نبذة عن حياة الكاتب
العقود والمطعومات والمشروبات

الـزواج المـؤقـت أو المتعة فـي الإسلام
يعتقد كثيرون أن في تكوين الإنسان غريزةً خاصةً تُدعى «غريزة الجنس»... في حين أنه في الحقيقة لا توجد مثلُ هذه الغريزة، بل هناك ميلٌ جنسيّ لدى كلّ من الرجل والمرأة تجاه الآخر، وعنه يتولَّد الاجتماع بينهما، أو العلاقة الجنسية. وهذا الميل الجنسيّ هو مظهر من مظاهر «غريزة النوع» التي أودعها الخالق العظيم في الكائن البشريّ، لحفظ نوعه، واستمرار حياته ووجوده على هذه الكرة الأرضية. والعلاقة الجنسية لا يجوز أن تشكل مانعًا يحول دون قيام العلاقات العادية، والصلات الطبيعية بين الرجل والمرأة، في الحياة العامة، وإلاَّ فكيف يمكن أن تستمر حياة الإنسان، لو لم تكن هنالك تلك المشاركة الفعلية بين الرجل والمرأة. فالتعاطي في شؤون الحياة العامة أمر طبيعي بين الرجل والمرأة، اللّهم إلاَّ ما كان محظورًا على الإنسان بوجه عام، وعلى المرأة بوجه خاص، أن تتعاطاه أو تقوم به بمقتضى تشريع سماويّ.
والعلاقة الجنسية الخاصة التي تقوم بين الرجل والمرأة، لا تقل أهميةً عن علاقاتهما في الحياة العامة، بل هي أعظم شأنًا منها، لأنها تنبثق عن الحياة الزوجية، التي هي الأساس في إنجاب الأبناء، واستمرار الحياة البشرية، فكان من الطبيعيّ والضروريّ، في آنٍ، أن تكون الحياة الزوجية محكومةَ بنظام دقيق ومتكامل، يكفل حفظها وصونَها نقيةً، طاهرةً، نظيفةً، وبعيدةً عن مختلف المحاذير والصلات التي تضرُّ بها، وتُخرجها عن أصالتها وأهدافها.
والنظام الوحيد، القائم على تنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة، وفي إطار الحياة الزوجية القائمة على مراعاة طبيعة كل من الرجل والمرأة، هو النظام الاجتماعيّ في الإسلام، لأنه النظام الوحيد الذي تشكل الناحيةُ النفسيةُ أساسَهُ، والأحكامُ الشرعيةُ مقياسَهُ، بما يكفل للحياة الزوجية صحتها، وسلامتها. وكيف لا، والإسلام في الأصل، ينظر إلى المرأة على أنها إنسان، وينظر إلى الرجل على أنه إنسان، وأن من مقتضيات الخلق البشريّ أن تكون لدى كل إنسانٍ حاجاتٌ عضويةٌ، وغرائزُ معينةٌ تشكل الطاقة الحيوية فيه، وأن يكون لديه العقل والإدراك، والمشاعر والعواطف، وسائر المقومات الأخرى التي جعلت منه بشرًا سويًّا.. وهذا يعني أن الإسلام يرى في الإنسان كائنًا حيًّا، أودع خالقُهُ العظيم فيه جسدًا ونفسًا وروحًا، تتفاعل جميعها في كيانه لكي يتسامى في خلقه البشري. ويتكامل في وجوده الإنسانيّ.. ولا يمكن أن يتحقق له ذلك عادةً، إلا من خلال علاقة زوجية تؤمن أنسنة المرأة والرجل على حدٍّ سواء..
ومن هنا كانت أهمية النظام الاجتماعيّ في الإسلام، الذي يرعى تلك العلاقة بجدية تامة ويحيطها بعناية زائدة، كما يثبت ذلك القرآن الكريم، الذي تمتلئ سوَرُه بالآيات البيّنات الدالة على تنظيم العلاقات بين الرجال والنساء بصورة عامة، وبين الزوجين بصورة خاصة.
ومن القواعد الرئيسية التي يقوم عليها النظام الاجتماعيّ في الإسلام الوفاءُ والإخلاصُ بين الزوجين. فهو يريد من الزوجة أن تكون وفيةً ومخلصةً لزوجها، ويريد من الزوج أن يكون وفيًّا ومخلصًا لزوجته، وذلك انطلاقًا من قاعدة دينية وإيمانية قد حلّلت الحياة الزوجية في الأصل، ووضعت لها أُسسها، وحددت لها أهدافها بما يتوافق والغاية من وجود الإنسان. وهي القاعدة نفسها التي تحرِّم أيّ علاقة جنسية بين الرجل والمرأة خارج إطار الزوجية، وإلاَّ عمَّ الزنى وهو من العاهات الاجتماعية التي تؤدي إلى الافتئات على حقوق الآخرين، والتعدي على كراماتهم، وهدر أكثر القيم المقدسة لديهم.. ولذلك ليس مقبولاً أيّ عذر، لارتكاب الزنى، مهما كانت الذرائع والأسباب إليه فهو، الفاحشة بعينها التي حرَّمتها جميع الأديان السماوية، ولفظتها جميع النظم الاجتماعية. ولا يمكن لأحدٍ من الناس أن يدّعي في الزنى حريةً، أو أمرًا شخصيًّا، فهو حرام عند الله وممقوت عند الناس.
ولقد حددت الأحكامُ الشرعيةُ التي جاء بها خطابُ الشارع الأُسسَ والأصول التي يقوم عليها النظام الاجتماعيّ في الإسلام. وعندما تُطبق تلك الأحكام الشرعية تطبيقًا صحيحًا تتنظم العلاقات الزوجية، وتسير بالاتجاه الطبيعيّ والسليم لكي تؤتيَ كل مفاعيلها وآثارها ونتائجها..
وقد يحصل، في بعض الأحيان الاختلاف بين الفقهاء والمجتهدين حول كيفية تفسير خطاب الشارع (أي النص القرآنيّ والسُنّة النبوية)، مما يؤدي إلى الاختلاف في كيفية تطبيق الحكم الشرعيّ على مسألة معيَّنة، أو على عدد من المسائل، بحيث يرى كلّ فقيه أو مجتهد أن ما ذهب إليه هو الصواب في فهم النصوص، وطريقة تطبيقها.. ومن أجل ذلك، وحتى لا يبقى الخلاف قائمًا، ولكي يكون هنالك توافق وانسجام على مواجهة مشكلات الحياة ومستجداتها، فقد أولى الإسلامُ للإمام (الحاكم) أمرَ الفصل في الخلاف، بمعنى أن الإمامَ هو الذي يرفع الخلاف ظاهرًا وباطنًا، وذلك عندما يتبنَّى الحكم الشرعيّ الذي يراه أكثر انطباقًا على المسألة أو المشكلة التي أثارت الخلاف بين الفقهاء والمجتهدين، ولم تتفق آراؤهم على حكمٍ موحّدٍ فيها.
