نبذة عن حياة الكاتب
لمن الحكم
الطبعة : الطبعة الاولى
المؤلف : سميح عاطف الزين
فئة الكتاب : فكر معاصر
عدد الصفحات : ١١١
تاريخ النشر : ١٩٨٨
الفهرس (اضغط على الرابط للقراءة)

المقَدِّمة
وَاقِعُ العَقْل
الإدرَاكُ الشعُوريّ أو التميِيزُ الغَريْزِيّ
الطَريقَةُ العَقْلِية والطَريقةُ العِلْميّة
أقسَامُ الفِكْرِ
حَلُّ العُقْدَةِ الكُبْرَى أو الإِيمانُ بِالله عَنْ طَريقةِ الفِكْرِ المُسْتَنِير
خُلاصة
التفكيرُ البَطيءُ وَالتفكيرُ السَّريعُ أو الإدراكُ البَطيءُ وَالإِدراكُ السَّريعُ
فِطْرَةُ الإنْسَان
الطَاقةُ الحيويَّةُ غَريزَةُ البَقَاء
غَرِيزَةُ النَّوْعِ مِنْ مَظاهِرِهَا الشُعورُ الجِنْسِيّ
التَدَيُّن
الخوفُ: مظهَرٌ مِنْ مظاهِرِ غَريزَةِ حُبِّ البَقاء
العِبَادَةُ
حاجَةُ الإنسَانِ إلى الرُّسُل
لِـمَنِ الحُكْمُ؟
الشَرعُ أو الشَرِيعَة
القُرآنُ عَرَبيٌّ
الحَقِيقَةُ العُرفيَّةُ وَالحقِيقَةُ الشَرعيَّةُ
المُجْتَمَع
تَكْوينُ المُجْتَمع وتنظيمُه عِنْدَ الشيُوعِيين
كيفَ يَنْهَضُ المُجْتَمَع
الأهْدافُ العُلْيَا لِصِيَانةِ المُجْتَمَعِ الإسْلاميّ
القانونُ الرُّوماني
الاقتِصاد
الإجَارة
النظامُ الاجتماعيّ في الإسلام
تنظِيمُ العَلاقات
مقاصِدُ كُلِّ حُكْمٍ بعَيْنِه
الخاتِمَـة

القُرآنُ عَرَبيٌّ
لم يشتملِ القرآنُ الكريمُ على كلمةٍ واحدةٍ غيرِ عربيّةٍ مُطلقًا بل كلهُ عربيٌّ، والدليلُ على ذلك قولهُ تعالى: [إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا] وقولهُ: [بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ] وقولهُ [وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ] فلو اشتملَ القرآنُ على غيرِ اللّغةِ العربيّةِ لكانَ مخالفًا لهذهِ الآياتِ، ويكونُ الرّسولُ، صلى الله عليه وآله وسلم، قد أُرسلَ بغيرِ لسانِ قومهِ؛ والقرآنُ يُطلَقُ على مجموعهِ وعلى جزءٍ منهُ، فلو كانَ جزءٌ منه غيرَ عَربيٍّ لما كانَ منَ القرآنِ، وأيضًا فإنَّ اللهَ تعالى يقولُ: [وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ]. فنفَى أن يكونَ أعجميًّا.
