نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ الصَّادِ
(ص)
صبب: صَبُّ الماءِ: إراقَتُهُ مِنْ أعْلَى. يُقالُ: صَبَّهُ فانْصَبَّ وصَبَبْتُهُ فَتَصَبَّبَ. {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا} [عَبَسَ: 25]، {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} [الفَجر: 13]، {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} [الحَجّ: 19]. وصبَا إلَى كذا صَبابَةً: مالَتْ نَفْسُهُ نَحْوَهُ مَحَبَّةً له. وخُصَّ اسْمُ الفاعِلِ منه بالصَّبِّ، فقيلَ: فُلانٌ صَبٌّ بكذا، والصُّبَّةُ، كالصِّرْمَةِ. والصَّبِيبُ: المَصْبُوبُ مِنَ المَطَر، ومِنْ عُصارَةِ الشيءِ، ومِنَ الدَّمِ. والصُّبَابَةُ والصُّبَّةُ: البَقِيَّةُ التي مِنْ شَأْنِها أنْ تُصَبَّ. وتَصابَبْتُ الإناءَ: شَربْتُ صُبابَتَهُ. وتَصَبْصَبَ: ذَهَبَتْ صُبَابَتُهُ.
صبح: الصُّبْحُ والصَّباحُ: أوَّلُ النهارِ، وهو وقْتُ ما احْمَرَّ الأفُقُ بِحاجِبِ الشمسِ {أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} [هُود: 81]، {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ} [الصَّافات: 177]. والتَّصَبُّحُ: النَّوْمُ بالغَدَاةِ. والصَّبُوحُ: شُرْبُ الصَّباحِ. يُقالُ: صَبَحْتُهُ: سَقَيْتُهُ صَبُوحاً. والصَّبْحانُ: المُصْطَبِحُ أي الذي يَشرَبُ الصبوحَ وهو ما حُلِبَ في الصباح، والمِصْباحُ في قوله تعالى: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ} [النُّور: 35] المصباحُ هو السِّراجُ، والصَّبَّاحُ: نَفْسُ السِّراجِ، والمَصابِيحُ: أعْلامُ الكَواكِبِ، ومنه: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [المُلك: 5]. والصُّبْحُ: شِدَّةُ حُمْرَةٍ في الشَّعَر، تشبيهاً بالصُّبْحِ والصَّباحِ. وقيلَ: صَبُحَ فُلانٌ، أي وَضُؤَ، وصَبَحْتُهم ماءَ كذا: أَتيتُهُم به صَبَاحاً.
صبر: الصَّبْرُ: الإِمْساكُ في ضِيقٍ. يُقالُ: صَبَرْتُ الدَّابَّةَ: حَبَسْتُها بلا عَلَفٍ. وصَبَرْتُ فُلاناً: خَلَفْتُهُ خِلْفَةً لا خُرُوجَ له منها. والصَّبْرُ: حَبْسُ النَّفْسِ على ما يَقْتَضِيهِ العَقْلُ والشَّرْعُ، أو عَمَّا يَقْتَضِيانِ حَبْسَها عنه. فالصَّبْرُ: لَفْظٌ عَامٌّ، ورُبَّما خُولِفَ بَيْنَ أسْمائِهِ بِحَسَبِ اخْتِلافِ مَواقِعِهِ. فإنْ كانَ حَبْسُ النَّفْسِ لِمُصِيبَةٍ سُمِّيَ صَبْراً لا غَيْرُ، ويُضادُّهُ الجَزَعُ. وإنْ كانَ في مُحارَبَةٍ سُمِّيَ شَجاعَةً، ويُضادُّهُ الجُبْنُ. وإنْ كانَ في نائِبَةٍ مُضْجِرَةٍ سُمِّيَ رَحْبَ الصَّدْرِ، ويُضادُّهُ الضَّجَرُ. وإنْ كانَ في إمْساكِ الكلامِ سُمِّيَ كِتْماناً، ويُضادُّهُ المَذَلُ. وقد سَمَّى اللَّهُ تعالى كُلَّ ذلك صَبْراً، ونَبَّهَ عليه بقولِهِ: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} [البَقَرَة: 177]، {وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ} [الحَجّ: 35]، {وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ} [الأحزَاب: 35]. وسُمِّيَ الصَّوْمُ صَبْراً لكَوْنِهِ كالنَّوْعِ له. وقال عليه وعلى آله الصلاةُ والسلامُ: «صِيامُ شَهْرِ الصَّبْرِ وثَلاثَةِ أيامٍ في كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبُ وحَرَ الصَّدْرِ»(132). وقولُهُ: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البَقَرَة: 175] مَعْناهُ: ما أصْبَرَهم على عَذَابِ اللَّهِ. وإلَى هذا يَعُودُ قَوْلُ مَنْ قال: ما أعْملَهُمْ بِعَمَلِ أهْلِ النارِ. وقولُهُ تعالى: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عِمرَان: 200] أي احبسُوا أنْفُسَكُمْ على العبادَةِ، وجاهِدُوا أهْواءكُمْ. وقولُهُ: {وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} [مَريَم: 65] أي تَحَمَّل الصَّبْرَ بِجَهْدِكَ. وقولُهُ: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفُرقان: 75] أي بِما تَحَمَّلُوا مِنَ الصَّبْر في الوُصُولِ إلَى مَرْضاةِ اللَّهِ. وقولُهُ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} [يُوسُف: 18] مَعْنَاهُ الأمْرُ والحَثُّ على ذلك. والصَّبُورُ: القادِرُ على الصَّبْر. والصَّبَّارُ: يُقالُ إذا كانَ فيه نوع مِنَ التَّكَلُّفِ والمُجاهَدَةِ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: 5]. ويُعَبَّرُ عَنِ الانْتِظارِ بالصَّبْر، لِما كانَ حَقُّ الانْتِظارِ أنْ لا يَنْفَكَّ عَنِ الصَّبْر بَلْ هو نَوْعٌ مِنَ الصَّبْر. قال: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} [القَلَم: 48] أي انْتَظِرْ حُكْمَهُ لَكَ على الكافرينَ. وأخيراً نلَخِّصُ الصبرَ بأربعِ درجاتٍ يتسلّقُها المؤمنُ الداعيّةُ. أولاً: الصَّبرُ علَى الطّاعاتِ، ثانياً: الصبرُ على حبسِ الشّهواتِ من ارتكابِ المُحرمَاتِ، ثالثاً: الصبرُ على المكارهِ، رابعاً: الصّبرُ على الأمرِ بالمعروفِ والنّهي عنِ المنكرِ فإنّه من عزمِ الأمور، لقوله تعالى: {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [لقمَان: 17].
صبغ: الصَّبْغُ: مَصْدَرُ صَبَغْتُ، والصَّبِيغُ: المَصْبُوغُ. يقال: ثوبٌ صبيغٌ وثيابٌ صبيغٌ. وقولُهُ: {صِبْغَةَ اللَّهِ} [البَقَرَة: 138] إشارَةٌ إلَى ما أوجَدَهُ اللَّهُ تعالى في الناسِ مِنَ العَقْلِ المُتَمَيِّز به عَنِ البَهائِمِ كالفِطْرَةِ. وكَانَ النَّصارَى إذا وُلِدَ لَهُمْ ولَدٌ غَمَسُوهُ بَعْدَ السابعِ في ماءِ عَمُودِيَّةٍ، يَقولُونَ إنَّ ذلك صِبغَةٌ. فَقالَ تعالى عن الإسلام: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البَقَرَة: 138] أي لا أحدَ أحسنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً، فعلينَا أن نتَّبعَ صِبغتَهُ لا ما صَبَغَنَا عليه الآباءُ والأجدادُ. وقال: {وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ} [المؤمنون: 20] أي أُدْمٍ لَهُمْ، وذلك مِنْ قولِهِمْ: أصْبَغْتُ بالخَلِّ وبالزّيتِ، ورُويَ عن الرسولِ (ص) : «الزّيتُ مِنْ شَجرةٍ مُبارَكةٍ فأَيْدِمُوا بها وادَّهِنُوا» [ابن ماجه رقم 34] ، وذلك أنَّ الخبزَ يُلوَّنُ بالصَّبْغِ إذا غُمِسَ بالزّيت.
صبو: الصَّبِيُّ مَنْ لَمْ يَبْلُغِ الحُلُمَ. ورَجُلٌ مُصْبٍ: ذُو صِبْيانٍ، والمرأةُ إذا كان لها وَلَدٌ صَبِيٌّ {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} [مَريَم: 29]. وصَبا فُلانٌ يَصْبُو صَبْواً: مَالَ إلى الصَّبْوَةِ، وهي جهلةُ الفتوّةِ، وصَبَا أيضاً: إذا نَزَعَ واشْتاقَ وفَعَلَ فِعْلَ الصِّبْيانِ، ومنه: {أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يُوسُف: 33] وأصب اليهن أي أمِلْ إليهن. والصابِئون هم قومٌ مَعْروفون ولهم دينٌ يَتَفَرَّدُونَ به، ومن دِينهم عبادةُ النُّجومِ وهم يُقِرّونَ بالصَّانِعِ وبالمَعادِ وبِبَعْضِ الأنبياءِ. والصّابِئونَ جمع صابِىءٍ وفي قوله تعالى: {وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} [البَقَرَة: 62] وقولِه: {وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى} [المَائدة: 69] وقوله: {وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى} [الحَجّ: 17] وهو مَنِ انْتَقَلَ إلى دِينٍ آخَرَ. وكلُّ خارجٍ مِنْ دينٍ كان عليه إلى آخَرَ غَيْرِهِ سُمِّيَ في اللّغةِ صابِئاً.
صحب: الصَّاحِبُ: المُلازِمُ إنْساناً كانَ أو حَيَواناً أو مَكاناً أو زَماناً، ولا فَرْقَ بَيْنَ أنْ تَكُونَ مُصَاحَبَتُهُ بالبَدَنِ، وهو الأصْلُ، والأكْثَرُ، أو بالعِنايَةِ والهِمَّةِ، وعلى هذا قال الشاعر:
لَئِنْ غِبْتَ عَنْ عَيْنِي فما غِبْتَ عَنْ قَلْبِي
ولا يقالُ في العُرْفِ إلا لِمَنْ كَثُرَتْ مُلازَمَتُهُ، ويُقالُ لِلمالِكِ للشيءِ: هو صاحِبُهُ، وكذلك لِمَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فيه وفي كل ذلك قال تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ} [التّوبَة: 40]، {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} [الكهف: 37]، {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} [الكهف: 9]، {وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ} [التّوبَة: 70]، {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأعرَاف: 42]، {أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [يُونس: 27]، {مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فَاطِر: 6]، وأمَّا قولُهُ: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً} [المدَّثِّر: 31]، أي المُوكَّلينَ بِها لا المُعَذَّبِينَ بها كما تَقَدَّمَ. وقد يُضافُ الصَّاحِبُ إلَى مَسُوسِهِ، نحوُ: صاحِبِ الجَيْشِ، وإلَى سائِسِهِ نحوُ: صاحِبِ الأمِير. والمُصاحَبَةُ والاصْطِحابُ أبْلَغُ مِن الاجْتِماعِ، لأجْلِ أنَّ المُصاحَبَةَ تَقْتَضِي طُولَ لُبْثِهِ، فَكُلُّ اصْطِحابٍ اجْتِماعٌ، وليسَ كُلُّ اجْتِماعٍ اصْطِحاباً. قال تعالى: {وَلاَ تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} [القَلَم: 48] و {مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} [سَبَإ: 46]. وقد سُمِّيَ النبِيُّ عليه وعلى آله الصلاة السلامُ «صاحِبَكُمْ»، تنبيهاً أنَّكُمْ صَحِبْتُمُوهُ وجرَّبْتُمُوهُ وعَرَفْتُمُوهُ ظاهِرَهُ وباطِنَهُ ولم تَجِدُوا به خَبَلاً وجِنَّةً. وكذلك قولُهُ: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} [التّكوير: 22]. والإِصحابُ للشيءِ: الانْقِيادُ له، وأصْلُهُ: أنْ يَصِيرَ له صاحِباً. ويُقالُ: أصْحَبَ فُلانٌ، إذا كَبُرَ ابْنُهُ فَصارَ صاحِبَهُ. وأصْحَبَ فُلانٌ فُلاناً: جُعِلَ صاحِباً له. {وَلاَ هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ} [الأنبيَاء: 43] أي لا يَكُونُ لَهُمْ مِنْ جِهَتِنا ما يَصْحَبُهُمْ مِنْ سَكِينَةٍ وَرَوْحٍ وتَرْفِيقٍ ونحو ذلك، مِمَّا يُصْحِبُهُ أوْلِياءَهُ. والمعنى: أنَّ الكفارَ لا يجارون من عذابنا، لأنَّ المجيرَ صاحبُ الجار. وأدِيمٌ مُصْحَبٌ: بقيَ الشَّعَرُ أو الصوفُ أو الوبَرُ الذي عليه، ولم يُجَزَّ عنه.
