نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ الشِّينِ
(ش)

شأم: الْمَشْأَمَةُ: (ضِدُّ الْمَيْمَنَةِ) ومعناها: الشُّؤْمُ، والشُّوْمُ: الشَّرُّ (ضِدُّ اليُمْنِ)، واليُمْنُ: اليَسَارُ والبَرَكَةُ، وتَشَأَّمَ: تَطَيَّرَ وترقَّبَ الشَّرَّ. قال تعالى: {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} [الواقِعَة: 9] وقال تعالى: {هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} [البَلَد: 19] أي هم أصْحَابُ الشُّؤْمِ والشَّرِّ.
شأن: الشأنُ: الأَمْرُ والحالُ. والشَّأنُ واحِدُ الشُّؤُونِ. ولا يُقالُ إلا فيما يَعْظُمُ مِنَ الأحوالِ والأمُورِ {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرَّحمن: 29]. عن رسول الله (ص) أنه قال: «مِنْ شأنِ اللّهِ أنْ يَغفِرَ ذنباً ويُفرِّجَ كَرْباً ويرفعَ قوماً ويضعَ آخرين»(123). وشَأنُ الرأسِ: هِيَ حَواصِلُ قبائلِ الرّأسِ وملتَقاهَا ومنها تجيء الدموعُ.
شبه: الشِّبْهُ والشَّبهُ والشَّبِيهُ: حَقِيقَتُها في المُماثَلَةِ مِنْ جِهَةِ الكَيْفِيَّةِ، كاللَّوْنِ والطَّعْمِ، وكالعَدَالَةِ والظُّلْمِ. والشُّبْهَةُ: هو أنْ لا يَتَمَيَّزَ أحَدُ الشَّيْئَيْنِ مِنَ الآخَر، لِما بَيْنَهُما مِنَ التَّشابُهِ عَيْناً كانَ أو مَعْنًى. {وأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البَقَرَة: 25] أي يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً لَوْناً لا طَعْماً وحَقِيقَةً، وقيلَ: مُتَماثِلاً في الكَمالِ والجَوْدَةِ. وقُرىءَ قولُهُ: (مُشْتَبِهاً وغَيْرَ مُتَشابِهٍ)، وقُرِىءَ: مُتَشابِهاً جَمِيعاً. ومَعناهُما: مُتَقارِبانِ. وقال {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} [البَقَرَة: 70] على لَفْظِ الماضِي، فجُعِلَ لَفْظُهُ مُذَكَّراً. «وتَشَّابَهُ» أي تَتَشابَهُ عَلَيْنا، على الإِدْغامِ. وقولُهُ {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [البَقَرَة: 118] أي في الغَيِّ والجَهالَةِ. قال: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عِمرَان: 7] والمُتَشابِهُ مِنَ القُرآنِ: ما أشْكَـلَ تَفْسِيـرُهُ لِمُشابَهَتِهِ بغيره، إمَّا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ أو مِنْ حَيْثُ المَعْنَى، فَقـالَ الفُقَهـاءُ: المُتَشابـهُ مـا لا يُنْبِىءُ ظاهِرُهُ عَنْ مُرَادِهِ. وحَقِيقَةُ ذلك أنَّ الآياتِ عِنْدَ اعْتِبارِ بَعْضِها بِبَعْضٍ ثَلاثَةُ أنواع: مُحْكَمٌ على الإِطْلاقِ، ومُتَشابِهٌ على الإطْلاقِ، ومُحكَمٌ مِنْ وجْهٍ مُتَشابِهٌ مِنْ وجْهٍ. فالمُتَشابِهُ في الجُمْلَةِ ثَلاثَةُ أنواع: مُتَشابِهٌ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ فَقَطْ، ومُتَشابِهٌ مِنْ جِهَةِ المَعْنَى فَقَطْ، ومُتَشابِهٌ مِنْ جِهَتِهِما. والمُتَشابِهُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ نوعان: أحَدُهُما يَرْجِعُ إلَى الألفاظِ المُفْـرَدَةِ، وذلك إمَّا مِنْ جِهَة غَرَابَتِهِ نحوُ: «الأبِّ ويَزِفُّونَ» وإمَّا مِنْ جِهَةِ مُشارَكةٍ في اللَّفْظِ «كاليَدِ والعَيْنِ»، والثانِي يَرْجِعُ إلَى جُمْلَةِ الكلامِ المُرَكّبِ، وذلك ثَلاثَةُ أنواع: نوعٌ لاخْتِصارِ الكلامِ نحوُ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النِّسَاء: 3]، ونوعٌ لِبَسْطِ الكلامِ نحوُ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشّورى: 11] لأنه لو قيلَ: ليسَ مِثْلَهُ شيءٌ، كانَ أظْهَرَ للسامِعِ، ونوعٌ لِنَظْمِ الكَلاَمِ نحوُ: {أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا} [الكهف: 1-2] تَقْدِيرهُ: الكِتابَ قَيِّماً، ولَمْ يَجْعَلْ له عِوَجاً. وقولُهُ: {وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ} [الفَتْح: 25]. إلى قوله {لَوْ تَزَيَّلُوا} [الفَتْح: 25] والمُتَشابِهُ مِنْ جِهَةِ المَعْنَى: أوصافُ اللَّهِ تعالى، وأوصافُ يومِ القيامَـةِ، فـإنَّ تِلْـكَ الصِّفَاتِ تُتَصَوَّرُ لَنا، إذْ كانَ لا يَحْصُلُ في نُفُوسِنا صُورَةُ مـا لا نُحِسُّـهُ، أو لـم يكُنْ مِنْ جِنْسِ ما نُحِسُّهُ. والمُتَشابِهُ مِنْ جِهَةِ المَعْنَى واللَّفْظِ جَمِيعاً خَمْسَةُ أنواع: الأوَّلُ مِنْ جِهَةِ الكَمِّيَّةِ، كالعُمُومِ والخُصُوصِ: مثل: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التّوبَة: 5]، والثاني مِنْ جِهَةِ الكَيْفِيَّةِ كالوجُوبِ والنَّدْبِ، مثل: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} [النِّسَاء: 3]، والثالثُ مِنْ جِهَةِ الزَّمانِ كالناسِخِ والمَنْسُوخِ، مثل: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عِمرَان: 102]، والرَّابعُ مِنْ جِهَةِ المَكانِ والأمُورِ التي نَزَلَتْ فيها نحوُ: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} [البَقَرَة: 189] وقولِهِ عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التّوبَة: 37] فإِنَّ مَنْ لا يَعْرفُ عادَتَهُمْ في الجاهِلِيَّةِ يَتَعَذَّرُ عليه مَعْرِفَةُ تَفْسيرِ هذه الآيةِ. والخامسُ مِنْ جِهَةِ الشُّروطِ التي بِها يَصِحُّ الفِعْلُ أو يَفْسُدُ، كَشُرُوطِ الصلاةِ والنكاحِ، وهذه الجُمْلَةُ إذَا تُصُوِّرَتْ عُلِمَ أنَّ كُلَّ ما ذَكَـرَهُ المُفَسِّرُونَ في تَفْسِيرِ المُتَشابِهِ لا يَخْرُجُ عَنْ هذه التقاسِيمِ الْخَمْسَةِ، وقَـوْلِ قتادَةَ: المُحْكَمُ: الناسِخُ، والمُتَشابِهُ: المَنْسُوخُ. وقَوْلِ الأصَمِّ: المُحْكَمُ مـا أُجْمِـعَ علـى تَأوِيلِهِ، والمُتَشابِهُ ما اخْتُلِفَ فيه. وجَمِيعُ المُتَشابِهِ على ثَلاثَةِ أنواع: نوع لا سَبِيلَ للوقُوفِ عليه، كَوَقْتِ الساعَةِ، وخُرُوجِ دَابَّةِ الأرضِ، وكَيْفِيَّـةِ الدَّابَّةِ، ونحو ذلك. ونوع للإِنْسانِ سَبِيلٌ إلَى مَعْرِفَتِهِ كالألفاظِ الغَريبَةِ، والأحكامِ الغَلِقَةِ. ونوع مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الأمْرَيْنِ يَجُوزُ أنْ يَخْتَصَّ بِمَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهِ بَعْضُ الرَّاسِخِينَ في العِلْمِ، ويَخْفَى على مَنْ دُونَهُمْ، وهو النوع المُشارُ إليه بقولِهِ عليه وعلى آله الصلاةُ والسلامُ في عَليٍّ رضي الله عنه: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ في الدِّينِ وعَلِّمْهُ التأوِيلَ»(124) وقولِهِ لاِبنِ عباسٍ مِثْلَ ذلك. وإذْ عَرَفْتَ هذه الجُمْلَةَ عُلِمَ أنَّ الوقْفَ على قولِهِ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ} [آل عِمرَان: 7] ووصْلَهُ بقولِهِ: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عِمرَان: 7] جائِزٌ وأنَّ لِكُلِّ واحِدٍ منهما وَجْهاً حَسْبَما دَلَّ عليه التَّفْصِيلُ المُتَقَدِّمُ. وقولُهُ: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} [الزُّمَر: 23] فإنه يَعْنِي ما يُشْبِه بَعْضُهُ بَعْضاً في الأحكامِ والحِكْمَةِ واسْتِقامَةِ النَّظْمِ. وقولُهُ: {وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النِّسَاء: 157] أي مُثِّلَ لَهُمْ مَنْ حَسِبُوهُ عيسى ابن مريم (ع) . والشَّبَهُ مِنَ الجَواهِرِ: ما يُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الذَّهَبِ.
شتا: {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قُرَيش: 2] .يُقالُ: شَتا وتَشَتَّى بالبلد، يَشْتُو شَتْواً: أقام به في الشتاءِ. وأشْتَى القومُ: أجدبوا في الشتاء؛ وصافَ بالمكان يَصيفُ صَيْفاً: أقامَ به في الصيف، وأصافَ الرجلُ إصافةً: وَلَدَ له على الكِبَر؛ وأَصافَ القومُ: دخلوا في الصيف، والمَشْتَى والمَشْتاةُ: للوقْتِ والمَوْضِعِ والمَصْدَرِ. قال الشاعِرُ:
نَحْنُ في المَشْتاةِ نَدْعُو الجَفَلى
شتت: الشَّتُّ: التَّفْريقُ. يُقالُ: شَتَ شعبهم أو جَمْعُهُمْ شَتّاً وشَتاتاً: جاؤوا أشْتاتاً أي مُتَفَرِّقي النِّظامِ، ومنه: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} [الزّلزَلة: 6]. و {مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} [طه: 53] أي مُخْتَلِفَةِ الأنواعِ. {وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} [الحَشر: 14] أي هُمْ بِخلافِ مَنْ وصَفَهُمْ بقولِهِ {وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفَال: 63]. وشَتَّى: متفرق على تباعدِ ما بين الشيئين كما في قوله تعالى {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليْل: 4]. وشَتَّان: اسْمُ فِعْلٍ بمعنى بَعُدَ ما بينهما كبُعدِ ما بين الثَّرى والثُّريا نحوُ وشْكانَ. يُقالُ: شَتَّانَ ما هُما، وشَتَّانَ ما بَيْنَهُما، إذَا أخْبَرْتَ عَنِ ارْتِفاعِ الالتِئامِ بَيْنَهُما.
شجر: الشَّجَرُ مِنَ النَّباتِ: ما له ساقٌ. يُقالُ: شَجَرَةٌ وشَجَرٌ، نحوُ ثَمَرَةٍ وثَمَرٍ، ومنه: {إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفَتْح: 18]، {أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا} [الواقِعَة: 72]، {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ} [الرَّحمن: 6]، {مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ} [الواقِعَة: 52]، {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ} [الدّخان: 43]. ووادٍ شَجِيرٌ: كَثِيرُ الشَّجَر، وهذا الوادي أشْجَرُ مِنْ ذلك. والشِّجارُ والمُشاجَرَةُ والتَّشاجُرُ: المُنازَعَةُ من تَشاجَرَ القومُ: أي اشتبكوا في النزاع اشتباكَ الأشجار {فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النِّسَاء: 65]، وشَجَرَنِي عنه: صَرَفَني عنه بالشِّجارِ، وفي الحَدِيثِ: «فإن اشْتَجَرُوا فالسُّلْطانُ وليُّ مَن لا وَليَّ له»(125).
