نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ الدَّالِ
(د)
دأب: الدأبُ: إدَامَةُ السَّيْر. دَأبَ في السَّيْر دَأباً. وفي قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إبراهيم: 33] الدائبان: الليلُ والنهارُ كالجديدين كأنَّ كُلاًَّ منهما يجدُّ في معاقبتِهِ للآخر؛ والدَّأبُ: العادَةُ المستمرَّةُ دَائماً على حالَةٍ. {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} [آل عِمرَان: 11] أي كعادَتِهِم التي يَسْتَمِرُّونَ عليها في التكذيب بآيات الله تعالى.
دب: الدَّبُّ والدبيبُ: مَشْيٌ خفيفٌ، ويُسْتَعْمَلُ ذلكَ في الحيوانِ وفي الحَشَرَاتِ أكثرَ، ويُسْتَعْمَلُ في الشَّرَابِ والبِلَى ونحو ذلكَ مما لا تُدْرِكُ حركَتَهُ الحاسَّةُ، ويُسْتَعْمَلُ في كلِّ حَيوَانٍ وإنِ اخْتصَّتْ في التَّعَارفِ بالفَرَسِ {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِنْ مَاءٍ} [النُّور: 45] الآيةَ، وقال: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَآبَّةٍ} [البَقَرَة: 164]، {وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هُود: 6]، وقال تعالى: {وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعَام: 38]. وفي قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَآبَّةٍ} [فَاطِر: 45] قال أبو عُبَيْدَةَ: عَنَى الإنسانَ خاصَّةً، والأوْلَى إجْرَاؤها على العُمُومِ. وقولُهُ: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النَّمل: 82] فقد قيلَ إنَّها حَيَوانٌ بخلافِ ما نَعرفُهُ يكون خُرُوجُهَا أمارة من أمارات اقتراب الساعة، وقيلَ عَنَى بها الأشرَارَ الذينَ هُمْ في الجَهْلِ بمنزلةِ الدوابِّ، فتكونُ الدابةُ اسم جمع لكلِّ شيءٍ يَدِبُّ، نحوُ خائنةٍ جمعُ خائنٍ. وقولُهُ: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَآبِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} [الأنفَال: 22] فإنها عامٌّ في جميعِ الحيواناتِ. ويُقالُ: ناقةٌ دَبوبٌ تَدِبُّ في مَشْيِها لبُطْئِها. وما بالدارِ دُبِّيٌّ، أي مَنْ يَدِبُّ. وأرضٌ مدبوبَةٌ: كثيرَةُ ذواتِ الدَّبيبِ فيها.
دبر: دُبُرُ الشيءِ: خلافُ القُبُلِ. وكُنِّيَ بهما عَنِ العضْوَيْنِ المخصُوصَيْنِ. ويُقالُ دُبْرٌ ودُبُرٌ، وجمعُهُ أدْبارٌ {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يُوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفَال: 16]. و{يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [الأنفَال: 50] أي قُدَّامَهُمْ وخَلْفَهُمْ، وقال: {فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} [الأنفَال: 15] وذلكَ نهيٌ عَنْ الانهزَامِ. وقولُهُ: {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40] أواخِرُ الصلواتِ، أو الركعتان بعد المغرب، وقُرىءَ: وأدْبارَ النجومِ، وإدْبارَ النجوم: الركعتان قبل الفجر، فإِدْبارَ مصدرٌ مجعولٌ ظَرْفاً، نحوُ مَقْدَمَ الحاجِّ وخُفُوقَ النجمِ. ومَنْ قَرأ: أدْبارَ، فجمْعٌ. ويُشْتَقُّ منه تارةً باعتِبارِ دَبَرَ الفاعلُ، وتارةً باعتِبارِ دَبَرَ المفعول، فَمِنَ الأولِ قوْلهُمْ: دَبَرَ فلانٌ. والدابِرُ: الماضي، ومنه قولهم: «أمسِ الدابرُ لا يعود». قال {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} [المدَّثِّر: 33]. وباعتِبارِ المفعولِ قولُهُمْ: دَبَرَ السهمُ الهدَفَ: سقطَ خَلْفَهُ، ودَبَرَ فلانٌ القومَ: صارَ خَلْفَهُمْ. وقولهم: «قَطَعَ اللَّهُ دابِرَهُم» أي آخر مَنْ بَقِيَ منهم، قال تعالى: {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاَءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} [الحِجر: 66] و {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنعَام: 45] والدابِرُ: يُقالُ للمتأخِر وللتابِعِ، إمَّا باعتِبارِ المكانِ، أو باعتِبارِ الزمانِ، أو باعتِبارِ المرتَبةِ. وأدبَرَ: أعرضَ وولَّى {ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ} [المدَّثِّر: 23] و {تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} [المعَارج: 17]، وقال عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ: «لا تَقَاطَعُوا ولا تدَابَرُوا وكونوا عِباد اللَّه إخواناً»(102) أي لا تَخْتَلِفوا وَتَتَعَادَوْا فينقطع بعضكم عن بعض، ومنه إذا ولَّى بعضهم عن بعض وقيلَ: لا يَذْكُرْ أحدُكُمْ صاحِبَهُ مِنْ خَلْفِهِ. والدِّبارُ: مصدرُ دابَرْتُهُ، أي عادَيْتُهُ مِنْ خَلْفِهِ. والاستدبار: الاستئثارُ؛ والتدبيرُ: التفكيرُ في دُبُر الأمورِ. {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النَّازعَات: 5] يعني ملائِكةً موكَّلَةً بتدبير أمور الخلق. والتَّدَبُّرُ: النظرُ في عواقبِ الأُمور {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النِّسَاء: 82]. والدِّبارُ: الهَلاكُ الذي يَقْطَعُ دابِرَتَهُمْ، وسُمِّيَ يومُ الأربعاءِ في الجاهليةِ دِباراً، قيلَ: وذلكَ لِتشاؤمِهِمْ به. ورجُلٌ مُقابَلٌ مُدابَرٌ، أي شريفٌ مِنْ جانِبَيْهِ. والدَّبُورُ مِنَ الرّياحِ: الرِّيحُ الغَرْبِيَّةُ وهي قاسِيَةٌ، وعَكْسُها الصَّبا. وقال الشاعر:
تَبَدَّلَتْ والدَّهْرُ ذو تَبَدُّلِ هِيفاً دَبُوراً بالصَّبا والشَّمْألِ
والدَّبْرَةُ مِنَ الْمَزْرَعَة، جمعها دَبارٌ، قال الشاعِرُ:
على جريةٍ تَعْلُو الدَّبارَ غُرُوبُها
والدَّبْـرُ: جماعـةُ النَّحْـلِ والزَّنابيـرِ ونحوُهِمَا مما سِلاحُها في أدبارِها، الواحِدةُ: دَبْرَةٌ. والدَّبْرُ: المالُ الكثيرُ الذي يَبْقَى بعدَ صاحِبِهِ، ولفظه لا يُثَنَّى ولا يُجْمَعُ.
دثر: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدَّثِّر: 1] أصْلُهُ الْمُتَدَثِّرُ فأُدْغِمَ، وهو المتدرِّعُ دِثارَهُ أي المتغطي بالثياب عند النوم. يُقالُ: دَثَرْتُهُ فَتَدَثَّرَ. والدِّثارُ: ما يُتَدَثَّرُ به. وقد تَدَثَّرَ الفحلُ الناقَةَ: تَسَنَّمها. والرَّجُلُ الفرسَ: وثَبَ عليه، فَرَكِبهُ. ورجلٌ دَثورٌ: خاملٌ مُسْتَتِرٌ. وسيفٌ داثِرٌ: بعيدُ العَهْدِ بالصِّقالِ، ومنه قيلَ للمنزِلِ الدارِسِ: داثِرٌ، لزوالِ أعلامِهِ. و «فلانٌ دِثْرُ مالٍ»، أي حَسَنُ القيامِ عليه.