صحف: الصَّحِيفَةُ: المَبْسُوطُ مِنَ الشيءِ، كَصَحِيفَةِ الوَجْهِ، والصَّحِيفَةِ التي يُكْتَبُ فيها. وجَمْعُها صَحائِفُ وصُحُفٌ. {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: 19]، و {يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البَيّنَة: 2-3] قيلَ: أرِيدَ بِها القُرآنُ. وجَعْلُهُ صُحُفاً فيها كُتُبٌ مِنْ أجْلِ تَضَمُّنِهِ لِزِيادَةِ ما في كُتُبِ اللَّهِ المُتَقَدِّمَةِ. والمُصْحَفُ: ما جُعِلَ جامِعاً للصُّحُفِ المَكْتُوبَةِ، وجَمْعُهُ مَصاحِفُ. والتَّصْحِيفُ: قِرَاءَةُ المُصْحَفِ، وَرِوايَتُهُ على غير ما هو لاشْتِباهِ حُرُوفِهِ. والصَّحْفَةُ: مِثْلُ قَصْعَةٍ عريضَةٍ.
صخ: الصَّاخَّةُ: صيحةُ القيامة، يُقالُ: صَخَّ يَصِخُّ صَخّاً، فهو صاخٌّ. {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّآخَّةُ} [عَبَسَ: 33] أي إذا جاءت صيحةُ القيامة يصخُّ لها الخلْقُ، أي: يستمعون لها وتكادُ تُصمُّ آذانهم لشدة صوتها، وهو المشارُ إليه بقولِهِ تبارك وتعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} [الأنعَام: 73].
صخر: الصَّخْرُ: الحَجَرُ الصُّلْبُ. قال تعالى: {فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ} [لقمَان: 16] و {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفَجر: 9].
صـدد: الصُّدُودُ والصَّدُّ: قد يَكُونُ انْصِرافاً عن الشيءِ وامْتِناعاً، نحوُ {يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النِّسَاء: 61]، وقـد يكُونُ صَرْفاً ومَنْعاً نحوُ: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} [النَّمل: 24]، {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [النِّسَاء: 167]، {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفَال: 47]، {قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [البَقَرَة: 217]، {وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ} [القَصَص: 87] إلَى غَير ذلك مِنَ الآياتِ. ويقال: صَدَّ عنه يَصُدُّ صُدُوداً: أعرض عنه، وصَدَّ يَصِدُّ صدّاً وصديداً: أضجَّ وعجَّ، والصَّدُّ: الجَبَلُ، والصَّدِيدُ: ماء الجرح المختلط بالدم ويقال له القيحُ، وضُربَ مَثَلاً لِمَطْعَمِ أهْلِ النارِ، قال تعالى: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} [إبراهيم: 16].
صـدر: الصَّدْرُ: الجارِحَةُ {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [طه: 25] وجَمْعُهُ: صُدُورٌ. قال تعالى: {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العَاديَات: 10]، {وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحَجّ: 46]. ثم اسْتُعِيرَ لمُقَـدَّمِ الشـيءِ، كَصَدْرِ القَناةِ، وصَدْرِ المَجْلِس، والكِتابِ، والكلامِ. وصَدَرَهُ: أصابَ صَدْرَهُ، أو قَصَدَ قَصْدَهُ، نحوُ: ظَهَرَهُ وكَتَفَهُ، ومنه قيلَ: رَجُـلٌ مَصْدُورٌ: يَشْكُو صَدْرَهُ. وإذا عُدِّيَ صَدَرَ بِعَنْ اقْتَضَى الانْصِرافَ. تَقُولُ: صَدَرَتِ الإِبلُ عَنِ الماءِ صَدَراً ومصدراً، أي رجعتْ عنه وانصرفت {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} [الزّلزَلة: 6] والمَصدَرُ في الحَقِيقَةِ: صَدَرٌ عَنِ الماءِ، ولِمَوْضِع المَصْدَرِ، ولِزَمانِهِ، قال تعالى: {قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} [القَصَص: 23]، أي حتَّى يَنْصَرِفَ الرُّعاةُ بَعْدَ أَنْ يَسْقُوا مواشِيَهُمْ، وَإنّا لا نُطِيقُ السَّقْيَ، فَنَنْتَظِرُ فُضُولَ الماءِ، حتَّى إذا انصرفَ هؤلاءِ الناسُ سَقَيْنا مَواشِيَنا مِنْ فُضُولِ الحَوْضِ. وقولُهُ: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [طه: 25] سُؤَالٌ لإِصْلاح قُوَاهُ، وكذلك قولُهُ جلّ وعَلا: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التّوبَة: 14] إشارَةٌ إلَى اشْتِفَائِهِمْ. وقولُهُ: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحَجّ: 46] أي البَصَائِر.
صدع: الصَّدْعُ: الشَّقُّ في الأجْسامِ الصُّلْبَةِ، كالزُّجاجِ والحدِيدِ وَالبِناء ونحوِها. يُقالُ: صَدَعْتُهُ فانْصَدَعَ، وصَدَّعْتُهُ فَتَصَدَّعَ. ومنه: صدع القوم، أي تفرقوا {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} [الرُّوم: 43] فريق في الجنة وفريق في النار. وعنه استُعِيرَ: صَدَعَ الأمْرَ، أي كشفَهُ وبيَّنَهُ. {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحِجر: 94] أي أظهِرْ يا محمّدُ، وأَعْلِنْ، وصرِّحْ بما أُمِرْتَ به. وكذا استُعِيرَ منه الصُّدَاعُ، وهو شِبْهُ الاشْتِقاقِ في الرَّأْسِ مِنَ الوَجَعِ {لاَ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنْزِفُونَ} [الواقِعَة: 19].
صدف: صَدَفَ عنه: أعْرَضَ إعْراضاً شَدِيداً {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا} [الأنعَام: 157] أي أعرض عنها، {سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ} [الأنعَام: 157] أي يُعرضون. وصدُفُ الجبل أي جانبه. قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} [الكهف: 96] أي سوّى بين جانبي الجبل . والصَّدَفُ هو الذي يخرج من البحر.
صـدق: الصِّـدْقُ والكَذِبُ: أصْلُهُما في القولِ، ماضِياً كانَ أو مُسْتَقْبَلاً، وَعْـداً كـانَ أو غَيْـرَهُ. ولا يَكُونانِ بالقَصْدِ الأوَّلِ إلا في القولِ، ولا يَكُونانِ في القولِ إلا في الخَبَرِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أصْنافِ الكَلامِ، ولذلك قال: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً} [النِّسَاء: 122]، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النِّسَاء: 87]، {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مَريَم: 54]. وقـد يَكُونـانِ بالعَـرَضِ في غَيرهِ مِنْ أنواعِ الكلامِ، كالاسْتِفْهامِ والأمـرِ والدُّعاءِ، وذلك نحوُ قولِ القائِلِ: أزَيْدٌ في الدَّارِ، فإنَّ في ضِمْنِهِ إخْباراً بكَوْنِهِ جاهِلاً بحالِ زَيْدٍ، وكذا إذا قال: وَاسِني، ففي ضِمْنِهِ أنه مُحْتاجٌ إلَى المُواساةِ، وإذا قال: لا تُؤْذِني، فَفِي ضِمْنِهِ أنه يُؤْذِيهِ. والصِّدْقُ: مُطابَقَةُ القولِ الضَّمِيرَ والمُخْبَرَ عنه مَعاً. ومَتَى انْخرَمَ شَرْطٌ مِنْ ذلك لم يَكُنْ صِدْقاً تامّاً، بَلْ إمَّا أنْ لا يُوصفَ بالصِّدْقِ، وإمَّا أنْ يُوصَفَ تارَةً بالصِّدْقِ وتارَةً بالكَذِبِ، على نَظَرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، كقولِ كافِرٍ إذا قال مِنْ غَيْر اعْتِقادٍ: محمدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فإنَّ هذا يَصِحُّ أنْ يُقالَ صِدْقٌ: لِكَوْنِ المُخْبَر عنه كذلك، ويَصِحُّ أنْ يُقالَ: كَذِبٌ، لِمُخالَفَةِ قولِهِ ضَمِيرَهُ. وبالْوجْهِ الثاني: إكْذابُ اللَّه تعالى المُنافِقِيـنَ حَيْـثُ قَالُوا: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنَافِقون: 1] الآيَةَ. والصِّدِّيقُ، مَنْ كَثُرَ منـه الصِّـدْقُ. وقيلَ: بَلْ يُقالُ لِمَنْ لا يَكْذِبُ أبداً. وقيلَ: بَلْ لِمَنْ لا يتأتَّى منه الكَذِبُ لتَعَوُّدِهِ الصِّدْقَ. وقيلَ: بَلْ لِمَنْ صَدَقَ بقولِهِ واعْتِقادِهِ، وحَقَّقَ صِدْقَهُ بِفِعْلِهِ {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صَدِّيقًا نَبِيًّا} [مَريَم: 41]، {وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} [المَائدة: 75] و {مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ} [النِّسَاء: 69]. فالصِّدِّيقُونَ هُمْ قَوْمٌ دُونَ الأنْبِياءِ في الفَضِيلَةِ؛ وقد يُسْتَعْمَلُ الصِّدْقُ والكَذِبُ في كُلِّ ما يَحِقُّ ويَحْصُلُ في الاعْتِقادِ، نحوُ: صَدَقَ ظَنِّي، وكَذَبَ ويُسْتَعْمَلانِ في أفْعالِ الجَوارِحِ، فَيُقالُ: صَدَقَ في القِتالِ إذا وَفَّى حَقَّهُ وفَعَلَ ما يَجِبُ وكما يَجِبُ، وكَذَبَ في القِتالِ إذا كانَ بِخلافِ ذلك. {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزَاب: 23] أي حَقَّقُوا العَهْدَ بِما أظْهَرُوهُ مِنْ أفْعَالِهِمْ. وقولُهُ: {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} [الأحزَاب: 8] أي يَسأَلَ مَنْ صَدَقَ بلِسانِهِ عَنْ صِدْقِ فِعْلِهِ، تَنْبِيهاً أنه لا يَكْفِي الاعْتِرافُ بالحَقِّ دُونَ تَحَرِّيهِ بالفِعْلِ. وقولُهُ تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} [الفَتْح: 27] فهذا صِدْقٌ بالفِعْلِ، وهو التَّحَقُّقُ، أي حَقَّقَ رُؤْيَتُهُ. وعلى ذلك قولُهُ: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزُّمَر: 33] أي حَقَّقَ ما أوْرَدَهُ قَوْلاً بما تَحَرَّاهُ فِعْلاً. ويُعَبَّرُ عَنْ كُلِّ فِعْلٍ فاضِلٍ ظاهِراً وباطِناً بالصِّدْقِ، فَيُضافُ إليه ذلك الفِعْلُ الذي يُوصَفُ به، نحوُ: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القَمَر: 55]، وعلى هذا {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [يُونس: 2] وقولُهُ: {أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ} [الإسرَاء: 80]، {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ} [الشُّعَرَاء: 84] فإِنَّ ذلك سُؤَالُ أنْ يَجْعَلَهُ اللَّهُ تعالى صالِحاً بِحَيْثُ إذا أثْنَى عليه مَنْ بَعْدَهُ لم يَكُنْ ذلك الثَّناءُ كَذِباً، بَلْ يَكُونُ كما قال الشاعرُ:
إذا نحْنُ أثْنَيْنا عَلَيْكَ بِصالِحٍ فأنْتَ الذي نُثْني وفَوْقَ الذي نُثْني
وصَدَقَ: قد يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ نحوُ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ} [آل عِمرَان: 152]، وصَدَقْتُ فُلاناً: نَسَبْتُهُ إلَى الصِّدْقِ. وأصْدَقْتُهُ: وجَدْتُهُ صادِقاً. وقيلَ: هُما واحدٌ، ويُقالانِ فيهما جَمِيعاً. {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} [البَقَرَة: 101]، {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [المَائدة: 46]. ويُسْتَعْمَلُ التَّصْدِيقُ في كُلِّ ما فيه تَحْقِيقٌ. يُقالُ: صَدَقَني فِعْلُهُ وكِتابُهُ. {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} [البَقَرَة: 89]، {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [آل عِمرَان: 3] و {وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيًّا} [الأحقاف: 12] أي مُصَدِّقٌ ما تَقَدَّمَ. وقولُهُ (لِساناً) مُنْتَصِبٌ على الحالِ. وفي المَثَلِ: صَدَقَنِي سِنَّ بكْرهِ. والصَّدَاقَةُ: صِدْقُ الاعْتِقادِ في المَوَدَّةِ، وذلك مُخْتَصٌّ بالإِنْسانِ دُونَ غَيْرِهِ {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ *وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشُّعَرَاء: 100-101] وذلك إشارَةٌ إلى نحو قولِهِ: {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} [الزّخرُف: 67]. والصَّدَقةُ: ما يُخْرجُهُ الإِنْسانُ مِنْ مالِهِ على وجْهِ القُرْبَةِ كالزَّكاةِ، لكِن الصَّدَقَةُ في الأصْلِ تُقالُ للمُتَطَوَّعِ به، والزَّكاةُ لِلواجِبِ. وقد يُسَمَّى الواجِبُ صَدَقَةً إذا تَحَرَّى صاحِبُها الصِّدْقَ في فِعْلِهِ. قال: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التّوبَة: 103]، {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التّوبَة: 60]. يُقالُ: صَدَّقَ وتَصَدَّقَ {فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى} [القِيَامَة: 31]، {إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} [يُوسُف: 88]، {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِقَاتِ} [الحَديد: 18] في آيٍ كَثِيرَةٍ. ويُقالُ لِما تَجافَى عنه الإِنْسانُ مِنْ حَقِّهِ: تَصَدَّقَ به، نحوُ قولِهِ: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المَائدة: 45] أي مَنْ تَجافَى عنه. وقولُهُ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البَقَرَة: 280] فإنه أجْرَى ما يُسامَحُ به المُعْسِرُ مَجْرَى الصَّدَقَةِ. وعلى هذا ما وَرَدَ عَنِ النبيِّ (ص) : «ما تأكُلُهُ العافِيَةُ فهو صَدَقَةٌ» [أحمد بن حنبل ـ م4 ـ ص131] وعلى هذا قولُهُ: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا} [النِّسَاء: 92] فَسَمَّى إعْفاءَهُ صَدَقَةً. وقولُهُ: {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجَادلة: 12]، {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} [المجَادلة: 13] فإنهمْ كانوا قد أُمِروا بأنْ يَتَصَدَّقَ مَنْ يُناجِي الرَّسُولَ بِصَدَقَةٍ ما غيرَ مُقَدَّرَةٍ. وقولُهُ: {رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [المنَافِقون: 10] فَمِن الصَّدْقِ، أو مِنَ الصَّدَقَةِ. وصَدَاقُ المَرأةِ، وصِدَاقُها، وصُدْقَتُها: ما تُعْطَى مِنْ مَهْرها. وقد أصْدَقْتُها {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النِّسَاء: 4] أي وأعطوا النساء مهورهن عطيةً من الله الوهاب الكريم.
صدى: الصَّدَى: رَجْعُ الصَّوْتِ، وَهُوَ صَوْتٌ يَرْجِعُ إليْكَ مِنْ كُلِّ مَكانٍ صَقِيلٍ. والتَّصْدِيَةُ: التّصفيقُ، وهو ضربُ اليدِ على اليدِ، قولُهُ تعالَى: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفَال: 35] أي تصفيقاً وصفيراً. والمكاء: صفير الطير. والتَّصَدِّي أنْ يُقابَلَ الشيءُ مُقابَلَةَ الصَّدى، أي الصَّوْتِ الرَّاجِعِ مِن الجَبَلِ. {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى *فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى} [عَبَسَ: 5-6] أي تتعرّض له وتُقبل عليه بوجهك. والصَّدَى: يُقالُ للجسد من الآدميِّ بعد موتِهِ، ولحشوةِ الرأسِ، ويُقالُ له الهامة، كما يُقال لِلدِّماغِ لِكَوْنِ الدِّماغِ مُتَصَوِّراً بِصُورَةِ الصَّدَى، ولهذا يُسَمَّى هامَةً. وقولُهُمْ: أصَمَّ اللَّهُ صَدَاهُ، فَدُعاءٌ عليه بالخَرَسِ. والمَعْنَى: لا جَعَلَ اللَّهُ له صَوْتاً حتى لا يَكُونَ له صَدًى يَرْجِعُ إليه بِصَوْتِهِ، وقد يُقالُ لِشِدَّةِ العَطَشِ: صَدًى. ومنه: رَجُلٌ صَدْيانُ، وامرأةٌ صَدْياءُ وصادِيَةٌ.
صرح: الصَّرْحُ: بَيْتٌ عالٍ مُزَوَّقٌ. سُمِّيَ بذلك اعْتِباراً بِكَوْنِهِ صَرْحاً عَنِ الشَّوْبِ، أي خالِصاً. قال تعالى: {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} [النَّمل: 44]، {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ} [النَّمل: 44]. وصَرِيحُ الحَقِّ: خَلُصَ عَنْ مَحْضِهِ. وصَرَّحَ فُلانٌ بِما في نَفْسِهِ: بيَّنَ وأظهر ما في نفسه.
صرَخَ: صَرَخَ صُراخاً وصَرِيخاً: صَاحَ واستغاثَ. قال تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا} [فَاطِر: 37] أي يستغيثونَ. {بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ} [القَصَص: 18] أي يَسْتَغيثُ به ويستنصره. وقولُهُ: {فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ} [يس: 43] أي فلا مُغيثَ. وقوله: {مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} [إبراهيم: 22] يقال اسْتصرخَني فلانٌ فأَصْرَخْتُهُ، أي استَغاثَ بي فأعنْتُهُ، فالشيطانُ يقولُ لِمَنْ أَطاعُوهُ: ما أنا بِمُغِيثِكُمْ ولا مُعينِكُمْ وما أَنْتُم بمُغِيثِيَّ ولا مُعِينِيَّ.
صر: الإِصْرارُ: التَّعَقُّدُ في الذَّنْبِ، والتَّشَدُّد فيه، والامْتِناعُ مِنَ الإِقْلاعِ عنه. وأصْلُهُ منَ الصَّرِّ، أي الشَّدِّ. قال تعالى: {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} [البَقَرَة: 260]. والصُّرَّةُ: ما تُعْقَدُ فيه الدَّراهِمُ {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} [آل عِمرَان: 135]، {ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا} [الجَاثيَة: 8]، {وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} [نُوح: 7]، {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} [الواقِعَة: 46]. والإِصْرارُ: كُلُّ عَزْمٍ شَدَدْتَ عليه. يُقالُ: هذا مِنِّي صِرِّي وأصِرِّي وصِرَّى وأصِرَّى وصُرِّي وصُرَّى، أي جدٌّ وعزيمَةٌ. والصَّرُورَةُ مِنَ الرِّجالِ والنساءِ: الذي لم يَحُجَّ، والذي لا يُرِيدُ التَّزَوُّجَ. وقولُهُ: {رِيحًا صَرْصَرًا} [فُصّلَت: 16] لَفْظُهُ مِنَ الصَّرِّ، وذلك يَرْجِعُ إلَى الشّدَّةِ، لِما في البُرُودَةِ مِنَ التَّعَقُّدِ كما في قوله تعالى: {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} [آل عِمرَان: 117] أي فيها البرد الشديد، المهلك. والصَّرصرُ، هو تكرار أحرف (صرّ) ـ مثل كبكب وكفكف ـ بمعنى استمرار الشدّة في البرد القارس. والصَّرَّةُ: الجَماعَةُ المُنْضَمُّ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ، كأنَّهُم صُرُّوا، أي جُمِعُوا في وِعاءٍ {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} [الذّاريَات: 29]. وقيلَ: الصَّرَّةُ: الصَّيْحَةُ، أو تقطيبُ الوجهِ.
صرط: الصِّراطُ: الطريقُ الواضحُ المُتَّسِعُ، قال تعالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} [الأنعَام: 153]، والمُسْتَقيمُ: المُسْتَوِي الذي لا اعْوِجاجَ فيه. قالَ اللَّهُ تعالَى: {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البَقَرَة: 142]، أي يُرْشدُهُ إلى الدّينِ الإسلاميِّ، وإنّما سَمَّاهُ الصِّراطَ لأنّه طريقُ الجَنَّةِ المُؤدِّي إليها، كما يُؤدّي الطَّريقُ إلى المَقْصِدِ الّذي يَقْصِدُهُ السَّائِرُ على هذا الطّريقِ. وأما قولُهُ تعالَى عنِ الشّيطانِ الرجيمِ عندما قَالَ: {لأََقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعرَاف: 16] فمعناه: على طريقِكَ الحقِّ لأَصُدَّنَّهُمْ عنهُ.
صرع: الصَّرْعُ: الطَّرْحُ اسْتِلْقاءً على الأرضِ، يُقالُ: صَرَعْتُهُ صَرْعاً. والصَّرْعَةُ: حالَةُ المَصْرُوعِ. والصِّرَاعَةُ: حِرفَةُ المُصارِعِ. ورَجُلٌ صَريعٌ: أي مَصْرُوعٌ، وقَوْمٌ صَرْعَى {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى} [الحَاقَّة: 7]. وهُما صِرْعانِ، كقولِهِمْ: قِرْنانِ. والمِصْراعانِ: مِنَ الأبوابِ، وبه شُبِّهَ المِصْراعانِ في الشِّعْر؛ وفي الحديث: «مَثَلُ المؤمنِ كالخامةِ من الزرع تَصْرَعُهَا الريحُ مرَّةً وتَعْدِلُها أُخرى» أي تُميلُها وتَرْمِيها من جانبٍ إلى جانب.