شح: الشُّحُّ: بُخْلٌ مَعَ حِرْصٍ. وذلك فيما كانَ عادَةً، ومنه: {وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النِّسَاء: 128]، و {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} [الحَشر: 9] رُوي أنه مَنْ أدّى الزكاة فقد وُقي شح نفسه. يُقالُ: رَجُلٌ شَحِيحٌ، وقَوْمٌ أشِحَّةٌ {أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ} [الأحزَاب: 19]، {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ} [الأحزَاب: 19] أي بخلاء بالنفقة في سبيل الله والنصرة لكم ولدينه.
شحم: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعَام: 146] .وشَحْمَةُ الأذُنِ: مُعَلَّقُ القُرْطِ لِتَصَوُّرِهِ بِصُورَةِ الشَّحْمِ. وشَحْمَةُ الأرضِ: لِدُودَةٍ بَيْضاءَ. ورَجُلٌ مُشَحِّمٌ: كَثُرَ عِنْدَهُ الشَّحْمُ، والشَّحَّامُ: الذي يُطعِمُ الشحْمَ أصحابَهُ، والشَّحِيمُ: السمين؛ والشاحِمُ: بائعُ الشَّحمِ.
شحن: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الشُّعَرَاء: 119] أي المَمْلُوءِ. والشَّحْناءُ: عَدَاوَةٌ امْتَلأَتْ منها النَّفْسُ. يقالُ: عَدُوٌّ مُشاحِنٌ. وأشْحَنَ الصبيُّ: تهيَّأَ لِلبُكاءِ.
شخص: الشَّخْصُ: سَوادُ الإِنْسانِ القائِمِ المَرْئيُّ مِنْ بَعِيدٍ؛ وكلُّ شيءٍ رأيتَ جسمانَهُ فقد رأيت شخصَهُ. وقد شَخَصَ مِنْ بَلَدِهِ: نَفَذَ وسارَ في ارتفاع، فإنْ سارَ في انخفاضٍ فقد هَبَطَ. وشَخَصَ بَصَرُهُ: إذا فَتَحَ عينيه وجَعَلَ لا يطرفُ، وأشْخَصَهُ صاحِبُهُ: إذا أَقْلقَهُ وأزعَجَهُ فَذَهَبَ، وقوله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} [إبراهيم: 42] أي تكون فيه عيونُ الكافرين مفتوحةً بلا إِغماضٍ لهولِ ما يَرَوْنَ؛ وقوله تعالى: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبيَاء: 97] أي أجْفانُهُمْ لا تَطْرفُ.
شد: الشَّدُّ: العَقْدُ القَوِيُّ. يُقالُ: شَدَدْتُ الشيءَ: قَوَّيْتُ عَقْدَهُ. قال تعالى {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} [الإنسَان: 28]، {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محَمَّد: 4]. والشِّدَّةُ: تُسْتَعْمَلُ في العَقْدِ، وفي البَدَنِ، وفي قُوَى النَّفْسِ، وفي العَذَابِ. قال: {كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [الرُّوم: 9]، و {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النّجْم: 5] يَعْنِي أَنَّ جبريلَ (ع) عَلَّمَ الرسولَ عن اللَّهِ تعالى. وقال: {غِلاَظٌ شِدَادٌ} [التّحْريم: 6]، {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ} [الحَشر: 14]، {فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ} [ق: 26] والشَّدِيدُ والمُتَشَدِّدُ: البَخِيلُ {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العَاديَات: 8] فالشَّدِيدُ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ بمعنَى مَفْعُولٍ، كأنه شُدَّ كما يُقالُ: غُلَّ عَنِ الانْفِصالِ، وإلَى نحو هذا {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} [المَائدة: 64] ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ بمعنَى فاعِلٍ فالمُتَشَدِّدُ كأنه شَدَّ صُرَّتَهُ. وقولُهُ {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [الأحقاف: 15] ففيه تنبيهٌ أنّ الإِنْسانَ إذا بَلَغَ هذا القَدْرَ يَتَقَوَّى خُلُقُهُ الذي هو عليه، فَلا يَكادُ يُزَايِلُهُ بَعْدَ ذلك، وما أحْسَنَ ما نَبَّهَ له الشاعِرُ حَيْثُ يقولُ:
إذَا المَرْءُ وافَى الأرْبَعِينَ ولم يَكُنْ له دُونَ ما يَهْوَى حَياءٌ ولا سِتْرُ
فَدَعْهُ ولا تَنْفِسْ عليه الذي مَضَى وإنْ جَرَّ أسْبابَ الحَياةِ له العُمْرُ
وشَدَّ فُلانٌ، واشْتَدَّ: إذَا أسْرَعَ. يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِنْ قَولِهِمْ: شَدَّ حِزَامَهُ لِلعَدْوِ، كما يُقالُ: ألْقَى ثِيابَهُ إذَا طَرَحَها لِلعَدْوِ، وأنْ يَكُونَ مِنْ قولِهِمْ: اشْتَدَّتِ الرِّيحُ من قوله تعالى: {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيْحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} [إبراهيم: 18].
شرب: الشُّرْبُ: تَناوُلُ كُلِّ مائِعٍ، ماءً كانَ أو غَيْرَهُ. قال تعالى في صِفَةِ أهْلِ الجَنَّةِ: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسَان: 21] وقال في صِفَةِ أهْلِ النارِ: {لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ} [الأنعَام: 70]. وجَمْعُ الشَّرَابِ: أشْرِبَةٌ. يُقالُ: شَربْتُهُ شَرْباً وشُرْباً. قال: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} [البَقَرَة: 249] إلَى قولِهِ: {فَشَرِبُوا مِنْهُ} [البَقَرَة: 249]. وقال: {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقِعَة: 55]. والشِّرْبُ: النَّصِيبُ منه. قال: {هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشُّعَرَاء: 155]، {كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} [القَمَر: 28]. والمَشْرَبُ: المَصْدَرُ، واسْمُ زَمانِ الشُّرْبِ، ومَكانِهِ {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} [البَقَرَة: 60]. والشَّريبُ: المُشارِبُ، والشَّرَابُ، وسُمِّيَ الشَّعَرُ على الشَّفَةِ العُلْيا، والعِرْقُ الذي في باطِنِ الحَلْقِ شارِباً. وجَمْعُهُ: شَوَاربُ لِتَصَوُّرهِما بِصُورَةِ الشارِبَيْنِ. قال الهُذَلِيُّ في صِفَةِ عَيْرٍ:
صَخْبُ الشَّوَارِبِ لا يَزَالُ كأنه
وقولُهُ تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البَقَرَة: 93] قيلَ: هو مِنْ قَولِهِمْ: أشْرَبْتُ البَعِيرَ: شَدَدْتُ حَبْلاً في عُنُقِهِ. قال الشاعِرُ:
فأشْرَبْتُها الأقْرَانَ حتى وقَصْتُها بِقَرْحٍ وقد ألْقَيْنَ كُلَّ جَنِينِ
فَكأنَّما شُدَّ في قُلُوبِهِمُ العجلُ لِشَغَفِهِمْ به، وقال بَعْضُهُمْ: مَعْناهُ أشْربَ في قُلُوبِهِمْ حُبُّ العِجْلِ، وذلك أنَّ مِنْ عَادَتِهِمْ إذَا أرَادُوا العِبارَةَ عَنْ مُخامَرَةِ حُبٍّ أو بُغْضٍ اسْتَعارُوا له اسْمَ الشَّرَابِ، إذْ هو أبْلَغُ إنْجاعٍ في البَدَنِ، ولذلك قال الشاعِرُ:
تَغَلْغَلَ حَيْثُ لم يَبْلُغْ شَرَابٌ ولا حُزْنٌ ولم يَبْلُغْ سُرُورُ
ولو قيلَ: حُبُّ العِجْلِ، لم تَكُنْ هذه المُبالَغَةُ، فإِنَّ في ذِكْر العِجْلِ تَنْبِيهاً أنَّ لِفَرْطِ شَغَفِهِمْ به صارَتْ صُورَةُ العِجْلِ في قُلُوبِهِمْ لا تَنْمَحِي. وفي المثل قولهم: «أشْرَبْتَنِي ما لم أشْرَبْ» أي ادَّعَيْتَ عَلَيَّ ما لم أفْعَلْ.
شرح: أصْلُ الشَّرْحِ: بَسْطُ اللَّحْمِ ونحوهِ. يُقالُ: شَرَحْتُ اللَّحْمَ، وشَرَّحْتُهُ، ومنه: شَرْحُ الصَّدرِ، أي بَسْطُهُ بِنُورٍ إلهيٍّ وسَكِينَةٍ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ ورَوْحٍ منه، فكأنَّهُ أطاب به نفسَهُ وأوسَعَ من صَدْرِهِ وفَسَحَ له في متنفَّسِهِ؛ ومنه قوله: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [طه: 25]، {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشَّرح: 1]، {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزُّمَر: 22]. وشَرْحُ المُشْكِلِ مِنَ الكلامِ: بَسْطُهُ وإظهارُ ما يَخْفَى مِنْ معانِيهِ.
شرد: شَرَدَ البَعِير، وشَرَّدْتُ فُلاناً في البِلادِ، وشَرَّدْتُ به، أي فَعَلْتُ به فِعْلَةً تُشَرِّدُ غَيْرَهُ أنْ يَفْعَلَ فعْلَهُ، كقولِكَ: نكَّلْتُ به، أي جَعَلْتُ ما فَعَلْتُ به نَكالاً لِغَيْرِهِ. قال: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأنفَال: 57] أي اجْعَلْهُمْ نَكالاً لمنْ يَعْرِضُ لَكَ بَعْدَهُمْ لعلَّهم يتَّعظون بهم. وقيلَ: فُلانٌ طريدٌ شريدٌ. والتّشْريدُ: التّفريقُ على اضْطِراب.
شرذم: الشرذمةُ: جَماعَةٌ مُنْقَطِعَةٌ {لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} [الشُّعَرَاء: 54]. وهو مِنْ قولِهِمْ: ثَوْبٌ شَرَاذِمُ، أي مُتَقَطِّعٌ قِطَعاً.
شر: الشَّرُّ: اسمٌ جامعٌ للرذائِلِ والآثام، فهو الذي يَرْغَبُ عنه الكُلُّ، كما أنَّ الخَيْرَ هو الذي يَرْغَبُ فيه الكُلُّ، قال تعالى: {قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَاناً وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ} [يُوسُف: 77]، و {إِنَّ شَرَّ الدَّوَآبِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ} [الأنفَال: 22] وقد تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ الشَّرِّ مَعَ ذِكْر الخَيْر، وذِكْر أنواعِهِ. ورَجلٌ شَريرٌ وشِرِّيرٌ: مُتَعاطٍ للشَّرِّ، وقومٌ أشْرَارٌ. وقد أشْرَرْتُهُ: نَسَبْتُهُ إلَى الشَّرِّ. وقيلَ: أشْرَرْتُ كذا: أظْهَرْتُهُ، واحْتُجَّ بقولِ الشاعِر:
إذَا قيلَ أيُّ الناسِ شَرُّ قَبِيلَةٍ أشَرَّتْ كُلَيْبٌ بالأكُفِّ الأصابِعا
فـإنْ لم يَكُـنْ في هذا إلا هذا البيتُ، فإِنه يَحْتَمِلُ أنها نَسَبَتِ الأصابِعَ إلَى الشَّرِّ بالإشارَةِ إليه، فيكُونُ مِنْ: أشْرَرْتُهُ، إذَا نَسَبْتُهُ إلَى الشَّرِّ. والشُّرُّ بالضَّمِّ: خُصَّ بالمَكْرُوهِ. وشِرَارُ النارِ: ما تَطايَرَ منها الواحدةُ شَرارَةٌ، ومثلُهُ الشَّرَرُ الواحدةُ شَرَرَةٌ. وسُمِّيَتْ بذلك لاعْتِقادِ الشَّرِّ في شررها. قال تعالى: {تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [المُرسَلات: 32].
شرط: الشَّرْطُ: كُلُّ حُكمٍ مَعْلُومٍ يَتَعَلَّقُ بأمْرٍ يَقَعُ بِوقُوعِهِ، وذلك الأمْرُ كالعَلامَةِ له. والشرطةُ: ما اشْتَرَطْتُ، يُقال: «خُذْ شرطتَك»، ومنه قيلَ لِلعَلامَةِ: الشَّرَطُ. وأشراطُ الساعَةِ: عَلاماتُها {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محَمَّد: 18]. والشُّرَطُ: قيلَ سُمُّوا بذلك لِكَوْنِهِمْ ذَوِي عَلامَةٍ يُعْرَفُونَ بِها، وقيلَ لِكَوْنِهِمْ من خيار أعوان السلطان، الواحد شُرَطِيٌّ وشُرْطِيٌّ، أو لكونهم أرْذَالَ الناسِ من الدُّونِ اللَّئِيْمِ. وأشْرَطَ نَفْسَهُ لِلهَلَكَةِ: إذَا عَمِلَ عَمَلاً يَكُونُ عَلامَةً لِلهَلاك، أو يَكُونُ فيه شَرْطُ الهَلاكِ.