ولنأخذ مثالاً على ذلك إحدى المسائل التي كانت مثار جدال واختلاف في الرأي، ونعني بها الزواج المؤقت، أو زواج المتعة.. فقد كانت مطبَّقة أيام الرسول (ص)، كما كانت مشروعة في زمن خلافة أبي بكر (رضي)، وظلت كذلك حتى منتصف خلافة عمر (رضي) عندما منعها، ونهى عنها. ومنذ ذلك الحين والمتعة مثار خلاف بين المسلمين.. فالشيعة الإمامية يقولون: إنها زواج مؤقت. وهي حلال، لأن الله تعالى قد حلّلها في القرآن الكريم، والرسول (ص) قد شرَّعها في أيامه.. في حين أن أهل السنّة يقولون: إن المتعة حرام، وقد جرى تحريمها من الرسول (ص) نفسه، ولذلك تُعدّ المتعة زنًى، ويعاقب فاعلها كالزاني..
إذن نحن أمام حكم شرعيّ يقول إن المتعة حلال، وحكم شرعيّ آخر يناقضه ويقول: إن المتعة حرام. وليس بيننا الإمام - أو الخليفة الإسلاميّ - الذي يرفع الخلاف في هذا العصر، لكي يفرض الحكم الشرعيّ الذي يجب تطبيقه في مسألة المتعة.
ولأن الأمر على هذا النحو، فقد رأينا أن نبيّن الآراء والروايات التي وردت في المتعة، ثم نترك للقارئ الكريم أن يتبنَّى الحكم الشرعيّ الذي يراه أقرب إلى صريح الكتاب وصحيح السنّة.
ولكن قبل ذلك، أي قبل أن نبيّن رأي الشيعة الإمامية ورأي أهل السنّة في المتعة، وجدنا أن الواجب يقضي علينا أن نلقي نظرة سريعة وشاملة على مشاكل الجنس التي تواجه الشبابَ المسلمَ والشبابَ غيرَ المسلم - وهي المشاكل التي يئن العالم بأسره اليوم تحت وطأتها، ويشكو من آثارها البشعة في مختلف المجتمعات.
مشاكل الإباحة الجنسية:
لعلَّ من أضخم وأخطر المشاكل التي تواجه الناس تلك المشاكل الناجمة عن العلاقات الجنسية بين الرجال والنساء بصورة غير مشروعة. مثل هذه العلاقات غير محكومة بنظام يقومُ على ما أراده الله تعالى لعباده، ولا تستند إلى الأساس الصحيح الذي تفرضه الأحكام الشرعية التي أنزلها الشارعُ العظيمُ، أو إلى القوانين والأنظمة الوضعية التي تستقي بعض نصوصها من تلك الأحكام الربانية.
ونحن عندما نحسب أن العلاقة الجنسية غير المشروعة بين الرجل والمرأة إنما تشكل مشكلة اجتماعية وإنسانية، فليس السبب أننا ننظر إليها من وجهة النظر التي ذهب إليها «فرويد» وأتباعه، وغيرهم من الذين اعتقدوا بأن مظاهر الحياة كلها إنما تقوم على «غريزة الجنس»، بل لأننا نرى فيها ضررًا يصيب العالم بأسره، ويومًا بعد يوم تزداد أخطاره ومضاره على الناس، بما لا يدعُ مجالاً للشك في أن المشكلة قائمة فعلاً، وهي تهدد المجتمعات بأبشع العواقب. ومن هنا كانت الآراء التي تقيِّم الحياة كلها على غريزة وهمية خاطئة ومشبوهة لأنها لم تقيّم علاقات الرجل والمرأة تقييمًا صحيحًا، وبالتالي لم تتناولها كمشكلة تطاول المجتمعات، بقدر ما تطال الأفراد.. ولذلك وُجدت دراساتٌ علميةٌ كثيرةٌ تبيّن خطأ آرائهم ومعتقداتهم حول مفاهيم التأثير الجنسيّ.
وعلى هذا فإن النظرة إلى العلاقة بين الرجل والمرأة يجب أن تنطلق من المؤثرات النفسية التي تشدُّ بعضهما إلى بعض، وإلى العلاقات التي تنشأ بينهما بسبب تلك المؤثرات. ولا سيما أن الإنسان، بحكم ضعفه الذي فطره الله تعالى عليه، لا بد من أن يخضع لتلك المؤثرات، سواء من ناحية تكوينه الذاتيّ، أو من ناحية تأثير البيئة البيتية والمدرسية والمجتمعية وغيرها من الأمور التي تمرُّ في حياته، ويكون لها وقع كبير على سلوكه في كل ما يتعلق بمشاهدته للمرأة واحتكاكه بها. وتلك المؤثرات، وبكل ما فيها من مضاعفات، تستدعي رعاية العلاقة بين المرأة والرجل وتنظيمها، والاهتمام بها اهتمامًا شديدًا، الأمر الذي يفرض وضع الضوابط والقيود التي تصون تلك الضوابط وتمنع قيام العلاقات الجنسية غير الشرعية، وتحول بالتالي دون معاشرة الرجال والنساء بإباحية وانفلات.
ولا نبالغ إذا قلنا بأنه إذا لم توجد تلك الضوابط والقيود فلا بد من أن يطلق العنانُ للشهوات والرغبات البهيمية، ويعيش الناس في أجواء محمومة من الهوى الجنسيّ، مما يفضي حتمًا إلى الأمراض الجسدية، والعقد النفسية، فضلاً عما يرافق ذلك من جرائم، وخيانات زوجية، مما يؤثر بالتالي في الأخلاق والقيم في المجتمعات التي تتآكل رويدًا رويدًا من داخلها بفعل تلك المفاسد والشرور، إلى أن يدركها الهلاك والاندثار في النهاية.. وليس بعيدًا من هذا الواقع ما يُشاهَدُ في المجتمعات الحاضرة، التي يعيش أفرادها على وهم «الحرية الشخصية» المتفلّتة من أيّ قيم، ويرزحون تحت وطأة المدنية المادية، التي تثقل نفوسهم بأعبائها، فيلجؤون إلى الإباحية في العلاقات الجنسية، والمعاشرة المبتذلة... وتساعدهم على ذلك مظاهر المدنية الرخيصة التي استباحت كل الحرمات، حيث وفَّرت الأجواء لعرض الأجساد العارية على الشواطئ، ومعارض الأزياء وفي مختلف الأماكن والمناسبات، ناهيك عما تحفل به أوكار الدعارة والقمار، وما تقدمه المسارح والمراقص والملاهي والحانات، وما تبثه الأفلام السينمائية، والشاشات التلفزيونية من مشاهد خلاعية، ومناظر إباحية.. حتى جعلَ ذلك كُلّه من المرأة - المخلوق الرقيق الحنون - سلعةً للاتجار، وأداةً للدعاية والإغواء، بل جعل الإنسان في هذا العصر بمنزلة آلة متحركة، تشده المكاسبُ المادية، وتجذبهُ المتع الفانية وتغريه اللذات الرخيصة. فولع في ارتكاب الفاحشة، وتاه في حمأة الإثم.. ولعلَّ أبشع المآسي التي يخلّفها ذلك الانفلات الجنسيّ إنما تتمثل في تفكك على الأسرة وشيوع الطلاق، وابتعاد الأبناء عن الأهل، وفي كثرة الإجهاض، وتكاثر أولاد الزنى.. وكله ينعكس على حياة المجتمع بالآثار السلبية التي تقوِّض أركانه المعنوية، وتُهيئُه للزوال.. وها هو التاريخ يثبت لنا كيف أن تحكُّم الشهوات والانحلال الخلقي، واللهثَ وراء الميول والرغبات كانت من أهم الأسباب في القضاء على معظم الحضارات القديمة، كالحضارة الإغريقية، والرومانية، والفارسية، والمصرية.. ومختلف الحضارات التي شهدتها الأمم الغابرة، والشعوب المندثرة.