صرفَ: الصّرْفُ: رَدُّ الشيءِ مِنْ حالَةٍ إلَى حالَةٍ، أو إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ. يُقالُ: صَرَفْتُهُ فانْصَرَفَ {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ} [آل عِمرَان: 152]، {أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هُود: 8]. وقولُهُ: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [التّوبَة: 127]، يَجُوزُ أنْ يَكُونَ دُعاءً على المنافقين والكافرين، وأنْ يَكُونَ ذلك إشارَةً إلَى ما فَعَلَهُ بِهِمْ. وقولُهُ: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلاَ نَصْرًا} [الفُرقان: 19] أي لا يَقْدِرُونَ أنْ يَصْرِفُوا عَنْ أنْفُسِهِمُ العَذَابَ، أو أنْ يَصْرِفُوا أنْفُسَهُمْ عَنِ النارِ. وقيلَ: أنْ يَصْرفُوا الأمْرَ مِنْ حالَةٍ إلَى حالَةٍ في التَّغْيِير، ومنه قَوْلُ العَرَبِ: لا يُقْبَلُ منه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ. وقولُهُ: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: 29] أي أقْبَلْنا بِهِمْ إليْكَ، وإلَى الاسْتِماع مِنْكَ. والتَّصْريفُ. كالصَّرْفِ إلاَّ في التَّكْثِيرِ. وأكْثَرُ ما يُقالُ في صَرْفِ الشيءِ مِنْ حالَةٍ إلَى حالَةٍ، ومِنْ أمْرٍ إلَى أمْرٍ. وتَصْريفُ الرِّياحِ: هو صَرْفُها مِنْ حالٍ إلَى حالٍ. {وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأحقاف: 27] أي كررنا الحجج البيّنات، {وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ} [طه: 113] ومنه تَصْريفُ الكلامِ، وتَصْرِيفُ الدَّراهِمِ، ورَجُلٌ صَيْرَفٌ وصَيْرفيٌّ وصَرَّافٌ. وقيلَ لِكُلِّ خالِصٍ عَنْ غَيْرِهِ: صَرِفٌ، كأنه صُرِفَ عنه ما يَشُوبُهُ.
صرمَ: يقال: صَرَمَ الشَّيءَ أي قَطَعَهُ، وأَصْرَمَ النَّخْلُ: حانَ له أن يُصْرَمَ أي يُقْطَفَ، والصُّرْمَةُ من النَّخْلِ بِمَنْزِلَةِ الْحَصادِ والْقِطافِ في الزَّرْع والكَرْم. والصَّريمُ: اللَّيلُ الأسود. قال الشاعر:
ألا بكرت وعاذِلَتي تَلومُ تُجَهِّلُنِي وما انْكَشَفَ الصَّريمُ
وقوله تعالى: {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} [القَلَم: 17] أي يَجْتَنُونَها مبكرِّين. ويُسَمَّى النَّهارُ أيضاً صَريماً فَهُوَ من الأضْدادِ، لأنَّ اللَّيلَ يَنْصَرِمُ عندَ مجيء النَّهارِ، والنَّهار يَنْصَرِمُ عِنْدَ مجيء اللَّيل أي ينقضي، والصَّريمُ أيضاً: المَصرومُ أي المَقْطوعُ من الزَّرع، وقولُه تعالى: {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} [القَلَم: 20] أي كاللَّيلِ المظلم. وقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ} [القَلَم: 22] أي قاطعين ثمارَ النخل.
صطر: صَطَرَ وسَطَرَ: واحِدٌ. {أَمْ هُمُ الْمُسْيطِرُونَ} [الطُّور: 37] وهو مُفَيْعِلٌ مِنَ السَّطْرِ والتَّسْطِيرِ أي الكِتابَةِ، أي هُمُ الذينَ تَوَلَّوْا كِتابَةَ ما قُدِّرَ لَهُمْ قبلَ أنْ خُلِق،َ إشارَةً إلَى قولِهِ: {إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحَجّ: 70] وقولِهِ {فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12]. وقولُهُ {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغَاشِيَة: 22] أي مُتَوَلٍّ أنْ تَكْتُبَ عليهمْ، وتُثْبِتَ ما يَتَوَلَّوْنَهُ. وسَيْطَرْتُ وبَيْطَرْتُ لا ثالِث لَهُما في الأبْنِيَةِ. وقد تَقَدَّمَ ذلك في السِّينِ.
صعد: الصُّعُودُ: الذَّهابُ في المَكانِ العالِي. والصَّعُودُ والحَدُورُ: لِمكانِ الصُّعُودِ والانْحِدارِ، وهُما بالذَّاتِ واحِدٌ، وإنَّما يَخْتَلِفانِ بِحَسَبِ الاعْتِبارِ بِمَنْ يَمُرُّ فيهما. فَمَتَى كانَ المارُّ صاعِداً يُقالُ لِمكانِهِ: صَعُودٌ، وإذَا كانَ مُنْحَدِراً يُقالُ لِمَكانِهِ: حَدُورٌ. والصَّعَدُ، والصَّعِيدُ والصَّعُودُ في الأصْلِ واحِدٌ، لَكِنِ الصَّعُودُ والصَّعَدُ يُقالُ للْعَقَبَةِ، ويُسْتَعارُ لِكُلِّ شاقٍّ {وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجنّ: 17] أي شاقّاً. وقال: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} [المدَّثِّر: 17] أي عَقَبَةً شاقَّةً. والصَّعِيدُ: يُقالُ لِوَجْهِ الأرضِ {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النِّسَاء: 43] وقال بَعْضُهُمْ: الصَّعِيدُ يُقالُ للغُبارِ الذي يَصْعَدُ مِنَ الصُّعُودِ. ولهذا لا بد للمُتَيَمِّمِ أنْ يَعْلَقَ بِيَدِهِ غُبارٌ.وأما قوله تعالى: {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: 40] أي أرضاً مستوية لا نبات فيها تزلق عنها القدم. وقولُهُ {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعَام: 125] أي يَتَصَعَّدُ. وأما الإِصْعادُ فقد قيلَ: هو الإبْعادُ في الأرضِ سَواءٌ كانَ ذلك في صُعُودٍ أو حُدُورٍ، وأصْلُهُ مِنَ الصُّعُودِ، وهو الذَّهابُ إلَى الأمْكِنَةِ المُرْتَفِعَة، كالخُرُوجِ مِنَ البَصْرَةِ إلَى نَجْد وإلى الحِجازِ، ثم اسْتُعْمِلَ في الإبْعادِ وإنْ لم يَكُنْ فيه اعْتِبارُ الصُّعُودِ. كقولهِمْ: «تَعالَ» فإِنَّهُ في الأصْلِ دُعاءٌ إلى العُلُوِّ، وصارَ أمْراً بالمَجِيءِ سَواءٌ كانَ إلَى أعْلَى أو إلَى أسْفَلَ {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} [آل عِمرَان: 153] وقيلَ: لم يُقْصَدْ بقولِهِ: {إذ تُصْعِدُونَ} إلَى الإِبْعادِ في الأرضِ، وإنَّما أشارَ به إلَى عُلُوِّهِمْ فيما تَحَرَّوْهُ وأتَوْهُ، كقولِكَ: أبْعَدْتُ في كذا، وارْتَقَيْتُ فيه كُلَّ مُرْتَقىً، وكأنه قال: إذْ بَعُدْتُم في اسْتِشْعارِ الخَوْفِ والاسْتِمْرارِ على الهَزيمَةِ. واسْتُعِيرَ الصُّعُودُ لِما يَصِلُ مِنَ العَبْدِ إلَى اللَّهِ، كما اسْتُعِيرَ النُّزُولُ لِما يَصِلُ مِنَ اللَّهِ إلَى العَبْدِ {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فَاطِر: 10] الصعود ها هنا بمعنى: القبول. فيكون العمل الصالح هو الذي يرفع الكَلِم الطيب إلى الله فيتقبله ويثيب عليه. وقولُهُ: {يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجنّ: 17] أي شاقّاً.
صعر: الصَّعَرُ: مَيْلٌ في العُنُقِ. والتَّصْعِيرُ: إمالَتُهُ عَنِ النَّظَر كِبْراً، قال تعالى {وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمَان: 18] صَعَّرَ خَدَّهُ: أي أمالَ وجهَهُ عن النّاسِ إعراضاً وتَكَبُّراً، وفي الحديثِ: «يَأتي على النَّاسِ زَمانٌ ليسَ فيهمْ إلاَّ أصْعَرُ أو أَبْتَرُ».
صعق: الصَّاعِقَةُ، والصَّاقِعَةُ يَتَقاربانِ، وهُما الهَدَّةُ الكَبِيرَةُ، إلاَّ أنَّ الصَّقْعَ يُقالُ في الأجْسامِ الأرْضِيَّةِ، والصَّعْقَ فبالأجْسامِ العُلْوِيَّةِ. والصاعِقَةُ على ثَلاثَةِ أوْجُهٍ: الأولُ: المَوْتُ كقولِهِ: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} [الزُّمَر: 68] وقولِهِ: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ} [النِّسَاء: 153]. والثاني: العَذَابُ، كقولِهِ {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فُصّلَت: 13]. والثالثُ: النارُ، كقولِهِ {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ} [الرّعد: 13]. والصاعِقَةَ هيَ الصَّوْتُ الشَّدِيدُ مِنَ الجَوِّ، ثم يَكُونُ منه نارٌ أو عَذابٌ أو مَوْتٌ. وهي في ذاتِها شيءٌ واحِدٌ، وهذه الأشْياءُ تَأثِيراتٌ منها. وأما قولُهُ تعالَى: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ} [الأعرَاف: 143]، فمعناه أنَّ موسى قد سَقَطَ مَغْشِيًّا عليهِ دونَ أنْ يموتَ لأنَّهُ أَفاقَ بَعدَ الغَشْيَةِ، ومِنْ هُنا لا يُقالُ: أَفاقَ المَيِّتُ، وإِنما عاشَ أو حَيَّ؛ وأما السَّبعونَ رَجُلاً الذينَ كانوا مع موسى (ع) فقدْ أماتهم الله كلَّهم ثم بَعثهم لقولِهِ تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} [البَقَرَة: 56].
صغر: الصِّغَرُ والكِبَرُ مِنَ الأسْماءِ المُتَضادَّةِ التي تُقالُ عِنْدَ اعْتِبارِ بَعْضِها ببَعْضٍ. فالشيءُ قد يَكُونُ صَغِيراً في جَنْبِ الشيءِ، وكَبِيراً في جَنْبِ آخَرَ. وقد تُقالُ تارَةً باعْتِبارِ الزَّمانِ، فَيقالُ: فُلانٌ صَغِيرٌ وفُلانٌ كَبِيرٌ، إذا كانَ ما لَه مِنَ السِّنينَ أقَلَّ مِمَّا للآخر، وتارةً تُقالُ باعْتِبارِ الجُثَّةِ، وتارَةً باعْتِبارِ القَدْرِ والمَنْزلَةِ. قال تعالى: {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} [القَمَر: 53] و {لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا} [الكهف: 49]، وقوله: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ} [يُونس: 61] أي: ولا أصغَرَ من الذرة، إذ كُلُّ ذلك بالحجم والمَنْزلَةِ والخَيْر والشَّرِّ. يُقالُ: صَغِرَ صِغَراً في ضِدِّ الكَبِير. وصَغُرَ صَغَراً وصَغاراً في الذِّلَّةِ. والصاغِرُ: الرَّاضِي بالمَنْزلَةِ الدَّنِيَّةِ {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التّوبَة: 29].
صغو: الصّغْوُ: المَيْلُ، يُقالُ: صَغَتِ النُّجُومُ والشمسُ صَغْواً: مالَتْ لِلْغُرُوبِ. وأصغَيْتُ الإناءَ: إذا أَمَلْتُهُ لِيَجْتَمِعَ ما فيه. وأصْغَيْتُ إلَى فُلانٍ: مِلْتُ بسَمعي نَحْوَه. {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} [الأنعَام: 113]، أي تَميلُ إليهِ؛ وقولُهُ تعالَى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التّحْريم: 4] أي مالَتْ قلوبُكما إلى الإِثْمِ.