شرع: الشَّرْعُ: نَهْجُ الطَّريقِ الواضِحُ. يُقالُ: شَرَعْتُ له طريقاً. والشَّرْعُ عند الفقهاء ما شَرَعَ اللَّهُ تعالى لعبادِهِ، ثم جُعِلَ اسْماً للطريقِ والنَّهْجِ، فقيلَ له: شِرْعٌ وشَرْعٌ وشريعَةٌ، واستعِيرَ ذلك للطَّرِيقَةِ الإِلَهِيَّةِ. وقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المَائدة: 48] إشارَةٌ إلَى أمْرَيْنِ: أحَدُهُما: ما سَخَّرَ اللَّهُ تعالى عليه كُلَّ إنْسانٍ مِنْ طريقٍ يَتَحَرَّاهُ مِمَّا يَعُودُ إلَى مَصالِحِ العِبادِ وعِمارَةِ البلاد، وذلك المُشارُ إليه بقولِهِ: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزّخرُف: 32]، والثانِي: ما قَيَّضَ له مِنَ الدِّينِ وأمرَه به لِيَتَحَرَّاهُ اخْتِياراً مِمَّا تَخْتَلِفُ فيه الشَّرَائِعُ، ويعترضُهُ النَّسْخُ. ودَلّ عليه قولُهُ: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا} [الجَاثيَة: 18]. قال ابنُ عباسٍ: الشِّرْعَةُ: ما ورَدَ به القُرآن، والمِنْهاجُ: ما وردَ به السنَّةُ. وقولهُ: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ} [الشّورى: 13] فإشَارَةٌ إلَى الأصُـولِ التي تَتَساوى فيها المِلَلُ، فَلا يَصِحُّ عليها النَّسْخُ، كمعرفَةِ اللَّهِ تعالى، ونحو ذلك مِنْ نحو ما دَلَّ عليه قولُهُ: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النِّسَاء: 136]. قال بَعْضُهُمْ: سُمِّيَتِ الشَّريعَةُ شَرِيعَةً تَشْبِيهاً بِشريعةِ المـاءِ، مِنْ حَيْثُ إنَّ مَنْ شَرَعَ فيها على الحَقِيقَةِ المَصْدُوقَةِ رُويَ وتَطَهَّرَ. قال: وأعْنِي بالرِّيِّ ما قال بَعْضُ الحكماءِ: كُنْتُ أشْرَبُ فَلا أرْوَى، فَلَمَّا عَرَفْتُ الله تعالى رَوِيتُ بِلا شُرْبٍ، وبالتَّطَهُّر ما قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزَاب: 33]. وقولُهُ تعالى: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا} [الأعرَاف: 163] جَمْعُ شارعٍ. وشارِعَةُ الطَّريقِ جَمْعُها: شَوارِعُ. وشَرَعْتُ السَّفِينَةَ: جَعَلتُ لَها شِرَاعاً يُنْقِذُها. وهم في هذا الأمـر شَـرْعٌ: أي سَواءٌ، بحيث يَشْرَعُونَ فيه شُرُوعاً واحِداً. وشَرْعُكَ مِنْ رَجُلٍ زَيْدٌ، كقولِكَ حَسْبُكَ، أي هو الذي تَشْرَعُ في أمرهِ أو تَشْرَعُ به في أمْرِكَ.
شرق:شَرَقَتِ الشمسُ شُرُوقاً: طَلَعَتْ. يقال: «لا أكلِّمُك ما ذَرَّ شارقٌ» أي ما طَلَعَ قرنُ الشمسِ. وأشْرَقَتْ: أضاءَتْ {بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ} [ص: 18] أي في المساء وعند ضياء الشمسِ وصفاءِ شُعاعِها. والمشرقُ والمغربُ إذَا قِيلا بالإِفْرَادِ فإِشارَةٌ إلَى ناحِيَتي الشَّرْقِ والغَرْبِ، وإذَا قِيلا بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ فإِشارَةٌ إلَى مَطْلَعَيْ وَمغرِبي الشِّتاءِ والصَّيْفِ وتعاقب الليل والنهار، وإذا قِيلا بِلَفْظِ الجَمْعِ فاعتبارٌ بِمَطْلَعِ كُلِّ يومٍ ومغربِهِ، أو بِمَطْلَعِ كُلِّ فَصْلٍ ومَغْرِبِهِ. قال: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [المُزّمل: 9] و {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرَّحمن: 17]، و {فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} [المعَارج: 40]. {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيًّا} [مَريَم: 16] أي اعتزلت عنهم في مكانٍ مِنْ ناحِيَةِ الشَّرْقِ. والمِشْرَقَةُ: المَكانُ الذي يَظْهَرُ للشَّرْقِ. وشَرَّقْتُ اللَّحمَ: ألْقَيْتُهُ في المِشْرَقَةِ ليجفَّ؛ والمُشَرَّقُ: مُصَلَّى العِيدِ لِقِيامِ الصلاةِ فيه عِنْدَ شُرُوقِ الشمسِ. والمُشَرَّقُ: مَسجدُ الخيف في مِنًى. وشَرقَت الشمسُ: دَنَتْ لِلغُرُوب أيْ بقيَ منها مِقدارُ ما يبقَى من حياةِ مَنْ شَرِقَ بِريقِهِ عِندَ الموْت. ومنه: أحْمَرُ شارِقٌ شَدِيدُ الحُمْرَةِ. وأشْرَقَ الثَّوْبَ في الصِّبغِ: إذا بالغَ في صَبْغِهِ. «ولحْمٌ شَرِقٌ»: أحْمَرُ لا دَسَمَ عليه.
شرك: الشِّرْكَةُ والمشاركةُ: خَلْطُ المِلْكَيْنِ، وقيلَ هو أنْ يُوجَدَ شيءٌ لاثْنَيْنِ فَصاعِداً عَيْناً كانَ ذلك الشيءُ أو مَعْنًى، كَمُشاركَةِ الإِنْسانِ والفَرَسِ في الحَيَوانِيَّةِ، ومُشارَكَةِ فَرسٍ وفرَسٍ في السِّباقِ. يُقال: شَركْتُهُ، وشاركْتُهُ، وتَشاركُوا، واشْتَركوا، وأشركْتُهُ في كذا، ومنه: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [طه: 32]. وفي الحَدِيثِ: «اللَّهُمَّ أشْرِكْنا في دُعاءِ الصالِحينَ»(126). وقال: {فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الصَّافات: 33]. وجَمْعُ الشَّريكِ شُركاءُ {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} [الإسرَاء: 111]، {شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} [الزُّمَر: 29]، {شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ} [الشّورى: 21]، {أَيْنَ شُرَكَائِيَ} [النّحل: 27]. وشِركُ الإِنْسان في الدِّينِ نوعان: أحَدُهُمـا: الشِّركُ العَظِيمُ، وهو زَعْمُ شريكٍ للَّهِ تعالى، يُقـالُ: أشْرَكَ فُلانٌ باللَّهِ، وذلك أعْظَـمُ كُفْر {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النِّسَاء: 48]، {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا} [النِّسَاء: 116]، {مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المَائدة: 72]، {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [المُمتَحنَة: 12] و {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعَام: 148]. والثاني: الشِّرْكُ الصَّغِيرُ، وهو مُرَاعاةُ غير اللَّهِ مَعَهُ في بَعْضِ الأمُورِ، وهو الرِّياءُ والنِّفاقُ المُشارُ إليه بقولِهِ: {شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعرَاف: 190]، {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يُوسُف: 106] وقال بَعْضُهُمْ: مَعْنَى قولِهِ: {إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يُوسُف: 106] أي واقِعُونَ في شَرَكِ الدُّنْيا، أي حُبَالَتِها. قال: ومِن هذا ما قال عليه وعلى آله الصلاةُ والسلامُ: «الشِّرْكُ في هذه الأمَّةِ أخْفَى مِنْ دَبِيبَ النَّمْلِ على الصَّفا»(127) قال: ولَفْظُ الشِّرْكِ مِنَ الألفاظِ المُشْتَركَةِ. وقولُهُ: {وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] محمولٌ على الشِّركَيْنِ. وقولُهُ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التّوبَة: 5] فأكْثَرُ الفُقَهاءِ يَحْمِلُونَهُ على الكُفَّارِ جَمِيعاً لقولِهِ {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التّوبَة: 30] الآيَةَ. وقيلَ: هُمْ مَنْ عَدَا أهْلَ الكِتابِ، لقولِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [الحَجّ: 17] أفْرَدَ المُشْركِينَ عَنِ اليهودِ والنَّصارَى.
شرى: الشِّرَاءُ والبَيْعُ يَتَلازَمانِ. فالمُشْتَري: دَافِعُ الثَّمَنِ وآخِذُ المُثْمَنِ، والبائِعُ: دَافِعُ المثمَنِ وآخذُ الثَّمَن. هذا إذا كانَت المبايَعَةُ والمُشارَاةُ بِدَرَاهِمَ وسلْعَةٍ، فأمَّا إذا كانَتْ بَيْعَ سِلْعَةٍ بسِلْعَةٍ صَحَّ أنْ يُتَصَوَّرَ كُلُّ واحِدٍ منهما مُشْترياً وبائِعاً، ومِنْ هذا الوجْهِ صارَ لَفْظُ البَيْعِ والشِّرَاءِ يُسْتَعْمَلُ كُلُّ واحِدٍ منهما في مَوْضِعِ الآخر. وشَرَيْتُ: بِمَعْنَى بِعْتُ أكْثَرُ. وابْتَعْتُ: بِمَعْنَى اشْتَرَيْتُ أكْثَرُ {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يُوسُف: 20] أي باعُوهُ، {يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ} [النِّسَاء: 74]. ويَجُوزُ الشِّرَاءُ والاشْترَاءُ في كُلِّ ما يَحْصُلُ به شيءٌ، نحوُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ} [آل عِمرَان: 77]، {أُولَئِكَ الَّذِينَ اُشْتَرَوُا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} [البَقَرَة: 16]. وقولُهُ: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التّوبَة: 111] فقد ذُكِرَ ما اشْتريَ به، وهو قولُهُ: {يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التّوبَة: 111]. وسمي الخَوارِجُ بالشُّراةِ لأنَّهُمْ زَعَموا أنَّهُمْ شروا أنفسهُمْ ابتغاء مرضاةِ اللَّهِ أيْ باعوها {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} [البَقَرَة: 207] فَمَعْنَى يَشري: يَبِيعُ، فَصارَ ذلك كقولِهِ: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى} [التّوبَة: 111] الآيَةَ.
شَطَأ: شاطِىءُ الوادِي: جانِبُهُ. قال تعالى: {نُودِيَ مِنْ شَاطِيءِ الْوَادِي} [القَصَص: 30]. ويُقالُ: شاطَأْتُ فُلاناً: إِذا ماشَيْتُهُ في شاطِىءِ الوادِي. وَشَطْءُ الزَّرْعِ: فُرُوخُهُ، وَهُوَ ما خَرَجَ مِنْهُ وتَفَرَّعَ في شاطِئَيْهِ، أي في جانِبَيْهِ، وجَمْعُهُ: أَشْطاءٌ. {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [الفَتْح: 29] أي فِرَاخَهُ. وقُرِىءَ شَطَأَهُ، وذلك نَحْوُ الشَّمْعِ والشَّمَعِ، والنَّهْرِ والنَّهَرِ.
