11]، {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ} [الأنعَام: 101]. ويقال للمُتَبَنَّى: وَلَدٌ. قال: {أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [يُوسُف: 21]، {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } [البَلَد: 3]. قال أبو الحَسَنِ: الوَلَدُ: الابْنُ والابْنَةُ. والوُلْدُ: هُمُ الأهْلُ والوِلْدُ. ويقالُ. وُلِدَ فلانٌ {وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ} [مَريَم: 33]، {وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ} [مَريَم: 15]، والأبُ: يقالُ له والِدٌ، والأُمُّ: والِدَةٌ. ويقالُ لَهُمَا: وَالِدَانِ {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} [نُوح: 28]. والوَلِيدُ: يقالُ لِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالولادَةِ، وإن كان في الأصْلِ يصحُّ لِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ أو بَعُدَ، كما يقالُ لِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بالاجْتِناءِ جَنِيٌّ، فإذا كَبُرَ الوَلَدُ سَقَطَ عنه هذا الاسمُ؛ وجمعُه: وِلْدان {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا } [المُزّمل: 17]. والوَلِيدَةُ: مُخْتَصَّةٌ بالإماءِ في عامَّةِ كلامِهِمْ. واللِّدَةُ: مُخْتَصَّةٌ بالتِّرْبِ. يقالُ: فلانٌ لِدَةُ فلانٍ وتِرْبُهُ، ونُقْصانُهُ الواوَ لأَنَّ أصْلَهُ ولْدَةٌ. وتَولُّدُ الشيءِ مِنَ الشَّيْءِ: حُصُولُهُ عنه بِسَبَبٍ من الأسْبابِ. وجمعُ الوَلَدِ: أوْلادٌ، {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ} [التّغَابُن: 15]، {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} [التّغَابُن: 14] فَجَعَلَ كُلَّهُمْ فِتْنَةً، وبعضَهم عَدُوّاً. وقيلَ: الوُلْدُ جمعُ وَلَدٍ، نحوُ أسَدٍ وأُسْدٍ. ويجوزُ أن يكونَ واحِداً نحوُ بُخْلٍ وبَخَلٍ، وعَرَبٍ وعُرْبٍ. وقولهم: «وُلْدُكِ مَنْ دَمَّى عَقِبيك»(110) أيْ مَنْ نُفِسْتِ بِهِ فهوابنُكِ؛ وقُرِىءَ {مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ} [نُوح: 21].
ولق: الوَلْقُ: الإسْراعُ. ويقالُ: وَلَقَ الرجُلُ في سَعْيِهِ يَلِقُ وَلْقاً: أسرَعَ، ووَلَقَ في الكذب: استمَرَّ فيه. وقوله تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} [النُّور: 15] قُرِىءَ «إذْ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ»، بَيْنَما نجدُ خلافاً كَبيراً بَيْنَ تَلقَّوْنَهُ وتَلقُونَهُ في المَبْنَى والمَعْنَى. وأمّا مَعْنى تَلقَّوْنَهُ فَهُوَ منْ تَلَقيتُ الحديثَ مِن فلانٍ، أي أخذْتُه مِنه وقبلتُه من غير دليلٍ. ومن تنوُّعِ هذهِ القراءاتِ راحَ المغرِضونَ يندسّونَ بين صفوفِ المسلمين ليُظهروا أن القرآنَ ليس وِحدةً متماسكةً، بحجّة أنَّ بعضَ القراءات كُتبَت عِوَضاً عَن رسم الآيات أي الكلمات التي أنزلها اللّهُ تعالى توقيفيّاً عنه وكُتبت في زمَن رسول اللّه (ص) على الرُّقاع وحُفظَتْ في الصدور. كما حُفِظَتْ النسخة التي كُتبتْ في زمن رسول اللّه (ص) عند أم المؤمنين السيدة حَفْصة. ولما نُسِخَت في خلافة عثمان (رضي اللّه عنه) كانت هي المرجعَ لكلِّ ما كُتبَ من قِبَلِ المحققين، وَوُزّعت نسخاً بكتابةٍ واحدة وبرسمٍ واحدٍ على الأمصار، فإذا كانت الخلافاتُ في القراءات فلماذا جعلت في الكتابات؟!