صفح: صَفْحُ الشيءِ: عَرْضُهُ وجانِبُهُ، كَصَفْحَةِ الوَجْهِ، وصَفْحَةِ السَّيْفِ، وصَفْحَةِ الحَجَر. والصَّفْحُ: تَرْكُ التَّثريبِ، وهو أبْلَغُ منَ العَفْوِ. ولذلك قال: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البَقَرَة: 109]. وقد يَعْفُو الإِنْسانُ، ولا يَصْفَحُ {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ} [الزّخرُف: 89]، {فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحِجر: 85]. {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} [الزّخرُف: 5] المراد بالذكر هنا: القرآن. والمعنى: أفنترك الوحي فنهملكم فلا نأمركم ولا ننهاكم ولا نرسل لكم رسولاً ليعرّفكم ما يجب عليكم، من أجل أنكم أسرفتم في الكفر. وصَفَحْتُ عنه: أوْلَيْتُهُ منِّي صَفْحَةً جَمِيلَةً، مُعْرضاً عنْ ذنْبِهِ إلَى غَيْرها، منْ قَوْلِكَ: تَصَفَّحْتُ الكِتابَ. وقولُهُ: {وَإِنَّ السَّاعَةَ لآَتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحِجر: 85] فأمْرٌ له (ص) بالإعراض عن مجازاة المشركين والتشدد في موضع الجهاد كما قال: {وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النّحل: 127]. والمُصافَحَةُ: الإِفْضاءُ بِصَفْحَةِ اليَدِ.
صفد: الصَّفَدُ والصِّفادُ: الغُلُّ. وجَمْعُهُ: أصْفادٌ. والأصْفادُ: الأغْلالُ. قال: {مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ} [إبراهيم: 49]. والصَّفَدُ:العَطيَّةُ، اعْتِباراً بِما قيلَ: أنا مَغْلُولُ أيادِيكَ، وأسِيرُ نِعْمَتِك، ونحوُ ذلك مِنَ الألفاظِ الوارِدَةِ عنهمْ في ذلك.
صفر: الصُّفْرَةُ: لَوْنٌ مِنَ الألْوانِ التي بَيْنَ السَّوادِ والبياضِ، وهي إلَى السَّوادِ أقْرَبُ، ولذلك قد يُعَبَّرُ بِها عَنِ السَّوادِ. قال الحَسَنُ في قولِهِ تعالى: {بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} [البَقَرَة: 69] أي سَوْدَاءُ. وقال بَعْضُهُمْ: لا يُقالُ في السوادِ فاقِعٌ. وإنَّما يُقالُ فيها حالِكَةٌ. قال: {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} [الزُّمَر: 21]. وقوله: {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} [المُرسَلات: 33] قيلَ هي جَمْعُ أصْفَرَ. وقيلَ: بَلْ أرادَ به الصُّفْرَ المُخْرَجَ مِنَ المَعادِنِ، ومنه قيل للنُّحاسِ: صُفْرٌ، وصَفَرٌ هو الشَّهرُ بعدَ المُحَرَّم.
صف: الصَّفُّ، أنْ تَجْعَلَ الشيءَ على خطٍّ مُسْتَوٍ، كالناسِ والأشْجارِ، ونحوِ ذلك. {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصَّف: 4]، {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} [طه: 64] يَحْتَمِلُ أنْ يكُونَ مَصْدَراً، وأنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الصَّافِّينَ. {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّآفُّونَ} [الصَّافات: 165]، و {وَالصَّآفَّاتِ صَفًّا} [الصَّافات: 1] يَعْنِي به المَلائِكَةَ. {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفَجر: 22]، {وَالطَّيْرُ صَآفَّاتٍ} [النُّور: 41]، {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ} [الحَجّ: 36] أي مُصْطَفَّةً. وصَفَفْتُ كذا: جَعَلْتُهُ على صَفٍّ {عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ} [الطُّور: 20]. والصَّفْصَفُ: المُسْتَوي مِن الأرضِ، كأنه على صَفٍّ واحِدٍ {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا *لاَ تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلاَ أَمْتًا} [طه: 106-107]. والصُّفَّةُ: مِنَ البُنْيانِ. وصُفَّةُ السَّرْجِ، تَشْبِيهاً بها في الهَيْئَةِ. والصَّفْصافُ: شَجَرُ الخِلافِ.
صفن: الصَّفْنُ: الجَمْعُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ ضامّاً بَعْضَهُما إلى بعْضٍ. يُقالُ: صَفَنَ الفَرَسُ إذا قَامَ على ثلاثِ قوائمَ وَطَرَفِ حافرِ الرابعةِ. {الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} [ص: 31] وقُرِىءَ: فاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عليها صَوافِنَ. والصَّافِنُ: عِرْقٌ في باطِنِ الصُّلْبِ يَجْمَعُ نِياطَ القَلْبِ. والصَّفْنُ: وِعاءٌ يَجْمَعُ الخُصْيَةَ. والصُّفنُ: ما كانَ أهلُ الباديةِ يَضعونَ فيه زادَهُم، ورُبَّما اسْتَقَوْا به الماءَ كالدَّلْوِ.
صفو: أصْلُ الصَّفاءِ: خُلُوصُ الشَّيءِ مِنَ الشَّوْبِ، ومنه الصَّفا: للحجارَةِ الصَّافِيَةِ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البَقَرَة: 158] وذلك اسْمٌ لِمَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ يقومُ فيه الحاجُّ أو المُعْتَمِرُ بِشَعِيرَةِ السَّعْيِ. والاصْطِفاءُ: تَناوُلُ صَفْوِ الشَّيءِ، كما أنَّ الاخْتِيارَ تَناوُلُ خَيْرِهِ، والاجْتِباءَ تَنَاوُلُ جِبايَتِهِ. واصْطِفاءُ اللَّهِ بَعْضَ عِبادِهِ قد يَكُونُ باخْتِيارِهِ وبِحُكْمِهِ، يَعني جبرائيلَ مِنَ الملائكةِ، والنَّبِيّينَ عَليْهم السَّلام مِنَ النّاس. قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ} [الحَجّ: 75]، {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا} [آل عِمرَان: 33]، {اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ} [آل عِمرَان: 42]، {اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ} [الأعرَاف: 144]، {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ} [ص: 47]. واصْطَفَيْتُ كذا على كذا، أي اخْتَرْتُ {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينِ} [الصَّافات: 153]، {وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النَّمل: 59] {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فَاطِر: 32]. الصَّفِيُّ والصَّفِيَّةُ: ما يَصْطَفِيهِ الرَّئِيسُ لِنَفْسِهِ. قال الشاعِرُ:
لَكَ المِرْباعُ منها والصَّفايا
والصَّفْوانُ كالصَّفا، الواحِدَةُ: صَفْوانَة، قوله تعالى: {صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ} [البَقَرَة: 264] أي حجرٌ أملسُ عليهِ تُرابٌ، ويُقالُ يومٌ صَفْوانُ: صافِي الشمسِ، شَدِيدُ البَرْدِ.
صكّ: الصَّكُّ: ضَرْبُ الشَّيءِ بالشَّيءِ. ويُقالُ: تَصْطَكُّ رُكبتَا الرَّجُل، ومنه قوله تعالى: {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذّاريَات: 29] أي جَمَعَتْ أَصابِعَها فَضَرَبَتْ وجْهَهَا شَديداً، وقيلَ: لَطَمَتْ وَجْهَهَا.
صلا: أصْلُ الصَّلْيِ لإيقادِ النارِ، ويُقالُ صَلِيَ بالنارِ وبكذا، أي بُلِيَ بها، واصْطَلَى بها. وصَلَيْتُ الشاةَ: شَوَيْتُها، وهي مَصْلِيَّةٌ. {اصْلَوْهَا الْيَوْمَ} [يس: 64]، {يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى} [الأعلى: 12]، {تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} [الغَاشِيَة: 4]، {وَيَصْلَى سَعِيرًا} [الانشقاق: 12]، {وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النِّسَاء: 10] قُرِىءَ سَيُصْلَوْنَ (بِضَمِّ الياءِ)، وسَيَصْلَوْن (بفَتْحِها) {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا} [المجَادلة: 8]، {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} [المدَّثِّر: 26]، {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } [الواقِعَة: 94]. وقولُهُ: {لاَ يَصْلاَهَا إِلاَّ الأَشْقَى *الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليْل: 15-16] فقد قيلَ: مَعْناهُ: لا يَصْطَلِي بِها إلاَّ الأشْقَى الذي كذَّبَ بالدين، وتولَّى عن سماعِ النبيِّ (ص) . قال الخَلِيلُ: صَلِيَ الكافِرُ النارَ: قاسَى حَرَّها {يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [المجَادلة: 8]، وقيلَ: صَلَى النارَ: دَخَلَ فيها، وأصْلاها غَيْرَهُ نحو: {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} [النِّسَاء: 30]، وقوله {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا} [مَريَم: 70] قيلَ: جَمْعُ صَالٍ. والصِّلاءُ: يُقالُ لِلْوَقُودِ وللشِّواءِ. والصَّلاةُ: قال كَثِيرٌ مِنْ أهْلِ اللُّغَةِ: هي الدُّعاءُ والتَّبْريكُ والتَّمْجِيدُ. يُقالُ: صَلَّيْتُ عليه، أي دَعَوْتُ له وزكَّيْتُ عليه؛ وقال عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ: «إذا دُعِيَ أحَدُكُم إلَى طَعامٍ فَلْيُجِبْ، وإنْ كانَ صائماً فَلْيُصَلِّ» أي لِيَدْعُ لأهْلِهِ. {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التّوبَة: 103]، {إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزَاب: 56] وصَلَواتُ الرَّسُولِ، وصَلاةُ اللَّهِ لِلْمُسْلِمِينَ هو في التَّحْقِيقِ تَزْكِيَتُهُ إيَّاهُم، نحو: {أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البَقَرَة: 157] ومِنَ المَلائِكَةِ هي الدُّعاءُ والاسْتِغْفارُ، كما هي مِنَ الناسِ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزَاب: 56]. والصَّلاةُ التي هي العِبادَةُ المَخْصُوصَةُ، أصْلُها الدُّعاءُ، وسُمِّيَتْ هذه العِبادَةُ بِها كَتَسْمِيَةِ الشَّيءِ باسْمِ بَعْضِ ما يَتَضَمَّنُهُ. والصَّلاةُ مِنَ العِباداتِ التي لم تَنْفَكَّ شَريعَةٌ منها، وإنِ اختَلَفَتْ صُوَرُها بِحَسَبِ شَرْعٍ فَشَرْعٍ. ولذلك قال: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النِّسَاء: 103] وقال بَعْضُهُمْ: أصْلُ الصَّلاةِ مِنَ الصّلاءِ. قال: ومَعْنَى صَلَّى الرَّجُلُ: أي أنه أزالَ عَنْ نَفْسِهِ بِهذه العِبادَةِ الصّلاءَ الذي هو نارُ اللَّهِ المُوقَدَةُ. وبِناءُ صَلَّى: كَبِناءِ مَرَّضَ، لإِزالَةِ المَرَضِ. ويُسَمَّى مَوْضِعُ العِبادَةِ صلاةً، ولذلك سُمِّيَتِ الكَنائِسُ صَلَواتٍ، كقولِهِ: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ} [الحَجّ: 40]، وكُلُّ مَوْضِعٍ مَدَحَ اللَّهُ تعالى: بِفعْلِ الصلاةِ، أو حَثَّ عليه ذُكِرَ بِلَفْظِ الإِقامَةِ، نحوُ: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ} [النِّسَاء: 162]، {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ} [البَقَرَة: 110]، {وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ} [البَقَرَة: 277]، ولم يَقُلِ المُصَلِّينَ إلاَّ في المُنافِقِينَ، مثل: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ *الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ} [المَاعون: 4-5]، {وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى} [التّوبَة: 54] وإنَّما خُصَّ لَفْظُ الإِقامَةِ تَنْبِيهاً أنَّ المَقْصُودَ مِنْ فِعْلِها تَوْفِيَةُ حُقُوقِها وشَرائِطِها، لا الإتْيانُ بِهَيْئَتِها فَقَطْ، ولهذا رُوِيَ: أنَّ المُصَلِّينَ كَثِيرٌ، والمُقِيمِينَ لها قَلِيلٌ. وقولُهُ: {لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدَّثِّر: 43] أي مِنْ أتْباعِ النَّبِيِّينَ. وقولُهُ: {فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى} [القِيَامَة: 31] تَنْبِيهاً أنه لم يَكُنْ مِمَّنْ يُصَلِّي، أي يَأتِي بِهَيْئَتِها فَضْلاً عَمَّنْ يُقِيمُها. وقولُهُ: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفَال: 35] فَتَسْمِيَةُ صَلاتِهِمْ مُكاءً وتَصْدِيَةً تَنْبِيهٌ على إبْطالِ صَلاتِهِمْ، وأنَّ فِعْلَهُمْ ذلك لا اعْتِدَادَ به، بَلْ هُمْ في ذلك كَطُيُورٍ تَمْكُو وتَصْدِي. وفائِدَةُ تَكْرارِ الصلاةِ في قولِهِ تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1-2] وفي قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعَارج: 34] أيْ يُقيمونها في أوقاتها بتذلّلٍ وضراعة. وإنما أعادَ ذكرَ الصّلاةِ تنبيهاً على عِظمِ قدرِها وعلوِّ رتبتها.