شطر: شَطْرُ الشيءِ: نصْفُهُ ووسَطُهُ أو وجهتُهُ. {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البَقَرَة: 149] أي اجعل وجهك في الصلاة متَّجهاً نحوَهُ، ومنه {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البَقَرَة: 150]. ويُقالُ: شاطَرْتُهُ شِطاراً، أي ناصَفْتُهُ. وقيلَ: شَطَرَ بَصَرَهُ: أي نَصَّفَهُ، وذلك إذا أخَذَ يَنْظُرُ إليْكَ وإلَى آخَرَ. وقولهم «حَلَبَ فُلانٌ الدَّهْرَ أَشْطرَهُ» أي مرَّ بِهِ خيرُهُ وشرُّهُ، وشدَّتُهُ ورخاؤهُ تشبيهاً بحلب أخلافِ النَّاقة، كأنه حَلَب الخلفَيْن القادمين وهما الخير، والخلفَيْنِ الآخرين وهما الشر. وصارَ يُعَبَّرُ بالشطير عَنِ البَعِيدِ، ومنه «منزلٌ شطير»، جَمْعُهُ شُطُرٌ نحوُ:
أشاقَكَ بَيْنَ الخَلِيطِ الشُّطُر
والشَّاطِرُ: لِمَنْ يَتَباعَدُ عَن الحَقِّ، ومن أعيا أهله خُبْثاً، وجَمْعُهُ شُطَّارٌ.
شطط: الشَّطَطُ: مجاوزةُ القَدرِ والحدِّ، والإِفْرَاطُ في البُعْدِ. يُقالُ: شَطَّت الدَّارُ. وأشَطَّ: يُقالُ في المَكانِ، وفي الحكْمِ، وفي السَّوْمِ. قال الشاعر:
شَطَّ المَزَارُ بِجَذْوَى وانْتَهَى الأمَلُ
وعُبِّرَ بالشَّطَطِ عَنِ الجَوْرِ. قال تعالى {لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} [الكهف: 14]، و {يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} [الجنّ: 4] أي قولاً بَعِيداً عَن الحَقِّ. وشَطُّ النَّهْرِ: حَيْثُ يَبْعُدُ عَنِ الماءِ مِنْ حافتِهِ.
شطن: الشَّيْطانُ: النونُ فيه أصْلِيَّةٌ، وهو مِنْ شَطَنَ، أي تَباعَدَ، ومنه: بِئرٌ شَطُونٌ، وشَطَنَتِ الدَّارُ، وغُرْبَةٌ شَطُونٌ. وقيلَ: بَل النونُ فيه زائِدَةٌ مِنْ شاطَ يشيطُ: احْتَرَقَ غَضَباً. فالشَّيْطانُ، مَخْلُوقٌ مِنَ النارِ، كما دَلَّ عليه {وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرَّحمن: 15] ولكَوْنِهِ مِنْ ذلك اخْتَصَّ بِفَرْطِ القُوَّةِ الغَضَبِيَّةِ والحَمِيَّةِ الذَّمِيمَةِ، وامْتَنَعَ مِنَ السُّجُودِ لآدَمَ «وإِنَهُ رُوحٌ خفيفٌ متمرِّدٌ، ولا يُرى، ولكن يُدركُ بأنه أقبحُ كلِّ المخلوقات، ويُضربُ به المثلُ في الخبثِ والعُدوان». قال أبو عُبَيْدَةَ: الشَّيْطَانُ اسْمٌ لكُلِّ عاتٍ متمرِّدٍ مِنَ الجنِّ والإِنْسِ والحَيَواناتِ. قال: {شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعَام: 112] وقال {وَإِنَّ الشَّيْاطِينَ لَيُوحُونَ} [الأنعَام: 121]، {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} [البَقَرَة: 14] أي أصحابِهِمْ مِنَ الجنِّ والإِنْسِ، وقولُهُ: {كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصَّافات: 65] قِيلَ: هي حَيَّةٌ خَفِيفَةُ الجِسْمِ، وقيلَ أرَادَ به عارِمَ الجِنِّ فَتُشَبَّهُ بِهِ لقُبحِ تَصَوُّرِها، وقيل نَبْتٌ سُمِّيَ كذاك لفرط قُبْحِهِ. وقولُهُ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} [البَقَرَة: 102] فَهُمْ مَرَدَة الجِنِّ، ويَصِحُّ أنْ يَكونُوا هُمْ ومَرَدَة الإِنْسِ أيضاً. وقال الشاعِرُ:
لو أنَّ شَيْطانَ الذئابِ العُسَّلِ
جَمْعُ العاسِلِ، وهو الذي يَضْطربُ في عَدْوِه، واختَصَّ به عَسَلانُ الذئْبِ.
(وقال آخَرُ):
ما لَيْلَةُ الفقير إلا شَيْطانُ
أيْ ينامُ مُضْطرباً. وسُمِّي كُلُّ خُلُقٍ ذَمِيمٍ للإِنْسانِ شَيْطاناً، ويقال: شَيْطَنَ الرجلُ وتَشَيْطَنَ أي فَعَلَ فِعْلَ الشيطانِ.
شعب: الشِّعْبُ: القَبِيلَةُ المُتَشَعِّبَةُ مِنْ حَيٍّ واحِدٍ، وجَمْعُهُ: شُعُوبٌ {شُعُوبًا وَقَبَائِلَ} [الحُجرَات: 13]. والشِّعْبُ أيضاً مِنَ الوادِي: ما اجْتَمَعَ منه طَرَفٌ وتَفَرَّقَ طَرَفٌ، فإذا نَظَرْتَ إليه مِنَ الجانِبِ الذي تَفَرَّقَ أخَذْتَ في وَهْمِكَ اثْنَيْنِ اجْتَمَعَا. فلذلك قيلَ: شَعِبْتَ، إذا جَمَعْتَ و: شَعِبْتَ، إذا فَرَّقْتَ. وشُعَيْبٌ: تَصْغِيرُ شَعْبٍ الذي هو مَصْدَرٌ، أو الذي هو اسْمٌ، أو تَصغِيرُ شِعْبٍ. والشَّعِيبُ: المَزَادَةُ الخَلَقُ التي قد أُصْلِحَتْ وجُمِعَتْ. وقولُهُ: {إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ} [المُرسَلات: 30] هو دخانُ جهنم إذا ارتفع افترق بثلاث فِرَق عظيمة، وذلك مِنَ الشُّعَبِ أي الأصابعِ، يقال: «قَبَضَ عليه بشُعَبِ يدِهِ» أي بأصابعِهِ.
شعر: الشَّعْرُ والشَّعَر: مَعْرُوفٌ. وجَمْعُهُ أشْعَارٌ {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا} [النّحل: 80]. وشَعَرْتُ: أصَبْتُ الشَّعَرَ، ومنه اسْتُعِيرَ: شَعَرْتُ كذا، أي عَلِمْتُ عِلْماً في الدِّقَّةِ كإصابَةِ الشَّعر. وسُمِّيَ الشاعِرُ شاعِراً لِفِطْنَتِهِ ودِقَّةِ معرفَتِهِ. فالشِّعْرُ في الأصْلِ اسْمٌ لِلعِلْمِ الدَّقِيقِ في قولِهِمْ: لَيْتَ شعري، وصارَ في التَّعارُفِ اسْماً للموزُونِ المُقَفَّى مِنَ الكلامِ. والشاعِرُ: للمُخْتَصِّ بِصِناعَتِهِ. وقولُهُ تعالى حِكايَةً عنِ الكُفَّارِ لما كانوا يتقوَّلون عن النبيّ (ص): {بَلْ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} [الأنبيَاء: 5] و {أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصَّافات: 36]، {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطُّور: 30] وكَثِيرٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ حَمَلُوهُ على أنهمْ رَمَوْهُ بِكَوْنِهِ آتياً بِشِعْرٍ مَنْظُومٍ مُقَفًّى، حتى تأوَّلُوا ما جاءَ في القُرآنِ مِنْ كُلِّ لَفْظٍ يُشْبِهُ المَوْزُونَ مِنْ نَحْوٍ: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} [سَبَإ: 13]، {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سَبَإ: 13] وقولِهِ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المَسَد: 1]، وقال بَعْضُ المُحَصِّلينَ: لم يَقْصِدُوا هذا المَقْصِدَ فيما رَمَوْهُ به، وذلك أنه ظاهِرٌ مِنَ الكلامِ أنه ليسَ على أسالِيبِ الشِّعْر، ولا يَخْفَى ذلك على البسطاء مِنَ العَجَمِ، فَضْلاً عَنْ بُلغَاءِ العَرَبِ، وإنَّما رَمَوْهُ بالكَذِبِ، فإنَّ الشِّعْرَ يُعَبَّرُ به عَنِ الكَذِبِ. والشاعِرُ: الكاذبُ، حتى سَمَّى قومٌ الأدِلَّةَ الكاذِبَةَ: الشِّعريَّةَ. ولهذا قال تعالى في وصْفِ عامَّةِ الشُّعَرَاءِ: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشُّعَرَاء: 224] ـ إلى قولِهِ تعالَى ـ {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ} [الشُّعَرَاء: 226]، أَيْ يَحثُّونَ عَلَى أشياءَ لا يفعلونَهَا، وَيَنْهَوْنَ عَنْ أشياءَ يَرْتكِبُونها، واستَثْنَى اللَّهُ الحكيمُ العليمُ مِنَ الشُّعراءِ المؤمنينَ الصّالحينَ، الذّاكرينَ اللَّهَ عِنْدَ كلِّ قولٍ أو عَملٍ.. والمَشاعِرُ: الحَوَاسُّ. وقولُهُ: {وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} [الزُّمَر: 55] ونحوُ ذلك مَعْناهُ: لا تُدْرِكُونَهُ بالحَواسِّ، ولو قال في كَثِيرٍ مِمَّا جاءَ فيه: لا يَشْعُرُونَ: لا يَعْقِلُونَ لم يَكُنْ يَجُوزُ إذْ كانَ كَثِيرٌ مِمَّا لا يكُونُ مَحْسُوساً قد يَكُونُ مَعْقُولاً. ومَشاعِرُ الحَجِّ: مَعالِمُهُ الظاهِرَةُ لِلحَواسِّ، والواحِدُ: مَشْعَرٌ. ويُقالُ: شَعائِرُ الحَجِّ، الواحِدُ شَعِيرَةٌ {ذَلِكَ ومَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} [الحَجّ: 32]، وقوله: {عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البَقَرَة: 198] أي مَوضِعه، والشَّعيرةُ، والشَّعَارةُ، والمَشْعَرُ: موضِعُها؛ وشَعَائِرُ اللَّهِ: مَعَالمُهُ الّتي أَمَرَ سبحانَهُ وتعالَى القِيَامَ بِها. {لاَ تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} [المَائدة: 2] أي ما يُهْدَى إلَى بَيْتِ اللَّهِ، وسُمِّيَ بذلك لأنَّها تُشْعَرُ، أي تُعَلَّمُ بأنْ تُدْمَى بِشَعِيرَةٍ أي حَدِيدَةٍ يُشْعَرُ بها. والشِّعارُ: الثَّوْبُ الذي يَلِي الجَسَدَ لِمُماسَّتِهِ الشَّعَرَ. والشِّعارُ أيضاً: ما يُشْعِرُ به الإِنْسانُ نَفْسَهُ في الحَرْبِ، أي يُعَلِّمُ. وأشْعَرَهُ الحُبُّ، نحوُ ألْبَسَهُ. والأشْعَرُ: الطَّوِيلُ الشعر. والشَّعِيرُ: الحَب المَعْرُوفُ. والشِّعْرَى: نَجْمٌ، وتَخْصِيصُهُ في قولِهِ: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} [النّجْم: 49] لكَوْنِها مَعْبُودَةً لِقَوْمٍ من عرب الجاهلية.
شعل: الشَّعْلُ: الْتِهابُ النارِ، يُقالُ: شُعْلَةٌ مِنَ النارِ، وقد أشْعَلْتُها، وأجازَ أبُو زَيْدٍ: شَعَلْتُها. والشَّعِيلَةُ: الفَتِيلَةُ إذا كانَتْ مُشْتَعِلَةً. وقيلَ: بَياضٌ يَشْتَعِلُ. قال تعالى: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مَريَم: 4] تشبيهاً بالاشْتِعالِ مِنْ حَيْثُ اللَّوْنُ. ويقال: اشْتَعَلَ فُلانٌ غَضَباً: تشبيهاً به مِنْ حَيْثُ الحَركَةُ، ومنه: أشْعَلْتُ الخَيلَ في الغارَةِ، أي هَيَّجْتُها.
شغف: وشَغَفَهُ الحُبُّ، بَلَغ شغافَ قَلْبِهِ، والشِّغافُ غِلافُ القُلوبِ، وقولُهُ تعالى: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} [يُوسُف: 30] أي أُولِعَتْ بِهِ فَحُبُّها له مَسَّ غِلافَ قَلبِها.