وأمّا اشتمالُ القرآنِ على ألفاظٍ مأخوذةٍ منَ اللّغاتِ الأخرى كاشتماله على لَفظِ «المشكاةِ» وهي لفظةٌ هنديّةٌ وقيلَ حبشيّةٌ وهي الكوّةُ، وعلى لفظِ «القسطاسِ» وهي روميّةٌ ومعناها الميزانُ، وعلى لفظِ «الاسْتَبْرَقِ» ومعناها الدّيباجُ الغليظُ، وعلى لفظِ «سجيل» ومعناها الحجرُ من الطينِ وهما لفظتانِ فارسيّتانِ فإنّهُ لا يكونُ بذلكَ مشتملًا على كلماتٍ غيرِ عربيّةٍ لأنَّ هذه الألفاظَ قد عُرّبَتْ فصارت معرّبَةً، فهو مشتملٌ على ألفاظٍ مُعَرَّبةٍ لا على ألفاظٍ غيرِ عربيّةٍ. واللفظُ المعرّبُ عَربيٌّ. كاللفظِ الذي وضعتْهُ العربُ سواءٌ بسواءٍ. والشِّعرُ الجاهليّ قد اشتملَ على ألفاظ معرّبةٍ من قَبلِ أن يُنَزَّلَ القرآنُ مثلَ كلمةِ «السّجنجل» بمعنى المرآةِ في شعرِ امْرِئِ القيسِ وغيرِها منَ الكلماتِ عندَ كثيرٍ من شعراءِ الجاهليةِ. والعربُ كانوا يعدّونَ اللّفظةَ المعرّبةَ عربيةً كاللفظةِ التي وضعوها سواءٌ بسواءٍ. والتّعريبُ لَيسَ أخْذًا للكلمةِ منَ اللّغاتِ الأخرى كما هي ووضعها في اللّغةِ العربيّةِ بلِ التعريبُ هوَ أن تُصاغَ اللّفظةُ الأعجميّةُ بالوزنِ العربيّ فتصبحَ عربيّةً بعدَ وضعها على وزنِ الألفاظِ العربيّةِ، أو على حدِّ قولهم على تفعيلةٍ من تفعيلات اللغةِ العربية مثْلَ أفْعَلَ وَفَعَلَ وَفَاعَلَ وافْتَعَلَ وانْفَعَلَ وغيرِها. فإن وافقتْها ووافقتْ حروفُها حروفَ اللغةِ العربيّةِ أخذوها، وإنْ لم تكن على أوزانِ التّفعيلاتِ العربيّةِ ولم توافق أيَّ وزنٍ من أوزانِ العربِ حَوَّروها بزيادةِ حرفٍ أو بنقصانِ حرفٍ أو حروفٍ وصاغُوها على الوزنِ العربيّ؛ وكذلك يفعلونَ في حروفها، فيحذفون الحرف الذي لا ينسجم مع اللغة العربية ويضعون بدلًا منهُ حرفًا من حروفها حتى يُصبحَ جزءًا منها. فالتّعريبُ هو صوغُ الكلمةِ الأعجميّةِ صياغةً جديدةً بالوزنِ والحروفِ حتى تُصبحَ لفظةً عربيّةً في وزنها وحروفها.
وبمناسبةِ الحديثِ عنِ الألفاظِ المعرَّبةِ قد يرِدُ سؤالٌ هوَ: هلِ التّعريبُ خاصٌّ بالعربِ الأقحاحِ الذينَ وضعُوا اللّغةَ العربيَّة ورُوِيَتْ عنهُم أمِ التّعريبُ جائزٌ لكلِّ عربيٍّ في كلِّ عصرٍ؟
الجوابُ عن ذلكَ: التّعريبُ جائزٌ لكلّ عربيٍّ في كلّ عصرٍ شرطَ أن يكونَ مجتهدًا في اللُّغةِ العربيّةِ. لأنَّ التّعريبَ ليسَ وضعًا أصليًّا بل هوَ صياغَةٌ على وزن مخصوصٍ بحروفٍ مخصوصةٍ. هذا هو واقعُ التّعريبِ، وأمّا الوضعُ فخاصٌّ بالعربِ الأقحاحِ وحدهُم، ولا يجوزُ لغيرهم لإنّهُ إيجادٌ من شيءٍ غيرِ موجودٍ من الكلامِ واصطلاحٌ ابتداء فلا يصحُّ إلَّا لأهلِ الاصطلاحِ، لكنَّ التّعريب ليسَ إيجادًا لشيءٍ غيرِ موجودٍ بل هو اجتهادٌ في الشيءِ الموجودِ، وهوَ ليسَ اصطلاحًا ابتداء بل اجتهادٌ فيما جرى الاصطلاحُ عليهِ. فإنَّ العربَ قد حدّدتْ أوزانَ اللّغةِ العربيّةِ وتفعيلاتها، وحدّدتْ حروفَ العربيّةِ بحروفٍ معينةٍ وعددٍ محدّدٍ، والتّعريبُ هوَ صَوغُ لفظةٍ من هذهِ الحروفِ على وزنٍ منَ الأوزانِ العربيّةِ.
