نبذة عن حياة الكاتب
المسلمون من هم

الفرق الإِسلاميَّة
بَعدَ أَنْ شرحْنَا شيئًا عَنْ فرقتين من الفرق الَّتي انتحلتِ التشيعَ لأَهلِ البيتِ، وأَهلُ البيتِ منهما براءٌ، رَأَيْنَا أَنَّنَا في حاجةٍ إلى التَّعرّفِ على بعضِ آراءِ الفرق الَّتي ذاعَ صيتُها في عهدِ الأئمّةِ عليِّ ومحمدٍ الباقرِ وجعفرٍ الصّادقِ عليُهم السّلامُ كالخوارجِ والمرجئةِ والجبريَّةِ والمعتزلةِ والقدريَّةِ.
ففي عهدِ الإمامِ علي عليهِ السلامُ أَثار الخوارجُ الكلامَ في مرتكبِ الذَّنبِ فادّعَوْا أنَّهُمْ ما خرجوا إِلا لأَنَّ عليًّا ارتكبَ ذنبًا بموافقته على التَّحكيمِ، وأَنَّهُ لا بدَّ من توبتِهِ.
وقد كثرَ الكلامُ بسببِ ذلكَ في مرتكبِ الذَّنبِ، فالخوارجُ كفَّرُوا عليًّا. وأما المرجئةُ فعدّوا الذَّنبَ مغفورًا. لأَنَّهُ بنظرِهِمْ لا يضرُّ مَع الإِيمان معصيةٌ كما لا ينفعُ مَعَ الشِّركِ طاعةٌ.
وأَمَّا الجبريَّةُ فكانَ من أَشد دُعَاتِهَا الجهمُ بْنُ صفوانَ. وإِنَّهُ مَعَ قولِهِ إِنَّ الإِنسانَ مجبرٌ في أفعالِهِ وليسَ لَهُ اختيارٌ فهوَ يزعمُ أَنَّ الجنَّةَ والنَّارَ تفنيانِ وأَنَّ لا شيءَ مخلَّدٌ، والخلودُ المذكورُ في القرآنِ الكريمِ يعني طولَ المكْثِ. ويزعمُ أَنَّ الإِيمانَ هو المعرفةُ، وأَنَّ الكُفْرَ هو الجهل باللهِ وبالحقائقِ الإسلاميّةِ، فمعرفةُ الحقائقِ ومعرفةُ اللهِ من غيرِ إذعانِ وتصديقُها يُعَدُّ إيمانًا، والجهلُ بها هو الَّذي يُعَدُّ كفرًا.
وأَمّا فكرةُ الاعتزالِ فتبلورتْ كمذهبٍ في عهدِ واصلِ بْنِ عطاءٍ الَّذي وُلِدَ سنةَ ثمانينَ هجرية فَهُوَ في سنِّ الإِمامِ الصادقِ (ع). يرى واصلُ بْنُ عَطاءٍ أَنَّ الفاسقَ في منزلةٍ بَيْنَ المنزلَتَيْنِ، وأَنَّ الإنسانَ يقدِّرُ أفعالَ نفسِهِ مِنْ خيرٍ أَو شرّ بقوّةٍ أودعها اللهُ سبحانَهَ وتعالى إِيّاهُ. فكانَ رأْيُهُ وسطًا بين القدريّةِ الَّذينَ قالُوا إِنَّ الشرَّ مِنَ النَّفسِ والشَّيطانِ، والخيرَ مِنَ اللهِ، وقولِ الجبريَّة الَّذينَ قالُوا إِنَّ أفعالَ العبدِ كلَّها أفعالُ اللهِ تعالى. وقد عاصرَ واصلٌ الإِمامَ جعفرًا لكنَّه كانَ في البصرةِ والإِمامُ في المدينة. ولا بدّ من أَنَّ الإِمام كانَ على علمٍ بأَقوالِهِ وما يدعُو إِليه فرفضه رفضًا باتًّا لأَنَّ ما كان على خلاف الكتاب والسنّة فلا يمكن أن يتصل بالإِسلام بشيء.
وهكذا وُجِدَت الطَّوائفُ الَّتي تستهينُ بالحقائقِ الإِسلاميّةِ وسنَّتْ لأَنفسِهَا مذاهبَ متنوعةً لا تتَّفقُ مع حقائقِ الإِسلام. وفي جودِهَا وَجَدَ كُلُّ منحرف ما يُرضي أهواءَهُ ويُشبعُ شهواتِهِ بهذا نرى كيفَ تحوّلَ الاسمُ من جماعة محتفظةٍ بِقِيَمِها الدينيّةِ إِلى طائفة متحلِّلةٍ من القيودِ الإِسلاميّةِ أساسُ مفاهيمها الانحرافُ بقولها إِنْ اللهَ يعفُو عَنْ كلِّ الذُّنوبِ ما عدَا الكفرَ، فلا يضرُّ مَعَ الإِيمانِ معصيةٌ كما لا يُفيد مَعَ الكفرِ طاعةٌ. وقد قالَ الإِمامُ زيدٌ رضِي اللهُ عنهُ «أَبرأُ مَنَ المرجئِةِ الَّذينَ أَطمعُوا الفُسّاق في عفوِ اللهِ».
ويحكي التَّاريخُ أَنَّ عصرَ الإِمامِ الصَّادقِ والإِمامِ أَبي حنيفةَ والإِمامِ مالكٍ رضي اللهُ عنهمْ كانَ عصرَ الجدلِ والنَّظرِ والبحثِ والدرسِ، وابتداءِ تدوينِ العلُومِ، وعصرَ ابتداءِ دراسةِ الكونِ والفلسفةِ والاتصالِ الفكريِّ بينَ المسلمينَ وغيرِهِمْ من الأُمَم ذواتِ الحضاراتِ القديمةِ، والدّيانات المختلفةِ. فَقَدِ اختلَطَتْ فيه القواعدُ الإِسلاميّةُ السّليمةُ بالفلسفَةِ الهنديّةِ وتصوّفها، وبالفلسفة اليونانِيَّةِ والآراءِ الفارسيّةِ. وقد ظهرَ كلُّ هذا في السّياسةِ وفي العلومِ العقليّةِ وفي الأفكارِ الفلسفيّةِ.