شغل: الشَّغْلُ والشُّغْلُ: العارضُ الذي يُذْهِلُ الإِنْسانَ نحو قوله تعالى: {فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} [يس: 55] أي شغلهم النعيم الذي شملهم وغمرهم، بسرورٍ وفرحٍ عمّا هم فيه أهل النار من العذاب، لا يهتمّون بهم ولا يذكرونهم. والمَشْغولَةُ مِنَ الدُّورِ: المَسْكونَةُ. والشُّغلُ ضِدُّ الفَراغِ، والجمعُ أَشْغالٌ: وَشُغِل به: تَلَهَّى، قوله تعالى: {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} [الفَتْح: 11] أي أَلْهَتْنا أَمْوالُنا وأَهْلونا.
شفع: الشَّفْعُ: ضَمُّ الشيءِ إلَى مِثْلِهِ مِنْ: شَفَعَ العدَدَ شَفْعاً أي زَوْجاً. ويُقالُ: للمَشْفُوعِ: شَفْعٌ. والشَّفْعُ والوَتْرُ. قِيلَ: الشَّفْعُ هي المَخْلُوقاتُ مِنْ حَيْثُ إنَّها مُرَكَّباتٌ، كما قال: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذّاريَات: 49]. والوَتْرُ: هو اللَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ له الوَحْدَة مِنْ كُلِّ وجْهٍ. أمَّا قوله تعالى: {وَلاَ شَفَاعَةٌ} [البَقَرَة: 254] فمعناهُ أنهُ ولا شفاعَةَ لِغَيْرِ المُؤمنينَ إطلاقاً؛ فأمّا المؤمنونَ فقد يَشفعُ بعضُهم لبعضٍ، ويشفعُ لهم أنبياؤُهُم، لأنَّ الشَّفاعةَ في الأصل: الانْضِمامُ إلى آخَرَ ناصِراً له وسائلاً عنه. وأكْثَرُ ما يُسْتَعْمَلُ في انْضِمامِ مَنْ هو أعْلَى حُرْمَةً ومَرْتَبَةً إلَى مَنْ هو أدنى، ومنه قوله تعالى: {لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَانِ عَهْدًا} [مَريَم: 87]، {وَلاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سَبَإ: 23]، {لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا} [النّجْم: 26]، {وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبيَاء: 28]، {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدَّثِّر: 48] أي لا يَشْفَعُ لَهُمْ، {وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} [الزّخرُف: 86]، {مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ} [غَافر: 18]، و {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [النِّسَاء: 85] أي مَن انْضَمَّ إلى غَيرهِ، وعاوَنَهُ، وصارَ شَفْعاً له، أو شَفِيعاً في فِعْلِ الخير والشَّرِّ، فَعاونَهُ وقَوَّاهُ وشارَكَهُ في نَفْعِهِ وضُرِّهِ، وقيلَ: الشَّفاعَةُ هَهُنا أنْ يَشْرَعَ الإِنْسانُ لِلآخرِ طريقَ خَيرٍ أو طريقَ شَرٍّ فَيَقْتَدِي به، فَصارَ كأنه شَفْعٌ له، وذلك كما قال عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أجْرُها وأجْرُ مَنْ عَمِلَ بِها، ومَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَة فَعَلَيْهِ وزْرُها وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِها»(128) أي إثْمُها وإثْمُ مَنْ عَمِلَ بِها. وقولُهُ: {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [يُونس: 3] أي يُدَبِّرُ الأمْرَ وحْدَهُ لا ثاني له في فَصْلِ الأمر إلا أنْ يَأْذَنَ للمُدَبِّراتِ والمُقَسِّماتِ مِنَ المَلائِكَةِ، فَيَفْعَلُونَ ما يَفْعلُونَهُ بَعْدَ إذْنِهِ. واسْتَشْفَعْتُ بِفُلانٍ على فُلانٍ، فَتَشَّفَعَ لِي. وشَفَّعَهُ: أجابَ شَفاعَتَهُ، ومنه قولُهُ عليه وعلى آله السلامُ: «القُرآنُ شافِعٌ مُشَفَّعٌ»(129). والشُّفْعَةُ: هو طَلَبُ مَبِيعٍ في شركَتِهِ بِما بِيعَ به لِيَضُمَّهُ إلى مِلْكِهِ، وهو مِنَ الشَّفْعِ. وقال عليه وعلى آله السلامُ: «إذَا وقَعَت الحُدُودُ فَلا شُفْعَةَ»(130).
شفق: الشَّفَقُ: اخْتِلاطُ ضَوْءِ النهارِ بِسَوادِ اللّيْلِ عِنْدَ غُرُوبِ الشمسِ. قال تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} [الانشقاق: 16]. والإِشْفَاقُ: عِنايَةٌ مُخْتَلِطَةٌ بِخَوْفٍ، لأَنَّ المُشْفِقَ يُحِبُّ المُشْفَقَ عليه، ويَخافُ ما يَلْحَقُهُ. قال: {وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} [الأنبيَاء: 49] فإذا عُدِّيَ بِمِنْ فَمَعْنَى الخَوْفِ فيه أظْهَرُ، وإذا عُدِّيَ بِفِي فَمَعْنَى العِنايَةِ فيه أظْهَرُ، ومنه: {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} [الطُّور: 26]، {وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا} [الشّورى: 18] أي من الساعة، {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا} [الشّورى: 22] أي تراهم خائفين يوم القيامة مما كسبوا في الدنيا. قال تعالى {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} [المجَادلة: 13].
شَفَوَ: الشَّفا: حدُّ كلِّ شيءٍ وحَرْفُهُ، ويُضْرَبُ به المَثَلُ في القُرْبِ مِنَ الهَلاكِ {عَلَى شَفَا جُرُفٍ} [التّوبَة: 109]، {عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ} [آل عِمرَان: 103]. وأشْفَى العليلُ: امتَنَعَ شِفاؤُهُ، ومنه أَشْفَى المريضُ على الموت؛ ومنه اسْتُعِيرَ: ما بقي مِنْ كذا إلا شَفًى، أي قَلِيلٌ، كَشَفا البئر. وتَثْنِيَةُ شَفا: شَفَوانِ، وجَمْعُهُ: أشْفاهٌ. والشِّفاءُ مِنَ المَرَضِ: مُوافاةُ شِفاءِ السَّلامَةِ، وصارَ اسْماً للبُرْءِ، فيقالُ: الشِّفاء أي الدواء، وقال تعالى في صِفَةِ العَسَلِ: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النّحل: 69] وقال في وصفِ القرآنِ الكريمِ: {هُدىً وَشِفَاءٌ} [فُصّلَت: 44] و {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} [يُونس: 57] كالدَّواء لإزالة الدَّاء. فَدَاءُ الجهل مثلُ داءِ الجسد، لكنْ علاجُهُ أعْسَرُ وأطباؤه أقلُّ والشفاءُ منه أجلُّ. والصَّدرُ موضعُ القلبِ: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التّوبَة: 14].
شق: الشَّقُّ: الخَرْمُ الواقِعُ في الشيءِ. يُقالُ: شَقَقْتُهُ بِنِصْفَيْنِ {ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا} [عَبَسَ: 26]، {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ} [ق: 44]، {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ} [الحَاقَّة: 16]، {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1]، و {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ *} [القَمَر: 1] قيلَ انْشِقاقُهُ في زَمَنِ النبيِّ عليه وعلى آله السلامُ. وقيلَ: هو انْشِقاقٌ يعرضُ في حين تَقْرُبُ القِيامَةُ. وقيلَ: مَعْنَاهُ: وضَحَ الأمْرُ. والشِّقَّةُ: القِطْعَةُ المُنْشَقَّةُ، كالنِّصْفِ، ومنه قيلَ: طارَ فُلانٌ مِنَ الغَضَبِ شِقاقاً. وطارَتْ منهمْ شِقَّةٌ، كقولِكَ: قُطِعَ غَضَباً. والشِّقُّ: المَشَقَّةُ والانْكِسارُ الذي يَلْحَقُ النَّفْسَ والبَدَنَ، وذلك كاسْتِعارَةِ الانكِسارِ لَها {إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ} [النّحل: 7]. والشُّقَّـةُ: الناحِيَـةُ التي تَلْحَقُكَ المَشَقَّةُ في الوُصُولِ إليها {بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ} [التّوبَة: 42]. والشِّقاقُ: المُخالَفَةُ، وكَوْنُكَ في شقٍّ غير شِقِّ صاحِبِكَ، أو مَنْ شَقَّ العَصا بَيْنَكَ وبَيْنَهُ، ومنه {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} [النِّسَاء: 35]، {فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} [البَقَرَة: 137] أي مُخالَفَةٍ. وقوله: {لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي} [هُود: 89]، {لَفِي شِقَاقِ بَعِيدٍ} [البَقَرَة: 176]، {وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأنفَال: 13] أي صارَ في شق غير شِقِّ أولِيائِهِ، نحوُ {مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ} [التّوبَة: 63] ونحوُهُ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ} [النِّسَاء: 115]. ويُقالُ: المالُ بَيْنَهُما شَقُّ الشَّعَرَةِ، وشَقُّ الإِبْلمَةِ: أي مَقْسُومٌ كَقِسْمَتِهِما. وفُلانٌ شَقُّ نَفْسي، وشَقِيقُ نَفْسي، أي كأنه شُقَّ مِنِّي لمشابَهَةِ بَعْضِنا بَعْضاً. وشَقائِقُ النُّعْمانِ: نَبْتٌ معْرُوفٌ. وشَقِيقَةُ الرَّمْلِ: ما يُشَقَّقُ. والشَّقْشَقةُ: لَهاةُ البعير، لما فيه مِنَ الشَّقِّ. وبِيَدِهِ شُقُوقٌ. وبحافر الدَّابَّةِ شِقاق. وفَرَسٌ أشَقُّ، إذا مالَ إلَى أحَدِ شِقَّيْهِ، والشُّقَّةُ في الأصْلِ: نِصْفُ ثوب، وإنْ كانَ قد يُسَمَّى الثَّوْبُ كما هو شُقَّةً.
شَقَوَ: الشَّقاوَةُ: خِلافُ السَّعادَةِ، وَهِيَ المضرَّةُ المتلاحقةُ في النفسِ والبدنِ. قال تعالى: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هُود: 105]. وقد شَقِيَ يَشْقَى شَقْوَةً وشَقاوَةً وشَقاءً. فَكَما أنَّ السَّعادَةَ في الأصْلِ نوعان: سَعادَةٌ أخْرَوِيَّةٌ وسَعادَةٌ دُنيويَّةٌ، ثم السَّعادَةُ الدُّنيويَّةُ ثَلاثَةُ أنواع: سَعَادَةٌ نَفْسِيَّةٌ، وبَدَنِيَّةٌ، وخارجِيَّةٌ. كذلك الشَّقاوَةُ على هذه الأضْرُبِ. وفي الشَّقاوَةِ الأخْرَوِيَّةِ قال: {فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى} [طه: 123] و {غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون: 106] وقُرىء: شَقاوَتُنا أي مضرَّتُنا الفادحة، وفي الدُّنيويَّةِ {فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: 117] قال بَعْضُهُمْ: قد يُوضَعُ الشَّقاءُ مَوْضِعَ التَّعَبِ، نحوُ: شَقِيتُ في كذا. وكُلُّ شَقاوةٍ تَعَبٌ، وليسَ كُلُّ تَعَبٍ شَقاوَةً، فالتَّعَبُ أعَمُّ مِنَ الشَّقاوَةِ.