ولقد بات واضحًا للعالم اليوم بأن مشاكل الجنس تأخذ برقاب المجتمعات البشرية كافة، وهي لا تبشِّر إلا بسوء الحال والزوال في حال استمرارها على شاكلتها الحاليّة، وإن في عيادات أطباء الأمراض الزهرية والعصبية، وفي قوانين إباحة الإجهاض واللواط - في بعض المجتمعات - وفي انتشار الأمراض الفتاكة، أصدقَ الأدلة على ذلك، ولا سيما مرض «السيدا» الذي أجمع العالم كله على أن أهمَّ أسبابه المباشرة إنما هي العلاقات الجنسية غير المشروعة.
من هنا انبرى العلماء والمصلحون في مختلف الأقطار، ولا سيما في الغرب، للتأمل في المشاكل الجنسية ودراستها في محاولات حثيثة لإيجاد الحلول لها. وقد صدرت نظريات ودراسات كثيرة تضمَّنَتْ معالجةً لتلك المشاكل. وأبرز الآراء التي ظهرت في هذا المجال:
ـ النظريات التي ترى أن العلاج إنما يكمن في الدعوة إلى كبت الميل الجنسيّ، وإخماد جذوته بمختلف الوسائل.
ـ النظريات المعاكسة أي تلك التي تقول بإطلاق الحرية الجنسية وإباحتها أمام الرجل والمرأة بصورة تامة، بما في ذلك الزنى، واللواط، والعادة السرية، وغيرها..
ـ الآراء التي دعت إلى اختلاط الجنسين لإيجاد نوع من التآلف والعادة، مما يبعد هاجس الجنس.
ـ أو تلك التي رأت اعتماد الخطب والمواعظ، والوسائل الأدبية التي تربّي الضمير، وتثير اليقظة في النفس، فتكون هنالكَ مراقبة للميول والأهواء، وتوجيهها نحو الفضيلة.
ـ كما أن هنالك من رأى في الزواج المؤقت أسلم الحلول وأنجحها لمعالجة العلاقات الجنسية. وفي طليعة هؤلاء الشيعة الإمامية، وكذلك من علماء الغرب في العصر الحديث الفيلسوف «رسل»، الذي يقول: «وإنما الرأي أن تسمح القوانين في هذه السن (ويقصد سن الشباب) بضربٍ من الزواج بين الشبان لا يرهقهم بتكاليف الأسرة، ولا يتركهم لعبث الشهوات والموبقات، وما يعقبها من العلل والمحرجات».
ومن هنا، وكما أسلفنا، رأينا من الضرورة أن نبيّن الاتجاهين المتعارضين لدى المسلمين في الزواج المؤقت أو المتعة.
الاتجاه الأول: وهو اتجاه الشيعة الإمامية: الذي يحلّل الزواج المؤقت ويدعو إلى العمل به، ويرى أن الزواج المؤقت هو القادر على حلِّ مشكلات الجنس. ويحدده علماؤهم بأنه عقد زواج بين طرفين معلومين إلى أجلٍ معيَّن، بمهرٍ معيَّن يذكر في متن العقد، فإذا انتهى الأجل، أو وهب الزوج زوجتَهُ المدةَ، انحلت العقدةُ بينهما من دون حاجةٍ إلى طلاق. وتعتدُّ الزوجةُ حينئذٍ بحيضتين وهي في سن الحيض أو خمسة وأربعين يومًا، إن كانت لا تحيض. أما إذا مات الزوج وهي في أثناء المدة فتلحقها عدة الوفاة ومقدارُها أربعةُ أشهرٍ وعشرةُ أيامٍ، أو وضع الحمل إن كانت حاملاً.
والزواج المؤقت هو كالزواج الدائم إلا أن له بعض الخصائص وأبرزها ما يلي:
1 - إن المرأة هنا تملك أن تحدِّد أمدَ العقد ابتداءً وهي لا تملك ذلك في الزواج الدائم إذ تظلُّ تحت رحمة الزوج إن شاء طلَّقها، وإن شاء مدَّ إلى نهاية الحياة. والمرأة في الزواج المؤقت كالزوج في المعاملةِ، تعطي من الالتزامات بمقدار ما تأخذ منها، وليس كما يذهب بعضهم إلى أنها سلعة تؤجَّر للمتعة، بل ربما تكون هي الرابحة أخيرًا، لأنها اختارت مع الرجل مدة الفسخ، ولم تبقَ أسيرة الطلاق إلى الأبد. وهي باكتشافها لأخلاق الزوج ومعاملته، وبرؤيتها له في مختلف حالاته، تستطيع تحديدَ موقفها منه، في ما إذا كانت تقوى على تكوين علائقَ دائمة معه بتحويل الزواج المؤقتِ إلى زواجٍ دائمٍ تأمن معه من الاختلاف ثم الفراق نتيجة عدم توافق الطباع.
2 - إن الزواج المؤقت يُخلِّص الناس من الزنى. والفرق بين الزواج المؤقت والزنى، أن المرأة في الزنى لا تتقيد في علائقها الجنسية برجل معيَّن، بل تبقى ملكًا للجميع، وفي ذلك ما فيه من تسبيب لأمراض فتاكة، تقع نتيجة ذلك الاختلاط المتعدِّد، الذي لا يقوم على أي أساس، أو يربط بأي قيد. وحتى لو اقتصرت علاقة المرأة برجل واحد في الزنى، فإن هذا يبقى غير مألوف تجاه الأعراف والتقاليد في أي مجتمع كان، ناهيك عن تضييع النسب وعن مخالفته للشرائع والأديان كافة، بل وللنظم الأخلاقية التي تصون الناس من العبث والاستهتار بالقيم والمُثل العليا.
بينما في الزواج المؤقت تتقيد المرأة بتوحيد علاقتها الجنسية ما دامت في عصمة الزوج. وحالُها حالُ الزوجة في العقد الدائم، من دون أن يكون هنالك أي فارق بينهما، إن من هذه الناحية، أو من الناحية الدينية أو الخلقية.