دحا: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النَّازعَات: 30] أي بعدَ خلْقِ السّماءِ بسطَ الأرضَ ومدَّها، من الدّحوِ وهو البَسطُ، ودحْوُ الأرضِ: تمهيدُها وبسطُ قشرتِها بحيثُ تصبحُ صالحةً للسيرِ عليها. والدّحْوةُ تعني أيضاً البَسْطَ؛ يقالُ: دحوْتُ أدحُو دحْواً، ودحيْتُ أدحِي دحياً (لغتان، وهيَ من ذواتِ الواوِ واليَاء)؛ قالَ أميّةُ ابنُ أبِي الصّلْت:
دارٌ دحَاهَا ثمّ أعمرَ بابَها وأقامَ بالأُخْرَى الّتي هِيَ أمجدُ
وأمّا ابنُ الرومِي الذي شُهدَ له بدقّةِ الوصفِ فقد قالَ في وصفِ خبّازٍ يصنع الرُّقاقَ من العجينِ في وقتٍ قصير:
إنْ أنسَ لا أنسَ خبازاً مررتُ به يدحُو الرُّقاقةَ وشْكَ اللّمْحِ بالبصرِ
ما بينَ رؤيَتِهَا في كفِّهِ كُرةً وبينَ رؤْيَتِهَا قَوْراءَ كالقمرِ
إلاَّ بمقدارِ ما تَنْداحُ دائرةٌ في لُجّةِ الماءِ يُلقَى فِيهِ بالحجرِ
فالشّاعرُ يصفُ عمليّةَ الدّحو بعد أَنْ مثَّلها بِكُرةٍ من العجينِ الطريِّ، وضغطَ عليها بالكفّينِ مِنْ أعلى ومِنْ أسفلَ بحركةٍ دائريةٍ إلى اتّجاهِ مركزِها؛ فيكونُ الدّحوُ هو التأثير على شَكلِ الكُرةِ بقوةٍ ضاغطةٍ اتجاهَ المركزِ من أعلى وأسفلَ حالةَ كونِها تدورُ حولَ مِحْورِها الرأسيّ. والقبائلُ العربيّةُ غربَ الخليجِ يسمُّون البيضةَ: دُحْيَة.
ودحاها: أزالَها عن مَقَرِّها، كقولِهِ: {يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ} [المُزّمل: 14] ومِنْه قولُهُمْ: دَحا المطَرُ الحَصَى مِنْ وجهِ الأرضِ، أي جرَفَها ودفعها. ومَرَّ الفَرَسُ يَدْحُو دَحْواً، إذا رمى بيديه رمياً لا يرفع حافرهُ عن الأرض كثيراً. ومنه أدْحيُّ النَّعامِ أي مبيضُهُ، وأُدحيُّ: منزل القمر، وهو أفْعُولٌ مِنْ دَحَوْتُ. ودِحْيَةُ: اسمُ رَجُلٍ.
دحر: الدَّحْر: الطَّرْدُ والإِيعادُ يُقالُ: دَحَرَهُ دُحُوراً {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَدْحُورًا} [الأعرَاف: 18]، {فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا} [الإسرَاء: 39] أي مطروداً من رحمة الله، ومنه {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا} [الصَّافات: 8-9].
دحض: {حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الشّورى: 16] أي باطِلةٌ زائلةٌ، {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [الكهف: 56] لِيُزيلُوا الحقَّ عن قرارِه، ليُبْطِلُوا ما جاءَ به محمّد (ص) . وأدْحَضْتُ حُجَّتَهُ: أبطلتُها، وعلى نحوهِ في وصْفِ المناظَرَةِ:
نظراً يُزِيلُ مَواقِعَ الأقدامِ
ودَحَضَتِ الشمسُ عن كبد السماءِ، إذا زالت إلى جهة الغرب، مُسْتَعارٌ مِنْ ذلك.
دخر: {وَهُمْ دَاخِرُونَ} [النّحل: 48] أي أذِلاءُ: يُقالُ: أدْخَرْتُه فدَخَرَ، أي أذْلَلْتُهُ فَذَلَّ، وقولُه تعالى: {وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ} [الصَّافات: 18]، يعني صاغِرُون أشدَّ الصَّغار، وعلى ذلك قولُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غَافر: 60]. وقولُهُ: {تَدَّخِرُونَ} [آل عِمرَان: 49] أصْلُهُ يَدَّخِرُون، وليس مِنَ هذا الباب.
دخل: الدُّخُولُ: نَقيضُ الخُروجِ، ويُسْتَعمَلُ ذلك في المكانِ والزمانِ والأعمالِ، يُقالُ: دَخَلَ مكانَ كذا {ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} [البَقَرَة: 58]، {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النّحل: 32]، {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} [الزُّمَر: 72]، {وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [المجَادلة: 22]. وقال: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} [الشّورى: 8]، {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ} [الإسرَاء: 80] فَمَدْخَلٌ: مِنْ دَخَلَ يَدْخُلُ، ومُدْخَلٌ: مِنْ أدْخَلَ {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ} [الحَجّ: 59] وكذلك قولُهُ: {مُدْخَلاً كَرِيمًا} [النِّسَاء: 31] مَنْ قَرَأ مَدْخَلاً بالفتحِ فكأنه إشارَةٌ إلى أنهمْ يَقْصِدُونَهُ ولم يكونوا كَمَنْ ذَكَرَهُمْ في قولِهِ: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ} [الفُرقان: 34] وقولِهِ: {إِذِ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاَسِلُ} [غَافر: 71]، ومَنْ قَرَأ مُدْخَلاً فكقولِهِ {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ} [الحَجّ: 59]. وادَّخَلَ: اجتهدَ في دخولِهِ {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً} [التّوبَة: 57]. والدَّخَلُ: كِنايةٌ عَنِ الفسادِ والعَدَاوةِ المُسْتَبْطَنَةِ كالدَّغَلِ؛ والدَّخَلُ الدَّعْوَةُ في النَّسَبِ إلى من ليس منه، أو العيبُ في الحَسَبِ؛ والدَّخَلُ أيضاً ما خامَرَ الجسمَ أو العقل من الفساد، ومنه قوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ} [النّحل: 92] أي خداعاً؛ ودُخِلَ فُلانٌ، فهو مَدْخُولٌ: كِنايةٌ عَنْ بَلَهٍ في عَقْلِهِ وفَسادٍ في أصْلِهِ، ودَخَلَ بامْرَأتِهِ: كِنايةٌ عَنِ الإِفضاءِ إليها {مِنْ نِسَائِكُمُ اللاََّّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النِّسَاء: 23].
دخن: الدُّخَانُ، كالعُثانِ، المُسْتَصْحَبُ لِلَّهيبِ، أي ما يصدر عن النار من دقائقِ الوقودِ غيرِ المحترقة. {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فُصّلَت: 11] أي هيَ مِثْلُ الدُّخَانِ، إشارَةٌ إلى أنه لا تَماسُكَ لَها. ودَخَنَتِ النارُ وادَّخَنت: كَثُرَ دُخَانُها، قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدّخان: 10] أي فانتظر يوم تجيء السماء بدخان، وقيل إن الدخان شرط من أشراط الساعة وهو لم يأتِ بعدُ، فيدخل الدخان مسامع الكافرين والمنافقين حتى ليكاد أن يكون رأس أحدهم كالرأس الحنيذ أي المَشْويّ. ويصيب المؤمن منه مثلُ الزكام فقط. والدُّخْنَةُ منه، لكن تُعُورِفَ فيما يُتَبَخَّرُ به مِنَ الطِّيبِ. ودَخِنَ الطَّبِيخُ: أفْسَدَهُ الدُّخَانُ. وقولهم: «هُدْنَةٌ على دَخَنٍ»، أي صلحٌ على فَساد ودخيلة.