شكر: الشُّكْرُ: تَصَوُّرُ النِّعْمَةِ وإظْهَارُها. قيلَ وهو مَقْلُوبٌ عَنِ الكَشْر، أي الكَشْفِ، ويُضادُّهُ الكُفْرُ، وهو نِسْيانُ النِّعْمَةِ وسَتْرُها. ودَابَّةٌ شَكُورٌ: مُظْهِرَةٌ بِسِمَنِها إسْدَاءَ صاحِبِها إليها. وقيلَ: أصْلُهُ مِنْ عَيْنٍ شَكْرَى، أي مُمْتَلِئَةٍ. فالشكْرُ على هذا هو الامْتِلاءُ مِنْ ذِكْر المُنْعِمِ عليه. والشُّكْرُ ثَلاثَةُ أضْرُبٍ: شُكْرُ القَلْبِ، وهو تَصَوُّرُ النِّعْمَة. وشكْرُ اللِّسانِ، وهو الثَّناءُ على المُنْعِمِ. وشكْرُ سائِرِ الجَوارِحِ، وهو مكافَأةُ النِّعْمَةِ بِقَدْرِ اسْتِحْقاقِهِ. {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} [سَبَإ: 13] قيلَ «شكْراً» انْتَصَبَ على التَّمْيِيزِ، ومَعْناهُ: اعْمَلُوا ما تَعْمَلُونَهُ شكْراً للَّهِ، وقيلَ: «شكْراً» مَفْعُولٌ لقولِهِ: اعْمَلُوا، وذُكِرَ اعْمَلُوا، ولم يَقُلِ: اشكُروا ليُنَبِّهَ على الْتِزَامِ الأنواعِ الثَّلاثَةِ مِنَ الشُّكْر بالقَلْبِ واللِّسانِ وسائِرِ الجَوارِحِ. قال تعالى: {اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمَان: 14]، {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} [آل عِمرَان: 145]، {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} [النَّمل: 40]. وقولُهُ: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سَبَإ: 13] ففيه تنبيهٌ أَنَّ تَوفيَةَ شكر اللَّهِ صَعْبٌ، ولذلك لم يُثْنِ بالشُّكْرِ مِنْ أوْلِيائِهِ إلا على اثْنَيْنِ، قال في إبراهيمَ (ع) : {شَاكِرًا لأَِنْعُمِهِ} [النّحل: 121] وقال في نُوحٍ: {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الإسرَاء: 3]. وإذا وُصِفَ اللَّهُ بالشُّكْرِ في قولِهِ: {وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التّغَابُن: 17] فإِنَّما هو إِنْعَامُهُ على عِبادِهِ وَجَزَاؤهُ بِما أقامُوهُ مِنَ العِبادَةِ. ويُقالُ: ناقَةٌ شكِرَةٌ: مُمْتَلِئَةُ الضَّرْعِ مِنَ اللَّبَنِ. وقيلَ: هو أشْكَرُ من بَرْوَقٍ، وهو نَبْتٌ يَخْضَرُّ ويَتَرَبَّى بأدْنَى مَطَرٍ. والشَّكْرُ: يُكَنَّى به عَنْ فَرجِ المَرأةِ وعَنِ النكاحِ. قال بَعْضُهُمْ: إنْ سأَلَتْكَ ثَمَنَ شَكْرها. والشَّكِيرُ: نَبْتٌ في أصْلِ الشَّجَرَةِ غَضٌّ. وقد شكَرَتِ الشَّجَرَةُ: كَثُرَ غُصْنُها.
شكس: الشَّكِسُ: السَّيِّىءُ الخُلُقِ، وقولُهُ: {شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} [الزُّمَر: 29] أي مُتَشاجِرُونَ لشكاسَةِ خُلُقِهِمْ.
شكك: الشَّكُّ: خلافُ اليقينِ، أو مبدأُ الرَّيبِ كما أنَّ العلمَ مبدأُ اليقينِ، ويُعتبرُ الشَّكُّ بأنَّهُ اعْتِدالُ النَّقِيضَيْنِ عِنْدَ الإنْسانِ وتَساوِيهِما، وذلك قد يَكُونُ لوُجُودِ علامتين مُتَساوِيَتَيْنِ عِنْدَ النَّقِيضَيْنِ، أو لِعَدَمِ العلامة فيهما. والشَّكُّ: رُبَّما كانَ في الشيءِ، هَلْ هو مَوْجُودٌ أو غَيْرُ مَوْجُودٍ؟ ورُبَّما كانَ في جِنْسِهِ، مِنْ أيِّ جِنْسٍ هو، ورُبَّما كانَ في بَعْضِ صِفاتِهِ، ورُبَّما كانَ في الغَرَضِ الذي لأجْلِهِ أُوجِدَ. والشَّكُّ نوع مِنَ الجَهْلِ، وهو أخصُّ منه لأنَّ الجَهْلَ قد يَكُونُ عَدَمَ العِلْمِ بالنَّقِيضَيْنِ رأساً، فَكُلُّ شَكٍّ جَهْلٌ، وليسَ كُلُّ جَهْلٍ شكّاً. قال تعالى: {لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} [فُصّلَت: 45]، {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ} [الدّخان: 9]، {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ} [يُونس: 94]. واشْتِقاقُهُ إمَّا مِنْ شَكَكْتُ الشيءَ أي خَرَقْتُهُ. قال:
وشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأصَمِّ ثِيابَهُ ليسَ الكريمُ على القَنا بِمُحَرَّم
فكأنَّ الشَّكَّ الخَرْقُ في الشيءِ، وكَوْنُهُ بِحَيْثُ لا يَجِدُ الرَّأْيُ مُسْتَقَرّاً يَثْبُتُ فيه، ويَعْتَمِدُ عليه. ويَصِحُّ أنْ يَكُونَ مُسْتَعاراً مِنَ الشَّكِّ، وهو لُصُوقُ العَضُدِ بالجَنْبِ، وذلك أنْ يَتَلاصَقَ النَّقِيضانِ فَلا مَدْخَلَ لِلفَهْمِ والرأْيِ في التَّخَلُّلِ ما بينَهُما، ويَشْهَدُ لهذا قولُهُمْ: التَبَسَ الأمْرُ، واخْتَلَطَ وأشكَلَ، ونحوُ ذلك مِنَ الاسْتِعارَاتِ. والشِّكَّةُ: السِّلاحُ الذي به يُشَكُّ، أي يُفْصَلُ.
شكل: المُشَاكَلَةُ: في الهَيْئَةِ والصُّورَةِ، والنِّدُّ: في الجِنْسِيَّةِ، والشَّبَهُ: في الكَيْفِيَّةِ. {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} [ص: 58] أي من مِثْلِه وجنسِه أزواج أي ألوان من العذاب وأنواعٌ متشاكلة متشابهة في الشدّة، وقيلَ: الناسُ أشكالٌ وألوان. وأصْلُ المُشاكَلَة مِنَ الشَّكْلِ، أي تَقْييد الدَّابَّةِ. يُقالُ: شكَلْتُ الدَّابَّةَ. والشِّكَالُ: ما يُقَيَّدُ به حوافرُها، ومنه اسْتُعِيرَ: تَشكِيْلُ الكِتابَ، أي تقييدُهُ بالحركات. وقولُهُ: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسرَاء: 84] أي على شِبْههِ أو على طريقتِهِ أو مذهبِهِ. والأشكَلَةُ: الحاجَةُ التي تُقَيِّدُ الإِنْسانَ. والإِشكالُ في الأمر: اسْتِعارَةٌ، كالاشْتِباهِ مِنَ الشَّبَهِ أو الالتباس في الأمر.
شكا: الشَّكْوُ والشِّكايَةُ والشَّكاةُ والشَّكْوَى: إظْهارُ البَثِّ. يُقالُ: شكا فلانٌ إلى فلانٍ، يَشكو شِكايةً وشكاوَةً: تظَلَّمَ إِليه وأخبرَهُ عنهُ بسوءِ فِعْلِهِ، وعن شكاية يَعْقُوب (ع) لعظيمِ حُزنِهِ أنَّهُ قال: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يُوسُف: 86]، فهو الذي تنفَعُ الشكوى إليه، و {وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجَادلة: 1] وأشْكاهُ: أي بثَّهُ شكواهُ وما عاناهُ مِنَ الوَجْدِ، وذلك بأن يَجْعَل له شكْوَى. ويُقالُ: أشكاهُ، أي أزالَ شِكايَتَهُ. ورُوِيَ: شكَوْنا إلى رسولِ اللَّهِ (ص) حَرَّ الرَّمْضاءِ في جِباهِنا وأَكفِّنَا، فَلَمْ يُشكِنا. وأصْل الشَّكْو: فَتْحُ الشِّكْوَةِ وإظْهارُ ما فيها، وهي سِقاءٌ صَغِيرٌ يُجْعَلُ فيه الماءُ، وكأنه في الأصْلِ اسْتِعارَةٌ، كقولِهِمْ: بَثَثْت له ما في وعائي، ونَفَضْتُ ما في جِرَابِي، إذا أظْهَرْتَ ما في قَلْبكَ، والمشكاةُ: كُوَّةٌ غَيْرُ نافِذَةٍ. قال تعالى: {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} [النُّور: 35] وذلك مَثَل القَلْبِ، والمِصْباحُ مَثَلُ نُورِ اللَّهِ فيه.
شمت: الشَّماتَةُ: الفَرَحُ بِبَلِيَّةِ مَنْ تُعادِيهِ ويُعادِيكَ. يُقالُ: شَمِتَ به، فهو شامِتٌ، وأشْمَتَ اللَّهُ به العَدُوَّ، قال تعالى: {فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ} [الأعرَاف: 150]. والتَّشْمِيتُ: الدُّعاءُ لِلعاطِسِ بالخيرِ، كأنه إزالَةُ الشَّماتَةِ عنه بالدُّعاءِ له، فهو كالتمريضِ في إزالَةِ المَرَضِ.
شمخ: {رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ} [المُرسَلات: 27] أي عالِياتٍ، ومنه شَمَخَ بأَنْفِه عِبارَةً عَنِ الكِبْر.
شمز: الاشمِئْزازُ: الانقباضُ والنفورُ. اشمأزَّ الرجلُ اشمئزازاً: انقبضَ ونَفَرَ، قال تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} [الزُّمَر: 45]، أي انْقَبَضَتْ ونَفَرَتْ.
شمس: الشمس: يُقالُ لِلْقُرْصَةِ وللضَّوْءِ المُنْتَشِر عنها، وتُجْمَعُ على شُمُوسٍ. {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38]، و {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرَّحمن: 5]. وشَمَسَ يومُنا، وأشْمَسَ: صارَ ذَا شمْسٍ.
شمل: الشِّمال: المُقابِلُ لِليَمِينِ {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: 17]. ويُقَالُ للثَّوْبِ الذي يُغَطَّى به: الشِّمالُ، وذلك كَتَسْمِيَةِ كَثِيرٍ مِنَ الثِّيابِ باسْمِ العضو الذي يَسْتُرُهُ، نحوُ تَسْمِيَةِ كُمِّ القَمِيصِ يَداً، وصَدْرِهِ وظَهرهِ صَدْراً وظَهْراً، ورِجْلِ السَّرَاوِيلِ رِجْلاً، ونحو ذلك. والاشْتِمالُ بالثَّوْبِ: أنْ يَلْتَفَّ به الإِنْسانُ فَيَطْرَحَهُ على الشِّمالِ. وفي الحَدِيثِ: «نُهِيَ عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ»(131). والشِّمْلَةُ والمِشْمَلُ: كِساءٌ يُشْتَمَلُ به، مُسْتَعارٌ منه، ومنه: شَملَهُمُ الأمْرُ، ثم تُجُوِّزَ بالشِّمَالِ، فقيلَ: شَمَلْتُ الشاةَ: عَلَّقْتُ على ضَرعِها الشِّمالَ وشددتُهُ، وقيلَ أيضاً: الشمالُ عن الطبع لكَوْنِهِ مُشْتَمِلاً على دخيلةِ الإِنْسانِ اشْتِمالَ الشِّمالِ على البَدَنِ. وقوله تعالى: {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ} [الأنعَام: 143] أي أم حرَّم الله سبحانه وتعالى ما اشتملَتْ عليه رحِمُ الأنثى من الضأْنِ والأنثى من المعِز. وإنما ذكر الله تعالى هذا على وجه الاحتجاج عليهم مبيّناً فريتهم وكذبهم. والشَّمُولُ: الخَمْرُ لأنها تَشْتَمِلُ على العَقْلِ فَتُغَطِّيهِ، وتَسْمِيَتُها بذلك كَتَسْمِيَتها بالخمر، لكَوْنِها خامِرَةً له. والشَّمَال: الرِّيحُ الهابَّةُ مِنْ شِمالِ الكَعْبَةِ، وقيلَ في لُغَةٍ شَمْألٌ وشامَلٌ. وأشْمَلَ الرَّجُلُ: مِنَ الشَّمالِ، كقولِهِمْ: أجْنَبَ منَ الجَنُوبِ، وكُنِّي بالمِشْمَلِ عَنِ السَّيْفِ القصير يشتمِلُ عليه الرجلُ أي يُغَشِّيهِ بثوبِهِ، كما كُنِّيَ عنه بالرِّدَاءِ، وجاءَ مُشْتَمِلاً بِسَيْفِهِ: نحوُ مُرْتَدِياً به، ومُتَدَرِّعاً له. وناقَةٌ شِمِلَّةٌ وشِمْلالٌ: سريعَةٌ كالشَّمالِ. وقولُ الشاعرُ:
ولَتَعرفَنَّ خَلائِقاً مَشْمُولَةً ولَتَنْدَمَنَّ ولاتَ ساعَةَ مَنْدَمِ
قيلَ أرَادَ خَلائِقَ طَيِّبَةً كأنَّها هَبَّتْ عليها شَمالٌ فبَرَدَتْ وطابَتْ.