ثم إن ارتباط المرأة بالعدّة في الزواج المؤقت كافٍ لاستبراء المرأة ونظافتها من الماء السابق، للحؤول دون اختلاط النسب لو قدِّر للمرأة إيجاد عقدة جديدة، في حين أنه في الزنى لا يُعرف الأب في حال الحمل، حتى لو عرف فإن الولد يبقى ابن زنى، وثمرة علاقة غير شرعية، تختلف آثارها بين مجتمع وآخر في مجتمعات الغرب، في حين أنها في البلاد الإسلامية ليس لها أدنى أثر لأن المرأة تعتدّ في الزواج المؤقت كما في الزواج الدائم.
ولذلك فإن مَنْ يدّعون اختلاط النسب في الزواج المؤقت، إنما هو ادعاء عن جهل، وتكذّبه مدة العدّة المفروضة على الزوجة بعد انتهاء العقد.
3 - إن الزواج المؤقت يحفظ النسب، ولا يوجد المشكلة التي يعاني منها المجتمع من جراء الزنى، إذ إن علاقة الزنى تنتهي إلى اختلاط الأنساب وضياعها، ونشوء فئة من الأطفال أو الأولاد لا يعترف بهم آباؤهم، ولا قوانين دولتهم، ولا المراجع الدينية في مجتمعهم.. وهم بشر على مرأى من الجميع، وبموضع من ازدرائهم ونقمتهم، وربما رثائهم - أحيانًا - فينشأون، بحكم ذلك، على الكراهية والبغض والحقد على كل ما يحيط بهم من عقائد وقوانين ومجتمعات. ومع الزمن تتحكّم العقدة في نفوسهم - بحكم تشردهم وفقدهم للأحضان الدافئة المليئة بحنان الأبوّة وعطفها وسهرها - فيتحولون إلى جيش من المشرّدين الحاقدين الناقمين على كل هذا الوضع المأساوي الذي يعيشون فيه. وفي الوقت نفسه لا ينتفع بهم مجتمعهم، ولا هم يحاولون الانتفاع به، وربما عاد أكثرُهُم باللعنة عليه، في كل ما يتصل بسلوكهم تجاهه، وتجاه أنفسهم وينتهي بهم ذلك إلى الشذوذ المؤكد شأنهم شأن أبائهم الشاذِّين. وهذه أمور لا وجود لها في الزواج المؤقت. لعدم اختلاط الأنساب وضياعها فيه، بل إن الولد ولدٌ لأبوَيه، لا تفرِّقه عن أخوته من الزوجة الدائمة لا قوانين ولا شرائع، ولا أعراف. ثم إن فَرْضَ مدة العدة على الزوجة كافٍ للكشف عن علوق المرأة وحَمْلها مع زوجها، فإذا انكشف علوقها منه ألزمها بانتظار أبعد الأجلين من وضع الحمل أو انتهاء المدة، ومع هذه الاحتياطات، لا يبقى مجال لضياع الأنساب ولا اختلاطها.
وأما الأدلة الشرعية على الزواج المؤقت فقد وردت في الكتاب والسنّة..
ـ ففي القرآن المبين قال الله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً}(+) .. وقد فسروا الاستمتاع بالنساء على أنه نكاح المتعة. قال القرطبي: «قال الجمهور: المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام».. وعلى هذا فإن الاستمتاع لا يعني النكاح العاديّ، أو الزواج الدائم، وإلاَّ لما كانت هنالك حاجة إلى استعمال لفظ «فما استمتعتم به».. كما أن المقصود بالأجر في قوله تعالى: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} إنما هو المهر كما صرح بذلك الزمخشري في الكشاف، والفخر الرازي في تفسيره. وكان ابن عباس، وأبيّ بن كعب، وسعيد بن جبير، يقرؤون هذه الآية هكذا: «فما استمتعتم به منهنَّ - إلى أجلٍ مسمًّى - فآتوهنَّ أجورهنَّ فريضة». وقد أضاف «ابن كثير» في تفسيره إلى أولئك الثلاثة «السدي»..
ومن البعيد أن يكون لدى هؤلاء النفر من الصحابة أيّ نِـيَّة في تحريف القرآن، ولا بُدَّ من أنه يُراد بهذه الزيادة على الآية الكريمة التفسيرُ لا القراءة. وفي جميع الأحوال فإن نزول هذه الآية بالمتعة مما لا ينبغي أن يكون معه موضع للشكّ والتساؤل.
ـ وأما شروعية المتعة بالسنّة النبوية فهي معزّزة بما يلي:
أ - ما رواه مسلم في صحيحه:
1 ـ «روي عن إسماعيل عن قيس قال: سمعت عبد الله (يعني ابن مسعود) يقول: كنا نغزو مع رسول الله (ص) ليس لنا نساء فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل. ثم قرأ عبد الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ*}»(+) .
2 ـ «وعن عمرو بن دينار قال: سمعت الحسن بن محمد يحدث عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا: خرج علينا منادي رسول الله (ص) فقال: إن رسول الله (ص) قد أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا»(+) .
3 ـ «وعن ابن جريج قال: قال عطاء: قدم جابر بن عبد الله معتمرًا، فجئناه في منزله، فسأله القومُ عن أشياء، ثم ذكروا المتعة فقال: نعم استمتعنا على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر»(+) .
4 ـ «وعن ابن الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيامَ على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن ثابت».
5 ـ «وعن أبي نضرة قال: كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آتٍ، فقال: ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين، فقال جابر: فعلناهما مع رسول الله (ص)، ثم نهانا عنهما عمر، فلم نعد لهما»(+) .
ب - ما رواه البخاري في صحيحه(+) :
حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا همام عن قتادة، قال: حدثني مطرف عن عمران (المقصود عمران بن الحصين) قال: تمتعنا على عهد رسول الله (ص) ثم قال رجل برأيه ما شاء.
ما رواه البخاري في الجزء الثالث، ص 173: «عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع، قالا: كنا في جيش، فأتانا رسولُ الله (ص) فقال: إنه قد أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا».
أما عن نسخ آية الاستمتاع، والجدال حول ما إذا كانت هذه الآية منسوخة أو غير منسوخة.. فالذي عليه جمهور من المسلمين ومما رواه جابر عن جميع الصحابة أنها غير منسوخة..
قال عمران بن الحصين: نزلت آية المتعة في كتاب الله - تبارك وتعالى - وعملنا بها مع رسول الله (ص)، فلم تنزل آية تنسخها، ولم ينه عنها النبيّ (ص) حتى مات.. وتتمة هذه الرواية في تفسير الرازي: ثم قال رجل برأيه ما شاء.. والرواية بتمامها موجودة في صحيح مسلم، ورواها أيضًا البخاري في صحيحه (في باب التمتع في الحج).
والذي عليه جمهور من متأخري المسلمين أنها منسوخة لكنهم اختلفوا في الناسخ، فقيل إنه آيات من الكتاب وقيل إنه روايات عن السُنَّة النبوية، وقيل إنه الإجماع..