درأ: الدَّرءُ: المَيْلُ إلى أحدِ الجانِبَيْنِ، يُقالُ: قوَّمْتُ دَرأَهُ، ودَرَأتُ عنه: دَفَعْتُ عن جانِبهِ. وفلانٌ ذُو تَدَرُّؤ أي قويٌّ على دَفْعِ أعْدَائِه. ودارَأتُهُ: دافَعْتُهُ. قال تعالى: {وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} [الرّعد: 22] و {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النُّور: 8]. وفي الحديثِ: «ادْرَأوا الحُدودَ بالشُّبُهاتِ»(103) تنبيهاً على تَطَلُّبِ الشبهة بطريق التفكير لكي يُدْفَـعَ بها الحدُّ. {قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ} [آل عِمرَان: 168] أي فادفعوا عنكم الموت وفيه التوبيخُ والتهديدُ؛ أما قوله: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى} [البَقَرَة: 72-73] أي اختلفتم. وأصله تدارأتم فأدغمت التاء بالدال. والمعنى: فادارأتم، أي اختلفتم في من قتله فسألتم موسى عن القاتل، فقال لكم: الله يأمركم أن تذبحوا بقرة(104) وتضربوا الميّت ببعضها فيُخرج الله من غامض أخباركم ويبيّن لكم ما تسرّونه من القتل. فلما ضربوه ببعضها قام حيّاً وقال من قتله ثم مات.
درج: الدَّرَجَةُ نحوُ المَنْزلةِ، لكن يُقالُ للمنْزلةِ دَرَجَةٌ، إذا اعْتُبِرَتْ بالصُّعُودِ دونَ الامتدادِ على البَسيطِ، كَدَرَجَةِ السَّطْحِ والسُّلَّمِ، ويُعَبَّرُ بها عَنِ المنزلةِ الرفيعَةِ، وقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البَقَرَة: 228] تنبيه لرفعَةِ منزلةِ الرجالِ على النساءِ في الإِنفاق والسِّياسةِ ونحوِ ذلك مِنَ المشارِ إليهِ بقولِهِ: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النِّسَاء: 34]. وقال سبحانَهُ: {لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الأنفَال: 4] أي مراتِبُ مِنَ المراقي، وقال: {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ} [آل عِمرَان: 163] أي هُمْ ذَوُو دَرَجاتٍ عِندَ اللَّهِ. فالثوابُ لمن اتبع رضوانه سبحانه وتعالى، والعقابُ لمن باءَ بسخطِهِ. ودَرَجاتُ النجومِ، تشبيهاً بما تَقَدَّمَ، ويُقالُ لقارعَةِ الطَّريق مَدْرَجَةٌ، ويُقالُ: فُلانٌ يَتَدَرَّجُ في كذا، أي يصعد فيه دَرَجَةَ دَرَجَةً؛ ودَرَجَ الشيخُ والصَّبِيُّ دَرَجاناً: مشَى مِشْيَةَ الصاعِدِ في درَجِهِ. والدَّرْجُ: طَيُّ الكتابِ والثوْبِ. ويُقالُ للمَطْويِّ: دَرْجٌ، واسْتُعيرَ الدَّرْجُ للمَوْت، كما اسْتُعيرَ الطيُّ له في قولِهِمْ: طَوَتْهُ المَنِيَّةُ: وقولِهِمْ: مَنْ دَبَّ ودَرَجَ، أي مَنْ كانَ حيّاً فَمَشَى ومنْ ماتَ فَطَوَى أحْوالَهُ. وقولُهُ: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} [الأعرَاف: 182] قيلَ: مَعناهُ سَنَطْويِهمْ طَيَّ الكتابِ، عِبارَةً عَنْ إغْفالِهِمْ نحوُ: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} [الكهف: 28]. وقيلَ: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ: مَعْناهُ نأخُذُهُم دَرَجَةً فَدَرَجَةً أي قليلاً قليلاً دون مباغتةٍ، وذلك بإدنائهمْ مِنَ الشيءِ شيئاً فشيئاً كالمَرَاقي والمَنازِلِ في ارْتِقائِها ونُزولِها. والدُّرَّاجُ: طائرٌ يَدْرُجُ في مِشْيَتِهِ.
در: {وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا} [الأنعَام: 6]، {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [هُود: 52] أي كثيرة المطر. وأصْلُهُ مِنَ الدَّرِّ أي اللبن، والدِّرَّةِ، أي سيلان اللَّبَنِ، ويُسْتَعارُ ذلك للمطَر، ومنه: التَّدِرَّةُ بمعنى الدرِّ الغزير، فيقال: «سماء مدرار» أي دارَّةٌ لهم المطرَ بإذن الله. وأما قولهم: «للَّهِ دَرُّهُ»، فذلك في المدح والدعاء، بينما قولهم: «لا دَرَّ درُّهُ» فمعناه لا زكا عملُهُ ولا كثُر خيرُهُ. وفي المثَلِ أيضاً «سَبَقَتْ دِرَّتُهُ غِرَارَهُ» نحوُ «سَبَقَ سَيْلُهُ مَطَرَهُ».
درس: دَرَسَت الدَّارُ: بَقيَ أثَرها، وبَقاءُ الأثَر يَقْتَضي انْمِحاءَهُ في نَفْسِهِ، فَلِذلك فُسِّرَ الدُّرُوسُ بالانْمِحاءِ، وكذا دَرَسَ الكتابَ دَرْساً ودراسةً: قرأه وأقبَلَ عليه يحفظُهُ. ودَرَسْتُ العِلْمَ: تَناولْت أثَرَهُ بالْحِفْظِ، ولَمَّا كانَ تَناوُلُ ذلك بِمُدَاومَةِ القِراءةِ عُبِّرَ عَنْ إدَامَةِ القِراءةِ بالدَّرْسِ {وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} [الأعرَاف: 169] و{بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عِمرَان: 79]، {وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا} [سَبَإ: 44]. وقولُهُ تعالى: {وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} [الأنعَام: 105] وقُرىء دَارَسْتَ، أي جارَيْتَ أهْلَ الكتابِ: وقيلَ: ودَرَسُوا ما فيه: تَرَكوا العَمَلَ به، مِن قولِهِمْ: دَرَسَ القومُ المكانَ، أي أبلَوْا أثَرَهُ، وَالمُدارِسُ: المُذاكر؛ والمُدارِسُ أيضاً الذي قارفَ الذُّنوبَ وَتلَطَّخَ بها من الدَّرْس وهو الجرب.