شنأ: شَنِئْتُهُ: تَقذَّرْتُهُ بُغْضاً له، يُقالُ: شَنَأَهُ وشَنِئَهُ يَشْنَأُهُ شَنْأً وشَنْآناً: أَبْغَضَهُ بُغْضاً شديداً مختلطاً بعداوةٍ وسُوءِ نِيَّةٍ، ومنه اشْتُقَّ «أزْدُ شَنُوءَةَ». وهي قبيلةٌ من العرب. وقولُهُ: {شَنَآنُ قَوْمٍ} [المَائدة: 2] أي بُغْضُهُمْ، وقرىء: شَنْآنُ. فَمَنْ خَفَّفَ أرادَ بغيض قومٍ، ومَنْ ثَقَّلَ جَعَلَهُ مَصْدَراً، ومنه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [الكَوثَر: 3].
شهب: الشِّهابُ: الشُّعْلَةُ السَّاطِعَةُ مِنَ النارِ المُوقَدَة، ومِنَ العارِضِ في الجَوِّ، نحوُ: {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصَّافات: 10]، {شِهَابٌ مُبِينٌ} [الحِجر: 18]، {شِهَابًا رَصَدًا} [الجنّ: 9] والشُّهْبَةُ: البَياضُ المُخْتَلِطُ بالسَّوادِ، تشبيهاً بالشِّهابِ المُخْتَلِطِ بالدُّخانِ، ومنه قيلَ: كَتِيبَةٌ شَهْباءُ، اعْتِباراً بِسَوادِ القومِ وبَياضِ الحَدِيدِ.
شهـد: الشُّهُودُ والشَّهَادَةُ: الحُضُورُ مَعَ المُشَاهَدَةِ إمَّا بالبَصر أو بالبَصِيرَةِ. وقـد يُقالُ لِلحُضُورِ مُفْرداً: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [التّوبَة: 94] لكِنِ الشُّهُودُ بالحُضُورِ المُجَرَّدِ أوْلَى، والشَّهادَةُ مَعَ المُشاهَدَةِ أوْلَى. ويُقالُ لِلمَحْضَر: مَشْهَـدٌ، أي مجمَـعُ الناس ومحضرُهُمُ، وامرأةٌ مُشْهِدٌ، أي حَضَرَ زَوْجُها، وضدُّهُ: امرأةٌ مَغيبةٌ. وجَمْعُ مَشْهَدٍ مَشاهِدُ، ومنه مَشاهِدُ الحَجِّ، وهي مَواطِنُهُ الشَّريفَةُ التي يَحْضُرها المَلائِكَةُ والأبْرَارُ مِنَ الناسِ. وقيلَ: مَشاهِدُ الحَجِّ: مَواضِعُ المَناسِكِ. قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحَجّ: 28]، {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا} [النُّور: 2]، {مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} [النَّمل: 49] أي ما حَضَرْنا، {وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفُرقان: 72] أي لا يَحْضُرُونَهُ بِنُفُوسِهِمْ ولا بِهَمِّهِمْ وإرادتهم. والشَّهادَةُ: قولٌ صادِرٌ عَنْ عِلْمٍ حَصَلَ بِمُشاهَدَةِ بَصِيرَةٍ أو بصَر. فهي خبَرٌ قاطِعٌ، وقيل هي اسم من الشهيد أي مَن قُتل في سبيل الله تعالى؛ وقولُهُ: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} [الزّخرُف: 19] يَعْنِي مُشاهَدَةَ البَصَر، ثم قال: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ} [الزّخرُف: 19] تنبيهاً أنَّ الشَّهادَةَ تَكُونُ عَنْ شُهُودٍ، وقولُهُ: {وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} [آل عِمرَان: 70] أي تَعْلَمُونَ، وقولُهُ: {مَا أَشْهَدْتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ} [الكهف: 51] أي ما جَعَلْتُهُمْ مِمَّن اطَّلَعُوا بِبَصِيرَتِهِمْ على خَلْقِها. وقولُهُ: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [التّوبَة: 94] أي ما يَغِيبُ عَنْ حَواسِّ الناسِ وبَصائرهمْ، وما يَشْهَدُونَهُ بِهما. وشَهِدْتُ: يُقالُ على نَوْعَين، أحَدُهُما جارٍ مَجْرَى العِلْمِ وبِلَفْظِهِ تُقامُ الشَّهادَةُ، ويُقالُ: أشْهَدُ بكذا، ولا يُرْضَى مِنَ الشاهِدِ أنْ يقولَ أعْلَمُ، بَلْ يُحْتاجُ أنْ يقولَ: أشْهَدُ. والثانِي يَجْري مَجْرَى القَسَمِ، فَيَقُولُ: أشْهَدُ باللَّهِ أنَّ زَيْداً مُنْطَلِقٌ، فَيكُونُ قَسَماً، ومنهمْ مَنْ يقولُ: إنْ قال أشْهَدُ ولم يَقُلْ باللَّهِ يَكُونُ قَسَماً، ويَجْرِي (عَلِمْتُ) مَجْرَاهُ في القَسَمِ، فَيُجابُ بجوابِ القَسَمِ، نحوُ قولِ الشاعِر:
ولَقَدْ عَلِمْتُ لَتَأْتِيَنَّ مَنِيَّتِي
ويُقالُ: شاهِدٌ وشَهِيدٌ وشُهَدَاءُ. قال تعالى: {وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ} [البَقَرَة: 282]، {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} [البَقَرَة: 282]. ويُقالُ: شَهِدْتُ كذا، أي حَضَرْتُهُ، وشَهِدْتُ على كذا، قال: {شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ} [فُصّلَت: 20]، وقد يُعَبَّرُ بالشَّهادَةِ عَنِ الحُكْمِ نحوُ {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} [يُوسُف: 26] وعَنِ الإِقْرارِ نحوُ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النُّور: 6] إنْ كانَ ذلك شَهادَةً لِنَفْسِهِ. وقولُهُ: {وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا} [يُوسُف: 81] أي ما أخْبرْنا. وقال تعالى: {شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [التّوبَة: 17] أي مُقِرِّينَ. وقال: {لِمَ شَهِدْتُّمْ عَلَيْنَا} [فُصّلَت: 21]. وقولُهُ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ} [آل عِمرَان: 18] فَشَهادَةُ اللَّهِ تعالى بِوَحْدَانِيَّتِهِ هي إيجادُ ما يَدُلُّ على وَحْدَانِيَّتِهِ في العالَمين وفي نُفُوسِنا كما قال الشاعِرُ:
فَفِي كُلِّ شيءٍ له آيَةٌ تدُلُّ على أنَّهُ واحِدُ
قال بعضهم: إنَّ اللَّهَ تعالى لَمَّا شَهِدَ لِنَفْسِهِ، كانَت شَهادَتُهُ أنْ أنْطَقَ كُلَّ شيءٍ كما نَطَقَ بالشَّهادَةِ له. وشَهادَةُ المَلائِكَةِ بذلك هي إظْهَارُهُمْ أفْعالاً يُؤْمَرُونَ بها، وهي المَدْلُولُ عليها بقولِهِ: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النَّازعَات: 5]. وشَهادَةُ أولِي العِلْمِ هي اطِّلاَعُهُمْ على تِلْكَ الحِكَمِ، وإقْرارُهُمْ بذلك. وهذه الشِّهادَةُ تَخْتَصُّ بأهْلِ العِلْمِ، فأمَّا الجُهَّالُ فَمُبْعَدُونَ منها، ولذلك قال في الكُفَّارِ {مَا أَشْهَدْتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} [الكهف: 51] وعلى هذا نَبَّهَ بقولِهِ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فَاطِر: 28] وهؤلاءِ هُمُ المَعْنِيُّونَ بقولِهِ: {وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} [النِّسَاء: 69]. وأمَّا الشَّهِيدُ، فقد يُقالُ للشاهِدِ والمُشاهِدِ للشيءِ. وقولُهُ: {سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق: 21] أي مَنْ شَهِدَ له وعليه، وكذا قولُهُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا} [النِّسَاء: 41]، وقولُهُ: {أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37] أي يَشْهَدُونَ ما يَسْمَعُونَهُ بِقُلُوبِهِمْ، على ضِدِّ مَنْ قيلَ فيهمْ {أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فُصّلَت: 44]؛ وقولُهُ: {أَقِمِ الصَّلاَةَ} [الإسرَاء: 78]، إلى قوله {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسرَاء: 78] أي يَشْهَدُ صاحِبُهُ الشَّفاءَ والرَّحْمَةَ والتَّوْفِيقَ والسَّكيناتِ والأرْواحَ المَذْكُورَةَ في قولِهِ الكريمِ {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسرَاء: 82]؛ وقولُهُ تعالى: {وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غَافر: 51] فالأشهادُ جمعُ شاهدٍ، مثلُ: أصحاب: جمعُ صاحب، وهمُ الذينَ يشهدونَ بالحقِّ للمؤمنينَ، وعلى المُبْطلينَ والكافرينَ يومَ القيامَة. وقولُهُ تعالى: {وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ} [البَقَرَة: 23] مَعْنَاهُ: أعْوانكُمْ. وقال مُجاهِدٌ: الذينَ يَشْهَدُونَ لَكُمْ، وقال بَعْضُهُمْ: الذينَ يُعْتَدُّ بِحُضورِهِمْ، ولم يكُونُوا كَمَنْ قيلَ فيهمْ:
مُخالِفون ويَقْضِي اللَّهُ أمْرَهُمُو وهُمْ بِغَيْبٍ وفي عَمْياء ما شَعَرُوا
وقد حُمِلَ على هذه الوُجُوهِ قولُهُ: {وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} [القَصَص: 75]. وقولُهُ: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} [العَاديَات: 7]، {أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فُصّلَت: 53]، {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الفَتْح: 28] فإِشارَةٌ إلَى قولِهِ: {لاَ يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ} [غَافر: 16] وقولِهِ: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7] وسوى ذلك مِمَّا نَبَّهَ فيه على هذا النحو. والشَّهِيدُ هو المُحْتَضَرُ، فَتَسْمِيَتُهُ بذلك لِحُضُورِ المَلائِكَةِ إيَّاهُ إشارَةً إلَى ما قال: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا} [فُصّلَت: 30] الآيَةَ، أي تتنزَّل عليهم الملائكةُ عند الموت لتُطَمئنَهم وتبشِّرَهم بالجنة. قال {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ} [الحَديد: 19] إما لأنهمْ يَشْهَدُونَ في تِلْكَ الحالَةِ ما أُعِدَّ لَهُمْ مِنَّ النَّعِيمِ، أو لأنهمْ تَشْهَدُ أرواحُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ كما قال: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عِمرَان: 169] الآيَةَ. وعلى هذا دَلَّ قولُهُ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الحَديد: 19] وقولُهُ: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البُرُوج: 3] قِيلَ: المَشْهُودُ: يومُ الجُمُعَةِ، وقيلَ: يومُ عَرَفَةَ، ويومُ القِيامَةِ. وشاهِدٍ: كُلُّ مَنْ شَهِدَهُ. وقولُهُ: {يَوْمٌ مَشْهُودٌ} [هُود: 103] أي مُشاهَدٌ، تنبيهاً أنه لا بُدَّ مِنْ وقُوعِهِ. وتَشَهَّدَ: طلب الشهادة، وتَشَهَّدَ المُسْلِمُ، أي تَلاَ التَّشَهُّدَ في الصَّلاة بِأَنْ يَقُولَ: أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللَّهُ وأشْهَدُ أنَّ محمداً رَسُولُ اللَّهِ. وصلاةُ الشاهِدِ: صلاةُ المغربِ لأنها تُقام عند طلوع الشاهد أي الثُّرَيَّا.