ولي: الولاءُ والتَّوالِي: أنْ يَحْصُلَ شَيئانِ فصاعِداً حُصُولاً ليسَ بينَهما ما ليسَ منهما، ويُسْتَعار ذلك لِلقُرْبِ من حيثُ المَكانُ، ومن حيثُ النِّسْبَةُ، ومن حيثُ الدِّينُ، ومن حيثُ الصَّدَاقةُ والنُّصْرَةُ والاعتِقادُ. والوِلايَةُ: النُّصْرَةُ. والوَلايَةُ: تَولِّي الأمْر. وقيلَ: الوِلاَيَةُ والوَلايَةُ واحِدَةٌ، نحو الدِّلالةِ والدَّلالةِ. وحقيقتُهُ تَوَلِّي الأمْر. والوَلِيُّ والمَوْلَى يُسْتَعْمَلانِ في ذلك. كُلُّ واحِدٍ منهما يقالُ في معنَى الفاعِلِ، أي المُوالِي، وفي معنَى المَفْعُولِ أي المُوالَى. يقالُ لِلمُؤْمِنِ هو وَلِيُّ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، ولم يَرِدْ مَوْلاَهُ. وقد يقالُ اللَّهُ تعالى وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ ومَوْلاهُمْ. فَمِنَ الأَوَّل {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البَقَرَة: 257]، {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ} [الأعرَاف: 196]، {وَاللَّهُوَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } [آل عِمرَان: 68]. ومن الثاني {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا} [محَمَّد: 11]، {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ } [الأنفَال: 40]، {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ} [الحَجّ: 78]، {فَنِعْمَ الْمَوْلَى} [الحَجّ: 78]، {قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [الجُمُعَة: 6]، {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ} [التّحْريم: 4]، {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ} [الأنعَام: 62]. والوالِي: الذي ورد في قولهِ: {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ } [الرّعد: 11] بمعنَى الوَلِيِّ. ونَفَى اللَّهُ تعالى الوِلاَيَةَ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ والكافِرِينَ في أكثرَ منِ آيَةٍ. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} [المَائدة: 51] إلى قولهِ: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المَائدة: 51]، {لاَ تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [التّوبَة: 23]، {وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعرَاف: 3]، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلاَيَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفَال: 72]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [المُمتَحنَة: 1]، {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [المَائدة: 80] إلى قولهِ: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ} [المَائدة: 81]. وجَعَلَ بَيْنَ الكافِرِين والشياطين مُوالاةً في الدُّنْيا، ونَفَى بينَهم المُوالاةَ في الآخرةِ. قال اللَّهُ تعالى في المُوالاة بينَهم في الدُّنيا {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ} [التّوبَة: 67]، {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأعرَاف: 30]، {إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [الأعرَاف: 27]، {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ} [النِّسَاء: 76] فكما جَعَلَ بينَهم وبَيْنَ الشَّيْطانِ مُوالاةً جَعَلَ للشَّيْطانِ في الدُّنْيا عليهم سُلْطاناً. فقالَ: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} [النّحل: 100] ونَفَى المُوالاةَ بينَهم في الآخرةِ، فقالَ في مُوالاةِ الكُفَّارِ بعضِهم بعضاً {يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلىً عَنْ مَوْلىً شَيْئًا} [الدّخان: 41]، {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ} [العَنكبوت: 25]، {قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا} [القَصَص: 63]. وقولهُم: تَوَلَّى، إذا عُدِّيَ بِنَفْسِهِ اقْتَضَى معنَى الوِلايَةِ، وحُصُولَهُ في أقْرَبِ المَواضِعِ منه. يقالُ: وَلَّيْتُ سَمْعِي كذا، وَوَلَّيْتُ عَيْنِي كذا، وَوَلَّيْتُ وَجْهِي كذا: أقْبَلْتُ به عليه {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البَقَرَة: 144]، {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البَقَرَة: 144]، {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البَقَرَة: 144]. وإذا عُدِّيَ بِمَنْ لفظاً أو تقديراً اقْتَضَى معنَى الإِعْراضِ وتَرْكِ قُرْبِهِ. فَمِنَ الأوَّلَ {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْفَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المَائدة: 51]، {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المَائدة: 56]. ومن الثانِي {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ } [آل عِمرَان: 63]، {إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ } [الغَاشِيَة: 23]، {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [آل عِمرَان: 64]، {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [محَمَّد: 