صلب: الصُّلْبُ: الشَّدِيدُ. وباعْتِبارِ الصَّلابَةِ والشِّدَّةِ سُمِّيَ الظَّهْرُ صُلْباً {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطّارق: 7]. وقولُهُ: {وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ} [النِّسَاء: 23] تَنْبِيهٌ أنَّ الوَلَدَ جُزْءٌ مِنَ الأبَوَيْنِ لأنّهُ لا يكونُ إلاّ مِنَ الماءَينِ، وعلى نَحْوِهِ نَبَّهَ قولُ الشاعِر:
وإنَّما أولادُنا بَيْنَنا أكْبادُنا تَمْشي على الأرضِ
والصَّلَبُ، والاصْطِلابُ: استخراجُ الوَدَكِ مِنَ العَظْمِ. والصَّلْبُ الذي هو تَعْلِيقُ الإِنْسانِ لِلقَتْلِ، قيلَ: هو شَدُّ صُلْبِهِ (ظهره) على خَشَبٍ، وقيلَ: إنَّما هو مِنْ صَلْبِ الوَدَكِ {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} [النِّسَاء: 157]، {وَلأَُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} [الشُّعَرَاء: 49]، {وَلأَُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71]، {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} [المَائدة: 33]. والصَّلِيبُ: أصْلُهُ الخَشَبُ الذي يُصْلَبُ عليه. والصَّلِيبُ الذي يَتَقَرَّبُ به النَّصارَى هو لِكَوْنِهِ على هَيْئَةِ الخَشَبِ الذي زَعَمُوا أنه صُلِبَ عليه عِيسَى عليه السلامُ. وثَوْبٌ مُصَلَّبٌ: أي عليه آثارُ الصَّلِيبِ. والصالِبُ مِنَ الحُمَّى: ما يكْسِرُ الصُّلْبَ (أي الظهر). وصَلَّبْتُ السِّنانَ: حَدَّدْتُهُ. والصُّلْبِيَّةُ: حِجارَةُ المِسَنِّ.
صلح: الصَّلاحُ: استقامةُ الحالِ على ما يدعو إليه الشَّرْعُ والعَقْلُ؛ والصَّلاحُ ضِدُّ الفَسادِ، وهُما مُخْتَصَّانِ في أكْثَرِ الاسْتِعْمالِ بالأفْعالِ. وقُوبِلَ في القُرْآنِ تارَةً بالفَسادِ وتارَةً بالسيِّئَةِ، في مَواضِعَ كثيرَةٍ {خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التّوبَة: 102]، {وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} [الأعرَاف: 56]، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشّورى: 22]. والصُّلْحُ: يَخْتَصُّ بِإزَالَةِ النِّفارِ بَيْنَ الناسِ، يُقالُ منه: اصْطَلَحُوا وتَصالَحُوا. قال {أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النِّسَاء: 128]، {وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا} [النِّسَاء: 129] {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحُجرَات: 9]، {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحُجرَات: 10] {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفَال: 1] أي أصلحوا ما بينكم من الخصومة والمنازعة. وإصْلاحُ اللَّهِ تعالى الإِنْسانَ يَكُونُ تارَةً بِخَلْقِهِ إيَّاهُ صالِحاً، ليكون آيةً للنَّاسِ كعيسى (ع) ، وتارَةً بِإزالَةِ ما فيه مِنْ فَسادٍ بَعْدَ وجُودِهِ، وتارَةً يَكُونُ بالحُكْمِ له بالصَّلاحِ، ومنه: {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محَمَّد: 2]، {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [الأحزَاب: 71]، {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} [الأحقاف: 15]. {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبيَاء: 90] أي كانت عقيمة فجعلناها ولوداً. {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يُونس: 81] أي المُفْسِدُ مَنْ يعْصي اللَّهَ في فعْلِهِ. وصالحٌ: اسْمٌ للنبيِّ عليه السلامُ {ياصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا} [هُود: 62].
صلد: صَلَدَ الرجلُ يَصْلِدُ صَلْداً: بَخِلَ، قال تعالى: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا} [البَقَرَة: 264] أي حَجَراً صُلْباً أملَسَ لا شيءَ عليه، ومنه قيلَ: رَأسٌ صَلْدٌ لا يُنْبِتُ شَعَراً.
صلل: أصْلُ الصَّلْصالِ: تَرَدُّدُ الصَّوْتِ مِنَ الشيءِ اليابِسِ، ومنه قيلَ: صَلَّ المِسْمارُ، أي ضُرِبَ حتى يُدخَلَ في الشَّيْءِ فأعْطى صَوْتاً، وسُمِّيَ الطِّينُ الجافُّ صَلْصالاً {خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} [الرَّحمن: 14] أي من طين يابس {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحِجر: 26].
صمت: قالَ تَعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} [الأعرَاف: 193] أَيْ سَواءٌ عَليكُمْ دعاؤهُمْ أَو السُّكوتُ عَنْهُم. وإنما قالَ «أمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ» ولم يَقُلْ «أَمْ صَمَتُّمْ» فَيَكونُ في مُقَابَلَةِ «أَدَعَوْتُمُوهُمْ» ليفيدَ الماضِي والحال، فإنَّ الُمقابلةَ كانَتْ تَدُلُّ على الماضي فَحسب، وصورةُ اللَّفْظِ تَدُلُّ على معنى الحالِ. والصَّمْتُ أبلغُ مِنَ السُّكوتِ لأنَّهُ قدْ يُستعملُ فيما لا قُوَّةَ له على النُّطْقِ، ولذا قِيلَ لما لا يَنطِقُ: الصَّامتُ، والسَّكُوتُ يُقالُ لِمَا لَهُ نَطقٌ.
صمد: الصَّمَدُ، السَّيِّدُ الذي يُصْمَدُ إليه في الأمْر. أَي السَّيِّدُ الذي لا يُقْضَى دونَهُ أمْرٌ، وهو من صِفاتِ اللَّهِ وحْدَهُ ـ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ ـ أو الدَّائِمُ الباقي بعد فَناءِ خلْقِهِ؛ أو هو الذي يُقصَدُ إليه في الأمرِ كُلّهِ؛ وصَمَدَ صَمْدَهُ: قَصَدَ قَصْدَهُ واعتمدَهُ. وقيلَ: الصَّمَدُ: الذي ليسَ بأجْوَفَ، والذي ليسَ بِأجْوَفَ شَيئانِ: أحَدُهُما لِكَوْنِهِ أدنى مِن الإِنْسانِ، كالجَماداتِ. والثانِي أعْلَى منه، وهو البارِي والمَلائِكَةُ. والقَصْدُ بقولِهِ: {اللَّهُ الصَمَدُ} [الإخلاص: 2] تَنْبِيه أنه بِخلافِ مَنْ أثْبَتُوا لعيسى (ع) الإِلهِيَّةَ، وإلَى نَحْو هذا أشارَ بقولِهِ: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ} [المَائدة: 75].
صمع: الصَّوْمَعَةُ: كُلُّ بِناءٍ مُتَصَمِّعُ الرَّأسِ، أي مُتَلاصِقُهُ، جَمْعُها: صَوامِعُ: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ} [الحَجّ: 40] .والأصْمَعُ: الصغيرُ الأُذُن. وقَلْبٌ أصْمَعُ جَرِيءٌ، أو ذكيٌّ، كأنه بِخِلافِ مَنْ قال فيه: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43]. والصَّمْعاءُ: البُهْمَى قَبْلَ أنْ تَتَفَقَّأَ، أي النّبتةُ قبل أنْ تتفَتَّح. يقال «كِلابٌ صُمْعُ الكُعُوبِ» أي صِغارُها.
صمم: الصَّمَمُ: فُقْدانُ حاسَّةِ السَّمْعِ، وبه يُوصَفُ مَنْ لا يَصْغَى إلَى الحَقِّ، ولا يَقْبَلُهُ. قال: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البَقَرَة: 18]، {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَاناً} [الفُرقان: 73]، {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ} [هُود: 24]، و {وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا} [المَائدة: 71]. وشُبِّـهَ الـذي لا صَوْتَ له به، ولذلك قيلَ: «صَمَّتْ حصاةٌ بِدَمٍ»، أي كَثُرَ الدَّمُ حتى لو أُلْقِيَ فيه حَصاةٌ لم يُسْمَعْ لَها صوتٌ. وضَرْبَـةٌ صمَّـاءُ، ومنـه الصَّمَّةُ لِلشُّجاعِ الذي يُصِمُّ بالضَّرْبَةِ. وصَمَمْتُ القارُورَةَ: شَدَدْتُ فاها، تَشْبِيهاً بالأصَمِّ الذي شُدَّت أذُنُهُ. وصَمَّمَ في الأمْرِ: مَضَى فيه غَيْرَ مُصْغٍ إلَى مَنْ يَرْدَعُهُ، كأنه أصَمُّ. والصَّمانُ: أرضٌ غَلِيظَةٌ. وشهرُ اللَّهِ الأَصَمّ: شهر رجب، كان لا يُسمَعُ فيهِ صوتُ مُستغيثٍ، ولا حركةُ قتالٍ.