درك: الدَّرْكُ كالدَّرْجِ، لكن الدَّرْجُ يُقالُ اعتباراً بالصُّعُودِ، والدَّرْكُ اعتِباراً بالحُدورِ، ولهذا قيلَ: دَرَجاتُ الجَنةِ، ودَرَكاتُ النارِ. ولتَصَوُّرِ الحدُورِ في النارِ سُمِّيَتْ هاويَةً. {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النِّسَاء: 145] والدَّرْكُ: أقْصَى قَعْر البحر. ويُقالُ للحَبْلِ الذي يُوصَلُ به حَبْلٌ آخَرُ ليُدْرَكَ الماءُ: دَرَكٌ، ولِمَا يَلْحَقُ الإنسانَ مِنْ تَبِعةٍ: دَرَكٌ، كالدَّرَكِ في البيْعِ. {لاَ تَخَافُ دَرَكًا وَلاَ تَخْشَى} [طه: 77] أي لا تخاف أن يلحقوا بك فينالوا منك ولا تخشى غرقاً. وأدْرَكَ: بَلَغَ أقْصَى الشيءِ. وأدْرَكَ الصَّبيُّ: بَلَغَ غايَةَ الصِّبا، وذلك حينَ البُلوغِ. {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ} [يُونس: 90]. وقولُهُ: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} [الأنعَام: 103] فمنهمْ منْ حَمَلَ ذلك على البَصَر الذي هو الجارِحَةُ، ومنهمْ مَنْ حَمَلَهُ على البَصيرَةِ، وذَكَرَ أنه قد نَبَّهَ به على ما رُوِيَ عن أبي بكر رضي الله عنه في قولِهِ: يا مَنْ غايَةُ مَعْرفَتِهِ القُصُورُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ، إذ كانَ غايَةُ مَعْرفَتِهِ تعالى أنْ تَعْرفَ الأشياءَ فَتَعْلَمَ أنه ليس بشيءٍ منها ولا بمثْلِها، بَلْ هو مُوجدُ كُلِّ ما أدْرَكْتَهُ. والتَّدَارُكُ في الإِغاثَةِ والنِّعمَةِ أكثرُ، نحوُ قولِهِ تعالى: {لَوْلاَ أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ} [القَلَم: 49]، وقوله: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا} [الأعرَاف: 38] أي لَحِقَ كُلٌّ بالآخر. وقال: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ} [النَّمل: 66] أي تَتَابَعَ عِلمُهم وتلاحقَ حتى كمُلَ في الآخِرة بما أُخبرُوا به في الدّنيا، وعلى ذلك قولُهُ تعالى: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا} [الأعرَاف: 38]، ونحوُهُ: {اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ} [التّوبَة: 38]، و{اطَّيَّرْنَا بِكَ} [النَّمل: 47] وقُرىءَ: بَلْ أدْرَكَ عِلْمُهُمْ في الآخرَةِ، قال الحسنُ: مَعْناهُ جَهِلُوا أمْرَ الآخرَةِ، وحقيقتُهُ انتهَى عِلْمُهُمْ في لُحُوقِ الآخِرَةِ فَجهِلُوها. وقيلَ مَعْناهُ: بَلْ يُدْرِكُ عِلْمُهُمْ ذلك في الآخرَةِ، أي إذا حَصَلُوا في الآخرَةِ، لأنَّ ما يكُونُ ظُنُوناً في الدُّنيا فهو في الآخرَةِ يَقينٌ. {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النِّسَاء: 78] أي يلحقكم الموت ولو كنتم في قصور أو قلاع محصّنة. ومنهم من قال: في بروج السماء.
درهم: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [يُوسُف: 20]. الدِّرْهَمُ: الفِضَّةُ المطبوعَةُ الْمُتَعامَلُ بها.
درى: الدِّرايَةُ: المعْرفَةُ الْمُدْركَةُ أو العلمُ بالشيء، وقيل مع تكلُّفٍ وحيلةٍ، وهي أكثر مصادر «درى» استعمالاً، والمُداراة: المُداجاةُ والمُلايَنَة. يُقالُ: دَرَيْتُهُ ودَرَيْتُ به دِرْيَةً، نحوُ فَطِنْتُ وشَعَرْتُ وَعَلِمْتُ به. وادَّرَيْتُ غَفْلَتَهُ: تَحَيَّنْتُها، قال الشاعِرُ:
وماذا يَدَّرِي الشُّعَرَاءُ منِّي وقد جاوَزْتُ رأسَ الأرْبَعين
قال تعالى {لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطّلاَق: 1]، {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ} [الأنبيَاء: 111]، {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ} [الشّورى: 52]. وكُلُّ موضعٍ ذُكِرَ في القرآنِ «وما أدْرَاكَ» أي ما أعلمك ماهيَّتَهُ، فقد عُقِّبَ بِبيَانِه، نحوُ {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَه *نَارٌ حَامِيَةٌ} [القَارعَة: 10-11]، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ} [القَدر: 2-3]، {الْحَآقَّةُ *مَا الْحَآقَّةُ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَآقَّةُ} [الحَاقَّة: 1-3]، {ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفِطار: 18]، وقولُهُ: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ} [يُونس: 16] مِنْ قولِهِمْ: دَرَيتُ. ولو كانَ مِنْ دَرَأتُ لقيلَ: ولا أدْرَأتُكُمُوهُ. وكُلُّ موضعٍ ذُكِرَ فيه وما يُدْرِيكَ لَمْ يُعَقّبْهُ بذلك، نحوُ: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} [عَبَسَ: 3]، {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} [الشّورى: 17]. والدِّرايَةُ لا تُسْتَعْمَلُ في اللَّهِ تعالى. وأما قوله تعالى: {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} [النُّور: 35] فمعناه: أن تلك الزجاجة مثل الكوكب المضيءِ الَّذي يُشبه الدُّرَّ في صفائِه ونُورِه ونَقائِه.
دسر: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} [القَمَر: 13] أي مَسامِيرَ، الواحِدُ: دِسارٌ. أي مسمارٌ محدَّدُ الطرفين يُضَمُّ به كلٌّ من اللَّوحين إلى الآخر بانتشاب طرفيه فيهما جميعاً، وجمعه: دُسْرٌ ودُسُرٌ؛ وأصْلُ الدَّسْر: الدَّفْعُ الشديدُ بقَهْر. يُقَالُ: دَسَرَهُ بالرُّمْحِ، ورَجُلٌ مِدْسَرٌ، كقولِك مِطْعَنٌ. ورُوِيَ: ليسَ في العَنْبَر زَكاةٌ إنَّما هي شيءٌ دَسَرَهُ البحرُ(105): أخرجه مَوْجُه ودَفَعَهُ بقوة.
دسّ: الدَّسُّ: إدْخال الشيءِ في الشيءِ بِضَرْبٍ مِنَ الإِكراهِ. دسَّ الشيءَ في التراب وغيره يَدُسُّهُ دَسّاً: أدخلَهُ فيه ودفَنَهُ تحته وأخفاه؛ واندسَّ الشيءُ انْدساساً: اندَفَنَ؛ قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [النّحل: 58-59]، أي يَئِدُهُ في التراب.
دسَّى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشّمس: 10] أي دَسّسَها في المعاصي فأبْدَلَ مِنْ إحدَى السِّينات ياءً، نحوُ: تَظَنَّيْتُ، وأصْلُهُ تَظَنَّنْتُ، وروي أن رسول الله (ص) كان إذا قرأ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشّمس: 9-10] وقف فقال: اللهم آتِ نفسي تقواها، أنت وليّها ومولاها، وزكّها وأنت خير مَنْ زكّاها(106).
دعّ: الدَّعُّ: الدفْعُ الشديدُ، وأصْلُهُ أنْ يُقالَ للعاثِر: دَعْ دع، كما يُقالُ له لَع. {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطُّور: 13] و {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ *} [المَاعون: 2] أي يدفعه عن حقه بجفوة وعنف.