38]، {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ } [التّغَابُن: 12]، {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاَكُمْ} [الأنفَال: 40]، {فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [آل عِمرَان: 82]. والتَّولِّي قد يكونُ بالجِسْمِ وقد يكونُ بِتَرْكِ الإصْغاءِ والائتِمارِ. {وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ } [الأنفَال: 20] أي لا تَفْعَلُوا ما فَعَل المَوْصُوفُونَ بقولِهِ: {وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا } [نُوح: 7] ولا تَرْتَسِمُوا قولَ مَنْ ذُكِرَ عنهم {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} [فُصّلَت: 26]. ويقالَ: وَلاَّهُ دُبُرَهُ، إذا انْهَزَمَ {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ} [آل عِمرَان: 111]، {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يُوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفَال: 16]، {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا } [مَريَم: 5] أي ابْناً يكونُ مِنْ أوْلِيائِكَ. وقولهُ: {خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} [مَريَم: 5] قيلَ: ابنُ العَمِّ، وقيلَ: مَوالِيه. وقولهُ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} [الإسرَاء: 111] فيه نَفْيُ الوَلِيِّ بقولهِ عزَّ وجلَّ: (مِنَ الذُّلِّ)، إذ كان صالِحُو عِبادِهِ هُمْ أوْلِياءُ اللَّهِ، كما تقدمَ، لكنْ مُوالاتُهُمْ لِيَسْتَوْلِيَ هو تعالى بهم. قال: {وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا } [الكهف: 17] والوَلْيُ: المَطرُ الذي يَلِي الوَسْمِيَّ. والمَوْلَى: يقال للمُعْتِقِ والمُعْتَقِ والحَلِيفِ وابنِ العَمِّ والجارِ. وكُلُّ مَنْ وَلِيَ أمْرَ الآخَرِ، فهو وَلِيُّهُ. ويقالُ: فلانٌ أوْلَى بكذا، أَي أحْرَى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزَاب: 6]، {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} [آل عِمرَان: 68]، {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النِّسَاء: 135]، {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفَال: 75] وقيلَ: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى } [القِيَامَة: 34] معناهُ: العِقابُ أوْلَى لَكَ يا أبا جهل، والتكرار للتأكيد. وقيل: معناه: وليك الشرّ في الدنيا وفي الآخرة. وقيل: معناه: الذمّ لك أولى.
ونى: وَنَى في الأمر يَنِي وَنْياً: إذا قَصَّر فيه فهو وَانٍ ومُتَوانٍ فيه، أي مُقَصِّرٌ يَتعمَّدُ التقصير. قال الله تعالى: {وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي } [طه: 42] معناه: ولا تقصِّرا في ذكري، ولا تُهْمِلاَ أمري. أي ولا تَضعُفا في أَداءِ رسالتي...
وهب: الهِبَةُ: أنْ تَجْعَلَ مِلْكَكَ لِغَيْرِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ. يقالُ: وَهَبْتُهُ هِبَةً ومَوْهِبَةً ومَوْهِباً {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ} [الأنعَام: 84]، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم: 39]، وفي قوله: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَِهَبَ لَكِ غُلاَمًا زَكِيًّا } [مَريَم: 19] نسب الملَكُ إلى نَفسِهِ الهِبَة لمَّا كان سَبَباً في إيصاله إليها. وقد قُرىء: لِيَهَبَ لَكِ فَنُسِب إلى اللَّهِ تعالى، فهذا على الحقِيقةِ، والأوّلُ على التوسُّع. وقال تعالى: {فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا} [الشُّعَرَاء: 21]، {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ} [ص: 30]، {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ} [ص: 43]، {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا } [مَريَم: 53]، {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا } [مَريَم: 5]، {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفُرقان: 74]، {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} [آل عِمرَان: 8]، {وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَِحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]، {وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا } [مَريَم: 50]، {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبيَاء: 90]، {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ } [الشّورى: 49]، {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} [آل عِمرَان: 38]، {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ } [الصَّافات: 100]. ويوصفُ اللَّهُ تعالى بالواهِبِ والوهّاب ومن ذلك قولهُ تعالى: {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } [آل عِمرَان: 8]، {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ } [ص: 9]. والوَهّاب: بمعنى أنه يعطي كُلاًَّ على قدرِ استحقاقِهِ. والاتِّهابُ: قبولُ الهِبَةِ. وفي الحديث: «لقد هَمَمْتُ أنْ لا أَتَّهِبَ هبةً إلا من قُرَشِيٍّ أو أنصاريٍّ أو ثقفيٍّ»(111).