شهر: الشَّهْرُ: مُدَّةٌ مَشْهُورَةٌ بإهْلالِ الهِلالِ، أو باعْتِبارِ جُزْءٍ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ جُزءاً مِن دَوَرَانِ الشمسِ، مِنْ نُقْطَةٍ إلَى تِلْكَ النُّقْطَةِ، ومنه: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البَقَرَة: 185]، {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ} [البَقَرَة: 185]، {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البَقَرَة: 197]، {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التّوبَة: 36] أي مِـنْ هـذه الاثنـيْ عَشَـرَ شَهْراً أربعةٌ حُرُمٌ، ثلاثةٌ منها سَرْدٌ: ذو القعدة وذو الحجة ومحرَّم، وواحدٌ فَرْدٌ وهو رَجَبُ، ومعنى حُرُمٌ: أنه يَعظُمُ انتهَاكُ المَحارِمِ فيها أكثر مِمَّا يَعْظُمُ في غيرِها. قال تعالى: {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التّوبَة: 2]. والمُشَاهَـرَةُ: المُعامَلَةُ بالشُّهُورِ، كالمُسانَهَةِ والمُيَاوَمَةِ. وأشْهَرْتُ بالمَكانِ: أقَمْتُ به شَهْراً، وشَهَرَ فُلانٌ، واشْتَهَرَ، يُقالُ في الخَيْرِ والشَّرِّ.
شَهق: الشَّهِيقُ: ضد الزَّفِير، وهو رَدُّ النَّفَسِ، والزَّفِيرُ مَدُّهُ. قال تعالى: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هُود: 106]، {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفُرقان: 12]، {سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا} [المُلك: 7] وأصْلُهُ مِنْ جَبَلٍ شاهِقٍ، أي مُتَناهِي الطُّولِ.
شهو: أصْلُ الشَّهْوَةِ، نُزُوعُ النَّفْسِ إلَى ما تُريدُهُ وذلك في الدُّنْيا ضَرْبَانِ: صادِقَةٌ وكاذِبَةٌ، فالصَّادِقَةُ ما يَخْتَلُّ البَدَنُ مِنْ دُونِها، كَشَهْوَةِ الطَّعامِ عِنْدَ الجُوعِ، والكاذِبَةُ ما لا يَخْتَلُّ مِنْ دُونِها، كمطالبةِ النفسِ بفعلِ ما فيه اللّذةُ، وليستْ كالإرادةِ، لأنَّ الإرادةَ قد تدعُو إلى الفعلِ وقد تدعُو للابْتِعادِ عنهُ من جهةِ الحكمةِ. وقد يُسَمَّى المُشْتَهَى شَهْوَةً، وقد يُقالُ للقُوَّةِ التي تَشْتَهِي الشيءَ شَهْوَةٌ. وقولُهُ: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} [آل عِمرَان: 14] يَحْتَمِلُ الشَّهْوَتَيْنِ. وقولُهُ: {وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [مَريَم: 59] فهذا مِنَ الشَّهَواتِ الكاذِبَةِ، ومِنَ المُشْتَهياتِ المُسْتَغْنَى عنها. وقال تعالى في صِفَةِ الجَنَّةِ: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} [فُصّلَت: 31]، {فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ} [الأنبيَاء: 102]. وقيلَ: رجلٌ شَهْوانِيٌّ، وشيءٌ شَهِيٌّ.
شوب: الشَّوْبُ: الخَلْطُ. {لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} [الصَّافات: 67] أي خلطاً بماءِ حارٍّ يمزج ذلك الطعام بهذا الشراب. وسُمِّيَ العَسَلُ شَوْباً إمَّا لِكَوْنِهِ مِزَاجاً للأشْرِبَةِ، وإمَّا لِما يَخْتَلِطُ به مِنَ الشَّمَعِ. وقيلَ: ما عِنْدَهُ شَوْبٌ ولا رَوْبٌ، أي عَسَلٌ ولَبَنٌ.
شور: الشُّوارُ: ما يَبْدُو مِنَ المتَاعِ، ويكَنَّى به عَنِ الفَرْجِ، كما يُكَنَّى به عَنِ المَتاعِ. وشَوَّرْتُ به: فَعَلْتُ به ما خَجَّلْتُهُ؛ كأنَّكَ أظْهَرْتَ شَوْرَهُ، أي فَرْجَهُ؛ ومنه ما يُقالُ: «إِيَّاك والخِطَبَ فإنها مِشْوارٌ كَثِيرُ العِثارِ». والتَّشاوُرُ والمُشاوَرَةُ والمَشْوَرَةُ: اسْتِخْراجُ الرأي بِمُراجَعَةِ البَعْضِ إلَى البَعْضِ، مِنْ قولِهِمْ: شِرْتُ العَسَلَ، إذا اتَّخَذْتَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ واسْتَخْرَجْتَهُ منه. قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عِمرَان: 159] .والشُّورَى: الأمْرُ الذي يُتَشاوَرُ فيه {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشّورى: 38].
شوظ: الشُّواظُ: اللَّهَبُ الذي لا دُخانَ فيه. قال تعالى: {شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ} [الرَّحمن: 35].
شوك: الشَّوْكُ: ما يَدِقُّ ويَصْلُبُ رَأْسُهُ مِنَ النَّباتِ، ويُعَبَّرُ بالشَّوْكِ والشوْكَةِ عَنِ السِّلاحِ والشِّدَّةِ. {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفَال: 7] أي تودّون أن يكون لكم العير (القافلة) دون النفير (الجيش). وسُمِّيَتْ إبْرَةُ العَقْرَبِ شوكاً، تشبيهاً به. وشَجَرَةٌ شاكَةٌ وشائِكَةٌ. وشاكَني الشَّوْكُ: أَصابَنِي: وشَوَّكَ الفَرْخُ: نَبَتَ عليه مِثْلُ الشَّوْكِ.
شوى: شَوَيْتُ اللَّحْمَ، واشْتَوَيتُهُ. قال تعالى {يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: 29]. وقال الشاعِرُ:
فاشْتَوَى لَيْلَةَ رِيحٍ واجْتَمَلْ
والشَّوَى: الأطْرَافُ كاليَدِ والرِّجْلِ. يُقالُ: رَماهُ فأَشْواهُ، بِمعْنى أصابَ شَواهُ أَيْ أَطْرافَهُ، وقال: {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} [المعَارج: 16] ومِنه قِيلَ للأمْر الهَيِّنِ: شَوَى، مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّوَى ليسَ بِمَقْتَلٍ. والشاةُ: قيلَ أصْلُها شايِهَةٌ بدَلالَةِ قولِهِمْ: شِياهٌ وشوَيْهَةٌ.
شيب: الشَّيْبُ والمَشِيبُ: بَياضُ الشَّعر {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مَريَم: 4]. وباتَتِ المَرأةُ بِلَيْلَةٍ شَيْباءَ: إذا افْتُضَّتْ، وبِلَيْلَةٍ حَرَّةٍ: إذا لم تُفْتَضَّ.
شيخ: يُقالُ لِمَنْ طَعَنَ في السِّنِّ: الشَّيْخُ. وقد يُعَبَّرُ به عَمَّنْ يَكْثُرُ عِلْمُهُ، لما كانَ مِنْ شَأْنِ الشَّيْخِ أنْ يَكْثُرَ تَجارُبُهُ ومَعارِفُهُ. ويُقالُ: شَيْخٌ بَيِّنُ الشَّيْخُوخَةِ والشَّيْخِ والتَّشْيِيخِ. قال تعالى: {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} [هُود: 72]، {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القَصَص: 23]؛ وشيَّخَ عليه: شَنَّعَ عليه، وشَيَّخَ به: فَضَحَهُ.
شيد: {وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} [الحَجّ: 45] أي مَبْنِي بالشِّيدِ، وهو من الجَصِّ ونحوِهِ، وقيلَ مُطَوَّلٌ، وهو يَرْجِعُ إلَى الأوَّلِ. ويُقالُ: شَيَّدَ قَواعِدَهُ: أحكَمَها، كأنه بَناها بالشِّيدِ. والإشادَةُ: عِبارَةً عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ. وأشاد بذِكْره: أثنى عليه. {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النِّسَاء: 78]، أي بروجٍ مُحْكَمَةٍ.
شيع: الشِّياعُ: الانْتِشارُ والتَّقْويَةُ، يُقالُ: شَاعَ الخَبَرُ، أي كَثُرَ وقَويَ. وشاعَ القومُ: انْتَشَرُوا وكَثُرُوا. وشَيَّعْتُ النارَ بالحَطَبِ: قَوَّيْتُها. والشِّيعَةُ: مَنْ يَتَقَوَّى بِهِمُ الإِنْسانُ ويَنْتَشِرُونَ عنه، والشيَع: الفرق. وكل فرقة شيعة. وسُمّوا بذلك لأن بعضهم يتابع بعضاً. {وَإِنَّ مِنْ شِيْعَتِهِ لإَِبْرَاهِيمَ} [الصَّافات: 83]، والمعنى أن إبراهيم على منهاجه وسنّته في التوحيد. {هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} [القَصَص: 15]، {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} [القَصَص: 4]، أي فِرقاً. وقال: {فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ} [الحِجر: 10]، و {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ} [القَمَر: 51].
شيء: الشيءُ: قيلَ هو الذي يَصِحُّ أنْ يُعْلَمَ ويُخْبَرَ عنه، وعِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ المُتَكَلِّمِينَ، هو اسْمٌ مُشْتَرَكُ المَعْنَى إذ اسْتُعْمِلَ في اللَّهِ وفي غيرهِ، ويَقَعُ على المَوْجُودِ والمَعْدُومِ. وعِنْدَ بَعْضِهِمْ: الشيءُ عِبارَةٌ عَنِ المَوْجُودِ، وأصْلُهُ مَصْدَرُ شاءَ، وإذا وُصِفَ به تعالى فَمَعْنَاهُ: شاءَ، وإذا وُصِفَ به غَيْرُهُ فَمَعْناهُ: المَشِيءُ، وعلى الثاني قولُهُ: {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرّعد: 16] فهذا على العُمُومِ بِلا مَثْنَوِيَّةٍ إذْ كانَ الشيءُ هَهُنا مَصْدَراً في مَعْنَى المَفْعُولِ. وقولُهُ {أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} [الأنعَام: 19] فهو بِمَعْنَى الفاعِلِ، كقولِهِ: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14]. والمَشِيئَةُ عِنْدَ أكْثَر المُتَكَلِّمِينَ كالإرِادَةِ سَواء، وعِنْدَ بَعْضِهِمْ: المَشِيئَةُ في الأصْلِ: إيجادُ الشيءِ وإصابَتُهُ، وإنْ كانَ قد يُسْتَعْمَلُ في التَّعارُفِ مَوْضِعَ الإرادَةِ، فالمَشِيئَةُ مِنَ اللَّهِ تعالى هي الإيجادُ، ومِنَ الناسِ هي الإِصابَةُ. قال: والمَشِيئَةُ مِنَ اللَّهِ تَقْتَضِي وجُودَ الشيءِ، ولذلك قيلَ: ما شاءَ اللَّهُ كانَ وما لم يَشَأْ لم يَكُنْ. والإرادَةُ منه لا تَقْتَضي وجُودَ المُرادِ لا مَحَالَةَ، ألا تَرَى أنَّ الرؤوف الرحيم قال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البَقَرَة: 185]، {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غَافر: 31] ومَعْلُومٌ أنه قد يَحْصُلُ العُسْرُ والتَّظالُمُ فيما بَينَ الناسِ. قالُوا: ومِنَ الفَرْقِ بَيْنَهُما أنَّ إرادَةَ الإنْسانِ قد تَحْصُلُ مِنْ غير أنْ تَتَقَدَّمَها إرادَةُ اللَّهِ، فإِنَّ الإِنْسانَ قد يريدُ أنْ لا يَمُوتَ، ويَأْبَى اللَّهُ ذلك، ومَشِيئَتُهُ لا تَكُونُ إلا بَعْدَ مَشِيئَتِهِ، لقولِهِ: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسَان: 30]. رُوِيَ أنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قولُهُ {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التّكوير: 28] قال الكُفَّارُ: الأمْرُ إلَينا، إنْ شِئْنا اسْتَقَمْنا وإنْ شِئْنا لم نَسْتَقِمْ، فأنْزَلَ اللَّهُ تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسَان: 30]. وقال بَعْضُهُمْ: لولا أنَّ الأمُورَ كُلَّها مَوْقُوفَةٌ على مَشِيئَةِ اللَّهِ تعالى، وأنَّ أفْعالَنا مُعَلقَةٌ بِها ومَوْقُوفَةٌ عليها، لَما أجْمَعَ الناسُ على تَعْلِيقِ الاسْتِثْناءِ به في جَمِيعِ أفْعَالِنا، نحوُ: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصَّافات: 102]، {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} [الكهف: 69]، {يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ} [هُود: 33]، {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [يُوسُف: 99]، {قُلْ لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعرَاف: 188]، {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأعرَاف: 89]، {وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23-24].

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