دعو: الدُّعاءُ كالنِّدَاءِ إلا أنَّ النِّدَاءَ قد يُقالُ بـ (يا) أو (أيا) ونحو ذلكَ مِن غير أنْ يُضَمَّ إليهِ الاسْمُ، والدُّعاءُ لا يَكادُ يُقالُ إلا إذا كانَ معه الاسْمُ نحوُ يا فُلانُ، وقد يُسْتَعْمَلُ كُلُّ واحدٍ منهما في موضِعَ الآخر: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً} [البَقَرَة: 171]، ويُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ التسمية نحوُ: دَعَوْتُ ابني زيداً، أي سَمَّيْتُهُ {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النُّور: 63] حَثّاً على تَعظيمِهِ، وذلك مُخاطَبَةُ مَنْ كانَ يقولُ: يا محمدُ. ودعوْتَهُ: إذا سألْتَهُ وإذا اسْتَغَثْتَهُ {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} [البَقَرَة: 68] أي سَلْهُ. وقال: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأنعَام: 40]، {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ} [الأنعَام: 41] تنبيهاً أنَّكُمْ إذا أصابَتْكُمْ شدَّةٌ لم تَفْزَعُوا إلاَّ إلَيْه، {وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} [المُلك: 27] وهنا تدّعون وتدْعون واحد في المعنى. مثل: تدْخرون وتدّخرون. {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الأعرَاف: 56]، {وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البَقَرَة: 23]، {وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ} [الزُّمَر: 8]، {وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ} [يُونس: 12]، {وَلاَ تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنْفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ} [يُونس: 106]. أما قولُهُ: {لاَ تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} [الفُرقان: 14] فهو أنْ يقولَ: يا لَهْفاهُ!، ويا حَسْرَتاهُ!، ونحوَ ذلك مِنْ ألفاظِ التأسُّفِ. والمعنَى: يَحْصُلُ لكُمْ غُمومٌ كثيرةٌ. وقولُهُ: {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} [الدّخان: 55] أي ستدعون فيها أيّ ثمرة شئتم واستهويتم غير خائفين فوتها آمنين من مضرّتها لأن البيئة غير ملوّثة كما هو حالنا اليوم. قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} [فُصّلَت: 33] {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عِمرَان: 104] أي يَحُثُّونَ النَّاسَ على الدُّخولِ في دينِ اللَّهِ. قال تعالى: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يُوسُف: 33]، {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ} [يُونس: 25]، {وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} [غَافر: 41] {تَدْعُونَنِي لأَِكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ} [غَافر: 42]. أما قولُهُ: {لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ} [غَافر: 43] فهي رِفْعَةٌ وتَنْويهٌ. والدَّعْوَةُ مُختَصَّةٌ بادِّعاءِ النِّسْبَةِ، وأصْلُها للحالَةِ التي عليها الإِنسانُ، نحوُ القَعْدَةِ والجَلْسَةِ. والادِّعاءُ، أن يَدَّعي شيئاً أنه له، {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فُصّلَت: 31-32] أي ما تَطْلُبُونَ. والدَّعْوَى: الادِّعاءُ {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا} [الأعرَاف: 5]. والدَّعْوَى: الدُّعاءُ {وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يُونس: 10].
دفىء: الدِّفْءُ خِلافُ البَرْدِ، قال تعالى: {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ} [النّحل: 5]، وهو لما يُدفىءُ. ورجل دَفْآنُ، وامرأَةٌ دَفْأَى، وَبَيْتٌ دفيءٌ.
دفع: أصلُ الدّفعِ هو الصّرفُ عن الشّيءِ، وإذا عُدِّيَ الدّفعُ بإِلى اقْتَضَى معنَى الإِنالَةِ نحوُ: {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النِّسَاء: 6]، وإذا عُدِّيَ بِعَنْ اقْتَضَى معنَى الحِمايَةِ نحوُ {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحَجّ: 38]. وأما قوله تعالى: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ} [البَقَرَة: 251] فيقالُ: تدافَعَ القومُ: إذا دفَعَ بعضُهم بعضاً في الحرب، أي لولا أن يسلِّطَ الله تعالى الناسَ بعضَهم على بعضٍ لِمَنْعِ الشرِّ لفسدتِ الأرضُ ومَن عليها؛ لأنّ لولا هنا هي حرفُ امتناع لوجود، أي امتنعتْ كثرةُ الفسادِ لوجودِ هذا الدافع. وقولُهُ: {لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ} [المعَارج: 2-3] أي ليسَ له حامٍ من الله، يدفعُ عنهُ ما يُنزِله به سبحانه. والمِدْفَعُ: آلة الدفع. والدُّفْعَةُ: الدَّفْقَةُ مِنَ المَطَر، والدُّفاعُ: طحمةُ الموج والسَّيل.
دفق: {مَاءٍ دَافِقٍ} [الطّارق: 6] سائِلٍ بِسُرْعَةٍ، ومنه اسْتُعيرَ: «جاؤوا دُفْقَةً»، أي بمرَّةٍ. وبَعيرٌ أدْفَقُ: سَريعٌ. ومَشَى الدِّفِقَّى: أسرع، أي هو يَتَصَبَّبُ في عَدْوِهِ كَتَصَبُّبِ الماءِ المُتَدَفِّقِ. ومَشى دَفْقاً: مالَ مِرْفَقُهُ عن جانبه.
دك: الدَّكُّ: ما استوى مِنَ الأرضِ، وقد دَكَّهُ دَكّاً، هدَمَهُ {وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} [الحَاقَّة: 14]. ودُكَّتِ الجبالُ دَكّاً: أي جُعِلَتُ مستوية بمنْزلَة الأرضِ اللَّيِّنَةِ. قال تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعرَاف: 143]. والدَّكَّة: ما استوى من الرمل؛ والدكَّةُ أيضاً: بناءٌ يُسطَحُ أعلاه للجلوس عليه، والدكَّاءُ: الرابيةُ من الطين ليست بالغليظة. ودَكَّ الدابة في السير: أَجْهَدَها.
دل: الدَّلالةُ: ما يُتَوصَّلُ به إلى معرفةِ الشيءِ، كَدَلالَةِ الألفاظِ على المعنَى، ودَلالَةِ الإِشاراتِ والرُّمُوزِ والكتابةِ والعُقُودِ في الحسابِ، وسواءٌ أكانَ ذلك بِقَصْدٍ ممنْ يجْعَلُهُ دَلالَةً، أم لم يكُنْ بِقَصْدٍ كَمَنْ يَرَى حركَةَ إنسان فَيَعْلَمُ أنه حَيٌّ {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَآبَّةُ الأَرْضِ} [سَبَإ: 14]. وأصْلُ الدَّلالَةِ مصدرٌ كالكِنايَةِ والأمارَةِ. والدَّالُّ: من يرشد ويهدي غيرَهُ فهو دالٌّ وذاكَ مدلولٌ عليه. والدليلُ: المرشد، وفي المبالَغَةِ، كعالِمٍ وعَلِيمٍ وقادِرٍ وقدير، ثم يُسَمَّى الدالُّ والدليلُ دَلالَةً، كتسميةِ الشيءِ بمصدَرِهِ.
دلـك: دَلَكَـتِ الشمـسُ دلوكـاً: زالـت عـن كبدِ السماء فهي دالك، ودَلَكت دُلوكاً: غربت واصفرَّت. قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسرَاء: 78]. والدَّلَكُ اسم لوقت غروب الشمس وزوالها. ودالَكَ غريمَهُ، إذا ماطلَهُ. والدَّلُوكُ: ما يُتَدَلَّكُ به مِنْ طِيبٍ أو دواء أو غيرهما. والدَّليكُ: طعامٌ يُتَّخَذُ مِنَ الزُّبْدِ واللبن كالثريد.
دلو: دلا الدَّلْوَ يدلوها دَلْواً: أرسَلها في البئر، ويقال أيضاً: دلا الدَّلْوَ: نَزَعَهَا وجذبها ليُخرِجَها، ومثله أدْلَى إِدْلاءً إذا أرسلها في البئر، قال تعالى: {فَأَدْلَى دَلْوَهُ} [يُوسُف: 19]. واسْتُعِيرَ للتوصُّلِ إلى الشيءِ، قال الشاعِرُ:
وما طلَبُ المعيشةِ بالتمنّي ولكنْ ألْقِ دَلْوَكَ في الدِّلاءِ
وأَدْلى إليه بمالٍ: دَفَعَهُ، قال تعالى: {وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} [البَقَرَة: 188] أي تدفعوها إليهم، أي إلى مَنْ بِيَدِهِ الحُكْم والضمير للرشوة. والتدلِّي: الدُّنُوُّ ثم الاسترسالُ في الدّنوّ. {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى *} [النّجْم: 8] أي قرُب جبريل (ع) بعد بُعدِه في الأفق الأعلى ثم دنا من محمد (ص) . {فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ} [الأعرَاف: 22] أي أوقعهما في المكروه.