صنع: الصُّنْعُ: إجادَةُ العمل، فَكُلُّ صُنْعٍ عملٌ وفِعْلٌ، وليسَ كلُّ فِعْلٍ عَمَلاً وصُنْعاً، ولا يُنسَبُ العملُ والصُّنْعُ إلى الحَيواناتِ والجَمَاداتِ، كما يُنسَبُ إليها الفِعْلُ، لأنّ العَمَلَ هو فِعْلٌ مَصْحوبٌ بِنِيَّةٍ، والصُّنْعُ هو إِجادةُ العملِ. {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النَّمل: 88]، {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ} [هُود: 38]، {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ} [هُود: 37]، {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104]، {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ} [الأنبيَاء: 80] وقال: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشُّعَرَاء: 129] أي حصوناً وقصوراً كأنكم تخلدون فيها ولا تموتون. {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المَائدة: 63]، {وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا} [هُود: 16]، {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا} [طه: 69]، {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ} [طه: 69]، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العَنكبوت: 45]. ويُقالُ لِلحاذِقِ المُجِيدِ: رجلٌ صَنَاعُ اليدَيْنِ، ولِلْحاذِقَةِ المُجِيدَةِ: امْرأةٌ صَنَاعُ اليدين، ومثلها: امرأةٌ صَنِيعَةٌ. والصَّنِيعَةُ: ما اصْطَنَعْتَهُ مِنْ خَيْرٍ. وعُبِّرَ عَنِ الأمْكِنَةِ الكبيرةِ أو التي فيها أهلُ القُرى والحَضَرِ بالمَصانِعِ {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ} [الشُّعَرَاء: 129]. وكُنِّيَ بالرِّشْوَةِ عَنِ المُصَانَعَةِ. والاصْطِناعُ: المُبالَغَةُ في إصْلاحِ الشَّيءِ. وقولُهُ: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: 41]، {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] إشارَةٌ إلَى نحو ما قال بَعْضُ الحُكَماءِ: إنَّ اللَّهَ تعالى إذا أحَبَّ عَبْداً تَفَقَّدَهُ كما يَتَفَقَّدُ الصَّدِيقُ صَدِيقَهُ.
صنم: الصَّنَمُ: جُثَّةٌ مُتَّخَذَةٌ مِنْ فِضَّةٍ أو نُحاسٍ أو خَشَبٍ أو حَجَرٍ، كانُوا يَعْبُدُونَها، مُتَقَرِّبِينَ بها إلَى اللَّهِ تعالى. وجَمْعُهُ: أصْنامٌ {أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً} [الأنعَام: 74]، {لأََكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبيَاء: 57]. قال بعضهم: كُلُّ ما عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، بَلْ كُلُّ ما يَشْغَلُ عَنِ اللَّهِ تعالى يُقالُ له صَنَمٌ، وعلى هذا الوَجْهِ قال إبراهيمُ، صَلَواتُ اللَّهِ عليه: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35] فَمَعْلُومٌ أنْ إبراهيم مَعَ تَحَقُّقِهِ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ تعالى، واطِّلاعِهِ على حِكْمَتِهِ، لم يَكُنْ مِمَّنْ يَخافُ أنْ يَعبُدَ تِلْكَ الجُثَثَ التي كانُوا يَعْبُدُونَها، فَكأنَّهُ قال: اجْنُبْنِي عَنِ الاشْتِغالِ بأشياء تَصْرفُني عَنْكَ.
صنو: الصِّنْوُ: الغُصْنُ الخارِجُ عَنْ أصْلِ الشَّجَرَةِ. يُقالُ: هُما صِنْوَا نَخْلَةٍ، وقيل: الصِّنْوُ عامٌّ في كل فرعين يخرجان من أصلٍ واحدٍ من نخلٍ وغيرِهِ. وفُلانٌ صِنْوُ أبِيهِ. والتَّثنِيَةُ صِنْوانِ وجَمْعُهُ صِنْوانٌ. قال تعالى: {صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} [الرّعد: 4].
صهر: الصِّهْرُ: الخَتَنُ: وأهْلُ بَيْتِ المَرأةِ يُقالُ لَهُمُ الأصْهارُ. كذا قال الخَلِيـلُ. قـال ابـنُ الأعْرابيِّ: الإِصْهارُ التَّحَرُّمُ بِجِوارٍ أو نَسَبٍ أو تَزَوُّجٍ. يُقالُ: رَجُلٌ مُصْهِرٌ، إذا كانَ له تَحَرُّمٌ، مِنْ ذلك {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفُرقان: 54]. والصَّهْرُ: إذابَةُ الشَّحْمِ {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ} [الحَجّ: 20]. والصُّهـارَةُ: ما أُذيبَ منه. وقال أعْرابِيٌّ: «لأصْهَرَنَّكَ بِيَمِينِي مَرَّةً» أي لأُذِيبنَّكَ.
صوب: الصَّوابُ: يُقالُ على وَجْهَيْنِ: أحَدُهُما باعْتِبارِ الشيءِ في نَفْسِهِ، فَيُقالُ: هذا صَوابٌ، إذا كانَ في نَفْسِهِ مَحْمُوداً ومَرْضِيّاً بِحَسَبِ مُقْتَضَى العَقْلِ والشَّرْعِ، نحوُ قَوْلِكَ: تَحَرِّي العَدْلِ صَوابٌ، والكَرَمُ صَوابٌ. والآخَرُ يُقالُ باعْتِبارِ القاصِدِ إذا أَدْرَكَ المَقْصودَ بِحَسَبِ ما يَقْصِدُهُ؛ قالَ تعالى: {لاَ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَقَالَ صَوَابًا} [النّبَإِ: 38]، وذلك على أَوْجُهٍ. الأوَّلُ: أنْ يَقْصِدَ ما يَحْسُنُ قَصْدُهُ، فَيَفْعَلَهُ، وذلك هو الصَّوابُ التَّامُّ المَحْمودُ به الإِنْسانُ. والثانِي: أنْ يَقْصِدَ ما يَحْسُنُ فِعْلُهُ فَيَتَأتَّى منه غَيْرُهُ لِتَقْدِيرِهِ بَعْدَ اجْتِهادِهِ أنَّهُ صَوابٌ، وذلك هو المُرادُ بقولِهِ عليه وعلى آله السلامُ: «كُلُّ مُجْتَهدٍ مُصِيبٌ»(133)، ورُوِيَ: «مَنِ اجْتَهَدَ فأصابَ فَلَهُ أجْرانِ، ومَن اجْتَهَدَ فأخْطَأَ فَلَهُ أجْرٌ». والثالثُ: أنْ يَقْصِدَ صَواباً فَيَتأَتَّى منه خَطَأٌ لِعارِضٍ مِنْ خارِجٍ، نَحْوُ مَنْ يَقْصِدُ رَمْيَ صَيْدٍ فأصابَ إنْساناً، والرَّابِعُ: أنْ يَقْصِدَ ما يَقْبُحُ فِعْلُهُ ولكِنْ يَقعُ منه خِلافُ ما يَقْصِدُهُ، فَيُقالُ: أخْطَأَ في قَصْدِهِ وأصابَ الذي قَصَدَهُ، أي وجَدَهُ. والصَّوْبُ: الإِصابَةُ. يُقالُ: صابه وأصابَهُ. وجُعِلَ الصَّوْبُ لِنُزُولِ المَطَر، إذا كانَ بقَدْرِ ما يَنْقَعُ، وإلَى هذا القَدْرِ مِنَ المَطَر أشارَ بقولِهِ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ} [المؤمنون: 18]. قال الشاعِرُ:
فَسَقَى ديارَكِ غَيْرَ مُفْسِدِها صَوْبُ الرَّبِيعِ وَدِيمَةٌ تَهمِي
والصَّيِّبُ: السَّحابُ المُخْتَصُّ بالصَّوْبِ، وهو فَيْعِلٌ مِنْ صابَ يَصُوبُ. قال الشاعِرُ:
فَكَأنَّما صابَتْ عليه سَحابَةٌ
وقولُهُ: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} [البَقَرَة: 19] قيلَ: هو السَّحَابُ، وقيلَ: هو المَطَرُ، وتَسْمِيَتُهُ به كَتَسْمِيَتِهِ بالسَّحابِ؛ وأصابَ السَّهْمُ: إذا وصَلَ إلَى المَرْمَى بالصَّوابِ. والمُصِيبَةُ: أصْلُها في الرَّمْيَةِ، ثم اخْتَصَّتْ بالنَّائِبَةِ. {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عِمرَان: 165]، {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} [النِّسَاء: 62]، {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عِمرَان: 166]، {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشّورى: 30]. وأصابَ: جاءَ في الخَيْر والشَّرِّ {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} [التّوبَة: 50]، {وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ} [التّوبَة: 50]، {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ} [النِّسَاء: 73]، {فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّنْ يَشَاءُ} [النُّور: 43]، {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الرُّوم: 48]. قال بَعْضُهُمْ: الإصابَةُ في الخَيْر اعْتِباراً بالصَّوْبِ، أي بالمَطَر، وفي الشَّر اعْتِباراً بإصابَةِ السَّهْمِ، وكِلاهُما يَرْجعانِ إلَى أصْلٍ واحد.
صوت: الصَّوْتُ: هو الهَواءُ المُنْضَغِطُ عَنْ قَرْعِ جِسْمَيْنِ، وذلك نَوْعَانِ: صَوْتٌ مُجَرَّدٌ عَنْ تَنَفُّسٍ بشيءٍ كالصّوْتِ المُمْتَدِّ، وتَنَفُّسٌ بِصَوْتٍ مّا. والمُتَنَفِّسُ نوعان: غَيْرُ اخْتِيارِيٍّ، كما يَكُونُ مِنَ الجَماداتِ ومِنَ الحَيَواناتِ. واخْتِيارِيٌّ، كما يَكُونُ مِنَ الإِنْسانِ. وذلك نوعان: نوع باليَدِ، كَصَوْتِ العُودِ ومـا يَجْري مَجْراهُ. ونوعٌ بالفَمِ. والذي بالفمِ نوعان: نُطْقٌ، وغَيْرُ نُطْقٍ. وغَيْـرُ النُّطْـقِ، كَصَـوْتِ النَّايِ. والنُّطْقُ منه، إما مُفْرَدٌ منَ الكلامِ، وإمّا مُركَّـبٌ كأحَـدِ الأنواعِ منَ الكلامِ. قال: {وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَانِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا} [طه: 108]، وقال: {إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمَان: 19]، {لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحُجرَات: 2] وتَخْصِيصُ الصَّوْتِ بالنَّهْيِ لِكَوْنِهِ أعَمَّ مِنَ النُّطْقِ والكـلامِ، ويَجُـوزُ أنه خَصَّهُ لأنَّ المَكْرُوهَ رَفْعُ الصَّوْت فَوْقَه، لا رَفْعُ الكلامِ. ورَجُلٌ صَيِّتٌ: شَدِيدُ الصَّوْتِ. وصائِتٌ: صائِحٌ. والصَّيّتُ: خُصَّ بالذِّكْرِ الحَسَنِ، وإن كانَ في الأصْلِ انْتِشارَ الصَّوْتِ. والإنْصاتُ: هو الاسْتِماعُ إليه مَعَ تَرْكِ الكلام {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعرَاف: 204] وقال بَعْضُهُمْ: يُقال للإِجابَةِ إنْصاتٌ، وليسَ ذلك بشيءٍ، فإِنَّ الإجابَةَ تَكُونُ بَعْدَ الإِنْصاتِ، وإنِ اسْتُعْمِلَ فيه، فذلك حَثٌّ على الاسْتِماعِ لِتَمكُّن الإجابَةِ.