ومن هنا كانَ جائزًا لكلِّ مجتهدٍ في اللّغة العربيّةِ، فهو كالاشتقاقِ سواءٌ بسواءٍ. فالاشتقاقُ أن تصوغَ من المصدرِ فعلًا أو اسمَ فاعلٍ أوِ اسمَ مفعولٍ أو غيرَ ذلكَ من المشتقاتِ من حروفِ العربيّةِ وعلى استعمالِ العربِ، سواءٌ أكانَ ما صغتَهُ قد قالتهُ العربُ أم لم تقلهُ. والمشتقُّ لا خلافَ في جوازهِ لكلِّ عالِمٍ بالعربيّةِ، فكذلكَ التّعريبُ لأنّهُ صياغَةٌ وليسَ بوضعٍ، ولهذا فإنَّ التّعريبَ ليسَ خاصًّا بالعربِ الأقحاحِ بلْ هوَ عامٌّ لكلّ مجتهدٍ باللّغةِ العربيّةِ، غَيرَ أنّهُ ينبغي أن يُعلَمَ أنَّ التعريبَ خاصّ بأسماءِ الأشياءِ وليسَ عامًّا لكلِّ لفظٍ أعجميّ. فالتّعريبُ لا يُدخلُ الألفاظَ الدّالّةَ على المعاني ولا الجُمَلَ الدّالةَ على الخيالِ، بل هو خاص بأسماءِ الأشياءِ ولا يَصِحُ في غيرها مُطْلقًا، والعربُ حين عَرَّبتْ إنما عربت أسماءَ الأشياءِ ولم يجرِ التّعريبُ في غيرِها. فإنّهم بالنّسبةِ إلى المعاني قد وضعوا الاشتقاق وبالنّسبةِ إلى التخيّلاتِ والتّشبيهاتِ قد وضعوا المجازَ ولم يستعملوا التّعريبَ إلَّا في أسماء الأشياءِ، ويدخلُ فيها أسماءُ الأعلامِ مثلَ إبراهيمَ. ولهذا لا يجوزُ التّعريبُ إلّا في أسماءِ الأشياءِ وأسماءِ الأعلامِ فإنَّ مجالَ أخذِها واسع في الاشتقاقِ والمجازِ. فإنَّ الاشتقاقَ مجالُ واسعٌ لأخذِ المعاني والتعبير عنها مهما بلغت من الكَثرةِ والتّنوُّعِ، وكذلك المجازُ مجالٌ خصبٌ لأخذِ الخيالِ والتّشبيهاتِ والتَعبيرِ عنها مهما كانت. ومن هنا كانَ لزامًا على علماءِ اللّغةِ العربيّةِ أن يُوجدُوا ألفاظًا جديدةً للأسماءِ والمعاني الجديدةِ ولا مناصَ لهم من إيجادِ هذهِ الألفاظِ الجديدةِ وإلَّا وقفوا عنِ السّيرِ معَ الحياةِ ومتطلّباتِها، ووقفوا عن بيانِ حُكمِ الشّرعِ في وقائعَ وأشياءَ لا بدَّ من بيانِ حكمِ الشّرعِ فيها. واللّغةُ العربيّةُ نفسُها إنّما تبقى وتحيا بالاستعمال فإذا وُجِدَتْ معانٍ جديدةٌ ضروريةٌ لحياةِ الأمّةِ ولم توجَدْ في اللّغةِ العربيّةِ ألفاظٌ تعبّرُ بها عنها انصرفتِ الأمّةُ حتمًا إلى لُغَةٍ أخرى لتعبِّرَ بها عمّا هُوَ من ضروريّاتِها وبذلكَ تجمدُ اللّغةُ ثم معَ الزّمنِ تُتْرَكُ وتُهجر.