دم: أصْلُ الدَّمِ: دَمَوٌ، وهو معروفٌ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المَائدة: 3] وجمعُهُ دِماءٌ {لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ} [البَقَرَة: 84]. يقال: دَمِيَتِ الجِرَاحَةُ، وشَجَّةٌ دَامِيَةٌ، والدامي: الذي يسيلُ دمُهُ، و «شجرةٌ دامية»: حسنةٌ، والدامياءُ: الخيرُ والبركة.
دمدم: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ} [الشّمس: 14] بتضعيفِ العذابِ وترديدِهِ. ولذلك استعمل لفظ «دمدم» بتضعيف الأحرف التي تدل على تضعيف العمل، ومثله: كفَّ وكفكف. والمراد: أرجف بهم الأرض وأهلكهم. وقيلَ: الدَّمْدَمَةُ: حكايَةُ صوْتِ الهِرَّةِ، ومنه دَمْدَمَ فُلانٌ في كلامِهِ. ودمَّمَ الثوبَ بالصمغ: طلاه به. والدِّمامُ: كلُّ ما يُطْلَى به. والديمومُ والدَّيمُومَةُ: المَفازَةُ لا ماءَ فيها.
دمر: الدَّمار: الهلاك، ودَمَّرَهُم ودَمَّرَ عليهم: أَهْلَكَهُم {فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} [الفُرقان: 36]، {ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ} [الشُّعَرَاء: 172]، {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الأعرَاف: 137]. والتَّدْمِيرُ: إدْخالُ الهلاكِ على الشيءِ. ويُقالُ «ما في الدَّارِ تَدْمُرِيُّ» أي أحَدٌ؛ أما قولُهُ تعالى: {دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [محَمَّد: 10] فإنَّ مفعولَ دَمَّرَ محذوفٌ، أي دمّر عليهم قراهم فأهلكهم.
دمع: دَمَعَتِ العينُ تَدْمَعُ دَمْعاً ودَمَعاناً: سالَ دَمْعُها {تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً} [التّوبَة: 92] فالدَّمْعُ ماءُ العين من حزنٍ أو سرور، والقطرةُ منه دمعة، والجمع دموع وأَدمع.
دمغ: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} [الأنبيَاء: 18] أي يُبطلُهُ ويمحقُهُ من دَمَغَهُ يَدْمُغُهُ ويدمَغُهُ، أي شجَّهُ حتى بلغتِ الشُّجَّةُ دِمَاغَهُ فهو «دميغٌ ومدموغ» ومنه حُجَّةٌ دَامِغَةٌ؛ والدامغة تُقالُ للطَّلْعَةِ تَخْرُجُ مِنْ أصْلِ النَّخْلَةِ فَتُفْسِدُها إذا لم تُقْطَعْ، وللحَدِيدةِ التي تُشَدُّ على آخر الرَّحْلِ، وكلُّ ذلك اسْتِعَارَةٌ مِنَ الدامغة أي الشجَّة التي تَبْلُغُ الدماغَ فتقتل لوقتها.
دنر: {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ} [آل عِمرَان: 75] أصلُهُ دِنَّارٌ، فأبدلَ مِنْ إحدَى النونَيْنِ ياءً، وهو عبارة عن قطعةٍ من الذهب تعامَلَ بها العربُ قديماً، ولا تزال العملة الورقية أو المعدنية عند بعض دولهم حتى الآن. وقيلَ: أصْلُهُ بالفارسيةِ دين آرْ، أي الشريعةُ جاءَتْ به.
دَنَو: الدُّنُوُّ: القُرْبُ بالذَّاتِ أو بالحُكْمِ، ويُسْتَعْمَلُ في المكانِ والزمانِ والمنزلَةِ {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ} [الأنعَام: 99] و{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النّجْم: 8] هذا بالحُكْمِ. ويُعَبَّرُ بالأدنَى تـارةً عَنِ الأقلّ، فيقابَلُ بالأكثر نحوُ: {وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ} [المجَادلة: 7] وتارةً عَنِ الأرْذَلِ، فيُقابَلُ بالخَيْر، نحوُ: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البَقَرَة: 61] وعَنِ الأوّلِ، فيقابل بالآخر نحوُ: {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ} [الحَجّ: 11]، {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [النّحل: 122] وتارَةً عَنِ الأقْرَبِ فيُقابَلُ بالأقْصى نحوُ: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} [الأنفَال: 42]. وجمعُ الدُّنْيا: دُنًى، نحوُ الكُبْرَى والكُبَر والصُّغْرَى والصُّغَر. وقولُهُ تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ} [المَائدة: 108] أي أقْرَبُ لنفُوسِهِمْ أن تَتَحَرَّى العَدالَةَ في إقامَةِ الشَّهادَةِ، وعلى ذلك قولُهُ تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ} [الأحزَاب: 51]. وقولُهُ تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ * فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [البَقَرَة: 219-220] مُتَناوِلٌ لِلأحوالِ التي في النَّشْأةِ الأولَى، وما يكونُ في النَّشأةِ الآخرةِ. ويُقالُ: دَانَيْتُ بينَ الأمْرَيْنِ، قارَبْتُ أحدَهُما مِنَ الآخر. {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ} [الأحزَاب: 59] أي يُرخِينَ الثيابَ الساترة. وأدْنَت الفَرَسُ: دَنا نِتاجُها فهي مدنٍ. وخُصَّ الدَّنيءُ بالحقير القَدْرِ، ويُقابَلُ به السيِّىءُ، يُقالُ: دَنِيء بَيِّنُ الدَّناءَةِ. وما رُوِيَ: إذا أكَلْتُمْ فَدِنُوا (107)، مِنَ الدّونِ، أي كُلوا مما يَلِيكُمْ.
دهر: الدَّهْرُ: في الأصْلِ اسمٌ لمُدَّةِ العالَمِ مِنْ مَبْدَأ وجُودِهِ إلى انقضائِهِ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسَان: 1]، ثم يُعَبَّرُ به عَنْ كلِّ مُدَّةٍ كثيرةٍ، وهو خِلافُ الزمانِ، فإنَّ الزمانَ يَقَعُ على المدةِ القليلةِ والكثيرةِ. ودَهْرُ فُلانٍ: مُدَّةُ حياتِهِ. واسْتُعيِرَ للعادةِ الباقِيَةِ مُدَّةَ الحياةِ، فقيلَ: ما دَهْري بكذا. ويُقالُ: دَهَرَ فُلاناً نائبَةٌ دَهْراً: أي نَزَلتْ به. قال الخليلُ: فالدَّهْرُ ها هُنا مصدرٌ. ودهرٌ داهرٌ يريدون به المبالغة. يقال: «مضى عليه دهرٌ داهِرٌ» أي شديد، وتقول: «لا آتيهِ دَهرَ الداهرين» أي أبداً. وقولُهُ عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ: «لا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فإنَّ اللَّه هو الدَّهْرُ»(108) قد قيلَ: مَعْناهُ: إنَّ اللَّهَ فاعِلُ ما يُضافُ إلى الدَّهْر مِنَ الخيْر والشرِّ والمَسَرَّةِ والمَساءَةِ، فإذا سبَبْتُمُ الذي تَعْتَقِدُونَ أنه فاعِلُ ذلك، فقد سَبَبْتُمُوهُ تعالى عَنْ ذلك. وقال بعضُهُمْ: الدَّهْرُ الثاني في الخَبَر غيرُ الدَّهْر الأولِ، وإنما هو مصدرٌ بمعنَى الفاعِلِ، ومَعْناهُ أنَّ اللَّهَ هو الدَّاهرُ، أي المُصرِّفُ المُدَبِّرُ المُفِيضُ لما يَحْدُثُ، والأولُ أظْهَرُ. وقولُهُ تعالى إخْباراً عن ملحدي العرب (الدهريين): {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ} [الجَاثيَة: 24] قيلَ عُنيَ به الزمانُ.