وهج: الوَهَجُ: حُصُولُ الضَّوْءِ والحَرِّ من النَّارِ، والوَهَجانُ كذلك. وقولهُ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا } [النّبَإِ: 13] أي مضيئاً. وقد وَهَجَت النارُ تَوْهَجُ وتَهِجُ وَهْجاً: توقَّدت؛ وَوَهَجَ يهِجُ، وَيَوْهَجُ، وتَوَهَّجَ الجَوْهَرُ: تَلألأَ.
وهن: الوَهْنُ: ضَعْفٌ من حيثُ الخَلْقُ أو الخُلُقُ، أي في الأمرِ والبدَنِ والعَمَلِ {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} [مَريَم: 4]، {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ} [آل عِمرَان: 146]، و {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ} [لقمَان: 14] أي كُلَّما عَظُمَ في بَطْنِها زادَها ضَعْفاً على ضَعْف، {وَلاَ تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ} [النِّسَاء: 104]، {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا} [آل عِمرَان: 139]. {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ } [الأنفَال: 18] أيْ بِإِلقاءِ الرُّعبِ في قلوبهمْ وَتفريقِ كلمتِهم. وفي قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } [العَنكبوت: 41] شبّهَمن اتخذ من دون الله آلهَةَ يبتغون النّصرَ منها والنفعَ، شبَّهَهم بالعنكبوتِ التي اتخذت بيتاً لتأويَ إليه وتحتميَ به، وإنَّ أضعفَ البيوتِ لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون .
وهى: الوَهْيُ: شَقٌّ في الأدِيمِ والثَّوْبِ ونحوِهما، ومنه يقالُ: وَهَتْ عَزالَى السَّحاب بمائِها. {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } [الحَاقَّة: 16] أي شديدة الضَّعفِ بانْتِقاضِ بُنْيَتِها. وكُلُّ شيء اسْتَرْخَى رِباطُهُ، فقد وهَى.
وي: وَيْ: كَلِمَةٌ تُذْكَرُ للتَّحَسُّرِ والتَّنَدُّمِ والتَّعَجُّبِ. تقولُ: وَيْ لِعَبْدِ اللَّهِ. قال تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ} [القَصَص: 82]، {وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ } [القَصَص: 82]. وقيلَ: وَيْ لِزَيْدٍ. وقيلَ: وَيْكَ أي وَيْلَكَ، فَحُذِفَ منه اللامُ.
ويل: قال الأصْمَعِيُّ: وَيْلٌ: قُبْحٌ، وقد يُسْتَعْمَل على التَّحَسُّر. وَويْسَ: اسْتِصْغَارٌ. وَوَيْحَ: تَرَحُّمٌ. أو قالوا: الويلُ حلولُ الشرِّ، وَوَيْسٌ تُسْتعمَلُ في موضوعِ رأفةٍ واستملاحٍ كقولك للصبي: «وَيْحَهُ ما أَمْلَحَهُ ووَيْسَهُ ما أَمْلَحَهُ» وحكمُهما حكمُ: وَيْحَ. ومن قال: (وَيْلٌ) هو وادٍ في جَهَنَّم فإنه لم يُردْ أنَّ وَيْلاً في اللُّغَةِ هو مَوْضُوعٌ لهذا، وإنما أرادَ مَنْ قال اللَّهُ تعالى ذلك فيه فقد اسْتَحَقَّ مَقَرّاً من النارِ، وثَبَّتَ ذلك له {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيدِيهِمْ} [البَقَرَة: 79]، {وَوَيلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ } [البَقَرَة: 79]، {وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ} [إبراهيم: 2]، {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } [الجَاثيَة: 7]، {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [مَريَم: 37]، {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} [الزّخرُف: 65]، {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ } [المطفّفِين: 1]، {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ} [الهُمَزة: 1]، {يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا} [يس: 52]، {ياوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } [الأنبيَاء: 46]، {يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ } [القَلَم: 31]، {ياوَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} [هُود: 72]، {وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى } [طه: 61]، {وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [القَصَص: 80]، {قَالَ يَاوَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ} [المَائدة: 31]، {يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } [الفُرقان: 28]، {وَيَقُولُون ياوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا} [الكهف: 49]. يا وَيْلَتَنَا: هذِهِ لَفْظَةٌ يَقُولُها الإنْسَانُ إذَا وَقَعَ في شدَّةٍ فَيَدْعُو على نَفسِهِ بالويْلِ والثُّبور.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