صور: الصُّورَةُ: ما يُنْتَقَشُ به الأعْيانُ ويَتَمَيَّزُ بها غَيْرُها، وذلك نوعان: أحَدُهُما محْسُوسٌ يُدْرِكُهُ الخاصَّةُ والعامَّةُ، بَلْ يُدْرِكُهُ الإِنْسانُ وكَثِيرٌ مِنَ الحَيَوانِ، كَصُورَةِ الإِنْسان والفَرَسِ والحِمارِ بالمُعايَنَةِ. والثاني مَعْقُولٌ يُدْرِكُهُ الخاصَّةُ دُونَ العامَّةِ، كالصُّورَةِ التي اخْتَصَّ الإِنْسانُ بها مِنَ العَقْلِ، والرَّوِيَّةِ، والمَعانِي التي خُصَّ بها شيءٌ بشيءٍ. وإلَى الصُّورَتَيْنِ أشارَ بقولِهِ تعالى: {ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} [الأعرَاف: 11]، {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غَافر: 64]، وقال: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفِطار: 8]، {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ} [آل عِمرَان: 6] وذلك على سَبِيلِ التَّشْرِيفِ للإنسان، كقولِهِ تعالى: بَيْت اللَّهِ وناقَة اللَّهِ، ونحوِ ذلك: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [ص: 72]. {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} [النَّمل: 87] فقد قيلَ هو مِثْلُ قَرْنٍ يُنْفَخُ فيه فَيَجْعَلُ اللَّهُ سُبْحانَهُ ذلِكَ سَبَباً لِعَوْدِ الصُّوَرِ والأرْواحِ إلى أجْسامِها. ورُوِيَ في الخَبَر أنَّ الصُّورَ فيه صُورَةُ النَّاسِ كُلِّهِمْ. وقولُهُ تعالى: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ} [البَقَرَة: 260] أي أمِلْهُنَّ مِنَ الصَّوْرِ، أي المَيْلِ. وقيلَ: قَطِّعْهُنَّ صُوَرةً صُورَةً. وقُرىءَ: صِرْهُنَّ. وقيلَ: ذلك لُغَتَانِ: يقالُ: صِرْتُهُ وصُرْتُهُ. قال بَعْضُهُمْ: صِرْهُنَّ، أي صِحْ بِهِنَّ. وذَكَرَ الخَلِيلُ أنه يُقالُ: عُصْفُورٌ صَوَّارٌ، وهو المُجِيبُ إذا دُعِيَ، وذَكَرَ أبُو بَكْرٍ النَّقاشُ أنه قُرِىءَ: فَصُرَّهُنَّ (بِضَمِّ الصَّادِ وتَشْدِيدِ الرَّاءِ وفتْحِها) مِنَ الصَّرِّ، أي الشَّدِّ، وقُرىءَ: فَصِرَّهُنَّ مِنَ الصَّرير، أي الصَّوْتِ. ومَعْناهُ: صِحْ بِهِنَّ. والصِّوارُ: القَطِيعُ مِنَ الغَنَمِ، اعْتِباراً بالقَطْعِ، نحوُ الصِّرْمَةِ والقَطِيعِ والفِرْقَةِ وسائِر الجَماعَةِ المُعْتَبَر فيها مَعْنَى القَطْعِ.
صوع: {صُوَاعَ الْمَلِكِ} [يُوسُف: 72] كانَ إناءً يُشْرَبُ به، ويُكالُ به، ويُقالُ له: الصَّاعُ، ويُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ. قال تعالى: {نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ} [يُوسُف: 72] ثم قال: {ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا} [يُوسُف: 76]. ويُعَبَّرُ عَنِ المَكِيلِ باسْمِ ما يكالُ به في قولِهِ: صاعٌ مِنْ بُرّ، أو صاعٌ مِنْ شَعِير. وقيلَ: الصَّاعُ بَطْنُ الأرضِ. قيل:
ذَكَرُوا بِكَفَّي لاَعِبٍ في صاعِ
وقيلَ: بَلِ الصَّاعُ هُنا هو الصَّاعُ يُلْعَبُ به مَعَ كُرَةٍ. وتَصَوَّعَ النَّبْتُ والشَّعَرُ: هاجَ وتَفَرَّقَ. والكَمِيُّ يَصُوعُ أقْرانه: أي يُفَرِّقُهُمْ.
صوف: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النّحل: 80]. والصوف للشاءِ، والوَبَرُ للإبلِ، والشَّعَرُ للعنزِ (ج) أصوافٌ. يقالُ: «أعطاهُ إِيَّاهُ بصوفِ رقبتِهِ» أي مجاناً بلا ثَمَنٍ، أو برُمَّتِهِ. وكَبْشٌ صافٍ وأصْوَفُ، وصائِفٌ: كَثِيرُ الصُّوفِ. وصوّاف: قائم مقيد {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ} [الحَجّ: 36] أي قولوا حال ذبحها: لا إله إلا الله والله أكبر، اللهم منك ولك. وصوّاف: أي قياماً مقيدة. والصُّوفِيُّ: قيلَ مَنْسُوبٌ إلَى لُبْسِهِ الصُّوفَ. وقيلَ: مَنْسُوبٌ إلَى الصُّوفَةِ الذينَ كانُوا يَخدِمُونَ الكَعْبَةَ لاشْتِغالِهِمْ بالعِبادَةِ. وقيلَ: مَنْسُوبٌ إلى الصُّوفانِ الذي هو نَبْتٌ لاقْتِصادِهِمْ واقْتِصارِهِمْ في الطُّعْمِ على ما يَجْرِي مَجْرَى الصُّوفانِ في قِلَّةِ الغناءِ في الغِذاءِ.
صوم: الصَّوْمُ: في الأصْلِ، الإِمساكُ عَنِ الفِعْلِ مَطْعَماً كانَ أو كلاماً أو مَشْياً. ولذلك قيلَ لِلفَرَسِ المُمْسِكِ عَنِ السَّيْر أو العَلَفِ: صائِمٌ. قال الشاعِرُ:
خَيْلٌ صِيامٌ وأخْرَى غَيْرُ صائِمةٍ
وقيل لِلرِّيحِ الرَّاكِدَةِ: صَوْمٌ، ولاسْتِواءِ النهارِ: صَوْمٌ تَصَوُّراً لِوقُوفِ الشمسِ في كَبِدِ السماءِ، وذلك من صَامَ النهارُ إذا اعتدَلَ وقام قائِمُ الظَّهِيرَةِ. والصَّوْمُ في الشَّرْعِ: إمْساكُ المُكَلَّفِ بالنِّيَّةِ مِنَ الخَيْطِ الأبْيَضِ إلَى الخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ عَنْ تَناوُلِ الأطْيَبَيْنِ، والاسْتِمْناءِ والاسْتِقاءِ، في شهرِ رمضانَ، قال تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البَقَرَة: 185]. وأما قوله تعالى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَانِ صَوْمًا} [مَريَم: 26] فقد قيلَ: عُنِيَ به الإِمْساكُ عَنِ الكلامِ بِدَلالَةِ قولِهِ تعالى: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مَريَم: 26].
صيح: الصَّيْحَةُ: رَفْعُ الصَّوْتِ. يقال: صَاحَ يَصيحُ صَيْحَةً وصِياحاً: صوَّتَ بأقصى طاقتِهِ، ويكونُ ذلكَ في الناسِ وغيرهم. والصَّيْحَةُ: العَذابُ، والصَّيْحَةُ: الغارةُ إذا فوجىء القَوْمُ بها، قالَ الشَّاعِرُ:
وصاحَ غُرابُ البيْنِ وانشقَّتِ العصا كما ناشَدَ الذمَّ الكفيلُ المعاهِدُ
وقال تعالى: {إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً} [يس: 29]، {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ} [ق: 42] أي النَّفْخَ في الصُّورِ، وأصْلُهُ تَشْقِيقُ الصَّوْتِ مِنْ قولِهِمْ: انْصاحَ الخَشَبُ أو الثَّوْبُ إذا تَشَقَّقَ، فَسُمِعَ منه صَوْتٌ، وصِيحَ الثَّوْبُ كذلك. ويُقالُ: بأَرْضِ فُلانٍ شَجَرٌ قد صاحَ، إذا طالَ فَتَبَيَّنَ لِلنَّاظِر لِطُولِهِ، ودَلَّ على نَفْسِهِ دَلالَةَ الصائِحِ على نَفْسِهِ بِصَوْتِهِ، ولَمَّا كانَتِ الصَّيْحَةُ قد تُفْزِعُ عُبِّرَ بها عَنِ الفَزَعِ في قولِهِ: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} [الحِجر: 73]. والصائِحَةُ: صَيْحَةُ المَناحَةِ، ويُقالُ: ما يَنْتَظِرُ إلاَّ مِثْلَ صَيْحَةِ الحُبْلَى، أي شَرّاً يُعاجِلُهُمْ. والصَّيْحانيُّ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ.
صيد: الصَّيْدُ: مَصْدَرُ صادَ، وهو تَناوُلُ ما يُظْفَرُ به مِمَّا كانَ مُمْتَنِعاً. وفي الشَّرْعِ: تَناوُلُ الحَيَواناتِ المُمْتَنِعَةِ ما لم يَكُنْ مَمْلُوكاً. والمُتَناوَلُ منه ما كانَ حَلالاً، وقد يُسَمَّى المَصِيدُ صَيْداً، بقولِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المَائدة: 96] أي اصْطِيادُ ما في البَحْر، وأمَّا قولُهُ {لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المَائدة: 95] وقولُهُ {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المَائدة: 2] وقولُهُ: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المَائدة: 1] فإنَّ الصَّيْدَ في هذه المَواضِعِ مُخْتَصٌّ بِما يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فيما قال الفُقَهاءُ بدَلالَةِ ما رُوِيَ: خَمْسَةٌ يَقْتُلُهُنَّ المُحْرمُ في الحِلِّ والحَرَمِ: الحَيَّةُ والعَقْرَبُ والفَأْرَةُ والذِّئْبُ والكَلْبُ العَقُورُ. والأصْيَدُ: مَنْ في عُنُقِهِ مَيْلٌ، وجُعِلَ مَثَلاً لِلمُتَكَبِّر. والصّيْدانُ: حجرٌ أبيضُ يُعمل منه البِرامُ وهي القُدود. قال الشاعر:
وسُودٍ مِنَ الصّيدَانِ فيها مَذانِبُ
وقيلَ له: صادٌ، كما في قوله:
رَأيْتُ قُدُورَ الصّادِ حَوْلَ بُيُوتِنا
وقيلَ في قولِهِ تعالى: {ص وَالْقُرْآنِ} [ص: 1] هو الحُرُوفُ. وقيلَ: تَلَقَّهُ بالقَبُولِ، مِنْ صادَيْت كذا.
صير: الصِّيرُ: الشِّقُّ، وهو المَصْدَرُ، ومنه قُرىءَ: فَصِرْهُنَّ. وصارَ الأمرُ إلَى كذا: انْتَهَى إليه، ومنه: صِيرُ البابِ: لِمَصِيرِهِ الذي يَنتَهِي إليه في تَنَقُّلِهِ وتَحَرُّكِهِ {وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [المَائدة: 18]. وفعلُ صارَ إنما يعني الانتقالَ مِنَ حالٍ إلَى حالٍ. وصَارَ: من الأفعالِ النَّاقصة التي تَرفَعُ اسمها وتنصبُ خبرَها.
صيص: {مِنْ صَيَاصِيهِمْ} [الأحزَاب: 26] أي حُصونِهِمْ. وكُلُّ ما يُتَحَصَّنُ به يُقالُ له صِيصَةٌ، وبهذا النَّظَر قيلَ لِقَرْنِ البَقَر: صِيصَةٌ، ولِلشَّوْكَةِ التي يُقاتِل بها الدِّيكُ: صِيصَةٌ.
صيف: الصَّيْفُ: الفَصْلُ المُقابِلُ لِلشِّتَاءِ {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قُرَيش: 2]. وسُمِّيَ المَطَرُ الآتِي في الصَّيْفِ صَيْفاً، كما سُمِّيَ المَطَرُ الآتِي في الرَّبِيعِ رَبِيعاً. وصُيِّفَ القَوْمُ (مجهولاً): أي مُطِرُوا. وأَصَافَ الرَّجُلُ إِصافَةً: وُلِدَ له على الكِبَرِ، وأَصافَ القومُ إِصافَةً: دَخَلُوا في الصيف، والمَصْيَفُ والمُصْطافُ: مكانُ الإِقامةِ صَيْفاً.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