دهق: {وَكَأْسًا دِهَاقًا} [النّبَإِ: 34] أي طافحةً ومُفْعَمَةً مليئة. ويُقالُ: أدْهَقْتُ الكأسَ، فَدَهَقَ. ودَهَقَ لي منَ المالِ دَهْقَةً: أَعطاني منه قَبْضَةً.
دهم: الدُّهْمَةُ: السَّوَادُ، ويُعَبَّرُ بها عَنْ سَوادِ الفَرَسِ، وقد يُعَبَّرُ بها عَنِ الخُضْرَةِ الكامِلةِ اللَّونِ، فيقال «حديقة دهماء» أي خضراءُ تضربُ إلى السواد نِعمةً وريّاً. قال اللَّهُ تعالى: {مُدْهَآمَّتَانِ} [الرَّحمن: 64] أيْ سَوْدَاوَان مِن كثافَةِ شجرِهِما وشِدَّةِ خُضْرتِهِما، وبِناؤهُما مِنَ الفِعْلِ: مُفْعالٌّ. يُقالُ: ادْهامَّ ادْهِيماماً أي اسْوَدَّ.
دهن: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} [المؤمنون: 20] وجمعُ الدُّهْنِ أدْهانٌ. وقولُهُ تعالى: {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرَّحمن: 37] قيلَ هو ورْدِيُّ الزَّيْتِ، أي عَكَرُ الزيت يتلوَّنُ ألواناً تحت أشعةِ الشمس، وذلك أن الدِّهانَ هو المكانُ المنزلِقُ، أو يقال له: الأديمُ الأحمرُ. والمُدْهُنُ: ما يُجْعَلُ فيه الدُّهْنُ، وهو أحَدُ ما جاءَ على مُفْعُلٍ مِنَ الآلَةِ. وقيلَ للمكانِ الذي يَسْتَقِرُّ فيه ماءٌ قليلٌ: مُدْهُنٌ، تشبيهاً بذَلك. وقيلَ: بمعنَى مفعولٍ كأنه مَدْهُونٌ باللَّبَنِ، أي كأنها دُهِنَتْ باللَّبَنِ لِقِلَّتِهِ. والثاني أقْرَبُ مِنْ حيثُ لم يَدْخُلْ فيه الهاءُ. ودَهَنَ المَطَرُ الأرضَ: بَلَّها بللاً يَسِيراً كالدُّهْنِ الذي يُدْهَنُ به الرأسُ. ودَهَنَهُ بالعصا: كِنايَةٌ عَن الضَّرْبِ على سَبيلِ التَّهكُّمِ، كقولِهِمْ: مَسَحْتُهُ بالسَّيفِ، وحَيَّيْتُهُ بالرُّمْحِ. والإدْهانُ في الأصْلِ مثْلُ التَّدْهِين، لكنْ جُعِل عبارَةً عنِ المُدَارَاةِ والمُلايَنَةِ وتَرْكِ الجدِّ، فيقال: أدهَنَهُ إذا غشَّهُ وخَدَعَهُ، والمُداهَنَةُ: أَنْ ترى مُنْكَراً وتَقْدِرَ على دَفْعِهِ ولم تَدْفَعْهُ حِفْظاً لجانِبِ مُرْتَكِبِهِ أو جانبِ غيرِهِ، أو لِقِلَّةِ المُبالاةِ في الدِّينِ، قال تعالى: {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ *وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ *} [الواقِعَة: 81-82] والحديث هو القرآن الكريم الذي أخبرنا الله فيه عن حوادث الأمور. فالحديث: هو حوادث الأمور. مدهنون: ممالئون للكفار على الكفر به. {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} [الواقِعَة: 82] أي حظكم من الخير الذي هو «القرآن الكريم» تكذبون به.
ودَاهَنْتُ فُلاناً مُدَاهَنَةً {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القَلَم: 9]. أي تلينُ فيلينون.
دهى: قال الله تعالى: {وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القَمَر: 46]، فالأدهى هو الأعظمُ في الدَّهاء، والدَّهاءُ هو عِظَمُ سببِ الضَّررِ مع شِدَّةِ انْزعاجِ النَّفْسِ يومَ القيامَةِ. والدّهاءُ مشتقٌّ من الداهية وهي الأَمرُ العظيم، أو المصيبةُ أَو البليّةُ التي ليس في إزالتِها حيلةٌ. فيكون معنى الآية الكريمة: أَنَّ عذابَ الساعةِ يومَ القيامةِ هو أعظمُ بَلِيّةً وأشدُّ مَرَارةً مِنْ عذابِ الدُّنيا.
دَوَرَ: الدَّارُ: المنزلُ اعتِباراً بِدَوَرَانِها الذي لَها بالحائِطِ. وقيلَ دَارَةٌ. وجمعُها دِيارٌ، ثم تُسَمَّى البلدةُ دَاراً، والصَّقْعُ دَاراً، والدُّنْيا كما هي دَاراً. والدَّارُ الدنيا، والدارُ الآخِرَةُ إشارَةٌ إلى المَقَرَّيْنِ في النَّشأةِ الأولى والنَّشأةِ الأخْرَى. وقيلَ: دَارُ الدُّنْيا، ودَارُ الآخِرَةُ. قال تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الأنعَام: 127] أي الجنةُ. و{دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28] أي الجحيمَ {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الْدَّارُ الآخِرَةُ} [البَقَرَة: 94]. وقال عزّ وجلّ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} [البَقَرَة: 243]، {وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا} [البَقَرَة: 246]. وقال: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعرَاف: 145] أي الجحيمَ. وقولُهُمْ: ما بها دَيَّارٌ، أي ساكِنٌ، {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نُوح: 26]، أي لا تدعْ على الأرض من الكافرين من يدورُ عليها أو يسكنُها. وقال تعالى: {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} [المَائدة: 52] وهي المصيبة. والدَّوَّارُ: صَنَمٌ كانُوا يَطُوفُونَ حولَهُ. والدَّارِيُّ: المَنْسُوبُ إلى الدَّار، ويُقالُ للازِمِ الدَّارِ: دَارِيٌّ. وقولُهُ تَعالى: {وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ} [التّوبَة: 98]، {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التّوبَة: 98] أي يُحيطُ بِهمُ السُّوءُ إحاطَةَ الدَّائِرَةِ بِمَنْ فيها، فَلا سَبيلَ لهمْ إلى الانْفِكاكِ مِنْهُ بِوَجْهٍ. وَشُبِّهَ الدُّوارُ بالدَّوَرانِ ومنه دورانُ الكواكبِ أي سيرُها وانتقالُها مِنْ جهةٍ إلى أُخرى. وقولُهُ تعالى: {فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلاَ تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البَقَرَة: 282] أي تَتَدَاوَلُونها وتَتَعاطَوْنَهَا مِنْ غيْرِ تَأْجِيلٍ.
