نبذة عن حياة الكاتب
الاسلام وثقافة الانسان

مقدمة الكتاب
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ *} [سَبَإ: 28]
الدار الأفريقية العربية
بسم الله الرحمن الرحيم
مقَدّمة
الكتبُ الإسلاميّةُ التي اشتهرَ أصحابُها بدقّةِ المعرفَةِ، وحسُنِ الأسلوبِ، وبحثِ الموضوعِ بحثاً مسهباً أو موجزاً، كثيرةٌ والحمدُ للَّهِ.
والذي دَفَعني إلى تأليفِ هذا الكتابِ لم يكن ناشئاً عن الشعورِ بقلّةِ المؤلفاتِ في مثلِ هذا الموضوعِ، بل لأني وجدتُ العالمَ الإسلاميّ يَتَخَبّطُ في دياجيرِ الفَوْضَى الفِكريّةِ، وتشابكِ المفاهيمِ، حيثُ الشبابُ الناشىءُ يُقبلُ على العلمِ بشتّى أنواعِهِ، ولكَنْ قَلّ مَنْ يحاولُ التفكيرَ فيما يحصِّلُ من معلومات.
ثم رأيتُ ضحالةً فكريةً، عندَ العامّةِ من المسلمينَ وغيرِ المسلمينَ، جاءَ بها القرنُ العِشرونَ على لِسانِ الموَجّهين الَّذين تخلّوا عن الوقائِعِ والنتائِج، وَسَعَوْا وراءَ الكلماتِ الرنّانَةِ فنَسُوا أنّ الكلمةَ لهَا مدلولٌ، لا يجوزُ أنْ تخرجَ عنْ واقعِهِ، وإلاّ فقدَ الكلامُ معناهُ وفحواهُ ومنطوقَهُ ومفهومَهُ. فلفظة «كرسيّ» لا تَعْني قلماً، ولفظةُ «طبيب» لا تعني محامياً، ولفظة ملك لا تعني رئيساً للجمهوريّة، ولفظة امبراطور لا تعني خليفةً، ولفظةُ «إسلام» لا يقصد منها اشتراكيّة، واشتراكيّة لا يقصد منها ديمقراطيّة؛ لأنّ كل كلمةٍ من تلك الكلمات لها مدلولٌ ونتيجةٌ ينتجان عن واقعِها.
ولكنّ التشويشَ الذي تعمّدوهُ، واستجابَ لهُ مُعْظَمُ شبابنا الناشىء، أبعدَهم عن حقيقةِ ما يصبُون إليه، ويسعَونَ لتركيزه، فقالوا عن الإسلام: إنه ديمقراطيٌّ ونشرُوا كتباً، أطلقُوا عليها: «الديمقراطيّة في الإسلام». وقالوا عنه إنّه اشتراكِيٌّ وصَدّروا كتباً بالاشتراكيّةِ في الإسلام. والذي يُدهشُني ويُثيرُ عجَبَ كلِّ مفكِّرٍ، كيفَ يمكنُ أن يكونَ الإسلامُ اشتراكيّاً وديمقراطيّاً، والديمقراطيّةُ والاشتراكيّةُ تتصارعانِ في العالم فكريّاً وعمليّاً؟ أم كيف يُمكِنُ أنْ يكونَ الإسلام مُتفقاً مَعَ الديمقراطيّة والاشتراكيّة، وهو الذي يتناقضُ معهما في الأصلِ والتّوجيهِ والنتائج؟ أمْ كيفَ لمبدإ الإسلام، أن يحتويَ على مبدأين متناقضينِ يَعمَلانِ جاهدَين على إقصائه عن الواقع العمليّ في الحياةِ.
يجبُ أنْ يكونَ واضحاً أنّ الأمّةَ إذا فقدَتْ أعزّ أبنائِها، وأكثرَ قُوّتها، ومُعْظَمَ ثروتِها، ثمّ احتفظت بقواعِدها الفكريّةِ السامية، فَسُرعان ما تُجدِّدُ قُوّتها، وتنمي ثروتَها، وتعودُ إلى مركزها الموموقِ وإلى مكانتها الدوليّةِ.