عِندَمَا بَايَعَ النَاسُ أَبَا بَكرٍ (رض) البَيْعَةَ العَامّةَ بَعْدَ بَيْعَةِ السَّقِيفَة قامَ أَبُو بَكْر فحَمِدَ اللهَ وأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قالَ: أَمَّا بَعْدُ، أَيُّها النَّاسُ إِنِّي قَد وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ فَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُوني وَإِنْ أَسَاْتُ فَقَوِّموني. الصِّدْقُ أَمَانَة، وَالكَذِبُ خِيَانَة، وَالضّعيفُ مِنكم قَوِيٌّ عِنْدِي حَتَّى أُزِيلَ عِلَّتَهُ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَالقَوِيُّ فِيكُمْ ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ مِنْهُ الحَقَّ إِنْ شَاءَ اللهُ. لا يَدَعُ قومٌ الجهادَ في سَبِيلِ اللهِ إلا ضَرَبَهُمُ اللهُ بالذِّلِّ، وَلا يشيعُ قومٌ قَطُّ الفاحِشَةَ إلا عَمَّهُمُ اللهُ بالبَلاءِ، أَطيعُوني مَا اطَعْتُ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإذا عَصَيْتُ الله وَرَسُولَهُ فلا طاعَةَ لي عَلَيْكُمْ - قوموا إِلى صَلاَتِكُمْ يَرْحَمَكُم الله.
هذِهِ ــــ الخطبَةُ السِّياسِيَّة التي قدّمَهَا أَبُو بَكْرٍ الصَّدّيق كورقةِ عَمَلٍ للِمُسْلِمِينَ وَفِيهَا يَحُثّ على مُحَاسَبَتِهِ وَمُعَاوَنَتِهِ تُعَدُّ مِنَ أبْيَنِ وَأقصَرِ وأَصَدِقَ الخُطَبِ السِّيَاسِيَّة في تاريخِ بَني البَشَرِ القَديمِ وَالحَدِيثِ.


مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