دول: الدَّوْلَةُ والدُّولَةُ: واحِدَةٌ. وقيلَ: الدَّوْلَةُ في المالِ، والدُّولَةُ في الحَرْبِ والجاهِ. وقيلَ: الدَّولَةُ اسمُ الشيء الذي يُتَدَاوَلُ بعَيْنهِ. والدُّولَةُ المَصْدَرُ: {كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحَشر: 7] أي كي لا يقتصر تداول الأموال على الأغنياء فقط بل يتعداه إلى جميع المواطنين. وتَدَاوَلَ القومُ كذا، أي تَنَاوَلُوهُ مِنْ حيثُ الدَّوْلَةُ، ودَاوَلَ اللَّهُ كذا بينَهمْ: {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عِمرَان: 140] ومعنى أدال الأيامَ بين الناس: صرَّفَها بينهم، فأدال لهؤلاء تارةً ولهؤلاء أخرى.
دوم: أصْلُ الدَّوَامِ السكُونُ، يُقالُ: دَامَ الماءُ، أي سكَنَ. ونُهِيَ أنْ يَبُولَ الإِنسانُ في الماءِ الدائمِ. وأدَمْتُ القِدْرَ وَدَوَّمْتُها: نَضَحْتُها بالماء البارد ليسكنَ غَليانُها ودَام الشيءُ يدوم دوماً وديمومةً: إذا ثبت وامْتَدَّ عليه الزمانُ {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [المَائدة: 117]، {إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عِمرَان: 75]، {لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا} [المَائدة: 24]. ويُقالُ: دُمْتَ تَدَامُ، وقيلَ: دُمْتَ تَدُومُ، نحوُ مُتَّ تَمُوتُ. ودَوَّمَتِ الشمسُ في كَبِدِ السماءِ. قال الشاعِرُ:
والشمسُ حَيْرَى لَها في الجَوِّ تَدْوِيمُ
ودَوَّمَ الطَّيْرُ في الهواءِ: حَلَّقَ، واسْتَدَمْتُ الأمْرَ: تأنَّيْتُ فيه. ولِلظلِّ: الدَّوْمُ الدَّائِم. والدِّيمَةُ: مَطَرٌ تدُومُ أياماً.
دون: يُقالُ للقاصِر عَنِ الشيءِ دُون. قال بعضُهمْ، هو مَقْلُوبٌ مِنَ الدُّنُوِّ. والأدْوَنُ: الدَّني، وقولُهُ تعالى: {لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عِمرَان: 118] أي مِمَّنْ لم يَبْلُغْ مَنْزلَتُهُ مَنْزلَتَكُمْ في الدِّيانَةِ، وقِيلَ في القَرَابَةِ. وقولُهُ: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} [النِّسَاء: 48] أي ما كانَ أقَلَّ منْ ذلك، وقيلَ ما سِوَى ذلك من الذُّنوب، والمَعْنَيانِ يَتَلازَمانِ. وقولُهُ تعالى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المَائدة: 116] أي من غَيْر اللَّهِ، وقيلَ معْناهُ إلهَيْنِ مُتَوصَّلاً بهما إلى اللَّهِ. وقولُهُ: {لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ} [الأنعَام: 51]، {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} [الشّورى: 31] أي ليسَ لَهُمْ مَنْ يُوَالِيهمْ مِنْ دُونِ أمْر اللَّهِ. وقولُهُ: {قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنْفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا} [الأنعَام: 71] مِثْلُهُ. وقد يُقْرَأُ بلفظِ دونَ، فَيُقالُ: دَوْنَكَ كذا، أي تَناولْهُ.
قال القُتَيْبِي: يُقالُ: دَانَ يَدُونُ دَوْناً: صارَ دُوناً أي خَسيساً. ومنه الدنيُّ أي السَّاقطُ الضعيفُ.
دين: الدَّينُ: كلُّ مُعَامَلَةِ بَيْعٍ يكونُ فيها أَحدُ العِوَضَيْنِ حاضراً والآخر غائباً. ويُقَالُ: دِنْتُ الرَّجُلَ: أخَذْتُ منه دَيْناً وأدَنْتُهُ: جَعَلْتُهُ دَائِناً، وذلك بأنْ تُعْطِيَهُ دَيْناً. قال أبو عبيدةَ: دِنْتُهُ: أقْرَضْتُهُ. ورَجُلٌ مَدِينٌ ومَدْيونٌ. ودِنْتُهُ: اسْتَقْرَضْتُ منه. قال الشاعِرُ:
نَدِينُ ويَقْضي اللَّهُ عَنَّا وقد نَرى مَصارِعَ قومٍ لا يَدِينُونَ ضُيِّعا
وأدنْتُ مِثْلُ دِنْتُ، وأدَنْتُ، أي أقْرَضْتُ. والتَّدَايُنُ والمُدَايَنَةُ: دفْعُ الدَّيْنِ. قال: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} [البَقَرَة: 282]، {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النِّسَاء: 12]. والدِّينُ: يُقالُ للطاعَةِ والجَزَاءِ، واسْتُعيرَ للشريعةِ. والدِّينُ كالملَّةِ، لكنَّهُ يُقالُ اعتِباراً بالطاعَةِ والانْقِيادِ للشريعةِ، ومنه {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} [آل عِمرَان: 19]، {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النِّسَاء: 125] أي طاعَةً {وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} [النِّسَاء: 146]، و{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النِّسَاء: 171] وذلك حَثٌّ على اتباع دِينِ النبيِّ (ص) الذي هو أوسَطُ الأديانِ، كما قال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البَقَرَة: 143] و {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البَقَرَة: 256] قيلَ يعني الطاعَةَ، فإنَّ ذلك لا يكونُ في الحقيقةِ إلا بالإِخْلاصِ، والإِخْلاصُ لا يَتأتَّى فيه الإكْرَاهُ. وقيلَ: إنَّ ذلك مُخْتَصٌّ بأهْلِ الكتابِ الباذلِينَ للجِزْيَةِ. وقولُهُ: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} [آل عِمرَان: 83] يعني الإِسلامَ لقولِهِ {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عِمرَان: 85]، وعلى هذا قولُهُ تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} [التّوبَة: 33]، {وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ} [التّوبَة: 29]، {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النِّسَاء: 125]، {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ *} [الصَّافات: 53] أي مَجزِيّونَ محاسبونَ، وذلك مِنْ قَوْلِهِمْ «كَمَا تَّدِينُ تُدانُ». أيْ كما تَجزي تُجزَى. والمعْنَى أَنَّ ذلكَ القَرينَ كانَ يقولُ لِي في الدّنيا على طريقِ الاسْتِبْعادِ والاسْتِنْكارِ: أَنُبْعَثُ بعدَ أَنْ صِرْنَا تُرَاباً وعِظاماً باليةً، ونُجازى علَى أعمالِنَا؟ وأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالى: {فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} [الواقِعَة: 83] ـ إلى قوله تعالى ـ {فَلَوْلاَ إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينِ *تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الواقِعَة: 86-87] أيْ تَردُّون الرّوحَ إلى مَوْضِعها إنْ كنْتُمْ غَيْرَ مَجْزيّينَ بِثَوابٍ وعِقابٍ وَغَيْرَ مُحاسَبِينَ. وَقِيلَ: إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ عَاجِزينَ، لأَِنَّ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَرُدَّ المُحَاسبَةَ عَنْ نَفْسِهِ فَهْوَ عاجِزٌ. والمَدِينُ: العبدُ، والمَدِينَةُ: الأمَةُ. قال أبو زيدٍ، هو مِنْ قولِهمْ: دُيِنَ فلانٌ يُدَانُ، إذا حُمِلَ على مكرُوهٍ. وقيلَ: هو مِنْ دِنْتُهُ إذا جازَيْتُهُ بِطاعَتِهِ، وجَعَلَ بعضُهُمُ المَدِينَة مِنْ هذا الباب.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