والأمّةُ التي يكثُرُ عددُها، وتزدادُ عُدّتُها، وتَعْظُمُ ثروتُها، ثمّ تتَخلّى عن قواعدِها العمليّةِ، وأفكارِها الساميةِ المُحَدّدَةِ، فلا يُنْتَظَرُ منها إلا الشتاتُ والانحطاطُ والانحدارُ من المستوى الذي كانت عليه؛ وسُرْعانَ ما تتألّبُ عليها الأمَمُ لاستنزافِ خيراتِها، واستعبادِ أبنائِها؛ وعلى هذا تكونُ القوى الفكريّةُ بمثابةِ الرّادعِ العظيمِ لأعدائها، والحافظِ الأمينِ لأبنائها.
نحنُ، المسلمينَ، اليومَ كثيرٌ عَددُنا قليلٌ مفكِّرونا. وحين تُوزَنُ الأممُ بميزانِ الرُّقيّ والتقدُّمِ والقوى، لا توزن بكثرةِ العددِ ولا ترجَحُ فيها إلا كِفّةُ المفكِّرينَ.
والتراثُ الفِكْرِيُّ يجبُ أنْ يكونَ قائماً على قواعدَ ثابتةٍ سليمةٍ يُؤْمِنُ بها الأفرادُ كما يُؤمِنُ بها المفكِّرُونَ. وعندها تَزْدَهِرُ الأمّةُ ولا تبقى في واقِعِها السّيىءِ. وجميعُ الموجّهينَ في العالمِ الإسلاميّ شعَرُوا بِمرَارَةِ الواقع السيّىءِ فحاولوا معالجَتَهُ بالأخذِ منه. ولمّا كانَ سَيّئاً فمنَ البديهيّ أنّ جميعَ المعالجاتِ كانت تنتقلُ من سيّىءٍ إلى أسوأ. لأنّ الواقع يحتاجُ إلى المعالجةِ من الأساسِ.
ولكي تعودَ الأمّةُ الإسلاميّةُ إلى ما كانتْ عليه من مجدٍ وسؤددٍ، يجبُ أنْ تهتمّ بالناحيةِ الفكرّيةِ، وأنْ تفهمَ مادتها، وأنْ تتوحّدَ على أساسِ قاعدتِها، وأن تُقادَ أخيراً قيادةً فكريّةً صحيحةً متراصّة، وأن تقف صفّاً واحداً في وجهِ كلِّ مَنْ تُسَوِّلُ له نفسُهُ الاعتداءَ على مقدّساتِها. ولكن المشاهد المحسوس من واقعِها التي هي عليهِ اليوم أنّها تقادُ قيادةً عاطفيّةً منبثقةً عن إحدى غرائزِها أو حاجاتها العضويّةِ، وهذا ما هوى بها إلى الحضيضِ، وجَعَلَهَا أُلعوبةً بين أيدي أعدائِها مِنَ المفكرينَ في هذا العالَمِ الّذي تَعيشُ مجَزّأةً بين أرجائهِ.
وها أنا ذا، اليوم، أُقَدِّمُ كتابِي هذا علّه يكونُ أداةً للتثقيفِ على أساسِ القواعِدِ الفِكريّةِ الواردةِ فيه، وبالتالي علّهُ يُحقّقُ، بعون الله، قيادةً فكريّةً صحيحةً نحن بحاجةٍ ماسّةٍ إليها، لدحضِ جميعِ هذه الأفكارِ الباطلةِ، بإظهارِ فسادِها، وبإظهارِ الواقعِ على حقيقتهِ ليكونَ مَوْضِعاً للتفكيرِ لا مصدراً لهُ، حتى تتمكّنَ الأمّةُ من إعدادِ تفكيرٍ انقلابيٍّ شاملٍ.
وهذا الكتابُ يشتملُ على ثلاثةِ أقسامٍ لا يتعدّاها وهي:
1 ـ فَهْمُ العقيدةِ فَهْماً صحيحاً، يتفقُ معَ الفِطرةِ، ويُقْنِعُ العقلَ، ويُطَمْئِنُ القلبَ.
2 ـ جمعُ الأفكار، ثم تنقيتها، ثم إرجاع كُلِّ فكر إلى مصدرهِ ومنشئهِ.
3 ـ وضعُ خطوطٍ عريضةٍ عن الثقافَةِ الإسلاميّةِ والقواعدِ الأساسيّةِ المحدّدةِ، لتحقيقِ نهضةٍ فكريّةٍ على أساسها.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