وفي جميع ذلك مواقع للتأمل:
ـ أما الآيات فليس فيها ما يصلح أن يكون ناسخًا بوجه من الوجوه، لذلك لم يعطها العلماء شيئًا من الأهمية، إن ذكرت في معرض الحديث على ألسنة بعضهم.. وأهم الآيات التي قيل إنها نسخت آية المتعة، قوله تعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ }(+) .. أي إن هاتين الآيتين قد حصرتا الحِليّة بأمرين: الزوجية، وملك اليمين. فقال الألوسي في تفسيره: «ليس للشيعة أن يقولوا: إن المتمتَّع بها مملوكة لبداهة بطلانه، أو زوجة لانتفاء لوازم الزوجية كالميراث والعدة والطلاق والنفقة».. ويرد الشيعة الإمامية على ذلك بقولهم: إن هذا الاستدلال غريب فعلاً، فالمتعة حقًا لا تدخل في ملك اليمين، ولكن من ناحية الزوجية: متى كانت اللوازم التي ذكرها الألوسي لوازم للزوجية لا تنفكُّ عنها - بقولٍ مطلق - ليتمَّ الاستدلال بها؟ أليست الزوجةُ الناشز زوجةً مع أنها لا نفقة لها؟ والمرأة الكافرة لا ترثُ زوجها المسلمَ مع أنها زوجته؟ والقاتلة لا ترث زوجَها المقتولَ؟ أما العدة فهي لازمة سواء في النكاح الدائم، أو نكاح المتعة بإجماع الشيعة الإمامية، وهكذا، فردّه لا يؤخذ به للاستدلال على نفي نكاح المتعة.
ـ أما القول بأن آية المتعة منسوخة بالآيتين 5 و6 من سورة «المؤمنون» (أو بالآيتين 29 و30 من سورة المعارج) فهو مستحيل لأن هاتين الآيتين نزلتا في مكة أي قبل آية المتعة التي نزلت في سورة النساء في المدينة والسابق لا ينسخ اللاحق بإجماع الأصوليين، مما يجعل الاعتماد على النسخ في غير محله، ولا يمكن الاستدلال به بوجه من الوجوه.
ويقول الشيعة الإمامية: إنه قد وردت في مؤلفات السيرة، وفي الروايات أحاديثُ كثيرةٌ تنسب تحريم المتعة صراحة إلى النبيّ (ص).. ويجيبون عن ذلك بأن تلك الأحاديث، بالإضافة إلى معارضتها بأحاديث أخرى تنسب التحريم إلى الخليفة الثاني، فإنها بحد ذاتها يدخلها التناقض في أكثر من مجال لاختلاف رواتها في كيفية النسخ، وفي موضعه.. فقائل يقول إنها نسخت في خيبر، وآخر في أوطاس، وثالث في يوم الفتح، ورابع في تبوك، وخامس في عمرة القضاء، وسادس في حجة الوداع.
وربما دخل التناقض في روايات الراوي الواحد، فقد نُسب لسبرة روايتان، إحداهما تقول بأن نسخها جرى في عام الفتح، وأخرى تقول في حجة الوداع..
ومهما يكن شأن تلك الروايات فإنها ترجع بأصولها إلى أفراد معدودين. وهي لا تخرج عن كونها من أخبار الآحاد التي لا تصلح أن تكون ناسخةً لحكم نصَّ عليه القرآن، وثبت تشريعة بإجماع المسلمين، لأن النسخ لا يقع بخبر الآحاد إجماعًا، ولأن ما يثبت بالإجماع، لا ينسخ إلا بالإجماع.
ـ أما دعوى الإجماع بحد ذاتها فأمرها أيسر، إذ كيف يكون هنالك إجماع على التحريم، مع مخالفة جمهرة من الصحابة والتابعين وأئمة أهل البيت وعلمائهم؟..
ومن حق الإنسان المسلم أن يتساءل، بعد ذلك، عن منشأ الاختلاف حول نكاح المتعة، فإذا كانت الآية 24 من سورة النساء التي ورد فيها قول الله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} صريحةً في نكاح المتعة، ولم يثبت بالدليل القطعيّ ما ينسخها، فمن أين جاءت شبهة التحريم إذن؟
وهذا ما أجاب عنه جابر بن عبد الله الأنصاريّ حين بلغه ما دار بين ابن الزبير وعبد الله بن عباس حولها من حديث.
وهذا هو الحديث كما رواه أبو نضرة: «كنت عند جابر بن عبد الله، فأتاه آتٍ، فقال: إن ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين (متعة الحج ومتعة النساء). فقال جابر: فعلناهما مع رسول الله (ص)، ثم نهانا عنهما عمر فلم نعدْ لهما».
وفي حديث آخر عنه: «قال جابر: على يدي جرى الحديث. تمتَّعنا مع رسول الله (ص) ومع أبي بكر فلما وُلّي عمر خطب الناس، فقال: «إن رسول الله هذا الرسول، وإنَّ القرآنَ هذا القرآن، وإنهما متعتان كانتا على عهد رسول الله، وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما، إحداهما متعة النساء، ولا أقدر على رجل تزوج امرأة إلى أجل إلاَّ غيّبته بالحجارة»، أي رجمته.
لم ينكر ذلك على عمر (رضي) إلا قليل. وكان ممن أنكر هذا النهي ولدُهُ عبد الله بن عمر. فقد سئل بعد ذلك عن متعة النساء، فقال: «والله ما كنا على عهد رسول الله (ص) زانين ولا مسافحين».. وسئل مرة أخرى عن المتعة، وكان السائلُ رجلاً من أهل الشام فقال له عبد الله بن عمر: «هنَّ حلالٌ». فقال الرجل: إن أباكَ قد نهى عنها. فقال ابن عمر: «أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله (ص)، أنترك السنّة ونتبع قول أبي؟!»...
والذي يبدو من هذا الكلام أن عبد الله بن عمر (رضي) كان ممَّن لا يُسيغون الاجتهاد في مقابل النص، مهما كان شأن ذلك الاجتهاد وبواعثه. لذلكَ لم يأخذ بوجهة نظر أبيه في اجتهاده القاضي بالنهي، مع صراحة النص القرآنيّ.
وقد حكى ابن أبي الحديد، في شرح نهج البلاغة (المجلد الرابع ص489) محاورة ابن الزبير مع ابن عباس.. قال ابن أبي الحديد: «خطب ابن الزبير بمكة، وابن عباس جالس مع الناس تحت المنبر، فقال: إن ههنا رجلاً، قد أعمى الله قلبه كما أعمى بصره، يزعم أن المتعة حلال من رسول الله (ص)، ويُفتي في القملة والنملة، وقد احتمل بيت مال البصرة، وترك الناس يرتضخون النوى. وكيف ألومه في ذلك وقد قاتل أمَّ المؤمنين، وحواريَّ رسول الله (ص)، ومن وقاه بيده.