ومن هنا كان التّعريبُ كالاشتقاقِ والمجازِ ضرورةً من ضروراتِ حياةِ اللّغةِ العربيّةِ وبقائِها لذلكَ لا بدَّ منَ التّعريبِ، واللّغةُ العربيّةُ ليستْ في حَاجةٍ إلى أن يُؤخَذَ معنى اللفظةِ الأعجميّةِ ويعبّرَ عنه بلفظٍ يدلُّ على معنى مثلِهِ بالعربيّةِ كما حاولَ المسلمونَ أن يفعلوا ذلكَ، بل تُؤخذُ اللّفظةُ الأعجميّةُ نفسُها وتُصاغُ على وزنٍ عربيٍّ فما فعلوهُ من وضعِ كلماتِ قطارٍ وسيّارةٍ وهاتفٍ ومِقودٍ وما شاكلَ ذلكَ عمَلٌ كلُّهُ خطأٌ، ويدلُّ على الجمودِ الفكريّ وعلى الجهلِ المُطبِقِ. فهذهِ أشياءُ وليستْ معانيَ ولا تخيّلاتٍ وتشبيهاتٍ فلا تُوضَعُ لها أسماءٌ لمعانٍ تشبهِها ولا تُشتقُّ لها أسماءٌ بل تُؤخذُ أسماؤها الأعجميّةُ نفسُها وتُصاغُ على تفعيلةٍ من تفعيلاتِ العربِ. فكلمةُ «تلفون» كان يجبُ أن تُؤخذَ كما هي لأنَّ وزنها وزنٌ عربيٌّ «فعلول» ومنها عربون وحروفُها كلُّها حروفٌ عربيّةٌ وكلمةُ «كدون» وزنها عربيٌّ «فعول» ومنه جهول، لكنّ حرف «G» غيرُ موجودٌ في اللغةِ العربيّةِ فيوضعُ بدلًا منه حرف «غ» فيُقالُ «غدون» أو «ج» فيُقالُ «جدون» فتصبحُ لفظةٍ معرّبة وهكذا. ومن هنا كانتِ الألفاظُ التي وُضعت لأسماءِ الأشياءِ الجديدةِ كالقطارِ والسيّارةِ ونحوِهما لا تُعدّ من ألفاظِ اللّغةِ العربيّةِ مُطلقًا لأنَّ اللفظَ العربيَّ هو اللّفظُ الذي وضعه العربُ للدّلالةِ على معنى معينٍ، فإذا حصلَ اصطلاحٌ للفظ وضعَهُ العربُ على معنى لم يضعوهُ لهُ كانَ ذلكَ حقيقةً شرعيّةً أوحقيقةً عُرفيّةً وليسَ حقيقةً لُغويةً.
والحقيقةُ اللُّغويّةُ هي اللّفظُ المستعملُ فيما وُضعَ له أولًا في اللُّغةِ، ولفظُ المِقودِ وما شابَهَهُ لم يضعهُ العربُ بإزاء هذا المعنى للدّلالةِ عليهِ فلا يكونُ حقيقةً لُغويّةً، وبما أنّهُ ليس حقيقةً شرعيّةً ولا حقيقةً عُرفيّةً، فيكونُ لفظًا غيرَ عربيٍّ لأنّ ألفاظَ اللّغةِ العربيّةِ لا تخرجُ على هذه الثلاثِ.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