فقال ابن عباس لقائده سعيد بن جبير بن هشام، مولى بني أسد ابن خزيمة: استقبل بي وجه ابن الزبير، وارفع من صدري (وكان ابن عباس قد كف بصره). فاستقبل به قائدُه وجهَ ابن الزبير، وأقام قامته، وحسر عن ذراعيه، ثم قال:
يا ابن الزبير: أما العمى فالله تعالى يقول: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ*}.. وأما فتياي في القملة والنملة، فإن فيها حكمين لا تعلمهما لا أنت ولا أصحابك.. وأما حملي المال فإنه كان مالاً جبيناه فأعطينا كل ذي حق حقه، وبقيت بقية هي دون حقنا في كتاب الله، فأخذناها بحقنا..
وأما المتعة فسَلْ أمكَ أسماء إذ نزلت عن بُردَيْ عوسجة... وأما قتالنا أم المؤمنين فبنا سمِّيت أم المؤمنين لا بكَ ولا بأبيكَ، فانطلق أبوكَ وخالكَ إلى حجاب مدَّه الله تعالى عليها فهتكاه...
إلى أن قال: فلما عاد ابن الزبير إلى أمه، سألها عن بُرْدَيْ عوسجة فقالت: ألم أنهكَ عن ابن عباس وعن بني هاشم فإنهم كُعم الجواب إذا بدهوا؟!
قال: بلى، وعصيتُك. فقالت: يا بنيّ، احذر هذا الأعمى الذي ما أطاقته الإنس والجن، واعلم أن عنده فضائح قريش ومخازيها بأسرها» (انتهى كلام ابن أبي الحديد ملخّصًا).
يضاف إلى ذلك أن جملة من الصحابة لم يقرّوا الخليفة الثاني، عمر بن الخطاب (رضي) على وجهة نظره في النهي عن المتعة. قال ابن حزم: «ثبت على إباحتها (المتعة) بعد رسول الله (ص) ابن مسعود، ومعاوية، وأبو سعيد، وابن عباس، وسلمة ومعبد ابنا أمية بن خلف، وجابر وعمرو بن حريث».
ثم قال ابن حزم: «ومن التابعين طاوس، وسعيد بن جبير، وعطاء، وسائر فقهاء مكة».
هذا بالإضافة إلى أئمة أهل البيت وعلمائهم على الإطلاق، فإنهم ثبتوا على إباحة المتعة، لكونها حلالاً نص عليه القرآن الكريم، وعمل بها الصحابة والتابعون.
وإذا كان لاجتهاد الخليفة عمر بن الخطاب ما يبرره في وقته - وهو ما لم يتضح حتى الآن - فليس هنالك ما يبرر استمرارَه، ولا ما يبرر إهمال صريح القرآن لأجلِهِ، مع أن «حلالَ محمد (ص) حلالٌ إلى يوم القيامة، وحرامَهُ حرامٌ إلى يوم القيامة». ولا سيما أن العمل بتحليل نكاح المتعة استمر طوال خلافة أبي بكر (رضي)، وحتى منتصف خلافة عمر (رضي) من دون أن يخالَفَ في ذلك نص القرآن الصريح. فما عدا مما بدا حتى طلع رواة ادعوا تحريمه في زمن النبيّ (ص) من دون أن يعلم بهذا التحريم الخليفتان أبو بكر وعمر (رضي) أنفسهما، في حينه، كما لم يعلم به معاصرو الخليفتين، إذ لم تنتشر تلك الروايات إلا بعد تحريمه يومَ حجَّ عُمر (رضي) بالناس في منتصف عهده؟!
تلك هي آراء الشيعة الإمامية في نكاح المتعة، وما يبدونَه في تحليلها معتمدين بذلك على صريح الآية 24 من سورة النساء، وعلى عدم نسخها بآياتٍ سبقتها مع نزولها، وعلى اختلاف الروايات عن تحريم المتعة أيام رسول الله (ص)، مع تأكيدهم على أن النهي عنها كان في أيام الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رضي) بالاستناد إلى روايات لم تثبت صحتها، ولم يجر تداولها إلا بعد النهي الذي صدر عنه.
الاتجاه الثاني:
وهو الاتجاه الذي يحرم نكاح المتعة، ويمثل رأي أهل السنّة في تحريم المتعة:
يستند أهل السنّة في هذا التحريم إلى ما روى أحمد ومسلمٌ عن سبرة الجهني، مع أنه كان مع النبيّ (ص) حين قال (ص): يا أيها الناس، إني كنت أذنت لكم الاستمتاع بالنساء، وأن الله تعالى قد حرَّم ذلك إلى يوم القيامة. فمن كان عنده منهن شيء فَليُخْلِ سبيلَهُ، ولا تأخذوا مما آتيتموهنَّ شيئًا.
وروى أحمد، وأبو داود عن سبرة الجهني - نفسه - أن رسول الله (ص) قد نهى، في حجة الوداع، عن نكاح المتعة. ويذهب أهل السُنّة في تحريم المتعة، مُبدين الحجج التالية:
ـ إن المتعة حرام بنص الحديث، وليس بأمر عمر، فعمر لا يملك تحليلاً ولا تحريمًا، بل يملك تبنِّي حكمٍ شرعيّ قد شرعه الله تعالى، وهو لا يملك التشريعَ. ورأيُهُ كرأيِ أيّ صحابي وهو رأيُ مجتهدٍ وليس بدليلٍ شرعيّ. وما رُوِيَ من أنَّ عمَر قد نهى عن المتعةِ فأطاعه النّاسُ فإن ذلك كان تنفيذًا لحكمٍ شرعيٍّ شرعه الله وليس أمرًا من عمَر ولا رأيًا له. ذلك أن بعضَ المسلمين لم يبلغْهم حينئذٍ حديثُ الرّسولِ في تحريمِ المتعةِ فلم يكونوا يقولون به فأراد عمرُ أن يُفُهِمَهُمْ أنه حرامٌ فأمر بتحريمها ليبلغ ذلك من لم يبلغْهُ بعدُ. فأمرُهُ كان تنفيذًا لحكمٍ شرعيٍّ وليس أمرًا من عنده. والمسلمون أطاعوه لحديثِ سبرَة المصرِّح بالتحريم المؤبّدِ وليس لأنّه أمرَ به عمرُ، والمسلمون متعبّدون بما بلغَهُمْ عن الشّارعِ. وقد صحَّ التّحريمُ المؤبّدُ بحديثِ سبرةَ الصّحيحِ فأخذوا بالتّحريمِ المؤبّدِ للحديثِ الصحيح.
إن نكاح المتُعَة زنى لا شكَّ فيه. فإنّه وقاعُ رجالٍ لامرأةٍ بغيرِ نكاحٍ. بل هو زنى لأنه استحلالٌ لفرجِ المرأةِ بما حرّمهُ الشرّعُ تحريمًا مؤبّدًا بالحديثِ الصّحيح. وقد روى البيهقي عن جعفر بن محمدٍ أنّه سُئِلَ عن المتعةِ فقال: «هي الزنى بعينه». وقد ورد في كتاب «كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال» (الفصل الخامس في نكاح المتعة): عن ابن جرير عن عمر أنه قال: «إنّ رسولَ الله (ص) أذِنَ لنا في المتعةِ ثلاثًا ثم حرّمها. والله لا أعلمُ أحدًا تمتّع وهو مُحْصِنٌ إلاَّ رجمتُهُ بالحجارة إلاَّ أن يجيئني بأربعة يشهدُون أن رسول الله (ص) أحلّها بعد أن حرَّمها. ولا أجد رجلاً في المسلمين متمتعًا إلاَّ جلدته مئة جلدة إلاَّ أن يأتيني بأربعة شهداء أن رسول الله (ص) قد أحلّها بعد أن حرَّمها».. وهذا يعني أنّ عمرَ (رضي) رأى أنها زنى وأنّ مرتكبَهَا يُقامُ عليه الحدُّ.
وحكمُ مرتكبِ المتعةِ حكمُ الزاني سواءٌ بسواءٍ. تقيمُ عليهِ الدولةُ الحدَّ بوصفتهِ زانيًا فتجلدُهُ مئة جلدةٍ إن كان غيرَ مُحصِنٍ، وترجمُهُ بالحجارِةِ إن كان مُحْصِنًا.
ولا يُعدّ نكاحًا فيه شبهةٌ كالنكاح الفاسدِ، حتى ولا نكاحًا باطلاً، بل هو زنى محضٌ يُحَدُّ فاعلُهُ قطعًا.. وأما إذا كان مذهبُهُ يجيزُ المتعةَ مثل الجعفريَّة فإنّه يُنظرُ فيه فإن كان لم يتبنّ الإمامُ أي الخليفة رأيًا في المتعةِ فإنه لا يُطبّقُ عليه حكمٌ يخالفُ مذهبَهُ الذي يتعبّدُ عليه. وأمّا إن كان الإمامُ قد تبنّى تحريمَ المتعةِ وأمر بتحريمهَا فإن مرتكبَهَا يقامُ عليه الحدُّ أيًّا كان، سواءٌ أكان حنفيًّا أم جعفريًّا لأن أمرَ الإمامِ يرفعُ الخلاف وهو نافذٌ ظاهرًا وباطنًا.
ويقول أهل السنَّة: إنَّ الشيعة الإماميّة عندما يقولون بجوازِ المتعةِ، حقيقتها عندهم، كما في كتبِهِمْ أنها النكاحُ المؤقّتُ بشروطه المعلومة. وأما أدلتهم فهي: دليلُهم أن الرسول (ص) قد رخص في المتعةِ، وبقيت الرخصةُ ولم يحرّمْها بعد الترخيصِ بها. ورُوِيَ عن ابنٌ عباسٍ بقاءُ الرخصةِ. وروى أحمدُ من طريق معمرٍ بسنده أنه بلغه أن ابن عباسٍ رخص في نكاح متعةِ النساءِ فقال له: إن الرسولَ (ص)نهى عنه يومَ خيبر وعن لحومِ الحُمُر الأهليّةِ. قال السهيلي: إنه لا يعرفُ عن أهل السيرِ ورواةِ الآثار أنه نهى عن نكاحِ المتعة يومَ خيبر. وقال أبو عوانة في صحيحه: سمعتُ أهلَ العلم يقولون عن عليٍّ أنَّ الرسول (ص)، نهى يوم خيبر، عن لحوم الحمر الأهليّة، وأمّا المتعةُ فسكت عنها.
وعن ابن عيينة، أنّ النهيَ زمنَ خيبر كان عن لحوم الحُمُر الأهلية. فالذين يجيزون المتعةَ يُنكرون أن النبيَّ (ص) نهى عن المتعةِ يومَ خيبر، ويستدلُّون على ذلك بالترخيصِ بها بعد خيبر في حنين وعامَ الفتحِ، ويقولون إنّ تحليلَ المتعةِ مجمعٌ عليه والمجمعُ عليه قَطعيّ، وتحريمَهَا مختلفٌ فيه والمختلفُ فيه ظنيُّ، والظنيُّ لا ينسخُ القطعيَّ. ويقولون إن قراءةَ ابنِ عباس وابن مسعودٍ وأبيّ بنِ كعبٍ وسعيد بن جبير «فما استمتعتم به منهنَّ - إلى أجل مسمى - دليلٌ على جوازِ المتعةِ.
ويردّ أهل السنّة قائلين: إن تلك الأقوال والأدلّة باطلةٌ ولا تصلُحُ للاستدلال، وذلك للأسباب التالية:
1 - أما كونُ الرّسولِ (ص) قد رخّصَ في المتعةِ فهذا صحيحٌ ولا خلافَ فيه لكنه حرّمها بعد أن رَخّص بها. فهي أوّلاً حين أُبيحت لم تكن عزيمةً بل كانت رخصةً ثم نُسخت هذه الرخصة بتحريمِ المتعةِ تحريمًا مؤبّدًا. فالموضوعُ لا يتعلّقُ بنكاحِ معيّنٍ قد سنّه الشرعُ بل برخصة رخّص بها الشرعُ. والموضوعُ أيضًا ليس كونَ الشرع قد رخّصَ بها بل الموضوعُ هو نسخُ هذا الترخيص أو عدمُ نسخه، ومتى صحّ النّسخُ وجب المصيرُ إليه وتركُ الحكمِ المنسوخِ فورًا، ولو جاء الإخبارُ بالنّسخِ في خبرِ الآحادِ لنسخِ ما ثبتَ بالتّواترِ والدّليلِ القطعيّ، فإنّ المسلمين كان يصلّون إلى بيتِ المقدسِ قبلتهم الأولى وكانَ ذلك ثابتًا بالتواتر، فلما نُسخ التوجُّه في الصلاةِ إلى بيتِ المقدسِ بلغ ذلك المسلمين بطريقِ الآحادِ وهم في الصّلاة، فتحوّلوا إلى الكعبة وهم في الصلاة وأتمّوا صلاتَهُمْ. فالحكمُ النّاسخُ يجبُ المصيرُ إليه فورًا متى ثبتَ النّسخُ ولو بطريقِ الأحاد. ونسخُ الرّخصةِ في المتعةِ بتحريمها تحريمًا مؤبّدًا ثابتٌ بالحديثِ الصّحيح فوجبَ على المسلمين المصيرُ إليه وتركُ الحكمِ المنسوخ. وأمّا ما رُوِيَ عن ابن عباس من بقاءِ الرّخصةِ فإنه رُوِيَ عنه أنّه رجع عن هذا القول بعد أن بلغه حديثُ تحريمِ المتعةِ تحريمًا مؤبّدًا. وقد روى الرجوعَ عن ابن عباسِ جماعةٌ منهم: محمدُ بنُ خلفٍ المعروف بوكيع في كتابه (الغرر من الأخبار) بسنده المتّصل بسعيد بن جبير. وروى الرجوعَ أيضًا البيهقيّ وأبو عوانة في صحيحه. وفضلاً عن ذلك فإنّ ابنَ عباسٍ صحابيّ وكلامُهُ ليس بحجةٍ ورأيُهُ ليس دليلاً شرعيًّا فلا يصلحُ للاستدلال.
وأمّا ما رُوِيَ عن عليٍّ (عليه) من أنّ النّهيَ في خيبر كان لحومِ الحُمُرِ الأهليّةِ، وأمّا المتعةُ فسكت عنها، فإنّه قد رُوِيَ عن علي (عليه) في كتبِ الصّحاحِ المتّفق عليها ما يخالفُ ذلك. فعن عليٍّ (عليه) أن رسولَ الله (ص) نهى عن نكاحِ المتعةِ وعن لحومِ الحُمُرِ الأهليّةِ زمنَ خيبر، وفي روايةٍ عن متعة النّساءِ يومَ خيبر وعن لحومِ الحُمُرِ الأهليّةِ الأنسيَّة.
وأما ما رُوِيَ عن ابن عيينة أنّ النّهي زمنَ خيبر عن لحومِ الحُمُرِ الأهليّةِ، فهو صحيحٌ من حيثُ رواية واقعةِ النّهيِ زمنَ خيبر، ذلك أنّ النبيَّ (ص) نهى عن لحومِ الحُمُرِ الأهليّةِ في واقعةٍ ثم بعد ذلك نهى عن المتعةِ في واقعة أخرى. فقد روى ابنُ عيينة عن الزهري بلفظِ «نهى عن أكلِ الحُمُرِ الأهليّة عامَ خيبر وعن المتعةِ بعد ذلك أو في غير ذلك اليوم» فالذين لم يبلغْهم النّهيُ الأوّلُ والنّهيُ الثاني جمعوهما معًا وقالوا: نهى عن لحوم الحُمُرِ الأهليّةِ وعن المتعةِ. وكلتا الروايتين صحيحةٌ فيكونُ النّهيُ عن المتعةِ ثابتًا يومَ خيبر ولا ينقُضُهُ من يقولُ إنَّما نهى عن الحُمُرِ الأهليّة لأنّه لا يصلُح دليلاً على أنّه لم ينهَ عن غيرها. فإن عدمَ سماعِ الرّجلِ للنّهيِ الثاني لا ينفي سماعَ غيرِهِ له. فيكونُ عدمُ سماعِ بعضِ الرّواةِ حديثَ النّهيِ عن المتعةِ يومَ خيبر لا يطعنُ بسماعِ من روى حديث النهيِ عنها يومَ خيبر نفسِه ولا سيَّما أنّه قد حصل في واقعةٍ ثانية.
وأما قولُهُمْ إنّ تحليلَ المتعةِ مجمعٌ عليه والمجمعُ عليه قطعيُّ، وتحريمَهَا ظنّيٌ والظّنيُّ لا ينسخُ القطعيُّ، فإنّ الموضوعَ هو ثبوتُ النّسخِ أو عدمُ ثبوتِهِ وليس كونَ النّاسخِ ظنّيًّا والمنسوخِ قطعيًّا. والموضوعُ ليس متعلقًا بروايةِ نصٍّ حتى ولا بروايةِ حكمٍ بل الموضوعُ هو أن هذا الحكمَ قد نُسِخَ أو لم يُنْسَخْ. فليس هو نسخُ قطعيٍّ بظنّيٍّ بل هو نسخُ حكمٍ ثبتَ بالسنّةِ بحكمٍ ثبتَ بالسنّةِ. فموضوعُ قطعيٍّ وظنّيٍّ ليس واردًا ولا هو موضوعُ البحث. فقد ثبت بالسنّةِ إباحةُ المتعة في صدرِ الإسلامِ وثبت بالسنّةِ تحريمُهَا في خيبر، ثم ثبت بالسنّةِ إباحتُها عامَ الفتحِ وثبتَ بالسنة تحريمُهَا في عامِ الفتحِ نفسِهِ تحريمًا مؤبدًا. فالموضوعُ ليس نسخَ القرآنِ بالسنّةِ ولا هو نسخُ المتواترِ بخبرِ الآحادِ، بل هو نسخُ حكمٍ ثابتٍ بالسنّةِ في خبرِ الآحادِ بحكمٍ ثبت بالسنّةِ في خبرِ الآحاد. ولذلك لا تردُ مسألةُ قطعيٍّ وظنيٍّ ولا مسألةُ نسخ القطعيٍّ بالظنيٍّ.
وأما قراءةُ ابنِ عباسٍ وابن مسعودٍ وأبيّ بنِ كعبٍ وسعيد بن جبيرٍ، فإنها ليست قرآنًا لأنها جاءت بطريقِ الآحادِ. ولا يُعدّ قرآنًا إلا ما جاءَ بطريق التواتر وما ألقيَ على جمعٍ تقومُ الحجّةُ القاطعة بقولِهِم، لأنّ القرآنَ هو فقط ما نُقِلَ نقلاً متواترًا وعلمنا يقينًا أنّه من القرآن. فهذا وحده هو القرآنُ وهو الذي يكونُ حجةً. وأمّا ما عداه فليس قرآنًا وليس بحجةٍ. ولذلك فإن ما نُقِلَ إلينا منه من آحادٍ كمصحفِ ابنِ مسعودٍ وغيرهِ ليس بقرآنٍ ولا يكونُ حجة. وعلى ذلك فإن هذه القراءةَ ليست قرآنًا، وكذلك ليست سنّةً، لأجلِ روايتِها.
على أنّ الدّليلَ على تحريمِ المتعةِ تحريمًا مؤبّدًا ليس النّهيَ عنها يومَ خيبر فإنّ الرّسولَ (ص) قد أباحها بعد خيبر في عامِ الفتح. وإنّما تحريمُ المتعةِ تحريمًا مؤبّدًا ثابتٌ بتحريمها يومَ الفتحِ، والنصُّ على تحريمها مؤبدًا في نصِّ النّهيِ نفسه ثابتٌ بحديثِ سبرةَ الصحيح. فقد روى أحمدُ ومسلمٌ عن سبرةَ الجهني «أنّه غزا مع النبيِّ (ص) عند فتح مكة قال: فأقمنا بها خمسةَ عَشَرَ، فأذنَ لنا رسولُ الله (ص) في متعةِ النّساء» وذكرَ الحديثَ إلى أنْ قال: «فلم أخرجْ حتى حرَّمها رسولُ الله (ص) فقال: يا أيها النّاسُ إنّي كنت أذنتُ لكم في الاستمتاعِ من النساءِ وإنّ الله قد حرّمَ ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيءٌ فليُخْلِ سبيلَهُ ولا تأخذوا مما آتيتموهنَّ شيئًا». فتحريمُ المتْعة تحريمًا مؤبّدًا لم يأت من النّهيِ عنها يومَ خيبر، بل أتى من النّهي عنها يومَ الفتحِ كما ثبت بدليل حديثِ سبرةَ الصحيحِ المصرحِ به بالتّحريمِ المؤبدِ.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